قول متوازن في مسألة الإعجاز العلمي

إنضم
29/04/2008
المشاركات
505
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
هذا اقتباس من كتاب دراسات في الفكر الإسلامي للشيخ بسام جرار. قد يساهم في تقريب وجهات النظر في مسألة الإعجاز العلمي:

يمكن اعتبار القرآن الكريم معجزة علميّة من ناحيتين:
1. عدم تناقضه مع معطيات العلم التي هي حقائق على الرغم من كونه يتناول إلى العديد من القضايا التي لها صلة بعلوم مختلفة.
2. توافقه مع معطيات العلم في الكثير من المسائل التي هي من اختصاص القرون الأخيرة، والتي هي قرون الانفجار المعرفي.
إنّ قضية عدم التناقض هي الأهم في مسألة الإعجاز العلمي، لأنّه من غير المألوف إطلاقاً أن لا يتناقض كتاب يرجع إلى ما قبل 1400 سنة مع معطيات العلم المعاصر. فكيف إذا عرفنا أنّ القرآن يتحدث بكثافة حول قضايا كثيرة تنتمي إلى فروع العلوم المختلفة!!
ويزداد الأمر إعجازاً عندما نعلم أنّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، قد عاش في دوائر من ظلمات أربع:
1. ظلمة أميّة العصر: حيث إنّ الحضارات البشريّة كانت في حالة من الركود والتراجع الفكري والحضاري لأكثر من قرنين سابقين على زمن البعثة.
2. ظلمة أميّة المجتمع: فلم يشهد المجتمع المكي وما حوله نهوضاً حضارياً. وكانت الأميّة هي الظاهرة السائدة، ومعرفة الكتابة هي الشذوذ. ومن ينظر إلى بساطة بنيان الكعبة يدرك ذلك.
3. ظلمة فقدان المعلم: فلم تعرف مكة المدارس، بل لم توجد روضة أطفال.
4. ظلمة أميتهِ، عليه السلام: فقد نشأ، عليه السلام، وترعرع أميّاً. ويشير القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة:" وما كنتَ تتلو من قبله من كتابٍ ولا تَخُطّه بيمينك إذاًلارتاب المبطلون" العنكبوت:48
كيف يمكن لبشر، بعد كل هذه الظلمات، أن يتكلم في فروع العلوم المختلفة، ثم هو لا يتناقض في مسالة واحدة، على الرغم من مضي 1400 سنة، وعلى الرغم من النهوض العلمي الهائل في العصور الأخيرة ؟!
المقصود بعدم التناقض:
نُقل القرآن الكريم إلينا بالتواتر، أي أنّه قطعي الثبوت إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم. وفي القرآن الكريم ألفاظ لا تحتمل أكثر من معنى، مثل قوله تعالى:" إنّما إلهكم إله واحد"؛ فكلمة واحد لا تحتمل أكثر من معنى، أي أنها قطعيّة الدلالة. وقد سمّى البعض ما يثبت بقرآن لا يحتمل أكثر من معنى حقيقة قرآنيّة. أما الحقيقة العلميّة فهي القانون الذي أثبته العلم وأقام عليه الأدلة القطعيّة.
عندما نقول: لا تناقض بين القرآن الكريم ومعطيات العلم فإنّما نقصد بذلك أن لا تناقض بين حقيقّة قرآنيّة وحقيقة علميّة. وهذا يعني إمكانية حصول تناقض بين نظريّة علميّة وحقيقة قرآنيّة، أو حقيقة علميّة وقرآن يحتمل أكثر من معنى ويكون التناقض مع أحد المعاني المحتملة.
حاول الطبيب الفرنسي المشهور موريس بوكاي أن يكتشف تناقضاً بين حقائق العلم وحقائق القرآن الكريم فلم يستطع. وقد أشار بوكاي إلى ذلك في كتابه الرصين: (التوراة والإنجيل والقرآن والعلم) . فكيف يمكن لبشر عاش قبل 1400 سنة أن يتحدث في قضايا تمس شتّى العلوم ثمّ لا يتناقض في مسألة واحدة، على الرُّغم من التباين الهائل بين المعطيات العلميّة للعصور الحديثة ومعطيات العصور القديمة؟!. أليس هذا خرقاً للمألوف والعادة، وهل نجدُ في تاريخ البشريّة مثالاً على ذلك غير القرآن الكريم؟!
توافق ليس من معطيات العصور القديمة:
بعد الحديث عن عدم التناقض يأتي الحديث عن التوافق بين الحقائق القرآنيّة والحقائق العلميّة. وحتى يكون التوافق إعجازاً لا بد أن تكون المسائل المطروحة تتعلق بعلوم هي من اختصاص العلم المعاصر، أي العلوم التي نعلم تماماً أنّها معطيات العصور الحديثة ولا يسهل الزعم بإمكانيّة توصل الإنسان إليها في الماضي.
فعلى سبيل المثال، لو أخبرَ الرسول، صلى الله عليه وسلم، أنّ نبتة معينة تشفي من مرض معين، فإنّ ذلك لا يُعتبر من باب الإعجاز العلمي، لاحتمال أن يكون البشر قد توصلوا إلى ذلك من خلال التجربة. أمّا التفصيل في الحديث حول تطور الجنين في رحم أمّه فإنّ ذلك من باب الإعجاز، لأنّ معرفة مثل هذا الأمر يحتاج أولاً إلى اكتشاف المجاهر، ثم إلى اكتشاف الأشعة السينيّة والموجات فوق الصوتيّة...الخ، وذلك كله لم يكُن متيسراً للبشر قديماً. وعندما تكثر الأمثلة المتعلقة بالتوافقات المتنوعة، والمنتمية لأكثر من فرع من فروع العلم، يصبح الأمر أشد إعجازاً. وبذلك يحصل التكامل المطلوب بين مبدأ عدم التناقض ومبدأ التوافق.
وقد يعمد البعض، ممن يكتبون في الإعجاز العلمي، إلى التوسع المؤدّي إلى التعسّف وتحميل النصوص ما لا تحتمل، رغبة منهم في جذب الناس وتقريبهم إلى الدين. وهذا مسلك يأباه الدين الحنيف، وهو بناء على أسس هشّة غير متينة. من هنا ينبغي التنبه إلى ذلك والتدقيق والتمحيص قبل إصدار الحكم بوجود الإعجاز العلمي.
مثال على خطأ في منهج التفكير:
ترجع بعض الأخطاء في هذا الباب إلى خلل في منهجيّة التفكير أو غفلة يدعو إليها التسرّع أو التقليد غير الواعي. ومن أبرز الأمثلة على ذلك المسالة المشهورة، والتي يرددها حتى بعض كبار العلماء المعاصرين، عندما يقولون: إنّ القرآن الكريم قد تحدث عن الذرّة باعتبارها أصغر جزء في المادة. وهذا فهم عجيب لأمور:
1. لم ينص القرآن الكريم على أنّ الذرّة هي أصغر جزء في المادة، بل على العكس تماماً فقد ذكر أنّ هناك ما هو أصغر من الذرّة؛ جاء في الآية 61 من سورة يونس:"... وما يعزُبُ عن ربّك من مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء ولا أصغرَ من ذلك ولا أكبرَ إلا في كتاب مبين". وورد مثل هذا المعنى في الآية 3 من سورة سبأ.
2. الذرّة: لغة هي النملة الصغيرة، والذّر هو النمل الصغير. فكيف تمّ تحريف هذا المعنى ليصبح معنى الذرة هو أصغر جزء في المادة؟!
3. يتألّف أصغر جزء في المادة من بروتونات ونيوترونات وإلكترونات. وهو يسمى في لغة مكتشفيه (Atom) أما تسميته (ذرّة) فاجتهادُ مُترجَم بعد قرون من نزول القرآن الكريم، وكان يمكن أن تترجم الكلمة ترجمة أخرى.
 
السلام عليك و رحمة الله
براك الله فيك على هذه النظرة المتوازنة و تتميما لما تفضلت به في الملحوظة الأخيرة فإنه قد طرح بعض الباحثين الفزيائيين نظرية أخرى في التكوين الجزيئي للمادة حيث قالوا أن الذرة بدورها تتكون من جزيئات أصغر بملايين المرات من الذرة نفسها حيث تكون هذه الجزيئات حبالا ذات تموجات غير متناسقة تحمل طاقة مجردة عن الزمن و هو ما يسمى بنظرية الحبال , the string theorie بالإنجليزية و la theorie des cordes بالفرنسية ............. فياترى ماذا يفعل من جزم أن القرآن قد نص على أصغر جزيء يدخل في تركيب المادة ..... و ما يدرينا لعل علماء العرب يصطلحون علي هذه الجزيئات الصغيرة بالمثقال !!! ثم يحملون النص القرآني علي أنه نص عليها !! كعادتهم ........
و السلام
 
السلام عليكم
فياترى ماذا يفعل من جزم أن القرآن قد نص على أصغر جزيء يدخل في تركيب المادة ..... و ما يدرينا لعل علماء العرب يصطلحون علي هذه الجزيئات الصغيرة بالمثقال !!!
لا ياأخى لن يصطلحون على تسميتها بالمثقال ؛ بل هو شيء مادى مثقاله أصغر من مثقال الذرة

ولما كان هناك كيان مادى له مثقال أصغر من مثقال الكيان الذى يسمى ذرة ،فدل هذا على أن الذرة ليست أصغر كيان مادى بل هى نفسها مركبة من كيانات أصغر
ونظرية الأوتار ؛والطبيعة المزدوجة للجسيمات -موجية وجسيمية - لاينفى أن لها كتلة ومن ثم لها مثقال ؛حتى الفوتون له كتلة
ولاأعلم أن أحدا فى القرن العشرين حتى الآن قال أن الذرة هى أصغر كيان مادى ؛ وعليه يبطل الدليل على الخطأ فى منهجية التفكير
أما مسمى الذرة فهو مانحن عليه الآن والعرب هم الذين لم يكونوا يعرفونه ؛ وليس هذا غريبا فقد قال صحابى " ما أدرى ما الأب " فى قوله تعالى "وَفَاكِهَةً وَأَبّاً " عبس31 ؛
 
ولاأعلم أن أحدا فى القرن العشرين حتى الآن قال أن الذرة هى أصغر كيان مادى ؛ وعليه يبطل الدليل على الخطأ فى منهجية التفكير
أما مسمى الذرة فهو مانحن عليه الآن والعرب هم الذين لم يكونوا يعرفونه ؛


لى رأى فى دلالة لفظ ( ذرة ) فى القرآن أراه جديرا بالنظر ، حيث لاحظت ما يلى :

أولا : ورد لفظ ( ذرة ) فى القرآن الكريم فى ستة مواضع ، وقد جاء فيها كلها بصيغة التنكير ( ذرة ) ولم يأت أبدا بصيغة التعريف ( الذرة ) ، وهذا ملحظ هام للغاية ولم يأخذ حقه من التدبر

ثانيا : لم يأت لفظ ذرة فى المرات الست كلها مستقلا ، وانما جاء فيها جميعا مضافا الى لفظ ( مثقال ) ، أى جاء فيها جميعا بصيغة ( مثقال ذرة ) ، وهذا أيضا ملحظ هام

وعلى ضوء تلك الملاحظات أمكننى أن أستنتج ما يلى :
اختيار القرآن لصيغة التنكير فقط ( ذرة ) يدل على عدم التحديد بحيث يناسب مدلولها ومعناها كل عصر ، وذلك كما يلى :
لو أن القرآن قال ( الذرة ) بالتعريف لكان هذا قاطعا فى انه يخاطب العرب الأولين وحدهم وأنه يعنى الذرة التى يعرفونها فحسب ( صغيرة النمل ) أما التنكير فانه يفيد الاطلاق وعدم التحديد
وعليه يمكن أن تعنى الذرة ما كان العرب يفهمونه منها ، كما يمكن أن تعنى ما نفهمه نحن الآن منها بعد أربعة عشر قرنا من نزول القرآن ، حيث لا توجد قرينة تدل على التحديد ( كالتعريف مثلا )
فالذرة حسب هذا التوصيف هى : أصغر كيان مادى فى كل عصر
ومما لا شك فيه أن مفهوم ( الأصغر ) يعد مفهوما نسبيا يختلف مدلوله من عصر لآخر ، حيث كان يدل عند العرب الأولين على صغار النمل ، فالذرة عندهم هى النملة الصغيرة جدا التى يرونها بالكاد ، ولكن بما أن النملة ذاتها مكونة ومركبة من أعضاء مثل كل كائن حى فهذا يعنى أنه يوجد ما هو أصغر منها كما أشار الى ذلك القرآن ، وقياسا على ذلك تكون الذرة فى العصر الحديث ، حيث نجدها مكونة من نواة والكترونات وبروتونات ونيوترونات مثلما تتكون النملة الصغيرة جدا من أعضاء عديدة ، وعليه يصدق حديث القرآن فى كل عصر ، وهذا من اعجازه فى اختيار ألفاظه وفى صياغته لها بما يناسب تقدم العلوم والمعارف
أما القول الذى ذهب اليه أخونا الفاضل مصطفى والذى يحصر معنى الذرة فى عصرنا الحاضر فحسب وزعمه أن العرب لم يكونوا يعرفون لها معنى فهذا ما لا يمكن قبوله ، لأن القرآن الكريم كان يخاطبهم هم قبل أن يخاطبنا نحن ، وكان يخاطبهم بما يعهدونه ويعرفونه وليس بالأحاجى والألغاز ، ومن ثم لا يبطل الدليل على الخطأ فى منهجية التفكير الذى نقله الأخ البيراوى عن شيخه الكريم
والله عز وجل هو أعلى وأعلم
 
