قصة قتل بني إسرائيل لأنفسهم توبةً إلى الله من عبادة العجل قصةٌ باطلة!!

إنضم
03/02/2005
المشاركات
100
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الأحساء
في أحد الأيام جمع بي لقاءٌ مع الدكتور سليمان بن إبراهيم الحصيّن (أستاذ التفسير وعلوم القرآن ورئيس قسم الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود- فرع الأحساء), ودارت فيه بعض المُدارسات حول قضايا التفسير...منها هذه المقالة التي تُعَبِّر عن رأي الدكتور فطلبت منه أن يُحَرِّر هذا الرأي فأقوم بنشره في الملتقى فكان ذلك!!

.....................

قصة باطلة

قتل بني إسرائيل لأنفسهم توبةً إلى الله من عبادة العجل

قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (البقرة:54)

الناظر في كتب التفسير على اختلافها يلحظ الاتفاق على رواية ما ورد من أنَّ بني إسرائيل قد استجابوا لِمَا أُمِروا به من قتل أنفسهم وأنه قد حصلت فيهم مقتلة عظيمة بلغت سبعين ألفاً من القتلى في يوم واحد..

ولو كانت حدثت بالفعل ما أغفل القرآن الكريم ذكرها والإشادة بأهلها والثناء عليهم كُلَّما تحدَّث عن بني إسرائيل ولكن هذا لم يحدث.

وقد تتابعت كتب التفسير في إيراد هذه الروايات والإشارة إليها, ولم أجد من تعرض لها بالنقد وكأنها من المُسلَّمات مع أنَّ الآية ليس فيها ما يدل من قريب أو بعيد على استجابة بني إسرائيل لِمَا أمرهم به نبي الله موسى عليه السلام بقتل أنفسهم توبةً إلى الله..

فهذا هود الهوَّاري رحمه الله والمتوفى سنة(280هـ) يروي هذه الحادثة في تفسيره وينسبها للكلبي (1/106) ثُمَّ جاء ابن جرير الطبري رحمه الله والمتوفى سنة(310هـ) فجزم باستجابتهم للأمر فقال: حدثنا محمد بن المثنى بسنده عن أبي عبد الرحمن فقال في تفسير قوله تعالى: (فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ) قال: عمدوا إلى الخناجر فجعل يطعن بعضهم بعضاً (1/679-680) ثُمَّ ذكر عن ابن عباس أنَّ المقتلة خلَّفت سبعين ألفاً من بني إسرائيل وذكر عن السدي ومجاهد رضي الله عنهما نحو ذلك وأبي العالية وابن شهاب..وقد وافقه كثير من أصحاب التفاسير منهم الماوردي (1/122), والواحدي في الوسيط (1/140), وفي الوجيز (1/105), والسمعاني (1/80), والزمخشري (1/143), وابن عطية (1/294), والفخر الرازي (3/87), وأبي حيان (1/637), وابن كثير (1/96), والقرطبي (1/401), والبقاعي (1/374), وابن عادل (2/83), والقاسمي (2/127), والمراغي (1/120), وابن عاشور (1/503), وسيد قطب (1/71), وابن سعدي (صـ52), والشعراوي (1/343)..وكأنها حقيقة لا يرقى إليها شك.

ومن يقرأ كتاب الله العزيز يجد أنه سبحانه وتعالى قد عفا عنهم عبادة العجل بدون شرط قتل أنفسهم فقال عز وجل: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة:51-52)

ففي قوله تعالى: (ثُمَّ عفونا) دليل على أنه سبحانه وتعالى قد عفا عنهم عبادتهم العجل ولم يُعاقبهم عليها..

قال البقاعي في تفسيره نظم الدرر (1/366-367) "وخصه باسم العفو لَمَّا ذكر ذنوبهم لأنَّ المغفور له لا يذكر ذنبه فإنَّ العفو رَفَعَ العقوبة دون رفع ذكرها والغفر إماتة ذكر الذنب مع رفع العقوبة"..فدل هذا العفو على أنَّ المراد بالتوبة في قوله تعالى: (فَتَابَ عَلَيْكُمْ) أي: رفع عنكم الحُكم بقتل أنفسكم..ولعل في حرف (ثُمَّ) من قوله تعالى: (ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ) ما يدل على صحة هذا القول وأنَّ العفو إنما جاء بعد أن أمرهم نبي الله موسى عليه السلام بقتل أنفسهم فتكون التوبة من قوله: (فَتَابَ عَلَيْكُمْ) راجعة إلى رفع الحُكم عنهم بقتل أنفسهم وليست راجعة إلى استجابتهم بدليل حرف العطف (الفاء) الذي يفيد التعقيب..فالتوبة كانت برفع الحُكم مباشرة بعد أمر نبي الله موسى به.

وكيف يُظن بهم أنهم امتثلوا لأمر موسى عليه السلام بقتل أنفسهم, وقد امرهم الله تعالى بذبح بقرة فترددوا وتعنتوا ولم يمتثلوا للأمر إلاَّ بعد عناء..قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (البقرة:67) ومما يُؤكد أنهم لم يستجيبوا لِمَا أُمروا به من قتل أنفسهم أنهم أحرص ما يكون على حياة وليس على الموت شهادة؛ لأنهم قومٌ عصاة مستكبرين لا يُؤمنون إلاًَّ بالماديات.. قال تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} (البقرة:96) فكيف يُبادرون بقتل أنفسهم بهذه السرعة وهم أحرص الناس على حياة..أية حياة.. لايهم أن تكون حياة كريمة..أو حياة مميزة..أية حياة بهذا التنكير والتحقير.

هذا فضلاً عن عصيانهم الدائم الملازم لهم واللائق بحالهم..قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:63) وقال تعالى: {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} (النساء:46) فهل يُظن بقومٍ هذا حالهم المسارعة إلى امتثال ما أمرهم به نبي الله موسى عليه السلام من قتل أنفسهم..هذا بعيد جداً وهذه القصة من جملة ما كذَّبه أهل الكتاب.. والله أعلم بالصواب.

وكتب

سليمان بن إبراهيم الحصيّن

أستاذ التفسير وعلوم القرآن ورئيس قسم الشريعة

جامعة الإمام محمد بن سعود- فرع الأحساء
 
أخي الفاضل

السلف كلهم مجمعون على تفسير واحد بخلاف ما ذهبت إليه. صح ذلك عن ابن عباس ومجاهد وسعيد وقتادة والزهري وابن إسحاق وابن زيد وابن جريج وعبيد بن عمير وروي عن غير هؤلاء كذلك.

قال ابن جريج: وكان قتل بعضهم بعضا أن الله علم أن ناسا منهم علموا أن العجل باطل، فلم يمنعهم أن ينكروا عليهم إلا مخافة القتال , فلذلك أمر أن يقتل بعضهم بعضا .

وأما رقم السبعين ألف فلعل الأصح أنه سبعين فقط بدون الألف. وما كان من اليهود يومئذ ما يقرب الألف رجل
 
والخلاصة أن حكم الدكتور سليمان الحصين على هذه القصة بالبطلان حكم شاذ وغريب ، وليس له فيه سلف فيما أعلم . وهي قصة قد تناقلها المفسرون وتلقوها بالقبول ، وقد صحت عن حبر الأمة وترجمان القرآن .
 
استسمح الإخوة مادام المقامُ مقام مدارسة وبحث ، وليس مقام جزم بقولٍ نهائي في مسألةٍ أو فتوى، فهو مقام المتعلم بالدرجة الأولى :

الذي يبدو لي والله أعلم أن اقتحام ساحة تخطئة ما يكاد يكون إجماعاً من المفسرين ولا سيما من أهل القرون الأولى على وقوع القتل بأسلحة مثل التي اقتحم بها الدكتور الحصيّن وفقه الله - هذا الاقتحام ليس بسديد لأمور :
أولها - أن ظاهر القرآن وقوع القتل بالفعل، لأنه هذا هو الأصل فهو تعالى أمرهم بذلك فالأصل أن يكون ويقع ما أمرَ به ، ولأنه رتّب التوبة على الأمر بأن يقتل بعضهم بعضا بالفاء فقال : {فتاب عليكم}.

وثانيا - لأنه مرويّ عن الصحابة مما حدثوا به عن بني إسرائيل، فالأرجح والله أعلم في مثل هذا تصديقه، بضميمة الدلالة المتقدمة وفَهْم الصحابة.

وثالثاً - أن الأدلة التي ساقها الدكتور ليست بقوية حتى تجعلنا نعدل عن الظاهر المشار إليه.. وفي أدلته التي ساقها ما فيه بحث، وسأشير هنا إلى ما لاحظته من ذلك :
قوله : "ولو كانت حدثت بالفعل ما أغفل القرآن الكريم ذكرها والإشادة بأهلها والثناء عليهم كُلَّما تحدَّث عن بني إسرائيل ولكن هذا لم يحدث" اهـ ليس بقوي، ومرتبة هذا الدليل معروف تأخُّرها، وعبارة العلماء في مثله أن يقولوا : لأوشكَ أن يذكرها أو يكرر ذكرها مثلا...

2- قوله : "مع أنَّ الآية ليس فيها ما يدل من قريب أو بعيد على استجابة بني إسرائيل لِمَا أمرهم به"اهـ ليس كما قال : بل ظاهر السياق القرآني وقوع ما أمرهم به كما أشرتُ إليه.

