فوائد ومسائل متفرقة من كتاب (معرفة القراء الكبار) للإمام الذهبي (ت748هـ)

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,318
مستوى التفاعل
127
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
إلحاقاً لمقالة سابقة بعنوان :
[align=center][align=center]عرض لنشرات كتاب (معرفة القراء الكبار) للإمام الذهبي (ت748هـ)[/align][/align]
كنت علقت كثيراً من الفوائد والطرائف العلمية والتاريخية ، التي يشتمل عليها هذا السفر النفيس ، دبجتها يراعة العلامة المؤرخ الفذ شمس الدين أبي عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748هـ رحمه الله تعالى ، وللذهبي في أثناء ترجمته للقراء وغيرهم وقفات علمية وتربوية رائعة تدل على بصره الناقد ، وبصيرته النافذة ، وعلمه الواسع في علم الرجال .
فرأيت نفعاً لنفسي ولإخواني القراء أن أنقلها للقراء الفضلاء في ملتقى أهل التفسير على حلقات متسلسلة حتى لا يمل منها القارئ ، وينتفع بها من يقرؤها بإذن الله ، والله الموفق ، ومن أراد التعقيب على أي فائدة من هذه الفوائد المنقولة فليشر إلى رقم المشاركة التي أوردت فيها الفائدة مشكوراً ، ولي أملٌ في ثراء هذه المشاركة بتعليقاتكم وتعقباتكم ، حتى نستفيد منها جميعاً.

حرر في الرياض 1/7/1427هـ
 
مسألة ائتمام الأقرأ للقرآن بمن هو دونه في قراءة القرآن في الصلاة .

مسألة ائتمام الأقرأ للقرآن بمن هو دونه في قراءة القرآن في الصلاة .

[align=center](1)[/align]
في ترجمة الإمام أبي بن كعب رضي الله عنه قال الذهبي :
(قلتُ : كان أبي بن كعب أقرأ من أبي بكر وعمر ، وبعدَ هذا فما استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة ، مع قوله صلى الله عليه وسلم :(يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) الحديث ، وهذا مشكلٌ) [انظر : 1/31 طبعة بيروت] .
غير أن الذهبي في النسخة الأخيرة من الكتاب عقَّب بقوله بدل قوله :(وهذا مشكلٌ) بقوله :( وأجيب عن هذا الإيراد بأن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف الصديق على الصلاة ، ليستقر في النفوس أهليته للخلافة الكبرى ، إذ الصلاة أهم الدين) [انظر : 1/113 بعة تركيا ، 1/11 طبعة مركز الملك فيصل].
وفي هذا النقل فوائد :
1- أنَّ المؤلفين لا يزالون ينقحون في كثير من مؤلفاتهم مِمَّا يستدعي تغير بعض آرائهم واستنباطاتهم ، وآخرها هو القول المعتبر الذي ينسب للمؤلف.
2- أَهميَّةُ جَمع نسخ المخطوطات للكتاب المحقق ، وموازنتها حتى يظهر الكتاب في الصورة النهائية التي أرادها المؤلف أو قريباً منها ، ومن هنا تظهر قيمة الطبعتين التركية وطبعة مركز الملك فيصل للكتاب لتمامهما .
3- أَهميَّةُ الربطِ بين النصوص الشرعية المتفرقة في الموضوع الواحد حتى يصح الاستنباطُ ، حيث ربط الذهبيُّ هنا بين أمرِ النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤمَّ الأقرأُ في الصلاةِ ، وكونِ أُبَيّ بن كعب أقرأَ مِن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وأَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أبا بكر أن يؤمَّ الناس في الصلاة وفيهم أُبَيُّ بن كعب . وبالربط بين هذه الأحوال والأقوال يُستنبطُ الحكمُ الشرعيُّ في مثل هذه الحال .
 
حسن صوت عبدالله بن مسعود بالقرآن رضي الله عنه .

حسن صوت عبدالله بن مسعود بالقرآن رضي الله عنه .

[align=center](2)[/align]
قال الذهبي في ترجمة الإمام عبدالله بن مسعود رضي الله عنه :
(قد كان رأساً في تجويد القرآن ، مع حسن الصوت .
روى قرة بن خالد ، عن النَّزال بن عمارة – وهو ثقة – عن أبي عثمان النهدي قال : صلى بنا ابن مسعود المغرب بـ {قل هو الله أحد} ، فلوددت أنه قرأ بسورة البقرة من حسن صوته ، وترتيله) [انظر: 1/117 طبعة تركيا] وهي أوفى النسخ في نقل هذا الخبر ، حيث سقط بعضه في طبعة مركز الملك فيصل 1/14 ، وسقط كله في طبعة بيروت .

وفي هذا النقل فوائد :
1- استحبابُ تَحسينِ الصوتِ بالقرآن عند التلاوة وإمامة الناس وسنيَّةُ ذلك ، فعبدالله بن مسعود رضي الله عنه أخذ ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونعمَ القُدوةُ .
2- تفاوت القراء من الصحابة في حسن الصوت وجَمالهِ ، وعبدالله بن مسعود وأبوموسى الأشعري من أجمل قراء الصحابة صوتاً رضي الله عنهما.
3- قراءة سورة الإخلاص في صلاة المغرب .
 
