احمد جاسم محمد
New member
[FONT="]قراءة في كتاب الانباء في اصول الاداء [/FONT]
[FONT="]لابن الطحان الاشبيلي[/FONT]
[FONT="] السكون الحي والسكون الميت انموذجاً[/FONT]
[FONT="]الى الاخوة الباحثين الكرام في ملتقى اهل التفسير المبارك اقدم بحث صغير بعنوان (قراءة في كتاب الإنباء في اصول الاداء للعلامة الكبير ابن الطحان الاشبيلي السكون الحي والسكون الميت انموذجاً) اسأل الله التوفيق والسداد .[/FONT]
[FONT="]لقد كان لعلماء العربية وعلماء التجويد والقراءات القرآنية جهودٌ كبيرة في دراسة التراث الصوتي العربي ، ولا تزال جهود الكثير منهم مبهمة وغير معروفة للدارسـين والباحثين في زماننا هذا ، ولا شـك في أن تلك الجهود الكبيرة تحمل أفكاراً ورؤى صوتية متميزة ، تستحق أن تُدرس وتنشر ويفيد منها الباحثون والمتخصصون في هذا المجال .[/FONT]
[FONT="]واحسب ان ابن الطحان ( ت 561 هـ ) رحمه الله هو أحد هؤلاء المتخصصين في دراسة الصوت العربي ، الذين أسهموا في النهوض العلمي والفكري في مجال دراسة علم الصوت العربي وقدم دراسة متميزة .[/FONT]
[FONT="] وقد اهتم ابن الطحان رحمه الله بنطق الحركات وحروف المد ، وأكد وجوب النطق بالحركات بصورة كاملة من غير اختلاس . فلا يزاد عليها حتى تكون حركات طويلة - حروف مـد - ولا ينقص منها حتى تصير مختلسة وكذلك أدرك الطبيعة الصوتية لحروف المد ، وتميّزها عن طبيعة الواو والياء اللينتين ، وتميّزها عن بقية الأصوات الصامتة ، واستقرأ من تلك المجموعة الصوتية تقسيمه للسكون إلى حي وميت ، وافرد لذلك باباً في كتابه الإنباء في اصول الاداء .[/FONT]
[FONT="]قسم ابن الطحان رحمه اللهالسكون الى نوعين اذ قال : " [/FONT][FONT="]السكون نوعان : حيٌّ ، وميت [/FONT][FONT="]"[FONT="][1][/FONT] ثم بين الفرق بينهما بقوله السكون الحي : " [/FONT][FONT="]محل الياء والواو بعد الفتح ، وسكون سائرُ الحروف حـي[/FONT][FONT="] "[FONT="][2][/FONT] . والسكون الميت : "[/FONT][FONT="]محلُّ الألف الهاوي ، والياء بعدَ الكسرة ، والواو بعدَ الضمة[/FONT][FONT="]"[FONT="][3][/FONT].[/FONT]
[FONT="]ثم بين بعد ذلك السبب في تسميته بالسكون الميت ، اذ قال : " [/FONT][FONT="]وقولُنا : ميت ، هو إشارة إلى أن الألف لاتتحيز إلى جزء من أجزاء الفم ، فهي قد تندفعُ تهوي في هوائه حتى يغوصَ صوتها في آخرهِ . ولذلك سُميت بالهاوي[FONT="][4][/FONT] ، والهوائي ، لأن سكونها غير جارٍ في مقطع ، ولاحاصلٍ في حيِّز ، فهو ضدُّ السكونِ الحي[/FONT][FONT="]"[FONT="][5][/FONT] . وقال في سبب تسميته بالسكون الحي : "[/FONT][FONT="]والحي : ، لأن الحي مُتحيز كالمتحرك ، والمتحرك حيٌّ لتحيزهِ وانقطاعهِ[/FONT][FONT="]"[FONT="][6][/FONT] .[/FONT]
