قال القرطبي رحمه الله: ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالإناث

إنضم
18/05/2011
المشاركات
1,237
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
قال الله تعالى: (وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ).
قال القرطبي رحمه الله: ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالإناث , وادعاء أن الجزء في لغة العرب اسم للإناث , وما هو إلا كذب على العرب ووضع مستحدث متحول , ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه : أجزأت المرأة , ثم صنعوا بيتا , وبيتا : إن أجزأت حرة يوما فلا عجب زوجتها من بنات الأوس مجزئة وإنما قول : " وجعلوا له من عباده جزءا " متصل بقوله : " ولئن سألتهم " أي ولئن سألتهم عن خالق السموات والأرض ليعترفن به ; وقد جعلوا له مع ذلك الاعتراف من عباده جزءا فوصفوه بصفات المخلوقين .ومعنى " من عباده جزءا " أن قالوا الملائكة بنات الله ; فجعلوهم جزءا له وبعضا , كما يكون الولد بضعة من والده وجزءا له .
 
قال الواحدي في البسيط
القول الثاني: أن معنى الجزء هاهنا العدل والشبيه، وذلك أنهم عبدوا الملائكة والجن، فجعلوهم لله عدلًا وشبيهًا، وهذا معنى قول مقاتل وقتادة ، وتقدير هذا القول كتقدير القول الأول؛ لأن المعنى: وجعلوا له من عباده جزءًا عدلاً، فحذف أحد المفعولين، وذكر أبو إسحاق في الجزء قولاً آخر فقال: أنشدني بعض أهل العلم بيتًا يدل على [أن] معنى الجزء الإناث، ولا أدري البيت قديمٌ أم مصنوع وهو:
إنْ أَجْزأَتْ حُرَّةٌ يومًا فلاَ عَجَبٌ...قَدْ تُجْزِئُ الحُرَّةُ المِذْكَارُ أَحْيَانَا
أي: إن ولدت أنثى، قال الأزهري: واستدل قائل هذا القول بقوله -عز وجل-: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 19] قال: وهذا القول ليس بشيء، والجزء بمعنى الإناث غير موجود في كلام العرب، والشعر القديم الصحيح لا يعبأ بالبيت الذي ذكره لأنه مصنوع ، ومعنى الآية: أنهم جعلوا لله من عباده نصيبًا، على معنى أنهم جعلوه نصيب الله من الولد، وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا، أي: وصفوهم بالأنوثة، وكذبوا في المعنيين جميعًا: في قولهم إنهم بنات الله، وفي أنهم إناث.
 
قال ابن الجوزي:
والمعنى: جَعلوا له نصيباً من الولد، قال الزجاج: وأنشدني بعض أهل اللغة بيتاً يدل على أن معنى «جزءٍ»معنى الإِناث- ولا أدري البيت قديم أو مصنوع:إِنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ، يَوْماً، فلا عجب... قد تجزئ الحُرَّةُ المِذْكارُ أَحْياناأي: آنثت، ولدت أُنثى.
 