3- قوله : "ومن يقرأ كتاب الله العزيز يجد أنه سبحانه وتعالى قد عفا عنهم عبادة العجل بدون شرط قتل أنفسهم فقال عز وجل: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}"اهـ هذا فيه نظر لأنه لا تعارض بين الآيتين، والجمع أولى مهما أمكن، وليس في هذه أكثر من كونه تعالى عفا عنهم من غير تعرّض لكون ذلك العفو وقع بشرط أو بغير شرط!
وما نقله عن البقاعي فغير مسلم للبقاعي! سواء في معنى العفو، أو في تأويله للعطف بالفاء هنا.

[ملاحظة : ليت بعض الإخوة الكرام يحرر لنا الفرق بين العفو والمغفرة، لأن الذي أعرفه أن العلماء يقولون إن العفو أبلغ، ومعنى العفوِ محوُ الذنب ومحوُ أثره، والغَفرُ سَتْرُ الذنبِ وعدم المآخذة به، فاشتركا في عدم المؤاخذة وافترقا في ... فليحرر]

4- وقوله : "وكيف يُظن بهم أنهم امتثلوا لأمر موسى عليه السلام بقتل أنفسهم, وقد امرهم الله تعالى بذبح بقرة فترددوا وتعنتوا ولم يمتثلوا للأمر إلاَّ بعد عناء"اهـ
قد يقال إن ههنا فرقاً فإنهم في قصة البقرة تعنتوا وشددوا على أنفسهم من تنطعهم وجهلهم ولم يكن مقصودهم بالقصد الأول عدم امتثال الأمر، والله أعلم، ثم الفرق أنه في قصة قتلهم أنفسَهم الأمرُ يتعلق بكفرهم وشركهم وتوبتهم من ذلك ففرق بين الأمرين في المرتبة! والله أعلم.
5- وأما استدلاله بآية "{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} وما شابهها فلا يظهر صحته ، لأن الكلام على بني إسرائيل مع موسى أو غيره من أنبيائهم الكبار غير الكلام على بني إسرائيل في مراحل أخرى من تاريخهم وتحريفهم وتبديلهم وافتراقهم على أنبيائهم وقتلهم الأنبياء وغير ذلك.. والله أعلم.
والقرآن ذكر عن بني إسرائيل مساوئ كثيرة وذكر أيضا لهم فضائل وفي السنة مثل ذلك.
فما أشار إليه من "عصيانهم الدائم الملازم لهم واللائق بحالهم" يقابله أيضا صبرهم وجهادهم مع أنبيائهم، قال تعالى : {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا} وقال : {ومن أهل الكتاب أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} ، وقال : {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}الدخان32 وقال : {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}الجاثية16 وقال : {...وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}الأعراف140 وغيرها.
والله أعلم وأحكم عز وجل ومنه التوفيق.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده .. وبعد :

فقد تقدم الكلام على مشاركة أحد الأعلام - في علم التفسير - الدكتور سليمان الحصين, أيها الأخوة نفيدكم علماً بأن الشيخ له أكثر من عشرين سنه , وهو يعيش مع علم التفسير , وإن كان الكلام قدلا يُرضي البعض فلا يجرح بمقام فضيلته , وقد تكلم شيخنا الدكتور مساعد عن أدب الحوار أيها الأخوة , وواجب علينا احترام من له قدم وساق في أي علم من العلوم فضلا في علم التفسير -الا وهو بيان كلام المولى جل جلاله - .
محبكم...

أخوكم / صهيل المجد
بكالوريوس فقه وأصوله
[email protected]
 
ما كتبه الدكتور الفاضل سليمان الحصين حفظه الله في تدبر هذه الايات ، وخروجه بهذا الرأي أمر يشكر عليه ، وأسأل الله أن يفتح علينا وعليه من فضله. ولا تزال آيات القرآن الكريم مجالاً للتدبر والتأمل من لدن أهل العلم حتى يرفع الله هذا القرآن الكريم. ولا ضير من أن يبدي طالب العلم رأيه ، ليشاركه فيه إخوانه من طلاب العلم ما بين سائل عن غامض لم يتبين له ، أو مستدرك لأمر لم يفطن له الباحث من قبل ، فيسد الخلل في فكرته ، ويقوم ما اعوج منها. كل هذا مع حسن الأدب ، وحفظ الحق لأهل العلم ، دون خروج بالحوار والنقاش عن مساره. وأنا على ثقة أن الدكتور سليمان الحصين - الذي لقيته مرة واحدة في منزله حفظه الله ، وأذكر أنه أشار إلي هذه الفكرة التي حررها أعلاه - سيسعد بهذا الحوار ، والتأمل حول ما ظهر له في هذه الآيات. ولعله يتكرم بالمشاركة معنا مباشرة إن شاء الله.
وقد رأيت بعض الإخوة الفضلاء خرج بالحوار عن مساره بكلام لا علاقة له بما نحن فيه ، فأحببت التخفيف على القارئ العزيز من إجباره على قراءة ما لا صلة له بالبحث والله الموفق للصواب .
 
بارك الله فيكم .. و أدام لنا ملتقى أهل التفسير ليكون منارة علمية و ساحة لتلاقح الأفكار بأدب و علم .
 
الذي يظهر ان القول ببطلان هذا الامر بهذه السرعة غريب لكن الذي ينبغي انكاره هو هذه المقتلة العظيمه المزعومة واما ظاهر القران فانه يدل على الحدث بدليل ارتباط فتاب عليكم في الاية بما قبلها والله اعلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة الكرام في الملتقى: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فيسعدني أن أتواصل معكم عبر هذا الملتقى العلمي المتميز الذي شرفت بقراءة عدد من المشاركات العلمية فيه، وأسعدني أكثر ما حظي به موضوع قصة باطلة من المداخلات الجميلة والرائعة التي تدل على الصدق في طلب الحق والبحث عنه، وليس لدي أي تحفظ على شيء منها فإن من رحمة الله بالإنسان لضعفه أن هيأ له من يسدد نقصه، ويصوب خطأه؛ فينبغي أن يقبل الحريص على نفسه جميع النقد لما يطرح بصدر رحب، فأقول لجميع من كتب حول هذه القصة الباطلة تأييدا أو استدراكا: جزاكم الله خيرا، ومزيداً من التواصل العلمي الجاد الذي سيؤدي في النهاية إلى نضوج كثير من مسائل هذا الفن الذي أشار أخي العزيز الدكتور مساعد الطيار جزاه الله خيراً إلى أن هذا العلم لم يحظ بما حظي به غيره من العلوم من التحقيق والتمحيص والتدقيق، فكل طرح جديد يخالف ما تتابع الناس على قبوله دون تفكير في مستنده لا بد أن يكون شيئاً مستغرباً، وأود أن أبين أن المنهج الذي يجب أن يتبع في تفسير كلام الله عز وجل هو: تعظيم الوحيين الكتاب والسنة، والتمسك بدلالة الظاهر فيهما، وترك مخالفته إلا بدليل صريح واضح جلي، أما معارضة ظاهر الوحي المعصوم بدلالة روايات إسرائيلية فهذا ما يجب أن نتفطن له، فلو لم ترد هذه الروايات الإسرائيلية في بيان هذه القصة وذكرها لما استطعنا إدراكها من خلال النظر في ألفاظ الآيات الواردة فيها، وعلى كل فأرجو من إخوتي النظر فيما سأذكره من إجابة حول ما ذكر من مداخلات فأقول وبالله التوفيق:
1) لا ينبغي أن يغيب عن ذهن المفسر أن الروايات الإسرائيلية تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أـ ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.
ب. ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه فهذا باطل مردود
ج. ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :(حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج).
2) لا يلزم من رواية الصحابي لأخبار بني إسرائيل تصديقه بها، ونسبة ما روى على أنه رأي له، ويقع بسبب ذلك خلط كبير في نسبة الآراء للصحابة والتابعين؛ فيتعين الرجوع إلى أصل الرواية والنظر فيها ليتبين المصدر الذي نقل عنه الصحابي، ومن تفطن لهذا سهل عليه التعامل مع كثير من النصوص الواردة عن المفسرين من الصحابة والتابعين مما فيه غرابة.
3) قصة قتل بني إسرائيل لأنفسهم توبة إلى الله تعالى من القسم الثاني من أقسام الروايات الإسرائيلية؛ لتضمنه مدحاً عاماً وثناءً مطلقاً على قوم نبي الله موسى لا يستحقه هؤلاء القوم الذين قال الله تعالى لنا {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا}، ثم هذه القصة الباطلة معارضة لصريح الآيات الأخرى المبينة عظم ما قام فيهم من المحادة لله ولرسوله نبينا موسى عليه الصلاة والسلام، {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا} {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق} قوم موصوفون بقتل الأنبياء أيقتلون أنفسهم توبة من عبادة العجل؟. إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة في فضائح القوم فهل نخالف هذا الأصل الواضح البين الظاهر لأجل الروايات الإسرائيلية؟.
4) دعوى الإجماع في صحة هذه القصة دعوى باطلة، وإنا ذكرتُ الاتفاق على إيراد الرواية دون تمحيص لها، وهذا ليس من قبيل الإجماع في شيء، فهو مثل الاتفاق على إيراد الرواية الموضوعة أو الضعيفة هل ينقلها إلى قسم الصحيح؟، والإجماع إنما يكون على الرأي.
5) ما ذكر من مدح الله تعالى لبعض أهل الكتاب والثناء عليهم هذا حق، قال الله تعالى {منهم أمة مقتصدة وكثير منهم فاسقون} والذين عبدوا العجل جزء منهم وليس كلهم، ولم تتضمن الآيات الواردة في عبادتهم العجل شيئاً من المدح والثناء عليهم مما يدل على أنهم لم يفعلوا ما أمرهم به نبي الله موسى عليه السلام.
6) اذكِّر بكلمة الأخ جمال حسني الشرباتي: "ما المانع الشرعي من رفض القصة خاصة أنها لم ترد كقصة في القرآن" كلام رائع وجميل؛ لم ترد في القرآن، ولم ترد هذه القصة في السنة، فكيف نسلم بها ونجعلها جزءاً من تفسير الآية، وهي من أخبار بني إسرائيل.
7) قول الأخ محمد عبد الله بن جابر القحطاني: الحكم على القصة بالبطلان شاذ وغريب. أقول سبب الغرابة أننا نسينا مصدر هذه الرواية، لو كان المصدر الوحي المعصوم فنعم، أما أن يكون المصدر الروايات الإسرائيلية فلا شذوذ ولا غرابة حينئذ، وأذكر إخوتي الكرام بكتاب الشيخ الدكتور محمد أبو شهبة ’: الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير، حيث ذكر روايات باطلة تتابع على إيرادها كثير من المفسرين، وبين فسادها وبطلانها.
وصحة هذه القصة عن حبر الأمة إسناداً لا يلزم منه أن يكون متن الرواية رأياً له كما لا يخفى.
8) ما ذكره الأخ عطية الله من دعوى الإجماع فهذا باطل كما سبق.
وقوله: إن ظاهر القرآن وقوع القتل. هذا غير مسلم فالآية ليس فيها إثبات الاستجابة ولا نفيها وإنما يجزم بأحدهما بأدلة أخرى كما سبق بيانه.
وقوله: إن الله تعالى أمرهم. هذا غير مسلم فالذي أمرهم هنا نبي الله موسى عليه السلام، ولو سُلم أن الأمر من الله تعالى مباشرة فهذا ليس محل النزاع، فمحل النزاع هل استجابوا لما أُمروا به من قتل أنفسهم؟ الجواب: كلا لما عرف في القرآن من أحوالهم السيئة، وعنادهم المستمر.
9) ما ذكره الأخ: صهيل المجد أقول له: عفا الله عنك وغفر لك، العدل العدل في المدح والثناء.
وسأنشر هنا إن شاء الله تعالى دراسة متكاملة حول هذه القصة.
كما أتمنى أن يحظى الموضوع الجديد الذي سأطرحه قريباً إن شاء الله تعالى بمزيد من التواصل.
وفي الختام أشكر أخي الحبيب المشرف العام الذي سعدت كثيراً بالتعرف عليه على إتاحة هذه الفرصة للمشاركة، وأسأل الله تعالى أن يبارك للجميع في علمهم وعملهم وأعمارهم وأموالهم وأولادهم، وأن يحفظهم من كل سوء ومكروه، وأن يغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
بارك الله فيك أيها الشيخ الفاضل الدكتور سليمان الحصين.
زانكم الأدبُ والحلم مع العلم .. اللهم بارك
نسأل الله أن ينفع بكم في منتدانا هذا في كل نادٍ، وأن يتقبل منا ومنكم ويعفو عن السيئات.. آمين