جزاك الله خيرا على حسن الاختيار أستاذنا أبا عمر

وأحسن الشيخ بسام في بحثه هذا وفي غالب بحوثه العلمية الرائعة

بيد أن لي اعتراضا على نسبة "الظلمة" أو "الظلمات" إلى النبي صلى الله عليه وسلم ففي ذلك شناعة كبيرة

وكثير من دعاتنا المعاصرين يقصدون معاني حسنة وبنية حسنة ، ولكنهم أحيانا يفتقرون إلى اللباقة في التعبير

فينبغي الاحتراز في العبارة إذا كانت في هذا المجال

وشكرا مرة أخرى
 
السلام عليكم
بارك الله بك أخونا العليمى
لفظ ذرة ومشتقاته لا يوجد حولها دراسة وافية
وقد وردت كما ذكرت بدون ألف ولام العهد وجاءت مضاف إليه حيث أضيف إليها مثقال من شيء معنوى
" فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ "الزلزلة 7
أو مثقال من شيء مادي
"عَالِمِ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ " سبأ 3
وليس جذرها هو الذى فى الآية
"وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً الكهف 45
ولا علاقة لها بالذرية
"ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً " الاسراء 3
"فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ "يونس 83
وعليه فإن ذرية النمل أو ذرارى النمل ليس فيها من كلمة ذرة من شيء

ثم مسألة ورودها نكرة لا يعنى أنها غير معلومة أو هى مفتوحة للاحتمالات
أتراك لو قرأت نصا فيه كلمة رسول أو كلمة إله بدون ألف ولام يعنى هذا أنها غير معلومة أم يعنى أنها أكثر وضوحا بحيث لايلتبس معناها عليك

ومن المعانى التى قال بها العرب كما فى تفسير الألوسى " وقيل: الذرة ليس لها وزن ويراد بها ما يرى في شعاع الشمس الداخل في النافذة ..."أصغر شيء يعرفونه من الغبار والتراب والذى تحمله الرياح لصغره هكذا تصوروه غير قابل للقسمة وإن آمنوا أن هناك مثقال أقل من مثقاله

وورودها معرفة بالاضافة " ذرة خير " يعنى أن كل شيء منه ذرة فتقول ذرة خير ؛ذرة شر ؛ ذرة علم ؛ ذرة ماء ؛ ذرة ملح ..إلخ فأصبحت علم على كل وحدة كاملة من شيء ما مادى أو معنوى
ومادونها لايمثل وحدة كاملة من الشيء المتحدث عنه فتقول ذرة حديد ولا تقول بروتون حديد لأن البروتون الذى فى الحديد لايختلف عن البوتون الذى فى الهيدروجين
هذا والله أعلم
 
الأخ الكريم مصطفى،

1. الأصل أن نرجع في التفسير إلى معاني المفردات في عصر الرسول عليه السلام. وعليه ما معنى كلمة ذرة عندكم؟ ونرجو أن تكون إجابتك مستندة إلى مرجع قديم.
2. الشيخ يقول في مقاله إن الذرة بالمفهوم العلمي هي أتوم وترجمت بعد نزول القرآن الكريم ذرة، وكان يمكن أن تترجم ترجمة أخرى لا علاقة لها بكلمة ذرة. فما رأيكم؟
 
أخى الكريم أبا عمرو حفظه الله
عزيز على نفسى أن أخالفكم - أنت والشيخ الكريم بسام - فى الرأى
ولكن عزائى أنى أعهد فيكم رحابة الصدر وسعة الأفق ، وأنى لا أكتب الا ما بدا لى أنه الحق ، لذا اسمح لى أن أخالفكم فيما يلى :

نقلتم عن شيخكم الكريم قوله :


2. الذرّة: لغة هي النملة الصغيرة، والذّر هو النمل الصغير. فكيف تمّ تحريف هذا المعنى ليصبح معنى الذرة هو أصغر جزء في المادة؟!

وهذا السؤال يبدو استنكاريا ، ولكن اذا تعاملنا معه كسؤال استفهامى لكان الجواب عليه كالتالى :

نعم ، الذرة لغة : النملة الصغيرة ، ولكن فلماذا ؟
لماذا سماها العرب القدماء بذلك الاسم ؟
والجواب فيما أرى : لأنها كانت أصغر شىء مدرك لهم فى ذلك الوقت ، وليس لسبب آخر يتعلق بجنس النمل بصفة خاصة ، فالذى يبدو لى أن العرب الأولين كانوا يطلقون لفظة ( ذرة ) على كل ما بدا لهم متناهيا فى الصغر ، ومن ثم قيل أنهم قد أطلقوها كذلك على الهباءة من الغبار الذى يظهر فى ضوء الشمس الداخل من كوة أو نافذة ، فالاثنان ( النملة الصغيرة وهباءة الغبار ) يشتركان معا فى صغرهما البالغ

ومن نفس هذا المنطلق يمكن الجواب على السؤال الآخر للشيخ ، والذى يقول :

3. يتألّف أصغر جزء في المادة من بروتونات ونيوترونات وإلكترونات. وهو يسمى في لغة مكتشفيه (Atom) أما تسميته (ذرّة) فاجتهادُ مُترجَم بعد قرون من نزول القرآن الكريم، وكان يمكن أن تترجم الكلمة ترجمة أخرى.

والجواب هو : لا ، لم يك هذا ممكنا ، فلماذا ؟
لأنهم بحثوا ونقبوا عن أكثر الفاظ اللسان العربى قربا من معنى التناهى فى الصغر فلم يجدوا أبلغ من هذه اللفظة ( ذرة ) للدلالة على الصغر الشديد بوجه عام دون تخصيص لشىء بعينه
ومن هنا تبدو لفظة ( ذرة ) أقرب الى أن تكون اسم جنس لكل بالغ الصغر ، مثلها فى ذلك مثل لفظة ( حبة ) التى هى اسم جنس لكل ما يكون فى السنابل من الحبوب
والمهم فى الأمر أن هذا الفهم للفظة ( ذرة ) يجعل معناها قابلا للتوسع والاضافة كلما اكتشف الانسان ما هو أصغر مما كان معروفا له من ذى قبل
هذا ما بدا لى أنه الحق ، والله هو أعلى وأعلم
 
السلام عليكم
بارك الله بك أخونا العليمى
. . . . .
فتقول ذرة خير ؛ذرة شر ؛ ذرة علم ؛ ذرة ماء ؛ ذرة ملح ..إلخ فأصبحت علم على كل وحدة كاملة من شيء ما مادى أو معنوى ومادونها لايمثل وحدة كاملة من الشيء المتحدث عنه فتقول ذرة حديد ولا تقول بروتون حديد لأن البروتون الذى فى الحديد لايختلف عن البوتون الذى فى الهيدروجين
هذا والله أعلم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وبارك بك أخى مصطفى

هأنت قد وضعت الأمور أخيرا فى نصابها وذكرت أن للذرة معنى - بل معانى - عند العرب ، وهذا ينسخ رأيك السابق ويصححه ، وحسنا ما فعلت

وأتفق معك فى قولك الظاهر فى الاقتباس أعلاه ، ولكن أضيف تعديلا بسيطا فى عبارتك لتصبح كالتالى :
فأصبحت ( الذرة ) علما على كل أصغر وحدة كاملة من شىء ما مادى أو معنوى

وفقكم الله وسدد خطاكم
 
الذرة يعبر بها العرب عن الشيء المتناهي في الصغر يقول الشاعر:

ما أنت إلا ذرة مكنونة ******* قد أودعت في نطفةٍ أمشاجِ

ويقول الآخر:
هي النّفسُ إن ألقَتْ هواها تضاعفت ****** قُواها وأعطَتْ فِعَلها كُلَّ ذرّة

ويقول الآخر:
رب يوم تحيل هذا الوجودا ******** حكمة الله ذرةً من غبار

وكلمة"atom" تعني بالأغريقية جوهر المادة الذي لا ينقسم.

وإذا كانت الذرة تعني الشيء المتناهي في الصغر فلماذا لا يكون القرآن قد أشار إلى هذا الذي كان يعتقده البشر ويعبرون عنه بطريقتهم المختلفة وأفاد فوق ذلك ما لم يكن لمداركهم أن تصل إليه في وقت من الأوقات ؟
 
الأخوة الكرام،

إذن العرب تعبر عن الصغير المتناهي في الصغر أنه ذرة، فأين الإعجاز العلمي إذن؟ ولا أشك أن كل لغة فيها مفردة تعبر عن الشيء الصغير المتناهي في الصغر.
 
السلام عليكم
إذن نتفق أخى العليمى على هذا التعريف
فأصبحت ( الذرة ) علما على كل أصغر وحدة كاملة من شىء ما مادى أو معنوى

الأخ أبو عمرو
الذرة عندى كما فى التعريف أعلاه
ولايوجد مرجع قديم قال به ولكن تعدد الأقوال في المعاجم من النملة الصغيرة للهباءة يدل على عدم وضوح المفهوم لدى أصحاب المعاجم
وقوله تعالى " فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ "الزلزلة 7 يدل على أن الذرة كيان مستقل من أي شيء فنقول ذرة خير ؛ذرة نحاس ولو كانت شيئا بعينه -النملة الصغيرة - لجاء النص ..مثقال ذرة من خير .. مثل "وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ "الأنبياء 47
وعليه فكل شيء يتكون من ذرات كأصغر جزء من الشيء يمكن أن يحمل اسم هذا الشيء ؛ فهل تترجم اللفظة الأعجمية ترجمة أفضل من هذه ؟!
وقلت أن مادونها غير متمايز فى الأشياء المختلفة فلا يوجد نيوترون خاص بالحديد وآخر خاص بالنحاس فلا يسمى النيوترون ولا البزوترون ولا الالكترون ولا...الخ أصغر وحدة بنائية من المادة المعينة فيحمل اسمها وإن كان يقال أنه أصغر مكون مادى من غير تعيين لمادة بعينها ؛ ونعلم أن أصغر مكون مادى هو ذلك الفوتون
 
الأخوة الكرام،

إذن العرب تعبر عن الصغير المتناهي في الصغر أنه ذرة، فأين الإعجاز العلمي إذن؟ ولا أشك أن كل لغة فيها مفردة تعبر عن الشيء الصغير المتناهي في الصغر.

نعم - أخى الكريم - أتفق معك فى أن جل اللغات - ان لم تك كلها - فيها مفردة معبرة عن الشىء المتناهى فى الصغر

لا جدال فى هذا ، ولكن :
هل وجدت من بينها جميعا لغة واحدة تحدثت عن مثقال لهذا الشىء المتناهى فى الصغر ؟
وحتى ان وجدت ذلك فهل بامكانك أن تجد لغة واحدة من سائر اللغات تحدثت عن امكانية انقسام ذلك الشىء متناهى الصغر
فان يتحدث القرآن العظيم عما هو أصغر من هذا المتناهى فى الصغر فهذا يعنى امكانية انقسامه ، وأشك كثيرا فى أن لغة من اللغات - باستثناء لغة القرآن العظيم - قد أشارت الى ما هو أصغر من مضرب المثل فى الصغر !!
فهذا هو الاعجاز العلمى الذى تسائلت عنه
مع بالغ تحياتى وتقديرى أخى الكريم
 
بارك الله في الجميع وكل عام انتم بخير
قال أخونا أبو عمرو - وفقه الله - :
ويزداد الأمر إعجازاً عندما نعلم أنّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، قد عاش في دوائر من ظلمات أربع .
هذه العبارة غير مناسبة في حقه - صلى الله عليه وسلم - وما ورد في الفقرة الرابعة كذلك وفق الله الجميع لما فيه الخير والصواب فقد اتحفونا بما يسر ويفيد
 
السلام عليكم
الاعجاز فى الآتى
الاخبار أن السموات والأرض مكونتين من ذرات "عَالِمِ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ " سبأ 3
وبالطبع الذرات التى فى السموات ليست صغار النمل

الاخبار بأن الذرة أصغر وحدة بنائية من مادة ما تحمل صفاتها واسمها قبل أن يكتشف ذلك
الاخبار أن هناك ماهو أصغر من الذرة قبل أن يعلم أحدهم ذلك
 
السلام عليكم
الاعجاز فى الآتى
الاخبار أن السموات والأرض مكونتين من ذرات "عَالِمِ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ " سبأ 3
وبالطبع الذرات التى فى السموات ليست صغار النمل

الاخبار بأن الذرة أصغر وحدة بنائية من مادة ما تحمل صفاتها واسمها قبل أن يكتشف ذلك
الاخبار أن هناك ماهو أصغر من الذرة قبل أن يعلم أحدهم ذلك

الأخ الفاضل مصطفى
الذي لا يعزب عن الله هو "مثقال ذرة" أي : وزن ذرة ، ووزن الذرة وأقل منه وأكثر موجود في السماوات وفي غيره.

والإعجاز في نظري أن الآية أشارت إلى ما أعتاد أن يعبر عنه البشر عن أصغر الأشياء وهي الذرة وسواء كانت النملة الصغيرة أو رأسها أو الهباءة التي ترى في ضوء الشمس أو جوهر المادة الذي لا يقبل القسمة ،وأشارت إلى أن هناك ما هو أصغر منها وهذا هو المهم.
 
الأخ الكريم فاضل الشهري،

تحسس قبلك الأخ الكريم محمد الأمين من عبارة: "قد عاش في دوائر من ظلمات أربع "، ولا بأس في ذلك، وهي حساسية محمودة، ولكن ليس إلى درجة الاعتراض، وقد قال سبحانه وتعالى:" ووجدك ضالاً فهدى"، فعلى أي وجه فسرنا الضلال فلن يكون إلا ظلمة. وإنما كان النور نور الهداية ونور الوحي والنبوة، أما قبل ذلك فلا شك أنها ظلمات.
 
