في تفسير ابن عاشور : هل "بولس" من دعاة الهدى!!؟

إنضم
18 نوفمبر 2004
المشاركات
100
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليس لنا بعد الله إلا مشايخنا وإخواننا في هذا الملتقى المبارك فيما يشكل علينا ويعسر فهمه .

أشكل عليَّ قول العلامة ابن عاشور -رحمه الله- في تحريره حيث قال :[ومن جُملةِ ذلكَ أن ينصروا القائمَ بالدينِ بعد عيسى من أتباعه ، مثل [بولس] و [بطرس] وغيرهما من دعاةِ الهدى وأعظمُ من ذلكَ كلِّه أن ينصروا النَّبيَّ المُبشَّر به في التوراةِ والإنجيلِ الذي يجيءُ بعدَ عيسى قبل منتهى العالمِ ويُخلِّصُ النَّاسَ من الضلال].

هل [بولس] يعتبر من دعاة الهدى في النصرانية ؟
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليس لنا بعد الله إلا مشايخنا وإخواننا في هذا الملتقى المبارك فيما يشكل علينا ويعسر فهمه .

أشكل عليَّ قول العلامة ابن عاشور -رحمه الله- في تحريره حيث قال :[ومن جُملةِ ذلكَ أن ينصروا القائمَ بالدينِ بعد عيسى من أتباعه ، مثل [بولس] و [بطرس] وغيرهما من دعاةِ الهدى وأعظمُ من ذلكَ كلِّه أن ينصروا النَّبيَّ المُبشَّر به في التوراةِ والإنجيلِ الذي يجيءُ بعدَ عيسى قبل منتهى العالمِ ويُخلِّصُ النَّاسَ من الضلال].

هل [بولس] يعتبر من دعاة الهدى في النصرانية ؟
حسب ما يسمى" بالكتاب المقدس" نعم.
وحسب الدراسات والتحقيقات المحايدة والموضوعية يعتبر بولس زنديق وكذاب ومبدل لشريعة موسى عليه السلام ومفتري على عيسى عليه السلام
 
(وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) المائدة (14)
قال بن عاشور:
"وعبّر عن النصارى ب { الذين قالوا إنّا نصارى } هُنا وفي قوله الآتي : { ولتجدنّ أقربهم مودّة للّذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى } [ المائدة : 82 ] تسجيلاً عليهم بأنّ اسم دينهم مشير إلى أصل من أصوله ، وهو أن يكون أتباعه أنصاراً لِما يأمر به الله ، { كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاريَ إلى الله قال الحواريّون نحن أنصار الله } [ الصف : 14 ] . ومن جملة ذلك أن ينصروا القائم بالدّين بعْد عيسى من أتباعه ، مثل بُولس وبَطرس وغيرهما من دعاة الهدى؛ وأعظم من ذلك كلّه أن ينصروا النبيءَ المبشَّر به في التَّوراة والإنجيل الّذي يجيء بعد عيسى قبل منتهى العالم ويخلِّص النّاس من الضلال { وإذ أخذ الله ميثاق النبيّين لَمَا آتيتكم من كتاب وحكمة ثُمّ جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمِنُنّ به ولتَنْصُرُنَّه } [ آل عمران : 81 ] الآية . فجميع أتباع الرسل قد لزمهم ما التزمه أنبياؤهم وبخاصّة النّصارى ، فهذا اللقب ، وهو النصارى ، حجّة عليهم قائمة بهم متلبّسة بجماعتهم كلّها "
 
من العيوب التي تؤخذ على العلامة ابن عاشور: أخذه بما في الكتاب المقدس في كثير من المواضع في كتابه، وأحيانا ينقل بنصه مع العلم بالتحريف الكبير في كتبهم، فينبغي أخذ الاعتبار بذلك لمن يقرأ في تفسيره، رحمه الله برحمته الواسعة.
 
بولس و دوره في تحريف النصرانية :
http://www.youtube.com/watch?v=waC1icIbCZQ

بولس عمل في النصرانية مثل ما عملت الشيعة في الدين الإسلامي و هو أول من قال بالتثليث و حارب الآروسيين و الآروسيون هم الموحدين الذين لم يبدلوا دينهم .
 
معنى قوله تعالى في سورة آل عمران :
( وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّۦنَ لَمَآ ءَاتَيْتُكُم مِّن كِتَٰبٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥ ۚ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِى ۖ قَالُوٓا۟ أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَٱشْهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ )
أي :
وإذ أخذ الله الميثاق عليكم أيها الأنبياء،حين آتاكم الكتاب والحكمة،أن تبينوالأتباعكم وأممكم صفة النبي محمد ونعته،وأن تأخذوا الميثاق عليهم ،بأن إذا جاءهم هذا الرسول بالتوحيد الموافق لما معهم من الكتاب ،ليصدقنه ولينصرنه على أعدائه،فقال الله لهم :أقبلتم وأعطيتم العهد على ذلك ؟ قال النبيون: قبلنا،قال الله: فليشهد كل نبي على غيره من الأنبياءو على أمته،وأنا معكم من الشاهدين على ذلك.​​​
والله تعالى أعلم بمراده
وأنا لم أفهم كيف استقر عند الشيخ الإمام - رحمه الله - هذا المعنى الذي ذكره ؟!
ولكني أعتذر له - رحمه الله - بأن ليس من كتب التفسير ما يخلو من إيراد بعض الإسرائيليات إلا ما ندر !
 
