في نظرية المعرفة

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع محمد بن عبد الله
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
م

محمد بن عبد الله

Guest
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]لحاجاتنا لنظرة شاملة نحو تأصيل علمي وفكري لعالم الشهادة أضع البحث التالي للأستاذ ناجح بن أسامة التميمي , وأرجو ممن لهم اهتمام بنظرية المعرفة وعلم أصول العلم (البحث في القواعد الإجمالية التي يبتنى عليها العلم) وفلسفة العلوم التفاعل معنا لعموم الفائدة والله الموفق.

" [align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

[align=center]المعلومات المسبقة[/align]

ينزل الوليد من بطن أمه لا يعلم شيئاً , ثم يبدأ شيئا فشيئا بإدراك ما حوله بدءاً من نعومة أظافره حتى مشيبه , و المعلومات المسبقة : هي الإدراك العقلي للبديهيات الفكرية و لوجوه الإحساس في أبسط أشكالها , فمثلاً وعي أن الألوان من حيث هي ألوان و الروائح من حيث هي روائح و الأصوات من حيث هي أصوات و النكهات من حيث هي نكهات و أن الكل اكبر من الجزء و هلم جراً فهذه البديهيات الواعية هي أفكار على بساطتها فالقدرة على التمييز ما بين الأشياء تعد اللبنة الأساسية للتفكير, فهذه الركائز هي أمور مسلم بها يدركها الإنسان فطرياً , وهنا تحدث المفارقة العجيبة التي تجابه بأفكار عمياء صماء !!؟؟ , فمن أين أتت ؟؟ , وهنا يبدأ المتحذلقون و الفلاسفة النوابغ بالإجابة , لنرى , إن فريق منهم يقول بالتجربة , وهنا ماذا لو قلنا لهم أن فرضهم العلمي فاسد من هذا المنطلق , إذ أن التجربة تحتاج إلى العقل لاستخلاص النتائج فإن لم يوجد العقل أصلا فما نفع التجربة , ثم ينطلق فريق منهم ليقول أن البنية الحسية تقتضي ذلك و هنا دع العلم نفسه يجيبهم بأن افتراضهم ليس فاسداً وحسب بل وعقيم , و بعد فهم الحس فهما كافياً فماذا يقول اليقين لنا ولهم : أن الإحساس لا يولد ولا يوحي بوعي أبدا فالإحساس هو مجرد إحساس , فإن أردت مثلاً فخذ كتابا بلغة لا تعرف أي شيء عنها ككتاب بلغة أجنبية عنك و اعمد إلى إحساسه ليل نهار بكل سطر فيه وعندما يوحي لك إحساسك بفهم سطر أرجو أن تخبرنا كي نسجلك ضمن الظواهر غير الطبيعية و يجب علي أن أنبه أن الإحساس غير منفصل أبدا عن إدراك ما ولكن الوصول إلى الإدراك المطلوب هو موضوع آخر, فمن المسبب يا ترى في وعينا إذ أن لكل سبب من مسبب فمن واضع ومدبر وخالق وعينا , ولا يخفى على أحد أننا نتحدث عن الله فهو القادر الكامل الذي جعلنا على ما نحن عليه الآن , و لا أعرف من الذي قال بوجود مشكلة بين المعرفة و الله فنحن لا نرى وجودها إطلاقاً فالخضوع لله أولى واجبات العالم , و الخالق قادر كامل لا يستند بوجوده إلى شيء و تستند المخلوقات كلها بوجودها إليه , و كما لاحظت يا عزيزي فيبدأ الإنسان بإدراك ما يخص صفات ذاته ( أن يبدأ بإدراك نفس طبيعة العمليات العقلية و التعبير الشعوري لذاته في التعامل مع الطبيعة قبل إدراك الطبيعة ذاتها ) . وكما رأيت فإن المعلومات المسبقة تنقسم إلى قسمين :-

1- الإدراكات الحسية :- و هي إدراك الألوان و الأبعاد و الكميات و الأصوات و الروائح و الملموسات و النكهات و المساحات , وإن كان الإدراك هنا معناً على محسوس .
2- الإدراكات المعنوية :- الصفة الثنائية , العلة والمعلول , و التركيب والتجزيء(التحليل ) , و التجريد والتعميم , و الجوهر والعرض(الباطن و الظاهر) , و الوحدة و الكثرة , و الإمكان والوجوب , و الوجود و العدم , وهذه المعاني ليست متحررة من الحس بل متعلقة تمام التعلق به .

و هي كعمليات عقلية لا توجد مرة واحدة عند الإنسان و إنما توجد على مراحل متفرقة , تبعا للنضوج العقلي , مع العلم أن الإنسان لا يملك منها شيئاً حال ولادته , و الصفة الثنائية تعني أن الصفات تأتي على وجهين كبير و صغير و طويل و قصير و قوي و ضعيف و هكذا و هذه البديهية من أهم البديهيات إذ أنها ركيزة للتمييز و الإدراك , فالتمييز بديهية فكرية أساسها المقارنة.

[align=center]التفكير[/align]
و هنا نصل إلى أنّ التفكير حكم على واقع أو هو الربط بين فكر مسبق و واقع مثل قولنا أن السماء زرقاء فقد حكمنا هاهنا على السماء بالزرقة فعملية الربط تمت بين مساحة ولون, ولا جرم أن معنى العقل لغة وهو أداة الفكر هو"الربط"وهنا نبدأ بالتعرض للتفكير من جوانب أخرى .
و نقول هنا أن التفكير هو : إستذهان و تصديق .
و الاستذهان هو حصول ( أي تمثل) المحتوى الحسيّ في الدماغ بعد نقله بوساطة الحواس , بحيث أصبحت مستقلة عن الواقع , فالاستذهان هو وجود تمثيل للواقع في الذهن , و الذهن هو مكان حضور التمثيل هذا .
و هنالك خمسة أنواع من الاستذهانات و هي :-
1 الاستذهان البصري : و هو حضور المحتوى البصري في الدماغ .
2 الاستذهان السمعي : و هو حضور المحتوى السمعي في الدماغ .
3 الاستذهان الشمي : و هو حضور المحتوى الشمي في الدماغ .
4 الاستذهان اللمسي : و هو حضور المحتوى اللمسي في الدماغ .
5 الاستذهان التذوقي : و هو حضور المحتوى التذوقي في الدماغ .

و تستطيع الذاكرة تخزين هذه الاستذهانات , و الذاكرة : هي وحدة حيوية داعمة تستطيع تخزين المعطيات العقلية و استرجاعها , ومعطيات الذاكرة هي :-
1- الأفكار .
2- الاستذهانات .
3- الأحاسيس الشعورية .

و هنا نستوثق مدى العلاقة الوطيدة ما بين الحس و العقل , و يظهر لنا أن اكتمال الحلقة الفكرية يستوجب اكتمال الحلقة الحسية , و يستحيل اكتمال المفاهيم العقلية عند فاقد إحداها ما لم تكن له خبرة مسبقة حولها , فلا يستوي الأعمى و البصير و لا السميع و الأصم .

[align=center]المفاهيم[/align]
قد قلنا أن الفكر هو حكم على واقع بالأصل و مفرده فكرة واحدة , ولتسجيل هذه الأفكار لا بد من وجود قالب توضع فيه بهدف حفظها أي تدوينها أو نقلها لشخص أو أشخاص آخرين و هذا القالب هو اللغة , فاللغة هي وعاء الأفكار , ولهذا فقد أطلق اليونانيون اسم المنطق (فن النطق) على فرع المعرفة الذي ابتكروه الذي يبحث الأفكار من حيث هي أفكار , كما أن اللغة نفسها تحمل في طرقها و أساليبها العمليات الفكرية على تنوعها , مثل أساليب التفضيل و المقارنة و الاستثناء و غيرها فالبحث في أساليب اللغة نفسها لهو بحث في الفكر على اختلاف القصد من البحث .

و تتمثل اللغات في عصرنا الحاضر في أشكالها المحسوسة , سواء كانت المقاطع الصوتية التي تمثل مفردات اللغة أم كانت الرموز المرئية التي تمثل مفردات اللغة أيضاً , فكل اللغات متفقة من حيث المعنى ( الفكر) مختلفة من حيث اللفظ , وهناك أربع مهارات تتعلق باللغة و هي :
1- التحدث .
2- الاستماع .
3- الكتابة .
4- القراءة .