الأخ الكريم أبا عمرو:

الحق أن يدي لم تقع على كتاب الشيخ بسام، ولعلك نقلت من كتابه ما تراه أليق وألصق بمحل البحث.
لذلك فسأعلق على ما كتبه الشيخ ها هنا، فإن كان للشيخ بسام في هذا الباب ما لم تذكره مما نحن فيه بسبيل فلا تبخل به علينا...

يمكن اعتبار القرآن الكريم معجزة علميّة من ناحيتين:
1. عدم تناقضه مع معطيات العلم التي هي حقائق على الرغم من كونه يتناول إلى العديد من القضايا التي لها صلة بعلوم مختلفة.
2. توافقه مع معطيات العلم في الكثير من المسائل التي هي من اختصاص القرون الأخيرة، والتي هي قرون الانفجار المعرفي.
إنّ قضية عدم التناقض هي الأهم في مسألة الإعجاز العلمي، لأنّه من غير المألوف إطلاقاً أن لا يتناقض كتاب يرجع إلى ما قبل 1400 سنة مع معطيات العلم المعاصر. فكيف إذا عرفنا أنّ القرآن يتحدث بكثافة حول قضايا كثيرة تنتمي إلى فروع العلوم المختلفة!!

1. أما عدم تناقضه فقد تحدثنا عنه بما فيه الكفاية، وذكرنا أن العلماء إذا فهموا الآية على وجه ما ثم تبين لهم خطأ فهمهم لما فيه من مخالفة المحسوس، فلا بد من المصير إلى التأويل حتى لا يداخل كلام الله التناقض والاختلاف. على سبيل المثال: ذكرنا خطأ الإمام القرطبي فيما ذهب إليه من تفسير قوله تعالى ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الرَّعد:3) من أنها دالة على امتداد الأرض، وأنها رد على من زعم أن الأرض كرة! بخلاف الإمام الشوكاني الذي قال: وهذا المد الظاهر للبصر لا ينافي كريتها لتباعد أطرافها.
والذي نراه من لفظ الآية مجرداً أنها ظاهرة في الدلالة على امتداد الأرض، ولكنا لمّا علمنا بدلائل العقل أن الأرض كروية، قلنا إن المقصود بالمد ليس المد المقابل للكروية، وإنما المد الذي يظهر للبصر، والذي لا ينافي كروية الأرض لعظمها وتباعد أطرافها.
وعندما نسمع قوله تعالى ((وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال)) والذي هو ظاهر في إضافة الحركة إلى الشمس، لم يكن لأحد أن يدعي أن الأرض تدور من ظاهر النص مجرداً (أي من دلالة النص فقط)، إلا أننا لما عرفنا أن الأرض هي التي تدور حول محورها فيحصل من ذلك تعاقب الليل والنهار، قلنا إن المقصود بذلك حركة الشمس الظاهرية، لا أن الشمس متحركة على الحقيقة.

وهكذا نجري في فهم القرآن على وجه لا يخالف أدلة العقل...

وهذا يعني ابتداء إمكان أن يفهم من ظاهر كلام الله ما هو مخالف لأدلة العقل، كما فهم القرطبي أن الأرض ممتدة، وكما فهم ابن عثيمين أن الشمس تدور حول الأرض، إلا أننا نلجؤ للتأويل حتى لا يناقض المنقول المعقول، وليس المقصود أي تأويل، بل تأويل سائغ جار على معهود العرب.

2. وعليه فإن الزعم بأن توافق القرآن مع معطيات العلم في كثير من المسائل...إلخ، لا يغني في محل النزاع، بيان ذلك أننا إذا سلمنا بإمكان أن يفهم من ظاهر القرآن ما يخالف أدلة العقل، ثم صرنا إلى تأويل سائغ على معهود العرب في كلامها، فلا محل للاستدلال بأن القرآن يتوافق مع معطيات العصر.
وأعيد ذكر المثال بما يتضح به المقصود فأقول: لو أن الناس فهموا ما فهمه القرطبي من قوله تعالى ((مد الأرض)) بأن الأرض ممتدة وليس كروية، ثم ثبت لنا بأدلة العقل ما هو بخلاف هذا، لم نحكم ببطلان الآية، بل حكمنا ببطلان ما فهمه القرطبي من الآية، وكذلك الأمر في بطلان قول ابن عثيمين بأن الشمس تدور حول الأرض.
وهذا – يا أخي الكريم- آت من أننا نومن بأن القرآن من عند الله، ونومن بأنه لا يجوز أن يداخله الاختلاف والتناقض، لذلك فإنه إذا أوهم ظاهره خلاف العقل، صرنا إلى تأويل سائغ تنزيهاً لكلام الله أن يداخله الاختلاف.
فلا يجوز إذن أن يكون فعلنا نحن في تأويل كلام الله بما يوافق أدلة العقل دليلاً على الإعجاز العلمي للقرآن.

وهذه نقطة دقيقة في تحرير محل النزاع: عدم التناقض الذي تكلم عنه الشيخ بسام، والذي هو عمل المفسر في دفع ما ظاهره التعارض، لا يجوز أن يجعل دليلاً على الإعجاز العلمي في القرآن، وبمعنى آخر أقول:

إن من عمل المفسر أن يدفع ما ظاهره التعارض بين القرآن وأدلة العقل أو حقائق العلم الحديث على وجه سائغ من التأويل تقبله لغة العرب، فلا يجوز للمفسر بعد ذلك أن يدعي أن هذا التأويل الذي صار إليه لدفع التعارض – والذي هو عمل المفسر- دليل على أن القرآن من عند الله، لأنه متفق مع أحدث النظريات العلمية، ذلك أن المفسر بتأويله هو من دفع ذلك التعارض، فكيف يعود ويجعله دليلاً على الإعجاز العلمي للقرآن!!!



كيف يمكن لبشر، بعد كل هذه الظلمات، أن يتكلم في فروع العلوم المختلفة، ثم هو لا يتناقض في مسالة واحدة، على الرغم من مضي 1400 سنة، وعلى الرغم من النهوض العلمي الهائل في العصور الأخيرة ؟!

ونحن لا نسلم أن محمداً صلى الله عليه وسلم تكلم في فروع العلوم المختلفة، بل إنه صلى الله عليه وسلم بعث لبيان أمر الدين، وما يتعلق به حال العبد من التكليف والتعبد، لا ليخبرنا بأن التصعد في السماء يؤدي إلى الاختناق، ولا ليكشف لنا عن بصمات الأصابع، فإن تكلم بشيء مما هو في حيز العلوم، فهي من جنس علوم العرب التي كانوا يعرفونها كما أشار إلى ذلك الإمام الشاطبي...

المقصود بعدم التناقض:
نُقل القرآن الكريم إلينا بالتواتر، أي أنّه قطعي الثبوت إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم. وفي القرآن الكريم ألفاظ لا تحتمل أكثر من معنى، مثل قوله تعالى:" إنّما إلهكم إله واحد"؛ فكلمة واحد لا تحتمل أكثر من معنى، أي أنها قطعيّة الدلالة. وقد سمّى البعض ما يثبت بقرآن لا يحتمل أكثر من معنى حقيقة قرآنيّة. أما الحقيقة العلميّة فهي القانون الذي أثبته العلم وأقام عليه الأدلة القطعيّة.
عندما نقول: لا تناقض بين القرآن الكريم ومعطيات العلم فإنّما نقصد بذلك أن لا تناقض بين حقيقّة قرآنيّة وحقيقة علميّة. وهذا يعني إمكانية حصول تناقض بين نظريّة علميّة وحقيقة قرآنيّة، أو حقيقة علميّة وقرآن يحتمل أكثر من معنى ويكون التناقض مع أحد المعاني المحتملة.

لاحظ – أخي- أن هذا قائم على تثبيت أن القرآن من عند الله أولاً، ولذلك نسلك في دفع ما ظاهره التعارض إلى تأويل سائغ على معهود العرب. ولذلك لن يكون هناك تعارض بين كلام الله وأدلة العقل. إلا أن هذا مبني على الإقرار والاعتراف بأن هذا كلام الله، فكيف يكون هذا دليلاً على إعجاز القرآن؟

بعد الحديث عن عدم التناقض يأتي الحديث عن التوافق بين الحقائق القرآنيّة والحقائق العلميّة. وحتى يكون التوافق إعجازاً لا بد أن تكون المسائل المطروحة تتعلق بعلوم هي من اختصاص العلم المعاصر، أي العلوم التي نعلم تماماً أنّها معطيات العصور الحديثة ولا يسهل الزعم بإمكانيّة توصل الإنسان إليها في الماضي.
فعلى سبيل المثال، لو أخبرَ الرسول، صلى الله عليه وسلم، أنّ نبتة معينة تشفي من مرض معين، فإنّ ذلك لا يُعتبر من باب الإعجاز العلمي، لاحتمال أن يكون البشر قد توصلوا إلى ذلك من خلال التجربة. أمّا التفصيل في الحديث حول تطور الجنين في رحم أمّه فإنّ ذلك من باب الإعجاز، لأنّ معرفة مثل هذا الأمر يحتاج أولاً إلى اكتشاف المجاهر، ثم إلى اكتشاف الأشعة السينيّة والموجات فوق الصوتيّة...الخ، وذلك كله لم يكُن متيسراً للبشر قديماً. وعندما تكثر الأمثلة المتعلقة بالتوافقات المتنوعة، والمنتمية لأكثر من فرع من فروع العلم، يصبح الأمر أشد إعجازاً. وبذلك يحصل التكامل المطلوب بين مبدأ عدم التناقض ومبدأ التوافق.

الحق أن الأمر بخلاف ما قال الشيخ بسام، فلو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال – على سبيل المثال- : الصاعد في السماء يختنق، أو قال – مثلاً-: الخطوط الجلدية (البصمات) لا تتفق بين بني البشر كما لا تتشابه الوجوه، أو قال –مثلاً-: النجوم لها أصوات كما لو طرق أحدكم باب بيته، لكان هذا صريحاً في الدلالة على الحقيقة العلمية، ولنزلنا هذا منزلة الأخبار الصادقة التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم ووقعت، كما أخبر بفتح القسطنطينية، وبمقتل عمار ابن ياسر رضي الله عنه. أما تلك الإشارات البعيدة الخفية المزعومة فليست بشيء، وقد بينا بحمد الله تهافت القول بالإعجاز العلمي في آية ((كأنما يصعد في السماء))، وفي أطوار الجنين بما فيه مقنع، مع أن أنصار الإعجاز العلمي يزعمونها من أقطع الآيات في الدلالة على الحقيقة العلمية.

ثم إنه قد سبق لنا البيان بأن دفع التعارض بين القرآن والحقائق العلمية أو العقلية، والذي يؤدي إلى التوافق بين القرآن وحقائق العقل إنما هو عمل المفسر في حمل آيات القرآن على ما لا يخالف أدلة العقل. وهذا مبني على تثبيت أن القرآن من عند الله وليس كلام بشر، ولا يجوز أن يكون لهذا مدخل في إثبات الإعجاز، وباختصار:

المفسر يدفع ما ظاهره التعارض بين القرآن وأدلة العقل أو حقائق العلم الحديث على وجه سائغ من التأويل تقبله لغة العرب.

فلا يجوز للمفسر بعد ذلك أن يدعي أن هذا التأويل الذي صار إليه لدفع التعارض دليل على أن القرآن من عند الله، لأنه متفق مع أحدث النظريات العلمية، ذلك أن المفسر بتأويله هو من دفع ذلك التعارض، فكيف يعود ويجعله دليلاً على الإعجاز العلمي للقرآن!!!

وقد يعمد البعض، ممن يكتبون في الإعجاز العلمي، إلى التوسع المؤدّي إلى التعسّف وتحميل النصوص ما لا تحتمل، رغبة منهم في جذب الناس وتقريبهم إلى الدين. وهذا مسلك يأباه الدين الحنيف، وهو بناء على أسس هشّة غير متينة. من هنا ينبغي التنبه إلى ذلك والتدقيق والتمحيص قبل إصدار الحكم بوجود الإعجاز العلمي.
مثال على خطأ في منهج التفكير:
ترجع بعض الأخطاء في هذا الباب إلى خلل في منهجيّة التفكير أو غفلة يدعو إليها التسرّع أو التقليد غير الواعي. ومن أبرز الأمثلة على ذلك المسالة المشهورة، والتي يرددها حتى بعض كبار العلماء المعاصرين، عندما يقولون: إنّ القرآن الكريم قد تحدث عن الذرّة باعتبارها أصغر جزء في المادة. وهذا فهم عجيب لأمور:
1. لم ينص القرآن الكريم على أنّ الذرّة هي أصغر جزء في المادة، بل على العكس تماماً فقد ذكر أنّ هناك ما هو أصغر من الذرّة؛ جاء في الآية 61 من سورة يونس:"... وما يعزُبُ عن ربّك من مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء ولا أصغرَ من ذلك ولا أكبرَ إلا في كتاب مبين". وورد مثل هذا المعنى في الآية 3 من سورة سبأ.
2. الذرّة: لغة هي النملة الصغيرة، والذّر هو النمل الصغير. فكيف تمّ تحريف هذا المعنى ليصبح معنى الذرة هو أصغر جزء في المادة؟!
3. يتألّف أصغر جزء في المادة من بروتونات ونيوترونات وإلكترونات. وهو يسمى في لغة مكتشفيه (Atom) أما تسميته (ذرّة) فاجتهادُ مُترجَم بعد قرون من نزول القرآن الكريم، وكان يمكن أن تترجم الكلمة ترجمة أخرى.