[FONT="]ثم بين الفرق بين الياء والواو المدية واللينة اذ قال : "[/FONT][FONT="]وأما الياءُ والواو فسكونُهُما بعد حركتِهما كسكون الألفِ ، لأنهما لايتحيّزان إلى مدرجٍ ، ولاينقطعان في مخرج –أي سكون ميت- . فإن انفتَحَ ما قبلهما كان سكونُهما حيّاً ، لأنك تجدهُما ظاهِرتَي التحيّز والانقطاع ، لأخذِ اللسانِ الياءَ ، وأخذِ الشفتين الواو ، فسكونُهما حيّ كسكون سائِر الحروف ، فكما تجدُ الجيم التي هي أختُ الياء في مخرجها قد أَخَذها اللسان في قولِك : خرجتُ ، كذلك تجد الباءَ التي هي أختُ الواو قد أخذَتْها الشفتان في قَولِكَ : كتبتُ ، كذلك تجدُ الواوَ ، وقد أخذتها الشفتان في قولِكَ : عَفَوْتُ .[/FONT]
[FONT="]وتحرير اللفظ بالسكون من غيره هو أن تَجِدَهُ في حرفهِ على طبعه ، من قوتهِ أو ضعفِهِ ، فلا تُلبِسنّ السكون في الحرف إلاّ بمقدار ما تُظهِرُ صفته أو تبرزُ هَيْئَتَهُ ، من غير قَطعٍ مسرف ، ولا فَصلٍ متعسف[/FONT][FONT="]"[FONT="][7][/FONT] .[/FONT]
[FONT="]وقد آثرت على نفسي ان انقل تمام هذا النص الطويل من قول العلامة ابن الطحان الاشبيليرحمه الله لما له أثر واضح في بيان الديناميكية النطقية لصوت الواو المسبوقة بالضمة ، والياء المسبوقة بالكسرة ومقارنة بصوت الواو المسبوق بالفتحة ، والياء المسبوقة بالفتحة وقد عزز كلامه بالامثلة .[/FONT]
[FONT="]وكذلك عرج الى قضية مهمة وهي كيفية بيان صفات الحروف ؛ بعدما تسكن الحرف ثم يتبين لك صوت ذلك الحرف من قوة او ضعف ، وقيده بعدم القطع المسرف ولا الفصل المتعسف . [/FONT]
[FONT="]ولم تلق فكرة السكون الحي والسكون الميت عناية من العلماء الذين سبقوا ابن الطحان سوى سيبويهرحمها الله الذي اشار بشكل مجمل الى المصطلحين اذ قسّم الألف والواو والياء إلى حيّة وميتة . وهو يريد بالحية ( المتحركة ) ، وبالميتة (الساكنة ) ، فقال عن الواو:" [/FONT][FONT="]واعلم أنَّ أشياء تكون الواو فيها ثالثة وتكون زيادةً، فيجوز فيها ماجاز في أسود. وذلك نحو جدولٍ وقسورٍ، تقول: جديولٌ وقسيورٌ كما قلت: أسيود وأريويةٌ؛ وذلك لأنَّ هذه الواو [/FONT][FONT="]حيّة[/FONT][FONT="]ٌ[/FONT][FONT="] "[FONT="][8][/FONT] ، وقال عن حروف المد :" وإنما كانت هذه الأحرف الثلاثة الزوائد: الياء والواو والألف، وما بعدها، بمنزلة زيادة واحدة لسكونها وضعفها، فجعلتْ وما بعدها بمنزلة حرف واحد، إذ كانت ميتة خفية[/FONT][FONT="]"[FONT="][9][/FONT] .[/FONT]
[FONT="]وقال أيضاً :" [/FONT][FONT="]وسألته ( يعني شيخه الخليل بن أحمد ) عن واو عجوز ، وألف رسالة ، وياء صحيفة ، لأي شيء هُمِزْنَ في الجمع ، ولم يَكُنَّ بمنزلة معاون ومعايش إذا قلت : صحائف ورسائل وعجائز ؟ فقال : لأني إذا جمعت معاون ونحوها ، فإنما أجمع ما أصله الحركة فهو بمنزلة ما حركت كجدول . وهذه الحروف لما لم يكن أصلها التحريك وكانت ميتة لاتدخلها الحركة على حال ، وقد وقعت بعد ألف ، لم تكن أقوى حالاً مما أصله متحرك . . . فهذه الأحرف الميتة التي ليس أصلها الحركة أجدر أن تـغيّر إذا همزتَ ما أصله الحركة [/FONT][FONT="]"[FONT="][10][/FONT] .[/FONT]
[FONT="]واحسب ان مراد كلام سيبويه من استخدام مصطلح ( الحروف الحية ) للدلالة على الواو والياء إذا تحركتا ، ومصطلح ( الحروف الميتة ) على الألف الساكنة المفتوح ماقبلها والواو الساكنة المضموم ماقبلها والياء الساكنة المكسور ماقبلها .[/FONT]