فالتحدث و الاستماع تدوران حول شكل الفكرة المسموعة كما أن الكتابة و القراءة تدوران حول شكل الفكرة المرئي , أو يمكن أن تكون القراءة والكتابة بالشكل المحسوس كالكتابة بطريقة بريل . أو أن يكون التخاطب مرئيا وليس صوتيا مثل التخاطب بإشارات الصم و البكم .

حسناً إن اللغة على ذلك قد تكتسب و تنقل من شخص إلى آخر و لكن الوعي العقلي ليس مضمون الوصول إلى المتلقي , أي أن حصول الوعي نتيجة التفكير لا تحمله اللغة إلا إذا أدرك المستقبل (المتلقي) أن المعنى اللغوي هو كذا , وعليه فيقال أن إدراك ما تعنيه الفكرة في الواقع هو الفهم , ولا يتأتى إدراك أي فكرة إذ لم يكن لها ما يمثلها في الواقع , فنقول أن الفهم : هو إدراك التمثيل الواقعي للفكرة , و المفهوم : هو وجود تمثيل واقعي للفكرة .
فالفكرة التالية : " إن الإنسان كائن حي" تعتبر مفهوماً إذ أن لها ما يمثلها في الواقع و يمكن إدراكه .
( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (8) سورة الحج .
و من هذا المنطلق فإن المفاهيم على ثلاثة أنواع و هي :
ا – المفاهيم المباشرة
و هي تلك المفاهيم التي يدرك العقل وجودها في الواقع مباشرة . مثل الحاجات العضوية .
ب – المفاهيم غير المباشرة
و هي تلك المفاهيم التي يدرك العقل وجودها في الواقع من إدراكه لأثرها . مثل : الغرائز والروح و هي للواقع غير الفيزيقي عادة .
ج – المفاهيم النقلية
و هي تلك المفاهيم التي لم يدرك العقل وجودها في الواقع الخارجي لا مباشرة و لا إدراكاً لأثرها و لكنه أدرك وجودها عن طريق الدليل النقليّ المقطوع بصحته . مثل : الملائكة و الجنة و النار و غيرها و يجب أن نعرف أن الأمور ليست على الإطلاق لنخرج من دائرة الجمود فهذا من خصائص المعرفة العلمية القويمة فما من شأنه أن يكون مفهوما غير مباشر للبعض قد يكون مفهوماً مباشراً للبعض الآخر و ما قد يكون مفهوماً نقلياً للبعض قد يكون مفهوماً مباشراً أو غير مباشر للبعض الآخر .

و هنا نقول أن ما يبرهن على وجود المفهوم في الواقع الخارجي هو المدلول , فما يدل من الواقع على وجود فكرة هو مدلول هذه الفكرة و يمكن القول أن الدلالة تعني أن العلم بوجود شيء يستدعي استتباع العلم بوجود شيء أخر في الذهن ملازم له , و عليه فيقال أن الفكر هو مدلول الجملة اللغوية , و الجملة اللغوية فكرة و فهمها فكرة أخرى .

و بناء على ما تبين هنا نقول أن مطالعة كميات ضخمة من الكتب و البيانات لا تجعل من الشخص عالماً ناهيك عن كونه باحثاً (فحتى كلمة العلم تأتي بكلمة علامة أي دلالة إشارة رابطة للأفكار), إذ يقتضي الأمر من العالم أن يكون مدركاً دلالات المعرفة وهذا ما يحتاج لتدبر و تفكير أما الباحث فعبؤه ثقيل فهو يقارب و يباعد و يقيس و يستجلب معلومات و يقصي أخرى .
الإدراك
و يتبين معنا أن الإدراك هو التوصل إلى فهم التمثيل الواقعي الذي تحمله هذه الأفكار كاللغة , حيث أن الفكرة قد تم تشكيلها سابقاً . و الإدراك يقوم على فهم الدلالة المعنوية في واقع الحال لتلك القوالب الحسية كدلالة الألفاظ اللغوية فهو المستوى التالي بعد المستوى الفكري , وحيث أعتبر سبق الفكر المسبق للأفكار التي تليه و بنائها عليه فأعتبر أن كل الفكر هو إدراك , وهنا أتعرض لمسألة انطلاق الأحكام الفكرية هل هي من الفكر أم من الواقع فقد صح أن الواقع ركن لكنه لولا تلك الأفكار المسبقة لما كان هناك من إدراك أبدا ً و عليه فالانطلاق يكون من الفكر لا من الواقع مع كل الاعتبار لشكل الفكر هذا الذي سيسند إليه الفهم و هي التي تعتبر حقاً أداة فهم وتمحيص الواقع بالشكل الحقيقي , وهل تلك الأدوات الفطرية يمكن تبينها هكذا , و أعتقد إن التجريد يفيد هنا مع مراعاة فصل تأثير الذاتية و الأنا و لكن ضعف القدرة على فصل الهوى والأماني وما للنفس من خصائص يجعل فصلها صعباًً و إذاً لا بد من مرجع مرشد أو معول عليه كهادي وسلطان نصير حتى يمكن الوصول للحكمة الحقة , ( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) سورة غافر .
و لاجرم أن يكون القرآن وهدي النبي الكريم هو السلطان والهادي والنصير .
"
 
ايتوا البيوت من أبوابها

ايتوا البيوت من أبوابها

[align=justify]لست من المؤيدين للتوسع في العقليات في منتدى علمي مختص بالبحث التاريخي واللغوي فقط ، ولكن لأن الأخ كاتب المقال قد افتتح الموضوع معتمداً على مقال لم يأت البيوت من أبوابها فينقل العلم من مصادره الحقة، مع شكري له على نيته الصالحة في تقديم المفيد ، ولكن تأصيل العقل لا يكون على نصّ أدبيٍّ بلاغيّ ولا لغة تعاليم أخلاقية، وليراجع هذا الرابط
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5442
فإنّ فيه شرطاً للتأصيل الفلسفي، أساء من لا علم له به فهمَه فساء ظنّاً بكاتبه وناقله. وهذه حال كل العلوم فإنّ من جهِل شيئاً عاداه.
أما بشأن الموضوع فنقول:
الإيبستيمولوجيا علمٌ قائم بذاته له أصوله ومبادئه وأساطينه وليس في المكتبة العربية ما يُثلِج الصدر ويساهم في توضيح هذا المفهوم ، وأحسبُ أنّ أفضل اثنين كتبا في فلسفة العلوم هما العراقيّ (ياسين خليل) رحمه الله، والمغربيّ (محمد عابد الجابريّ) أطال الله عمره بالإضافة إلى ما كتبه الإخوة في مصر مما لم يسعفني الحظ في استحسان ما أذكره. وهذا الثاني قد شكّل مدرسةً عربيةً لهذا النوع من العلم ، ومن تلاميذه ومريديه الدكاترة سالم يفوت(مترجم كتب ميشيل فوكو) وعبدالسلام بنعبدالعالي (صاحب درس الايبستيمولوجيا) وسعيد بنسعيد. وإنه والحقُّ يقال فإنّ هذه المدرسة التي أسسها الجابري قد قدمت للعرب خدمة جليلة وسدّت القليل من الثغرة التي يصعب ردمها في حقل (العلوم العقلية) التي تشكو منها الجامعات العربية ضعفاً يوشك أن يفضحها.
وقد اهتمت إحدى مدارس الأحزاب الإسلامية السنية المهتمة بإعادة الخلافة بتعر يف العقل وتناولت نظرية المعرفة بتعال لم ينفذ إلى صميمها. و (الجهل أول قصاص الكبرياء ) كما يقول هـ جـ ويلز، ولذلك جمدت هذه المدرسة عند وضع معين. ولا يحمد لها الا استقلالها الذي تمتلكه إزاء الأيديولوجيات الغربية والشرقية. وهو نفسه(أعني الاستقلال) كان سبب وفاتها.أما فشلها السياسي فسببه موقفها الفكري حيث عرضت على الناس مناقشة أفكار جزئية وهذا خطأ سياسي صرف صَرف الناس عنها.
ويوجد فرق بين الفلسفة والتفلسف ، فكل كلام أو خطاب لا يوضح مصطلحاته ومفاهيمه فليس جديرا بالقراءة أصلاً لأنه عبارة عن لياذ عقيم بمصطلحات غير متبلورة.
وأول قاعدة يجب أن يأخذها كل قارئ للعقليات مهما كان نوعها هي كلمة ماكس فيبر الذهبية:"إن جميع المصطلحات والمفاهيم هي إلى حدّ ما اعتباطية (تحكمية)، وإنّ فائدتها في وظيفتها الإجرائية فقط في تقدم البحث وصياغة النظرية). فمن أخذ مفهوماً علمياً تجريدياً على أنه كيان ثابت مجسد فقد ارتكب خطأ قاتلاً لمسيرته التعلمية.
وللإخوة الذين يريدون تشكيل قاعدة عقلية لهم أدلهم على أهمّ الكتب والخطوات :
1-كتاب الإسلام بين الشرق والغرب للأستاذ علي عزة بيكوفج1994
2-تطور الفكر العلمي والعقلانية المعاصرة للأستاذ محمد عابد الجابري1994
3-تشكيل العقل الحديث،
4-البحث العلمي ، جورج بليخانوف،ترجمة:يوسف أبي فاضل،وميشال أبي فاضل، منشورات عويدات ، بيروت،1983.
5--العلم أسراره وخفاياه،تحرير:هـ.شابلي،وص.رابورت،وهـ.رايت،ترجمة:محمد صابر سليم،ومحمد جمال الدين الفندي،القاهرة.
6--العلم يزحف،كتبه خمسون عالماً،ترجمة:د.محمد الشحات،مكتبة الأنجلو المصرية،القاهرة،1951.
7-بساطة العلم، ستانلي د بيك ، ترجمة زكريا فهمي وعبد الفتاح إسماعيل، مؤسسة سجل العرب ، القاهرة ، 1967.
[هذا الكتاب على غاية الأهمية وودت أن يقرأه كل طلاب العلوم الشرعية]
8-بنية الثورات العلمية تأليف توماس كون، ترجمة شوقي جلال،عالم المعرفة الكويت1992
ناهيك عن الموسوعات الفلسفية كالموسوعة الفلسفية المختصرة التي ترجمها جلال العشري وآخران بإشراف زكي نجيب محمود. ومعاجم المصطلحات الفلسفية والاجتماعية والسايكولوجية واللغوية وجميع العلوم الاجتماعية(الإنسانية).
وأن يجعل المسلم دليله قول النبي عليه الصلاة والسلام الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها كان أحق بها. وأهم قاعدة للتأصيل الفكري أن تعرف أن قوانين العقل البشري واحدة وأن الخلاف هو في تحققها في العملية العقلية أم لا، وهي مجموعة في كل الموسوعات الفلسفية ، وهي:المبادئ اليقينينة التي يلتقي عندها العقلاء جميعاً وهي مبدأ الهوية، ومبدأ عدم التناقض، ومبدأ العلية"، إذ تتصف هذه المبادئ بصفتين رئيستين:
1. أنها ضرورية، فلا تقبل التعديل ولا الاحتمال، ولا تتوقف على الأفراد والظروف. فهي فطرية فينا.
2. أنها تبعاً لذلك كلية، تسلم بها كل العقول وتحكم كل الأشياء.
وقد يضاف إليها أنها أولية بمعنى أنها تسبق التجربة.
وقد تسمى أيضاً قوانين الفكر أو المبادئ المنطقية Principes Logiques . وقد اعتُرض على تسمية هذه المبادئ باسم قوانين الفكر لأن القوانين تعبر عما هو كائن ولهذا فضل بعضهم أن تعد شروطاً للفكر السليم لا قوانين للفكر الإنساني، أي أنها شروط مفترضة في كل تفكير منطقي سليم بحيث لو فقدت لفقد التفكير المنطقي السليم.