كلام الشيخ هنا جميل، إذ بين كثيراً من الأخطاء التي يقع فيها مدعو الإعجاز العلمي، في تحميل آيات القرآن ما لا تحتمل...
ولعلي أزيد فأقول: إن الآيات التي يدعونها قاطعة في الدلالة على الحقيقة العلمية قد تبين تهافتها، كما في آية ((كأنما يصعد في السماء))، إذ بينا أن في القول بما يدعيه أرباب الإعجاز العلمي خروجاً على أصول البلاغة وحسن الإفهام، وأن القول بالإعجاز العلمي في آيات الجنين يلزم منه اتهام العلماء السابقين كالإمام مالك والشافعي وغيرهم ممن أفتوا في العلقة والمضغة...
ولو تأملت أخي آخر ما وقع فيه الإخوة في موضوع((تهافت القول بالإعجاز العلمي في قوله تعالى (كأنما يصعد في السماء)) إذ زعموا الآية دالة على قانون الجاذبية، وعلى اختراع الطائرة...إلخ، عرفت إلى أين وصل الخلل منهجية التفكير، والتسرع والتقليد غير الواعي الذي أشار إليه الشيخ بسام...

هذا ما رأيته في كلام الشيخ الذي أوردته، أرجو به أن أكون زدت في بيان الأمر وإجلائه، فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأ فمن نفسي ومن الشيطان...

وبارك الله فيك...
 
ولو تأملت أخي آخر ما وقع فيه الإخوة في موضوع((تهافت القول بالإعجاز العلمي في قوله تعالى (كأنما يصعد في السماء)) إذ زعموا الآية دالة على قانون الجاذبية، وعلى اختراع الطائرة...إلخ، عرفت إلى أين وصل الخلل منهجية التفكير، والتسرع والتقليد غير الواعي الذي أشار إليه الشيخ بسام...

...

المشكلة هو أن بعض الناس تقصر عقولهم عن إدراك بعض الأمور ثم لا يدركون هذا القصور ومن ثم يهرفون بما لا يعرفون ويتهمون الآخرين بالخلل والتسريع والتقليد غير الواعي.
 
الأخ الكريم بكر،

1. أما أن القرآن الكريم لم يتحدث في مسائل شتى هي من فروع العلوم المختلفه فيرده واقع القرآن الكريم. كيف لا، وخالق الكون يصف لنا خلقه، ويلفت انتباهنا إلى عظمة خلقه. فمثلاً عندما يقول سبحانه:" وجعلنا من الماء كل شيء حي"، ألا تصرح هذه الآية الكريمة بأن كل حي خلق من ماء؟ أليست هذه مسألة من أهم مسائل العلم المعاصر؟! مع ملاحظة أن الماء سائل من السوائل، أي ليس كل سائل ماء.
2. لغة العرب ليست مطاطة إلى ما لا نهاية، من هنا كان يجدر بنا أن نجد التناقض بكثافة، لأنه يستحيل أن يكون القرآن من وضع بشر ثم لا نجد التناقض يتكرر بشكل لافت. وعندما تكون محاولة إزالة التناقض متكلفة فإنها لا تخفى على الناس.
3. التأويل في تفسير القدماء أكثر منه الآن، ويرجع ذلك إلى عجزهم عن إدراك الصورة الكلية للمعنى. بل قد نجدهم أحياناً يولدون معاني جديدة للمفردات، لأنهم عجزوا عن تصور المعنى.
4. في لغة العرب عندما نقول:"طلعت الشمس" لا يوجد في هذه العبارة ما يدل على حركة الشمس أو عدم حركتها. وكذلك عندما نقول:" كشفت الغطاء فبان المخبوء". وهذا مفهوم في كل لغات البشر. من هنا لا علاقة للمسألة بالتأويل. أما عندما يقول الله:" والشمس تجري" فظاهر النص أنها تجري. وقد وجد العلماء أن الشمس تجري بسرعة 19 ميل في الساعة وتكمل دورة واحدة في فلكها كل 200 مليون سنة. ومن يظن ثبات الشمس يذهب إلى التأويل.
 
حياك الله أبا عمرو وشكر لك:

الأخ الكريم بكر،

1. أما أن القرآن الكريم لم يتحدث في مسائل شتى هي من فروع العلوم المختلفه فيرده واقع القرآن الكريم. كيف لا، وخالق الكون يصف لنا خلقه، ويلفت انتباهنا إلى عظمة خلقه. فمثلاً عندما يقول سبحانه:" وجعلنا من الماء كل شيء حي"، ألا تصرح هذه الآية الكريمة بأن كل حي خلق من ماء؟ أليست هذه مسألة من أهم مسائل العلم المعاصر؟! مع ملاحظة أن الماء سائل من السوائل، أي ليس كل سائل ماء.

بل هذه دعوى لا بد لك عليها من دليل...
فنحن نومن بأن محمداً صلى الله عليه وسلم قد أرسله الله بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه. ونومن بأنه جاء يعلمنا أمر ديننا، وأنه قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة.
أما أنه تحدث في فروع العلوم المختلفة، فلا بد من دليل، وحادثة تأبير النخل المشهورة حجة لنا في هذا الباب.
أما بخصوص الآية فلأهل العلم فيها أقوال إن شئت نقلتها لك، ولا أظنك إلا عارفاً بها، ثم إننا لو فرضنا أن هناك مخلوقاً حياً لم يخلق من ماء، فلا يعارض هذا القرآن، لأنه يكون من باب العام المخصوص على ما هو معروف في أصول الفقه.


2. لغة العرب ليست مطاطة إلى ما لا نهاية، من هنا كان يجدر بنا أن نجد التناقض بكثافة، لأنه يستحيل أن يكون القرآن من وضع بشر ثم لا نجد التناقض يتكرر بشكل لافت. وعندما تكون محاولة إزالة التناقض متكلفة فإنها لا تخفى على الناس.

إذا كان الإخوة في باب الإعجاز العلمي قد مطوا معاني الآيات لتدل على ما لا يخطر في ذهن بشر، فلا أظن أننا نعجز عن مط أقل منه في دفع التعارض في أي كلام.
لاحظ أننا نلجؤ لدفع التعارض إيماناً منا بأن هذا القرآن لا يداخله الاختلاف والتناقض، ولذلك فلو ظهر لك شيء من التناقض اندفعت للتأويل سريعاً للجمع بين الأدلة، وحتى لا يخالف بعضها بعضاً، ولو أنك تومن – مثلاً – بأن المتنبي رسول، لاندفعت إلى بيان ما يظن أنه تناقض في كلامه، وانظر إلى ضلال القاديانية كيف يبذلون الوسع في درء التعارض في كلام نبيهم المزعوم.
وعلى هذا فقس...


3. التأويل في تفسير القدماء أكثر منه الآن، ويرجع ذلك إلى عجزهم عن إدراك الصورة الكلية للمعنى. بل قد نجدهم أحياناً يولدون معاني جديدة للمفردات، لأنهم عجزوا عن تصور المعنى.

وهذا مما لا دليل لك عليه، فإنه قد جرت عادة المفسرين عند تفسير الآيات على ذكر شواهد من كلام العرب يؤيدون بها ما ذهبوا إليه في فهم الآيات، وتجد هذا مبثوثاً في أمهات التفاسير، أما توليد المعاني فلا أجده إلا عند أرباب الإعجاز العلمي الذي يزعمون أن الآيات تدل على معان جديدة لم تكن معروفة للعرب الأولين، فكانوا هم أولى بالتوليد لا الأولون.

وكيف يعجز العرب عن إدراك الصورة الكلية في كلام ما وقد نزل بلسانهم، هلا أتيتنا بمثال واحد؟

أما التصعد في السماء فقد بينت بحمد الله تهافت القول بالإعجاز العلمي فيها.
وأما أطوار الجنين فقد بينت لك أن القول بالإعجاز العلمي يلزم منه اتهام الفقهاء الأولين، والأئمة الأربعة بالذات.
ولو رجعت إلى كل ما يدعون فيها إعجازاً علمياً من آيات القرآن، ثم نظرت في أمهات كتب التفسير أدركت خطأ ما ذهبت إليه يا أخي.

ثم لي أن أقول – على سبيل المعارضة- إن الذين شرحوا شعر المتنبي عندما سمعوا قوله:

إذا غامرت في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم

عجزوا عن تصور حقيقة ما أراد المتنبي من أن الصعود إلى السماء ممكن، فأولوا المعنى إلى أن المقصود هو ارتفاع الشرف لا الارتفاع على الحقيقة، أي أنهم لجؤوا إلى التوليد لأنهم عجزوا عن تصور المعنى.

ولكن لما كشف العلم الحديث عن إمكان الصعود إلى السماء أدركنا ما كان يرمي إليه المتنبي؟

وهذا مني على سبيل المعارضة، فتأمل بارك الله فيك.


4. في لغة العرب عندما نقول:"طلعت الشمس" لا يوجد في هذه العبارة ما يدل على حركة الشمس أو عدم حركتها. وكذلك عندما نقول:" كشفت الغطاء فبان المخبوء". وهذا مفهوم في كل لغات البشر. من هنا لا علاقة للمسألة بالتأويل. أما عندما يقول الله:" والشمس تجري" فظاهر النص أنها تجري. وقد وجد العلماء أن الشمس تجري بسرعة 19 ميل في الساعة وتكمل دورة واحدة في فلكها كل 200 مليون سنة. ومن يظن ثبات الشمس يذهب إلى التأويل.

عندما يقول الله " والشمس تجري" فظاهر الأمر أنها تجري، فلم لا يكون الأمر كذلك في قوله "وترى الشمس إذا طلعت...الآية"؟
ما الفرق بين تجري وطلعت؟
أليس الفعل مسنداً إلى الشمس في كلتا الحالين، وما يظهر لنا أنه أسناد على وجه الفاعلية.
فكيف تزعم أنه ليس هناك ما يدل على حركة الشمس في قوله "طلعت"، بخلاف قوله "تجري"؟

أجيبك فأقول: لأننا عرفنا بدلائل العقل أن الأرض هي التي تدور حول محورها فيحصل تعاقب الليل والنهار.

ولكننا عرفنا هذا بدلائل العقل لا من الآية الكريمة.

فكيف يزعم بعض الإخوة أنهم عرفوا من آية "وترى الشمس ...إلخ" أن الأرض تدور حول محورها؟؟!!
 
الأخ الكريم بكر،
1. إذا كانت الحقيقة تعني مطابقة الفكرة للواقع. فكل ما يرد في كلام الله لابد أن يطابق الواقع، وإلا كان المتكلم غير الله. بعد هذا انظر إلى القرآن الكريم لتجد عدداً ضخماً من الآيات تتكلم عن الخلق. ثم تقول لي إن القرآن لم ينزل ليتكلم عن العلم!!! ثم من قال لك إن الإعجاز العلمي ليس من الهداية، هل تراه من الضلال؟! ثم ما معنى قوله تعالى:" تبياناً لكل شيء؟". ولا يهمني من زعم أنه تبياناً لبعض الأشياء على الرغم من قوله تعالى:"لكل شيء".
2. أليس من الهداية أن يعرف الوثني حقيقة الشمس والقمر حتى لا يعود إلى عبادتها من دون الله. أليس من الهداية تصحيح المعلومات وتصويب الأوهام....؟!
3. العام المخصوص يكون في الأحكام الشرعية وليس في الأخبار. ثم إن التخصيص يكون من الشارع وليس من قِبلنا.
4. ما لنا وللذين يَمُطُّونَ معاني المفردات!! هل يجوز لنا أن نقلدهم لنثبت أننا وهم نخبط خبط عشواء. ثم هل رأيت أن باطل القاديانيين يستقيم في العقل وتقوم به الحجة؟!
5. المفسرون يقدِّمون لنا معنى المفردة. أما المعنى المستفاد من الجُمَل فقد تجدهم غير قادرين على تصوره. وهذا أمر نجده في كل لغات البشر؛ فمن قال لك إن كل إنجليزي يفهم معاني المفردات الإنجليزية يستطيع أن يفهم كل المعاني التي وردت في كلام الفلاسفة أو علماء الاجتماع أو علماء الحياة... من الإنجليز؟!!
6. أما التصعد في السماء الذي أطلتَ الخوض فيه فقد ظهر أن الخلاف بيننا وبينك في كون الكلام موجه للعرب فقط أم للبشرية إلى يوم القيامة. القرآن الكريم نزل بلغة العرب إلى كل البشر. فقد يفهم العربي المقصود بالمفردة فيُفهِمُه غير العربي المراد من الكلام. فلعلك تقول إن العرب الأقحاح الذين كانوا يعيشون في البادية قبل سنة 250 هـ هم أقدر منا اليوم على فهم المعاني المرادة من النص الكريم!!! وأذكرك قول الرسول عليه السلام:"إنما أنا قاسم والله يعطي"، وقصة الخيط الأبيض والأسود معروفة لديك.
7. أما كلام المتنبي فلا علاقة له بالأخبار. فإنما يأمرك أن لا تقنع بما هو دون النجوم ومن هنا لا حد لطموحك.
8. طلعت وظهرت لا تستلزم حركة. أما تجري فتستلزم حركة. والفاعلية لا تستلزم دائماً حركة، كأن تقول: كتم.
 
إذا كانت الحقيقة تعني مطابقة الفكرة للواقع. فكل ما يرد في كلام الله لابد أن يطابق الواقع، وإلا كان المتكلم غير الله. بعد هذا انظر إلى القرآن الكريم لتجد عدداً ضخماً من الآيات تتكلم عن الخلق. ثم تقول لي إن القرآن لم ينزل ليتكلم عن العلم!!!
. . . . .
المفسرون يقدِّمون لنا معنى المفردة. أما المعنى المستفاد من الجُمَل فقد تجدهم غير قادرين على تصوره. . . . . فقد يفهم العربي المقصود بالمفردة فيُفهِمُه غير العربي المراد من الكلام. فلعلك تقول إن العرب الأقحاح الذين كانوا يعيشون في البادية قبل سنة 250 هـ هم أقدر منا اليوم على فهم المعاني المرادة من النص الكريم!!! . . . وقصة الخيط الأبيض والأسود معروفة لديك.