قال الرازي:
وفي الآية مسائل: المسألة الأولى: قرأ عاصم في روآية أبي بكر: {جزء} بضم الزاي والهمزة في كل القرآن وهما لغتان، وأما حمزة فإذا وقف عليه قال جزا بفتح الزاي بلا همزة.
المسألة الثانية: في المراد من قوله {وجعلوا له من عباده جزءا} قولان: الأول: وهو المشهور أن المراد أنهم أثبتوا له ولدا، وتقرير الكلام أن ولد الرجل جزء منه، قال عليه السلام: "فاطمة بضعة مني" ولأن المعقول من الوابد أن ينفصل عنه جزء من أجزائه، ثم يتربى ذلك الجزء ويتولد منه شخص مثل ذلك اوصل، وإذا كان كذلك فولد الرجل جزء منه وبعض منه، فقوله {وجعلوا له من عباده جزءا} معنى جعلوا حكموا وأثبتوا وقالوا به، والمعنى أنهم أثبتوا له جزءا، وذلك الجزء هو عبد من عباده.
واعلم أنه لو قال وجعلوا لعباده منه جزءا، أفاد ذلك أنهم أثبتوا أنه حصل جزء من أجزائه في بعض عباده وذلك هو الولد، فكذا قوله {وجعلوا له من عباده جزءا} معناه وأثبتوا له جزءا، وذلك الجزء هو عبد من عباده، والحاصل أنهم أثبتوا لله ولدا، وذكروا في تقرير هذا القول وجوها أخر، فقالوا الجزء هو الأنثى في لغة العرب، واحتجوا في إثبات هذه اللغة ببيتين فالأول قوله: إن أجزأت حرة يوما فلا عجب قد تجزىء الحرة المذكاة أحيانا وقوله: زوجتها من بنات الأوس مجزئة للعوسج اللدن في أبياتها غزل وزعم الزجاج والأزهري وصاحب "الكشاف": أن هذه اللغة فاسدة، وأن هذه الأبيات مصنوعة والقول الثاني: في تفسير الآية أن المراد من قوله {وجعلوا له من عباده جزءا} إثبات الشركاء لله، وذلك لأنهم لما أثبتوا الشركاء لله تعالى فقد زعموا أن كل العباد ليس لله، بل بعضها لله، وبعضها لغير الله، فهم ما جعلوا لله من عباده كلهم، بل جعلوا له منهم بعضا وجزءا منهم، قالوا والذي يدل على أن هذا القول أولى من الأول، أنا إذا حملنا هذه الآية على إنكار الشريك لله، وحملنا الآية التي بعدها إلى إنكار الولد لله، كانت الآية جامعة للرد على جميع المبطلين.
 
قال الألوسي:
{ وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءا } متصل بقوله تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } [ الزخرف : 9 ] إلى آخره فهو حال من فاعل { لَّيَقُولَنَّ } بتقدير قد أو بدونه ، والمراد بيان أنهم مناقضون مكابرون حيث اعترفوا بأنه عز وجل خالق السموات والأرض ثم وصفوه سبحانه بصفات المخلوقين وما يناقض كونه تعالى خالقاً لهما فجعلوا له سبحانه جزأً وقالوا : الملائكة بنات الله سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً ، وعبر عن الولد بالجزء لأنهب ضعة ممن هو ولد له كما قيل : أولادنا أكبادنا ، وفيه دلالة على مزيد استحالته على الحق الواحد الذي لا يضاف إليه انقسام حقيقة ولا فرضاً ولا خارجاً ولا ذناً جل شأنه وعلا ، ولتأكيد أمر المناقضة لم يكتف بقوله تعالى : { *جزأ } وقيل { يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } لأنه يلزمهم على موجب اعترافهم أن يكون ما فيهما مخلوقه تعالى وعبده سبحانه إذ هو حادث بعدهما محتاج إليهما ضرورة .
وقيل : الجزء اسم للإناث يقال : أجزأت المرأة إذ ولدت أنثى ، وأنشد قول الشاعر :
إن أجزأت حرة يوماً فلا عجب ... قد تجزىء الحرة المذكار أحياناً
وقوله :
زوجتها من بنات الأوس مجزئة ... للعوسج اللدن في أنيابها زجل
وجعل ذلك الزمخشري من بدع التفاسير وذكر أن ادعاء أن الجزء في لغة العرب اسم للإناث كذب عليهم ووضع مستحدث منخول وأن البيتين مصنوعان ، وقال الزجاج : في البيت الأول لا أدري قديم أم مصنوع .
ووجه بعضهم ذلك بأن حواء خلقت من جزء آدم عليه السلام فاستعير لكل الإناث .
 
قال الشوكاني:
وقد جعل صاحب الكشاف تفسير الجزء بالبنات من بدع التفسير، وصرح بأنه مكذوب على العرب.
ويجاب عنه بأنه قد رواه الزجاج والمبرد، وهما إمامة اللغة العربية وحافظاها ومن إليهما المنتهي في معرفتها، ويؤيد تفسير الجزء بالبنات ما سيأتي من قوله: "أم اتخذ مما يخلق بنات" وقوله: " وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن " وقوله: "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً" وقيل المراد الجزاء هنا الملائكة فإنهم جعلوهم أولاد الله سبحانه قاله مجاهد والحسن.
قال الأزهري: ومعنى الآية أنهم جعلوا لله من عباده نصيباً مبالغ فيه، قيل المراد بالغنسان هنا الكافر، فإنه الذي يجحد نعم الله عليه جحوداً بيناً.
 
