قراءة جديدة في قصة السقاية وصواع الملك في سورة يوسف

إنضم
09/09/2010
المشاركات
178
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الهند
لفضيلة الوالد الدكتور محمد عناية الله سبحاني

قال تعالى:
وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)
تأويل البغوي لتلك الآيات:
قال البغوي في تأويل تلك الآيات:
{ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ } وهي المِشربة التي كان الملك يشرب منها.
قال عكرمة: كانت مِشربة من فضة مرصعة بالجواهر، جعلها يوسف مكيالا لئلا يكال بغيرها، وكان يشرب منها.
والسقاية والصواع واحد، وجعلت في وعاء طعام بنيامين، ثم ارتحلوا وأمهلهم يوسف حتى انطلقوا وذهبوا منزلا.
وقيل: حتى خرجوا من العمارة، ثم بعث خلفهم مَنْ استوقفهم وحبسهم.
{ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ } نادى منادٍ، { أَيَّتُهَا الْعِيرُ } وهي القافلة التي فيها الأحمال. { إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } قفوا. قيل: قالوه من غير أمر يوسف. وقيل: قالوه بأمره، وكان هفوة منه. وقيل: قالوه على تأويل أنهم سرقوا يوسف من أبيه، فلما انتهى إليهم الرسول، قال لهم: ألم نكرم ضيافتكم ونحسن منزلتكم، ونوفِّكم كيلكم، ونفعل بكم ما لم نفعل بغيركم؟ قالوا: بلى، وما ذاك؟ قالوا: سقاية الملك فقدناها، ولا نَتَّهِمُ عليها غيركم. فذلك قوله عز وجل: { قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ } عطفوا على المؤذن وأصحابه، { مَاذَا تَفْقِدُونَ } ما الذي ضلّ عنكم.
{ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِير } من الطعام، { وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ } كفيل، يقوله المؤذن.
{ قَالُوا } يعني المنادي وأصحابه { فَمَا جَزَاؤُهُ } أي: جزاء السارق، { إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ } في قولكم ".
{ قَالُوا } [يعني: إخوة يوسف]{ جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ } أي: فالسارق جزاؤه أن يسلَّم السارق بسرقته إلى المسروق منه فيسترقه سنة، وكان ذلك سُنَّة آل يعقوب في حكم السارق، وكان حكم ملك مصر أن يضرب السارق 185/أ ويغرم ضعفي قيمة المسروق، فأراد يوسف أن يحبس أخاه عنده، فرد الحكم إليهم ليتمكن من حبسه عنده على حكمهم.
{ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ } الفاعلين ما ليس لهم فعله من سرقة مال الغير.
وقال رحمه الله :
فقال الرسول عند ذلك: لا بدّ من تفتيش أمتعتكم.
فأخذ في تفتيشها. ورُوي أنه ردّهم إلى يوسف فأمر بتفتيش أوعيتهم بين يديه.
{ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ } لإزالة التهمة، { قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ } فكان يفتش أوعيتهم واحدا واحدا. قال
قتادة: ذكر لنا أنه كان لا يفتح متاعا ولا ينظر في وعاء إلا استغفر الله تأثما مما قذفهم به حتى إذا لم يبق إلا رحل بنيامين، قال: ما أظن هذا أخذه، فقال إخوته: والله لا نترك حتى تنظر في رحله فإنه أطيب لنفسك ولأنفسنا، فلما فتحوا متاعه استخرجوه منه. فذلك قوله تعالى:
{ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ } وإنما أَنَّث الكناية في قوله "ثم استخرجها" والصُّوَاع مذكر، بدليل قوله: "ولمن جاء به حمل بعير"؛ لأنه ردّ الكناية ها هنا إلى السقاية.
وقيل: الصواع يذكر ويؤنث. فلما أخرج الصواع من رحل بنيامين نكس إخوته رؤوسهم من الحياء.
فأخذوا بنيامين رقيقا.
وقال رحمه الله :
وقيل: إن ذلك الرجل أخذ برقبته ورده إلى يوسف كما يرد السراق. { كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ } والكيد ها هنا جزاء الكيد، يعني: كما فعلوا في الابتداء بيوسف من الكيد فعلنا بهم. وقد قال يعقوب عليه السلام ليوسف: "فيكيدوا لك كيدا"، فكدنا ليوسف في أمرهم.
{ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ } فيضمه إلى نفسه، { فِي دِينِ الْمَلِكِ } أي: في حكمه. قاله قتادة. وقال ابن عباس: في سلطانه. { إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } يعني: إن يوسف لم يكن يتمكن من حبس أخيه في حكم الملك لولا ما كِدْنَا له بلطفنا حتى وجد السبيل إلى ذلك، وهو ما أجرى على ألسنة الإخوة أن جزاء السارق الاسترقاق، فحصل مراد يوسف بمشيئة الله تعالى.
(أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي - معالم التنزيل:سورةيوسف تحقيق: محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعةالرابعة ، 1417 هـ)
تأويل الزمخشري لتلك الآيات:
وقال الزمخشري:
السِّقايَةَ مِشربة يسقى بها وهي الصواع. قيل : كان يسقى بها الملك ، ثم جعلت صاعا يكال به. وقيل : كانت الدواب تسقى بها ويكال بها.
روى : أنهم ارتحلوا وأمهلهم يوسف حتى انطلقوا ، ثم أمر بهم فأدركوا وحبسوا ، ثم قيل لهم ذلك.
قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ (74) قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75)
فَما جَزاؤُهُ الضمير للصواع ، أى ، فما جزاء سرقته إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ في جحودكم وادّعائكم البراءة منه قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ أى جزاء سرقته أخذ من وجد في رحله ، وكان حكم السارق في آل يعقوب أن يسترقّ سنة ، فلذلك استفتوا في جزائه.
فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قيل : قال لهم من وكل بهم : لا بدّ من تفتيش أوعيتكم ، فانصرف بهم إلى يوسف ، فبدأ بتفتيش أوعيتهم قبل وعاء بنيامين لنفى التهمة حتى بلغ وعاءه فقال:ما أظنّ هذا أخذ شيئاً ، فقالوا :واللّه لا تتركه حتى تنظر في رحله، فإنه أطيب لنفسك وأنفسنا،فاستخرجوه منه.
وقال رحمه الله :
فإن قلت : لم ذكر ضمير الصواع مرّات ثم أنثه؟ قلت :
قالوا رجع بالتأنيث على السقاية ، أو أنث الصواع لأنه يذكر ويؤنث ، ولعلّ يوسف كان يسميه سقاية وعبيده صواعا ، فقد وقع فيما يتصل به من الكلام سقاية ، وفيما يتصل بهم منه صواعا كَذلِكَ كِدْنا مثل ذلك الكيد العظيم كدنا لِيُوسُفَ يعنى علمناه إياه وأوحينا به إليه ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ تفسير للكيد وبيان له ، لأنه كان في دين ملك مصر ، وما كان يحكم به في السارق أن يغرم مثلي ما أخذ ، لا أن يلزم ويستعبد إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ أى ما كان يأخذه إلا بمشيئة اللّه وإذنه فيه.
وقال رحمه الله:
فإن قلت : ما أذن اللّه فيه يجب أن يكون حسناً ، فمن أى وجه حسن هذا الكيد؟ وما هو إلا بهتان ، وتسريق لمن لم يسرق ، وتكذيب لمن لم يكذب ، وهو قوله إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ ، فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ؟ قلت : هو في صورة البهتان وليس ببهتان في الحقيقة ، لأنّ قوله إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ تورية عما جرى مجرى السرقة من فعلهم بيوسف. وقيل : كان ذلك القول من المؤذن لا من يوسف ، وقوله إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ فرض لانتفاء براءتهم. وفرض التكذيب لا يكون تكذيباً ، على أنه لو صرّح لهم بالتكذيب كما صرّح لهم بالتسريق. لكان له وجه ، لأنهم كانوا كاذبين في قولهم : وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ هذا وحكم هذا الكيد حكم الحيل الشرعية التي يتوصل بها إلى مصالح ومنافع دينية ، كقوله تعالى لأيوب عليه السلام:وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً ليتخلص من جلدها ولا يحنث . وما الشرائع كلها إلا مصالح وطرق إلى التخلص من الوقوع في المفاسد ، وقد علم اللّه تعالى في هذه الحيلة التي لقنها يوسف مصالح عظيمة فجعلها سلماً وذريعة إليها ، فكانت حسنة جميلة وانزاحت عنها وجوه القبح لما ذكرنا.( الزمخشري-الكشاف عن حقائق التنزيل:سورةيوسف)