ننتظر بحوثكم وفوائدكم، ونتشرف بالبحث والمناقشة والمذاكرة مع أمثالكم، وفقكم الله.
 
أرحب بأخي العزيز الدكتور سليمان الحصين وفقه الله في ملتقى التفسير ، وأشكره على طرحه العلمي الوقور الذي لا يستغرب من مثله ، مع صدق الرغبة في الوصول للحق ، والجرأة في البحث ، وتقبل الآراء المخالفة قبولاً حسناً. أسأل الله أن يوفق الجميع للحق ، وأن يشرح صدورنا ، وينور بصائرنا بالعلم النافع ، ونسعد كثيراً بمتابعة الحوارات العلمية المثمرة كهذا الحوار وغيره في الملتقى مع الدكتور سليمان وبقية الزملاء الفضلاء في الملتقى ، والتي تصور أخلاق حملة القرآن أحسن تصوير والحمد لله.
 
أرحب بالدكتور سليمان الحصين وفقه الله في ملتقى التفسير ، وأشكره على طرحه العلمي الوقور الذي لا يستغرب من مثله ، مع صدق الرغبة في الوصول للحق ، والجرأة في البحث ، وتقبل الآراء المخالفة قبولاً حسناً
 
لا زال في النفس شيء مما قرره الدكتور سليمان الحصين وفقه الله في موضوعه هذا .

ولعل الأساتذة المتخصصين يدلون برأيهم في هذه المسألة حتى يتضح الحق ويزول الشك . والله الموفق للصواب
 
جزاك الله خيرا

جزاك الله خيرا

جزى الله الدكتور الحصين خير الجزاء وبعد:

إني لأعجب من تسرع طلب العلم في مهاجمة رأي الدكتور حصين حفظه الله, وكل من يدرس مناهج المفسرين والاجواء التي أحاطت بهم من رفض وهجوم في ذلك الزمن يعلم علم اليقين أن هؤلاء المفسرين لم يدونوا كل الروايات الصحيحة بسبب قلة بضاعتهم من العلم أو ضعفهم في علم المصطلح ، ولكن فقه الأزمة الذي كان يلفهم وحالة التحزب والتمذهب في ظل تفكك الدولة الإسلامية ، وضغط العوام والوعاظ هو ما اثقل كاهلم ، وبناء عليه ما المانع اذا ما انتقد الدكتور -رغم اني لا أعرفه شخصياً- هذه الرواية خاصة انها لم يثبت عليها دليلا قاطعا معتبراً؟
وبارك الله فيكم
اخوكم رافت
 
التعديل الأخير:
وسأنشر هنا إن شاء الله تعالى دراسة متكاملة حول هذه القصة.
كما أتمنى أن يحظى الموضوع الجديد الذي سأطرحه قريباً إن شاء الله تعالى بمزيد من التواصل.
.

لعل الدكتور سليمان يفي بما وعدنا به من نشر الدراسة المتكاملة.
 
أخبرني الدكتور سليمان الحصين البارحة - 14/9/1431هـ - أنه أنجز بحثه في هذا الموضوع وبعث به للنشر في إحدى المجلات العلمية المحكَّمة، وسينشره هنا بعد نشره في المجلة .
وقد أرسل لي أحد الأصدقاء المعنيين بالتفسير وهو الدكتور غرامة بن يحيى الشهري - حفظه الله - بأسئلةٍ مفيدة حول هذه القصة تفتح مجال البحث والتأمل يقول فيها :
أشكلَ عليَّ في هذه القصة أمور هي :
1- أن السامريَّ لم يقتل .
2- أن الله ذكر القصة في سياق التذكير بالنعم .
3- كثير من الروايات تقول إن العقوبة طالت أيضاً من لم يعبد العجل .
4- أتى بنو إسرائيل بمعاصٍ أشد ولكن الله عفى عنهم .
5- لم يَدْعُ موسى رَبَّهُ أن يرفع هذه العقوبة بينما دَعا أن يُحيِىَ سبعين ميتاً .

أرجو أن تكون هذه الأسئلة دافعةً لمزيد من البحث في هذا الموضوع الذي بدأه الدكتور سليمان الحصين مشكوراً .

15 رمضان 1431هـ
 
أخبرني الدكتور سليمان الحصين البارحة - 14/9/1431هـ - أنه أنجز بحثه في هذا الموضوع وبعث به للنشر في إحدى المجلات العلمية المحكَّمة، وسينشره هنا بعد نشره في المجلة .
وقد أرسل لي أحد الأصدقاء المعنيين بالتفسير وهو الدكتور غرامة بن يحيى الشهري - حفظه الله - بأسئلةٍ مفيدة حول هذه القصة تفتح مجال البحث والتأمل يقول فيها :
أشكلَ عليَّ في هذه القصة أمور هي :
1- أن السامريَّ لم يقتل .
2- أن الله ذكر القصة في سياق التذكير بالنعم .
3- كثير من الروايات تقول إن العقوبة طالت أيضاً من لم يعبد العجل .
4- أتى بنو إسرائيل بمعاصٍ أشد ولكن الله عفى عنهم .
5- لم يَدْعُ موسى رَبَّهُ أن يرفع هذه العقوبة بينما دَعا أن يُحيِىَ سبعين ميتاً .

أرجو أن تكون هذه الأسئلة دافعةً لمزيد من البحث في هذا الموضوع الذي بدأه الدكتور سليمان الحصين مشكوراً .