قال السعدي:
يخبر تعالى عن شناعة قول المشركين، الذين جعلوا للّه تعالى ولدا، وهو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له كفوا أحد، وإن ذلك باطل من عدة أوجه: منها: أن الخلق كلهم عباده، والعبودية تنافي الولادة.
ومنها: أن الولد جزء من والده، واللّه تعالى بائن من خلقه، مباين لهم في صفاته ونعوت جلاله، والولد جزء من الوالد، فمحال أن يكون للّه تعالى ولد.

 
قال الشنقيطي صاحب أضواء البيان:
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: جُزْءًا أَيْ عِدْلًا وَنَظِيرًا، يَعْنِي الْأَصْنَامَ وَغَيْرَهَا مِنَ الْمَعْبُودَاتِ مِنْ دُونِ اللَّهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: جُزْءًا أَيْ وَلَدًا. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: جُزْءًا يَعْنِي الْبَنَاتَ. وَذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْجُزْءَ النَّصِيبُ، وَاسْتَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بِآيَةِ «الْأَنْعَامِ» ، أَعْنِي قَوْلَهُ - تَعَالَى -: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا الْآيَةَ [6 136] . قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ -: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ كَثِيرٍ هَذَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - غَيْرُ صَوَابٍ فِي الْآيَةِ ; لِأَنَّ الْمَجْعُولَ لِلَّهِ فِي آيَةِ «الْأَنْعَامِ» هُوَ النَّصِيبُ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ، وَالْمَجْعُولَ لَهُ فِي آيَةِ «الزُّخْرُفِ» هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ عِبَادِهِ لَا مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ. وَبَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَرْقٌ وَاضِحٌ كَمَا تَرَى. وَأَنَّ قَوْلَ قَتَادَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْجُزْءِ الْعِدْلُ وَالنَّظِيرُ الَّذِي هُوَ الشَّرِيكُ - غَيْرُ صَوَابٍ أَيْضًا; لِأَنَّ إِطْلَاقَ الْجُزْءِ عَلَى النَّظِيرِ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. أَمَّا كَوْنُ الْمُرَادِ بِالْجَزَاءِ فِي الْآيَةِ الْوَلَدَ، وَكَوْنُ الْمُرَادِ بِالْوَلَدِ خُصُوصَ الْإِنَاثِ - فَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ فِي الْآيَةِ.وَإِطْلَاقُ الْجُزْءِ عَلَى الْوَلَدِ يُوَجَّهُ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْعَرَبَ تُطْلِقُ الْجُزْءَ مُرَادًا بِهِ الْبَنَاتُ، وَيَقُولُونَ: أَجْزَأَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا وَلَدَتِ الْبَنَاتِ، وَامْرَأَةُ مُجْزِئَةٌ، أَيْ تَلِدُ الْبَنَاتِ، قَالُوا وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: إِنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةً يَوْمًا فَلَا عَجَبَ ... قَدْ تُجْزِيءُ الْحُرَّةُ الْمِذْكَارَ أَحْيَانًا وَقَوْلُ الْآخَرِ: زَوَّجْتُهَا مِنْ بَنَاتِ الْأَوْسِ مُجْزِئَةً ... لِلْعَوْسَجِ اللَّدْنِ فِي أَبْيَاتِهَا زَجَلُ وَأَنْكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ هَذِهِ اللُّغَةَ قَائِلًا: إِنَّهَا كَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ عَلَى الْعَرَبِ. قَالَ فِي الْكَشَّافِ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَمِنْ بِدَعِ التَّفَاسِيرِ تَفْسِيرُ الْجُزْءِ بِالْإِنَاثِ، وَادِّعَاءُ أَنَّ الْجُزْءَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ اسْمٌ لِلْإِنَاثِ، وَمَا هُوَ إِلَّا كَذِبٌ عَلَى الْعَرَبِ، وَوَضْعٌ مُسْتَحْدَثٌ مَنْحُولٌ، وَلَمْ يُقْنِعْهُمْ ذَلِكَ حَتَّى اشْتَقُّوا مِنْهُ ( أَجَزَأَتِ الْمَرْأَةُ) ثُمَّ صَنَعُوا بَيْتًا وَبَيْتًا: إِنْ أَجَزَأَتْ حُرَّةٌ يَوْمًا فَلَا عَجَبَ ... زَوَّجْتُهَا مِنْ بَنَاتِ الْأَوْسِ مُجْزِئَةً اهـ. مِنْهُ بِلَفْظِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ فِي اللِّسَانِ: وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: يَعْنِي بِهِ الَّذِينَ جَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ بَنَاتِ اللَّهِ، تَعَالَى وَتَقَدَّسَ عَمَّا افْتَرَوْا، قَالَ: وَقَدْ أَنْشَدْتُ بَيْتًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى جُزْءًا مَعْنَى الْإِنَاثِ ; قَالَ - وَلَا أَدْرِي الْبَيْتَ هُوَ قَدِيمٌ أَوْ مَصْنُوعٌ -: إِنْ أَجَزَأَتْ حُرَّةٌ يَوْمًا فَلَا عَجَبَ الْبَيْتَ. وَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا، أَيْ جَعَلُوا نَصِيبَ اللَّهِ مِنَ الْوَلَدُُِ
 