ذلك ماقاله البغوي والزمخشري في تأويل تلك الآيات،ومعظم المفسرين يدندنون حول ماقالا،فلاداعي للإكثارمن نقول تلك التفاسير،وهنا تثور في ذهن الدارس تساؤلات ،وتأتي إشكالات:
تساؤلات وإشكالات:
1- نبي الله يوسف عليه السلام كان قدوة للمحسنين،وكان من عباد الله المخلصين،وقالت عنه النسوة بعد ما جرّبن عليه كل مايملكن من أسباب الفتنة: (إن هذا إلا ملك كريم!) وناداه صاحبه في السجن باسم الصدّيق: (يوسف أيهاالصدّيق)، فهل تتناسب تلك الصورة الوضيئة الملَكيّة المشرقة العملاقة مع تلك الصورة التي تتمثل لنا مماقيل في تأويل تلك الآيات ؟!
2- هل نصدّق أن سيدنايوسف عليه السلام - مع كل ماكان يتحلى به من علوّ وسموّ وشموخ، ومع ما كان يتمتع به من عبقرية خارقة وعقلية نادرة- لجأ في شأن إخوته إلى خطّة هي أشبه بالمناورات السياسية والمداورات الدبلوماسية منها بأعمال النبوة وأخلاق الرسالة؟!
3- هل يشفي نفس الباحث ماقاله الزمخشري: (وحكم هذا الكيد حكم الحيل الشرعية التي يتوصل بها إلى مصالح ومنافع دينية) وكررالقول وزاد عليه فقال: (وما الشرائع كلها إلا مصالح وطرق إلى التخلص من الوقوع في المفاسد ، وقد علم اللّه تعالى في هذه الحيلة التي لقنها يوسف مصالح عظيمة فجعلها سلماً وذريعة إليها ، فكانت حسنة جميلة وانزاحت عنها وجوه القبح لما ذكرنا.) ؟؟
ليت شعري ماالمصالح والمنافع الدينية كانت في تلك الحيلة ؟ وماالمصالح العظيمة التي كانت تفوتهم لولم تكن تلك الحيلة ؟؟ وماهي تلك المفاسد التي كادت تهاجم لو أن بنيامين قدرجع مع إخوته إلى أبيه ، ولم تدم إقامته مع يوسف ؟ ومتى كان تلقين تلك الحيلة ليوسف ؟ فالقرآن لايذكر شيئامن ذلك.
4- ماالذي ألجأ المفسرين إلى أن يقولوا عن سيدنا يوسف ماقالوا ؟ وماالذي حملهم على أن يلبسوه ثوبا لايستوي عليه،ولايناسبه ؟ بل يشوّه شخصيته الجميلة الجذابة ! وينزله من ذروة الجبل السامق إلى سطح الأرض الهابط!
5- من أنبأهم أن السقاية والصواع شئ واحد ؟ ومن أنبأهم أن السقاية التي جعلها سيدنايوسف في رحل أخيه،ماكانت سقايته الخاصة،وإنماهو صواع الملك ؟
6- وإن جعل سيدنايوسف في رحل أخيه صواع الملك بدون إذن منه،ألا يجري عليه حكم السرقة ؟
7- وماالذي حمل سيدنايوسف على أن يجعل في رحل أخيه شيئا لايملكه ؟
8- هل أثر عن ملك من الملوك أنه كان يشرب من إناء تكال به الحبوب، هل أثر أنه كان يستعمل هذا الإناء للكيل والشرب في وقت واحد ؟لم يؤثر هذا عن الفقراء والمساكين،بله الملوك والسلاطين !
تأويل تلك الآيات:
وهنا يأتي سؤال: فماهوالتأويل الصحيح لتلك الآيات، التأويل الذي يكون سليمامن تلك الإشكالات.
فإن كنا نحب أن نتوصل إلى التأويل الصحيح لتلك الآيات،فلنحسن الظن أولا بنبي الله يوسف عليه السلام، ولنعلم أنه لم تكن هناك أي خطّة مسبقة لإحراج إخوته،واستبقاء أخيه بنيامين عنده، وإنما كانت ضيافة كريمة خالصة،ثم توديع سخيّ نديّ في ظل الأخوة والمودة،ومن هنا جعل في رحل أخيه السقاية.
وتلك السقاية كانت سقايته الخاصة، التي كان يستخد مها لنفسه،ويشرب بها الماء، فكانت أحسن هدية ودّية رمزية لأبيه الحنون المحزون عن طريق أخيه الأحبّ الأصغر.
ولانستبعد إذاكان في بال يوسف أن هذه السقاية ستحمل ريحه إلى أبيه الحنون،فتقرّ عينه،ويثلج قلبه،ويدخل البهجةفي نفسه،ويخفف من لوعته على فراقه،فقد حكى له أخوه ماكان يعاني منه أبوه!
فودّعهم يوسف مع شئ من التحفظ،فإن إخوته لم يعرفوه بعد، وبعد الوداع دخل في خضمّ الأعمال التي كانت تنتظره .وكان من قدرالله أن يوسف ودّع إخوته، وما لبث أن فُقد صواع الملك قبل أن يبعد بهم السير،فانتشرالغلمان أوالعمّال في كل جهة ينظرون إلى القوافل، وينادونهم ويستوقفونهم، والقرآن لم يذكرإلا قافلة إخوة يوسف لأن له صلة بقصة يوسف.
فدارالنقاش بين الغلمان أوالعمّال وبين إخوة يوسف كماهو مذكورفي الآيات،ثم كان تفتيش أوعيتهم، واحدابعد واحد،حتى جاء دوربنيامين،وهم لم يجدوا في أوعيتهم ذلك الصواع الذي فقدوه،وإنما وجدوا في وعاءبنيامين السقاية التي وضعها فيه يوسف، فعرفوها،أنها للعزيز يوسف.
وبعد استخراج السقايةمن وعاء بنيامين لم يعد شك في كونه سارقا،فإنهم إن لم يجدوا عنده ماكانوا يفقدونه، فقدوجدواشيئا مثله،فذاك صواع الملك،و تلك سقاية العزيز،وكلاهما يتصلان ببيت الأمارة، وهكذاثبتت جريمة السرقة على بنيامين،وتم احتجازه حسب الاتفاق الذي تمّ بينهم.
والظاهرالمتبادر أن كل ماجرى مع إخوة يوسف، لم يجر إلا في غَيْبة يوسف ؛فإنه كان في خضمّ أعماله، مطمئنا إلى أنه ودّعهم آمنين سالمين بعد ما قام بواجبه نحوهم،ولم يبلغه ماحدث مع إخوته إلا في نهاية المطاف أي:بعد ما جرى التفتيش،و أُخذت السقاية،وتمّ احتجاز بنيامين جزاء على ماثبت من سرقته في بادئ النظر.
قد يقال إن كان بنيامين على علم بأمرالسقاية،وكان يعلم أن يوسف هوالذي وضعه في رحله،فماالذي منعه من بيان حقيقة الأمر،حتى يبرّ ئ نفسه من تهمة السرقة.
وماالذي دعاه إلى أن يعتصم بالسكوت،وكأنه معترف على نفسه بالجريمة !
نقول: كان هذاسرّا بين سيدنايوسف وبين أخيه بنيامين،فمارضيَ بنيامين أن يبوح بهذا السر، ويكشفه قبل أوانه، ولزم السكوت وكأنه سرق السقاية فعلا.
فحينما تمّ احتجاز بنيامين،وأُحضر أمام سيدنايوسف، وقُصّت عليه القصة،ظنّه سيدنا يوسف من قدرالله ،ومن تدبير الله،حيث عاد إليه شقيقه الحبيب من غير عناء،وتحقق له ماكان يتمناه بكل يُسر.
وهنايثور سؤال آخر: لماذا تمنى سيدنايوسف أن يبقى أخوه في جنبه ؟ وهل نسي أن له أباشيخا كبيرا ينتظره في بيته، وقد عصره الحزن على فراقه منذ عشرات السنين،و إذا لم يجد بنيامين مع من عاد إليه من مصر، عسى ألا يطيق هذاالحزن الجديد؛ فإن نكء القرح بالقرح أوجع !
نقول: كان سيدنايوسف يدرك ذلك جيدا،ولهذا لم يفكّر في حبسه عنده،مع أن نفسه الكريمة الودودةكانت تتمنى ذلك، وذلك لأن إخوته كانوايحقدون على أخيه،كماكانوايحقدون عليه، فكانوايقسون عليه،ويؤذونه بعدفراقه ،كماهو واضح من قوله لأخيه حينما جمع الله بينهمابعد عشرات السنين:
وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)
وما لبث حقدهم القديم الدفين في صدورهم أن جرى على لسانهم، حينما وجدت السقاية في وعائه:
(قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)
هكذا، بكل صراحة، وبكل وقاحة !!
فهم لم يحسنوا به ظنّا،ولم يلتمسواله عذرا،بل قذفوه بكلمة بذيئة نابية، ولم يقذفوه فقط، بل قذفوا أخاه التقيّ النقيّ بكل وقاحة، وبدون خجل ولاندم على ما فعلوابه في سالف الزمان!
بل بالعكس من ذلك، ظلّت قلوبهم تغلي بالحقد عليه مع أنه قدطال به الأمد،وهم لايعرفون أنه الآن على قيد الحياة،أم صاررهين الجدث !
وعلى أية حال،فالله سبحانه وتعالى كاد ليوسف عليه السلام، وحقق أمنيته في صحبةأخيه، كماهو دأبه في أنبيائه ورسله المكرمين، حيث يكرمهم بتحقيق رغباتهم،ولايردّ لهم سؤالا إلا نادرا.
وربط على قلب أبيه الكبير المحزون، وألهمه الصبروالسلوان، وبعد فترة وجيزةمن الزمن جمعهم جميعا مع يوسف الصديق في بيت ملكه،بعدمانزع مافي صدورإخوته من غلّ،ولله الحمد.
فلننظر ما بين هذاالتأويل وبين ماسبقه من وجوه التأويل ! فالفرق بينهما كبير.
ومن هنا نقول: إذاكانت الآية تحتمل وجوها من المعاني،لم يؤخذ منهاإلاماكان أقرب لحسن التأويل،ولم يؤخذ إلا ماكان أقرب لجوّ السورة وأ هدافها.
 