مبادئ العقل (قوانين الفكر أو المبادئ المنطقية) Laws Of Thought:

هي الحقائق البينة والضرورية التي تؤلف جهاز فكرنا العقلي،ومبادئ الفكر الضرورية أربعة وظهرت لأول مرة مكتوبة عند أرسطو في الأورجانون، ومن أحسن من بحثها من بعده جورج بول:
1. مبدأ الهوية: ويقول : ما هو هو، وما ليس هو ليس هو، ويعبر عنه رمزياً:أ هي أ. وهو مبدأ يعبر عن ضرورة منطقية تقضي بأن يكون كل معنى يتصور على أنه عين ذاته ويسمى أيضاً "مبدأ وحدة الذات" وهو أساس الأحكام والبرهنة السليمة، وقد أخذ على هذا المبدأ:
أ‌. أنه تحصيل حاصل Tautology أي تكرار الشيء الواحد بألفاظ مختلفة، ويطلق المصطلح على عمليات تتصل بالمنطق ليس فيها إلا تغيير ألفاظ ،أما في الرياضيات والمنطق الرياضي فقد عدّ فتجنشتاين وكارناب من المناطقة الرياضيين المعاصرين القضايا كلها تحصيل حاصل، لأنها قضايا صورية بحتة لا تعبر عن الواقع في شيء وإنما تصوغه في تعبيرات جديدة، والحقيقة أن مراد فتجنشتاين هو أن يبين أن العقل جزء من الوجود فليس بإمكانه أن يجيب عن العلة الغائية للوجود لأنه يكتشف نفسه في الطبيعة فحسب، أي "أنه في النهاية يساوي صفراً"، ولذلك يمثل لنا فتجنشتاين بمثل بسيط وهو "إما أن تكون السماء ممطرة أو غير ممطرة وهو مثال في رأي فتجنشتاين يمثل المنطق والرياضة بأسرهما فهما علمان صحيحان صحة خالية من المعنى إذ هما لا ينبئان بشيء، فتحصيل الحاصل إذن رغم خلوه من المعنى هو استعمال مشروع للغة" .
ب‌. إنه يدل على هوية جزئية فحسب؛ أي هوية من جانب وعدم هوية من جانب آخر. فحين نقول: سقراط هو الفيلسوف اليوناني الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد وحكم عليه بتجرع السم، فهنا هوية، من ناحية أن سقراط والموصوف بهذه الأوصاف هما شخص واحد، وعدم هوية، من ناحية أن سقراط علم معين والأوصاف المذكورة تعبير عن أحواله وبهذا تنفصل عنه. وبهذا التفسير الثاني لمبدأ الهوية يأخذ الكثير من المناطقة والفلاسفة. وقد ورد ترتيبه في موسوعة ماجروهيل الثالث.
2. مبدأ التناقض (أو بالأحرى عدم التناقض) Le principe de (non - ) contradiction: ويقول : الشيء الواحد لا يمكن أن يكون وأن لا يكون معاً. أي "لا يمكن أن يكون الشيء في آن واحد موجوداً وغير موجود". وهذا المبدأ أهم المباديء العقلية وجوهر الفكر المنطقي، ولهذا حظي باهتمام بالغ في الفكر الفلسفي حتى اليوم. والتناقض هنا هو تقابل السلب والإيجاب، ويعبر عنه رمزياً :
أ لا يمكن أن تكون ب ولا ب معاً.
وهو غير التضاد، إذ المتضادان هما الذاتان الوجوديان المتعاقبان على موضوع أو محل واحد، وبينهما غاية الخلاف، مثل أسود وابيض. فهما صفتان وجوديتان، أي لا تدل إحداهما على عدم كما في حالة طرفي التناقض؛ ومتعاقبان على موضوع أو محل واحد وهو السطح ذو اللون. وبينهما غاية الخلاف أي يقعان عند طرفي سلم طويل (أو قصير) من الألوان: الأسود- البنفسجي- الأزرق- الأحمر – الأصفر – الأبيض. ثم الفروق الدقيقة في داخل كل لون من هذه الألوان. هذا في حال التضاد أما في حال التناقض فلا يوجد أي وسط بين المتناقضين: أسود، لا أسود. إنسان، لا إنسان. دائرة، لا دائرة. ولهذا فإن المتناقضين يتوزعان فيما بينهما كل الوجود أو كل عالم المقال.. واعترض بعضهم على هذا القانون (مبدأ عدم التناقض) بقولهم إنه ليس ثم وجود بل صيرورة. كما قال برجسون: "لا يوجد أشياء بل أفعال"، والرد على هذا هو أن أية عملية صيرورة إنما تجري على موضوع هو الذي يصير من كذا إلى كذا، فثم شيء باقٍ إذن. والتغير يقتضي هذا الباقي المتغير. إنه تطور هوية الصيرورة وانتقال من القوة إلى الفعل. وليس بصحيح ما زعمه بعضهم من أن هيجل أنكر مبدأ عدم التناقض، بل هو يقرر وجود لحظات للانتقال من الموضوع Thesis إلى نقيض الموضوع Antithesisإلى مركب الموضوع Synthesis . وفي مركب الموضوع لا يزال الموضوع محتفظاً بالصفة التي عنها صدر .
3. مبدأ الثالث المرفوع ويسمى أيضاً مبدأ الوسط المرفوع: مؤداه أن القضيتين المتناقضتين لا وسط بينهما، فكل شيء هو إما أ أو لا - أ . ولا وسط بينهما. أي لابد ان يكون الواحد أو الآخر ولا يمكن أن يكون لا هذا ولا ذاك، فمثلاً العدد (2) هو إما زوج أو فرد، ولا يمكن أن لا يكون أحدهما. فالتناقض يقول أن الشيء لا يمكن أن يكون النقيضين معاً. والثالث المرفوع يقول إنه لا يمكن أن يكون ولا واحد من النقيضين. ولهذا كان مبدأ التناقض ومبدأ الثالث المرفوع متكاملين.
4. مبدأ السبب الكافي (أو العلة الكافية) (القياس): قد يضاف إلى تلك المبادئ الثلاثة مبدأ آخر هو مبدأ السبب الكافي. وهو مبدأ التضمن، الذي يقتضي بأنه إذا كانت أ تتضمن ب، ب تتضمن ج، فإن أ تتضمن ج لا محالة. وعلى الرغم من أن لايبنتس Leibnizهو أول من صاغ هذا المبدأ فإننا نجده مع ذلك عند أرسطو في كلامه عن دور الحد الأوسط في القياس، إذ عده علة المعرفة. ومن أرسطو انتقل على هذه الصورة إلى الأسكلائيين في العصور الوسطى وإلى الفلاسفة المسلمين. يقول لايبنتس : "يوجد مبدآن كبيران لبراهيننا، أحدهما هو مبدأ التناقض والآخر هو مبدأ العلة الكافية، ذلك أنه لا شيء يحدث دون أيكون هناك علة أو سبب محدد؛ أي يصلح أن يفسر أولوية وجوده على عدم وجوده وأولوية كونه هكذا على كونه على نحو آخر… ولا يحدث شيء دون علة كافية أعني أنه لا يحدث شيء دون ان يكون في وسع من يعرف الأشياء أن يبين السبب الكافي لكونه هكذا وليس على نحو آخر". فالعلية أحد أركان أو مبادئ العقل قبل العصر الحديث بلا نقاش، وكثيراً ما يدافع عنها المعري ولا يجيز خرقها، وهي بالنسبة لفلاسفة الإسلام أساس العقل حتى إذا لم يستطيعوا أن يتبينوها، يقول ابن سينا في كتاب السياسة في معرض تعليله لمسألة أن ليس كل صناعة يرومها الصبي ممكنة له مؤاتية، لكن ما شاكل طبعه وناسبه: "ولهذه الاختبارات، وهذه المناسبات والمشاكلات، أسباب غامضة وعلل خفية تدق عن أفهام البشر وتلطف عن القياس والنظر، لا يعلمها إلا الله جلّ ذِكره
إن فكرة الصحة المطلقة لمبدأ العلية من الأفكار الأساسية التي كان العلم مبنياً عليها ومع ذلك فد وجدنا الآن أنه ليس من الممكن اختبار هذه الفكرة في جميع الحالات. صحيح أنه من الممكن أن نفترض أن علاقات العلية ستظل سارية دائماً، وإن لم يكن من الممكن قياسها. غير أن هذا موقف ميتافيزيقي وليس علمياً. فالفكرة التي لا نستطيع اختبارها تجريبياً أو قياسها لا يمكن أن تصبح جزءًا من العلم الطبيعي، وهي قد تصبح مجرد طريقة في التفكير ولكن ليس جزءًا من نسق موضوعي للمعرفة. وهكذا تحتم علينا أن نتخذ قراراً مؤداه: أن فكرة العلية قد لا تكون سوى طريقة في التفكير. على أن مفهوم العلية سيظل مفيداً على مستوى التجربة العادية والجزء الأكبر من الأبحاث العلمية. ومع ذلك ينبغي أن نظل نرتاب في صحته المطلقة.
وليس ما يفعله الأساتذة المسلمون -غير المغاربة- من التأصيل الفلسفي في شيء[/align]
 
