بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أمابعد فهذه فوائد من شرح الشيخ يوسف الغفيص حفظه الله جمعتها من شرح رسالة العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأسكنه الفردوس .
--------------------------------------------
1- الاصطلاح ليس حاكماًعلى الشرائع ولامنشئاً لها .
2-الاحتجاج بالقدر ليس شبهة عقلية بل هي وساوس شيطانية لبعض المشركين ومن شابههم .
3- لايوجد في الشريعة باطن محض أو ظاهر محض فكل باطن له ظاهر وكل ظاهر يتضمن باطناً
ومامن باطن الايتضمن ويستلزم ظاهراً ويقتضيه نوع اقتضاء .
4-الفقر صفة للعبد دائماً والغنى وصف ذات لله عزوجل .
5- أقسام الناس عند الاسباب :
أ- من إذا سقط السبب يدعو الله وحده وعند استقامة السبب -ولو ظاهرا- يشرك بالله - المشركون .
ب- من حاله تقصير من المسلمين يستدعي الفقر والدعاء عند الضعف والشيب وهي حالة مأمور بها ولكن لابد ان تكون صفة دائمة كماهي حال الانبياء كماقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أفلا أكون عبداً شكورا ).
6- العبد فقير الى الله دائما في حالين : أ ) التكوين . ب ) التشريع .
7- فقه مراتب العبودية مهم جداً وقد يتوهم البعض بأنه أمر واضح ولكن التحقيق لايعرفه الا القليل .
8) عني شيخ الإسلام رحمه الله بدفع الشبهات عن طريقة السلف وهي مستتمة قبله .
9) هدي الصحابة هدي تابع وهم أصحاب العلم والفقه والفصاحة بمقتضى العقل والأدلة المستفيضة في الكتاب والسنة .
10) الوعد بالرضوان :أعظم مقامات الثناء أن يرضى الله عن العبد وهو أبلغ من الوعد بالجنة وأتم لإنه يتضمنها ولابد .
11) ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) وهذا خبر عن الصحابة رضي الله عنهم ومقتضى ( دليل ) العقل والشرع والدين والعلم أن الله لايرضى إلا عمن حقق العلم والعمل
فهم محققون للعلم والعمل وهذه تزكية مطلقة من الله عزوجل لهم .
وهذا يعرض على أصول الشريعة فهو لايفيد العصمة عن الخطأ او خطأ الاجتهاد ولايفيد التصحيح لآراء آحادهم ولكنه يصحح إجماعهم فهم أزكى هذه الأمة .
12) في الأصول العلمية المتصلة بالأصول العملية :
ليس ثمة أصول علمية محضة أو أصول عملية محضة - مامن أصل علمي إلا وهو متصل بالأصول العملية ومامن أصل عملي إلا وهو متصل بالأصول العلمية .
-ليس في الدين أصل علمي مجرد عن العمل .
13) السبب الكلي في خطأ طوائف المرجئة :
التوهم بأن هناك أصول عملية محضة
قالوا كيف تكون الأعمال إيماناً وهو من عمل الجوارح ؟
وفاتهم أنه لايوجد في الشريعة عمل محض بمعنى أن الصلاة والطواف بالبيت وغيرها ليست أعمالاً مجردة بل من أركانها القيام والركوع وفيها الفروض والواجبات
فإن من أركانها الأمور العلمية
الطواف بالبيت لو نقص عن سبعة ماصح طوافه وإذا لم يصح طوافه لم يصح ركن العمرة أو ركن الحج في طواف الإفاضة .
لو لم يرد نية الطواف كمن يبحث عن طفل ضاع لم يقع طوافه .
-ليس في الشريعة عمل مجرد لإن كل الأعمال العبادية أصلها نية التقرب لله وقاعدتها الإخلاص لله
ومايدخلها من المحبة والخوف وغير ذلك .
ولذلك علم عند جميع المسلمين أن صلاة المنافقين باطلة مع أنها في الشكل العلمي المجرد لاتختلف عن صلاة المؤمنين وربما تابعوا الرسول صلى الله عليه في الصلاة .
