في كم يوم كانوا يختمون القرآن ؟

إنضم
26 نوفمبر 2003
المشاركات
22
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
سوري مقيم في أوروبا
الموقع الالكتروني
saaid.net
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل بيان أقوال العلماء و جمع أدلتهم في المدة التي يختم فيها القرآن نشرع في جمع بعض ما روي عن المدة التي كان السلف يختمون فيها

و الباب مفتوح لمشاركة أهل العلم و الفضل و محبيه و طلبته في جمع ما ورد في ذلك من آثار
 
كان أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد المصري ( ت 191 هـ ) يختم القرآن كل يوم ختمتين .

( انظر ترجمته في: وفيات الاعيان 1/276 ، و الديباج المذهب 146، و حسن المحاضرة 1/303 ، و تذكرة الحفاظ 1/356 )
 
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : 1 / 79
وروينا عن إبراهيم بن أبي بكر بن عياش أنه ( أي إبراهيم ) قال: قال لي أبي: إنَّ أباك لم يأت فاحشة قط ، و إنَّه يختم القرآن منذ ثلاثين سنة كلَّ يوم مرَّة .
و روينا عنه أنَّه قال لابنه : يا بني ! إيَّاك أن تعصي الله في هذه الغرفة فإنِّي ختمت فيها اثني عشر ألف ختمة .
و روينا عنه أنَّه قال لبنته عند موته و قد بكت : يا بنية لا تبكي ، أتخافين أن يعذبني الله و قد ختمت في هذه الزَّاوية أربعة و عشرين ألف ختمة ؟
 
قال النووي في الأذكار :

[فصل] : ينبغي أن يحافظ على تلاوته ليلاً و نهاراً، سفراً و حضراً ، و قد كانت للسلف رضي اللّه عنهم عادات مختلفة في القدر الذي يختمون فيه ، فكان جماعةٌ منهم يختمون في كل شهرين ختمة ، و آخرون في كل شهر ختمة ، و آخرون في كل عشر ليال ختمة ، و آخرون في كل ثمان ليالٍ ختمة ، و آخرون في كل سبع ليالٍ ختمة ، و هذا فعل الأكثرين من السلف ، و آخرون في كل ستّ ليال ، و آخرون في خمس ، و آخرون في أربع ، و كثيرون في كل ثلاث ، و كان كثيرون يختمون في كل يوم و ليلة ختمة ، و ختم جماعة في كل يوم و ليلة ختمتين . و آخرون في كل يوم و ليلة ثلاث ختمات ، و ختم بعضهم في اليوم و الليلة ثماني ختمات: أربعاً في الليل ، و أربعاً في النهار: و ممّن ختم أربعاً في الليل و أربعاً في النهار السيد الجليل ابن الكاتب الصوفي رضي اللّه عنه ، و هذا أكثر ما بلغنا في اليوم و الليلة .
و روى السيد الجليل أحمد الدورقي بإسناده عن منصور بن زاذان بن عباد التابعي رضي اللّه عنه أنه كان يختم القرآن ما بين الظهر و العصر ، و يختمه أيضاً فيما بين المغرب و العشاء ، و يختمه فيما بين المغرب و العشاء في رمضان ختمتين و شيئاً ، و كانوا يؤخرون العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل .
و روى ابن أبي داود بإسناده الصحيح أنّ مجاهداً رحمه اللّه كان يختم القرآن في رمضان فيما بين المغرب و العشاء .
و أما الذين ختموا القرآن في ركعة فلا يُحصون لكثرتهم ، فمنهم عثمان بن عفان، وتميم الدّاري ، و سعيد بن جبير . اهـ .
 
قال محمد بن نصر ( في قيام الليل ) : كان سعيد بن المسيب يختم القرآن في ليلتين ، و كان ثابت البناني يقرأ القرآن في يوم و ليلة و يصوم الدهر . و كان أبو حرة يختم القرآن كل يوم و ليلة ، و كان عطاء بن السائب يختم القرآن في كل ليلتين ... و خرج صالح بن كيسان إلى الحج فربما ختم القرآن مرتين في ليلة بين شعبتي رحله ، و كان منصور بن زادان خفيف القراءة ، وكان يقرأ القرآن كله في صلاة الضحى ، و كان يختم القرآن بين الأولى و العصر و يختم في يوم مرتين ، و كان يصلي الليل كله ، و كان إذا جاء شهر رمضان ختم القرآن بين المغرب و العشاء ختمتين ثم يقرأ إلى الطواسين قبل أن تقام الصلاة .
 