معنى قوله تعالى في سورة آل عمران :
( وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّۦنَ لَمَآ ءَاتَيْتُكُم مِّن كِتَٰبٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥ ۚ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِى ۖ قَالُوٓا۟ أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَٱشْهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ )
أي :
وإذ أخذ الله الميثاق عليكم أيها الأنبياء،حين آتاكم الكتاب والحكمة،أن تبينوالأتباعكم وأممكم صفة النبي محمد ونعته،وأن تأخذوا الميثاق عليهم ،بأن إذا جاءهم هذا الرسول بالتوحيد الموافق لما معهم من الكتاب ،ليصدقنه ولينصرنه على أعدائه،فقال الله لهم :أقبلتم وأعطيتم العهد على ذلك ؟ قال النبيون: قبلنا،قال الله: فليشهد كل نبي على غيره من الأنبياءو على أمته،وأنا معكم من الشاهدين على ذلك.​​​
والله تعالى أعلم بمراده
وأنا لم أفهم كيف استقر عند الشيخ الإمام - رحمه الله - هذا المعنى الذي ذكره ؟!
ولكني أعتذر له - رحمه الله - بأن ليس من كتب التفسير ما يخلو من إيراد بعض الإسرائيليات إلا ما ندر !
أين الإسرائيليات هنا ؟
وكلام من هذا ؟
 
معنى قوله تعالى في سورة آل عمران :
( وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّۦنَ لَمَآ ءَاتَيْتُكُم مِّن كِتَٰبٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥ ۚ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِى ۖ قَالُوٓا۟ أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَٱشْهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ )
أي :
وإذ أخذ الله الميثاق عليكم أيها الأنبياء،حين آتاكم الكتاب والحكمة،أن تبينوالأتباعكم وأممكم صفة النبي محمد ونعته،وأن تأخذوا الميثاق عليهم ،بأن إذا جاءهم هذا الرسول بالتوحيد الموافق لما معهم من الكتاب ،ليصدقنه ولينصرنه على أعدائه،فقال الله لهم :أقبلتم وأعطيتم العهد على ذلك ؟ قال النبيون: قبلنا،قال الله: فليشهد كل نبي على غيره من الأنبياءو على أمته،وأنا معكم من الشاهدين على ذلك.​​​
والله تعالى أعلم بمراده
وأنا لم أفهم كيف استقر عند الشيخ الإمام - رحمه الله - هذا المعنى الذي ذكره ؟!
ولكني أعتذر له - رحمه الله - بأن ليس من كتب التفسير ما يخلو من إيراد بعض الإسرائيليات إلا ما ندر !

هذا التفسير للآية تفسير من ؟
ومن هو هذا الشيخ الإمام الذي تعتذر له ؟
وما هو المعنى الذي استقر عنده ؟
 
نقلا عنك يا شيخنا ، فإن الشيخ العلامة الإمام ابن عاشور قال :
ومن جملة ذلك أن ينصروا القائم بالدّين بعْد عيسى من أتباعه ،مثل بُولس وبَطرس وغيرهما من دعاة الهدى؛وأعظم من ذلك كلّه أن ينصروا النبيءَ المبشَّر به في التَّوراة والإنجيل الّذي يجيء بعد عيسى قبل منتهى العالمويخلِّص النّاس من الضلالوإذ أخذ الله ميثاق النبيّين لَمَا آتيتكم من كتاب .....
فهذا المعنى الذي استغربت منه إيراده .
وأما المعنى الذي ذكرته للآية في سورة آل عمران ، فعليك تأمله وتصويبه إن بدى لك فيه وجه خلل أو زيغ ، وأعلم أن صاحبه سيشكرك على التصويب ويدعو لك ، وإن كان المعنى الذي ذكره صوابا فعليك الدعاء له ، وكفى .
 