ماوجه بطلانها : افتقدت الأصول العلمية ليس فيها الركن الثاني العمل لابد معه من العلم والإخلاص والإيمان وماإلى ذلك .
14)عني الشيخ رحمه الله في ذلك السابع بتحرير هذه الطريقة الفاضلة وهي طريقة أئمة السلف ومافيها من الخير والسعة والنور والاتباع
وهي أوسع الطرق من جهة العدل والرحمة والفضل والعلم والتحقيق .
-أئمة العلم هم من أصحاب هذه الطريقة من أئمة الحديث والفقه والسلوك .
-أعظم الأسماء في طريقة السلف الأسماء الشرعية تسميتهم ب( المسلمين المؤمنين المتقين ... الخ )
15) ( ماكان ابراهيم يهوديا ولانصرانيا ولكن كان حنيفاً مسلماً )
اليهودية والنصرانية أسماء مخترعة فردها الله للاسم الشرعي الذي رضيه .
- وهناك أسماء أحدثها الناس واصطلح عليها الناس فجعل الله الأسماء الذي سمى بها عبادة ( هم سماكم المسلمين من قبل ... )
فالأسماء الشرعية الشريفة كاسم الإيمان والتقوى هي التي يجب على المسلم أن يلزمها ويتقتدي بأثرها وماتتضمنه من المعاني .
16) اسم السلف هو المتقدم كما تقتضيه اللغة وخاصتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واتباعهم فهي طريقة قائمة إلى قيام الساعة .
17) من شرف هذه الطريقة : أنه يقتدي بها من يخالفها في بعض موادها .
8) عني شيخ الإسلام رحمه الله بدفع الشبهات عن طريقة السلف وهي مستتمة قبله .
9) هدي الصحابة هدي تابع وهم أصحاب العلم والفقه والفصاحة بمقتضى العقل والأدلة المستفيضة في الكتاب والسنة .
10) الوعد بالرضوان :أعظم مقامات الثناء أن يرضى الله عن العبد وهو أبلغ من الوعد بالجنة وأتم لإنه يتضمنها ولابد .
11) ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) وهذا خبر عن الصحابة رضي الله عنهم ومقتضى ( دليل ) العقل والشرع والدين والعلم أن الله لايرضى إلا عمن حقق العلم والعمل
فهم محققون للعلم والعمل وهذه تزكية مطلقة من الله عزوجل لهم .
وهذا يعرض على أصول الشريعة فهو لايفيد العصمة عن الخطأ او خطأ الاجتهاد ولايفيد التصحيح لآراء آحادهم ولكنه يصحح إجماعهم فهم أزكى هذه الأمة .
12) في الأصول العلمية المتصلة بالأصول العملية :
ليس ثمة أصول علمية محضة أو أصول عملية محضة - مامن أصل علمي إلا وهو متصل بالأصول العملية ومامن أصل عملي إلا وهو متصل بالأصول العلمية .
-ليس في الدين أصل علمي مجرد عن العمل .
13) السبب الكلي في خطأ طوائف المرجئة :
التوهم بأن هناك أصول عملية محضة
قالوا كيف تكون الأعمال إيماناً وهو من عمل الجوارح ؟
وفاتهم أنه لايوجد في الشريعة عمل محض بمعنى أن الصلاة والطواف بالبيت وغيرها ليست أعمالاً مجردة بل من أركانها القيام والركوع وفيها الفروض والواجبات
فإن من أركانها الأمور العلمية
الطواف بالبيت لو نقص عن سبعة ماصح طوافه وإذا لم يصح طوافه لم يصح ركن العمرة أو ركن الحج في طواف الإفاضة .
لو لم يرد نية الطواف كمن يبحث عن طفل ضاع لم يقع طوافه .
-ليس في الشريعة عمل مجرد لإن كل الأعمال العبادية أصلها نية التقرب لله وقاعدتها الإخلاص لله
ومايدخلها من المحبة والخوف وغير ذلك .
ولذلك علم عند جميع المسلمين أن صلاة المنافقين باطلة مع أنها في الشكل العلمي المجرد لاتختلف عن صلاة المؤمنين وربما تابعوا الرسول صلى الله عليه في الصلاة .