ذكر ابن العماد الحنبلي ( في شذرات الذهب ) بين وفيات سنة إحدى عشرة و ثلاثمائة أبا العباس محمد بن شاذل النيسابوري ، ثم قال : ( سمع ابن راهويه و أبا مصعب و خلقاً ، و كان يختم القرآن في كل يوم ) .
 
و ذكر ابن العماد الحنبلي ( في شذرات الذهب ) أيضاً بين وفيات سنة ست و ثلاثين و تسعمائة تقي الدين أبا بكر بن محمد بن محمد بن عبد الله بن أبى بكر بن أبى بكر البلاطنسي الشافعي ، و قال في ترجمته : ( كان عالماً عاملاً ورعاً كاملاً ... يختم القرآن في كل يوم جمعة ، و يختم في شهر رمضان كل ليلة ختمتين ) .
 
و قال الحافظ ابن كثير ( في البداية و النهاية : 9 / 136 ) : ذكر ابن عساكر في ترجمة سليم بن عنز التجيبي قاضي مصر، و كان من كبار التابعين ... و كان من الزهادة و العبادة على جانب عظيم ، و كان يختم القرآن في كل ليلة ثلاث ختمات في الصلاة و غيرها .اهـ .

و فيها أيضاً : 11 / 31 في ترجمة الإمام البخاري ( صاحب الصحيح ) رحمه الله : و قد كان يصلي في كل ليلة ثلاث عشرة ركعة ، و كان يختم القرآن في كل ليلة من رمضان ختمة . اهـ .

و فيها أيضاً : 11 / 259 : محمد بن علي بن أحمد بن العباس الكرخي الأديب ، كان عالماً زاهداً ورعاً ، يختم القرآن كل يوم ، و يديم الصيام . اهـ .
 
و روى الذهبي ( في السير : 4 / 51 ) :
عن عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَنْدَلٍ ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ ، عَنْ مَيْمُوْنٍ ، عَنْ مَنْصُوْرٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ ، قَالَ :
كَانَ الأَسْوَدُ بن يزيد يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ ، وَ كَانَ يَنَامُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَ العِشَاءِ ، وَ كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ سِتِّ لَيَالٍ .

و في السير أيضاً ( 4 / 324 ) :
عَنْ وِقَاءِ بنِ إِيَاسٍ ، قَالَ :كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِيْمَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَ العَشَاءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَ كَانُوا يُؤَخِّرُوْنَ العِشَاءَ ) .

و فيها أيضاً ( 4 / 325 ) : عن عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ : أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ . اهـ .

و فيها ( 5 / 276 ) : قَالَ سَلاَمُ بنُ أَبِي مُطِيْعٍ : كَانَ قَتَادَةُ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي سَبْعٍ ، وَ إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ ، خَتمَ فِي كُلِّ ثَلاَثٍ ، فَإِذَا جَاءَ العَشرُ ، خَتَمَ كُلَّ لَيْلَةٍ .

و فيها ( 5 / 441 ، 442 ) : قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ : كَانَ مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كُلَّه فِي صَلاَةِ الضُّحَى ، وَ كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ مِنَ الأُوْلَى إِلَى العَصْرِ ، وَ يَخْتِمُ فِي اليَوْمِ مَرَّتَيْنِ ، وَ يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّه .وَ عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ ، قَالَ :
كَانَ يَخْتِمُ فِيْمَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَ العِشَاءِ مَرَّتَيْنِ ، وَ الثَّالِثَةُ إِلَى الطَّوَاسِيْنَ ، وَ كَانَ يَبُلُّ عِمَامَتَه مِنْ دُمُوْعِ عَيْنَيْهِ .

و فيها ( 6 / 85 ) : قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : حَدَّثَنَا ابْنُ حَيَّانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ ، حَدَّثَنِي سَعِيْدٌ أَبُو عُثْمَانَ ، سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ : قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ : سَأَلَ كُرْزٌ رَبَّهُ أَنْ يُعْطِيَهُ الاسْمَ الأَعْظَمَ ، عَلَى أَلاَ يَسْأَلَ بِهِ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا ، فَأُعْطِيَ ، فَسَأَلَ أَنْ يُقَوَّى حَتَّى يَخْتِمَ القُرْآنَ فِي اليَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ . اهـ .

و فيها ( 6 / 112 ) : عَنْ أَحْمَدَ قالَ : كَانَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللهِ ، كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ .

و فيها ( 8 / 503 ) : وَ قَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوْهٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ مَكَثَ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ مَرَّةً .