بارك الله فيكم جميعاً .
كنتُ أود في الجواب عن هذا السؤال أن يبين من هو بولس وبطرس وكيف ورد ذكرهما في الكتاب المقدس الموجود الآن والفرق بين ذلك وبين حقيقتهما في دراسات المؤرخين والباحثين حتى يعلم حالهما، ثم محاولة تخريج كلام ابن عاشور بعد ذلك والنظر في سبب قوله هذا القول ، لعلمنا بعلمه الواسع ، واطلاعه الفريد .
فالذي يكتفي بالكتاب المقدس أو بعض كتب تفسير الكتاب المقدس يجد ثناءً على هذين الرجلين وهما بولس القديس وبطرس الناسك كما ذكر أبو سعد الغامدي ، ولكن الذي يقرأ في الدراسات التي تتبعت حقيقة بولس وكشفت القناع عنه كما في كتاب (انزعوا قناع بولس عن وجه المسيح) لأحمد زكي وغيره من الدراسات التي كشفت هذه الحقائق للقراء فإنه يوقن بأن بولس كان شراً وبيلاً على النصرانية ، حيث بَدَّلَها وحرَّفها ، فليس من أئمة الهدى كما وصفه ابن عاشور ، بل هو من أئمة الضلال .
ثم نأتي بعد ذلك لتخريج كلام ابن عاشور ، هل غاب عن ابن عاشور حقيقة هذا الرجل، ولم يطلع فيما بين يديه من الكتب على حقيقة هذا الرجل، ودوره الكبير في تحريف النصرانية ؟ ربما.
حيث إن الدراسات التي كشفت هذه الحقائق لم تنتشر بشكل كبير إلا في عصرنا اليوم، حتى كتاب ابن تيمية (القول الصحيح) لم يُطبع إلا مؤخراً فقد يكون غاب عن ابن عاشور حقيقة هذا الرجل فقال فيه ذلك القول.
 
من غرائب بن عاشور رحمه الله

من غرائب بن عاشور رحمه الله

(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) النور (33)

يقول بن عاشور رحمه الله:
والبغاء مصدر : باغت الجارية ، إذا تعاطت الزنى بالأجر حرفة لها ، فالبغاء الزنى بأجرة . واشتقاق صيغة المفاعلة فيه للمبالغة والتكرير ولذلك لا يقال إلا : باغت الأمة . ولا يقال : بغَتْ . وهو مشتق من البَغي بمعنى الطلب كما قال عياض في «المشارق» لأن سيد الأَمَة بغى بها كسباً . وتسمى المرأة المحترفة به بَغياً بوزن فعول بمعنى فاعل ولذلك لا تقترن به هاء التأنيث . فأصل بَغيّ بغوي فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقُلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء .
وقد كان هذا البغاء مشروعاً في الشرائع السالفة فقد جاء في سفر التكوين في الإصحاح 38 : «فخلعت عنها ثياب ترملها وتغطت ببرقع وتلففت وجلست في مدخل ( عينائم ) التي على الطريق» ثم قال فنظرها يهوذا وحسبها زانية لأنها كانت قد غطت وجهها فمال إليها على الطريق وقال : هاتي أدخل عليك . فقالت : ماذا تعطيني؟ فقال : أرسل لك جدي معزى من الغنم . . ثم قال ودخل عليها فحبلت منه» .

التعليق:
غريب هذا القول من بن عاشور رحمه الله تعالى ، فالبغاء من الفواحش التي حرم الله تعالى في كل الشرائع السماوية.
روى البخاري رحمه الله تعالى:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ.

مع أنا نجد بن عاشور يفسر البغي في سورة مريم فيقول :
"والبغِيّ : اسم للمرأة الزانية ، ولذلك لم تتصل به هاء التأنيث ، ووزنه فعيل أو فعول بمعنى فاعل فيكون أصله بَغوي . لأنه من البغي فلما اجتمع الواو والياء وسكن السابق منهما قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء الأصلية وعوض عن ضمة الغين كسرة لمناسبة الياء فصار بغي ."
وعند قول الله تعالى:
فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)

"ومعنى البغي تقدّم قريباً . وعنوا بهذا الكلام الكناية عن كونها أتت بأمر ليس من شأن أهلها ، أي أتت بسوء ليس من شأن أبيها وبغاء ليس من شأن أمّها ، وخالفت سيرة أبويها فكانت امرأة سوء وكانت بغياً؛ وما كان أبوها امرأ سوء ولا كانت أمها بغياً فكانت مبتكرة الفواحش في أهلها . وهم أرادوا ذمّها فأتوا بكلام صريحه ثناء على أبويها مقتض أن شأنها أن تكون مِثل أبويها ."
 