ماوجه بطلانها : افتقدت الأصول العلمية ليس فيها الركن الثاني العمل لابد معه من العلم والإخلاص والإيمان وماإلى ذلك .
14)عني الشيخ رحمه الله في ذلك السابع بتحرير هذه الطريقة الفاضلة وهي طريقة أئمة السلف ومافيها من الخير والسعة والنور والاتباع
وهي أوسع الطرق من جهة العدل والرحمة والفضل والعلم والتحقيق .
-أئمة العلم هم من أصحاب هذه الطريقة من أئمة الحديث والفقه والسلوك .
-أعظم الأسماء في طريقة السلف الأسماء الشرعية تسميتهم ب
( المسلمين المؤمنين المتقين ... الخ )
15) ( ماكان ابراهيم يهودياً ولانصرانيا ولكن كان حنيفاً مسلماً )
اليهودية والنصرانية أسماء مخترعة فردها الله للاسم الشرعي الذي رضيه .
- وهناك أسماء أحدثها الناس واصطلح عليها الناس فجعل الله الأسماء الذي سمى بها عبادة
( هم سماكم المسلمين من قبل ... )
فالأسماء الشرعية الشريفة كاسم الإيمان والتقوى هي التي يجب على المسلم أن يلزمها ويتقتدي بأثرها وماتتضمنه من المعاني .
16) اسم السلف هو المتقدم كما تقتضيه اللغة وخاصتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم واتباعهم فهي طريقة قائمة إلى قيام الساعة .
17) من شرف هذه الطريقة : أنه يقتدي بها من يخالفها في بعض موادها .
ثم ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وهو خاتمهم وسيدهم عليه والصلاة والسلام .
20) يقع لبعض الأعيان وبعض الطوائف مادة من التمانع تارة
او الاضطراب في تحقيق الجمع بين هذين الأصلين ويكون سبب ذلك :
أ ) لنقص العلم والفقه في الدين تارة .
ب) نقص مقام الإرادة تارة .
ج) وربما صار أحياناً إلى نقص العقل تارة ( فبعض التصرفات من بعض الذين يعنون بتحقيق مقام الدين تجد أنه أشبه مايكون بالفوات العقلي - نقص الحكمة - مراعاة مقاصد الشريعة -تمييزأحكام الشريعة في قواعدالمصالح والمفاسد .
21) العلم بمسائل أصول الدين يتصل بمسائل فروع الدين .
فمن أراد في مسائل أصول الدين ويبحث في مقام أقامه الدين وترك التفرق لابد أن يكون فقيها في علم قواعد الشريعة والمصالح والمفاسد ومايتعلق بذلك حتى يميز الانكار في موضعه ودرجة الإنكار في موضعه والذم بحسب اقتضاء السبب الشرعي فيه والحمد بحسب اقتضاء السب الشرعي فيه .
وقام بذلك بعد القرون الثلاثة المفضلة أئمة الدين من الأئمة الأربعة وغيرهم
وأخص من قام بذلك في القرون المتأخرة من انتسب للمذهب الحنبلي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
22) أعظم الطرق في درء الشبهات والفتن العلمية حسن التقرير للأحكام والحقائق الصحيحة .
لإن من استبان له النور اكتفى به عما خالفه .
والشبهات مادتها ليست متناهية فكل قوم ينتحلون شبهة تختلف عن الآخرين
لكن الحق واحد وقد استقر وأكمله الله ( اليوم أكملت لكم دينكم )
فالعناية ببيان أدلة الشريعة وكمال الدين وماتقتضيه من الأحكام والمقاصد هي أخص الطرق لدفع الشبهات .
وربما اقتضى المقام التفصيل في الرد على بعض الشبهات وورد في القرآن الرد على بعض أهل الباطل ( وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه ... )
ذكر وسمي وذكر جوابه كما قصة ابراهيم في سورة الأنعام .
لكن الذي استبان به جمهور الحق هو تقرير الحق من جهة الحقائق المبتدأة الصادقة .
23) من أعظم أسباب المخالفة لمقامات العبودية هو الجهل بحقائقها .