و فيها ( 9 / 178 ) : قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ خَاقَانَ : سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ عَلِيٍّ يَقُوْلُ : كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ يَخْتِمُ القُرْآنَ كُلَّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ ، يَدعُو لأَلفِ إِنْسَانٍ ، ثُمَّ يَخْرُجُ بَعْدَ العَصْرِ ، فَيُحَدِّثُ النَّاسَ .

و فيها ( 10 / 36 ) : قَالَ الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ مِنْ طَرِيْقَيْنِ عَنْهُ ، بَلِ أَكْثَرَ : كَانَ الشَّافِعِيُّ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سِتِّيْنَ خَتْمَةً .و رَوَاهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ ، فَزَادَ : كُلُّ ذَلِكَ فِي صَلاَةٍ .

و فيها ( 10 / 83 ) : قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ : سَمِعْتُ الرَّبِيْعَ يَقُوْلُ : كَانَ الشَّافِعِيُّ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ سِتِّيْنَ خَتْمَةً ، وَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثِيْنَ خَتْمَةً .

و فيها ( 11 / 166 ) في ترجمة أَبُي العَبَّاسِ أَحْمَدِ بنِ عَمَّارِ بنِ شَاذِي البَصْرِيُّ ، وَزِيْرُ المُعْتَصِمِ : وَ قِيْلَ : كَانَ ابْنُ عَمَّارٍ يَختِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ ثَلاَثٍ ، ثُمَّ إِنَّهُ حَجَّ ، وَ جَاوَرَ .

و فيها ( 3 / 298 ) : ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ صَاحِبُ القِبْلَةِ ، قَالَ : كَانَ بقي بن مخلد يَخْتِم القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ ، فِي ثلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ، وَ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّهَارِ مائَةِ رَكْعَةٍ ، وَ يَصُوْمُ الدَّهْرَ .

و فيها ( 14 / 263 ) : قَالَ الحَاكِمُ : سَمِعْتُ طَاهِرَ بنَ أَحْمَدَ الوَرَّاق يَقُوْلُ : تُوُفِّيَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ شَادَل ، وَ كَانَ يختمُ القُرْآنَ كُلَّ يَوْم ، وَ ذهبَ بصرُه قَبْل مَوْته بعِشْرِيْنَ سَنَةً .

و فيها ( 17 / 586 ) في ترجمة شَيْخِ المَالِكِيَّة ، أَبُي الوَلِيْدِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مِيْقُل المُرْسِيُّ : قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ الحَذَّاء: مَا لَقَيْتُ أَتمَّ وَرَعاً وَ لاَ أَحْسَنَ خُلُقاً وَ لاَ أَكْمَلَ عِلْماً مِنْهُ ، كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ عَلَى قَدَمِيْه فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ ليلَةٍ .
 
جزاك الله خيراً أخي أبا الهيثم على هذه النفائس ، ومرحباً بكم في ملتقى أهل التفسير. ومنذ زمن وأخي أبو مجاهد العبيدي يحدثني عنكم وفقكم الله.
وقد نقلت -حفظك الله - نقولاً كثيرة لقصص بعض السلف ، وكيف كانوا يختمون القرآن الكريم ، وبعض هذه القصص - مع ثقتي بمن ذكرها من العلماء - قد لا تقبلها عقول كثير من الناس في زمننا هذا ، إما لضعف الهمم ، أو ذهاب بركة الوقت ، أو عدم القدرة على تصور كيفية قراءة السلف للقرآن الكريم. فقد نقلتم قول النووي :(و ممّن ختم أربعاً في الليل و أربعاً في النهار السيد الجليل ابن الكاتب الصوفي رضي اللّه عنه ، و هذا أكثر ما بلغنا في اليوم و الليلة). ونقلتم أن من السلف من ختم بين المغرب والعشاء ، ووصل إلى الطواسين قبل الإقامة. وغيرها من القصص.
فلعلكم تتطرقون - حفظكم الله - إلى كيف كان السلف يفعلون ذلك ، وهل كانوا يجهرون بالقراءة أم يسرون ؟ فإن المسلم ينزع إلى هذا الكمال في التعبد والتلاوة ، ويجد نفسه بعيداً عن هذه القصص ، التي ربما يعدها بعض علماء التربية مما يثبط عزائم المسلمين عن التعبد وطلب العلم ، ذكر مثل هذه النماذج المثالية.
وفقكم الله وجزاكم الله خيراً.
 
