"قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ": هل من علاقة بين سرعة نقل عرش بلقيس وسرعة الضوء؟
بسم1
السلام عليكم ورحمة الله
في استقصائنا عن معاني آيات القرآن الكريم ذات الدلالات التي ربما ترتبط بسرعة الضوء - وذلك في كتابنا (فتاوى شرعية في النظرية النسبية) والذي تمثل الدراسة المشار إليها لاحقاً فصلاً منه - وجدنا من يزعم أن (ارتداد الطَّرْف) إنما يحدث بسرعة الضوء، وذلك في قول الله تعالى (حكاية عن سليمان عليه السلام) {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ .. } .. فهل صَدَق هذا الزاعم في استدلالاته؟! !!! ....بعد التحقيق في المسألة تحقيقاً مُفصَّلا جاءت الإجابة للأسف بـ لا ... لم يَصْدُق.
وعلاوة على ذلك، يطرح السؤال الآتي نفسه:
إذا كان نقل عرش بلقيس قد تم بأسباب طبيعية تخضع لها مادة العرش الأرضية (يستطيعها الجن أو ربما غيره)، فكم كانت نسبة سرعة نقل عرش بلقيس من سرعة الضوء، والتي تقول الفيزياء المعاصرة أنها حد السرعات الأقصى الذي لا يمكن تجاوزه؟!
بسم الله الرحمن الرحيم طريق آصف لجلب العرش: لقد طلب سليمان (ع) شخصاً يأتي بعرش الملكة من سبأ إلى فلسطين قبل وصولها: ] قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ. قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ. قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ [النمل:38-40][ لقد تقدم عفريت الجان بعرضٍ مفاده أنه يأتي بالعرش قبل ان يقوم سليمان (ع) من مقامه. ويبدو انه لم يجْبه بشيء اذ لم تعجبّه طريقته البطيئة في النقل، لذلك تقدم (الذي عنده علم من الكتاب) بعرضٍ آخر. قال عفريت الجان "واني عليه لقويّ أمين" فالمفسرون أخطأوا حينما اعتقدوا انه يلمّح لسليمان عن عفتهِ ونجابته وعدم تحرشه بالملكة. فهذا الموضوع بعيد عن أفكار الحضور يومئذ: اولاً: لأنه أمين وقوي على العرش لا على الملكة كما في النص. وثانياً: ان الملكة مع حاشيتها كانت في الطريق إلى سليمان (ع) بل وقريبه من الوصول، وثالثاً: لأن للجان طبيعة مختلفة عن الأنس فاذا افترضنا امكانية اتصال جنسي بينهما فان المتطوع لعمل لا يصرّح بمثل هذا الأمر، فكأنما فسدت المملكة كلها وعجز سليمان عن ايجاد شخص أمين في مملكته وهو تأويل فاسد من جميع الوجوه. واذا افترضنا حسن النوايا لدى أهل التفسير فيقال ان الذي دعاهم لهذا التأويل هو جهلهم بحقيقه السُرَع في الكون وعلاقتها بالمادة. فإذا لم يمنع الجان إيمانه لأنه من اتباع سليمان فالمؤكد انه يهاب سليمان ويخاف سطوته شأنه شأن اكثر المسخرين لخدمته الذين وصفهم القرآن: "كل بناءٍّ وغواص" و"آخرين مقرنيّن بالاصفاد" لم يختلف المفسرون حول عبارة الجان انما اختلفوا في عبارة الذي عنده علم من الكتاب ومن هنا نحاول معرفة هذه العبارة فتنكشف عبارة الجان بعد ذلك. عبارة الذي عنده علم من الكتاب (آصف) هي: " أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ". قالوا: الطرْف هو العين وقيل هو الجفن العلوي وقيل هو البصر. واستعملت عندهم لهذه المعاني. والإشكال عندهم هو في لفظ (إليك) فحينما يكون الطرف هو العين أو الجفن ستكون (إليك) زائدة لأن العين وجفنها في