السلام عليكم
لامانع من قبول أن السقاية غير الصواع وقبول انه تصادف فقد الصواع عندما جهزهم بجهازهم ... وبهذا نحل اشكال كذب المؤذن .. حيث أن الصواع فقد فعلا واتهامه لهم " إنكم لسارقون " هو اتهام حتى تثبت الادانة
ولكن الذى جعل السقاية وأمر المؤذن وتعهد بمكافأة قدرها حمل بعير لمن أتى بالصواع والذى بدأ بأوعيتهم والذى اسنخرجها من وعاء أخيه هو يوسف ..... ويكون فقد الصواع هو الذى أوحى له بهذه المكيدة ليستبق أخاه.
ويمكن القول أنه كانت كانت خطة مسبقة بدأت بأمره لفتيانه أن يجعلوا بضاعتهم فى رحالهم ثم قوله لهم " ائتونى بأخ لكم من أبيكم..... " وإلا لماذا الاتيان به ؟! والقول لتكون ضيافة كريمة له ... غير صحيح حيث كان يستطيع أن يعرفهم بنفسه من أول لحظة ويقول لهم ائتونى بأهلكم أجمعين وتنتهى المسألة ..... وللك فإنى أقرر أن ماكان ماهو إلا مناورة وراءها حكمة ... وليس وحيا إلى نبى إذ أنه لم يكن قد أتته النبوة بعد.
وعليه يجب البحث فى الآيات لمعرفة الحكمة مما فعل وكيفية الاستفادة منها فى واقع المسلمين .
 
بالرغم من ان التفسير السابق لا يخلو من المنطق والعقلانية في بعض جوانبه إلا أن عنوان الموضوع استوقفني وهو (قراءة جديدة في قصة السقاية وصواع الملك في سورة يوسف )وأثار في نفسي قضية الخلط المصطلحي التي تعد نتيجة طبيعية لفصل الدال عن المدلول الذي أرسته فلسفات الغرب بعد الستينيات ،وهذا يعد تدميراً للغة والتواصل الإنساني، وتدمير للعلوم وتطورها ،إذ ان من أبسط البديهيات للمشتغلين بفن واحد أن يتواضعوا على مصطلحات هذا الفن ،والحقيقة هي أن كتابات العلماننيين الجدد كان لها دور كبير في هذا الخلط المصطلحي ،وعلى هذا فانا أهيب بأهل التفسير ،أن يتنبهوا لهذه القضية ،فعلى سبيل المثال هل يريد أهل التخصص أن يتواضعوا على مصطلح (قراءة )كمرادف لكلمة (تفسير)أو (تأويل)؟وهل اعتماد هذا المصطلح يجعلنا نأمن من اختلاطه بمصطلح (قراءة )والذي يشير إلى القراءات المتواترة والشاذة ؟وهل سنأمن إن تم الاصطلاح على مصطلح (قراءة )أن لا يحيلنا هذا المصطلح إلى المنظومة المعرفية التي تقبع خلفه في الغرب وهذه المنظومة تعني أنه لا مراد للنص وإنما هو جهاز يستخدمه القارئ كما يحلو له، لأن النصوص تحمل احتياطياً عالياً من الدلالات بعدد القراء أنفسهم ،وهذا ليس تعدداً للمعنى او إثراء له ،وإنما هو إنكار لوجوده ،وإسقاط لحجية النص فهل يصح استخدام هذا المنهج في تفسير كتاب الله ؟وهل تحتمل اللغة العربية أن تكون كلمة (قراءة) بمعنى (تفسيرأو تأويل)؟على أية حال هذا الخلط المصطلحي لم يقتصر على مصطلح التفسير بل تعداه إلى كثير من مصطلحات علوم المسلمين فقد حاول الحداثيون العرب استخدام مصطلحات علوم القرآن في غير معناها الإصطلاحي مثل مفهوم النسخ ،وأسباب النزول ،والقراءات ،والتفسير الموضوعي ،ومقاصد القرآن هذا فقط ما وقع تحت يدي وأنا متأكدة من أنهم فعلوا الشيء نفسه في باقي علوم المسلمين من حديث وفقه وأصول فقه ،وأولى الناس في التنبه لهذه القضية هم أهل التخصص ،وما أقترحه هنا أن يتم إطلاق مصطلح (قراءة )على التفاسير المرضية والإلحادية ،أما تفسير الآيات المنضبط بالقواعد التفسيرية ،وإن كان اجتهاداً فالأولى أن نسميه تفسيراً أو تأويلاً.​
 