15 رمضان 1431هـ
ملاحظات جيدة
ولكن ربما يجاب عنها :
السامري ربما كان مستثنى من التوبة فقد نص القرآن على عقوبته :
(قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ) طه(97)
كون الآية واردة في سياق تعداد النعم لا يمنع من وقوع القتل حيث جعل القتل توبة منهم وتكفير لذنبهم العظيم ، ولا شك أن القتل مع التوبة خير من أخذهم بالذنب.
بالنسبة للروايات مالا يصح منه لا يمنع الصحيح من ذلك ظاهر الآية مع أنه يمكن القول بأن ظاهر الآية يدل على خلاف القول بوقوع القتل.
أما كون بني إسرائيل أتوا بمعاصي أشد فالمعارض سيقول ليس هناك أشد معصية من الشرك إلا ما كان مصاحب للكفر مصحوبا بسب الله تعالى وأولئك نص الله على عقوبتهم في الآخرة.
أما عدم دعاء موسى عليه السلام فربما أجاب المعترض بالآتي:
القتل كان حكما من الله لا بد منه حتى تحقق التوبة فما كان لموسى عليه السلام أن يعترض ، أما السبعين فقد وقعت العقوبة مباشرة وأوقعت موسى عليه الصلاة والسلام في حيرة ومحنة وما كان أمامه من مخرج إلا الدعاء.
هذا بعض الأجوبة المتوقعة من المخالف ، مع أني أرى وجاهة القول بعدم وقوع القتل وقد سبق وأن طرحت هذا السؤال في مشاركة سابقة ، لكن الأمر يحتاج إلى بحث وتدقيق.
والله أعلم.​
 
بارك الله فيكم يا أبا سعد ، وأرجو أن يكون هذا دافعاً لمزيد من التأمل في الآيات الواردة في الموضوع .
مع عدم وجود ثمرة عملية لهذه المسألة فيما يظهر لي ، فسواء قلنا بوقوع القتل في القصة أو عدمه فالعبرة متحققة . (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون)
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشاركة بسيطة من طالب يتعلم من أساتذته بارك الله فيكم

أولا شكرا لكم على هذا المنتدى المبارك والذي أستفيد منه الكثير في مجال التفسير

قرأت في أحد التفاسير ولا يحضرني اسمه هو أنه لعل المقصود في (فاقتلوا أنفسكم) أي فاقتلوا الشرك والشهوات والعصيان والاستكبار الموجودين في أنفسكم

والله تعالى أعلى وأعلم
 
بارك الله فيكم يا أبا سعد ، وأرجو أن يكون هذا دافعاً لمزيد من التأمل في الآيات الواردة في الموضوع .
مع عدم وجود ثمرة عملية لهذه المسألة فيما يظهر لي ، فسواء قلنا بوقوع القتل في القصة أو عدمه فالعبرة متحققة . (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون)
وفيك بارك يا أبا عبد الله
ولا شك أن العبرة متحققة كما ذكرت
ولكن لا تخلو مناقشة مثل هذه المواضيع من ثمار وأهمها: فهم القرآن الفهم الصحيح الذي يظهر الحق ويزيل الشبهة.
لقد قال الله تعالى في نفس الموضوع:
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) البقرة (93)
وقال تعالى :
(يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا) سورة النساء (153)
وقال تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (153) ) الأعراف
وهذه الآيات تحتاج إلى تأمل وتدبر حتى نصل إلى حقيقة ما واقع ونفهم الأمور كما هي.
وأظنك توافقني على هذا شيخنا الفاضل ؟
 
وفيك بارك يا أبا عبد الله
ولا شك أن العبرة متحققة كما ذكرت
ولكن لا تخلو مناقشة مثل هذه المواضيع من ثمار وأهمها: فهم القرآن الفهم الصحيح الذي يظهر الحق ويزيل الشبهة.
.....
وهذه الآيات تحتاج إلى تأمل وتدبر حتى نصل إلى حقيقة ما واقع ونفهم الأمور كما هي.
وأظنك توافقني على هذا شيخنا الفاضل ؟

نعم أوافقك وفقك الله ونفع بك .
 
أرجو الإضافة بأن السياق ليس لتذكير النعم فحسب بل هو لتذكير نعم الله المتواليات وعقوباته المتلاحقات.
 
ايها الاخوة الأفاضل، يسعدني أن أشارككم في هذا النقاش العلمي الذي أثمر حوارات جميلة وردودا مختلفة، ويسعدني أن أسوق بين أيديكم الأثر المعتمد في الموضوع الذي أخرجه ابن جرير الطبري وابن ابي حاتم في تفسيريهما ،وكذا ابن كثير نقلا عنهما وعن غيرهما.
قال ابن جرير : حدثني عبد الكريم بن الهيثم، قال: حدثنا ابراهيم بن بشار، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، قال: قال أبو سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال موسى لقومه: (توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم، فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم) قال: أمر موسى قومه عن أمر ربه عز وجل أن يقتلوا أنفسهم، قال: فاحتبى الذين عكفوا على العجل فجلسوا، وقام الذين لم يعكفوا على العجل وأخذوا الخناجر بأيديهم وأصابتهم ظلمة شديدة، فجعل يقتل بعضهم بعضا، فانجلت الظلمة عنهم، وقد أجلوا عن سبعين ألف قتيل، كل من قتل منهم كانت له توبة، وكل من بقى له توبة. [1]

علق صاحب كتاب موسوعة الصحيح المسبور من التفسير المأثور د/ حكمت بن بشير بن ياسين: بقوله:
(أبو سعيد هو عبد الكريم بن مالك الجزري. ورجاله ثقات وإسناده صحيح والخبر عن أهل الكتاب وهو من قبيل المسكوت عنه).
وقال:" وأخرج الطبري بإسناده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى: (باتخاذكم العجل) قال: كان موسى أمر قومه عن أمر ربه أن يقتل بعضهم بعضاً بالخناجر فجعل الرجل يقتل أباه ويقتل ولده فتاب الله عليهم.
قال الطبري: حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري وقتادة في قوله (فاقتلوا أنفسكم) قال: قاموا صفين يقتل بعضهم بعضا، حتى قيل لهم: كفوا! قال قتادة: كانت شهادة للمقتول وتوبة للحي.(وإسناده حسن).
ونقل ابن كثير في تفسيره هذا الأثر فقال: روى النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، من حديث يزيد بن هارون، عن الأصبغ بن زيد الوراق عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال الله تعالى: إن توبتهم أن يقتل كل واحد منهم كل من لقي من ولد ووالد فيقتله بالسيف، ولا يبالي من قتل في ذلك الموطن. فتاب أولئك الذين كانوا خفي على موسى وهارون ما اطلع الله من ذنوبهم، فاعترفوا بها، وفعلوا ما أمروا به فغفر الله تعالى للقاتل والمقتول.
ثم قال ابن كثير : وهذا قطعة من حديث الفُتُون، وسيأتي في تفسير سورة طه بكماله، إن شاء الله ..


[1] - جامع البيان:1/286، وذكره ابن ابي حاتم:1/110،عن عمار بن خالد عن محمد بن الحسن الواسطي ويزيد بن هارون عن الاصبغ بن زيد عن القاسم بن ابي أيوب عن سعيد بنحوه، ونقله السيوطي :1/168،عن ابن جرير.
 
أولاً:
قول الأخ محمد عبد الله بن جابر القحطاني: الحكم على القصة بالبطلان شاذ وغريب. أقول سبب الغرابة أننا نسينا مصدر هذه الرواية، لو كان المصدر الوحي المعصوم فنعم، أما أن يكون المصدر الروايات الإسرائيلية فلا شذوذ ولا غرابة حينئذ، وأذكر إخوتي الكرام بكتاب الشيخ الدكتور محمد أبو شهبة ’: الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير، حيث ذكر روايات باطلة تتابع على إيرادها كثير من المفسرين، وبين فسادها وبطلانها.
وصحة هذه القصة عن حبر الأمة إسناداً لا يلزم منه أن يكون متن الرواية رأياً له كما لا يخفى..

وهل لابن عباس رضي الله عنهما رأي يخالف ما رواه؟

ثانياً: اطلعت في بعض البحوث عن النسخ أن من دلائل ثبوت النسخ وجوده في الكتب المقدسة عن اليهود والنصارى، فقد جاء فيها أن اللّه سبحانه أمر بني اسرائيل بقتل انفسهم بعد عبادتهم للعجل ثم رُفع هذا الحكم عنهم بعد ذلك. كما في سفر الوجود 32/ 21-29. وهذا يؤيد ما أورده الدكتور سليمان في بحثه هذا.
 
لم يتضح لي ما ذهب إليه الدكتور الحصين حفظه الله تعالى ؛ والأدلة التي ساقها تكاد تكون ضعيفة في مجملها ؛ ويمكن أن يعترض عليها بما يلي :
1 - أنه لا بد من ذكر التسلسل التاريخي لقوم موسى ؛ بمعنى آخر : هل تعنتهم في موضوع البقرة كان قبل مسألة الأمر بالقتل أم بعدها ؟
وهل الصفات التي ذكر الدكتور عن قوم موسى تشملهم جميعا أم أن منهم مؤمنون فاضلون أتقياء ؟ ....
2 - قول الله تعالى "ثم عفونا عنكم .." لا يعارض مسألة الاستجابة للقتل بل هو دال عليها ؛ إذ أن العطف بثم يدل على التراخي كما هو معلوم ؛ فلا مانع من أن يكون التقدير "وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده فأمرناكم بقتل أنفسكم وامتثلتم ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون "
وكثيرا ما يسكت القرآن الكريم عن كثير من التفاصيل لدلالة السياق عليها أو لأنه ذكرها في موضع آخر ، والأمثلة على ذلك كثيرة .
وعلى كل فإنه يبعد كل البعد ؛ بل ويكاد يستحيل أن يسكت جميع المفسرين على هذه القضية مع بطلانها .

والله تعالى أعلم .
 
قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله: وقد قال - الله سبحانه وتعالى- لبني اسرائيل:
(فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم، فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم)
أي: ليقتل بعضكم بعضا. فألقي عليهم ظلمة, حتى جعل الذي لم يعبدوا العجل يقتلون الذين عبدوه.
فهذا الذي كان في شرع من قبلنا من أمره بقتل بعضهم بعضا قد عوضنا الله بخير منه وأنفع,
وهو جهاد المؤمنين عدو الله وعدوهم وتعريضهم أنفسهم لأن يقتلوا في سبيله بأيدي عدوهم لا بأيدي بعضهم بعض,
وذلك أعظم درجة وأكثر أجر.
[من رسالة: قاعدة في الأنغماس في العدو وهل يباح لابن تيمية/ دار اضواء السلف ص 37]
 
1) لا ينبغي أن يغيب عن ذهن المفسر أن الروايات الإسرائيلية تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أـ ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.
ب. ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه فهذا باطل مردود
ج. ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :(حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج).

قصة قتل بني إسرائيل لأنفسهم توبة إلى الله تعالى من القسم الثاني من أقسام الروايات الإسرائيلية؛
الذي فهمته من النقاش أن علماء التفسير جعلوا هذه القصة من القسم الثالث من أقسام الروايات الإسرائيلية
وفضيلة الدكتور سليمان جعلها من القسم الثاني الذي علمنا كذبه
والذي تناقله علماء التفسير في رأيي أولى بالصواب
حيث أنه لا يوجد دليل صحيح صريح يجعلها من القسم البين كذبه...
والله أعلم
 
وجدت في حديث الفتون تصريحا بأنهم فعلوا ما أمروا به ؛ وذلك في قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ( .. فقال له: إن توبتهم أن يقتل كل رجل منهم كل من لقي من والد وولد، فيقتله بالسيف لا يبالي من قتل في ذلك الموطن، ويأتي أولئك الذين كان خفي على موسى وهارون واطلع الله من ذنوبهم فاعترفوا بها، وفعلوا ما أمروا، وغفر الله للقاتل والمقتول ..)
ومثل هذا من المعلوم أن له حكم الرفع لأن مثله لا يقال بالرأي ؛ وإن اعترض معترض عليه فأقل أحواله أن يكون تفسيرا من ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وناهيك بذلك .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .
 
أعتقد أن ما ذهب إليه الدكتور الحصين له وجهة من النظر قويه ، يقويها ما ورد في كتاب الله من الآيات المبينة لصفات ذلك الجيل الذي عاصره موسى عليه السلام ، ومن ذلك قوله تعالى:
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) البقرة(93)
وقوله تعالى:
(قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ) المائدة (22)
(قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) المائدة (25)
وهنا يمكن أن تطرأ هذه الأسئلة:
هل يمكن أن يقبل من قال : "سمعنا وعصينا" بقتل نفسه ؟
هل القتال أصعب على النفس من قتل النفس ؟
هل من يقول لنبيه : "اذهب أنت وربك فقاتلا" يمكن أن يقبل بقتل نفسه ؟
إنها أسئلة تحتاج إلى جواب .
 
أعتقد أن ما ذهب إليه الدكتور الحصين له وجهة من النظر قويه ، يقويها ما ورد في كتاب الله من الآيات المبينة لصفات ذلك الجيل الذي عاصره موسى عليه السلام ، ومن ذلك قوله تعالى:
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) البقرة(93)
وقوله تعالى:
(قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ) المائدة (22)
(قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) المائدة (25)
وهنا يمكن أن تطرأ هذه الأسئلة:
هل يمكن أن يقبل من قال : "سمعنا وعصينا" بقتل نفسه ؟
هل القتال أصعب على النفس من قتل النفس ؟
هل من يقول لنبيه : "اذهب أنت وربك فقاتلا" يمكن أن يقبل بقتل نفسه ؟
إنها أسئلة تحتاج إلى جواب .

هل تعني أن هذه الظنون يعارض بها تفسير ابن عباس رضي الله تعالى عنهما للآية ؛ في الحديث المذكور ؟
 
هل تعني أن هذه الظنون يعارض بها تفسير ابن عباس رضي الله تعالى عنهما للآية ؛ في الحديث المذكور ؟
أخي الفاضل
هذه ليست ظنون وإنما هي أسئلة تحتاج إلى جواب ، يضاف إليها الأسئلة السابقة حول معنى العفو في قوله تعالى :
(وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) ) البقرة
وقوله تعالى:
(يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا9) النساء (153)
ثم إنا نحتاج إلى جواب عن العذاب في قوله تعالى:
( إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ) الأعراف(152)
ثم هل الذين كتب عليهم التيه هل هم كل قوم موسى أم بعضهم ؟
وهذا السؤال أطرحه لأننا نجد الله يقول:
(وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) الأعراف (159)
وأيضا هل الذين ضربت عليهم الذلة في قوله تعالى:
(وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ )البقرة(61)
هم قوم موسى المباشرون أم هو غير ذلك ؟
والجواب على هذه الأسئلة يربط بين خيوط القصة في حياة قوم موسى عليه السلام ، ويرفع كل شبهة تطرأ سواء في فهم الايات أو فيما نقل عن الصحابة.
 
أخي الكريم : أبا سعد أسعدني الله وإياك وجميع المسلمين .
الموضوع الذي نتحدث عنه محدد ، وينبغي أن نرتبط به حتى نخلص إلى نتيجة مفيدة فيه ، ومن ثم لا مانع من توسيعه بأسئلة أخرى والبحث لها عن أجوبة من كلام أهل العلم .
والموضوع باختصار هو : هل امتثل قوم موسى ما صرح القرآن الكريم بأن الله تعالى أمرهم به في قوله تعالى : "فاقتلوا أنفسكم" ؟
وعندنا إلى الآن في هذا الموضوع ما يلي :
1 - تصريح ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بأنهم فعلوا ذلك وامتثلوا أمر الله تعالى ، كما نقلت لكم في الحديث المتقدم .
2 - إطباق عامة المفسرين المعتبرين على ذلك .
وعندنا في الجانب المقابل إنكار الشيخ الحصين حفظه الله تعالى لذلك بناء على آيات وصفت قوم موسى بصفات لا تتناسب مع امتثال هذا الأمر .
فأيهما أرجح إذن ؟
ومن عنده ما يرقى إلى مستوى الدليل الذي يعارض به ما تقدم فليتحف به المشاركين ليستفيدوا جميعا .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
 
أخي الكريم جزاك الله خيرا وتقبل دعاءك
أعتقد أن الجواب على الأسئلة التي طرحتها هي مفتاح الجواب للموضوع المطروح وغيره من المواضيع حول الأحداث المذكورة عن بني إسرائيل في القرآن.
وأسال الله تعالى أن أجد الوقت للجواب على ما طرحت إذا لم يقم أحد من الأساتذة الفاضل بالجواب عليها.
 
الشيخ ابو سعد الغامدي أسال الله ان يوفقك دينا واخرة وأن يزيدك من علمه الذي لا تزال تفيدنا منه
ولكن ما اوردته من آيات في قوم موسى يذكرني باستدلال اهل البدع على الصحابة رضي الله عنهم.
بقول الله تعالى: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ)
وبقوله تعالى: (إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)
وبقوله تعالى: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ)
 
الشيخ ابو سعد الغامدي أسال الله ان يوفقك دينا واخرة وأن يزيدك من علمه الذي لا تزال تفيدنا منه
ولكن ما اوردته من آيات في قوم موسى يذكرني باستدلال اهل البدع على الصحابة رضي الله عنهم.
بقول الله تعالى: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ)
وبقوله تعالى: (إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)
وبقوله تعالى: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ)
الأخ الفاضل ماجد
أشكرك على دعائك لي وأسأل الله أن يستجيب دعاءك
ولكن لا أستطيع أن أوفق بينه وبين ما أوردته بعد
أما كان الأفضل لي ولك الجواب عن أسئلتي إن كان ذلك في مقدورك ، حتى ننتفع وينتفع غيرنا معنا؟

 
الشيخ ابو سعد الغامدي أسال الله ان يوفقك دينا واخرة وأن يزيدك من علمه الذي لا تزال تفيدنا منه
ولكن ما اوردته من آيات في قوم موسى يذكرني باستدلال اهل البدع على الصحابة رضي الله عنهم.
بقول الله تعالى: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ)
وبقوله تعالى: (إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)
وبقوله تعالى: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ)
وحتى أريح قلبك أخي ماجد أقول:
استدلال أهل البدع مردود ـ وليس من بابة ما أوردته عن ما جاء عن بني إسرائيل الذي يحتاج كثير من علماء المسلمين فضلا عن طلبة العلم إلى فهمه بصورة صحيحة متكاملة ـ وذلك لوضوح القضية في سيرة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم :
فآية الجمعة جاءت في سياق التربية وليست حكما نهائيا ، ويرد على من فهمها على غير وجهها بآيات كثيرات ويكفي منها قول الله تعالى من آخر سورة الفتح :
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الفتح (29)
وآية سورة الأحزاب تحكي حالا من الطبيعة البشرية التي لا تطعن في صحابة رسول اله صلى الله عليه وسلم لن الظنون العابرة التي ألمت بهم وقت الشدة لم يتبعها تصرف يطعن في عقيدتهم لا بالقول ولا بالفعل بخلاف المنافقين ، بل كانت أفعالهم وأقوالهم ترد تكل الظنون العابرة ، يؤكده قوله تعالى:
(وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) الأحزاب (22)
وأما آية التوبة فهي أيضا تحكي حالة طارئة وليست قاعدة وكانت درسا لهم ولمن أتي من بعدهم ، ثم كانت العاقبة واضحة في الآية التي تليها:
(ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ) التوبة(26)
فأين ما أوردته من سياقات قصص بني إسرائيل ، التي يعجز كثيرون عن استحضارها فضلا عن فهمها ؟
أخي الكريم نحن نؤمن أن كتاب ربنا هو الحق وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولكنا نحتاج إلى أن نفهمه الفهم الصحيح حتى تطمئن قلوبنا ونستطيع أن نبينه لغيرنا وأن ندفع الشبهات التي تثار حوله.
أعتقد أن هذا هو واجبنا وهو أفضل من تتبع بعض الأوهام التي لا تفيد علما ولا تبعد من إثم.
وفقك الله ورعاك.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحابته ومن والاه


جاء في تفسير الجلالين :


(وإذ قال موسى لقومه) الذين عبدوا العجل (يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل) إلها (فتوبوا إلى بارئكم) خالقكم من عبادته (فاقتلوا أنفسكم) أي ليقتل البريء منكم المجرم (ذلكم) القتل (خير لكم عند بارئكم) فوفقكم لفعل ذلك وأرسل عليكم سحابة سوداء لئلا يبصر بعضكم بعضا فيرحمه حتى قتل منكم نحو سبعين ألفا (فتاب عليكم) قبل توبتكم (إنه هو التواب الرحيم))


ففي هذا التفسير زيادات لا يدل عليها النص .