بعد عرض أقوال بعض المفسرين، أسجل هنا عددا من الملاحظات لعل أساتذتنا في هذا المجلس العلمي الإفتراضي يسهمون بالتعليق والتوجيه، وهي:
أولا:
لمست أن أكثر المفسرين يعزو هذا الإنكار لشاهد هذا القول إلى الزمخشري رحمهم الله جميعا، مع أن الواحدي سبقه إلى هذا القول وهو متقدم عليه، فما تفسير ذلك عند مشايخنا؟
 
الذي يظهر لي -والله أعلم- وأنا رجل له علاقة لا بأس بها بتفسير البسيط:

1- شهرة الزمخشري وانتشار كشافه منذ القدم بخلاف تفسير (البسيط) الضخم للواحدي الذي لم ينتشر انتشارا واسعا كالكشاف والقرطبي وغيرهما ولولا أن الله قيض للبسيط طلبة من جامعة الإمام حققوه في مشروع كبير في 25 مجلدا أشرف عليهم أمير من آل سعود لما طبع البسيط ولا عرف ولبقي في مخطوطاته
إضافة إلى أن الواحدي شهرته في تفسيره المختصر (الوجيز) أكثر من (البسيط)

2- كثرة ردود العلماء قديما وحديثا على الزمخشري بسبب اعتزاله فلعلهم ظنوه من أقواله أو من الأقوال روَّجها الكشاف وإن كان قائلها غير الزمخشري
أما الواحدي فكان من أهل السنة بالجملة فقلَّ التعرض له ووجدت كلاما لابن تيمية عن الواحدي فذكر حسنه وسيئه بإنصاف وأنقل هذا النص لأهميته في تفسير (الجزء) في الآية الكريمة

قال: ( و" الثَّعْلَبِيُّ " هُوَ فِي نَفْسِهِ كَانَ فِيهِ خَيْرٌ وَدِينٌ وَكَانَ حَاطِبَ لَيْلٍ يَنْقُلُ مَا وُجِدَ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ مِنْ صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ وَمَوْضُوعٍ و" الْوَاحِدِيُّ " صَاحِبُهُ كَانَ أَبْصَرَ مِنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ؛ لَكِنْ هُوَ أَبْعَدُ عَنْ السَّلَامَةِ وَاتِّبَاعِ السَّلَفِ) مجموع الفتاوى 13/354