24) تعريف الشيخ للعبادة بذكر أنواع العبادات ليس فواتاٌ في النظم البلاغي كمايقال بل هو التحقيق البلاغي المناسب لملاقاة مقاصد الشريعة
فذكر الله عن الأنبياء فقال في إسماعيل عليه السلام ( إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً ) فذكر توحيده وذكر خلقه
(نعم العبد أنه أواب ) تذكرمقامات العبودية التفصيلية .
وذكر في السنة كما في حديثوفْدُ عبدِ القَيسِ علَى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، قالَ : آمرُكُم بثلاثٍ، وأنهاكُم عن أربعٍ، آمرُكُم: بالإيمانِ باللَّهِ، وَهَل تَدرونَ ما الإيمانُ باللَّهِ؟، قالوا: اللَّهُ ورسولُهُ أعلَمُ، قالَ: شَهادةُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وإقامُ الصَّلاةِ، وإيتاءُ الزَّكاةِ، وأن تُعطوا منَ المغانِمِ الخُمُسَ ) والشاهد هنا في هذه الرواية وفي آيات القرآن والكتاب المبين وغيره ( بيان الأسماء الشرعية بحقائقها الشرعية وهذه أتم الطرق في العلم وأتم الطرق في تحقيق العمل )
وكثيرمن اهل الاصطلاح والنظر توهم أن الطرق المنطقية النظرية أضبط فيما يسمى الحد الجامع المانع والأمر ليس كذلك ولهذا تجد أن الأسماء التي يستعمل فيها الحد على طريقة اهل المنطق تجد أن الحد المعين لاسم من الأسماء(الإيمان -الشرع -العلم)
تجد أن الحد نفسه تضمن جملة من الأسماء إما صريحاً أو يأتي مصدراً أو يأتي فعلاً لابد له من مصدر واسم
فتحتاج هذه الأسماء إلى تعاريف فيتصل الدور . بخلاف الأسماء الشرعية فهي جامعة مانعة .
ولهذا تعريف المصنف العبادة بهذا تجده جامع عند أهل العلم والتحقيق
وهو جامع عند أهل النظر والمعارف
وهو جامع عند أهل الأحوال والسلوك
وهو جامع باعتبار آخر عند الخاصة في العلم والعامة .
ومثله لو عرفت العبادة بتعريف مقارب لتعريف الشيخ بأن قلت ( العبادة اسم جامع لكل ماشرعه الله ورسوله من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة )
فإذا ذكرالفعل (شرع ) نبهت إلى مقتضى الدليل وإذا قلت ( أحب ) تعلم أن ماشرعه الله فهو يحبه وكلا المعنيين بينهما تلازم .
(25) كل عبادة أحبها الله فإن الله بين أمرها لعبادة أتم البيان ليعبدوه بها .
26) التنوع في السياقات فقد تذكر الأصول مرتبة كما في حديث ابن عمر ( بني الإسلام على خمس ...) الحديث وتارة يأتي اسم بين اسمين في بعض السياقات ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ )
توسط اسم الإعراض عن اللغو بين الصلاة والزكاة وتجد هذا في كثير من التراتيب الشرعية
وهذا من أوجه الاختصاص الذي لايستطيعه العرب ولاأصحاب الحروف ولاأصحاب المعاني أن يجمعوا المعاني على هذه الطريقة المحققة
قال معاذ رضي الله عنه : (أما أنا فأنام وأقوم فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي) رواه البخاري .
32) ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الأسباب الكبرى لدخول الجنة وبين أن بعض الأسباب العادية أو الأخلاقية - التي قدلايعتبر بها كثيرمن الناس - تكون سبباً في دخول الجنة
لإن مقامه في الحقيقة الشرعية إذا ابتغى بهاالإحسان فقصد مقاماً شرعه الله بصريح الأمر-وهذا هو الفقه-
حقق بفعله القصد إلى أمر صريح في أمر الله
لإن الله أمر بالإحسان قال تعالى ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ... الآيه )أمر صريح بتسمية الأمر بالإحسان
واتصل اسم الإحسان باسم بالعدل - وهوركن الأخلاق وقاعدتها وأصل الأخلاق-
فلذلك فقه هذه المقامات بالفهم التام والفاضل لمقاصد الشريعة .