بسم الله الرحمن الرحيم

يعتبر بولس أشهر كتبة العهد الجديد ، وأهم الإنجيليين على الإطلاق ، فمن بين السبعة و عشرين سفرا من كتاب العهد الجديد قد ألف منهم أربعة عشر ، وفيها فقط تجد العديد من العقائد النصرانية ، بل أن دائرة المعارف الفرنسية تنسب إليه كلا من انجيلي مرقس و لوقا و سفر أعمال الرسل ، و هذا جعل الكثيرين من المفكرين يذهبون إلى إنه مؤسس النصرانية و واضع عقائدها . فقد كانت رسائله أول ما خُط من سطور العهد الجديد ، والذي جاء فيما بعد متناسقاً إلى حد ما مع رسائل بولس لا سيما إنجيل يوحنا ، فيما رفضت الكنيسة النصرانية تلك الرسائل التي تتعارض مع نصرانية بولس التي طغت على ما نادى بها المسيح u وتلاميذه من بعده.
و هذا الأثر الذي تركه بولس في النصرانية جد عميق ، و ذلك قد دعى الكاتب الأمريكي مايكل هارت في كتابه ( المائة : تقويم لأعظم الناس أثرا في التاريخ ) أن يجعل بولس أحد أهم رجال التاريخ أثراً ، إذ وضعه في المرتبة السادسة فيما وضع المسيح في المرتبة الثالثة . و يرى هارت أن المسيح u قد أرسى المبادئ الأخلاقية للعقيدة النصرانية ، وكذلك نظراتها الروحية وكل ما يتعلق بالسلوك الإنساني ، وأما مبادئ اللاهوت فهي من صنع القديس بولس ، ويقول هارت: ( المسيح لم يبشر بشيء من هذا الذي قاله بولس الذي يعتبر المسئول الأول عن تأليه المسيح ) أ هـ.
وقد خلت قائمة مايكل هارت من تلاميذ المسيح الذين غلبتهم دعوة بولس مؤسس النصرانية الحقيقي فلم يعد لهم تأثير على النصارى مثله ، بينما كان الامبرطور قسطنطين صاحب مجمع نيقية الذي تبنى رسمياً القول بألوهية المسيح u ( 325م ) في المرتبة الثامنة والعشرين من القائمة المذكورة . (( بولس وأثره في النصرانية، لطارق عمر، ص6 ))
... من خلال الدراسات التي قُدمت لنصوص العهد الجديد و كتابات المؤرخين و المفكرين النصارى وإثبات أن بولس و أتباعه من دعاة ألوهية المسيح كانوا في البداية قليلون قد وسمهم معاصروهم بالفرقة المارقة ، و قد ظل الوضع كذلك حتى مجمع نيقية عام 325م فتحكي كتب التاريخ أن عدد من حضروا المجمع كانوا قرابة الألف شخص من مختلف الطوائف النصرانية المعروفة آنذاك ومنهم 318 أسقفا على رأي بولس و قد ناصرهم الإمبراطور قسطنطين بإنحيازه لرأيهم و فرض عقيدتهم على غيرهم بقوة السلطان .
و منذ ذلك التاريخ فُرضت عقيدة بولس على النصارى بأنها العقيدة الصواب و ما خالفها هرطقة، و كان الزمن كفيلا بانتشارها في كافة أرجاء الإمبراطورية الرومانية و دفع ما سـواها من عقائد أخرى حـتى صـارت اليوم – و على اختلاف طوائف النصارى – مصدر للعقيدة المعتبرة لدى المسيح u . (( بولس وأثره في النصرانيه، لطارق عمر، ص40))
وقال د. رؤوف شلبي في كتابه يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء ...؟ دراسة مقارنة للمسيحية ص98
" والدراسة المفصلة لرسائل بولس الكبرى تكشف لنا النقاب عن مزيج من الأفكار يبدو لأول وهلة غريباً حقاً: مزيج من دعوى الاثني عشر الأساسية ومن الأفكار اليهودية، ثم من المفاهيم المنتشرة في الأوساط الوثنية اليونانية، ومن الذكريات الإنجيلية، والأساطير الدينية الشرقية".
للاستزادة انظر: (( الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة )) المجلد الثاني ص564-582 ط4 سنة 1420هـ الناشر دار الندوة العالمية
كما سبق مناقشة موضوع عن بعض المآخذ على تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور رحمه الله. انظر هنا
 
شكر الله للإخوة وللدكتور عبد الرحمن التوضيح والبيان، والذي يظهر من خلال تفسير ابن عاشور لقصة أصحاب القرية في سورة (يس) أنه يرى أن بولس أحد الأنبياء المرسلين يقول رحمه الله: ( وَوَقَعَتِ اخْتِلَافَاتٌ لِلْمُفَسِّرِينَ فِي تَعْيِينِ الرُّسُلِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَى أَهْلِ أَنْطَاكِيَةَ وَتَحْرِيفَاتٌ فِي الْأَسْمَاءِ، وَالَّذِي يَنْطَبِقُ عَلَى مَا فِي كِتَابِ أَعْمَالِ الرُّسُلِ مِنْ كُتُبِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ (1) أَنَّ (بِرْنَابَا) وَ (شَاوَل) الْمَدْعُو (بُولُس) مِنْ تَلَامِيذِ الْحَوَارِيِّينَ وَوُصِفَا بِأَنَّهُمَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، كَانَا فِي أَنْطَاكِيَةَ مُرْسَلَيْنِ لِلتَّعْلِيمِ، وَأَنَّهُمَا عُزِّزَا بِالتِّلْمِيذِ (2) (سِيلَا) . وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ الثَّالِثَ هُوَ (شَمْعُونُ) ، لَكِنْ لَيْسَ فِي سِفْرِ الْأَعْمَالِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ بُولُس وَبِرْنَابَا عُزِّزَا بِسَمْعَانَ. وَوَقَعَ فِي الْإِصْحَاحِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْهُ أَنه كَانَ نبيء فِي أَنْطَاكِيَةَ اسْمُهُ (سَمْعَانُ) .) (22/359).
فابن عاشور بناء على هذا النص لا يرى أن بولس مصلح للنصرانية فحسب بل هو نبي من أنبياء بني إسرائيل، وهو ما يظهر لنا جانبا من نظرة ابن عاشور لبولس.
 