رأس المخاطب. لذلك قال آخرون هو الشعاع الخارج من العين والذي يسقط على الشيء فيُرى. وهذا حسب علم البصريات السابق لأن الأمر هو العكس فالعين تستقبل الشعاع المنعكس عن الأشياء وليست هي التي تصدر الشعاع ومع ذلك فالأمر كله ينكشف هنا لأن هذا الشرح والذي اختاره (الطوسي) في التبيان هو مفتاح تفسير العبارة علمياً. ان الشعاع مستمر بالانعكاس عن الأشياء المجاورة في مجلس سليمان (ع) وعينه تستقبل هذا الشعاع ويرى الأشياء فماذا يقصد آصف بعبارته؟ سنحوّل كلامه إلى معادلة علمية رياضية: إذا كان الشعاع سيسقط كل مرة في اللحظة (ن) ويعجبك ان ترى الشيء الذي عينك مفتوحة بمواجهته في اللحظة (ن + نَ) فاني اجلب لك عرش الملكة في اللحظة: (ن + نَ) - ك نَ، حيث ك ثابت يمثل قدرته في النقل. وأول شيء ندركه من العبارة القرآنية ان ك لا يمكن ان يكون اقل من واحد مطلقاً لأنه قال (قبل ان يرتد). لأنه إذا كان يساوي واحداً فالناتج ن + نَ - نَ = ن، أي انه يأتيه به مع ارتداد الطرف مطابقاً في الزمن تماماً. لكنه قال: (قبل)، وهذا يعني أن ك هو اكثر من واحد. لذلك سنفترض انه يساوي الواحد، ثم نلاحظ الناتج عند التعويض ومن ثم نقول ان سرعته اكبر من هذا الناتج كما قال هو (قبل) ولا نعلم بكم من الزمان قبل. تخلصّنا من المشكلة الأولى فلنلاحظ المشكلة الأخرى. ان قوله (يرتد) عام أيضاً فهو لم يحدّد عن أي شيء يرتد وكم بعده عن عين سليمان لنقوم بمقارنة سرعته مع سرعة الارتداد والتي هي سرعة الضوء. كلما كان الشيء أقرب إلى سليمان كلما ازداد الفارق بالسرع وكلما كان أبعد عن سليمان كلما قل هذا الفارق. سنختار إذن مسافة معقولة فالذي يجلس في مجلس فغالباً ما يقع نظره على من يقابله من الأشخاص والأشياء ومتوسط النظر في مثل هذه الأحوال وبخاصة في الاجتماعات هو ثلاثة أمتار. ولما كان البعد عن اليمن - وتحديداً سبأ عاصمة الملكة هو بحدود (3000) كم فالمعنى هو ان آصف يأتي بالعرش من اليمن (3000 كم) قبل وصول الشعاع (الضوء) من مسافة (3 م) إلى عين سليمان. إذن فهو ينقله بأسرع من الضوء. ويمكننا حساب كم مرة أسرع من الضوء إذا افترضنا كما مرّ انه ينقله هذهِ المسافة بنفس زمن الارتداد لا قبله. سرعة الضوء = 300.000 كم/ثانية. إذن فهو ينقله بسرعة تفوق سرعة الضوء بمائة مليون مرّة عند التساوي ولكنه قال (قبل) وإذن فهو ينقله أسرع من هذا التقدير بكثير. أما إذا افترضنا ان الارتداد عن أي شيء بلا تحديد وهو الأصحّ فليكن مثلاً ارتداد الشعاع عن يد سليمان (ع) نفسه إذ أعجبه ان ينظر إلى يده ففي هذه الحالة ترتفع سرعة الجلب ارتفاعاً آخر لعدة إضعاف قد تصل إلى آلفي مليون مرة أسرع من الضوء. سرعة نقل الجاّن: لنفرض أن قيام سليمان سيستغرق ثانيتين فقط فالجاّن ينقل العرش قبل هذا الزمن: "قبل ان تقوم من مقامك". والضوء يسير في ثانيتين مسافة هي 6 × [SUP]8[/SUP]10 كم ومسافة النقل هي 3000 كم، إذن فهو ينقله اقل من سرعة الضوء بعدد من المرات يمكن حسابه كما يلي: إذن فهو ينقل العرش بسرعة اقل من سرعة الضوء بمائتي ألف مرة أو بسرعة 1500 كم/ثانية. والفارق بين السرعتين هو حاصل ضرب مئة مليون وخمسين الفاً ويساوي: 15 × 1210 أي خمسة عشر ألف