فوائد قرآنية ( الحلقة الثانية )

إنضم
25/04/2003
المشاركات
264
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
السعودية
فوائد قرآنية ( الحلقة الثانية )
الفائدة الأولى :
كل سؤال في القرآن جاء الجواب عنه بـ ( قل ) إلا في موضع واحد وهو قوله تعالى : { ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا } [ طه : 105 ] حيث جاء الجواب بفاء ( فقل ) ، والسبب في ذلك :
أن هذا السؤال – أعني في سورة طه – هو عبارة عن سؤال لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عنه بعد ، لذلك جاء الجواب بـ ( فقل ) ، وكأن المعنى والله أعلم : إن سألوك عن الجبال ( فقل ) .
وأما بقية الأسئلة في القرآن الكريم فهي عبارة عن أسئلة تقدمت ، أي سأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فنزل القرآن جواباً عليها .
[ انظر : تفسير القرطبي في آية ، طه : 105 ] .
الفائدة الثانية :
عند تأمل صفتي ( العظيم ) و ( الكبير ) لله تعالى في القرآن الكريم ، وهما صفتان متقاربتان في المعنى ، نجد أنه يقرن معهما صفة العلو ( العلي ) وهذا في القرآن كله ، ولم يتبين لي السر في ذلك حتى الآن ، فسبحان من أودع كتابه من الأسرار التي لا يعلمها إلا هو .
ومن الأمثلة على ذلك :
قوله تعالى : {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا } {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ } {وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ }.
الفائدة الثالثة :
عند تأمل آيات القرآن الكريم فيما يتعلق بأسلوب النداء ، نلاحظ ما يلي :
1- إذا كان النداء من الله تعالى للعباد ، جاء بحرف النداء المقتضي للبعد ، كقوله تعالى : { يا عبادي الذين آمنوا } .
2- وإذا كان النداء من العباد لله تعالى ، جاء من غير حرف النداء ، وذلك لأن حرف النداء للتنبيه ، والله منزه عن ذلك ، وأيضاً فإن أكثر حروف النداء للبعيد ، وهذا ينافي ما أخبر الله به تعالى من أنه قريب من الداعي خصوصا ، ومن الخلق عموما .
وهذا في القرآن كله – أعني إذا كان النداء من العباد – ومن الأمثلة على ذلك :
قوله تعالى : { قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ } وقوله تعالى : { رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ } .
ولم يأت بحرف النداء إلا في موضعين ، وهما قوله تعالى : { وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } [ الفرقان : 30 ] وقوله تعالى : { وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ } [ الزخرف : 88 ]
والسبب في ذلك : أن النداء في هاتين الآيتين نداء شكاية ، بخلاف سائر الآيات فإنه نداء طلب ، والله تعالى أعلم .
[ انظر : الموافقات للشاطبي ( 2 / 163-164 ) تحقيق : مشهور بن حسن آل سلمان ] .
 
أحسن الله إليك ، شيخ أحمد وبارك فيك.

نتطلع إلى المزيد !
 
شهادة .

شهادة .

الحقيقة أنه منذ عام كامل ، لم أجد ما يستحق القراءة في النت ، مثل هذا الموضوع المميز ، فجزى الله كاتبه خيرًا ، وبارك له في وقته ، وعلمه ، وعمله .

لدي تعقيبٌ بخصوص اقتران صفة ( العلي) بصفة ( الكبير ) تارة ، وبصفة (العظيم) تارة أخرى .
معروفٌ أن القرآن نزل بلغة العرب ، وخاطب عقولهم ، وكانت العرب تستصغر الشيء العالي : كلما علا شيءٌ ، زاد في صغره .
فأتوقع - والله تعالى أعلم - أن (من) حِكم اقتران الصفتين بهذه الصورة ( لغويًا على الأقل ) أن ينفي ما قد يخطر في أذهان العرب ( الذين كانوا حسيين ماديين ) من أن علوه قد يُشعر ببعد أو صغر - جلا وعلا - .

وربما تكون ( من ) الحِكم - أيضًا - أن صفتيْ ( الكبير والعظيم ) قد تطلقان على أي مخلوق ، فهما ليستا خاصتين بالله وحده - تعالى - . فنحن نقول : هذا عملٌ عظيم ، وذاك كتابٌ حجمه كبير . فلما كانت الصفتان غير خاصتين بالرب -جلا وعلا - بل قد تطلقان على البشر، قدَّم عليهما ( صفة العلو ) الخاصة بجلاله ؛ أي المتعالي عن الأشباه والنظائر ،أو المتعالي عن أن يكون له مماثلٌ أو مشابه في صفاته أو ذاته .