غفر الله لكم ورفع قدركم ...

معلوماتٌ قيِّمةٌ استفيدُ منها في بحثي .

لاحرمكم الله الأجر والمثوبة.
 
نقد و انصاف

نقد و انصاف

شكر لله لجميع الاخوة الذين شاركوا في اثراء النقاش حول موقف ابن عاشور من بطرس.حقيقة أن الشيخ ابن عاشور أكثر من الاستشهاد بماورد في التوراة و الانجيل و لم يخلص تفسيره البديع"التحرير و التنوير" من الاسرائليات و هذا ما أكده الدكتور عبد الرحمن فارس أبو عبلة في أطروحته الموسومة ب"شوائب التفسير في القرن الرابع عشر الهجري" حيث يقول :((أكثر ابن عاشور من الإسرائيليات في تفسيره ومن الاستشهاد بالتوراة والإنجيل حتى يمكن أن يقال عنه إنه لم يوف بما عاهد نفسه والقراء عليه من تحرير تفسيره مما علق بالتفسير من شوائب ونور القراء بما ينبغي أن يهجروه.ففي الجزء الأول من القرآن حيث تكثر أنباء فتحدث عن ولادة سيدنا موسىبمصر ( ١٥٠٠ ق.م)، وتوفي قرب أريحا على جبل نيبو ( ١٣٨٠ ق.م).وتحدث عن وفاة سيدنا إبراهيم ( ١٧٣٣ ق.م) وكانت ولادته ( ١٩٦٦ ق.م).وتحدث عن ملك سليمنا وعن السحر وعن الملكين ببابل هاروت وماروت.وتحدث عن ولادة سيدنا إسماعيل ( ١٩١٠ ق.م). وكانت وفاته في نفس السنة التي توفي فيها والده.)) ص 84 .
غير أن ذلك لا يعني أن نبخس الرجل حقه و ننقص من الجهود العظيمة التي بذلها لتفسير كلام للهعز وجل فقدجاء بما لم تسبقه فيه الأوائل .فهو عالم موسوعي خاض في فنون متنوعة من لغة و أصول و عقيدة و غيرها.و أنا ألتمس له العذر فيما ذهب اليه ، فلعل القرائن التي كانت بين يديه آنئذ رجحت لديه أن بطرس يعد من ائمة الهدى.و هذه الزلة تختمل له في بحر حسناته ان شاء الله،و لعله قد رحاله في لجنة .​

 
جزاك الله خير أخي الحسن على هذه الإضافات القيمة

وأذكرك أن السؤال كان عن [بولس] وليس [بطرس] وحسب ما علمت أن بينهما فرق .
 
كتحريك للبحث فقط ،وكي لا يستقر ما ليس أهلاً للاستقرار : فإن دور بولس في تغطية المسيحية النقية يحتاج لإعادة نظر؛فإن فيه مبالغات كثيرة ،وإن كان أصله لا ينكر،خاصة إذا علم أمران :

الأول : أصرح أدلة إبطال لاهوت المسيح موجودة في رسائل بولس نفسها.
الثاني : كثير من النقولات التي يعتمد عليها في تصوير تحريف بولس هي من رسائل لم تثبت نسبتها لبولس.
 