لفضيلة الوالد الدكتور محمد عناية الله سبحاني
تساؤلات وإشكالات:
1- نبي الله يوسف عليه السلام كان قدوة للمحسنين،وكان من عباد الله المخلصين،وقالت عنه النسوة بعد ما جرّبن عليه كل مايملكن من أسباب الفتنة: (إن هذا إلا ملك كريم!) وناداه صاحبه في السجن باسم الصدّيق: (يوسف أيهاالصدّيق)، فهل تتناسب تلك الصورة الوضيئة الملَكيّة المشرقة العملاقة مع تلك الصورة التي تتمثل لنا مماقيل في تأويل تلك الآيات ؟!
2- هل نصدّق أن سيدنايوسف عليه السلام - مع كل ماكان يتحلى به من علوّ وسموّ وشموخ، ومع ما كان يتمتع به من عبقرية خارقة وعقلية نادرة- لجأ في شأن إخوته إلى خطّة هي أشبه بالمناورات السياسية والمداورات الدبلوماسية منها بأعمال النبوة وأخلاق الرسالة؟!
3- هل يشفي نفس الباحث ماقاله الزمخشري: (وحكم هذا الكيد حكم الحيل الشرعية التي يتوصل بها إلى مصالح ومنافع دينية) وكررالقول وزاد عليه فقال: (وما الشرائع كلها إلا مصالح وطرق إلى التخلص من الوقوع في المفاسد ، وقد علم اللّه تعالى في هذه الحيلة التي لقنها يوسف مصالح عظيمة فجعلها سلماً وذريعة إليها ، فكانت حسنة جميلة وانزاحت عنها وجوه القبح لما ذكرنا.) ؟؟
ليت شعري ماالمصالح والمنافع الدينية كانت في تلك الحيلة ؟ وماالمصالح العظيمة التي كانت تفوتهم لولم تكن تلك الحيلة ؟؟ وماهي تلك المفاسد التي كادت تهاجم لو أن بنيامين قدرجع مع إخوته إلى أبيه ، ولم تدم إقامته مع يوسف ؟ ومتى كان تلقين تلك الحيلة ليوسف ؟ فالقرآن لايذكر شيئامن ذلك.
4- ماالذي ألجأ المفسرين إلى أن يقولوا عن سيدنا يوسف ماقالوا ؟ وماالذي حملهم على أن يلبسوه ثوبا لايستوي عليه،ولايناسبه ؟ بل يشوّه شخصيته الجميلة الجذابة ! وينزله من ذروة الجبل السامق إلى سطح الأرض الهابط!
5- من أنبأهم أن السقاية والصواع شئ واحد ؟ ومن أنبأهم أن السقاية التي جعلها سيدنايوسف في رحل أخيه،ماكانت سقايته الخاصة،وإنماهو صواع الملك ؟
6- وإن جعل سيدنايوسف في رحل أخيه صواع الملك بدون إذن منه،ألا يجري عليه حكم السرقة ؟
7- وماالذي حمل سيدنايوسف على أن يجعل في رحل أخيه شيئا لايملكه ؟
8- هل أثر عن ملك من الملوك أنه كان يشرب من إناء تكال به الحبوب، هل أثر أنه كان يستعمل هذا الإناء للكيل والشرب في وقت واحد ؟لم يؤثر هذا عن الفقراء والمساكين،بله الملوك والسلاطين !
تأويل تلك الآيات:
وهنا يأتي سؤال: فماهوالتأويل الصحيح لتلك الآيات، التأويل الذي يكون سليمامن تلك الإشكالات.
فإن كنا نحب أن نتوصل إلى التأويل الصحيح لتلك الآيات،فلنحسن الظن أولا بنبي الله يوسف عليه السلام، ولنعلم أنه لم تكن هناك أي خطّة مسبقة لإحراج إخوته،واستبقاء أخيه بنيامين عنده، وإنما كانت ضيافة كريمة خالصة،ثم توديع سخيّ نديّ في ظل الأخوة والمودة،ومن هنا جعل في رحل أخيه السقاية.
وتلك السقاية كانت سقايته الخاصة، التي كان يستخد مها لنفسه،ويشرب بها الماء، فكانت أحسن هدية ودّية رمزية لأبيه الحنون المحزون عن طريق أخيه الأحبّ الأصغر.
ولانستبعد إذاكان في بال يوسف أن هذه السقاية ستحمل ريحه إلى أبيه الحنون،فتقرّ عينه،ويثلج قلبه،ويدخل البهجةفي نفسه،ويخفف من لوعته على فراقه،فقد حكى له أخوه ماكان يعاني منه أبوه!
فودّعهم يوسف مع شئ من التحفظ،فإن إخوته لم يعرفوه بعد، وبعد الوداع دخل في خضمّ الأعمال التي كانت تنتظره .وكان من قدرالله أن يوسف ودّع إخوته، وما لبث أن فُقد صواع الملك قبل أن يبعد بهم السير،فانتشرالغلمان أوالعمّال في كل جهة ينظرون إلى القوافل، وينادونهم ويستوقفونهم، والقرآن لم يذكرإلا قافلة إخوة يوسف لأن له صلة بقصة يوسف.
فدارالنقاش بين الغلمان أوالعمّال وبين إخوة يوسف كماهو مذكورفي الآيات،ثم كان تفتيش أوعيتهم، واحدابعد واحد،حتى جاء دوربنيامين،وهم لم يجدوا في أوعيتهم ذلك الصواع الذي فقدوه،وإنما وجدوا في وعاءبنيامين السقاية التي وضعها فيه يوسف، فعرفوها،أنها للعزيز يوسف.
وبعد استخراج السقايةمن وعاء بنيامين لم يعد شك في كونه سارقا،فإنهم إن لم يجدوا عنده ماكانوا يفقدونه، فقدوجدواشيئا مثله،فذاك صواع الملك،و تلك سقاية العزيز،وكلاهما يتصلان ببيت الأمارة، وهكذاثبتت جريمة السرقة على بنيامين،وتم احتجازه حسب الاتفاق الذي تمّ بينهم.
والظاهرالمتبادر أن كل ماجرى مع إخوة يوسف، لم يجر إلا في غَيْبة يوسف ؛فإنه كان في خضمّ أعماله، مطمئنا إلى أنه ودّعهم آمنين سالمين بعد ما قام بواجبه نحوهم،ولم يبلغه ماحدث مع إخوته إلا في نهاية المطاف أي:بعد ما جرى التفتيش،و أُخذت السقاية،وتمّ احتجاز بنيامين جزاء على ماثبت من سرقته في بادئ النظر.
قد يقال إن كان بنيامين على علم بأمرالسقاية،وكان يعلم أن يوسف هوالذي وضعه في رحله،فماالذي منعه من بيان حقيقة الأمر،حتى يبرّ ئ نفسه من تهمة السرقة.
وماالذي دعاه إلى أن يعتصم بالسكوت،وكأنه معترف على نفسه بالجريمة !
نقول: كان هذاسرّا بين سيدنايوسف وبين أخيه بنيامين،فمارضيَ بنيامين أن يبوح بهذا السر، ويكشفه قبل أوانه، ولزم السكوت وكأنه سرق السقاية فعلا.
فحينما تمّ احتجاز بنيامين،وأُحضر أمام سيدنايوسف، وقُصّت عليه القصة،ظنّه سيدنا يوسف من قدرالله ،ومن تدبير الله،حيث عاد إليه شقيقه الحبيب من غير عناء،وتحقق له ماكان يتمناه بكل يُسر.
وهنايثور سؤال آخر: لماذا تمنى سيدنايوسف أن يبقى أخوه في جنبه ؟ وهل نسي أن له أباشيخا كبيرا ينتظره في بيته، وقد عصره الحزن على فراقه منذ عشرات السنين،و إذا لم يجد بنيامين مع من عاد إليه من مصر، عسى ألا يطيق هذاالحزن الجديد؛ فإن نكء القرح بالقرح أوجع !
نقول: كان سيدنايوسف يدرك ذلك جيدا،ولهذا لم يفكّر في حبسه عنده،مع أن نفسه الكريمة الودودةكانت تتمنى ذلك، وذلك لأن إخوته كانوايحقدون على أخيه،كماكانوايحقدون عليه، فكانوايقسون عليه،ويؤذونه بعدفراقه ،كماهو واضح من قوله لأخيه حينما جمع الله بينهمابعد عشرات السنين:
وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)
وما لبث حقدهم القديم الدفين في صدورهم أن جرى على لسانهم، حينما وجدت السقاية في وعائه:
(قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)
هكذا، بكل صراحة، وبكل وقاحة !!
فهم لم يحسنوا به ظنّا،ولم يلتمسواله عذرا،بل قذفوه بكلمة بذيئة نابية، ولم يقذفوه فقط، بل قذفوا أخاه التقيّ النقيّ بكل وقاحة، وبدون خجل ولاندم على ما فعلوابه في سالف الزمان!
بل بالعكس من ذلك، ظلّت قلوبهم تغلي بالحقد عليه مع أنه قدطال به الأمد،وهم لايعرفون أنه الآن على قيد الحياة،أم صاررهين الجدث !
وعلى أية حال،فالله سبحانه وتعالى كاد ليوسف عليه السلام، وحقق أمنيته في صحبةأخيه، كماهو دأبه في أنبيائه ورسله المكرمين، حيث يكرمهم بتحقيق رغباتهم،ولايردّ لهم سؤالا إلا نادرا.
وربط على قلب أبيه الكبير المحزون، وألهمه الصبروالسلوان، وبعد فترة وجيزةمن الزمن جمعهم جميعا مع يوسف الصديق في بيت ملكه،بعدمانزع مافي صدورإخوته من غلّ،ولله الحمد.
فلننظر ما بين هذاالتأويل وبين ماسبقه من وجوه التأويل ! فالفرق بينهما كبير.
ومن هنا نقول: إذاكانت الآية تحتمل وجوها من المعاني،لم يؤخذ منهاإلاماكان أقرب لحسن التأويل،ولم يؤخذ إلا ماكان أقرب لجوّ السورة وأ هدافها.