مليار مرّة. ان هذا الفارق المهول هو بين اسرع ما يمكن من نقل الجان مع اقل ما يمكن من نقل آصف بحسب ما تدل عليه عبارة كلٍ منهما. من المؤكد ان عفريت الجان قد طأطأ رأسه خجلاً بعد ان رأى عرضَ آصف وقد تحقق. إذن فطريقة آصف في النقل مختلفة عن طريقة الجان، أنها بسرع غير مادية لا علاقة لها بقوانين الحركة. اما طريقة الجان فهي طريقة مادية، ولما كانت الكتلة تزداد مع السرعة فان نقل العرش بهذه السرعة العالية 1500 كم/ثانية يجعله عرضة للإصابة أو الاصطدام أو الكسر، وهذا هو السبب الذي جعله يؤكد قائلاً "وإني عليه لقويُّ أمين". اما آصف فلم يحتجْ لمثل تلك العبارة لأن اسلوبه في النقل مختلف، فهو ينقله باسرع من الضوء بمائة مليون مرّة ومثل هذه السرعة لا علاقة لها بقوانين الحركة التي نعرفها. لقد أكد العلماء حديثاً على وجود سرع في الكون تلائم مساحته الشاسعة فالضوء يحتاج إلى مليون سنة للحركة من نجم إلى نجم آخر داخل المجرّة، لكنهم يعلمون أيضاً ان هذا شيء نظري فقط فليس لدينا ما ندرك به هذه السرع. أن آصف لم ينتظر من سليمان (ع) إجابة عن العرض الذي قدمه. ان الموقف لا يحتاج إلى انتظار إجابة، فمن هو الأسرع في النقل هو الفائز.. هذا يعني ان الجان هو الآخر لم ينتظر إجابة فقد بدأ فوراً بالنقل وحينما قال العبارة وبدأ العمل لم يكن قد قطع عشر مسافة الذهاب حتى كان آصف قد جلب العرش فعلاً وحينما وصل اليمن بعد ثلثي الثانية لم يجد العرش فقفل راجعاً. ولذلك فليس هناك زمن إضافي لذكر إجابة أو محاورة فإذا انتهى آصف من ذكر عباراته ولم يأتي بالعرش يكون قد أخلّ بالوعد الذي قطعه فجاء السياق القرآني معبّراً عن ذلك بقوله: ]... أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي [ لأن هذا ما حدث بالفعل فقد تم النقل خلال نفس العبارة ومن المؤكد ان آصف لم يتحرك من موضعه، فلم يره سليمان (ع) هابطاً خلال نزوله على الأرض محدثاً صوتاً بل (مستقراً عنده) وهي العبارة التي تفيد ان النقل ليس مادياً اولاً ولا يستغرق زمناً مذكوراً ثانياً. ان طريقة الجان مادية وحسب قوانين الحركة فان بلوغ السرعة قريباً من سرعة الضوء يجعل الكتلة بملايين الأطنان فتقوم بتدمير الموضع وتجعل العرش نفسه هباءً منثوراً وهذا هو بالتحديد الذي يزعج الجان من ان يزيد من السرعة ولذلك اضطر إلى تأكيد عاملين عامل القوة لزيادة الكتلة وعامل الأمان لاحتمال التهشّم: " وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ". ان غايتنا من هذا الشرح هو التأكيد على ان آصف لم يتلفظ بالأسم الأعظم بأية هيئة، فلم يكن لديه الوقت الكافي لذلك. ومن هنا نعلم ان تأثير الاسم الأعظم هو بمعرفته المتعلقة بالموجودات وليس بمعرفة ألفاظه. من هو آصف؟ ان القرآن يشير إلى انه صاحب معرفة لكنها ليست معرفة إنسانية آتية من التجربة، انها معرفة إلهية: " قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ". ان عند آصف علم (من الكتاب)، لا علمَ الكتاب كله، وعليه فبإمكاننا ان ندرك القدرات التي يمتلكها من عنده علم الكتاب كله، اعني كلمات الشجرة المباركة والتي اولها في التكوين وآخرها في الظهور مشكاة النور الإلهي (محمد) رسول الله.