والآيات التالية من سورة البقرة ، يدل سياقهما على أن القتل لم يحدث في المشهد الأول : فرسولهم موسى عليه السلام أمرهم بقتل أنفسهم فكان التخفيف لهذه العقوبة بأن تاب الله عليهم ، وكل هذا جاء في سياق اللطف الإلهي مع بني إسرائيل رغم تعنتهم واستمرارهم في غيهم . بينما الصعق والبعث حدث في المشهد الثاني .



[وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{54}


وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ{55} ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{56}]



جاء في القاموس المحيط : [ وتاب الله عليه: وفَّقَه للتَّوبةِ، أو رجَعَ به من التَّشْدِيد إلى التَّخْفيفِ، أو رَجَعَ عليه بِفَضْلِهِ وقبوله، وهو تَوَّابٌ على عبادِه. ]



والرجوع من التشديد إلى التخفيف يظهر جليا في صيغتين ذكرتا كالتالي :


{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }البقرة187



{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }المزمل20



ويبدو جليا أن التوبة هنا تدل على التخفيف .



وكل هذا يؤكد الطرح الذي قدمه الدكتور الحصين .



والله أعلم



 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحابته ومن والاه


جاء في تفسير الجلالين :


(وإذ قال موسى لقومه) الذين عبدوا العجل (يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل) إلها (فتوبوا إلى بارئكم) خالقكم من عبادته (فاقتلوا أنفسكم) أي ليقتل البريء منكم المجرم (ذلكم) القتل (خير لكم عند بارئكم) فوفقكم لفعل ذلك وأرسل عليكم سحابة سوداء لئلا يبصر بعضكم بعضا فيرحمه حتى قتل منكم نحو سبعين ألفا (فتاب عليكم) قبل توبتكم (إنه هو التواب الرحيم))


ففي هذا التفسير زيادات لا يدل عليها النص .


والآيات التالية من سورة البقرة ، يدل سياقهما على أن القتل لم يحدث في المشهد الأول : فرسولهم موسى عليه السلام أمرهم بقتل أنفسهم فكان التخفيف لهذه العقوبة بأن تاب الله عليهم ، وكل هذا جاء في سياق اللطف الإلهي مع بني إسرائيل رغم تعنتهم واستمرارهم في غيهم . بينما الصعق والبعث حدث في المشهد الثاني .



[وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{54}


وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ{55} ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{56}]



جاء في القاموس المحيط : [ وتاب الله عليه: وفَّقَه للتَّوبةِ، أو رجَعَ به من التَّشْدِيد إلى التَّخْفيفِ، أو رَجَعَ عليه بِفَضْلِهِ وقبوله، وهو تَوَّابٌ على عبادِه. ]



والرجوع من التشديد إلى التخفيف يظهر جليا في صيغتين ذكرتا كالتالي :


{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }البقرة187



{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }المزمل20



ويبدو جليا أن التوبة هنا تدل على التخفيف .



وكل هذا يؤكد الطرح الذي قدمه الدكتور الحصين .



والله أعلم




عفوا : تقصد أنه يدل على عكس ما ذهب إليه الدكتور الحصين ؟ وخاصة ما نقلت من تفسير الجلالين .
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه :
الأخ إبراهيم الحسني حفظك الله ، أنا متفق مع ما جاء في الطرح الذي قدمه الأستاذ الدكتور الحصين : لأن قصة القتل المزعومة لا يؤيدها دليل صحيح من الكتاب والسنة . ولا حتى السياق. على العكس من ذلك فالسياق يؤكد أن القتل لم يقع ، يقول تعالى في سورة البقرة :
[وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ{51} ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{52}]
{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً }النساء66
يقول الطبري (تـ 310 ) في تفسيره :
يعني جلّ ثناؤه بقوله: { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْكُمْ أَن ٱقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ }: ولو أنا فرضنا على هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك المحتكمين إلى الطاغوت أن يقتلوا أنفسهم، وأمرناهم بذلك، أو أن يخرجوا من ديارهم مهاجرين منها إلى دار أخرى سواها ما فعلوه، يقول: ما قتلوا أنفسهم بأيديهم، ولا هاجروا من ديارهم فيخرجوا عنها إلى الله ورسوله طاعة لله ولرسوله، إلا قليل منهم.
...حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن إسماعيل، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: لما نزلت: { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَـٰرِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ } قال رجل: لو أمرنا لفعلنا، والحمد لله الذي عافانا! فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: " إنَّ مِنْ أُمَّتِي لَرِجالاً الإيمَانُ أثْبَتُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الجِبالِ الرَّوَاسِي "
هذا الكلام عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم فما بالك ببني إسرائيل الذين ألفوا مخالفة الأوامر الإلهية ، فمخالفة الأوامر ديدنهم . فهاهم يقومون بخلاف ما أمروا به : يقول تعالى في سورة البقرة : [ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ{84} ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{85}] .
حرم عليهم قتال بعضهم البعض وإخراجهم ففعلوا ، فأخرجوا وقتلوا وأسروا .
فإذا كانت سيرتهم التعنت مع نبيهم موسى عليه السلام فكيف سيفعلون ما يومرون به من قتل أنفسهم وهم أحرص الناس على حياة فضلا عن تعنتهم وإصرارهم على مخالفة نبيهم .
والله أعلم
 
الأخ الكريم : عبد الكريم .
المهم في المسألة هو الدليل ، وأنت سقت الأدلة التالية :
1 - قوله تعالى : "وإذا واعدنا موسى أربعين ليلة " الآيتان.
وهذا لا دليل فيه على عدم الامتثال للأمر بالقتل لا تصريحا ولا تلويحا .
2 - قوله تعالى : "ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم" الآية .
ولا أعرف هذا النوع من الاستدلال ؛ فهذه الآية ليست في قوم موسى أصلا ؛ فما علاقتها بما نحن فيه ؟
وأما قولك : لأن قصة القتل المزعومة لا يؤيدها دليل صحيح من الكتاب والسنة.
فعليك أن تراجع نفسك فيه ؛ فإن ابن عباس رضي الله تعالى عنه وغيره صرح بأنهم امتثلوا وهو أعلم بتفسير كتاب الله تعالى مني ومنه ومنك .
وهب أنه لا دليل على الامتثال - مع أن حديث الفتون صرح بأنهم امتثلوا - فهات ما عندك من أدلة على عدم الامتثال ؟
أم نلغي تفسير ابن عباس وعامة المفسرين لمجرد ظن مبني على بعض من صفات بعض قوم موسى ؛ مع تصريح القرآن الكريم بأن منهم قوما في منتهى الصلاح والتقوى ؛ حيث قال تعالى : "ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون" وغيرها .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
 
أرجوا من الإخوة عدم التعجل في اصدار الحكم
نحن أمام بعض الاشكالات أو سوء فهوم ونحتاج أن نستوضح لنفهم
ومن ذلك هل القوم الذين امتدحهم الله تعالى في قوله: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) الأعراف (159)
هم نفسهم الذين اتخذوا العجل أم غيرهم ؟
 
الأخ الكريم : إبراهيم الحسني
أنا لم آتي بالدليل ، لكننا جميعا نبحث عن الدليل . وها نحن نقلب الأمر عسانا نعثر عليه .
فإن كان الصحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنه صرح بالدليل ، فما هو يا أخي . وهل ما أتى به يوافقه القرآن والسنة النبوية . فإن وصلنا عن ابن عباس ما وصل ، فكذلك من الصحابة من قال في الحديث الذي ساقه الإمام الطبري في تفسير الآية التي قلت عنها بأن لا علاقة لها بما نحن فيه ، ( ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم ...) الآية . "عن أبي إسحاق السبيعي، قال: لما نزلت: { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَـٰرِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ } قال رجل: لو أمرنا لفعلنا، والحمد لله الذي عافانا! فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: " إنَّ مِنْ أُمَّتِي لَرِجالاً الإيمَانُ أثْبَتُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الجِبالِ الرَّوَاسِي "
فما معنى هذا الكلام ، فالصحابي عندما يقول : لو أمرنا لفعلنا . معنى هذا : أن غيرنا أمروا بقتل أنفسهم فلم يفعلوا.
والرسول صلى الله عليه وسلم يؤكد ذلك بالتمييز بين الصحابة الموصوفين بأنهم رجال الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي ، وغيرهم الذين ضعف الإيمان في قلوبهم فلم يمتثلوا لأمر ربهم .
ألم يكن ذلك أشبه بما قاله المقداد رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر : يا رسول الله إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى { اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون } ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون .
والله أعلم