تأويل بلا دليل ومخالف لظاهر النص
مع شكري وتقديري للدكتورين الفاضلين الكاتب والناقل.
 
شكر الله لكم
هل يتصور أن يغفل المفسرون كلهم عن المعنى طيلة تلك القرون ؟
وهل يتصور أن ندعي لأنفسنا الغيرة على أنبياء الله ونسلب سلفنا تلك الغيرة على رسل الله ؟
وهذا في نظري من أثر دخول العاطفة في التفسير
 
شكر الله لكم
هل يتصور أن يغفل المفسرون كلهم عن المعنى طيلة تلك القرون ؟
وهل يتصور أن ندعي لأنفسنا الغيرة على أنبياء الله ونسلب سلفنا تلك الغيرة على رسل الله ؟
وهذا في نظري من أثر دخول العاطفة في التفسير
ليس العاطفة وحدها
بل يضاف إليها إيراد الإشكال والعجز عن إيراد الحل.
والحقيقة أن تصرف يوسف عليه السلام مع إخوته يحتاج إلى تأمل جيد وتحليل دقيق حتى نعرف حكمة الله تعالى في جريان الأحداث كما جاءت في كلامه الشريف.
 
تحذير

تحذير

السلام عليكم فضيلة الشيخ الدكتور محمد عناية الله :من الذي سبقك من العلماء إلى هذا الفهم؟ فإن لم يسبقك أحد فاعلم أخي أن النبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من محدثات الأمور .
وفقني الله وإياك وجميع القراء لما فيه الخير والرشاد
 
التعديل الأخير:
أولاً : أشكر أخي العزيز الدكتور محي الدين غازي على مشاركاته القيمة ، وبحوثه الجادة التي يتحفنا بها بين الحين والآخر على صفحات ملتقى أهل التفسير ، وإن كنت لا أعلق عليها إلا أنني أقرؤها كاملةً وأتأمل فيها وأستفيد منها ، وطالما قرأتُ وأفدتُ من كتابات الوالد الكريم الدكتور محمد عناية الله سبحاني في رسالتيه للماجستير والدكتوراه، وفيهما الكثير من الاجتهاد العلمي المشكور. وفي سائر بحوثه ومقالاته المنشورة من النفس العلمي المتين، وحسن التتبع ما يضيف إلى قرائه الكثير من العلم، ويعجبني حسن نظره ، ومحاولته المستمرة للإضافة العلمية في كثير من مسائل التفسير التي وقع بين المفسرين خلاف حول الصواب أو الأصوب فيها ، وهي اجتهادات مشكورة مذكورة مهما اختلفت الآراء والأقوال فيها، فإننا أحوج ما نكون إلى العالم المجتهد اجتهاداً مبنياً على علم ودليل ، وهذا النفر من الباحثين والعلماء هم الذين يضيفون للعلوم، ويحيون ما اندرس من آثارها، بخلاف النقلة الذين لا يوفقون للنظر العميق بدليله .

ثانياً : أتفق مع ما تفضلت به الأستاذة سهاد قنبر من أهمية العناية بالمصطلحات في البحوث العلمية، والحذر الشديد جداً من استعمال هذه المصطلحات المشبوهة التي تحمل في طياتها ما لا يخطر على بال الباحث كما في مقالة الدكتور سبحاني هنا، حيث إنني أجزم أنه يقصد (تفسير جديد للآيات) يسلم - بحسب نظره - من الإساءة ليوسف عليه الصلاة والسلام ، ولا يقصد به ما يقصده من يستخدم مصطلح (قراءة) من الحداثيين وغيرهم . وهذه مسألة سبقت الإشارة إليها في خطورة الخلط بين المصطلحات ، وتداولها في البحوث العلمية دون التنبه لما تحمله من دلالات غير مقصودة ، وفي كتب علمائنا من المصطلحات النقية ما يُغْنِي ويَكفي إن شاء الله .

ثالثاً : ألا يمكن أن نقول : إن في قول الله تعالى : (كذلك كِدْنا ليوسف..) ما يحلُّ الإشكال الذي ظنه الباحث، فيكون ما تمَّ كُلُّه مشروعاً بوحي من الله ليوسف عليه الصلاة والسَّلام ، دون الحاجة إلى فك هذه التداخلات بين مواقف تلك القصة، ومحاولة الخروج بتفسير لا يكون فيه محذور كما يرى الباحث الكريم حفظه الله ونفع بعلمه . وفي تذييل الآية بقوله (وفوقَ كُلِّ ذي عِلمٍ عليمٌ) ما يوحي بأن هذا المخرج وحي من الله وزيادة علم ليوسف عليه الصلاة والسلام ، والله أعلم .
ولدي جواب لبعض ما أورده المعترضون ، ولكنني لا أحب أن أتقدم بين يدي الباحث الكريم حفظه الله ووفقه لكل خير، والمسألة محل للنظر والاجتهاد .
 
أشكر فضيلة الشيخ عبدالرحمن والأستاذة سهاد على التوجيه الكريم بخصوص العنوان. وعنوان المقال ليس من وضع صاحب المقال وإنما من ناقل المقال، والمقال مقتبس من كتاب أصول التفسير لفضيلة الوالد، وسيأتي الكتاب قريبا بإذن الله. وقد اخترت كلمة قراءة جديدة بدلا من تفسير جديد من باب التواضع فحسب. فجزاكم الله خيرا.
وأرجو من جميع المشاركين الكرام ألا يكونوا عاطفيين لا في قبول فكرة ولا في رفضها. وبالله التوفيق.
 
تعجبني كتابات الشيخ السبحاني , واجتهاداته ..لكنني أخشى من خروجه المتكرر عن أقوال الجمهور .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه القراءة(التفسير) التحليلية التي قام بها فضيلة الشيخ سبحاني والتي كان مقصده منها إزالة الشبهة: (شبهة التآمر عن نبي من أنبياء الله؛ سيدنا يوسف عليه السلام.
وسورة يوسف كما يعلم الجميع من السور التي تناولت قصة واحدة على امتداد السورة وكان فيها مواطن عديدة أثارت الاختلاف والتساؤل وفيها من الأقوال للعلماء ما يخالف المنطق ويخالف النسق ويخالف اللغة أحياناً.