بإمكاننا ان ندرك القدرات التي يمتلكها من عنده علم الكتاب كله، اعني كلمات الشجرة المباركة والتي اولها في التكوين وآخرها في الظهور مشكاة النور الإلهي (محمد) رسول الله.
يفصح عن أن منهجك منهج عرفاني أو صوفي أو شيء من هذا القبيل ... وإذا كان كذلك .. فأنت لست بحاجة إلى المقارنة مع سرعة الضوء أو غيره ولا أن تكتب معادلة تقول عنها أنها (معادلة علمية رياضية). ويصبح الحدث معجزة إلهية على يد (آصف!). ولا أدري ما هي مكانته التي جعلته يمتلك مثل هذه القدرات - وهو من الإنس كما هو مشهور عن هذا الاسم - حتى بلا دعاء كما ذكرت أنت؟! .... فهل تُلمِّح مثلاً إلى أنه من ذوي الكرامات .. وبما ينسحب على غيره من أقطاب الصوفية المزعومين؟! ..
ثانياً: قولك:
المعنى هو ان آصف يأتي بالعرش من اليمن (3000 كم) قبل وصول الشعاع (الضوء) من مسافة (3 م) إلى عين سليمان.
وما ينتج عنه من سرعة خارج نطاق القوانين، يجعل الحدث من خوارق العادات الطبيعية، وذلك مثل شق البحر لموسى، وما شابهها من معجزات. واللجوء إلى التفسير بالمعجزة لا ينبغي أن يُلجأ إليه إذا كان التفسير بالممكن في الطبيعيات لا إشكال فيه، وهو ما بينته في الدراسة المشار إليها أعلى.
ثالثاً: القول بأن ارتداد الطرف - في هذه الآية - هو استقبال العين لشعاع ضوئي من أي مصدر قريب (3 متر أو أقرب أو أبعد)، قول لا يدعمه أي شاهد (وقد دللنا على خطئة في الدراسة المشار إليها أعلى). وأصوب الأقوال هو تفسير القرآن بالقرآن، وحيث أن (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) تكافئ تماماً (لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) في قوله تعالى "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُمُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ"(إبراهيم:42-43)
وقد بينت في الدراسة أعلى أن المعنى الراجح في هذه الآية أن نفي ارتداد الطرف هو عدم انطباق الأجفان ولو لطرفة عين واحدة. وهذا التطابق في المبنى يُرجح التطابق في المعنى. وعندها تصبح جملة (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) تعني طرفة العين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: أستغرب عدم ظهور مداخلتي (خاص بإدارة الملتقى)
ثانياً: القضية ليست قضية منهج بل محاولة لفهم القرآن من القرآن والانحياز والانتماء للحق تعالى. أما بخصوص مكانة آصف فهي كما وصفه وعرّفه الباري عز وجل (الذي عنده علم من الكتاب) وعلينا أن نعلم ماهو هذا الكتاب وما المقصود بهذا التعريف، وبخصوص ارتداد الطرف ومعناه قرآنياً فهل يمكن أن يكون عقاب الظالمين المذكورين بالآية هو عدم انطباق الأجفان، أم عدم قدرتهم على الرؤية لعدم ارتداد الطرف.
أسأل:
كيف تضع احتمال بعدم قدرتهم على الرؤية والآية تقول في وصف حالهم (.. تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ ..) وشخوص البصر يعني التحديق بالعين مع بروزها من هول المشهد مع الذهول عن أي شيء خلافه، ومهطعين تعني الإقبال بالبصر على المرئي مع إدامة النظر إليه. ومن كان هذا حاله، فلا بد أن التعقيب بوصفهم (لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) تقطع بأن معناه هو أن (طرفة العين، أي انغلاق الجفن التلقائي) أصبح عندهم من ترف النظر ورضا البصر الذي حرموا منه من هول ما يرون. (وهذا البيان مشمول بالدراسة بالتفصيل .. والتي يبدو أنك لم تقرأها!)