(وَأَمَّا " التَّفَاسِيرُ الثَّلَاثَةُ " الْمَسْئُولُ عَنْهَا فَأَسْلَمُهَا مِنْ الْبِدْعَةِ وَالْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ " البغوي " لَكِنَّهُ مُخْتَصَرٌ مِنْ " تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ " وَحَذَفَ مِنْهُ الْأَحَادِيثَ الْمَوْضُوعَةَ وَالْبِدَعَ الَّتِي فِيهِ وَحَذَفَ أَشْيَاءَ غَيْرَ ذَلِكَ. وَأَمَّا " الْوَاحِدِيُّ " فَإِنَّهُ تِلْمِيذُ الثَّعْلَبِيِّ وَهُوَ أَخْبَرُ مِنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ؛ لَكِنَّ الثَّعْلَبِيَّ فِيهِ سَلَامَةٌ مِنْ الْبِدَعِ وَإِنْ ذِكْرَهَا تَقْلِيدًا لِغَيْرِهِ. وَتَفْسِيرُهُ و" تَفْسِيرُ الْوَاحِدِيِّ الْبَسِيطُ وَالْوَسِيطُ وَالْوَجِيزُ " فِيهَا فَوَائِدُ جَلِيلَةٌ وَفِيهَا غَثٌّ كَثِيرٌ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ الْبَاطِلَةِ وَغَيْرِهَا. وَأَمَّا " الزمخشري " فَتَفْسِيرُهُ مَحْشُوٌّ بِالْبِدْعَةِ وَعَلَى طَرِيقَةِ الْمُعْتَزِلَةِ مِنْ إنْكَارِ الصِّفَاتِ وَالرُّؤْيَةِ وَالْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَأَنْكَرَ أَنَّ اللَّهَ مُرِيدٌ لِلْكَائِنَاتِ وَخَالِقٌ لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُصُولِ الْمُعْتَزِلَةِ.) مجموع الفتاوى 13/386

(وَكَذَلِكَ الْوَاحِدِيُّ تِلْمِيذُ الثَّعْلَبِيِّ، وَالْبَغَوِيُّ اخْتَصَرَ تَفْسِيرَهُ مِنْ تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ وَالْوَاحِدِيِّ، لَكِنَّهُمَا أَخْبَرُ بِأَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ مِنْهُ، وَالْوَاحِدِيُّ أَعْلَمُ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنْ هَذَا وَهَذَا، وَالْبَغَوِيُّ أَتْبَعُ لِلسُّنَّةِ مِنْهُمَا.) المنهاج 7/312

فأثبت ابن تيمية للواحدي بصره في العربية مع أنه غير مبرز في الحديث وعليه مآخذ في بعض مسائل العقيدة.
فما دام له بصر في العربية بشهادة العلماء فقوله معتبر في رد الجزء بمعنى الأنثى.

أما عن البيت فأراه مريبا حَاكَ في نفسي ولا أرى الآية مستغلقة لن تنفتح إلا به فالجزء هنا بمعنى الولد بشكل عام أما تخصيصه أذكر أم أنثى؟ فهذا يرجع إلى الآيات الأخرى التي ذكرها العلماء من أن المقصود من الولد الأنثى, والقرآن يفسر بعضه بعضا.

ومعذرة عن الإطالة.
 
بقي المعنى المراد!
ماهو وجه تفسير الآية عند من أنكر صحة البيت معنى للجزء الذي أوردوا البيت شاهدا له في العربية؟
وهل جميع المنكرين للبيت متفقون على معنى واحد للفظة الجزء في الآية؟
 
هل أرادوا بالجزء (الجزء من العباد) أم (جزءا من الله) تعالى الله علوا كبيرا؟
أي هل أرادو بالولد أنه انبثق عن الله تعالى، فبعد المعنى عندهم أن يكون ذلك دعوى للمشركين أصلا؟
وأما كلام الواحدي في البسيط فالنقولات عنه موجودة في كتب المفسرين، لكن النقولات عن الزمخشري في مسائل اللغة أكثر وإسناد القول إليه فيها عندهم أوثق، والله أعلم.
 
عودة
أعلى