ثانياً: تدخلنا بعض تفاسير العلماء للعديد من المقاطع القرآنية التي تتناول النبوة في دائرة متقاطعة مع العقيدة وقضية العصمة وهنا التساؤل الذي أظن الشيخ دخل به معترك هذه الآية محاولاً إزالة اللبس أو النقص في الصورة المتشكلة لنبي من أنبياء الله: وهل يكيد النبي؟ وهل يشترط أنه أخبر أتباعه بهذه المكيدة لنعتبر المؤذن كاذباً أو غير كاذب..فإننا والنص مفتوح يعطينا الخطوط الأصلية للقصة ويترك للخيال إكمال الفراغات بما يتناسب وقواعد التفسير واللغة والعقيدة..إلخ نجد أن مفهوم الكيد لا ينتقص من عصمة النبي ؛ ففي السنة أن نبي الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم قد استخدم الكيد والخدعة حين أراد فتح مكة واستخدم استراتيجية متقدمة في التضليل !.
وإذا قسنا الحال بالحال فإن نبي الله يوسف إنما كاد بوضع السقاية في رحل أخيه لغاية خفية اعتدنا وجود مثلها في السورة حيث برر بعضها ولم يبرر البعض الآخر ونحن إذ ينبغي بنا الالتفات إلى جو السورة ككل من حيث موضوعاتها وسياقها الذي سارت عليه فقد وجدنا مثلها على سبيل المثال لدى والده يعقوب عليه السلام حين أمر بنيه أن يدخلوا من أبواب متفرقة ..ومثلها حينما أمر ولده يوسف في بداية السورة ألا يخبر إخوته بحلمه فيكيدوا له ..إلخ..
وعلى ما سبق فاستخدام الخدعة لا ينتقص من العصمة والتي مفهومها هو أيضاً محل خلاف عند العلماء!.

ثالثاً :لا يعني ما سبق أن كتبنا التفسيرية بحاجة للغربلة لإخراج ما لا يليق منها سواء ما كان يتعرض للأنبياء فيشوه صورتهم ومنزلتهم مستخدما الإسرائيليات أو منافياً لأبسط قواعد اللغة مما نجده بداية في التفاسير التي اتخذت سمة الجمع فجمعت ما يليق ومالا يليق أو في التفاسير التي أخذت صبغة التفسير بالمنقول فحشدت كل الأقوال مما أساء ولم ينفع ونجد منه الكثير في سورة يوسف عليه السلام..
هذا والله أعلم وهو من وراء القصد..
والسلام
 
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة للعالمين
وبعد:
استشكل بعض المفسرين وصف يوسف عليه السلام أصحاب العير بالسرقة في قوله تعالى:
( فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ) (70)
وهذا الإشكال يزول إذا علمنا الآتي:
أن هذا الكيد مشروع لأنه في مصلحة الذين وقع عليهم الكيد ، وهم إخوة يوسف عليه السلام ، وهذه المصلحة كانت متقررة وحاصلة دون شك.
وهذه المصلحة هي توبة إخوة يوسف عليه السلام واعترافهم بجرمهم وطلب المغفرة ممن ألحقوا بهم الأذى : أبوهم يعقوب عليه السلام ، وأخوهم يوسف عليه السلام ، واجتماع شملهم بعد ذلك وتحسن أحوالهم :
(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) يوسف (100)

وارتكاب المفسدة الصغرى لدفع مفسدة أعظم منها هي من قواعد الشريعة ، والأدلة على هذا كثيرة من كتاب الله تعالى ، ومن ذلك:
فعل الخضر عليه السلام حين خرق السفينة وقتل الغلام.

ويبقى السؤال هل كانت هذه الحيلة باجتهاد من يوسف عليه السلام أو كانت بوحي من الله تعالى ؟
والأقرب والله أعلم أنها كانت بوحي من الله تعالى بدليل قوله تعالى:
(كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) (76).
وبدليل إن يوسف عليه السلام لم يكن ليلحق الأذى بأبيه يعقوب عليه السلام بزيادة حزنه بفقد ابنه الثاني.
وهنا يطرأ سؤال عن الحكمة في مجريات القصة بهذا الشكل؟
فأقول والله أعلم:
ليتم ابتلاء يعقوب عليه السلام وإظهار صبره ومنزلته وإيمان أهله بذلك فقد ناله منهم الكثير فيبدو أن الأذى ما كان يلحقه من إخوة يوسف وحدهم بل من بقية أهله كما هو واضح في قوله تعالى:
(وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95))
ومنها أيضا جعل إخوة يوسف يعيشون المعاناة التي تسببوا بها لأبيهم وهذا غير في سلوكهم شيئا فشيئا وهذا ما تشير إليه أقولهم :
(قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77) قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78))
(فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81))
(قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ )(85)
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) (88)

ثم كانت النتيجة:
(قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ) (91)
(فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98))
وهناك الكثير والكثير لمن تدبر في سياق القصة ومجرياته.
هذا والله أعلى وأعلم.
 
السلام عليكم
فى البحث عن الحكمة من هذا الكيد ومدى نفعنا منه لازالت بعض الأمور ملتبسة
الذى وقعت عليه المكيدة مباشرة هو الأخ الشقيق الذى لم يذنب مع الأخوة فيما فعلوا بيوسف وكان أكثر المتضررين ظاهريا منها حيث بدا أنه السارق ... وإذن تبرير مشروعية هذه المكيدة بأنها فى مصلحة الذين وقعت عليهم غير مقنع .
الكيد لايسمى وحيا ... والوحى لايسمى كيد ؛ ولو كان وحيا لورد النص صريحا بهذا ... كما سبق وورد فى السورة " وأوحينا إليه لتنبئنهم ..."
ولكن ماحدث هو أقدار .... رأى الباحث أنها تصادف فقد الصواع مع رحيل العير
وأنا أقبله كتفسير لقصة السقاية والصواع ... حيث لا يوجد تفسير مقنع آخر !
وأرى أن الوحى لايأمر يتلفيق سرقة لمن لم يسرق
 
السلام عليكم
فى البحث عن الحكمة من هذا الكيد ومدى نفعنا منه لازالت بعض الأمور ملتبسة
الذى وقعت عليه المكيدة مباشرة هو الأخ الشقيق الذى لم يذنب مع الأخوة فيما فعلوا بيوسف وكان أكثر المتضررين ظاهريا منها حيث بدا أنه السارق ... وإذن تبرير مشروعية هذه المكيدة بأنها فى مصلحة الذين وقعت عليهم غير مقنع .
الكيد لايسمى وحيا ... والوحى لايسمى كيد ؛ ولو كان وحيا لورد النص صريحا بهذا ... كما سبق وورد فى السورة " وأوحينا إليه لتنبئنهم ..."
ولكن ماحدث هو أقدار .... رأى الباحث أنها تصادف فقد الصواع مع رحيل العير
وأنا أقبله كتفسير لقصة السقاية والصواع ... حيث لا يوجد تفسير مقنع آخر !
وأرى أن الوحى لايأمر يتلفيق سرقة لمن لم يسرق
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخانا الفاضل مصطفى حفظك الله
المكيدة ـ أيها الحبيب ـ كانت مشروعة والله أذن فيها ، وما كان الله ليترك نبيا من أنبيائه يرتكب عملا غير مشروع ويسكت عنه.
ثم إن المتضرر من الكيد هم الإخوة غير الأشقاء ليوسف عليه السلام حيث تحملوا من التبعات النفسية الشيء الكثير وقد أخذ عليهم أبوهم موثقا من الله ، حتى أن كبيرهم رفض العودة معهم .
أما شقيق يوسف فقد علم بمجريات الكيد قبل وقوعه أو بعد وقوعه.
أما إنكار أن يكون الكيد بوحي من الله فلا مجال لإنكاره والله قد قال " كذلك كدنا ليوسف".
وما وقع على إخوة يوسف عليه السلام من الكيد ليس ضرره بأعظم من الضرر في قصة قتل الغلام:
(وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)) الكهف
ولكن العاقبة كانت جميلة.
ثم إن الضرر الأعظم في القصة كان على يعقوب عليه السلام وهو لا علاقة له لا بصواع الملك ولا بالسقاية، وما كان ليوسف عليه السلام ليرتكب عملا يلحق الضرر بوالده دون إذن من الله تعالى.
ثم إن السقاية هي الصواع ، وذكر الشيء باسمين مختلفين في القرآن ليس بمستغرب ، فقد ذكر في قصة نوح : السفينة ، والفلك ، وهما شيء واحد.
 