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
ألسنا في قسم الملتقى العلمي للتفسير وعلوم القرآن , وأظن أن كل العلوم التي تسهم في جلب الفائدة لطلبة التفسير مرحب بها وعلى رأسها قواعد التفكير وأسسه ؟؟؟؟؟؟!!!!!!
ومن أعلمك أن ناجح أسامة طه سلهب التميمي-مع حفظ الألقاب- ليس من سدنة هذه العلوم أترجم بالغيب أم تتألى على الله .
أما مصادره الحقة في نظره فهم الملاحدة ومفكري الغرب عديمي البصيرة وليس علينا سوى تقليدهم وحمل أفكارهم كجلاميد لا تفقه رحم الله الإمام العلامة فخر الدين الرازي .
ويبخس الناس أشيائهم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الكبر بطر الحق وغمط الناس"
اعلم يا هذا أننا لسنا بحاجة إلى ما سوى كتاب الله وسنة نبيه العظيم وليس ينقصنا خرص مفكريك من مضبوعي الثقافات الغربية والفلسفات عديمة البصيرة
و اعلم أن أفكارنا التي تتلمس النور من خلال مشكاة النبوة لأحب إلينا من النعيم الفكري الزائف لجهابذة الكفر والإلحاد.
 
يبدو أن هناك سوء تفاهم نرجو من الإخوة الباحثين أن يكون الحوار قائماً على الاحترام وطرح الآراء بقصد الفهم والوصول إلى المعرفة والبعد عن التشنج ...
فالأخ الدكتور الصالح اعتبر الملتقى مختص بالحث اللغوي والتاريخي فقط !! حين قال :

// لست من المؤيدين للتوسع في العقليات في منتدى علمي مختص بالبحث التاريخي واللغوي فقط ،

واعتبر كاتب المقال لم يأت البيوت من أبوابها لأنه لم يعتمد على الغربيين وتلامذتهم العرب أمثال الجابري وبذلك فهو يحتكر الباب لنظرية المعرفة على هؤلاء الناس ويضرب بعرض الحائط كل جهود المسلمين من متكلمين وفلاسفة وووو عبر التاريخ ولا أدري أهو جهل أم غيره ؟

فمصادر العلم بنظره هي ما جاء من تلك الجهة من أوربا ... أوربا الساحرة !

وقد وقفت عند قوله // ولكن تأصيل العقل لا يكون على نصّ أدبيٍّ بلاغيّ ولا لغة تعاليم أخلاقية //
ما المقصود هنا بالنص ؟ أهو القرآن الكريم أم ماذا ؟ وهل القرآن الكريم قاصر عن تأصيل العقل ؟
دونك تاريخ الفلسفة وعلم الكلام وجهود الأصوليين والمفسرين ... والرازي مثال .

ثم يرشدنا صاحبنا إلى المصادر التي تشكل قاعدة عقلية بقوله : // وللإخوة الذين يريدون تشكيل قاعدة عقلية لهم أدلهم على أهمّ الكتب والخطوات : //
ولا يوجد بينها كتاب لأحد من المسلمين ...
ولعل أكثر الرسائل العلمية في كلية دار العلوم - جامعة القاهرة هي حول // نظرية المعرفة عند .. //
عند المعتزلة .. والأشاعرة .. والماتريدة .. والفلاسفة ثم عند : الغزالي والرازي وابن تيمية والصوفية وغيرهم ...
ولكن كل ذلك لم يلفت نظر الدكتور الصالح : فقط الجابري ... وأساتذته وتلامذته
أما المسلمون فلم يقدموا شيئاً بهذا الصدد باستثناء المغاربة ... لقد أصابت الباحث عدوى المركزية المغاربية من أستاذه الجابري الذي لم يعجبه إلا : ابن حزم والشاطبي وابن خلدون فهم أرباب العلم والبرهان .... أما المشارقة :فهم أهل العرفان والشعوذة ...
ثم يقف الباحث عند أسس ثلاثة : هي الهوية - عدم التناقض - الثالث المرفوع وكأني به لأول مرة يسمع بها عند الغربيين وللأسف لم يطلع باحثنا على تفاصيلها في الفكر الإسلامي / علم الكلام والفلسفة الإسلامية / ولم يدر أن أساتذته هم تلاميذ لأساتذتنا نقلوا عنهم العلم ونحن نشيد بهم وننسى رأس العين التي ينهلون منها ....