وجهة نظر المؤرخ المحايد

وجهة نظر المؤرخ المحايد

قال الأديب الكبير والمؤرخ والمفكر والكاتب العملاق هـ جـ ويلز في كتابه العالمي "معالم تاريخ الإنسانية" جـ3 ص 16 من الترجمة العربية:
وهو أحسن ما وقعت عليه عيني باللغة العربية مصدرا عن حياة يسوع في سياق تاريخ عالمي موضوعي وعن الإضافات التي أضافها بولس إلى تعاليم يسوع.
وههنا الكتاب لمن أراد قراءته وهاهنا أيضا قسط مما قاله فيه:
"ويكاد يكون مصدر معلوماتنا عن شخصية يسوع (عليه السلام) محصورا في الأناجيل الأربعة وكلها بالتأكيد كانت موجودة بعد وفاته ببضع عشرات من السنين ومن الإشارات إلى حياته في رسائل الدعاة المسيحيين الأوائل ، ويظن الكثيرون أن الأناجيل الثلاثة الأولى متي ومرقص ولوقا مستمدة من بعض وثائق أقدم منها ولكن إنجيل القديس يوحنا يتصف بطابع أخص وأبرز كما أنه يصطبغ بصبغة لاهوتية ذات طابع هيليني قوي. ويميل النقاد إلى اعتبار إنجيل القديس مرقس أصح ما كتب عن شخص يسوع وأعماله وأقواله وأجدرها بالثقة، بيد أن الأناجيل الأربعة جميعا تتفق في إعطائنا صورة لشخصية واضحة تماما...لكن كما أن شخصية غوتاما بوذا قد شُوهت وانطمست وراء تلك الصور الجامدة المتربعة التي عليها وثن البوذية المتأخرة المذَهَّب ، فكذلك يشعر المرء أن شخص يسوع النحيل المكدود قد أضرَّ به كثيرا ذلك الجو الوهمي وتلك الروح التقليدية اللذان فرضهما على صورته الفن المسيحي الحديث تبجيل خاطئ من رسام تقي قانت. كان يسوع معلما فقيرا يتجول في بلاد اليهودية المتربة اللافحة الشمس ويعيش على هبات عرضية من الطعام ومع ذلك فإنه يصوَّر على الدوام نظيفا ممشط الشعر مرجله صقيل الإهاب نقي الثياب مستقيم العود ومن حوله سكن لا يريم كأنما هو منزلق في الهواء وهذا وحده قد جعله وهماً لا يؤمن به كثير من الناس الذين لا يستطيعون أن يميزوا بين لباب القصة وبين زخرف إضافات التحسين والتحلية غير الموفقة التي يضيفها بعض المبتلين بغباء. ومن الجائز أن الأجزاء الأولى من الأناجيل استطرادات وإضافات من نفس هذا الطراز، فإن المعجزات المتصلة بمولد يسوع : ذلك النجم العظيم الذي جلب الحكماء من الشرق ليعبدوا الله عاكفين عند مهده بالمذود. ومذبحة الأطفال الذكور في بيت لحم بأمر هيرودس نتيجة لهذه الظواهر والنذر، والهرب إلى مصر إنما هي أمور يظنها كلها كثير من الثقات من أمثال تلك المواد المضافة. وهي في خير أحوالها حوادث لا ضرورة لها للتعاليم وهي تسلبها الشيء الكثير مما لها من قوة وسلطان عندما تُجرد من أمثال تلك الإضافات وكذلك الشأن في مسألة النسب المتناقضة اتي أوردها متي ولوقا. والتي يحاولان فيها إرجاع النسب مباشرة لأبيه يوسف إلى الملك داود. كأنما كان شرفا ليسوع أو لأي إنسان آخر أن يكون رجل كهذا أحد أسلافه. وإدخال هذه الأنساب أشد إمعانا في الغرابة ومنافرة العقول لأن يسوع كما تقول القصة ليس ابناً ليوسف بتاتاً. إذ قد حملت فيه أمه بطريقة إعجازية.
فإذا نحن جردنا هذه القصة من الإضافات العسيرة، وجدنا أنفسنا إزاء كائن مكتمل الإنسانسة موفور الجد مرهف العاطفة والحساسية عرضة للغضب السريع ويعلم الناس مبادئ جديدة بسيطة عميقة: هي أبوة الرب العامة المحبة ومجيء مملكة السلام. وغني عن البيان أنه كان شخصاً ذا جاذبية شخصية بالغة القوة فكان يجتذب إليه الأتباع ويملؤهم بالحب والشجاعة وكان الضعفاؤ والمرضى من الناس يتشجعون بحضرته يبرءون مما بهم...وهناك خبر متواتر بأنه أغمي عليه عندما كلف بأن يحمل صليبه إلى مكان التنفيذ كما جؤى بذلك العرف. وكان يناهز الثلاثين من عمره عندما شرع لأول مرة يعلم الناس، وظل يجوب البلاد ثلاثة أعوام ينشر مبادئه ثم هبط اورشليم ، واتُهم بأنه يحاول أن يقيم مملكة عجيبة في بلاد اليهودية وحوكم بهذه التهمة
...ومن الحقائق الثابتة أن ما تحويه الأناجيل من مجموعة الأخبار والتأكيدات اللاهوتية التي تؤلف المبادئ المسيحية الطقوسية لا يقوم إلا على سند محدود جداً. إذ لا يوجد في هذه الكتب كما قد يرى القارئ بنفسه ما يدعم ويؤيد كثيرا من تلك المبادئ التي يرى معلمو المسيحية على اختلاف نحلهم أنها ضرورية بوجه عام للخلاص. فإن سندها من الأناجيل غالبا ما يكون سندًا غير مباشر ومعتمدا على الإشارة، ولا بد إذن من تصيد ذلك السند تصيدا وإقامة الحجة عليه بالبحث والمجادلة. وفيما عدا بعض فقرات تدور حولها المنازعات يعسر عليك أن تجد كلمة تُنسب فعلا إلى إلى يسوع فسر فيها مبادئ الكفارة والفداء أو حض فيها أتباعه على تقديم القرابين أو تناول سر مقدس وسوف نرى فيما بعد كيف مزق الشقاق حول مسألة الثالوث فيما بعد العالم المسيحي بأسرهوليس هناك من دليل على أن حواريي المسيح اعتنقوا ذلك المبدأ . كذلك لا يبرز هو دعواه أنه "المسيح" ولا يضفي اشتراكه مع الله في الربوبية أي ثوب بارز ربما أحسسنا أنه لم يكن ليفوته أن يضفيه لو أنه كان يراه أمرًا في الدرجة الأولى من الأهمية.
ومن أشد ما يحيّر اللب قوله (انجيل متي الإصحاح 16-20 ) حينئذ أوصى تلاميذه ألا يقولوا لأحد إنه يسوع المسيح، فمن العسير أن يفهم الإنسان السر في هذا المنع، إذا فرضنا أنه كان بعد الحقيقة من ضروريات الخلاص.
ثم إن مراعاة طقس السبت اليهودي وه الذي استبدلوا به الأحد المثرائي ظاهرة هامة عند كثير من النحل المسيحية، على أن يسوع لم يرع السبت معتمدا وقال إنه خلق لأجل الإنسان، ولم يُخلق الإنسان لأجل السبت. وهو لم يفه بكلمة واحدة عن عبادة أمه مريم في صورة إيزيس مليكة السماء، كما أن الكثير مما هو من خصائص المسيحية في العبادة والطقوس لقي منه إغضاءً تاماً، ولقد أمكن من جرأة الكتاب المتشككين أن أنكروا إمكان أن يسمى يسوع مسيحيا على الإطلاق.ويجب على كل قارئ أن يلجأ إلى مرشديه الدينيين ليستضيء بهديهم في الثغرات الخارقة في تعاليمه.
"
وبعد أن خصص فصلا لتعاليم يسوع وأهمها "مملكة السماء" التي تعني جوا من الحب والأمانة أو بتعبير ويلز "أن التبرؤ من النفس ونبذها هو جزاؤها بعينه وأنه هو نفسه مملكة السماء" يشرع في فصل جديد عنوانه "مبادئ أضيفت إلى تعاليم يسوع":