بارك الله بك أبا عمرو ، فهذا فهم سديد

وقد أعجبتنى اشارتك الى قصة الخيطين الأبيض والأسود ، ودلالتها لا تخفى على المتأمل ، ولا أعرف ماذا سيكون رأى الأخ بكر فيها ؟
زادكم الله فقها وعلما
 
الأخ الكريم أبا عمرو:

لاحظت أخي أنك لا تزال تقع في نفس المصادرة التي وقع فيها الإخوة بوجه أو بآخر:

1. إذا كانت الحقيقة تعني مطابقة الفكرة للواقع. فكل ما يرد في كلام الله لابد أن يطابق الواقع، وإلا كان المتكلم غير الله. بعد هذا انظر إلى القرآن الكريم لتجد عدداً ضخماً من الآيات تتكلم عن الخلق. ثم تقول لي إن القرآن لم ينزل ليتكلم عن العلم!!! ثم من قال لك إن الإعجاز العلمي ليس من الهداية، هل تراه من الضلال؟! ثم ما معنى قوله تعالى:" تبياناً لكل شيء؟". ولا يهمني من زعم أنه تبياناً لبعض الأشياء على الرغم من قوله تعالى:"لكل شيء".

لا زلت لا أسلم لك أن القرآن نزل ليشكف لنا خبايا العلوم التجريبية وأسرارها، فكان لا بد من دليل على ما ذهبتَ إليه. أما الآيات التي تدعو الإنسان إلى التدبر والتفكر في خلق الله فنهمها كما ينبغي أن نفهمها، هي جاءت تدعو الإنسان إلى النظر في خلق الإنسان والسماء وفي خلق الأرض والجبال والأنعام ....إلخ. ولا شك أن ما يصل إليه الإنسان من علوم وكشوف واختراعات يزيد في إيمان المرء ويقويه، فيظل يلهج بحمد الله وشكره على ما يسر له، وما من به عليه.
كل هذا لا ننكره ولا نجحده، وهذه الآيات الكثيرة إنما تدعو الإنسان إلى التفكر والتدبر، والوصول من هذا إلى الخالق الذي تستند هذه الأشياء في وجودها إليه، ولا يستند هو سبحانه وتعالى إلى شيء.
أما أن نقول إن الآيات جاءت لتكشف لنا عن أسرار العلوم التجريبية، والكشوف والمخترعات، وعن نظريات علمية لم نتبينها إلى آخراً فهذا ما ننازع فيه، وقد قلنا مرات كثيرة: إننا لا ننكر حقائق العلم التجريبي ولا نجحدها، وليس لنا أن ننكر شيئاً منها إذا ما ثبت، وإنما ننازع في زعمكم ودعواكم أن القرآن دل عليها وأشار إليها...
نحن لا ننكر حقيقة أن الأكسجين يقل في طبقات الجو العليا، وإنما ننكر أن يكون القرآن دل عليها في قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء))، ولا ننكر أن البصمات تختلف من شخص لآخر، وإنما ننكر أن يكون قوله تعالى ((بلى قادرين على أن نسوي بنانه)) دالاً على اختلاف البصمات....وهكذا.

وعلى هذا، فالقرآن دعا إلى التفكر والتأمل والنظر للوصول إلى ضرورة وجود الله سبحانه وتعالى، أما أن يكون دل على أصول العلوم التجريبية والنظريات العلمية وغير ذلك، فهذا ما ننكره، ونشدد النكير على القائل به.

أما أن الإعجاز العلمي هداية أو ضلال؟ فلا زلت أطلب الدليل عند القائلين به على ثبوته، أما وهو لم يثبت بعد، فلا وجه للقول به.

أما قوله تعالى "تبياناً لك شيء" فهو من العام الذي أريد به الخصوص، على غرار قوله تعالى (تدمر كلَّ شيءٍ بأمر ربها) (الأحقاف:25)، وهي لم تدمر إلا قوم عاد!
فكيف ذلك والله يقول "تدمر كل شيء"؟!!
إذا لم يكن يهمك زعم من زعم أنه "تبياناً" لبعض الأشياء على الرغم من قوله تعالى "لكل شيءٍ"، فأجدر بك ألاّ يهمك أنه لا تزال توجد حياة على وجه هذه البسيطة!!!


2. أليس من الهداية أن يعرف الوثني حقيقة الشمس والقمر حتى لا يعود إلى عبادتها من دون الله. أليس من الهداية تصحيح المعلومات وتصويب الأوهام....؟!

وما الذي زاده العلم الحديث في أمر الشمس والقمر مما يبعد الوثنيين عن عبادتها؟!
3. العام المخصوص يكون في الأحكام الشرعية وليس في الأخبار. ثم إن التخصيص يكون من الشارع وليس من قِبلنا.

وقوله تعالى (تدمر كل شيء بأمر ربها) من باب الأخبار، لا من باب الأحكام الشرعية؟!

ثم إن التخصيص يكون بالشرع، ويكون بالعقل ويكون بالعرف، وهذا مبسوط في أصول الفقه.


4. ما لنا وللذين يَمُطُّونَ معاني المفردات!! هل يجوز لنا أن نقلدهم لنثبت أننا وهم نخبط خبط عشواء. ثم هل رأيت أن باطل القاديانيين يستقيم في العقل وتقوم به الحجة؟!

فلا بد إذن عند الحديث عن تفسير الكلام ومعرفة مراد المتكلم من أصول نجري عليها في فهم الكلام، وإلا وقعنا في الخطأ وحملنا كلام المتكلم ما لا يحتمله، وهذه الأصول نزعم أن أرباب الإعجاز العلمي وأنصاره قد خالفوها، ولمن أراد أن يعرف صدق ذلك أن يرجع إلى شيء من فقه اللغة كما هو عند علماء أصول الفقه، وإلا كان ممن يخبطون خبط عشواء.
وما أراه أن الإعجاز العلمي لا تقوم به حجة، فإن كان عندكم ما تحتجون به في هذا الباب على صدق مدعاكم، فجيؤونا به بارك الله فيك.



5. المفسرون يقدِّمون لنا معنى المفردة. أما المعنى المستفاد من الجُمَل فقد تجدهم غير قادرين على تصوره. وهذا أمر نجده في كل لغات البشر؛ فمن قال لك إن كل إنجليزي يفهم معاني المفردات الإنجليزية يستطيع أن يفهم كل المعاني التي وردت في كلام الفلاسفة أو علماء الاجتماع أو علماء الحياة... من الإنجليز؟!!

ليس شرطاً أن يفهم كل عربي معنى الكلام، بل قد روي أن عمر بن الخطاب لم يكن يعرف معنى كلمة "تخوف" حتى أخبره بها الهذلي، وكذلك "الأب" في قوله تعالى (فاكهة وأبا)...
أما أن ألا يعرف المعنى أحد من العرب أو المفسرين فلا، فكيف وأنت تدعي أن المفسرين لجؤوا إلى توليد المعاني بعد أن عجزوا عن تصور المراد؟!
وقد تجد المفسرين يختلفون في معرفة المراد بكلام الله، وتجد أحدهم يذهب إلى ما لا يذهب إليه غيره، وهم في كل هذا لا يجاوزون معهود العرب في كلامها وتصرفها فيه، أما أن نزعم أن المعنى بقي غير متصور لقرون متطاولة حتى جاء العلم الحديث فكشف عنه، فأجدر بقائل هذا ألاّ يقضى منه العجب.


6. أما التصعد في السماء الذي أطلتَ الخوض فيه فقد ظهر أن الخلاف بيننا وبينك في كون الكلام موجه للعرب فقط أم للبشرية إلى يوم القيامة. القرآن الكريم نزل بلغة العرب إلى كل البشر. فقد يفهم العربي المقصود بالمفردة فيُفهِمُه غير العربي المراد من الكلام. فلعلك تقول إن العرب الأقحاح الذين كانوا يعيشون في البادية قبل سنة 250 هـ هم أقدر منا اليوم على فهم المعاني المرادة من النص الكريم!!! وأذكرك قول الرسول عليه السلام:"إنما أنا قاسم والله يعطي"، وقصة الخيط الأبيض والأسود معروفة لديك.

القول بالإعجاز العلمي في آية (كأنما يصعد في السماء) فيه خروج على اللغة، وأصول البلاغة وحسن الإفهام. ولم أجد فيما كتب الإخوة ما ينفصلون به عن الإلزامات التي توجهت عليهم.
لا شك أن العرب الأولين كانوا أقدر منا على فهم القرآن، فالقرآن إنما نزل بلسانهم، ولم يكونوا في الغالب الأعم بحاجة إلى معاجم لغوية، ولا إلى شيء من النحو والصرف يقومون به ألسنتهم، ولا إلى شيء من أصول الفقه، وهم وإن كان قد خالط ألسنتهم اللحن عندما اختلطوا بالأعاجم إلا أنهم كانوا أقرب منا إلى لسان العرب ومعهودها في الألفاظ والمعاني.
فكيف بمن يدعي أنه الآن أقرب إلى فهم القرآن وهو لا يستطيع أن يقيم جملة واحدة لا يلحن فيها، ولا شيء عنده من فقه اللغة، ولا من أصول الفقه، ثم يتجاوز هذا كله، ويريد أن يفهم القرآن كما يحلو له...
أنت تتحدث يا أخي الكريم عما قبل 250 هـ؟
عن سيبويه، والخليل بن أحمد، وأبي عمرو بن العلاء، الحضرمي والكسائي والفراء، ويونس بن حبيب، وعيسى بن عمر الثقفي وغيرهم كثير...

ثم تذكر هذا على سبيل التعجب؟!

كلامك ها هنا لا يقضى منه العجب...

7. أما كلام المتنبي فلا علاقة له بالأخبار. فإنما يأمرك أن لا تقنع بما هو دون النجوم ومن هنا لا حد لطموحك.

هذا لا يجديك...

الأمر قد يفهم منه الإخبار مثل "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، كما أن الأخبار قد يفهم منها الأمر كما في قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن).


8. طلعت وظهرت لا تستلزم حركة. أما تجري فتستلزم حركة. والفاعلية لا تستلزم دائماً حركة، كأن تقول: كتم.

"طلعت" أو "ظهرت" تستلزم حركة، سواء كانت ظاهرية أم حقيقية، ومعرفة إذا ما كانت الحركة ظاهرية أم حقيقية لا يمكن أن نستنبطه من الآية.

فتأمل بارك الله فيك...
 
كيف تريد أن تفهم من لا يريد أن يفهم!!!!؟

إن الله تعالى حينما قال :" بلى قادرين على نسوي بنانه" أراد تبارك وتعالى أن ينبهنا إلى عظيم قدرته وعجيب صنعه في خلقه ، وهنا يقف المؤمن المتفكر المتدبر ويتسأل : لماذا خص الله البنان دون غيرها ، كالألوان والأطوال والألسن ......ألخ؟

ثم يأتي العلم ليكشف لنا عجيبة من عجائب صنعه وعظيم قدرته التي لا حدود لها ويكشف لنا أن كل مخلوق يختص ببصمة تميزه عن غيره بحيث لا يوجد شخصان يتطابقان في بصمتهما بل إن بصمات الشخص الواحد تختلف من إصبع إلى آخر ، وهنا يتبين لنا الحكمة من تخصيص البنان دون غيرها من الأمور المختلفة الظاهرة لكل أحد.
 
كيف تريد أن تفهم من لا يريد أن يفهم!!!!؟

إن الله تعالى حينما قال :" بلى قادرين على نسوي بنانه" أراد تبارك وتعالى أن ينبهنا إلى عظيم قدرته وعجيب صنعه في خلقه ، وهنا يقف المؤمن المتفكر المتدبر ويتسأل : لماذا خص الله البنان دون غيرها ، كالألوان والأطوال والألسن ......ألخ؟

ثم يأتي العلم ليكشف لنا عجيبة من عجائب صنعه وعظيم قدرته التي لا حدود لها ويكشف لنا أن كل مخلوق يختص ببصمة تميزه عن غيره بحيث لا يوجد شخصان يتطابقان في بصمتهما بل إن بصمات الشخص الواحد تختلف من إصبع إلى آخر ، وهنا يتبين لنا الحكمة من تخصيص البنان دون غيرها من الأمور المختلفة الظاهرة لكل أحد.

ولماذا قال العرب: إن له عليها إصبعاً؟؟!!

لماذا خص العرب الإصابع بالذكر دون غيرها كاليد والذراع والعضد والأرجل؟!


إن العرب عندما قالت: إن له عليها إصبعاً، إنما أرادت تنبهنا إلى عظيم قدرة الله وعجيب صنعه في خلقه ، وهنا يقف المؤمن المتفكر المتدبر ويتسأل : لماذا خصت العرب الأصبع دون غيرها ، كالألوان والأطوال والألسن ......ألخ؟

ثم يأتي العلم ليكشف لنا عجيبة من عجائب صنع الله وعظيم قدرته التي لا حدود لها ويكشف لنا أن كل مخلوق يختص ببصمة تميزه عن غيره بحيث لا يوجد شخصان يتطابقان في بصمتهما بل إن بصمات الشخص الواحد تختلف من إصبع إلى آخر ، وهنا يتبين لنا الحكمة من تخصيص الأصابع دون غيرها من الأمور المختلفة الظاهرة لكل أحد.


فكيف تنفصل عن هذا؟؟

ستقول: القرآن كلام الله وليس من الأمثال، ولا أدري كيف طاوعتك نفسك على موازنة كلام الله بأمثال العرب....إلخ.