ثم دخل الأستاذ الفاضل في مسألة العلية التي كتبت فيها آلاف المجلدات في تراثنا ولم تعجبه إلا نتائج الوضعية المنطقية والمادية الغربية // إن فكرة الصحة المطلقة لمبدأ العلية من الأفكار الأساسية التي كان العلم مبنياً عليها ومع ذلك فد وجدنا الآن أنه ليس من الممكن اختبار هذه الفكرة في جميع الحالات. صحيح أنه من الممكن أن نفترض أن علاقات العلية ستظل سارية دائماً، وإن لم يكن من الممكن قياسها.// ثم فرق على هذا الأساس بين الموقف العلمي والموقف الميتافيزيقي فقال // غير أن هذا موقف ميتافيزيقي وليس علمياً. فالفكرة التي لا نستطيع اختبارها تجريبياً أو قياسها لا يمكن أن تصبح جزءًا من العلم الطبيعي، وهي قد تصبح مجرد طريقة في التفكير ولكن ليس جزءًا من نسق موضوعي للمعرفة. وهكذا تحتم علينا أن نتخذ قراراً مؤداه: أن فكرة العلية قد لا تكون سوى طريقة في التفكير. على أن مفهوم العلية سيظل مفيداً على مستوى التجربة العادية والجزء الأكبر من الأبحاث العلمية. ومع ذلك ينبغي أن نظل نرتاب في صحته المطلقة. // إن إيماننا على ذلك وإسلامنا كله قائم على غير علم لأنه يقر بالغيب / الميتافيزيقا / وحتى نكون علميين علينا أن نضع الغيب جانباً لأن العلم والغيب متعارضينن ...
قل لي من أين لك هذا ؟
ثم ألا ترى أنك تجازف بشكل غير طبيعي حين تقول :
// وليس ما يفعله الأساتذة المسلمون -غير المغاربة- من التأصيل الفلسفي في شيء //
هل المغاربة بالفطرة هم فلاسفة فنسر بذلك ! أم بحكم جوارهم لأوربا ونهلهم من معين فلسفتها الذي لا ينضب ؟ !

أخي الفاضل محمد عبد الله أرجو أن يتسع صدرك لمثل هذه الأطروحات فها هنا محل مناقشتها ...
ولا بد من البيان لأصل الهيمان / الهيمان بالغرب /
 
هذا بسبب عدم قراءة تاريخ العلم

هذا بسبب عدم قراءة تاريخ العلم

وجدت الناس عندنا لا يقرءون في تاريخ العلم، وهذا سبب سوء التفاهم وسبب عدم التقدم، وسبب تخلفنا في الواقع.
فيجب على كل طالب علم قراءة هذه الكتب الثلاثة أو أحدها:
معالم تاريخ الإنسانية لـ هـ جـ ويلز، ترجمة عبدالعزيز جاويد، وهو كتاب ضرورة.
وتاريخ العلم لجورج سارطون، ترجم مرتين.
ومدخل لدراسة التاريخ لأرنولد توينبي ترجمة فؤاد شبل.
ذلكم أني وجدت الإخوة يقيسون العقل ونظرية المعرفة للبشر قبل غاليلو على العقل ونظرية المعرفة بعد غاليلو.
وهذا لا يفعله أحد في العالم اليوم إلا في عالمنا الإسلامي مع الأسف ، ولو فعلها يابانيّ لسخر منه زملاؤه.
ذلكم أن مصادر بيانات الإنسان عن الواقع كان الحواس المجردة، لأنه لم يدرك (بركة الزجاج). أما منذ غاليلو 1609مـ فقد اكتشف الإنسان أن تحديب الزجاج يكبر حجوم الأشياء ، وأنه يدخل الى مخ الإنسان بيانات جديدة عن الواقع.
وهذا هو السبب في احتكار الغرب لنظرية المعرفة في القرون الأربعة الأخيرة، وهو(الآلة المكبرة للحواس). وإليكم الحقائق الآتية:
1-من آدم عليه السلام حتى غاليلو 1609مـ لم ير إنسان أقمار المشتري !!
من شكّ في ذلك فهو خارج التاريخ وخارج العلم.
2-بناء على المجهر(الزجاج المكبر للبصر) استطاع باستير اكتشاف الجراثيم فغير تاريخ الطب وقلبه رأساً على عقب. فكل طبيب يعتمد على أطباء ما قبل باستير فهو خارج التاريخ والعلم.
3- كان الكون عند أرسطو مكوناً من أربعة عناصر الماء والهواء والتراب والنار، ليس لأن أرسطو غبيّ ، ولا تلاميذه من الفلاسفة المسيحيين والمسلمين قبل غاليلو، بل لأن مشيئة الله لم تهدهم الى (بركة تحديب الزجاج). ولذللك قال برتراند رسل :
إن لدي كتب أرسطو في الطبيعيات، وقد كانت إنجيل العلم بعد مؤلفها لمدة ألفي سنة ، لكن! ليس فيها حرف واحد صحيح بمنطق العلم المعاصر.
وهنا أريد أن أخلُص مع الأخوين الكريمين- ومن خلالهما إلى الإخوة طلبة العلم- إن كون علم نظرية المعرفة بعد غاليلو بيد الغرب وجامعاته حصراً ، ليس بسبب ذكائهم وغباء غيرهم، ولا بأفضليتهم على من سواهم ، بل بامتلاكهم لآلات تكبير الحواس، فالمجهر الألكتروني يكبر اليوم حاسة البصر آلاف المرات!!
فالمسلم كالأخ محمد عبدالله والأخ الطعان ليس أمامه من سبيل لإتقان نظرية المعرفة والمساهمة الواعية في صنع الحياة إلا من خلال الغرب أو من اقتبس من الغرب(كاليابان وجيرانها) المنهج العلمي الذي قام على رصد علاقات كثيرة بين الأشياء واكتشاف قوانينها.
قدرُنا أن نتعلم من أعدائنا أو ننقرض.
أما أن نظل نخلط خلطاً عجيباً بين المراحل التاريخية في تاريخ العلم فنقيس عصر ما قبل غاليلو على عصر ما بعده فهذا لا يقوله أحد في العالم ، إلا"الدكاترة" المسلمون.
أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه.

قال الشهرستاني:"قال أهل السنة: إنّ العقل لا يُحسّن ولا يُقبِّح ولا يقتضي ولا يوجِب، ولكنه يُعرِّف. وإن السمع (يعني القرآن والسنة)لا يُعرِّف".
ونحن ندعو الأساتذة والأمة إلى هذا القول الذي عزاه الشهرستاني الى أهل السنة، والمسلمون اليوم يسيرون باتجاه يعاكسه ويناقضه.
فلا يمكن أبداً بناء العقل على أي نصّ في الكون، العقل ليس سوى العلاقات بين الأشياء، والأشياء أكثرها فوق قدرة الحواس الطبيعية على الرصد ، فنحتاج الى آلات تكبر الحواس لنجمع علاقات اكثر بين الأشياء.
لا شيء سوى ذلك . والدين كما قال أحد الدكاترة موجِّه للعقل نحو الخير.
العقل مهارات وإدراك والدين قرار وإرادة. العقل نسبيّ والدين مطلقات
والله أعلى وأعلم
"
 
هناك خروج عن أصل الموضوع ومحل النزاع ...
المسلمون اليوم يعيشون تخلفاً على المستوى التقني والتكنولوجي والمادي بكل مستوياته .... هذا محل اتفاق ...
ولكن إرجاع هذا التخلف إلى كون المسلمين لا يملكون نظرية في المعرفة هو محل النزاع ...
إن تخلف المسلمين تشترك فيه عوامل كثيرة ومعقدة لا يمكن إرجاعها فقط إلى // عدم اكتشافهم للمجهر // وتحديب الزجاج // ...
ولا أدري هل بدأ الغرب من الصفر أم بدأ من حيث انتهى العرب ؟ وهل كان التراكم المعرفي طوال القرون الماضية دون جدوى بالنسبة للغرب أم أن الغرب طفر طفرة إعجازية متجاوزاً كل القوانين التاريخية ...
ألم يكن روجر بيكون الذي تعلم في مدارس الأندلس وكان معجباً بكل ما هو عربي وسجن حتى الموت من أجل صلة وصل بين العرب والغرب ...
الغربيون لا ينكرون أنهم استفادوا وبنوا بناء الحضارة على قواعد وأسس عربية ... وأن ابن رشد وابن سينا وابن النفيس وابن الهيثم والرازي وجابر بن حيان والبيروني وغيرهم كانوا أساساً لبناء الحضارة المادية الأوربية حتى قال أحدهم : لو حك أحدنا جله لظهر له دم عربي .... إنهم لا ينكرون ولكن بني جلدتنا يتنكرون ....
ولكن لأن أبناء جلدتنا لم يقرؤأ تاريخهم وتراثهم بعين واعية وإنما قرؤوه بعيون الأعداء فقد أمسى كله قاتماً في أعينهم ...
إن مناهج البحث التي تعتبر لدى الباحثين أساساً لثورة العلم الحديث لم أجد فيها قاعدة واحدة أو مبدأ واحداً // وقد درستها و درّستها مقارنة // عند بيكون أو جون استوارت مل أو غيرهما لم أجد فيها شيئاً جديداً عما أفاض فيه علماء المسلمين الأصوليين والتجريبيين ...
وأتحدى أن تأتيني بقاعدة أو أصل واحد / منهجي / أقام عليه الغرب نهضته وتراثنا خلو منه ..
هناك شيء واحد لا بد أن أقوله : وهو أننا ملكنا الأصول النظرية المجدية ولكن حيل بيننا وبين العمل بها وإنزالها إلى أرض الواقع ولا تزال العوائق تتراكم إلى هذه اللحظة ... ونحتاج إلى ثورة حتى ننفض عنا غبار القرون وتراكمات السنون .
 