السلام عليك أخي الشيخ عبد الرحمن ، و زادك الله بسطة في العلم و العمل ، و بعد
فقد بدأت في هذا الموضوع عملية جمع الآثار و حسب ، و وعدت في مطلع الموضوع أن أعرض أقوال العلماء و مذاهبهم في أقل مدة يشرع فيها ختم القرآن الكريم بعد الفراغ من الجمع و التقصي و التتبع ، و حينئذ لن نستغني عن رأيكم و رأي الفضلاء من أهل العلم و طلبته .
فادع لنا ، و ساهم معنا في جمع المادة العلمية اللازمة لاستواء البحث على سوقه .
و الله يرعاكم
و السلام عليكم
 
كلام رائع للحافظ الذهبي في تحقيق المسألة !

كلام رائع للحافظ الذهبي في تحقيق المسألة !

كلام رائع للحافظ الذهبي في تحقيق المسألة :

قال في ترجمة الإمام وكيع بن الجراح بعد أن أورد عنه :

(( الفضل بن محمد الشعراني سمعت يحيى بن أكثم يقول صحبت وكيعا في الحضر والسفر وكان يصوم الدهر ويختم القرآن كل ليلة )) .
ثم قال رحمه الله : (( قلت : هذه عبادة يخضع لها ولكنها من مثل إمام من الأئمة الأثرية مفضولة ؛ فقد صح نهيه عليه السلام عن صوم الدهر ؛ وصح أنه نهى أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث والدين يسر ومتابعة السنة أولى فرضي الله عن وكيع وأين مثل وكيع ؟ )) " سير أعلام النبلاء " ( ج9/ص142 )

وقال في ترجمة أبي بكر بن عياش :

(( وقد روي من وجوه متعددة أن أبا بكر بن عياش مكث نحوا من أربعين سنة يختم القرآن في كل يوم وليلة مرة )) .
ثم قال رحمه الله : (( وهذه عبادة يخضع لها !! ولكن متابعة السنة أولى !! فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عبدالله بن عمرو أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث , وقال عليه السلام لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث )) " سير أعلام النبلاء " ( 8/ 503 ) .
 
موضوع..جدا رائع

ويذكرني ببيت :
لاتعرضن لذكرهم في ذكرنا****ليس الصحيح اذا مشى كالاعرج

لكن نقول في كلٍ خير
 
السلام عليكم |،
الحق اني ادين اولا بدين رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نهى عن ختم القرآن في اقل من ثلاث ...وهو الأعلم بكتاب الله ، ثم هو الأتقى ، وعبادته هي الأكمل .
وارى ان هناك في الأقوال التي ذكر احبتنا من المبالغة ما يشكك في صحة النص ، ونعلم ما كان من الوعاظ من ( المبالغات ، والتجديف احيانا ) بقصد رفع الهمم والتأثير في الناس !
وان صدقوا فمن كان يفعل ذلك (اي يختم في اقل من ثلاث ) ، فلنا ان نعاتبه على مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم أولا ، ثم لنا ان نتساءل عن شكل قراءته وما فيها من التدبر والتحقيق وذلك غاية القراءة عموما فما بالك في كتاب الله ، اما من ختم في ساعات ( ان صح ذلك) فاسأل القراء كيف ؟؟؟!!!!
آمل ان اخانا صاحب المقال يوافقنا او يصححنا في آخر المطاف فلقد فهمت ان له غلية و رأيا يجمع له الأدلة ، وجزى الله الجميع خيرا
 
في كم يقرأ القرآن ؟ :
في كتاب فضائل القرآن من صحيح البخاري باب : في كم يقرأ القرآن ، وقول الله تعالى : { فَا؟قْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ } [ المزمل : 20 ] ، ذكر البخاري - رحمه الله - حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { اقرإ القرآن في شهر } قلتُ : إني أجد قوة ، حتى قال : { فاقراه في سبع ، ولاتزد على ذلك }( 1) .
وفي رواية في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم : { فاقرأه في كل سبع ولاتزد على ذلك ، فإن لزوجك عليك حقاً ، ولزَوْرِكَ عليك حقاً ، ولجسدك عليك حقاً }( 2) .