وهذه مصادرة، وجوابك مردود عليك...

فابحث عن جواب آخر...
 
الأخ الكريم بكر،

1. الآيات القرآنية لم تقتصر على الدعوة إلى النظر، بل وصفت وقائع كثيرة تتعلق بالكون والكائنات. وهذا الوصف إما أن يوافق الواقع وإما أن يخالفه.
2. قوله تعالى:"كأنما يصعد في السماء" لا يذكر الأوكسجين، ولا يذكر الضغط الجوي، وإنما يقرر حقيقة أن من يصعد في السماء يضيق صدره. ونحن نؤكد أن الكلام إذا لم يفهمه البعض في بعض العصور، فإن الكل في عصر محدد هم بعض المخاطبين. وأنا معك أن قوله تعالى: "بلى قادرين على أن نسوي بنانه" لا يشير إلى البصمة أو غيرها، ولكن لا مانع أن يذكر هذا ليساعد في فهم الاحتمالات التي يحتملها النص.. ولكن قوله تعالى:" وجعلنا من الماء كل شيء حي" فيشير إلى أن الأحياء خلقت من ماء، وأنت تريد أن تخصص هذه الآية لتنفي أن الآية نص في حقيقة علمية، لأنك تنكر أن يكون كلام الخالق مطابقاً للواقع، أي حقيقة علمية.
2. أما قوله تعالى :"تدمر كل شيء" فالمقصود به كل شيء أمرها الله أن تدمره. بدليل قوله تعالى:"تدمر كل شيء بأمر ربها". مع إقراري بخطأ قولي إن التخصيص لا يكون إلا في الأخبار.
3. إذا عرف الإنسان حقائق الأشياء أصبح من السهل عليه أن يعرف ربه. وإليك هذا المثال: امرأة تذهب بوليدها إلى المشعوذين طلباً للشفاء. فإذا قمنا بشرح حقيقة مرض وليدها وطرائق معالجته، سهل علينا اقناعها بجدوى الذهاب إلى الطبيب." وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً". ومعرفة حقيقة الشمس والقمر والأفلاك يساعد في اقناع من يعبدها أنها لا تستحق العبادة، بل هي مسخرة لمصالح الإنسان.
4. إنكار الإعجاز العلمي بإطلاق هو ما نعارضه، أما طلب الدليل على صدقية الاستنباط فأمر مشروع. ومن هنا لا يجدي التمسك بالأمثلة المتهافتة لتكون الدليل على رفض الإعجاز العلمي. فعندما قلت لك إن العلم يجزم بأن النسيج العظمي في الجنين يتكون قبل اللحمي، بما يوافق قطعي القرآن الكريم:" فكسونا العظام لحما" ذهبت لمناقشة أمور أخرى ولم تجب عن هذه المسألة. وهل مثل هذه الآية لا تمس العلم؟
5. أكرر أن فهم المفردات لا يعني فهم الجملة. فقد يفهم الخليل بن أحمد كل مفردة من مفردات قوله تعالى:"وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي"، وقد يجهل السبب الحقيقي وراء التأنيث في قوله تعالى:"اتخذي" فيذهب إلى القول: إن التأنيث كان هنا لأن النحل من الحشرات، أو يقول إن ذلك يجوز في لغة أهل الحجاز. وليس بالضرورة أن يعرف الخليل بن أحمد حقائق عالم النحل فيدرك أن الأنثى هي التي تصنع العسل. وهنا أنبهك أخي بكر إلى أن الأصل في العربية تذكير كلمة النحل، فالعدول عنه إلى التأنيث فيه دقة تمنع التعارض مع الواقع. وهذا مثال قد يصلح لتوضيح مبدأ عدم التعارض الذي ذكره الشيخ بسام جرار.
 
ولماذا قال العرب: إن له عليها إصبعاً؟؟!!

لماذا خص العرب الإصابع بالذكر دون غيرها كاليد والذراع والعضد والأرجل؟!

إن العرب عندما قالت: إن له عليها إصبعاً، إنما أرادت تنبهنا إلى عظيم قدرة الله وعجيب صنعه في خلقه ، وهنا يقف المؤمن المتفكر المتدبر ويتسأل : لماذا خصت العرب الأصبع دون غيرها ، كالألوان والأطوال والألسن ......ألخ؟

ثم يأتي العلم ليكشف لنا عجيبة من عجائب صنع الله وعظيم قدرته التي لا حدود لها ويكشف لنا أن كل مخلوق يختص ببصمة تميزه عن غيره بحيث لا يوجد شخصان يتطابقان في بصمتهما بل إن بصمات الشخص الواحد تختلف من إصبع إلى آخر ، وهنا يتبين لنا الحكمة من تخصيص الأصابع دون غيرها من الأمور المختلفة الظاهرة لكل أحد.


فكيف تنفصل عن هذا؟؟

ستقول: القرآن كلام الله وليس من الأمثال، ولا أدري كيف طاوعتك نفسك على موازنة كلام الله بأمثال العرب....إلخ.

وهذه مصادرة، وجوابك مردود عليك...

فابحث عن جواب آخر...

أقول كلامك ساقط لا يقوله طويلب علم فضلا عن عالم ، وهذا دليل على جهل مطبق ، واسمح لي أن أقول لك إنك تهرف بما لا تعرف وتردد عبارات أظنك قد حفظتها أو نقلتها ولا تعرف معناها ، فرجاء أن تكف عن الهذيان.
 
ولماذا قال العرب: إن له عليها إصبعاً؟؟!!

..

البنان : أطراف الأصابع ( المعجم الوسيط 1/72 )

الإصبع : أحد أطراف الكف أو القدم .

.. وتطلق الإصبع على الأثر .يقال : عليه من الله إصبعٌ حسنة ٌ: أثرُ نعمةٍ .
ويقال : وله في هذا الأمر إصبع . ( المعجم الوسيط 1/506 )

فالإصبع هنا هو الأثر .

والبنان غير الإصبع .
 
الإخوة أبا عمرو وبكر ..
أحسن الله إليكما على هذا النفس العلمي في الألفاظ والمضامين .

الأخ حجازي الهوى:
قل شيئا نفيد منه علما بارك الله فيك أو دعنا نستمتع بهذا النقاش.
 
ونحو قول متوازن في مسالة الإعجاز العلمي أود أن أنقل اقتباسين من موضوع سابق فيها كثير من النفع والفائدة إن شاء الله.

1/ تعليق للدكتور ناصر الماجد -المشرف على الملتقى- على مقال للشيخ مساعد الطيار قال فيه:

[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الموضوع له أطرافه وجوانبه المتعددة
وأحب أن أعلق على مقالة أخي د. مساعد، بأمرين:

الأمر الأول: أظن أن رأيك أخي الكريم فيما يتعلق بالإعجاز العلمي ومن خلال تتبع كثير من مقالاتك القيمة في هذا المجال ينبني على أصل لا أظنه حظي بحقه من التحقيق والتحرير، ولو تحرر هذا الأصل لزال إشكال كبير يتعلق بهذا المجال، ولتوضيح هذا الأصل أطرح عدة أسئلة أرجو أن تلقي الضوء على ما أريد الوصول إليه:
1. هل الأمة بمجموعها ملزمة بفهم كل معاني القرآن ودلالته؟
2. وهل في وسعها ذلك؟
3. وهل معاني القرآن الكريم كلها قد فهمتها الأمة؟
4. وهل بقاء شي من تلك المعاني غير مفهوم يقدح في الأمة؟
5. ألا يمكن أن يفرق بين الدلالات الأصلية والتابعة؟
6. ألا يمكن أن يفرق بين الدلالات المتعلقة بالتكليف الذي يتعلق به الثواب والعقاب، من تلك المتعلقة بالهدايات العامة التي هي في معنى قوله تعالى : إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم.
أن مدار الإشكال أن تضيق دلالات القرآن الكريم مع ما تواضع عليه أهل العلم من أن القرآن حمال للوجه واسع الدلالة.

الأمر الثاني: يتعلق بمسألة الظنية في تلك الدلالات ـ وقد أشار إلى هذا أيضا أخي الكريم أبو بيان سلمه الله، وأيضا أحب أن أطرح تساؤلا:
هل كون تلك المعاني التي يقررها الإعجاز العلمي ظنية الدلالة ـ على فرض صحة هذا ـ يقدح في دلالاتها على الإعجاز العلمي، لأنه لو صح هذا فإن ذلك قادح أيضا في دلالة الإعجاز البياني والتشريعي وغيره من مجالات الإعجاز؛ لأن كثيرا من المعاني التي تقرر هناك مما يتعلق ببلاغة القرآن أو تشريعاته ونحو ذلك هي في حقيقتها اجتهاد من الناظر فيها وليبست مسألة قطعية.
والمقصود أن هذه القضايا الظنية المفردة إذ جمعت شكلت في مجموعها مسألة قطعية ، وإن كان آحادها ربما كان فيه ما هو ظني الدلالة
والله أعلم[/align]

2/ تعليق للشيخ فهد الوهبي -عضو لجنة الإشراف العلمي في الملتقى- على الموضوع ذاته قال فيه:

[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]


أولاً: أنه ينبغي أن يُعلم أن التفسير بمفهومه العام ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : معرفة معاني مفردات القرآن : وهذا هو عمل غالب المفسرين ، وهذا القسم الذي لا يمكن أن يقال أن السلف قد جهلوا منه شيئاً، فمعرفة معاني كتاب الله تعالى معلومة كلها للسلف ، وفي جيل الصحابة رضي الله عنهم استقرت تلك المعرفة ، إذ هم العرب الأقحاح ، والقرآن نزل بلسان عربيٍّ مبين، فالصحابة بمجموعهم علموا جميع معاني كتاب الله تعالى ، وهكذا تناقل من بعدهم علمَهم ثم دوِّن في كتب التفسير .

القسم الثاني : معرفة حقائق ما ذكر في القرآن : وهذا ما قد يطلق عليه مصطلح التأويل في أحد معانيه ، وهذا القسم الذي نجزم بعدم معرفة السلف رحمهم الله لبعضه ، ويدخل في ذلك أمور :

أ ـ حقيقة الساعة وأهوالها ، وحقيقة صفات الله تعالى المذكورة في القرآن.
ب ـ الحقائق الكونية المذكورة في القرآن: كحقيقة إنزال المطر وتكوينه ، وحقيقة الرعد والبرق وتكوينهما ، وحقيقة الزلازل ، وغيرها، وقد يوجد لدى العرب بقيةٌ من علوم الأقدمين في هذه الحقائق ولكنها لا تصل إلى ما وصل إليه العلم المعاصر فيها .
ج ـ حقيقة بعض ما ذكره القرآن مما استقر في أذهان العرب التمثيل به ، كرؤوس الشياطين التي مثل الله تعالى بها طلع شجرة الزقوم في قوله تعالى : ( طلعها كأنه رؤوس الشياطين ) ، فالعرب لا تعرف حقيقة رؤوس الشياطين ، وإنما استقر في أذهانها قبحها ، وقريبٌ من ذلك ، ظلمات البحار التي مثل الله تعالى بها في قوله : ( ظلماتٌ بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ) فالعرب لم تصل إلى تلك الظلمات وإنما هو امرٌ قد استقرَّ في أذهانهم .
وفي هذا القسم يكون للإعجاز العلمي مدخل في معرفة ما يمكن الوصول إليه من الحقائق كمعرفة إخراج الأرض للأثقال عند حدوث الزلازل ، وإن كانت الآية في يوم القيامة ، وذلك في قوله تعالى : ( إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها ) ، فههنا يتكلم أهل الإعجاز فيما يستنبطونه من القرآن .

القسم الثالث : معرفة دلالات القرآن الكريم : وهذا الباب هو باب الاستنباط من القرآن ، ولا يمكن لأي جيل أن يدَّعي معرفة جميع ما يستنبط من القرآن ، بل كل جيل يستخرج من مكنونات القرآن ما يدل ذلك على عظمة هذا الكتاب ومنزله جل وعلا ، وكل ما يستنبطه العلماء داخل في هداية القرآن التي ذكرها الله جل وعلا بقوله تعالى : ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) ، ولأهل الإعجاز أيضاً ههنا مدخلٌ ؛ إذ كثير مما يذكرونه داخل في باب دلالات القرآن ، ولكن الخطأ يقع في صحة تلك الدلالات ، أي : صحة ارتباط تلك المعاني الإعجازية بالقرآن . ومثال دخول ما يذكره الإعجازيون في هذا القسم؛ قوله تعالى : ( كأنما يصعد في السماء ) إذ يربطون بالآية النظرية القائلة أن الأكسجين يقل كلما صعد الإنسان في السماء. ويبقى النقاش في صحة هذا الربط .

ثانياً : أن النقاش في المعاني الإعجازية المأخوذة من القرآن يكون في أمرين :

أ ـ صحة ذلك المعنى في نفسه ، أي : ثبوت تلك النظرية واستقرارها ، إذ لا يجوز ربط القرآن بأمر مشكك ، لا تعلم صحته ، ومن باب أولى بما ثبت خطأه .
ب ـ صحة دلالة القرآن على ذلك المعنى ، فلا بد من دلالة لفظية أو قاعدة استنباطية تدل على ذلك المعنى ، إذ ليست نسبة هذا المعنى بالقرآن أولى من نفيه عنه إذا لم يوجد وجه صحيح يدل على الربط .


أرجو التأمل في هذين النقلين ففيهما خلاصة لمسائل عديدة ونفس علمي سديد أرجو أن نسير على منوالهما لنصل إلى وجهة نظر واضحة في هذا الموضوع.
 
الإخوة أبا عمرو وبكر ..
أحسن الله إليكما على هذا النفس العلمي في الألفاظ والمضامين .