- وظهر للوقت معلم آخر عظيم ، يعده كثير من الثقات العصريين المؤسس الحقيقي للمسيحية- وهو شاءول الطرسوسي أو بولس- ويظهر أن شاءول هو اسمه اليهودي وأن بولس هو اسمه الروماني، كان مواطنا رومانيا، رجلا أوتي علما أوسع بكثير وعقلية أضيق بكثير مما يبدو أن قد أوتي يسوع، والراجح أنه كان يهودي المولد وإن كان بعض الكتاب اليهود ينكرون ذلك ، ولا مراء في أنه تعلم على أساتذة من اليهود. بيد أنه كان متبحرًا في لاهوتيات الإسكندرية الهيلينية وكانت لغته الإغريية. ويقرر بعض علماء الأدب الكلاسيكي القديم أن لغته الإغريقية غير مرضية، فهو لم يستخدم لغة أثينا، بل إغريقية الإسكندرية، بيد أنه استخدمها بقوة وبطلاقة. ..كان صاحب نظرية دينية ومعلماً يعلم الناس قبل أن يسمع بيسوع الناصري بزمن طويل ، وهو في رواية العهد الجديد يبدو بادئ ذي بدء في إهاب الناقد المرير، والخصم العنيد والمضطهد الناشط للنصارى جميعاً.
ولم يوفق كاتب هذه السطور إلى العثور على أي بحث في آراء بولس الدينية قبل أن يصبح من أتباع يسوع. ولا بد أنها كانت أساس لآرائه الجديدة وإن لم تزد عن قاعدة انطلاق لها، كما أن أسلوب تعبيرها وطريقتها أسبغت بالتحقيق عن مبادئه الجديدة لونا خاصاً. وإنا لنكاد نتخبط في نفس الظلمات حول تعاليم عمانوئيل الذي يقولون إنه المعلم اليهودي الذي كان بولس يجلس عند قدميه ، كذلك لسنا ندري ما ذا كانت التعاليم غير اليهودية التي درسها. ومن الراجح أنه متأثر جدا بالمثرائية إذ هو يستعمل عبارات عجيبة الشبه بالعبارات المثرائية، ويتضح لكل من قرأ رسائله المتنوعة جنبا إلى جنب مع الأناجيل، أن ذهنه كان مشبعاً بفكرة لا تبدو قط ، بارزة قوية فيما نقل عن يسوع من أقوال وتعليم، ألا وهي فكرة الشخص الضحية الذي يُقدم قربانا لله كفارة عن الخطيئة فما بشّر به يسوع كان ميلادا جديدا للروح الإنسانية، أما ما علَّمه بولس فهو الديانة القديمة ديانة الكاهن والمذبح وسفك الدماء طلبا لاسترضاء الآله.
ولم ير بولس يسوع قط، ولا بد أنه استقى معرفته بيسوع وتعاليمه سماعا عن التلاميذ الأصليين. ومن الجلي أنه أدرك الكثير من روح يسوع ومبدئه الخاص بالميلاد الجديد بيد أنه أدخل هذه الفكرة في صرح نظام لاهوتي ، نظام يتسم بشديد البراعة والخفاء، لا تبرح فتنته إلى اليوم تستهوي العقول "فكريا" بصفة رئيسة. ومن الواضح أن عقيدة النصارى التي وجدها على صورة مبدأ للحفز والإثارة وأسلوب العيش قد أصبحت على يديه مذهب "إيمان" . ذلك أنه وجد النصارى ولهم روح ورجاء وتركهم مسيحيين لديهم بداية عقيدة.
بيد أننا يجب أن نرجع القارئ إلى "أعمال الرسل" و"رسائل بولس" ليحصل على بيان واضح عن رسالة بولس وتعاليمه. كان رجلا هائل الطاقة والنشاط، وقد علّم الناس في اورشليم وانطاكية وأثينا وكورنثوس وافسوس وروما. ويحتمل أنه انحدر أيضا إلى اسبانيا، وليست طريقة وفاته بمعروفة على وجه التحقيق، ولكن يقال إنه قُتل في روما إبان حكم نيرون. فقد شب حريق عظيم اتى على قسم كبير من روما فاتُّهمت الطائفة الجديدة بأنها تسببت في ذلك الحريق ولا شك أن انتشار المسيحية السريع مدين لبولس اكثر منه لأي رجل آخر بمفرده
. فلم تكد تمضي على موت المسيح عشرون سنة حتى استرعت هذه الديانة نظر الولاة الرومان في ولايات عديدة. ولئن حصلت
من يد القديس بولس على لاهوتها فلقد ظلت محتفظة بالكثير من تعاليم يسوع من سمة الثورية والبدائية ولقد أصبحت أكثر تسامحاً نوعا من الملكية الخاصة وأصبح في وسعها أن تقبل نصارى أغنياء دون الإصرار على جعل ثرواتهم مشاعا
واغتفر القديس بولس نظام الرق عندما قال أيها العبيد أطيعوا في كل شيء سادتكم. ومع ذلك فقد صمدت كالصخر لا تلين إزاء بعض النظم الجوهرية في العالم الروماني. فإنها لم تُجز أبدا عبادة القيصر فلم يقبل المسيحيون أن قط أن يعبدوا الامبراطور حتى ولا بإيماءة صامتة عند المذبح رغم ما في ذلك من تعريض حياتهم للخطر. وإنها لتستنكر حفلات المجالدين.
....على أن ما أسهمت فيه نحلة الاسكندرية في الفكر المسيحي والطقوس المسيحية كان أعظم قدرا او يكاد