فهذا الحديث ظاهره يقتضي المنع من قراءة القرآن في أقل من سبع كما ذكر ذلك ابن كثير في فضائل القرآن( 3) .
وجاء في أحاديث أخرى ما يدل على إقرار من قرأ في ثلاث ، ومنها ما ذكره ابن كثير في فضائل القرآن ، وعزاه للإمام أحمد في المسند عن سعد بن المنذر الأنصاري أنه قال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أقرأُ القرآنَ في ثلاث ؟ قال : { نعم } قال : فكان يقرؤه حتى توفي( 4) .
ومنها حديث عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لاتفقه في قراءة في أقل من ثلاث }(5 ) .
قال ابن كثير : ( وقد ترخّص جماعات من السلف في تلاوة القرآن في أقلّ من ذلك ، منهم أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه )(6 ) .
وذكر آثاراً تدل على أنه كان يقرأ القرآن كله في ركعة من الليل .
وكذلك تميم الداري - رضي الله عنه - وسعيد بن جبير - رحمه الله - ثبت عنهما بأسانيد صحيحة أنهم كانوا يختمون القرآن في ركعة( 7) .
وقد ذكر النووي في التبيان أحوال السلف في ختم القرآن ، وعاداتهم في قدر ما يختمون فيه ، ثُمَّ قال : ( والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص ، فمن كان يظهرُ له بدقيق الفكر لطائفُ ومعارف فليقتصر على قدرٍ يحصل له به كمالُ فهم ما يقرؤه ، وكذا من كان مشغولاً بنشر العلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة ، فليقتصر على قدرٍ لايحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له ، وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة(8 ) )( 9) ا هـ .
وقال في شرح صحيح مسلم : ( والمختار أنه يستكثر منه ما يُمكنه الدوام عليه ولايعتاد إلاَّ ما يغلب على ظنه الدوام عليه في حال نشاطه وغيره ، هذا إذا لم تكن له وظائف عامة أو خاصة يتعطل بإكثار القرآن عنها ، فإن كانت له وظيفة عامة كولاية وتعليم ونحو ذلك فليوظف لنفسه قراءة يُمكنه المحافظة عليها مع نشاطه وغيره من غير إخلال بشيء من كمال تلك الوظيفة ، وعلى هذا يحمل ما جاء عن السلف ، والله أعلم )( 10) ا هـ .
قال ابن كثير - رحمه الله - : ( وقد كره غيرُ واحد من السلف قراءة القرآن في أقل من ثلاث ، كما هو مذهب أبي عبيد وإسحاق بن راهويه ، وغيرهما من الخلف .
... عن معاذ بن جبل أنه كان يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث(11 ) .
وقال عبد الله بن مسعود : مَن قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز( 12) .
وفي المسند عن عبدالرحمن بن شيل مرفوعاً : { اقرؤوا القرآن ، ولاتغلوا فيه ، ولاتجفوا عنه ، ولاتأكلوا به ، ولاتستكثروا به }(13 ) .
فقوله : { لاتغلوا فيه } أي : لاتبالغوا في تلاوته بسرعة في أقصر مدة ، فإن ذلك ينافي التدبر غالباً ، ولهذا قابله بقوله : { ولاتجفوا عنه } أي : لاتتركوا تلاوته )( 14) ا هـ .
وبهذا نعلم أن ما جاء في الآثار عن كثير من السلف أنهم كانوا يختمون في أقل من ثلاث ليس مشروعاً ولا مستحباً ، بل هو خلاف المشروع ، ويُمكن أن يجاب عن فعلهم هذا بأجوبة :
منها : أنه لم يبلغهم النهي عن ذلك .
ومنها : أنهم كانوا يفهمون ويتفكرون فيما يقرؤونه مع هذه السرعة( 15) .
ومنها : أنهم لم يحملوا النهي على المنع .
ومنها : أنهم خصصوا النهي بمن ورد في حقه ، وقالوا : إن مقدار القراءة يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال ، والله أعلم( 16) .
وعلى كُلٍّ ؛ فالذي لاينبغي الشك والامتراء فيه أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وأنه هو القدوة والأسوة الحسنة لنا ، كما قال سبحانه : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا = 21 } [ الأحزاب : 21 ] .
فنحن متعبدون باتباع سنته وهديه ، وقد قالت عائشة رضي الله عنها فيما رواه مسلم : ولا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ، ولا صلى ليلة إلى الصبح ، ولا صام شهراً كاملاً غير رمضان(17 ) .