الأخ حجازي الهوى:
قل شيئا نفيد منه علما بارك الله فيك أو دعنا نستمتع بهذا النقاش.

إن كنت ترى فيما يكتبه الجازي كلاما علميا فنصيحتى لك أن تراجع معلوماتك وما درسته في تخصصك.

أما كلامي فإذا لم تر فيه شيئا تفيد منه علما فغض الطرف عنه.
 
جزاك الله خيراً...

1. الآيات القرآنية لم تقتصر على الدعوة إلى النظر، بل وصفت وقائع كثيرة تتعلق بالكون والكائنات. وهذا الوصف إما أن يوافق الواقع وإما أن يخالفه.

ونحن نزعم أن هذا الوصف مطابق للواقع، ونزيد عليه أن هذا الوصف كان من جنس ما كانت العرب تعرفه، ولم يكن هناك شيء لم تكن العرب تعرفه حتى جاء العلم الحديث فكشف عنه.
وهذا محل النزاع أخي الكريم...
عندما ذكر القرآن أمر النحل والنمل والأنعام والنجوم، لم يكن هناك شيء مما لم تكن العرب تعرفه.
ومثال النطفة والعلقة والمضغة خير دليل على ذلك.
فالقرآن ذكرها ليبين لمنكري البعث أنكم إن كنتم تستبعدون أمر البعث فانظروا إلى مبدأ خلقكم وأطواره....، وهذا كله مما كانت العرب تعرفه، ومما كانت جرت به الفتوى عند العلماء آنذاك.


2. قوله تعالى:"كأنما يصعد في السماء" لا يذكر الأوكسجين، ولا يذكر الضغط الجوي، وإنما يقرر حقيقة أن من يصعد في السماء يضيق صدره. ونحن نؤكد أن الكلام إذا لم يفهمه البعض في بعض العصور، فإن الكل في عصر محدد هم بعض المخاطبين. وأنا معك أن قوله تعالى: "بلى قادرين على أن نسوي بنانه" لا يشير إلى البصمة أو غيرها، ولكن لا مانع أن يذكر هذا ليساعد في فهم الاحتمالات التي يحتملها النص.. ولكن قوله تعالى:" وجعلنا من الماء كل شيء حي" فيشير إلى أن الأحياء خلقت من ماء، وأنت تريد أن تخصص هذه الآية لتنفي أن الآية نص في حقيقة علمية، لأنك تنكر أن يكون كلام الخالق مطابقاً للواقع، أي حقيقة علمية.

واسمح لي أن أخالفك ها هنا بما سبق أن بينته في مدراسة في آية ((كأنما يصعد إلى السماء))، فقد ذكرت أن العرب فهموها بمعنى المشقة، وذكر المفسرون أنها من الأمثلة التي تضرب على التكليف بما لا يطاق، كما يقال مثلاً " فلان بدو يقيم الدين في مالطا" دلالة على تكلفه ما لا يطاق، وطلبه ما ليس في الوسع، وكذلك "روح بلط البحر"، وكذلك أيضاً " روح طير"، فأنت تأمره بالطيران في السماء؟!
فهي أمثلة تضرب وتجد الكثير منها مما لا يفهم فهما حرفياً أو إفرادياً، بل لا بد من النظر في ذلك القول والمقصود به، وكذلك قول العرب "اصعد في السماء" لا يفهم فهماً إفرادياً، بل نطلب فيه فهم التركيب، وأنه مثل يقال في التكليف بما لا يطاق.
فإذا كشف العلم الحديث عن أن الأكسجين ينقص في طبقات الجو بالصعود في السماء، فنحن لا ننكر هذا، وإنما ننكر أن تكون للآية علاقة بهذا الكشف الجديد، حتى وإن كان الواحد منا يأنس بتفسير كهذا، ولكنه – والله أعلم- ليس من الحق في شيء، وقد ذكرت عليه ثلاثة اعتراضات:

1. فهم الآية على ما يقوله أرباب الإعجاز العلمي فيه خروج على أصول البلاغة وحسن الإفهام.
2. العرب فهموها وفهموا أنها بمعنى التكليف بما لا يطاق، وهذا الفهم كان على معهود العرب الأولين، فلا يقال إن العرب الأولين لجؤوا إلى التوليد لما عجزوا عن تصور المعنى، فإن أبيت أخي فلي أن أزعم أننا لجأنا إلى التوليد في المثل الجاري عندنا "روح بلط البحر"، ولكن ربما يأتي زمان نكتشف فيه أن أرض البحر غير صالحة للتبليط ...إلخ، فيكون هذا إعجازاً في مثلنا نحن.
قد تستبعد هذا أخي، ولكنه محتمل، وإن أسعفتني الذاكرة فلعلني آتيك بأمثلة أخرى مما يجري على ألسنتنا تحتمل التفسير العلمي.
3. الأصل أن نتبع في فهم الكلام معهود الناس في كلامهم وتصرفهم فيه، فلفظ "طول اليد" كان يدل في السابق على الصدقة وبذل الخير، وهو الآن يدل على السارق أو الحرامي، فإذا أوردنا الآن في كلامنا انصرفت أذهاننا إلى طول اليد بمعنى السرقة، لا بمعنى البذل والجود، والإنفاق، فلا يحق لك أن تقول إذا وصفت رجلاً بذلك في أيامنا هذه أنك قصدت إلى بذله وجوده، كما لا يحق لك أن تحمل هذه الكناية إذا وردت في كلام العرب الأولين على معنى السرقة...
وكذلك الأمر في القرآن، فهو إنما نزل على معهود العرب الأولين أهل اللسان، فنتبع في فهمه وتفسيره معهودهم هم، لا معهودنا نحن.


2. أما قوله تعالى :"تدمر كل شيء" فالمقصود به كل شيء أمرها الله أن تدمره. بدليل قوله تعالى:"تدمر كل شيء بأمر ربها". مع إقراري بخطأ قولي إن التخصيص لا يكون إلا في الأخبار.

بارك الله فيك، وأحسن إليك...

نعم أخي، المقصود أنها تدمر كل شيء مرت عليه، ولقد استفدنا هذا التخصيص بالرغم من أن اللفظ جاء عاماً "كل شيء".
وكذلك الأمر ها هنا في قوله تعالى "تبياناً لكل شيء"، فإننا نستفيد التخصيص من أن الرسل إنما بعثوا لتبليع الرسالة.
قال تعالى ((قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً))
وقال جل وعلا ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً))

وإنما قصدت بذلك أخي الكريم أن فهم المفسرين بأن المقصود كل شيء من أمر الدين، وليس كل شيء على العموم أمر تقبله اللغة، ويكون من العام المخصوص.

لك أن تتمسك بعموم قوله تعالى ((تبياناً لكل شيء)) أن لو لم يكن هناك ما يخصص هذا العموم، ويكفي في تخصيصه معرفتنا بأن الأنبياء إنما بعثوا لتبليغ الرسالة، وفيما سوى ذلك هم بشر مثلنا.




3. إذا عرف الإنسان حقائق الأشياء أصبح من السهل عليه أن يعرف ربه. وإليك هذا المثال: امرأة تذهب بوليدها إلى المشعوذين طلباً للشفاء. فإذا قمنا بشرح حقيقة مرض وليدها وطرائق معالجته، سهل علينا اقناعها بجدوى الذهاب إلى الطبيب." وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً". ومعرفة حقيقة الشمس والقمر والأفلاك يساعد في اقناع من يعبدها أنها لا تستحق العبادة، بل هي مسخرة لمصالح الإنسان.

أخالفك في أن كمال معرفتنا بأمر الشمس والقمر يساعد في إقناع من يعبدها أنها لا تستحق العبادة؟؟ فذلك أمر وهذا أمر آخر.
وعلى سبيل المعارضة، انظر ما جنى العلم الحديث على الغرب، إذا قاد بعضاً من علمائهم إلى الإلحاد ونكران الخالق سبحانه وتعالى. وظنوا أنهم بما أوتوه من علوم الدنيا ملكوا أسباب الحياة.



4. إنكار الإعجاز العلمي بإطلاق هو ما نعارضه، أما طلب الدليل على صدقية الاستنباط فأمر مشروع. ومن هنا لا يجدي التمسك بالأمثلة المتهافتة لتكون الدليل على رفض الإعجاز العلمي. فعندما قلت لك إن العلم يجزم بأن النسيج العظمي في الجنين يتكون قبل اللحمي، بما يوافق قطعي القرآن الكريم:" فكسونا العظام لحما" ذهبت لمناقشة أمور أخرى ولم تجب عن هذه المسألة. وهل مثل هذه الآية لا تمس العلم؟

قد بينت أخي الكريم في آية ((كأنما يصعد في السماء)) كلاماً أحسبه قاطعاً في رد ما ذهب إليه أرباب الإعجاز العلمي في تفسيرها.

أما في باب ((فكسونا العظام لحماً)) فقد ظننت أنني إذ سبقت إليك بموضوع النطفة والعلقة والمضغة أجبتك على ذلك، ذلك أن الفقهاء الأولين عرفوها، وتبينوها، وأفتوا بها، فكيف ومرحلة العظام تأتي بعد ذلك؟
لا شك أنها ستكون معروفة...
فإن كان هناك شيء لم أفطن إليه في جوابك، فبينه بارك الله فيك.




5. أكرر أن فهم المفردات لا يعني فهم الجملة. فقد يفهم الخليل بن أحمد كل مفردة من مفردات قوله تعالى:"وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي"، وقد يجهل السبب الحقيقي وراء التأنيث في قوله تعالى:"اتخذي" فيذهب إلى القول: إن التأنيث كان هنا لأن النحل من الحشرات، أو يقول إن ذلك يجوز في لغة أهل الحجاز. وليس بالضرورة أن يعرف الخليل بن أحمد حقائق عالم النحل فيدرك أن الأنثى هي التي تصنع العسل. وهنا أنبهك أخي بكر إلى أن الأصل في العربية تذكير كلمة النحل، فالعدول عنه إلى التأنيث فيه دقة تمنع التعارض مع الواقع. وهذا مثال قد يصلح لتوضيح مبدأ عدم التعارض الذي ذكره الشيخ بسام جرار.


قولك إنه قد يُجهل السبب الحقيقي من وراء التأنيث لا يسلم لك. فما يدريك أن ما وصل إليه أرباب الإعجاز العلمي في هذا الباب – لو سلمنا لهم به- هو السبب الحقيقي؟؟
أنت أيضاً لا تستطيع أن تجزم.
أما أن التأنيث هو لغة الحجاز أو تميم، فأظن أنه لا بد من قبوله، فهذا قول علماء اللغة الذين أخذوا اللغة عن أهلها والناطقين بها، فإن كان يجري على لسان بعضهم التذكير، وعلى لسان آخرين التأنيث، ولا ضير بعدها أن ينزل القرآن بالتأنيث أو التذكير.
كما أن الهمز كان لغة تميم، وترك الهمز كان لغة الحجاز.
وكما أن "ما" الحجازية تنصب، و"ما" التميمية لا تنصب، فهذه كلها من لهجات العرب، وبها جرت ألسنتهم، فلا يجوز أن نزعم إن الأمر كان لشيءٍ أبعد من اللهجات. هذه دعوى لا بد لها من دليل.
والقول بأن هذا التأنيث إنما كان لمراعاة الحقيقة العلمية لا يسلم لك، فما يدريك أن هناك ما هو أبعد من ذلك؟
ثم لماذا أنثوا الشمس وذكروا القمر، ولا مدخل لها في التذكير والتأنيث؟ ولماذ لم يكن هناك وصف آخر أو شيء آخر يجرونه فيما هو ليس بالمذكر والمؤنث؟
وغير ذلك كثير في اللغة...

وقد ذكرت لك أخي قبل أن عدم التعارض الذي قال به الشيخ بسام جرار إنما هو عمل المفسر في درء التعارض، والمصير إلى تأويل سائغ عند وجود تعارض ظاهر، فكيف يجعل عدم التناقض (درء التعارض) الذي هو من عمل المفسر دليلاً على إعجاز القرآن؟؟

وبارك الله فيك.
 
الأخ الكريم بكر،

1. ماذا تقول في قوله تعالى: "وأنزلنا الحديد"، هل كان العرب يعرفون أن الحديد قد نزل من السماء كما ينزل المطر، ثم ما بال جمهرة أهل التفسير يُخرِجون معنى "أنزلنا" عن ظاهرها؟ّ!
2. هناك فرق بين قولك:" اذهب فاصعد في السماء"، الذي ظاهره التعجيز، وبين قولك:" يضيق صدره كالذي يصعد في السماء"، والذي قصد به تبيان حقيقة الضيق والحرج الذي يحصل في الصدر، ولا يقصد به التعجيز كما هو ظاهر. ولا نقبل أن يستبدل البعض السماء بالجبل، بل إن مثل هذا الاستبدال يدل على أن المقصود وفق أفهامهم ليس التعجيز. إذن النص الكريم لا يشير اطلاقاً إلى الاستبعاد وليس المقام مقام تعجيز، بل هو اثبات وتقرير. أما المسألة البلاغية فقد تم مناقشتها طويلاً.
3: "تدمر كل شيء بأمر ربها" المقصود كل شيء أمرها الله أن تدمره، وليس كل شيء مرّت عليه. وإذا كان :"تبياناً لكل شيء" مما يختص به الأنبياء من أمور الهداية فلا شك أن الإعجازات المثبتة للنبوّات تدخل في ذلك، كيف لا وهي تقدم الإثبات وتزيد الإيمان!! بل إن القضية الإيمانية مقدّمة على التشريعية ولا ينفصلان.
4. لا يمكن أن يكون العلم سبباً للإلحاد، وإنما ذلك ينتج عن الانحراف السلوكي. ومن هنا قال العلماء:" الإيمان يزيد وينقص؛ يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي".
5. ليس فقط النحل عدل به من التذكير إلى التأنيث، بل أيضاً العنكبوت:" كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً" على الرغم من أن التذكير أظهر، مع اقرارنا بجواز الوجهين. فالتزام التأنيث عندما يكون التذكير أظهر يلفت الانتباه، وعندما نجد أن أنثى العنكبوت هي التي تتخذ البيت ندرك الدقة التي تمنع حصول التناقض مع الواقع (مبدأ عدم التناقض) الذي ذكره الشيخ، ولا أتكلم عن مبدأ التوافق.
سددنا الله وإياك.
 