الصراع بين العقل والنقل هو صراع مصطنع , وقد ازاح شيخ الاسلام اللبس الذي حصل فيه . فدرء التعارض هو ما ركز على هذه القضية التي أصل وجودها صراع المعتزلة والاشاعرة وظهور علم الكلام والاعتماد عليه بالحجة بدلامن الاحتجاج بكتاب الله وسنة نبيه .
تأصيل أكتساب المعرفة امر مهم اذ يمكن مفهم سبب الخلاف . فالخلاف أحيانا يكون ظاهري بسبب اختلاف المصطلحات . ولكنه في الغالب يكون اختلاف في اصول المعرفة ناتج عن خلط القطعيات بالظنيات , وبناء الاصول على الظنيات التي تظن قطعيات . ثم رد الظنيات التي توافق القطعيات لمجرد مخالفتها لرأي المتكلم .
 
لا تنشغلوا بالغرب والعرب...انشغلوا بالعلم والعقل والفهم والنظر

لا تنشغلوا بالغرب والعرب...انشغلوا بالعلم والعقل والفهم والنظر

الأخ الطعّان: تقول
[هناك خروج عن أصل الموضوع ومحل النزاع ...
المسلمون اليوم يعيشون تخلفاً على المستوى التقني والتكنولوجي والمادي بكل مستوياته .... هذا محل اتفاق ...
ولكن إرجاع هذا التخلف إلى كون المسلمين لا يملكون نظرية في المعرفة هو محل النزاع ...
إن تخلف المسلمين تشترك فيه عوامل كثيرة ومعقدة لا يمكن إرجاعها فقط إلى // عدم اكتشافهم للمجهر // وتحديب الزجاج // ...
ولا أدري هل بدأ الغرب من الصفر أم بدأ من حيث انتهى العرب ؟ وهل كان التراكم المعرفي طوال القرون الماضية دون جدوى بالنسبة للغرب أم أن الغرب طفر طفرة إعجازية متجاوزاً كل القوانين التاريخية ...]

ليس موضوعنا سبب تخلف المسلمين، ولا سبب تقدّم الغرب، ولا مدى تأثير الحضارة الإسلامية في النهضة الغربية.
موضوعنا ما المصادر الحقة لنظرية المعرفة المعاصرة، وقواعد البحث العلمي والفلسفي، ولماذا تحتكرها الجامعات الغربية وتلك التي قلدتها؟ وقد بينت السبب ببساطة وبدون تفلسف وتعالم.إنه امتلاك آلات رصد الأشياء والاستمرار في استخدامها وتطويرها.
لا شيء سوى ذلك.
وأما أنّنا نحن المسلمين ليسنا من نظرية المعرفة في شيء فيكفيك تقرير اليونسكو عام 1999 لبراءات الاختراع:
الدول العربية جميعها:4 براءة اختراع.
إسرائيل :477 براءة اختراع!!
قسم عدد الشعوب على هذه النسب واذهل للنتيجة.
لو استمعتما لنصحي أنت والأخ محمد عبدالله تثوران على نفسيكما لتكسبا مستقبلكما فتطلبان العلم في إحدى الجامعات المتقدمة عالميا فقد ذهب عصر التعالم والتفاخر:
[align=center]هذا زمان العدو لا الإبطاء والمشي الوئيدِ[/align]
.................
[align=center]وشرُّ العالمين ذوو خمـــولٍ إذا فاخرتهم ذكروا الجدودا
وخيرُ الناسِ ذو حسب قديم أقام لنفسه حســـــباً جديدا[/align]
فهذا جدول أول خمسمئة جامعة في العالم وليس من بينها جامعة واحدة في العالم الإسلامي
ما عدا اسرائيل!!
حيث قام معهد التعليم العالي في جامعة جياو جونغ شنغهاي الصينيّة (Institute of Higher Education, Shanghai Jiao Tong University) عام 2005 فنشر تقريرا تقييميا مفصلا حول مكانة ورتب أفضل خمسمائة جامعة في العالم، فكان أن احتلت الجامعات الأميركية الترتيب الأول على ذلك السلم، تلتها في ذلك الجامعات البريطانية، فاليابانية، فالألمانية، فالكندية، فالفرنسية، إلى آخر القائمة، حيث كانت الرتبة رقم 36 من نصيب البرتغال التي استطاعت أن تسجل لنفسها رقما على ذلك السلم.
وكان أن حصدت الجامعات الأميركية ما عدده 168 جامعة من أصل خمسمائة جاءت على رأسها هارفارد (Harvard University)، تلتها في ذلك الجامعات البريطانية 40 جامعة، فاليابانية 34 جامعة، فالألمانية 40 جامعة، ثم كندا 23 جامعة، ثم فرنسا 21 جامعة، فالسويد 11جامعة، ثم سويسرا 8 جامعات، فهولندا 12جامعة، فأستراليا 14جامعة، وهكذا انتهى الأمر إلى البرتغال بجامعة واحدة.
وقد اتبع المعهد صاحب التقييم معايير من قبيل نوعية وجودة الهيئة التدريسية والنخب العلمية العاملة في الجامعات، وأهم مخرجاتهم البحثية المنشورة في المجلات العلمية العالمية المحكمة، خاصة ما يتعلق منها بالعلوم الطبية، والطبيعية، والعلوم الاجتماعية، والفنون، والعلوم الإنسانية، إضافة إلى حجم المؤسسة التعليمية، وما يتعلق بها من إنجازات أكاديمية.
وما أن أطل علينا العام 2006م حتى جاءت مجموعة "لابوراتوريو دي إنترنت" المتخصصة والتي مقرها مدريد لتفاجئنا هي الأخرى بنتائج ترتيب أفضل ثلاثة آلاف جامعة في العالم، وأهم الدول التي ظهرت فيها، فكانت النتائج أيضا مذهلة ومخيبة للآمال.

وعند النظر في مكانة أول ألف من بين تلك الجامعات وجد بأن المئات منها كان من نصيب الجامعات الأميركية (455 جامعة من أصل 1000)، جاءت جامعة كاليفورنيا/بيركلي (University of California Berkeley) على رأس القائمة، تلاها في ذلك عدد من الجامعات الكندية (42 جامعة)، فالألمانية (68 جامعة)، فالبريطانية (79 جامعة)، فالأسترالية (32 جامعة)، فالسويدية (15 جامعة)، فالهولندية (13 جامعة)، فالسويسرية (10 جامعات)، فاليابانية (24 جامعة)، فالنرويجية (7 جامعات) إلى آخر القائمة.

وكان الترتيب الأخير من نصيب إحدى الجامعات الأيسلندية، حيث استطاعت أيسلندا أن تجد لنفسها مكانة بين الدول وكان بأن احتلت الرتبة 48 على قائمة رتب الدول.

ملاحظة: يمكن الرجوع إلى تلك التقارير المنشورة على شبكة الانترنت العالمية وتدارس ما جاء فيها بهذا الخصوص http://www.webometrics.info/index.html


وعند تدارس تلك المعايير المستخدمة في التقييم المشار إليه كما سار عليها المقيمون، وجد أنها معايير تكشف لمن يتفحصها جيدا عن مدى استحقاق تلك الجامعات المرتبة ودولها لما احتلته من مكانة، حيث كان على رأسها معيار مواكبة العصر ووسائله من خلال إعمال واستعمال تقنيات المعلوماتية في الأداء الأكاديمي، والإنتاجية العلمية العالية، وغنى الملفات العلمية والبحثية خاصة على مدار عشر سنوات الماضية.