الحاشية والتعليقات

( 1) صحيح البخاري رقم [5054] ص 1002 ( ط : بيت الأفكار الدولية ) .
(2 ) صحيح مسلم ، كتاب الصيام رقم [1159] ص 448 ( ط : بيت الأفكار الدولية ) .
(3 ) فضائل القرآن لابن كثير ص 249 .
(4 ) هذا الحديث ساقط من المسند المطبوع مع أن ابن كثير ، والهيثمي في المجمع 2/268 ، عزوه إليه ، وأخرجه أيضاً أبو عبيد ص 88 في فضائل القرآن .
والحديث قال ابن كثير عن إسناده : وهذا إسناد جيّد قوي حسن . انظر : فضائل القرآن لابن كثير ص 252 .
(5 ) سبق تخريجه قريباً بلفظ : { لايفقه القرآن من قرأه في أقل من ثلاث } .
(6 ) فضائل القرآن لابن كثير ص 256 .
(7 ) المرجع السابق ص 257 ، 258 .
(8 ) الهذرمة : - بالذال - السرعة في القراءة والكلام ، يقال : هذرم وِرْدَه أي هذّه . مختار الصحاح مادة ( هـ ذ ر م ) ص 611 .
(9 ) التبيان في آداب حملة القرآن للنووي ص 62 . وانظر : كتاب الأذكار له أيضاً ص 138 ، 139 .
(10 ) شرح صحيح مسلم للنووي 8/293 .
(11 ) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 89 ، وذكر ابن كثير أنه أثر صحيح .
(12 ) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 89 ، وذكر محقق فضائل القرآن لابن كثير بأن إسناده ضعيف . ص 308 .
(13 ) أخرجه الإمام أحمد 3/444 وقال أبو إسحاق الحويني ، محقق فضائل القرآن لابن كثير : وسنده صحيح ص 256 .
(14 ) فضائل القرآن لابن كثير باختصار وتصرف يسير ص 254 - 256 .
(15 ) انظر : المرجع السابق ص 260 .
(16 ) انظر : هدي السلف في تحزيب القرآن : لمحمد الدويش في مجلة البيان ، العدد 42 ص 51 .
(17 ) جزء من حديث طويل أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب : جامع صلاة الليل رقم [746] ص 293 ، 294 ( ط : بيت الأفكار الدولية ) .
 
[align=justify]
كلام رائع للحافظ الذهبي في تحقيق المسألة :

قال في ترجمة الإمام وكيع بن الجراح بعد أن أورد عنه :

(( الفضل بن محمد الشعراني سمعت يحيى بن أكثم يقول صحبت وكيعا في الحضر والسفر وكان يصوم الدهر ويختم القرآن كل ليلة )) .
ثم قال رحمه الله : (( قلت : هذه عبادة يخضع لها ولكنها من مثل إمام من الأئمة الأثرية مفضولة ؛ فقد صح نهيه عليه السلام عن صوم الدهر ؛ وصح أنه نهى أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث والدين يسر ومتابعة السنة أولى فرضي الله عن وكيع وأين مثل وكيع ؟ )) " سير أعلام النبلاء " ( ج9/ص142 )

وقال في ترجمة أبي بكر بن عياش :

(( وقد روي من وجوه متعددة أن أبا بكر بن عياش مكث نحوا من أربعين سنة يختم القرآن في كل يوم وليلة مرة )) .
ثم قال رحمه الله : (( وهذه عبادة يخضع لها !! ولكن متابعة السنة أولى !! فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عبدالله بن عمرو أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث , وقال عليه السلام لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث )) " سير أعلام النبلاء " ( 8/ 503 ) .

