عمار الخطيب
New member
- إنضم
- 08/02/2005
- المشاركات
- 537
- مستوى التفاعل
- 1
- النقاط
- 18
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه...وبعد ،
فهذه فوائدُ ولطائفُ في إقراء القرآن الكريم وتجويده ، أسأل الله تعالى أن ينفع بها ، وأن يجعلها في ميزان حسناتنا.
المسألة الأولى: فائدةُ الاشتغال بِعِلْمِ التجويد.
أَمَرَنَا اللهُ سبحانه وتعالى بترتيل القرآن ، فقال: ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا ) ، وَوَرَدَتْ أحاديثُ في بيان مَنْزِلَةِ القارئ الماهر وَفَضْله ، وَخَيْرِيَّة مَنْ تَعَلَّمَ القرآن وعَلَّمَهُ...فَلْيُرْجَعْ إليها في مَظَانِّها.
ولكنْ لعلنا نحاول معالجةَ هذا الموضوع مِنْ وَجْهٍ آخر ، لأنَّهُ وُجِدَ مَنْ يَرى أَنَّ عِلْمَ التَّجْويد لا فائدة فيه ، وأنَّهُ تَكَلُّفٌ وتَنَطُّعٌ ، وأنَّ الاشتغال به لا يَظْهَرُ له كبير جدوى!
قُلْتُ:
* إنَّ لهذا العِلْمِ تاريخا طويلا يَمْتَدُّ إلى بدء نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاعتناءُ الأُمَّةِ بالقرآنِ وَحَمْلِها له جيلاً بَعْدَ جيلٍ لم يكن مَقْصُورًا على رِواية حروفه وَضْبطِهَا ، وإنما كانوا حريصين أيْضًا على إتْقَانِ تلاوَتِه وأدائِه على الصِّفَةِ التي أُنْزِلَ عليها ، ولا تزال سِلْسَلَةُ القراءةِ مُتَّصِلَةً برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ، ونحنُ لا نَزَالُ نقرأُ بحروفِ أئمَّةِ القراءةِ وبأدائهم...وَيَلْزَمُ مِنْ هذا كُلِّهِ أنَّهُ لا تَصِحُّ القراءةُ إلا على الصِّفَةِ التي تلقيناها عَن أَهْلِ الأداء ، كَمَا أنَّهُ لا تجوزُ القراءةُ إلاَّ بِحُروفِهم.
* كان لعلماءِ العربية والتجويد مشاركاتٌ رائِدَةٌ ودراساتٌ أصِيلَةٌ في تقويم اللسان ، وتحليلِ ظَوَاهِرِ النُّطْقِ الإنساني وأَسْرَارِهِ ، وما يَتَّصِلُ بذلك من وَصْفٍ لأَعضاءِ آلة النُّطْق ، ودراسَةٍ لمخارِجِ أصواتِ العربية وصفاتها ، وبُحوثٍ في أمراض الكلام ( أسبابها ، وطُرُق علاجها )...وغير ذلك مما ينبغي أَنْ يكونَ مفخرةً لِلْمُسْلِمين ، وحافزا للباحثين والدَّارسين للإقبال على جهود علماء العربية وأئمة القراءة تحقيقًا وتحبيرا ، وتجديدًا وتحريرا.
قال الدكتور إبراهيم أنيس (الأصوات اللغوية ص7-8): " وقد كان للقدماء مِنْ عُلَمَاءِ العربية بحوثٌ في الأصوات اللغوية شَهِدَ الْـمُحْدَثُونَ أنها جليلةُ القدر بالنسبة إلى عصورهم...ولقرب هؤلاء العلماء من عصور النهضة العربية واتصالهم بفصحاء العرب كانوا مرهفي الحس ، دقيقي الملاحظة ، فوصفوا لنا الصَّوْتَ العربي وصفا أثار دهشة المستشرقين وإعجابهم ".