الفرق بين قراءة علي بن أبي طالب وقراءة زيد بن ثابت حرف واحدٌ يبين عند الوقف عليه

الفرق بين قراءة علي بن أبي طالب وقراءة زيد بن ثابت حرف واحدٌ يبين عند الوقف عليه

[align=center](3)[/align]
قال الذهبي في ترجمة الإمام زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال :
(حفصُ عن عاصمٍ عن أبي عبدالرحمن ، قال : لم أُخالف عليّاً في شيء من قراءته ، وكنتُ أجمعُ حَرف عَليٍّ ، فألقى بِها زيداً في المواسمِ بالمدينة ، فما اختلفا إلا في (التابوت) ، كان زيد يقرؤها بالهاء ، وعلي بالتاء) [انظر: 1/120 طبعة تركيا] وهي أوفى النسخ في هذا الخبر ، فطبعة مركز الملك فيصل ناقصة في هذا الخبر 1/16 ، وطبعة بيروت 1/38

فالفرق بين القراءتين في كلمة (التابوت) في سورة البقرة ، وهذا الفرق لا يظهر للقارئ حال الوصل ، وإنما يظهر حال الوقف عليه ، فإذا وقفت عليه بقراءة علي بن أبي طالب فقف بالتاء . وإذا وقفت عليه بقراءة زيد بن ثابت فقف بالهاء .
 
وهذا عندي فيه إشكال وهو : أن سند عاصم ينتهي إلى علي وزيد رضي الله عنهما ،والكلمة المذكورة رسمت على قراءة علي رضي الله عنهما مما يعني عدم جواز الوقف عليها بالهاء كما عند زيد رضي الله عنه ،فإذا وقفنا بالهاء نكون وافقنا زيداً وخالفنا رسم المصحف ،فما الحل إذن ؟
 
عبدالرحمن الشهري قال:
[align=center](1)[/align]
في ترجمة الإمام أبي بن كعب رضي الله عنه قال الذهبي :
(قلتُ : كان أبي بن كعب أقرأ من أبي بكر وعمر ، وبعدَ هذا فما استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة ، مع قوله صلى الله عليه وسلم :(يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) الحديث ، وهذا مشكلٌ) [انظر : 1/31 طبعة بيروت] .
غير أن الذهبي في النسخة الأخيرة من الكتاب عقَّب بقوله بدل قوله :(وهذا مشكلٌ) بقوله :( وأجيب عن هذا الإيراد بأن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف الصديق على الصلاة ، ليستقر في النفوس أهليته للخلافة الكبرى ، إذ الصلاة أهم الدين) [انظر : 1/113 بعة تركيا ، 1/11 طبعة مركز الملك فيصل].
.

يشير إلى ما سوف يتولاه أبو بكر رضي الله عنه إذ لا يؤمن الرجل في سلطانه.

لكن ما المانع أن يكون أبوبكر أقرأ لكتاب الله من أبي. وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم دليل على ذلك وليس العكس. ولابن حجر في الفتح ما يشير إلى ذلك.
 
قال د. (أنمار):
يشير إلى ما سوف يتولاه أبو بكر رضي الله عنه إذ لا يؤمن الرجل في سلطانه.

قلت:
ليست المساجد مما يقع في حيز مسمى السلطان، ألا ترى أن أبا حنيفة رحمه الله قال له الخليفة إني حلفت ألا تبيت امرأتي الليلة في ملكي إلا طلقت مني، فما الحيلة ؟؟ فقال: تبيت في مسجد. فلله دره من إمام !

أما التفاضل فأبي أقرأ من أبي بكر رضي الله عنهما، ذلك مما لا مراء فيه، ولكن تعارض ههنا أمران: إمامة الصلاة والإمامة العظمى، والعرف في الإسلام أن الإمام الأعظم هو يصلي وهو يخطب، فلو قدم أبيًّا لأوهم أنه هو الخليفة من بعده. فليتأمل !!

وعفوًا !
 
هل قرأ ابن عامر على أبي الدرداء رضي الله عنه ؟

هل قرأ ابن عامر على أبي الدرداء رضي الله عنه ؟

[align=center](4)[/align]