وقال رحمه الله أيضاً في نفس الكتاب في ترجمة الصحابي عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: ( وَصَحَّ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَازَلَهُ إِلَى ثَلاَثِ لَيَالٍ، وَنَهَاهُ أَنْ يَقْرَأَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ، وَهَذَا كَانَ فِي الَّذِي نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا القَوْلِ نَزَلَ مَا بَقِيَ مِنَ القُرْآنِ.
فَأَقَلُّ مَرَاتِبِ النَّهْيِ أَنْ تُكْرَهَ تِلاَوَةُ القُرْآنِ كُلِّهِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ، فَمَا فَقِهَ وَلاَ تَدَبَّرَ مَنْ تَلاَ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ.
وَلَوْ تَلاَ وَرَتَّلَ فِي أُسْبُوْعٍ، وَلاَزَمَ ذَلِكَ، لَكَانَ عَمَلاً فَاضِلاً، فَالدِّيْنُ يُسْرٌ، فَوَاللهِ إِنَّ تَرْتِيْلَ سُبُعِ القُرْآنِ فِي تَهَجُّدِ قِيَامِ اللَّيْلِ مَعَ المُحَافَظَةِ عَلَى النَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ، وَالضُّحَى، وَتَحِيَّةِ المَسْجِدِ، مَعَ الأَذْكَارِ المَأْثُوْرَةِ الثَّابِتَةِ، وَالقَوْلِ عِنْدَ النَّوْمِ وَاليَقَظَةِ، وَدُبُرَ المَكْتُوبَةِ وَالسَّحَرِ، مَعَ النَّظَرِ فِي العِلْمِ النَّافِعِ وَالاشْتِغَالِ بِهِ مُخْلَصاً للهِ، مَعَ الأَمْرِ بِالمَعْرُوْفِ، وَإِرْشَادِ الجَاهِلِ وَتَفْهِيْمِهِ، وَزَجْرِ الفَاسِقِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، مَعَ أَدَاءِ الفَرَائِضِ فِي جَمَاعَةٍ بِخُشُوْعٍ وَطُمَأْنِيْنَةٍ وَانْكِسَارٍ وَإِيْمَانٍ، مَعَ أَدَاءِ الوَاجِبِ، وَاجْتِنَابِ الكَبَائِرِ، وَكَثْرَةِ الدُّعَاءِ وَالاسْتِغْفَارِ، وَالصَّدَقَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَالتَّوَاضُعِ، وَالإِخْلاَصِ فِي جَمِيْعِ ذَلِكَ، لَشُغْلٌ عَظِيْمٌ جَسِيْمٌ، وَلَمَقَامُ أَصْحَابِ اليَمِيْنِ وَأَوْلِيَاءِ اللهِ المُتَّقِيْنَ، فَإِنَّ سَائِرَ ذَلِكَ مَطْلُوْبٌ.
فَمَتَى تَشَاغَلَ العَابِدُ بِخِتْمَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَقَدْ خَالَفَ الحَنِيْفِيَّةَ السَّمْحَةَ، وَلَمْ يَنْهَضْ بِأَكْثَرِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَلاَ تَدَبَّرَ مَا يَتْلُوْهُ.
هَذَا السَّيِّدُ العَابِدُ الصَّاحِبُ كَانَ يَقُوْلُ لَمَّا شَاخَ: لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.....
وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَزُمَّ نَفْسَهُ فِي تَعَبُّدِهِ وَأَوْرَادِهِ بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، يَنْدَمُ وَيَتَرَهَّبُ وَيَسُوْءُ مِزَاجُهُ، وَيَفُوْتُهُ خَيْرٌ كَثِيْرٌ مِنْ مُتَابَعَةِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ الرَّؤُوْفِ الرَّحِيْمِ بِالمُؤْمِنِيْنَ، الحَرِيْصِ عَلَى نَفْعِهِم، وَمَا زَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَلِّماً لِلأُمَّةِ أَفْضَلَ الأَعْمَالِ، وَآمِراً بِهَجْرِ التَّبَتُّلِ وَالرَّهْبَانِيَّةِ الَّتِي لَمْ يُبْعَثْ بِهَا، فَنَهَى عَنْ سَرْدِ الصَّوْمِ، وَنَهَى عَنِ الوِصَالِ، وَعَنْ قِيَامِ أَكْثَرِ اللَّيْلِ إِلاَّ فِي العَشْرِ الأَخِيْرِ، وَنَهَى عَنِ العُزْبَةِ لِلْمُسْتَطِيْعِ، وَنَهَى عَنْ تَرْكِ اللَّحْمِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي.
فَالعَابِدُ بِلاَ مَعْرِفَةٍ لِكَثِيْرٍ مِنْ ذَلِكَ مَعْذُوْرٌ مَأْجُوْرٌ، وَالعَابِدُ العَالِمُ بِالآثَارِ المُحَمَّدِيَّةِ، المُتَجَاوِزِ لَهَا مَفْضُوْلٌ مَغْرُوْرٌ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ -تَعَالَى - أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ.
أَلْهَمَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ حُسْنَ المُتَابَعَةِ، وَجَنَّبَنَا الهَوَى وَالمُخَالَفَةَ.) انتهى كلامه باختصار يسير، وهو نفيس جداً؛ فرحمه الله رحمة واسعة، ووفقنا لاتباع السنة.[/align]
 
! ؟

! ؟

قال النووي في الأذكار :