أما مكانة آصف كما يُفهم من كلامك فتزيد على قول الله تعالى (عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ) والزيادة أنه يمتلك قدرات خارقة لسنن الوجود، ما دام أن سرعة نقله لعرش بلقيس أضعاف مضاعفة من سرعة الضوء بحسب تفسيرك، وبإرادته الحرة وقتما يشاء، ودون الحاجة لدعاء الله تعالى. وهذه القدرات لا يمتلكها إلا إله، وليست محض علم من الكتاب. لأن العلم شيء والخوارق شيء؛ حيث أن الخوارق فوق العلم. فالإنسان المعاصر مثلاً عنده علم بالطيران (نظري وعملي) لذا يستطيع أن يُسير طائرة ينقل بها الناس والأشياء - وهي قدرات تُنافس قدرة عفريت الجن الذي قدم عرضه الأول - أو تلقي عليهم آلات القتل. وإن كان هذا العلم خارق بالنسبة للقرون السالفة، إلا أنه ليس بخارق لحدود العلم، وكذلك (الذي عنده علم من الكتاب) يعلم من السنن (العلمية، لأن ما في الكتاب علم، أو ما يدعو الله به، وقد نفيته أنت، فيستجيب الله تعالى دعاءه) ما يتمكن به أن ينقل العرش في زمن خاطف (طرفة عين)، ولكن ليس فوق السنن. لهذا أراك منحته خرق القوانين، وهذا يجعله يمتلك أكثر من (محض علم من الكتاب).
أما المنهج، فلا ينفك أي مفسر عن منهج، حتى وإن لم يدرك هو ذلك.
السلام عليكم ورحمة الله
قوله تعالى: (وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ [الأعراف : 198]) هنا جمع الباري عز وجل بين الرؤية والنظر والبصر في آية واحدة فما معنى ذلك هل الرؤية والنظر والبصر شيء واحد أم ماذا.
سأذكر لك أبسط الأشياء وأصعبها في الفرق بين النظر والإبصار.
أما أبسطها، فالطفل المولود ينظر ولكنه لا يُبصر، ويظل هكذا حتى تتأهل حاسة الإبصار عنده شيئاً فشيئاً خلال أسابيع، تقل أو تزيد.
وأما أعسرها، فلا يستطيعه أغلب الناس، وهذه تتطلب رؤية صورة ثلاثية الأبعاد رُسمت في بعدين، وسأضع لك هنا مثالا: ولنرى هل ستبصر ما فيها أم ستكتفي بالنظر دون الإبصار!، وهذه هي الصورة:
فإن لم تستطع الإجابة فقد نظرت ولم تبصر ..
ولا تتعجل بالرد، فقد تطلب الأمر مني أياما حتى أكتسب مهارة إبصار هذا النوع من الصور، وكان ذلك قبل حوالي 20 سنة خلت، واستطعت بعدها إبصار أي صورة من هذا النوع وتمييز ما فيها في بضع ثوان.
وأغلب الناس لا يبصرون ما في هذه الصور رغم أنهم ينظرون فيها ملياً (أي ينظرون ولا يبصرون) ويتفاوتون في ذلك تفاوتاً كبيراً .. فإن لم تستطع أنت أو أي من القراء رؤية محتوى الصورة وتسميته، فلا تحزن، ولكن حاول.
ملاحظة: سأفترض عدم الاستعانة بأحد، وإلا أخبرني أنك علمت محتوى الصورة من غيرك.
لم أجد في الآية التي سألتني عنها أي إشارة صريحة إلى الرؤية، لهذا لم أذكرها.
فإن أردت عموم معنى الرؤية كما في قوله تعالى " أَلَمْ تَرَ ..." في 31 آية في القرآن، و "أَلَمْ يَرَوْا .." في 5 آيات .. فهي أوسع من الإبصار، لأنها تشمل (المعلوم الذي لا يشك فيه من يعلم به)، حتى أصبح مثله مثل المرئي عياناً عنده، أي المُبصَر.