وقال الدكتور محمد الصغير (الصوت اللغوي في القرآن ص338): " لقد تَوَصَّلَ العربُ حقا إلى نتائج صوتية مذهلة أيَّدَها الصَّوْتُ اللغوي الحديث في مستويات هائلة نتيجة لعمق المفردات الصوتية التي خاض غمارَها الروادُ القدامى ، وقد أيد هذا التوصل اثنان من كبار العلماء الأوروبيين هما: المستشرق الألماني الكبير الدكتور براجشتراسر ، والعالم الانكليزي اللغوى المعروف الأستاذ فيرث... ".
* تَعَلُّمُ فَنِّ التجويدِ والاشتغالُ به ، والتَّلَقِّي مِنْ فَمِ الْـضَّابِطِين الْـمُتْقِنِين ، والدُّرْبَةُ على النُّطْقِ الصحيح والاعتيادُ عليه ، يُساعِدُ في بُلوغِ الغاية في حُسْنِ الأداء ، وَسَلاَمَةِ النُّطْقِ وَصِحَّتِهِ...والحاجةُ إلى ذلك شديدةٌ لدى الخطباء ، والأئمة ، وقارئي القرآن ، والمعلِّمين ، والْـمُنْشِدين...وغيرهم.
* لا يَشُكُّ عاقِلٌ في حاجة الْـمُتَكَلِّمين إلى حُسْنِ البيان ، وَتَجوِيدِ اللَّفْظِ ، وسَلاَمَة النُّطْقِ ، وَقَدْ يَعْجز بَعْضُ أبناءِ اللغة عن نُطْقِ بعض أصواتِ لُغَتِهِ ، أَوْ قَدْ يشوبُ كلامَهُ شيءٌ مِنْ عُيُوبِ النُّطْقِ ، ولِذلِكَ أسبابٌ يَدْرُسُهَا الباحثون في عِلْمِ أمراضِ الكلام ( Speech-Language Pathology ) ، وقد أصبح اليوم عِلْمًا له أصوله ونظرِّياتهُ ، وَكُتُبُهُ وأبحاثه.
وكأني بك الآنَ تَسْأَلُ: ما لِلتَّجْوِيد وَعِلْم أمراضِ الكلام؟!
الجواب: ألا ترى أَنَّ نُطْقَ القارئِ الماهرِ الخبيرِ بمخارج الحروف وصفاتها صَوَرةٌ يُحْتَذَى بها في النُّطْقِ الصَّحيح. مِنْ أَجْلِ ذلكَ أرَى أَنَّ مُعَلِّمَ التَّجْويدِ الخبيرَ قادِرٌ على الْـمُشارَكَةِ في معالجةِ العيوبِ النُّطْقِيَّةِ لدى بَعْضِ الْـمُتَكَلِّمين إذا صَحَّتْ سَلاَمَتُهُمْ مِنْ أَيِّ عَيْبٍ خِلْقِيٍّ ، أو عِلَّةٍ نَفْسِيَّةٍ...أو غير ذلك مِمَّا ليس مِنْ صَنْعَةِ أَهْلِ التَّجْويدِ ولا مِن اخْتِصَاصِهِمْ.
وَمِثَالُ ذلك: مَنْ يَقْلِبُ السِّينَ ثاءً ، أو الذالَ زايًا ، فإذا أراد أَنْ يقولَ (نَسْتِعِينُ) قال: نَثْتَعِينُ ، وإذا أراد أنْ يقولَ (الَّذِينَ) قالَ: الَّزِينَ. فهذا إذا تَبَيَّنَ لِلْمُتَخَصِّصِ أَنَّهُ صَحِيحٌ مُعُافًى ، ولَكِنَّهُ مُحْتاجٌ إلى مَنْ يُدَرِّبُ لِسَانَهُ ، ويُقِيمُ حُرُوفَهُ ، فَمُعَلِّمُ التَّجْويدِ الْـمُتْقِنِ أَقْدَرُ على هذا مِنْ غَيْرِهِ.
فهذه فوائدُ ولطائفُ في إقراء القرآن الكريم وتجويده ، أسأل الله تعالى أن ينفع بها ، وأن يجعلها في ميزان حسناتنا.
المسألة الأولى: فائدةُ الاشتغال بِعِلْمِ التجويد.