السلام عليكم
إن قراءتنا لهذه الأحداث المبكرة فى حياة يوسف عليه السلام ونحن مستحضرين لكونه نبيا رسولا هو مايجعلنا نتصور أن كل ما كان منه قد كان بوحى
وإنه لمما لاشك فيه أنه لم يولد نبيا ؛ولا كان نبيا حين قص رؤياه على أباه و..... فهل فى السورة اشارة تفيد متى بعث نبيا ؟.
وإن قيل أن الوحى لايشترط النبوة ... كالوحى إلى أم موسى ؛والوحى إلى النحل .. الخ
أقول ولكن وحى النبوة لايكون إلا للأنبياء
فمثلا ... موسى عليه السلام لم يكن خروجه من مصر وحيا ... ولم يكن ذهابه إلى النار يلتمس عليها الهدى وحيا
وإن كان ثمة وحى يأت النص صريحا بهذا " وأوحينا إلى موسى ..." وهو مالم يكن إلا بعد البعثة
ومرة أخرى .... كدنا ليس من الألفاظ التى تفيد الوحى
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يوسف عليه السلام تلقى الوحي في سن مبكرة ، وسواء كان هذا الوحي يعطيه صفة النبوة أو لا فهو وحي من الله تعالى . قال تعالى:
(فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)يوسف (15)
ثم إن الله قال بعد ذلك:
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) يوسف(22)
قال بن كثير رحمه الله تعالى:
وقوله: { وَلَمَّا بَلَغَ } أي: يوسف عليه السلام { أَشُدَّهُ } أي: استكمل عقله وتم خلقه. { آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } يعني: النبوة، إنه حباه بها بين أولئك الأقوام، { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } أي: إنه كان محسنًا في عمله، عاملا بطاعة ربه تعالى.
ومجيء هذه الآية في هذا الموضع من السورة تدل على أن كل الأحداث المذكورة بعد تدل على أنها بعد النبوة والقرائن التي تشير إلى هذا كثيرة منها قوله:
" قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"
وهذا الخلق الرفيع والجواب المميز لا يتأتى إلا من شخص قد خصه الله واصطفاه وعلمه
ومنها وصف الله تعالى له بقوله:
"إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ"
ومنها قوله:
(قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (33)
وهذا التوجه واللجاء إلى الله لا يكون في مثل حال يوسف عليه السلام إلا من مؤيد بالوحي
ومن القرائن أسلوبه في الدعوة وهو في السجن ورفضه الخروج من السجن حتى تبرأ ساحته.
ومن القرائن قوله :
(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ )(93)
فإخباره عن ارتداد أبيه بصيرا بإلقاء القميص على وجهه لا يكون إلا بوحي من الله.
ومن القرائن ، قوله:
(رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) يوسف (101)

 
أود أن ألفت انتباه الإخوة إلى أمور ربما تساعدنا في تحديد المفهوم الراجح في الآية.

الأصل أن السقاية والصواع شيئان مختلفان إلا إن دل دليل على غير ذلك.
والأصل أن النبي لا يتهم أحدا بالسرقة مع العلم بأنه لم يسرق، إلا إن دل دليل على أنه كان بوحي من الله تعالى.
والأصل أن الله لا يأمر بمثل ذلك إلا إذا ثبت ذلك بدليل.
والأصل أن كيد النبي (إن صح التعبير مع أنني لم أجد في القرآن أن الكيد نسب إلى نبي) باجتهاده أو بوحي من الله لا يكون من عناصره الكذب، إلا إذا ثبت ذلك بدليل، والتضليل بالفعل كما كان في فتح مكة، أو غزوة مؤتة غير الكذب.
فإن كان هناك تأويل يراعي الأصل وهناك تأويل مبني على الاستثناءات والتي تحتاج في ثبوتها إلى الأدلة، فأي تأويل يؤخذ به؟.

وهناك أمر آخر، وهو أن القرآن يذكر السقاية حين الوضع، ويذكر الضمير المؤنث الراجع إليها حين الاستخراج، وأما الحديث عن الفقد فكله يدور حول الصواع والضمير المذكر الراجع إليه. وهذا يؤكد على أن أمر السقاية في القصة غير أمر الصواع، وأن السقاية وُضعت واستُخرجت، وأما الصواع ففُقد وبُحث عنه.
 
أود أن ألفت انتباه الإخوة إلى أمور ربما تساعدنا في تحديد المفهوم الراجح في الآية.

الأصل أن السقاية والصواع شيئان مختلفان إلا إن دل دليل على غير ذلك.
.

من أين أتى هذا الأصل ؟
هل هو من اللغة ؟
أو من استخدام الشرع؟
إذا بحثنا في المعاجم
ابن سيده في المخصص يقول:
"ومن ذلك الصَّاعُ يذكر ويؤنث وفي التنزيل: " نَفْقِدُ صُوَاعَ المَلِكِ ولِمَنْ جاءَ بِه حِمْلُ بَعِيرٍ " وفيه " ثم اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيه " وقال أبو عبيد أنا لا أرى التذكير والتأنيث اجتمعا في اسم الصُّواع ولكنهما عندي إنما اجتمعا لأنه سمي باسمين أحدهما مذكر والآخر مؤنث فالمذكر الصُّواع والمؤنث السِّقاية. قال ومثل ذلك الخِوَانُ والمائدةُ وسِنَانُ الرُّمْح وعالِيَتُه والصُّوَاعُ إناء من فضة كانوا يشربون به في الجاهلية وقد قدّمت ما فيه من اللغات صُوَاعٌ وصَوْعٌ وصَاعٌ وصُوعٌ وإنما كررتها هنا لأَقِفَك على أنها كلها تذكر وتؤنث."

وابن التستري في المذكر والمؤنث يقول:
باب الصاد
الصّاعُ: تؤنثه أهل الحجاز، وتجمعه ثلاث أصوع مثل أكلُبٍ وأشهر والكثير الصيعان. وأسد وأهل نجد يذكرونه ويجمعونه ثلاثة أصواع، وربما أنثه بعض بني أسد؛ هذا قول الفراء. وقال غيره: تذكيره أفصح عند العلماء. وقد يقال له صواع ويؤنث ويذكر وتذكيره أجود، وإذا أنث عنى به السقاية.

ابن سيده المحكم والمحيط الأعظم يقول:

والصُّوَاعُ والصَّوْعُ والصُّوعُ، كله: إناء يشرب فيه، مذكَّر وفي التنزيل (قالُوا نفقِدُ صُوَاعَ المَلِكِ)، وأما قوله تعالى (ثمَّ استخرجَها مِنْ وِعاءِ أخِيه) فإن الضمير رجع إلى السقاية من قوله (جعل السِّقايَةَ في رَحْلِ أخِيه) وقال الزجاج: هو يذكر ويؤنث، وقرأ بعضهم صَوْغَ الملك، ويقرأ: صوغ الملك كأنه مصدر وضع موضع مفعول أي مَصُوغه، وقرأ أبو هريرة رضي الله عنه: صَاعَ الملك. قال الزجاج: جاء في التفسير انه كان إناء مستطيلا يشبه المكوك كان يشرب الملك به وهو السقاية. قال: وقيل: انه كان مَصُوغا من فضة مموها بالذهب، وقيل: انه يشبه الطَّاس، وقيل انه كان من مس.