هذا إضافة إلى تلك الإنجازات المرصودة في قواعد البيانات العلمية العالمية، وما تتمتع به المؤسسة التعليمية من موقع رياديّ ذي بعد تأثيري.

ترى إلى متى سنبقى نحن العرب نسخر من باقي الشعوب والأمم، ومن إنجازاتهم العلمية والتعليمة وهذا هو حالنا العلمي والتعليمي الذي يندى له كل جبين. إلى متى سنبقى في نهجنا كالنعامة ندس الرأس في التراب كي لا يرانا من هو لنا بالمرصاد؟ إلى متى سنبقى أسرى سراب ووهم، وأمة تضحك من جهلها الأمم؟

على أية حال هذا هو الوضع العلميّ والتعليمي لدينا اليوم، وكأنه لا سائل ولا مسؤول، لأن غياب الشفافية وكثرة الفساد -وقد فضحنا تقرير منظمة الشفافية العالمية مؤخرا- وكثرة شيوع مظاهر المحسوبية والعصبية والحزبية والفصائلية والطائفية والفئوية، وتوغل وتدخل ممنهجيها وممارسيها في قضايا العلم والتعليم، قد أفسد علينا صدارتنا ومكانتنا العلميّة والتعليمية بين أهل الأرض.

فبعد أن كنا سادة وقادة في مختلف ضروب العلم وميادينه، وبشهادة مؤرخي العلم والحضارة، أمثال: بريفولت، وجورج سارتون، وغوستاف لوبون، وول ديورانت، وأرنولد توينبي، وسغريد هونكه وغيرهم، أصبحنا في مؤخرة الركب، نلهث تارة وراء من هم شرقا وتارة أخرى وراء من هم غربا.

وأخيرا، ما لم تعمل شعوبنا وحكوماتنا بجد وصدق وأمانة وتتحمل مسؤولية تغيير هذا الوضع المأساوي، فسيبقى حال صروحنا العلمية وواقع التعليم العالي فيها مخجلا إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.(ملخّص عن مقال مأزق التعليم العالي لوائل مصطفى أبو الحسن)
والسلام عليكم
 
د.عبدالرحمن الصالح قال:
قال الشهرستاني:"قال أهل السنة: إنّ العقل لا يُحسّن ولا يُقبِّح ولا يقتضي ولا يوجِب، ولكنه يُعرِّف. وإن السمع (يعني القرآن والسنة)لا يُعرِّف".
ونحن ندعو الأساتذة والأمة إلى هذا القول الذي عزاه الشهرستاني الى أهل السنة، والمسلمون اليوم يسيرون باتجاه يعاكسه ويناقضه.
الشهرستاني, أظنه كذب هنا على أهل السنة والجماعة, وعلى غيرهم, وإن لم يكن كاذباً فهو جاهل بالحقائق وبالدين, وعموماً من أدمن التاريخ قراءةً, وكرر قراءة الملل والنحل له, وعرف حتى مفاصل رحلة الفكر البشري, لأدرك جهل هذا الشهرستاني حتى وإن زكى نفسه زوراً وبهتاناً بأنه عنصر محايد ينقل أقوال المختلفين بأمانة. حتى في هذه فإنه يكذب.
--------
بالنسبة لنظرية المعرفة, ثيوري اوف نولدج, أو الابستيمولوجيا, فهي من اجتهادات الفلاسفة, وتجد في جبناتها باطلاً وتشكيكاً كثيراً ينحرف بها عن مقصدها الأساس حول أسباب نشوء المعرفة, وتجد أيضاً فيها بعض الصواب, وهي عموماً أموراً بديهية حتى وإن صدرت عن أي كائن من كان. ونشؤها أصلاً ردة فعل ليس إلا على أمراض الفكر في العصور القديمة.
 
الأخ الصالح ..

الأخ الصالح ..

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الصالح شكراً لك على البيان والإيضاح وما أحب أن أقوله إذن تحريراً لمحل النزاع : نحن نتفق على أن المسلمين - الأجداد - يمتلكون نظرية رائعة في المعرفة باعتراف من ذكرتهم من الغربيين ولكن الأحفاد أهملوا هذه النظرية ولم ينزلوا بها على أرض الواقع وإنما الذي نزل بها هم الغربيون بعد أن تلقفوها في عصر النهضة وبدؤوا بتطويرها عن طريق التجريب والاستقراء عبر عدة قرون فأنتجت لهم هذه الحضارة المادية الباسقة التي نراها نحن ...

ونحن متفقون إذن حول أن الوضع العربي الإسلامي اليوم هو وضع مأسوي على كافة المستويات وما ذكرتَه من إحصائيات لليونسكو أو غيرها لسنا بحاجة إليه لأن الواقع الذي نعيشه يتكلم ... ولكن الخلاف ربما هو فيما يلي :
هل نحن اليوم لا نمتلك نظرية للمعرفة أم أنه يحال بيننا وبين ممارسة المعرفة لأسباب متشابكة جداً أهمها :
الاستعمار الطويل الذي جثم على صدورنا وحال بيننا وبين أي ممارسة للمعرفة وأي نزول على أرض الواقع بطرائق مختلفة .. ثم خرج الاستعمار العسكري وبقي الاستعمار الثقافي ... والاستبدادي ..
أين هي الدولة العربية أو الإسلامية التي تهتم بالعلم أو المعرفة وبناء الكوادر والمؤسسات التي تخدم الأمة إن كل ما يبنى اليوم هي عروش لقرابة خمسين طاغية من الطغاة الذين يحكمون البلاد الإسلامية وطبعاً خلف كل طاغية من هؤلاء جيش من المنتفعين ....ولكل دولة عشرات السفارات والقنصليات وووووووووووووووووو ....
والغرب يشاهد ذلك وهو مسرور لأن ذلك هو ما يخدم مصالحه ونفعيته ويقدم الدعم اللامحدود لقوات الأمن الداخلي في كل دولة لتبقى محافظة على كيانها واستبدادها أم الشعوب فهي مطحونة تحت سياط الجوع والفقر والجهل ... فعن أي علم تحدث الجائع ...
وليست المشكلة اليوم في أن نمتلك وسائل المعرفة أو نظرياتها لأننا حتى لو امتلكناها فلا يجدي ذلك نفعاً في بيئة الاستبداد والاستعمار والامتصاص المستمرة ...
إن هناك آلاف العلماء المسلمين والعرب الذين يشتركون اليوم في بناء الحضارة باسم أوربا والغرب وهم في بلادهم لا يُعبأ بهم بل وغير مرغوب فيهم ...
أما إذا تحدثنا اليوم عن ثمرات هذه الحضارة والجامعات التي تشير إليها وتعتبرها مفخرة العالم الغربي فها هنا نختلف جداً - كما يبدو لي - لأن الحضارة الغربية مبنية على أساس الطغيان والقتل والإبادة والعنصرية فقد أبادت شعوباً بأكملها ولا تزال تفعل ذلك ... فهل هذه هي الثمرة التي ننتظر أن نجنيها من العلم ؟ !
ملايين القتلى .. والجوعى في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ذنبهم فقط أنهم لم يكونوا بيضاً وذوو عيون زرقاء ..
ليست الحضارة فيما تتحدث عنه من امتلاك لوسائل التكنولوجيا وإنما الحضارة في تنمية الوازع الإنساني والأخلاقي في داخل الإنسان وهو ما تسعى الحضارة الغربية المادية اليوم لطمسه تماماً وتغييبه ..
والسلام عليكم ورحمة الله
 
لا شك في أهمية علم (نظرية المعرفة ) فهيا قضية شائكة تتداخل مع ( تاريخ العلم ) ومع ما يطلق عليه ( فلسفة العلوم ) وكذلك مع المصطلح الفلسفي ( ابستمولوجيا ) فمن خلال اطلاع مبسط علي هذه العلوم يظهر أن هناك نقاط إلتقى ونقاط إنفراد تحتاج إلى دقة بحث وتحري لكي لايتم الخلط بينها أما أن هذه العلوم قد حظيت بشيء من البحث والتحري في واقعنا العربي والإسلامي فهذا ما لا يمكن قوله و ما قدمه الجابري وغيره لايعد شيء يذكر بل مازلنا نترجم والله المستعان فإن هذه العلوم أصلها غربي ينم عن مدى الحيرة والاضطراب ولهذا حديث آخر بأذن الله.
 