ذكر الذهبي في ترجمة أبي الدرداء عويمر بن زيد الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه أنه قيل : إن عبدالله بن عامر وهو أحد القراء السبعة قد قرأ عليه ، ثم علق الذهبي على ذلك فقال:
وهذا غير صحيح ؛ لأنَّ ابنَ عامر لم يدرك ذلك ، اللهم إلا أن يكون قرأ عليه سورة أو سورتين ، وذلك أيضاً بعيدٌ. انظر : معرفة القراء الكبار للذهبي (قولاج) 1/124
وقد توفي أبو الدرداء رضي الله عنه سنة اثنتين وثلاثين للهجرة ، في حين ولد عبدالله بن عامر الدمشقي سنة إحدى وعشرين للهجرة النبوية بحسب القول الذي رجحه الذهبي ، ولذلك استبعد الذهبيُّ أخذه عن أبي الدرداء . لأَنَّه يكون قد توفي أبو الدرداء ولابن عامر إحدى عشرة سنة ، وهي سنٌّ صغيرة لا تؤهل ابن عامر –برأي الذهبي - أن يكون خليفة لأبي الدرداء في حلقته .
وهناك رواية أخرى عن خالد بن يزيد قاضي البلقاء ، رجحها ابن الجزري في غاية النهاية 1/425 وهي قوله : (سمعتُ عبدالله بن عامر اليحصبي يقول : ولدتُ سنة ثمان من الهجرة ، في الحيانية ضيعة يقال لها رحاب ، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولي سنتان ، وذلك قبل فتح دمشق ، وانتقلتُ إلى دمشق بعد فتحها ولي تسع سنين) انظر : أحاسن الأخبار في محاسن السبعة الأخيار لمقرئ العادلية عبدالوهاب المزي (ت768هـ) ص 251
فعلى هذه الرواية يكون لابن عامر من العمر حين وفاة أبي الدرداء أربع وعشرون سنة ، وهي سنٌّ متقدمة تؤهله للأخذ عن أبي الدرداء وخلافته في حلقته بعد وفاته.
غير أن الذهبي قد قال عن رواية خالد بن يزيد هذه في سير أعلام النبلاء 5/292 : ( وهذا بعيدٌ ، والصحيح ما قاله تلميذه الذماري من أن مولده سنة إحدى وعشرين).
فما هو القول الصحيح في هذه المسألة يا تُرى ؟ نتركها للبحث إن شئتم وفقكم الله.
 
[align=center](4)[/align]

ذكر الذهبي في ترجمة أبي الدرداء عويمر بن زيد الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه أنه قيل : إن عبدالله بن عامر وهو أحد القراء السبعة قد قرأ عليه ، ثم علق الذهبي على ذلك فقال:
وهذا غير صحيح ؛ لأنَّ ابنَ عامر لم يدرك ذلك ، اللهم إلا أن يكون قرأ عليه سورة أو سورتين ، وذلك أيضاً بعيدٌ. انظر : معرفة القراء الكبار للذهبي (قولاج) 1/124
وقد توفي أبو الدرداء رضي الله عنه سنة اثنتين وثلاثين للهجرة ، في حين ولد عبدالله بن عامر الدمشقي سنة إحدى وعشرين للهجرة النبوية بحسب القول الذي رجحه الذهبي ، ولذلك استبعد الذهبيُّ أخذه عن أبي الدرداء . لأَنَّه يكون قد توفي أبو الدرداء ولابن عامر إحدى عشرة سنة ، وهي سنٌّ صغيرة لا تؤهل ابن عامر –برأي الذهبي - أن يكون خليفة لأبي الدرداء في حلقته .
وهناك رواية أخرى عن خالد بن يزيد قاضي البلقاء ، رجحها ابن الجزري في غاية النهاية 1/425 وهي قوله : (سمعتُ عبدالله بن عامر اليحصبي يقول : ولدتُ سنة ثمان من الهجرة ، في الحيانية ضيعة يقال لها رحاب ، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولي سنتان ، وذلك قبل فتح دمشق ، وانتقلتُ إلى دمشق بعد فتحها ولي تسع سنين) انظر : أحاسن الأخبار في محاسن السبعة الأخيار لمقرئ العادلية عبدالوهاب المزي (ت768هـ) ص 251
فعلى هذه الرواية يكون لابن عامر من العمر حين وفاة أبي الدرداء أربع وعشرون سنة ، وهي سنٌّ متقدمة تؤهله للأخذ عن أبي الدرداء وخلافته في حلقته بعد وفاته.
غير أن الذهبي قد قال عن رواية خالد بن يزيد هذه في سير أعلام النبلاء 5/292 : ( وهذا بعيدٌ ، والصحيح ما قاله تلميذه الذماري من أن مولده سنة إحدى وعشرين).
فما هو القول الصحيح في هذه المسألة يا تُرى ؟ نتركها للبحث إن شئتم وفقكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا: قبل التحقيق في ولادة الإمام ابن عامر رحمه الله، لنا وقفة مع الأحاديث الآتية:
1- عن جابر قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر : " تسألوني عن الساعة ؟ وإنما علمها عند الله وأقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ " . رواه مسلم
2- عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم " . رواه مسلم
قال النووي "المراد أن كل نفس منفوسة كانت تلك الليلة على الأرض لا يعيش بعدها أكثر من مائة سنة سواء قل عمره قبل ذلك أم لا وليس فيه نفي عيش أحد يوجد بعد تلك الليلة فوق مائة سنة ومعنى نفس منفوسة أي مولودة وفيه احتراز من الملائكة"
ثانيا: اتفقت الروايات - فيما أعلم - أن وفاة الإمام ابن عامر رحمه الله كانت 118ه، فإن كانت ولادته قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، لوجب عليه الموت قبل سنة 111 للهجرة
فيتضح إذن أن الراجح - والعلم عند الله - أنه ولد 21 ه
 
عودة
أعلى