وابن منظور في لسان العرب يقول:
والصُّواعُ والصِّواعُ والصَّوْعُ والصُّوعُ كله إِناء يشرب فيه مذكر وفي التنزيل قالوا نَفْقِدُ صُواعَ الملِك قال هو الإِناء الذي كان الملك يشرب منه وقال سعيد بن جبير في قوله صُواعَ الملك قال هو المَكُّوكُ الفارسي الذي يلتقي طرَفاه وقال الحسن الصُّواعُ والسِّقايةُ شيء واحد وقد قيل إِنه كان من وَرِق فكان يُكالُ به وربما شربوا به وأَما قوله تعالى ثم استخرجها من وِعاء أَخيه فإِنّ الضمير رجع إِلى السِّقاية من قوله جعل السقاية في رَحْل أَخيه وقال الزجاج هو يذكر ويؤنث وقرأَ بعضهم صَوْعَ الملِك ويقرأُ صوْغَ الملِك كأَنه مصدر وُضِع مَوضِع مفعول أَي مَصُوغَه وقرأَ أَبو هريرة صاع الملِك قال الزجاج جاء في التفسير أَنه كان إِناءً مستطيلاً يشبه المكُّوكَ كان يشرَب الملِك به وهو السقاية قال وقيل إِنه كان مصوغاً من فضة مُمَوَّهاً بالذهب وقيل إِنه كان يشبه الطاسَ وقيل إِنه كان مِنْ مِسْ
( * قوله « من مس » في شرح القاموس والمس بالكسر النحاس قال ابن دريد لا أدري أعربي هو أم لا قلت هي فارسية والسين مخففة )

وإذا ذهبنا نبحث عن كلمة سقاية كأداة أو إناء في المعاجم فإنا لن نجدها إلا مع ذكر الصاع ، وربما لأنها وردت في القرآن ولم تكن مشتهرة في لغة العرب بخلاف الصاع أو الصواع.
جاء في العين :
والسِّقاية: الموضع يتخذ فيه الشراب في المواسم وغيرها.
والسِّقاية: الصواع يشرب فيه الملك.
وفي المحيط في اللغة :
والسِّقَايَةُ في القُرْآنِ: الصوَاعُ الذي يَشْرَبُ فيه المَلِكُ.

وإذا رجعنا إلى التنزيل نجد لفظ "سقاية" وردت مرتين:
مرة نكرة في سورة التوبة : " أجعلتم سقاية الحاج" وهي مهنة وظيفة من سقي الماء.
ومرة معرفة في سورة يوسف " السقاية" كأداة أو إناء.

وفي الحديث روى مالك والنسائي والبيهقي
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ بَاعَ سِقَايَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهَا فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذَا إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ
فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ مَا أَرَى بِمِثْلِ هَذَا بَأْسًا فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ مُعَاوِيَةَ أَنَا أُخْبِرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُخْبِرُنِي عَنْ رَأْيِهِ لَا أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ أَنْتَ بِهَا ثُمَّ قَدِمَ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنْ لَا تَبِيعَ ذَلِكَ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ.
وفي النهاية في غريب الأثر :
"وفي حديث معاوية [ إنه باع سِقَاية من ذَهَب بأكثَر من وزْنها ] السّقايةُ : إناءٌ يُشْرب فيه"

وبهذا يمكن القول أن القرآن ذكرها بالاسم الغير مشتهر ثم ذكرها بالاسم أكثر شهرة حتى يعرف المراد.
والله أعلم
 
أود أن ألفت انتباه الإخوة إلى أمور ربما تساعدنا في تحديد المفهوم الراجح في الآية.

والأصل أن النبي لا يتهم أحدا بالسرقة مع العلم بأنه لم يسرق، إلا إن دل دليل على أنه كان بوحي من الله تعالى.
والأصل أن الله لا يأمر بمثل ذلك إلا إذا ثبت ذلك بدليل.
.

هذا الأصل مسلم.
وفي موضوعنا يمكن أن نجيب بأمرين :
الأول :أن إخوة يوسف عليه السلام قد فعلوا ما يستحقون به هذا الوصف ، وهو أنهم سرقوا يوسف من أبيه يعقوب عليهما السلام وأدخلوا الحزن على قلبه دهرا.
ولعل قائلا يقول إنهم لم يسرقوا يوسف بل أخذوه بعلم أبيهم وإذنه.
فأقول نعم ولكنهم لم يردوه وأخفوا أمره عن أبيهم وادعوا أن الذيب أكله ، وهذا الفعل يطلق عليه سرقه ، ويمكن أن يستدل له بما جاء في صحيح مسلم رحمه الله من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
"كَانَتْ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهَا"
وإن كان أهل العلم اختلفوا في هذه المسألة وحكموا على هذه الرواية بالشذوذ ، إلا إن إخوة يوسف قد ارتكبوا ما هو أشد من السرقة ، فلا لوم على يوسف عليه السلام أن وصفهم بما هو أقل من فعلهم بكثير.

الثاني: أن هذه حيلة مشروعة أذن الله فيها لنبيه يوسف عليه السلام ، ليتوصل من خلالها إلى ما هو الخير له ولإخوته وأبيه وأهلهم أجمعين ، وقد أذن الله للخضر بأعظم من هذه:
فأذن له في خرق السفينة وما كان له أن يفعل ذلك في الشريعة ولا في العرف ، ولهذا أنكر عليه موسى عليه السلام فعله.
وقتل الغلام أعظم من الاتهام بالسرقة ولكن لما كانت المصلحة متيقنة في حق الغلام وفي حق أبويه أذن الله له في ذلك.
هذا والله أعلم.
 
أود أن ألفت انتباه الإخوة إلى أمور ربما تساعدنا في تحديد المفهوم الراجح في الآية.

والأصل أن كيد النبي (إن صح التعبير مع أنني لم أجد في القرآن أن الكيد نسب إلى نبي) باجتهاده أو بوحي من الله لا يكون من عناصره الكذب، إلا إذا ثبت ذلك بدليل، والتضليل بالفعل كما كان في فتح مكة، أو غزوة مؤتة غير الكذب.
فإن كان هناك تأويل يراعي الأصل وهناك تأويل مبني على الاستثناءات والتي تحتاج في ثبوتها إلى الأدلة، فأي تأويل يؤخذ به؟.

وهناك أمر آخر، وهو أن القرآن يذكر السقاية حين الوضع، ويذكر الضمير المؤنث الراجع إليها حين الاستخراج، وأما الحديث عن الفقد فكله يدور حول الصواع والضمير المذكر الراجع إليه. وهذا يؤكد على أن أمر السقاية في القصة غير أمر الصواع، وأن السقاية وُضعت واستُخرجت، وأما الصواع ففُقد وبُحث عنه.

أقول الكيد في القرآن نسبه الله إلى نفسه ، والكيد منه المذموم ومنه الممدوح وهو في حق الله وفي حق أنبيائه لا يكون إلا ممدوحا ، وليس في كيد الله ليوسف كذب لا في الوصف بالسرقة ولا في القول بفقد الصواع ، ولو تنزلنا وقلنا إن فيه كذبا فهو من نوع الكذب الذي يتوصل بها إلى الحق وبيانه من غير ترتيب ضرر على الغير ، ومنه قول إبراهيم الخليل عليه السلام : " بل فعله كبيرهم هذا".
ولهذا لم يحتج عليه قومه بأنه كذب عليهم ، بل قال الله عنهم : "فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ". فقد فهموا مقصوده .
والله أعلم.


وأما بخصوص السقاية والصواع فقد أجبت عنه أولا.
 
شكراً على هذا النقاش العلمي المفيد .
أين صاحب المقالة الأصلية لكي يجيب على أسئلة الأعضاء ؟ أقترح أن يشارك بنفسه أو أن يقوم ابنه د. محي الدين غازي بنقل رأيه وجوابه على الاعتراضات حتى يثمر النقاش .
شكرا مقدما
 
شكراً على هذا النقاش العلمي المفيد .
أين صاحب المقالة الأصلية لكي يجيب على أسئلة الأعضاء ؟ أقترح أن يشارك بنفسه أو أن يقوم ابنه د. محي الدين غازي بنقل رأيه وجوابه على الاعتراضات حتى يثمر النقاش .
شكرا مقدما
شكر الله لك على هذه اللفتة الرائعة، ولكن لابد أن ينضج النقاش ولا سيما أن يناقش رأي صاحب المقال وما فيه من مواضع الخلل، فإن النقاش معظمه يدور حول الإشكالات التي تورد في الرأي المشهور والإجابة عنها، وبالله التوفيق.
 
عودة
أعلى