خلط رهيب في الحوار أعلاه. ربما عن غفلة من أخي د. الصالح. الخلط الذي حدث بين نظرية المعرفة وصناعة المعرفة، كيف؟ إن الفرق شاسع جدا.
- موضوعات النظرية: عقل، حس، خبر، إدراك، تصور، عرفان، إشراق، إلهام، قيمة، ..
- موضوعات صناعتها: مفاهيم ومصطلحات إجرائية، تحقيق، تأليف، تفسير، تعليل، إكتشاف، إختراع ..
هذا يعني أن تطور أساليب الملاحظة بإكتشاف وإستعمال آلة أو إختيار زاوية أخرى لا يغير من الكلام عن "الحس" في النظرية، وهذا يعني أيضا أن تطور أساليب التفكير لا يؤثر في مكانة الحديث عن "العقل" في النظرية، كما يعني أن تراكم المعرفة (بيانات، معلومات) لا يؤثر في "النقل" داخل النظرية .. وهلم جرا.

إن هذا الخلط أخرج موضوع المشاركة الإفتتاحية عن أصله، وكان الأجدر مناقشة علاقة النظرية بكتابات المفسرين، سياق وغاية الإشارة إلى الآيتين من كتاب الله .. إلخ.

أما البحث في النظرية فهو بحث في مبحث كبير ومصيري وخطير وعميق. السبب أن المعرفة عامة تتصل مباشرة بمركزية الإنسان وهويته المزدوجة ككينونة طبيعية من معادن صلبة وسائلة (ماء/تراب) وككينونة مكرّمة. وهذا إتصال واضح لنظرية المعرفة بالوجود وبالميتافيزيقيا عامة. فمن أراد أن يبحث في هذا المبحث فعليه أن ينسى المصادر الغربية والسنية ويتجه نحو ملا صدرا وقم. أظن هذا هو الواقع، للأسف لاشيء يذكر عن نظرية المعرفة في الفكر الغربي والفكر السني.
ففي الفكر الغربي تعرض هذا المبحث للإغتيال ومن لا يعي التاريخ لن يفهم الحاضر. إن مركزية الإنسان كانت تقلق التيارات المعارضة للسلطة الكنسية. والسبب أن مركزية الإنسان ثم مركزية الأرض كانتا من أعمدة الفكر الكنسي والمعرفة العلمانية، هنا يجب أن نفهم من المعرفة السيكولارية/العلمانية معنى مغاير لما يتداول اليوم أي المعرفة المنفصلة عن الدين، حيث أن المقصود منها المعرفة التي يحتكرها رجال الدين وداخل الكنيسة، وهذا مثال غريب جدا من تحول المفاهيم إلى أضدادها، أو كما قيل يحارب التطرف بالتطرف. كانت التيارات اللائكية والدهرية تعي خطورة التوظيف الإيديولوجي للفلسفة من طرف الكنيسة، وإن كان المضمون المعرفي في الفلسفة/العلم آنذاك يؤكد مركز الأرض وعلو الإنسان بصفته كائن قادر على الإتصال بالعلوي كالعقل الفعال مثلا، إلا أن أصل الفكر الفلسلفي الطبيعي الكنسي يجب البحث عنه على مستوى العقيدة، عقيدة التجسد والفداء والصلب، حيث بما أن هذه الأحداث قد جرت للإنسان وجرت على كوكب الأرض، فإن هذا لن يعني إلا مركزيتهما!! لقد إختار فريق من التيار المعارض التبشير بالرشدية ونشرها أي نشر الفصل بين الدين والفلسفة، إلا أن مجموعة أخرى من المثقفين ذهبوا ينقبون ويبحثون في الكوسمولوجيا اليونانية والعربية عن تصورات وثغرات للوصول إلى نظريات أخرى عن الأرض والإنسان. جاءت الضربة القوية على يد نيكولا كوبرنيكاس، وقيمته الحقيقية في التاريخ والفكر هي القفزة النوعية في الصراع بين السلطة والثورة. نفس الشيء ينطبق على جاليليو جاليلي لأنه نجح بتجربة في توجيه ضربة لإبن رشد وتوماس الآكوينا ومن ثم لجدهما الأكبر طاليس أرسطو وذلك لأهميته في الفكر المسيحي خاصة والمذهب العقلاني عامة. إن البحث عن قيمة أو معنى للرجلين يجب أن لا يكون فيما توصلا إليه، بل فيما قدموه لإيديولوجية الثورة. إن الإطاحة بأرسطو إطاحة بقيمة ميتافيزيقية للإنسان، وستأتي الضربات تباعا في تدنيس الإنسان لا الإنسان ككائن إجتماعي له حقوق وواجبات لأن التيار المعارض حقق في هذا المجال نتائج متقدمة وأفضل مما قدّمته السلطات الكنائسية والكهنوتية لكن الإنسان ككائن له قيمة ومعنى وغاية، كنوع فريد في المخلوقات الحية. وهذا تصور يجب القضاء عليه لإرتباطه الشديد بالتعاليم الدينية عن الإنسان والتصور الديني للحياة والإنسان والكون.
هذا يستلزم تعديل جذري في مبحث نظرية المعرفة وهذا التعديل بهذا المستوى غير ممكن دون الإطاحة بأهم مبحث في الفلسفة: الميتافيزيقيا. وقد حصل ذلك من خلال مدرسة الوضعية، وقبلها بقليل لم يكن يبقى من النظرية إلا شذرات في المنطق وأساليب الإستدلال سيأتي كانت إيمانويل للرد على الأدلية الفلسفية في إثبات الألوهية لأنه وحسب تعبيره قد ساعده التجريبيون، هيوم بالخصوص، للتخلص من الغيبوبة التي كان فيها وهو ينافح عن العقلانية لأن العقلانية هي البنت البكر لنظرية المعرفة. رغم ذلك حرص على الإيمان من حيث التسليم بالإلهيات، ولو كمسلمة مجردة، لأنها الشرط الوحيد للأخلاقية. وبعد ذلك ستتابع الضربات الموجهة لمركزية الإنسان من طرف العدمية والداروينية ..
فماذا بقي من نظرية المعرفة وقيمة المعرفة؟ بقي منها ما يسمى اليوم بالإبستمولوجيا في المدرسة اللاتينية أو فلسفة العلوم في المدرسة الجرمانية. رغم هذا الإختزال بقيت هناك منافذ مفتوحة أمام أسئلة تفرض نفسها وهي ذات طبيعة ميتافيزيقية، لهذا السبب لم يتم الإحتفاظ إلا بالجانب الإجرائي في المواضيع المثيرة داخل هذا الفن. ذاك هو تاريخ إغتيال مبحث نظرية المعرفة في الفكر الغربي رغم بعض الإستثناءات هنا وهناك لكنها فردية داخل النخبة المثقفة، وأشير هنا إلى محاولات المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي في تسليط الضوء على الدوغمائية التي ورّطت التجريبية فيها نفسها، ومحاولات المفكر الكندي تشارلز تيلور في إعادة الإعتبار للمعرفة بتفريغ أبعاد الطبعانية، وكما قلت محاولات فردية.

أما في الفكر السني فإن المبحث لم يتعرض للإغتيال لكن ركن للركود بسبب تخلف علم الكلام والتقليد فيه وبسبب تراجع الإجتهاد في أصول الفقه. أما في الفكر الشيعي فالوضع مغاير تماما إذ نجح صدر الشيرازي في تصفية الإشراق، الفلسفة وعلم الكلام ليخرج بمنظومة فكرية عميقة للبحث في نظرية المعرفة، وتبعه في ذلك الحوزات، خاصة قم. إلى جانب ذلك نرى الحوزات تستقطب الباحثين للتدريس وإلقاء المحاضرات، فيتابعون كل جديد في فلسفة العلوم/الإبستمولوجيا الوضعية عن قرب.

ونعم هناك محاولات سنية في تفنيد فرضيات قتلة نظرية المعرفة مثل محاولات شيخ الاسلام مصطفى صبري ومحاولات السلفية الإصلاحية (الأفغاني، عبده، رضا وغيرهم) لكن كانت محاولات تحوم حول إشكالات ظاهره ولم تقتحم الصميم كما فعل محمد باقر الصدر والسبحاني وغيرهم.

والله أعلى وأعلم.
 
عودة
أعلى