[FONT="]ويبدو لي أن فكرة العلامة ابن الطحان رحمه الله في تقسيم السكون إلى حي وميت منتزعة من فكرة سيبويه في تقسيم الحروف الثلاثة إلى حيّة وميتة ، وإن كان الاختلاف بينهما طفيف، وقد بينها الاستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد في كتابه الدراسات الصوتية عند علماء التجويد ويتمثل في أن سيبويه يستخدم مصطلح ( الحية ) للدلالة على الواو والياء إذا تحركتا ، بينـما يستـخدم ابن الطـحان مصطلح ( الحي ) للدلالة على سكون الواو والياء إذا انفتح ما قبلها ، وكذلك على سائر الحروف الجامدة الأخرى إذا كانت ساكنة[FONT="][11][/FONT] .[/FONT]
[FONT="]واحسب ان العلامة ابن الطحان رحمه الله هو أقدم من تحدّث عن هذا الموضوع من علماء التجويد ، بالافادة من فكرة سيبويه ، وتابعهُ في ذلك القسطلاني الذي تحدّث عن الموضوع حديثاً موجزاً ولم يشر الى ابن الطحان[FONT="][12][/FONT] .[/FONT]
[FONT="]الخلاصة :[/FONT]
[FONT="]1- عرّف العلامة ابن الطحان رحمه الله السكون الحي بأنه ماكان لاعضاء آلة النطق اثر في نطقهِ ، فنجد لها حيّزٌ تخرج منه ، وهذا يتعلق بالأصوات الجامدة ، واما السكون الميت فلا يكون إلاّ في حروف المد واللين الثلاثة ، الألف والواو والياء ، فالألف الساكنة المفتوح ماقبلها ، والواو الساكنة المضموم ماقبلها ، والياء الساكنة المكسور ماقبلها[FONT="][13][/FONT] .[/FONT]
[FONT="]2- ذكر العلامة ابن الطحان رحمه الله أن الألف شهرتها بأنها ليس لها حيّزٌ تخرج منه ظاهرة أي مقدرة المخرج ، أما الواو والياء إن وقعتا بعد حركة من جنسهما ، فإن سكونهما ميت ، وأن مخرجهما مقدر كذلك ، أما إذا انفتح ما قبلهما - الواو والياء - فإنهما تُفتح كسائر الحروف الصوامت فسكونهما حي كسكون الصامتة ، لأن مخارجها لها حَيّز في آلة النطق .[/FONT]
[FONT="][1][/FONT][FONT="] الانباء في اصول الاداء ، لابي الاصبغ السماتي المعروف بابن الطحان (561 ه) ، تحقيق : حاتم صالح الضامن ، (الامارات : 1428ه/2007 ، مكتبة الصحابة) ، ص25 .[/FONT]
[FONT="][2][/FONT][FONT="] المصدر نفسه ، ص25 .[/FONT]
[FONT="][3][/FONT][FONT="] المصدر نفسه ، ص25 .[/FONT]
[FONT="][4][/FONT][FONT="] وهذا المصطلح من مصطلحات سيبويه في الكتاب ، ينظر : الكتاب ،2/406 .[/FONT]
[FONT="][5][/FONT][FONT="] الانباء ، ص 25 .[/FONT]
[FONT="][6][/FONT][FONT="] المصدر نفسه ، ص 26 .[/FONT]
[FONT="][7][/FONT][FONT="] المصدر نفسه ، ص 27[/FONT]
[FONT="][8][/FONT][FONT="]الكتاب ، 1/ 286 .[/FONT]
[FONT="][9][/FONT][FONT="]المصدر نفسه ، 1/ 145 .[/FONT]
[FONT="][10][/FONT][FONT="]المصدر نفسه ، 1/ 425.[/FONT]
[FONT="][11][/FONT][FONT="]ينظر : الدراسات الصوتية عند علماء التجويد ، غانم قدوري الحمد ،ص380 .[/FONT]
[FONT="][12][/FONT][FONT="]ينظر : لطائف الاشارات 1/ 187 .[/FONT]
[FONT="][13][/FONT][FONT="] ينظر : الانباء ، ص 25 .[/FONT]