عرفنا إذن أن ما يعدّ جوهر المسيحية عبر التاريخ أي التثليث هو ليس من أفكار يسوع ولا من تعاليمه بل هو من تعاليم بولس.
 
تعقيب

تعقيب

شكر الله لك أخي جابر.معذرة فأنا لم أقصد بمشاركتي الخوض في الحديث عن بولس أو بطرس،و هل هما حقا من أئمة الهدى كما ورد في "التحرير و التنوير"،و انما كان غرضي هو الاقرار بفضل ابن عاشور وعلو كعبه في علم التفسير و ذلك حتى لا يغمط حقه و يتهم في عقيدته.وهذا لا يعني بأي حال أن ننزه الرجل و نتغاضى عن هفواته،بل من الأمانة و النصح للمسلمين الكشف عن ما ورد في تفسيره القيم من أخطاء و هفوات حتى لا يغتر بها من لا يميز بين الغث و السمين.و للاشارة فان ابن عاشور ليس بدعا فيما يتعلق بالاستشهاد بالاسرائيليات،بل هناك مفسرون آخرون من المتأخرين، أمثال الشيخ محمد رشيد رضا و محمد مصطفى المراغي و محمود شلتوت ، شددوا الانكار على الاسرائيليات لكن كتبهم لم تخل منها.و انما العصمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
 
كتحريك للبحث فقط ،وكي لا يستقر ما ليس أهلاً للاستقرار : فإن دور بولس في تغطية المسيحية النقية يحتاج لإعادة نظر؛فإن فيه مبالغات كثيرة ،وإن كان أصله لا ينكر،خاصة إذا علم أمران :

الأول : أصرح أدلة إبطال لاهوت المسيح موجودة في رسائل بولس نفسها.
الثاني : كثير من النقولات التي يعتمد عليها في تصوير تحريف بولس هي من رسائل لم تثبت نسبتها لبولس.

أخانا الفاضل أبا فهر وفقه الله
لا تكاد رسالة من رسائل بولس من تقرير أمرين:
الأول : بنوة المسيح
الثاني: قضية الصلب والفداء.
وهذا وحده كافٍ في إثبات أن بولس المنسوبة إليه الرسائل محرف لأهم قضية في رسالة المسيح عليه السلام وأول الوصايا العشر وهي قضية التوحيد.
 
عودة
أعلى