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

 

الأخ الكريم : إبراهيم الحسني

فإن كان الصحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنه صرح بالدليل ، فما هو يا أخي . وهل ما أتى به يوافقه القرآن والسنة النبوية . فإن وصلنا عن ابن عباس ما وصل ، فكذلك من الصحابة من قال في الحديث الذي ساقه الإمام الطبري في تفسير الآية التي قلت عنها بأن لا علاقة لها بما نحن فيه ، ( ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم ...) الآية . "عن أبي إسحاق السبيعي، قال: لما نزلت: { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَـٰرِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ } قال رجل: لو أمرنا لفعلنا، والحمد لله الذي عافانا! فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: " إنَّ مِنْ أُمَّتِي لَرِجالاً الإيمَانُ أثْبَتُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الجِبالِ الرَّوَاسِي "
فما معنى هذا الكلام ، فالصحابي عندما يقول : لو أمرنا لفعلنا . معنى هذا : أن غيرنا أمروا بقتل أنفسهم فلم يفعلوا.
والرسول صلى الله عليه وسلم يؤكد ذلك بالتمييز بين الصحابة الموصوفين بأنهم رجال الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي ، وغيرهم الذين ضعف الإيمان في قلوبهم فلم يمتثلوا لأمر ربهم .

ألم يكن ذلك أشبه بما قاله المقداد رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر : يا رسول الله إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى { اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون } ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون .
والله أعلم

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب



أصارحك مصارحة أخ محب :
أولا : والله لا أعرف هذا النوع من الاستدلال الذي ذكرت في آية "ولو أنا كتبنا عليهم ".
ثانيا : ما صرح به ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يسميه أهل العلم بأنه ما لا مجال للرأي فيه فله حكم المرفوع لأنه من المستحيل أن يقوله الصحابي من عند نفسه .
ثالثا : على فرض أنه موقوف على ابن عباس ؛ فلا زلت أسألك وأسأل المدافعين عن هذه النظرة : أي الرأيين أرجح : رأي ابن عباس - على فرض أنه رأي - ورأي المعاصرين من طلبة العلم ؟
فهل من مجيب بعيدا عن تمطيط المسألة ، والبحث عن تواريخ بني إسرائيل ومراحلهم .
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحابته ومن والاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
أولا : إذا سلمنا بقصة القتل ، فهذا يعني أن أثر عبادة العجل قد أستأصلت من قوم موسى ، ولم يبق لها أثر في نفوسهم .وهذا ما لم يحدث بدليل الآيات القرآنية التي تؤكد أن عبادة العجل ما زالت مسيطرة عليهم . وها هو القرآن الكريم فيه تذكير لأسلافهم باستمرار عبادة العجل فيهم . يقول تعالى : {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ }البقرة93
ثانيا : الصاعقة التي هي جزاء فعلهم ذكرت في هذه الآية ولم يذكر تنفيذ القتل ، وذكر العفو مكانه .
يقول تعالى : {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً }النساء153
ثالثا : يقول تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ }الأعراف152
جاء في تفسير الطبري : "حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قوله: { إنَّ الَّذِينَ اتَّـخَذُوا العِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِـي الـحَياةِ الدُّنْـيا وكذلكَ نَـجْزِي الـمُفْتَرِينَ } قال: هذا لـمن مات مـمن اتـخذ العجل قبل أن يرجع موسى علـيه السلام، ومن فرّ منهم حين أمرهم موسى أن يقتل بعضهم بعضاً."
وجاء في تفسير ابن كثير : "أما الغضب الذي نال بني إسرائيل في عبادة العجل، فهو أن الله تعالى لم يقبل لهم توبة حتى قتل بعضهم بعضاً؛ كما تقدم في سورة البقرة... وأما الذلة، فأعقبهم ذلك ذلاً وصغاراً في الحياة الدنيا"
في الرواية السابقة : ذكر لفظ : مات أو فر ( أناس لم يطبق القتل في حقهم ) وفي التفسير الثاني :( وقع تطبيق القتل ) مما يحدث تشويشا في الفهم . هذا التشويش جاء لغياب أدلة القتل ، لأن الكل أخذ قصة القتل جاهزة كأنها شيء بدهي . بخلاف ذلك فهي تحتاج إلى سند من القرآن والسنة ، وهذا غير وارد .
في تفسير ابن كثير لهذه الآية ، يتبادر سؤال مهم وهو : كيف تعقبهم الذلة وهم ميتون بسبب القتل ، وهذا الذي لا يستقيم معه السياق .
الخلاصة :
+ إن قوم موسى منهم من عبد العجل وهم الأكثرية ، أما القلة القليلة وهارون عليه السلام منهم ، فلم يعبدوا العجل يقول تعالى في سورة طه : [ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي{90} قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى{91} قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا{92} أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي{93} قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي{94} ]
+ عبدة العجل كان جزاؤهم أن يقتلوا أنفسهم فكان أن تاب الله عليهم وعفا عنهم ، يقول تعالى : في سورة البقرة : [وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{54}]
ويقول تعالى قبل ذلك : [ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ{51} ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{52} ]
أستغفر الله لي ولكم
والله أعلم وأحكم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الفاضل عطية الله طلبكم الآتي
ملاحظة : ليت بعض الإخوة الكرام يحرر لنا الفرق بين العفو والمغفرة، لأن الذي أعرفه أن العلماء يقولون إن العفو أبلغ، ومعنى العفوِ محوُ الذنب ومحوُ أثره، والغَفرُ سَتْرُ الذنبِ وعدم المآخذة به، فاشتركا في عدم المؤاخذة وافترقا في ... فليحرر
موجود تحريره في بحثي الموسوم التسامح في القرآن الكريم وهو مدرج في هذا الملتقى .

أما موضوع الاختلاف في هذه المسألة فهو هين ويسير ، بداية سأتابع كتابات جميع الإخوة الأفاضل
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه :


الأخ إبراهيم الحسني حفظك الله ، أنا متفق مع ما جاء في الطرح الذي قدمه الأستاذ الدكتور الحصين : لأن قصة القتل المزعومة لا يؤيدها دليل صحيح من الكتاب والسنة . ولا حتى السياق. على العكس من ذلك فالسياق يؤكد أن القتل لم يقع ، يقول تعالى في سورة البقرة :


[وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ{51} ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{52}]


{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً }النساء66
يقول الطبري (تـ 310 ) في تفسيره :
يعني جلّ ثناؤه بقوله: { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْكُمْ أَن ٱقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ }: ولو أنا فرضنا على هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك المحتكمين إلى الطاغوت أن يقتلوا أنفسهم، وأمرناهم بذلك، أو أن يخرجوا من ديارهم مهاجرين منها إلى دار أخرى سواها ما فعلوه، يقول: ما قتلوا أنفسهم بأيديهم، ولا هاجروا من ديارهم فيخرجوا عنها إلى الله ورسوله طاعة لله ولرسوله، إلا قليل منهم.

...حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن إسماعيل، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: لما نزلت: { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَـٰرِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ } قال رجل: لو أمرنا لفعلنا، والحمد لله الذي عافانا! فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: " إنَّ مِنْ أُمَّتِي لَرِجالاً الإيمَانُ أثْبَتُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الجِبالِ الرَّوَاسِي "


هذا الكلام عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم فما بالك ببني إسرائيل الذين ألفوا مخالفة الأوامر الإلهية ، فمخالفة الأوامر ديدنهم . فهاهم يقومون بخلاف ما أمروا به : يقول تعالى في سورة البقرة : [ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ{84} ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{85}] .


حرم عليهم قتال بعضهم البعض وإخراجهم ففعلوا ، فأخرجوا وقتلوا وأسروا .


فإذا كانت سيرتهم التعنت مع نبيهم موسى عليه السلام فكيف سيفعلون ما يومرون به من قتل أنفسهم وهم أحرص الناس على حياة فضلا عن تعنتهم وإصرارهم على مخالفة نبيهم .


والله أعلم
الأخ الفاضل عبدالكريم-حفظه الله-
كان الأولى ألا تضع نقطا مكان النص أدناه، فهو مهمّ في موضوع النقاش، وهذا هو النص وقد لونت ما أُسقط باللون الأزرق
قال الطبري-رحمه الله-:
القول في تأويل قوله : { وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ }
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم"، ولو أنا فرضنا على هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك، المحتكمين إلى الطاغوت، أن يقتلوا أنفسهم وأمرناهم بذلك = أو أن يخرجوا من ديارهم مهاجرين منها إلى دار أخرى سواها (1) ="ما فعلوه"، يقول: ما قتلوا أنفسهم بأيديهم، ولا هاجروا من ديارهم فيخرجوا عنها إلى الله ورسوله، طاعة لله ولرسوله ="إلا قليل منهم".​
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
9918 -
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله:"ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم"، يهود يعني = أو كلمة تشبهها = والعربَ، (1) كما أمر أصحاب موسى عليه السلام.