33)لماقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( الإيمان بضع وسبعون شعبه فأعلاها قول لاله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ...الحديث )
فبين الفرق بين الدرجتين حتى لايكون مقام الشمول مفوتاً فهم مراتب الديانة .
لإن بعض الناس أحياناً يبالغ في بعض الأجزاء الأخلاقية - مع تفريط بين في الأصول الواجبةمن الأعمال والأحكام - بحجة أهمية مقام الأخلاق وهذا خلل فلايصح أن يكون الإصابة لبعض المقامات الأخلاقية ستاراً يتغافل به عن تحقيق مقامات أعظم منها في الدين .
وهذا الأدنى قد يكون سبباًموجباً لرحمة الله ودخول الجنة كما في الحديث (مَرَّ رجلٌ بغُصْنِ شجرةٍ على ظَهْرِ طريقٍ ، فقال : والله لَأُنَحِّيَنَّ هذا عن المسلمينَ ، لا يُؤْذِيهِم ، فأُدْخِلَ الجنةَ ) رواه البخاري ومسلم .
فقه العبودية هو في فقه القرآن وفقه السنة وهي هدي الرسول صلى الله عليه وسلم .
34) وصف الله ملائكة وأنبياءه بقوله (وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ) لايستكبرون يعني أنهم يعبدون الله رغباً ورهباً ومحبة وإجلالاً وتعظيماً
لَا يَسْتَحْسِرُونَ لايفترون ولايقصرون عن عبادة الله بل هم مقيمون على عبادة وهي صفة المرسلين
وهو معنى القنوت الذي ذكره الله عن إبراهيم ( إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله ...) الآيه أي مقيماً على عبادته .
ومن الفقه في هذه الآيات أن من تحقيق ترك الإستكبار ومايداخل النفس من المنازع وإن لم يكن من الاستكبار الذي وصف به الكفار- ولكنه من المنازع - فإن الإقامة على العبادة هي من الأوصاف الشاهدة بصدق العبادة وكونها وقعت إخلاصاً لله .
ولهذا كان عمل النبي صلى الله عليه وسلم- ديمةً -كماقالت عائشة رضي الله عنها
وهذا من سعة فقهها في فهم مقاصد العبودية وهذا هدي الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام .
يذكر الله تعالى - ترك الاستكبار في فعل الملائكة مع ملازمة العبادة -لإن هذا هو تحقيق ترك الاستكبار أو الأسباب المنازعة التي هي من مادة الاستكبار .
ولهذا يقال -كنتيجة - الاقبال على طاعة الله ودعائه هو تحقيق ترك الاستكبار عن عبادته .
لايلازم مقام الإدامه إلامؤمن - ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ثوبان ( اسْتقيموا و لن تُحصوا ، و اعلموا أنَّ خيرَ أعمالِكم الصلاةُ ، و لا يحافظُ على الوضوءِ إلا مؤمنٌ ) رواه أحمد
35) المنافقون يصلون تارة ويتركون تارة فإذاقامت أسباب مصالحهم الدنيوية صلواوأظهروا الصلاة وإذا ظنوا فواتها تركوا وهكذا في سائر شعائر الإسلام .
36) (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ.) رواه مسلم
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص ( قالَ: أما عَلِمْتَ أنَّ الإسْلامَ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ؟
وأنَّ الهِجْرَةَ تَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَها؟ وأنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ؟ ... ) الحديث رواه مسلم
وهذه العبادات نافية لمادة الشر والمعصية في النفس
-الأعمال الصالحة هي الأعمال المصححه للقلوب- وهذا لوتتبع لماتمكن متتبع أن يستتم تحصيله لسعة مافي الكتاب والسنة من ذلك ولكن هذه إشارة إلى بعض مقاماته .
ويطابقه قول الله تعالى (إنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ) والحج ينهى عن الفحشاء والمنكر وكذلك الصدقة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه ( والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ ...) رواه مسلم
41) المحبة نتيجة لماشرع الله فإن الله يحب من عباده أن يتقربوا إليه بماشرع بل لايصح منهم أن يعبدوه إلا بماشرع .