والله - تعالى- أعلم .
 
السلام عليكم
بالنسبه لتأملك في قوله تعالى (فقل ينسفها ربي نسفا) أن الفاء جاءت هنا لانهم لم يسألوا الرسول بعد
نجد في سورة البقرة آية 142 (سيقول السفهاء)جاء الجواب (قل لله)
لم يأتي بالفاء مع انهم ايضا لم يسألوا بعد
 
[align=justify]الأسالذ الفاضل / أحمد القصير - حفظه الله ..
بارك الله فيك على هذه اللفتات الرائعة والملاحظات القيّمة ..
وأسأل الله تعالى أن يزيدكم علماً وإيماناً ..
وأذن لي - أخي الكريم - أن أضيف بعض الإشارات إلى ما جاء في الفائدة الأولى :

فإن كلمة " يسألونك " جاءت في القرآن الكريم أكثر من أربع عشرة مرة ، منها على سبيل المثال : " يسألونك عن الأنفال .. يسألونك عن المحيض .. ويسألونك عن الجبال .. يسألونك ماذا ينفقون .. " .

وعند تدبّر الذكر الحكيم لهذه الواطن بحثاً عن العلل البلاغية في الصيغ المنتقاة في كل منها .. يلفت انتباهنا أولاً صيغة السؤال " يسالونك .. " وجوابه " قل .." . حيث نلاحظ في الصيغتين عدّة أمور :

أولاً : جاء السؤال بصيغة الجمع " يسألونك " للدلالة على أن المجتمع المسلم ينبغي أن يكثر فيه العلماء والمتعلمون وإلا كان مجتمعا جاهلا .

ثانياً : جاء السؤال بصيغة المضارع للدلالة عل استمرارية الأسئلة والتساؤلات ، فالمسلم متعطّش للمعرفة يرغب دائما فيها .

ثالثاً : كاف المخاطب في " يسألونك " إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم هو العالم الذي نستقي منه ديننا .. وهذا تنبيه إلى وجوب سؤال العالم الذي ينصح ويدلّ على الخير ويشير إلى الصواب ، وعدم الأخذ من الجاهل لأنه يَضِلّ ويُضلّ .

رابعاً : من هذه الصيغة نستفيد أيضاً أنه يجب تحديد السؤال " عن الأنفال .. عن المحيض .. عن الجبال .. " وهكذا ..

خامساً : كلمة " قل " فيها دليل على وجوب إجابة السائل ، فمن كتم علماً لجمه الله بلجام من نار ..


ثم نلاحظ أمراً آخر ، وهو أن كلمة " يسألونك " جاءت أربع مرات بغير واو " يسألونك عن الأهلة .. يسألونك ماذا ينفقون .. يسألونك عن الشهر الحرام .. يسألونك عن الخمر " ، ثم جاءت ثلاث مرات مقترنة بالواو : " ويسألونك ماذا ينفقون .. ويسألونك عن اليتامى .. ويسألونك عن المحيض " . والسبب في ذلك - والله أعلم - أن سؤالهم عن الحوادث الأول وقع متفرّقًا ، أما سؤالهم عن الحوادث الأخر فقد وقع في وقت واحد ، لذلك جيء بحرف الجمع دلالة على ذلك‏ .

ولقد بيّنت - حفظك الله - سبب مجيء الفاء بـ(فقل) في السؤال عن نسف الجبال ..

فتبقى إشارة أخيرة ، هي قوله تعالى : "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب" ، حيث لم يجيء بـ(قل) للاشارة هنا الى أن العبد في حال الدعاء في أشرف المقامات ولا واسطة بينه وبين مولاه .

ومن إعجاز القرآن في اختياره الدقيق للكلمات ما جاء في قوله تعالى في سورة النازعات : " يسألونك عن الساعة أيان مرساها .. الآيات ".. فلم يأت هنا بـ(قل) كذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم وقت حدوثها ، فلا ينبغي التقوّل على الله تعالى فيها ، فعلمها عند الله وحده .

وهذا من إعجاز هذا الكتاب الحكيم ..

[/align]
 
عودة
أعلى