9919 -حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم"، كما أمر أصحاب موسى أن يقتل بعضهم بعضًا بالخناجر، لم يفعلوا إلا قليل منهم.

9920 -حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم"، افتخر ثابت بن قيس بن شماس ورجل من يهود، فقال اليهودي: والله لقد كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم، فقتلنا أنفسنا! فقال ثابت: والله لو كُتب علينا أن اقتلوا أنفسكم، لقتلنا أنفسنا! أنزل الله في هذا:"ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرًا لهم وأشد تثبيتًا".


9921 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن إسماعيل، عن أبي إسحاق السبيعي قال: لما نزلت:"ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم"، قال رجل: لو أمرنا لفعلنا، والحمد لله الذي عافانا! فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنّ من أمتي لَرِجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرَّواسي.)

قال المحقق في الحاشية:(1) في المطبوعة: "هم يهود يعني والعرب". ومثلها في الدر المنثور 2: 181، وهو تصرف من السيوطي، وتبعه الناشر الأول. وذلك أنه شك في معنى"أو كلمة تشبهها" فحذفها، وزاد في أول الكلام"هم". ولكن قوله: "أو كلمة تشبهها" أي: تشبه"يعني" في معناها، كقولك "يريد" أو "أراد".


وهذه الآية المفسرة أعلاه فاصلة في موضوع النقاش
فلو قلنا :قال الله تعالى: (ولو أنا كتبنا عليهم...) فهل كتب عليهم؟
والجواب الأكيد بالنفي
إذن فهل كُتب على أحد ممن قبلهم ؟
والجواب المتفق عليه بين المتحاورين لغاية الآن: نعم -فما كان لنبي أن يأمر قومه بقتل أنفسهم إلا عن أمر ربه-،ولكن الخلاف هل عُفي عنهم قبل أن يُنفذوا القتل أم أثناء القتل قبل أن يُستأصلوا
ويبقى سؤال :هل تصح المقارنة بين متماثلين في هذا السياق فما فائدة المقابلة بين بني إسرائيل إذا كانوا لم يفعلوا القتل وبين من أخبر الله أنهم لو كتب عليهم ما فعلوا ؟
فالنتيجة إذن أن الصالحين من بني إسرائيل فعلوا القتل وامتثلوا أمر ربهم
ثم إن السياق جاء بعطف الخروج من الديار وهو مما يعلم أن بني إسرائيل هم من أُمر به حيث أمروا بالخروج من مصر وقد امتثلوا هذا الأمر أيضاً.
 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحابته ومن والاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
أولا : إذا سلمنا بقصة القتل ، فهذا يعني أن أثر عبادة العجل قد أستأصلت من قوم موسى ، ولم يبق لها أثر في نفوسهم .وهذا ما لم يحدث بدليل الآيات القرآنية التي تؤكد أن عبادة العجل ما زالت مسيطرة عليهم . وها هو القرآن الكريم فيه تذكير لأسلافهم باستمرار عبادة العجل فيهم . يقول تعالى : {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ }البقرة93
ثانيا : الصاعقة التي هي جزاء فعلهم ذكرت في هذه الآية ولم يذكر تنفيذ القتل ، وذكر العفو مكانه .
يقول تعالى : {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً }النساء153
ثالثا : يقول تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ }الأعراف152
جاء في تفسير الطبري : "حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قوله: { إنَّ الَّذِينَ اتَّـخَذُوا العِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِـي الـحَياةِ الدُّنْـيا وكذلكَ نَـجْزِي الـمُفْتَرِينَ } قال: هذا لـمن مات مـمن اتـخذ العجل قبل أن يرجع موسى علـيه السلام، ومن فرّ منهم حين أمرهم موسى أن يقتل بعضهم بعضاً."
وجاء في تفسير ابن كثير : "أما الغضب الذي نال بني إسرائيل في عبادة العجل، فهو أن الله تعالى لم يقبل لهم توبة حتى قتل بعضهم بعضاً؛ كما تقدم في سورة البقرة... وأما الذلة، فأعقبهم ذلك ذلاً وصغاراً في الحياة الدنيا"
في الرواية السابقة : ذكر لفظ : مات أو فر ( أناس لم يطبق القتل في حقهم ) وفي التفسير الثاني :( وقع تطبيق القتل ) مما يحدث تشويشا في الفهم . هذا التشويش جاء لغياب أدلة القتل ، لأن الكل أخذ قصة القتل جاهزة كأنها شيء بدهي . بخلاف ذلك فهي تحتاج إلى سند من القرآن والسنة ، وهذا غير وارد .
في تفسير ابن كثير لهذه الآية ، يتبادر سؤال مهم وهو : كيف تعقبهم الذلة وهم ميتون بسبب القتل ، وهذا الذي لا يستقيم معه السياق .
الخلاصة :
+ إن قوم موسى منهم من عبد العجل وهم الأكثرية ، أما القلة القليلة وهارون عليه السلام منهم ، فلم يعبدوا العجل يقول تعالى في سورة طه : [ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي{90} قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى{91} قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا{92} أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي{93} قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي{94} ]
+ عبدة العجل كان جزاؤهم أن يقتلوا أنفسهم فكان أن تاب الله عليهم وعفا عنهم ، يقول تعالى : في سورة البقرة : [وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{54}]
ويقول تعالى قبل ذلك : [ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ{51} ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{52} ]
أستغفر الله لي ولكم
والله أعلم وأحكم

الأخ الكريم : عبد الكريم .
نحن نتكلم في موضوع محدد ضيق جدا ؛ وهو هل امتثل قوم موسى ما أمرهم الله تعالى به من قتل أنفسهم في قوله تعالى : "..فاقتلوا أنفسكم" أم لا ؟
وامتثالهم لذلك إجماع من المفسرين ؛ ولم أجد من شذ عنه من المفسرين المعتبرين ..
والأدلة عليه ظاهرة ؛ بل وصريحة ..
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
 
مما أفاد به الآلوسي -رحمه الله-

مما أفاد به الآلوسي -رحمه الله-

قال الآلوسي في (روح المعاني) :( (فتاب عليكم) جواب شرط محذوف بتقدير (قد) إن كان من كلام موسى عليه السلام لهم تقديره: إن فعلتم ما أمرتم به فقد تاب عليكم، ومعطوف على محذوف إن كان خطابا من الله تعالى لهم كأنه قال : ففعلتم ما أمرتم فتاب عليكم بارئكم، وفيه إلتفات لتقدم التعبير عنهم في كلام موسى عليه السلام بلفظ القوم وهو من قبيل الغيبة أو من التكلم إلى الغيبة في (فتاب) حيث لم يقل : (فتبنا) ورُجح العطف لسلامته من حذف الأداة والشرط وإبقاء الجواب وفي ثبوت ذلك عن العرب مقال وظاهر الآية كونها إخبارا عن المأمورين بالقتل الممتثلين ذلك)
وقال أيضا : (وأنكر القاضي عبدالجبار أن يكون الله تعالى أمر بني إسرائيل بقتل أنفسهم وقال : لا يجوز ذلك عقلا إذ الأمر لمصلحة المكلف وليس بعد القتل حال تكليف ليكون فيه مصلحة ولم يدر هذا القاضي بأن لنفوسنا خالقا بأمره نستبقيها وبأمره نفنيها وأن لها بعد هذه الحياة التي هي لعب ولهو حياة سرمدية وبهجة أبدية وأن الدار الآخرة لهي الحيوان وأن قتلها بأمره يوصلها إلى حياة خير منها، ومن علم أن الإنسان في هذه الدنيا كمجاهد أقيم في ثغر يحرسه ووالٍ في بلد يسوسه وأنه مهما أسترد فلا فرق بين أن يأمره الملك بخروجه بنفسه أو يأمر غيره بإخراجه وهذا واضح لمن تصور حالتي الدنيا والآخرة وعرف قدر الحياتين والميتتين فيهما ومن الناس من جوز ذلك إلا أنه إستبعد وقوعه فقال : معنى أقتلوا أنفسكم ذللوا ومن ذلك قوله : إن التي عاطيتني فرددتها قتلت قتلت فهاتها لم تقتل ولولا أن الروايات على خلاف ذلك لقلت به تفسيرا ...)

وقال : (وحظ العارف من هذه القصة أن يعرف أن هواه بمنزلة عجل بني إسرائيل فلا يتخذه إلها...فمتى أخلدت النفس إلى الأرض وأتبعت هواها وآثرت شهواتها على مولاها أمرت بقتلها بكسر شهواتها وقلع مشتهياتها ليصح لها البقاء بعد الفناء والصحو بعد المحو)
وفي (إعراب القرآن وبيانه) لمحي الدين الدرويش: ((فَتابَ) الفاء عاطفة على محذوف والتقدير ففعلتم ما أمركم فتاب)
 
قال تعالى: (فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)

هل التوبة هنا في الآية تعني ان الله عز وجل عفى عنهم وغفر لهم بدون ان يقتلوا انفسهم؟
اتمنى ان نتدبر هذا الحديث وقصة هذه المراه التي زنت ثم رجمت بالحجارة حتى الموت
وقد اثنى الرسول صلى الله على توبتها الثناء العظيم

عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن امرأة من جهينة أتت نبي الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى فقالت يا نبي الله أصبت حدا فأقمه علي فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها ففعل فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت فقال: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى" رواه مسلم
 
عودة
أعلى