ولذلك من أصل دين الإسلام إن لايعبد الله إلا بماشرع
كما في الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا ماليس منه فهو رد )وقال صلى الله عليه وسلم ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ).
42) من فقه المصنف أنه بين أن الأسماء الشرعية -التي ذكرها الله في كتابه - تذكر :
أ- تارة باسم الفاعل . ب- أو تارة بصيغة المصدر باعتبارها فعلاً .
ج- تارة باسم الفعل نفسه .
فإن هذه الأسماء كالعبادةوالتقوى والإيمان والإسلام والإحسان والقانتين والصادقين والمتصدقين - التي ذكرها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بأوجهها المختلفة .
فإنها أسماء جامعة لمعنى الدين ويكون الخلاف بينها تنوع بهذا الاعتبار .
43)ومعنى أن الأسماء الشرعية جامعة باقتضاء المطابقة لبعض مقاماته
والتضمن لبعض مقاماته واللزوم لبعض مقاماته .
بل بعضها يكون مركباً من المطابقة المطلقة أو مركباً من دلالته من المطابقة والتضمن .
44) إذا دُخِل في الأسماء المفصلة على آحاد الأفعال صار شمولها باعتبار اللزوم على هذا التقدير وهذا من كمال هذه الأسماء الشرعية .
45) الأسماء الشريعة جامعة للدين إما بالمطابقة المطلقة كاسم الإيمان فإنه مطابق لكل ماشرع الله
فإنه كل ماشرع الله كما هو مذهب السلف وجاءمتواتراً في الكتاب والسنة أن -الإيمان قول وعمل واعتقاد أو قول وعمل كما هي عبارة أكثر السلف أي
( قول القلب وقول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح )
والإيمان جميع الأعمال الشرعية تسمى إيماناً
فلذلك دلالته على الشريعة دلالة مُطابِقَة
كل ماشرع فهو إيمان ويسمى آحاده إيماناً كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة في الصحيح
( الإيمان بضع وسبعون شعبة ) فهي خصال الإيمان وشعب الإيمان فهذا من كمال الأسماء الشرعية .
46)الأسماء الشرعية هي الأسماء المحمودة أن يكون البيان والحق مبيناً بالأسماء الشرعية لها دلالاتها من حيث التشريع
فكل اسم يتضمن دلالة إما دلالة عامة أو دلالة خاصة .
-الدلالات الخاصة إما تتضمن تارة أو تستلزم غيرها من المعاني- فصارت هذه الأسماء مقتضية للدين وجامعة له
وإن كان بعضها -من جهة البيان - أجمع من بعض باعتبار السياق تارة إو إطلاق الاسم في اللغة تارة أخرى من جهة الخصوص والعموم أو التقييد والإطلاق-
سواء كان التقييد بالألفاظ أو التقييد بالصفات- وهما نوعان مختلفان .
47)تتدبر هذه المعاني عند التحقيق وهي كثيرة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولهذا ماجعل الله اسم العبادة واحداً
تارة تذكرباسم العبادة وتارة باسم الحمد
وتارة باسم القنوت وتارة باسم الإيمان
وتارة باسم الإسلام
وتارة بمفصل الأفعال كالطواف بالبيت ( وطهر بيتي للطائفين )
وتراة باسم الراكعين والساجدين كقوله( والركع السجود ) الى غير ذلك
ولهذا أمر الله بالإيمان (ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله...)
وأمر بمفصل الأفعال ( ياأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم )
والخطاب في هذا المقام -التفصيل أو مقام العموم والإجمال -كلاهما مماشرع الله به البيان للدين
فهذا هو أتم البيان وأصدق البيان .
ولهذا لإن الدين لم يأت بهذه الأسماء على سبيل التضاد أو الاختلاف .
وأما التضاد فبإجماع المسلمين فليست متضادة .
48)وأما الذي وقع فيه التوهم- في الأسماء الشرعية - أنها كما يقال في المنطق أنها من باب الخلافين -الأسماء الخلافيه -
وربما أجروا ذلك على تجريد اللغة تارة أو تجريد المنطق تارة أخرى .
