قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ

أحمد طاهري

Well-known member
إنضم
05/04/2021
المشاركات
387
مستوى التفاعل
60
النقاط
28
العمر
39
الإقامة
الجزائر
بسم الله الرحمن الرحيم
في الآية 31 من سورة الأنفال نقل الله - عز وجـل - لنا ادعاء الكفار بقدرتهم على مضاهاة قول القرآن الكريم :
​[ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا ۙ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ¤]
بعض آيات القرآن الكريم تبدو للسامعين سهلة النطق وبسيطة التركيب لهذا يتهيأ للبعض سهولة أن يأتي بمثله إذا شاء
مثال على ذلك في الآية 50 من سورة العنكبوت
{
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
​[ وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ ۖ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ¤}]
قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ هذه الجملة تبدو بسيطة في تركيبها لكن من حيث بلاغتها يعجز الكفار عن قول مثلها ، ليس بسبب صعوبتها ولكن بسبب عجزهم عن قبول الحق البديهي ، فمن البداهة أن يكون الله قادراً على أن يقوم بما يعجز عنه البشر ، ومن البديهي أن يرسل الله الآيات مع رسوله لتكون حجة له ضد قومه ، لكن العجيب في الأمر أن يطالب عبدة الأصنام بالمعجزات ، أصنامهم العاجزة عن النطق والحركة والعاجزة عن الدفاع عن نفسها تعبد بدون أن تطالب بمعجزة فكيف يطلبون المعجزات من غيرها ؟
بعد أن سمع الكفار القرآن الكريم تهيأ لهم أن في قدرتهم أن يقولوا مثله لكن لأن القرآن الكريم يحمل في قلبه الحق فهم عاجزون أن يأتو بمثله ، الكافر يعلم في قرارة نفسه أن الصنم صخرة صماء لا تسمع دعاء ولا تجيب نداء ، فلا يستطيع أحد منهم أن يقول إنما الآيات عند العزة .
إن مجرد طرح موضوع قدرة الأصنام على فعل أي شيئ يعتبر أمراً سخيفاً حتى عند المشركين أنفسهم
[ قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ¤ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ¤ فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ ¤ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنطِقُونَ ¤ ] الآيات من 62 إلى 65 من سورة الأنبياء
فكيف إذا طرحنا موضوع قدرة الأصنام على القيام بالمعجزات ؟
إن جملة قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ تحمل أفضل إجابة لعابد الأصنام الذي يريد رؤية المعجزات ، ففيها تأكيد على أن من يريد الإيمان بإله قادر على المعجزات عليه أولاً أن يكفر بكل الآلهة المزيفة العاجزة عن أبسط الأفعال فما أدراك بالمعجزات .
 
حياك الله أخي أحمد،
دلّني على تفسير أو مصدرٍ أخذت أو استلهمتَ منه ما قلت بارك الله فيك.
أقصد هذه (إن جملة قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ تحمل أفضل إجابة لعابد الأصنام الذي يريد رؤية المعجزات).
 
حياك الله أخي محمد
هذا ماخلصت إليه من تدبر آيات أخرى من القرآن الكريم حيث كنت ألاحظ الحالة النفسية للرسول الكريم والمؤمنين في زمن العسر والشدة من خلال الآية 35 من سورة الأنعام :
(وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ ۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ)
وبزيادة ضغط الكفار على الرسول ليأتيهم بآية مثل ما للأنبياء من قبله من المعجزات وقسمهم على أنهم سيؤمنون به إذا جاءتهم معجزة نزلت في حقهم الآية 109 من سورة الأنعام :
(وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ۚ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ ۖ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ )
لذا فإن الإجابة عن قسمهم يحمل شطرين الشطر الأول " قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ" وهي الإجابة الموجهة للكفار والشطر الثاني "وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ " وهي الإجابة الموجهة للرسول ومن معه من المؤمنين .
في الشطر الثاني إجابة لسبب عدم إنزال الآيات لكن الإجابة من الواضح أنها ليست موجهة للكفار ، وهنا أخذني الفضول للتعمق أكثر في المعنى وراء الإجابة الموجهة للكفار ألا وهي " قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ" .
وقد إستغرق مني الأمر بعض الوقت في التأمل حتى لاحظت المفارقة في أن عبدة الأصنام يطالبون بالمعجزات ولا يتدبرون أمر عجز آلهتهم ، وهنا فهمت الحكمة من الإجابة بـ " قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ" فلو كانت أصنامهم آلهة لكانت عندها آيات وهذا هو بيت القصيد .
والله أعلم
 
أحسنت أحسن الله إليك.
القرآن يمتاز بهذه الميزة الإعجازية التي فيها ردٌّ على الشبه وأصحابها في محل سردها (رابط).
واستنباطك جيد للغاية بارك الله فيك.
 
عودة
أعلى