بارك الله فيك أخي أبا عمرو، وأثابك الله على هذه المدراسة النافعة...

1. ماذا تقول في قوله تعالى: "وأنزلنا الحديد"، هل كان العرب يعرفون أن الحديد قد نزل من السماء كما ينزل المطر، ثم ما بال جمهرة أهل التفسير يُخرِجون معنى "أنزلنا" عن ظاهرها؟ّ!

يقابله قوله تعالى ((خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ)) (الزمر:6). فهل نزلت الأنعام كما ينزل المطر؟

وبذلك نعرف أن جمهرة المفسرين اتبعوا المعنى...

ثم هل يستطيعون إثبات هذا أم أنها كلها نظريات؟

2. هناك فرق بين قولك:" اذهب فاصعد في السماء"، الذي ظاهره التعجيز، وبين قولك:" يضيق صدره كالذي يصعد في السماء"، والذي قصد به تبيان حقيقة الضيق والحرج الذي يحصل في الصدر، ولا يقصد به التعجيز كما هو ظاهر. ولا نقبل أن يستبدل البعض السماء بالجبل، بل إن مثل هذا الاستبدال يدل على أن المقصود وفق أفهامهم ليس التعجيز. إذن النص الكريم لا يشير اطلاقاً إلى الاستبعاد وليس المقام مقام تعجيز، بل هو اثبات وتقرير. أما المسألة البلاغية فقد تم مناقشتها طويلاً.

والاعتراض البلاغي قوي ومتجه أخي الكريم، إذ لو أخذنا بما يقول به أرباب الإعجاز العلمي أبطلنا الغرض من التشبيه. ثم قلنا إن هذا مثل تضربه العرب في التكليف بما لا يطاق كقولنا ((بلط البحر))، ولو راجعت أخي الكريم مادة ((صعد)) في لسان العرب، عرفت أنها مرتبطة بالمشقة. وفي هذا كفاية.

3: "تدمر كل شيء بأمر ربها" المقصود كل شيء أمرها الله أن تدمره، وليس كل شيء مرّت عليه. وإذا كان :"تبياناً لكل شيء" مما يختص به الأنبياء من أمور الهداية فلا شك أن الإعجازات المثبتة للنبوّات تدخل في ذلك، كيف لا وهي تقدم الإثبات وتزيد الإيمان!! بل إن القضية الإيمانية مقدّمة على التشريعية ولا ينفصلان.

هذا متوقف على ثبوت الإعجاز العلمي في نفسه، أما وأنه لم يثبت بعد، فلا وجه للقول به...


4. لا يمكن أن يكون العلم سبباً للإلحاد، وإنما ذلك ينتج عن الانحراف السلوكي. ومن هنا قال العلماء:" الإيمان يزيد وينقص؛ يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي".

ما قصدته أخي الكريم أن العلم الحديث سلاح ذو حدين، فهو يزيد إيمان المومن، ويزيد في كفر الكافر المعاند. ودعوة القرآن إلى التفكر والتدبر في خلق السماوات والأرض والجبال والإنسان أمر من شأنه أن يقود إلى الإيمان بالله...
ولكن هل تثبت به نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟!
لا بد من دليل عليها، ونحن نقول إن الإعجاز البياني دليل على أن القرآن من عند الله، ودليل على أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله.
ثم جاء أرباب الإعجاز العلمي وأنصاره يدعون إن بإمكانهم التدليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من وجه آخر هو ما يسمونه سبق القرآن إلى كشوف ونظريات لم يكتشفها العلم إلا حديثاً؟؟
ونحن لا نسلم لهم هذا الوجه من الاستدلال على أن القرآن من عند الله، وعلى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ولو أعدت النظر فيما دار في موضوع ((تهافت القول بالإعجاز العلمي في قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء)))) لعرفت كيف انتهى الأمر بالإخوة إلى المصادرة على المطلوب، وهو ما لا يجوز في أصول المناظرة.

لذلك أرجو أن نفرق أخي بين دلالة هذه الكشوفات والمخترعات على وجود الله الذي لا إله إلا هو، وهذا مسلم، وبين ما يزعمه أرباب الإعجاز العلمي من دلالة القرآن عليها، وهذا لا نسلمه لهم.

5. ليس فقط النحل عدل به من التذكير إلى التأنيث، بل أيضاً العنكبوت:" كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً" على الرغم من أن التذكير أظهر، مع اقرارنا بجواز الوجهين. فالتزام التأنيث عندما يكون التذكير أظهر يلفت الانتباه، وعندما نجد أن أنثى العنكبوت هي التي تتخذ البيت ندرك الدقة التي تمنع حصول التناقض مع الواقع (مبدأ عدم التناقض) الذي ذكره الشيخ، ولا أتكلم عن مبدأ التوافق.
سددنا الله وإياك.

بل نتبع معهود العرب في كلامها أخي الكريم، ونقول إن العرب قد تذكر هذا مؤنثاً أو مذكراً، كما أنهم أنثوا الشمس وذكروا القمر.

والله أعلم...
 
الأخ الكريم بكر،

1. نعم أخي بكر لا بد من دراسة الأنعام وكيفية خلقها، وهل يمكن أن تكون قد خُلقت خارج الأرض، لأن القرآن الكريم يُصرّح بأنه أنزلها. وأعتقد أن هذه من المسائل التي يمكن للمسلم أن يهتم بها ليتحقق من حقيقة إنزال الأنعام. ولو رجعت أخي بكر إلى القرآن الكريم لوجدته يتكلم عن الأنعام بطريقة تختلف عن باقي الدواب. ولشيخي مقال في هذه المسألة موجود في موقع مركز نون الالكتروني.
2. أما باقي الملاحظات فيكفيني أن ينظر إليها القارئ فيرى فيها رأيه.
 
لا بد من دراسة الأنعام وكيفية خلقها، وهل يمكن أن تكون قد خُلقت خارج الأرض، لأن القرآن الكريم يُصرّح بأنه أنزلها..

بالفعل لقد استوقفتنى من قبل هذه الآية الكريمة ( التى تصرح بانزال الأنعام ) وفكرت كذلك فى احتمال أنها قد خلقت - كما ذكرتم - خارج الأرض !!

ولو رجعت أخي بكر إلى القرآن الكريم لوجدته يتكلم عن الأنعام بطريقة تختلف عن باقي الدواب.

نرجو مزيد توضيح لقولكم هذا ، وجزاكم الله خيرا
 
أخي أبا عمرو بارك الله فيه:

أعذرني لو قلت لك:

جوابك الأخير كجناح هرم مرسل...


فهل تعرف ما أقصد؟!
 
هذا إذا كنت فهمت شيئاً مما أقول...

فهل فهمت المقصود؟!
 
الأخ الكريم العليمي،

انظر الآيات الآتية:

1. " خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ... ": جاء الكلام عن إنزال الأنعام في هذه الآية بعد الكلام عن خلق الإنسان. والعجيب أن الكلام بعد ذلك استمر في الحديث عن خلق الإنسان، أي أن الكلام عن إنزال الأنعام جاء في وسط الكلام المستمر عن خلق الإنسان.
2. " أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ": لاحظ قوله تعالى:"مما عملت أيدينا" ومثل هذا ورد فقط في القرآن الكريم عند الحديث عن خلق الإنسان:" قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ".

3. "وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ": لاحظ هنا كيف تم الحديث عن الأنعام كشيء يتميز عن الدواب.

4. "وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ": لاحظ هنا الكلام عن نعمة الأنعام والبنين. واللافت تقديم الأنعام، ويبدو أن ذلك يرجع إلى كون النزول كان قبل خلق الإنسان ومن أجله.
وللمزيد يمكن مراجعة مقال الشيخ بسام جرار في صفحة مركز نون تحت عنوان متفرقات.
 
الأخ الكريم العليمي،

انظر الآيات الآتية:

1. " خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ... ": جاء الكلام عن إنزال الأنعام في هذه الآية بعد الكلام عن خلق الإنسان. والعجيب أن الكلام بعد ذلك استمر في الحديث عن خلق الإنسان، أي أن الكلام عن إنزال الأنعام جاء في وسط الكلام المستمر عن خلق الإنسان.
2. " أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ": لاحظ قوله تعالى:"مما عملت أيدينا" ومثل هذا ورد فقط في القرآن الكريم عند الحديث عن خلق الإنسان:" قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ".

3. "وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ": لاحظ هنا كيف تم الحديث عن الأنعام كشيء يتميز عن الدواب.

4. "وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ": لاحظ هنا الكلام عن نعمة الأنعام والبنين. واللافت تقديم الأنعام، ويبدو أن ذلك يرجع إلى كون النزول كان قبل خلق الإنسان ومن أجله.
وللمزيد يمكن مراجعة مقال الشيخ بسام جرار في صفحة مركز نون تحت عنوان متفرقات.

شكرا لك أخى الكريم البيراوى

حقا ما ذكرتم من أن حديث القرآن عن الأنعام يبدو مميزا لها عن الدواب

والأمر يستحق المزيد من البحث والتدبر بالفعل كما أشرتم من قبل
 
كنت أفكر فى الكلام الذى أورده أخى أبو عمرو عن حديث القرآن المتميز عن الانعام ، وعن انزالها من عند الله للناس كما توحى بذلك آية سورة الزمر
وهدتنى تأملاتى فى المسألة الى أن الأنعام مرتبطة ارتباطا وثيقا بوجود الأنسان ، فليس الانسان وحده هو الذى فى حاجة ماسة الى وجودها ، بل انها هى الأخرى لا غنى لها عن الانسان فى الحفاظ على نوعها من الانقراض والاندثار ، وذلك من حيث أن الأنعام تعد بوجه عام من الحيوانات الضعيفة التى لا يتسنى لها أن تدافع وتذود عن أنفسها بكفاءة وأن تدرأ عنها خطر مهاجمتها وافتراسها من قبل الحيوانات الشرسة الضارية كالذئاب والسباع والنمور وما الى ذلك من أنواع الوحوش
ومن هنا فكرت فى كونها بحاجة ماسة الى الانسان الذى يرعاها ليستفيد منها أيما فائدة ، وبالتالى فانه يرعاها كذلك بتوفير الملاذ الآمن لها ( الحظائر والزرائب والمزارع وخلافه ) ، وهذا كله يستتبع أن يكون خلق الأنعام متزامنا مع خلق الانسان أو قريبا منه
وسبحان الله !! فاننى حين وصلت الى هذه النقطة من التفكير ذهبت استطلع مقال الشيخ بسام جرار على موقعه الالكترونى الذى أشار اليه أخى أبو عمرو ، فاذا به يذكر كلاما مماثلا لما هدانى اليه تفكيرى ، حيث كان مما قاله :

لا شك أنّ تذليل الأنعام وتدجينها للإنسان من الأمور اللافتة في خلقها، فكأنّ واقعها يقول: لقد خُلِقتُ لخدمة هذا الكائن المكرم، وجُعلت قريبة منه. بل هي بحاجة إلى رعاية الإنسان وحمايته، فانظر إلى الخراف، مثلاً، هل تملك لنفسها شيئاً أمام اعتداء الحيوانات المفترسة، على خلاف ما هو عليه الغزال من سرعة وحذر
ومن هنا أرى أن نستطلع رأى علماء الأحياء والتاريخ الطبيعى لمعرفة تقديرهم لزمن تواجد الأنعام على الأرض ، وعلى من يعرف شيئا بهذا الخصوص أن يفيدنا به مشكورا.
 
أما أن نزعم أن المعنى بقي غير متصور لقرون متطاولة حتى جاء العلم الحديث فكشف عنه، فأجدر بقائل هذا ألاّ يقضى منه العجب.
الحوار في مجمله مفيد.
وأظن أن العضو "بكر الجازي" هو أيضا "جمال السبني".

ولي تعقيبات.
تعقيب على قول الإعجازي: "الذرة حسب هذا التوصيف هى أصغر كيان مادى فى كل عصر"
فهو بهذا يناقض نفسه.. حيث أن تفسيره هذا يلزم منه وصف الجسيمات دون الذرية بأنها "ذرات".

وتعقيب على قول زميله أيضا: "ذرة ماء".
لا يوجد في العلم الحديث شيء اسمه ذرة ماء. يوجد "جزئ" ماء يتكون من ذرات هيدروجين وأكسجين. فاللغة شيء والمصطلحات العلمية شيء آخر. فلا تخلطوا بين الأمرين.

وتعقيب على من اخترع من عنده تعريفا لكلمة "ذرة" في اللغة العربية، ثم اعترف أنه "لا يوجد مرجع قديم قال به"!
وما فعله هو "تفصيل" تعريف جديد "على المقاس"، بأثر رجعي، After the Fact، كي يتناسب مع دعوى الإعجاز.
كالمدير الفاسد الذي يريد إعطاء الوظيفة لابنه، فينشر في الجرائد إعلان طلب موظف، ومسموح للجميع بالتقدم للوظيفة، لكن بشرط أن يكون اسم والد المتقدم مطابقا لاسم المدير، وأن يكون عنوانه مطابقا لعنوان المدير.
 
عودة
أعلى