-الأسماء الشرعية لاتؤخذ بتجريد اللغة ولايتجريد المنطق من باب أولى .
49) الدين يسمى ماكان حقاً وماكان باطلاً ( لكم دينكم ولي دين ) .
50) لما قال العلماء أن أصل العبادة ( الذل )
لاعلى سبيل قصراقتضاء الأصل لهذا المدلول .
لإن العبادة جامعة للخضوع ومايقتضيه مقام الخوف ومايقتضيه مقام الرجاء ومايقتضيه مقام المحبة .
لهذا صارت الأوجه الثلاثة ( المحبة -الخوف -الرجاء ) من جوامع مقاصد العبودية
فتجد عامة الصفات العبادية ترجع إما إلى صفة المحبة
وإما ترجع إلى صفة الخوف
وإما ترجع إلى صفة الرجاء
فهذه الصفات الثلاث جامعة وعامة الصفات ترجع إليها وتقتضيها هذه الصفات الثلاث .
51) العبادة ليست الذل وحده لإن الذل الذي لايصاحبه محبة ولاعلم فليس من العبادة التي شرعها الله -ليست الذل المنفك عن محبة الله -
كذل الضعفاء لكبرائهم وذل العبد المملوك لسيده هذا ذل عبودية البشر .
العبد المسلم يعبد الله محبة ويعبده خوفاً ورجاء ومقام الذل لله داخل في هذه المقاصد ولكن الاسم الشرعي يكون باسم الإخبات تارة وتارة باسم الخشوع وتارة باسم القنوت وهذه الأسماء أزكى .
لإنه إذا كان خشوعا ً فيصاحبه العلم فأصدق الناس خشوعاً أصدقهم علماً ولهذا قال الله
( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ)
لذلك جعل الله من أخص صفات المؤمنين الخشوع في الصلاة
لإن الخشوع من أخص مايدل على تحقيق العلم الإلهي في نفس العبد وفقهه في دين ومعرفته الصحيحة لربه سبحانه وتعالى .
(8)
52) الأسماء الشرعية للعبادة من بيان القرآن بعضه ببعض ليس تفسيراً منغلقاً بل تجتمع هذه الدلالات بالعلم بكتاب الله سبحانه وتعالى وفي تدبره .
53) هذه الأسماء الشرعية تسمى ببيانها الشرعي ولاتنقل إلى أسماء معروفة في لغة العرب ولم ينطق بها القرآن أو الحديث سواء كانت بصيغة الفعل أو المصدر أو اسم الفعل لإن بيانها بهذه الأسماء إغلاق وقصر وليس بياناً ونشراً للمعنى .
54) مامن كلمة استدعيت من اللغة ولو من فصيحها إلا والكلمة التي جاء بها القرآن أبلغ منها في هذا المقام ولابد ولاشك بخلاف توصيف الأفعال كالصلاة والصيام .
55) تعرف الأسماء الشرعية (-كالتقوى والإيمان والعبادة - بالأسماء الشرعية والمفردات
فكلما كان الاسم معبراً عنه بالكلمات الشرعية فهذا أبلغ في العلم والفقه .
فإذاقلت في اسم (الإيمان : اسم لما شرع الله ) فكلمة شرع سياق شرعي قال تعالى
( شرع لكم من الدين ماوصى به نوحاً ) وهكذا في عموم كلمات الشريعة في هذا الباب .
56) مراتب المحبة ذكرها أهل السلوك والأحوال فيقال ( متيم ) بلغ من الحب درجة التذلل لمحبوبه .
هذه المراتب ليست على إطلاقها وليس مايذكره أرباب الأحوال والنظريات في هذا
وإنما يذكرها المصنف في مقامات توصيف كلام أهل الأحوال في ذلك .
57) بين المصنف -رحمه الله- أن الله تعالى لايليق بحقه بعض هذه الأسماء -أن يكون العبد مع ربه ببعض هذه الألفاظ ليس ملاقياً للصحيح البته .
58) سمى العبد المملوك عبداً باعتباروقوع مادة الذل لكن العبودية لله تعالى مغايرة لهذا المعنى .