[فصل] : ينبغي أن يحافظ على تلاوته ليلاً و نهاراً، سفراً و حضراً ، و قد كانت للسلف رضي اللّه عنهم عادات مختلفة في القدر الذي يختمون فيه ، فكان جماعةٌ منهم يختمون في كل شهرين ختمة ، و آخرون في كل شهر ختمة ، و آخرون في كل عشر ليال ختمة ، و آخرون في كل ثمان ليالٍ ختمة ، و آخرون في كل سبع ليالٍ ختمة ، و هذا فعل الأكثرين من السلف ، و آخرون في كل ستّ ليال ، و آخرون في خمس ، و آخرون في أربع ، و كثيرون في كل ثلاث ، و كان كثيرون يختمون في كل يوم و ليلة ختمة ، و ختم جماعة في كل يوم و ليلة ختمتين . و آخرون في كل يوم و ليلة ثلاث ختمات ، و ختم بعضهم في اليوم و الليلة ثماني ختمات: أربعاً في الليل ، و أربعاً في النهار: و ممّن ختم أربعاً في الليل و أربعاً في النهار السيد الجليل ابن الكاتب الصوفي رضي اللّه عنه ، و هذا أكثر ما بلغنا في اليوم و الليلة .
و روى السيد الجليل أحمد الدورقي بإسناده عن منصور بن زاذان بن عباد التابعي رضي اللّه عنه أنه كان يختم القرآن ما بين الظهر و العصر ، و يختمه أيضاً فيما بين المغرب و العشاء ، و يختمه فيما بين المغرب و العشاء في رمضان ختمتين و شيئاً ، و كانوا يؤخرون العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل .
و روى ابن أبي داود بإسناده الصحيح أنّ مجاهداً رحمه اللّه كان يختم القرآن في رمضان فيما بين المغرب و العشاء .

أخي الفاضل نجيب، شكر الله لك حثنا ورفع همتنا إلى ختم كتاب الله عز وجل، وأسأل الله أن يعيننا على ختمه وفهمه وحسن تدبره.
لكن استوقفني بعض المرويات التي تروي عن بعض الصالحين ختمهم للقرآن مرات عديدة في اليوم والليلة، مما لا يعقل بعضه فيما أظن!
أن يختم القرآن قراءة لا مجرد نظر في اليوم والليلة مرة واحد أو مرتين فهذا مما يصح. وقد يعقل ختمه ثلاث مرات في مرات قلائل لا على سبيل المداومة إذا كان الجزء الواحد يقرأ في خمس عشرة دقيقة على الأكثر، أي سيقرأ القارئ ثلاث ختمات في حوالي اثنتين وعشرين ساعة، وما بقي للصلوات المفروضة والنوم وبقية الأعمال! وإذا افترضنا أن الجزء الواحد يقرأ في عشر دقائق فيعقل أن يختم القارئ أربع ختمات في عشرين ساعة لا على سبيل المداومة إلا من شدد على نفسه وانقطع في حياته إلى قراءة القرآن لا غير.
أما أن يختم أكثر من أربع ختمات في اليوم والليلة فهذا مما لا يعقل! فما بالكم إذا كانت الختمة بين صلاتي الظهر والعصر! أو بين صلاتي المغرب والعشاء ولو أخرت العشاء! وما بالكم إذا كان الختم مرتين بين الصلاتين! فهذا مما لا يصح متنه وإن قيل بصحة إسناده! وإذا كان العلماء يستدلون على ضعف الحديث بمتنه ولو روي بإسناد ظاهره الصحة فما ظنكم بما يروى عن غير رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والذي أراه أن يوعظ الناس بما في كتاب الله عز وجل وبما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما وافق هديه من عمل الصالحين، فإنه هو الذي يوافق طبيعة الخلق، وأما ما يروى عن بعض الصالحين من الاجتهاد في العبادات إلى الحد الذي يعجز عنه أكثر أهل زماننا وزمانهم من الصالحين فإنه من أحوالهم الخاصة بهم، ولذا تروى عنهم مع التعجب، ولا أرى أن يوعظ به عامة الناس بل بعض خاصتهم؛ خاصة وأن بعض الوعاظ يروي تلك المرويات وكأنه يريد من الناس أن يصلوا إلى ما وصل إليه أولئك الصالحون، والناس في ظني يقعدهم مثل هذا الوعظ أكثر مما ينشطهم؛ لأنهم يرون ما يوعظون به مما يعجزون عنه.
وهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهجه مع عبد الله بن عمرو رضي الله عنه وغيره من الصحابة الذين أرادوا التبتل والانقطاع إلى العبادة والتشديد على أنفسهم؛ هو الهدي والمنهج الحق الذي ينبغي أن يوعظ الناس به.
أسأل الله أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ولا يجعله ملتبسًا علينا فنضل.
وأسأله أن يعفو عن زللنا وتقصيرنا، وإن كثيرًا من تقصيرنا قد يدفعنا إلى رد ما يظهر ضعفنا والتشكيك فيما يبين عيوبنا، والله المستعان وهو العفو الغفور.
ورحم الله امرءًا بين لنا وجه الحق.
 
عودة
أعلى