59) (بل يجب أَن يكون الله أحب إِلَى العَبْد من كل شَيْء وَأَن يكون الله عِنْده أعظم من كل شَيْء بل لَا يسْتَحق الْمحبَّة والخضوع التَّام إِلَّا الله وكل مَا أحب لغير الله فمحبته فَاسِدَة وَمَا عظم بِغَيْر أَمر الله فتعظيمه بَاطِل )
وهذا المعنى يقرره بعض أهل السلوك والتصوف وإن كان بعض الصوفية يبالغ فيه وهو مايسمى -الفناء-
والفناء أوجه عند أرباب السلوك والتصوف
منه مايكون محموداً في جملته من جهة معناه وإن لم يكن الاسم قد ورد به شئ
ومنه مايكون مذموماً من جهة معناه ولكنه لايوصل إلى درجة المفارقة لمقامات الأصول الكلية أو الكبرى في الدين .
ومنه مايكون درجة غالية بالغة الشطط والانفكاك عن مقاصد العبادة في الشريعة .
60) أقسام الفناء عند أرباب الأحوال ثلاثة :
أ) فناء عن إرادة السوى وهذاالذي يقول المحققون من الناظرين في كلام أهل التصوف
وهم من أرباب السنن والآثار -كشيخ الإسلام ابن تيمية وهذا من عدله وإنصافه وسعة علمه ونظره -
هذا فناء محمود وإن كان الاسم ليس مماورد وإنما يعبر عنه بالعبادة والإيمان والتقوى والإخلاص .
لكن معناه- الفناء- عن ماسوى الله باعتبار الإرادة فلايريد العبد إلاماأراده الله فلذلك مانهى الله عنه ولم يرده من عباده يتركها ابتغاء رضوان الله فتكون إرادة العبد على هذا القصد من تحقيق أمر الله تعالى والانتهاء عن نهيه فهذا معنى من أصل دين الأنبياء وإن لم يكن الاسم الملاقي له بل الاسم الذي سمي في الشريعة هو اسمه وهو جملة أسماء كماسبق .
ب) فناء عن شهود السوى .
وهذا فيه تغليب لمقام الربوبية على مقام العبودية حتى ربما اسقط صاحبه وسالكه بعض مقامات الأمر أو قصر فيها أو في تحقيقها شهوداً لمقام الربوبية
وهذا من المخالفة باعتبار ومن ضعف الفقه في الدين باعتبار وهذا قدر متلازم
فكلما وقعت المخالفة كلما وقع نقص العلم - اذا وقعت المخالفة نقص العلم وأصاب العبد مادة من الجهل .
وإذا استحكمت المخالفة والخطيئة بالعبد فقد استحكم به الجهل -قدر متلازم
من بلغ التحقيق في العمل فقد بلغ التحقيق في العلم ولابد ولذا فأئمة العلم هم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام .
وهذا الفناء يذكره كثير من الصوفية وهم قاصدون فيه لتحقيق مقام الربوبية لله والرضاء بقضاء الله وقدره وهذا المقام في أصله من مقامات الإيمان الكبرى
ولكن هذا التمانع الذي لم ينضبط لهم فقهه هو نقص في العلم ونقص في تحقيق الأمر والنهي وهم في هذا العارض المقارن للأحوال درجات .
وبقدر مايفوتهم من التحقيق في هذا المقام إلاأنهم يصيبون مقامات من التحقيق الصحيح أيضاً فتكون حالهم مختلطة بين الحالين وهذا هوالذي يقارن كثيراً من أهل الأحوال .
وقد يقارن بعض أهل الأحوال هذا المقام هذا المقام مع المقام الذي قبله وهذا بحسب قربهم من السنن والآثار وهدي النبي صلى الله عليه وسلم وفقههم لكتاب الله سبحانه وتعالى .
لهذا من كان متتبعاً للسنن كالجنيد بن محمد رحمه الله وغيره من اصحاب التصوف الذين انتظم قصدهم لاتباع السنة والجماعة واتباع الهدي سلموا من عامة هذا الآثار الناقصة .