أَمَرَنَا اللهُ سبحانه وتعالى بترتيل القرآن ، فقال: ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا ) ، وَوَرَدَتْ أحاديثُ في بيان مَنْزِلَةِ القارئ الماهر وَفَضْله ، وَخَيْرِيَّة مَنْ تَعَلَّمَ القرآن وعَلَّمَهُ...فَلْيُرْجَعْ إليها في مَظَانِّها.
ولكنْ لعلنا نحاول معالجةَ هذا الموضوع مِنْ وَجْهٍ آخر ، لأنَّهُ وُجِدَ مَنْ يَرى أَنَّ عِلْمَ التَّجْويد لا فائدة فيه ، وأنَّهُ تَكَلُّفٌ وتَنَطُّعٌ ، وأنَّ الاشتغال به لا يَظْهَرُ له كبير جدوى!
قُلْتُ:
* إنَّ لهذا العِلْمِ تاريخا طويلا يَمْتَدُّ إلى بدء نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاعتناءُ الأُمَّةِ بالقرآنِ وَحَمْلِها له جيلاً بَعْدَ جيلٍ لم يكن مَقْصُورًا على رِواية حروفه وَضْبطِهَا ، وإنما كانوا حريصين أيْضًا على إتْقَانِ تلاوَتِه وأدائِه على الصِّفَةِ التي أُنْزِلَ عليها ، ولا تزال سِلْسَلَةُ القراءةِ مُتَّصِلَةً برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ، ونحنُ لا نَزَالُ نقرأُ بحروفِ أئمَّةِ القراءةِ وبأدائهم...وَيَلْزَمُ مِنْ هذا كُلِّهِ أنَّهُ لا تَصِحُّ القراءةُ إلا على الصِّفَةِ التي تلقيناها عَن أَهْلِ الأداء ، كَمَا أنَّهُ لا تجوزُ القراءةُ إلاَّ بِحُروفِهم.
* كان لعلماءِ العربية والتجويد مشاركاتٌ رائِدَةٌ ودراساتٌ أصِيلَةٌ في تقويم اللسان ، وتحليلِ ظَوَاهِرِ النُّطْقِ الإنساني وأَسْرَارِهِ ، وما يَتَّصِلُ بذلك من وَصْفٍ لأَعضاءِ آلة النُّطْق ، ودراسَةٍ لمخارِجِ أصواتِ العربية وصفاتها ، وبُحوثٍ في أمراض الكلام ( أسبابها ، وطُرُق علاجها )...وغير ذلك مما ينبغي أَنْ يكونَ مفخرةً لِلْمُسْلِمين ، وحافزا للباحثين والدَّارسين للإقبال على جهود علماء العربية وأئمة القراءة تحقيقًا وتحبيرا ، وتجديدًا وتحريرا.
قال الدكتور إبراهيم أنيس (الأصوات اللغوية ص7-8): " وقد كان للقدماء مِنْ عُلَمَاءِ العربية بحوثٌ في الأصوات اللغوية شَهِدَ الْـمُحْدَثُونَ أنها جليلةُ القدر بالنسبة إلى عصورهم...ولقرب هؤلاء العلماء من عصور النهضة العربية واتصالهم بفصحاء العرب كانوا مرهفي الحس ، دقيقي الملاحظة ، فوصفوا لنا الصَّوْتَ العربي وصفا أثار دهشة المستشرقين وإعجابهم ".
وقال الدكتور محمد الصغير (الصوت اللغوي في القرآن ص338): " لقد تَوَصَّلَ العربُ حقا إلى نتائج صوتية مذهلة أيَّدَها الصَّوْتُ اللغوي الحديث في مستويات هائلة نتيجة لعمق المفردات الصوتية التي خاض غمارَها الروادُ القدامى ، وقد أيد هذا التوصل اثنان من كبار العلماء الأوروبيين هما: المستشرق الألماني الكبير الدكتور براجشتراسر ، والعالم الانكليزي اللغوى المعروف الأستاذ فيرث... ".
* تَعَلُّمُ فَنِّ التجويدِ والاشتغالُ به ، والتَّلَقِّي مِنْ فَمِ الْـضَّابِطِين الْـمُتْقِنِين ، والدُّرْبَةُ على النُّطْقِ الصحيح والاعتيادُ عليه ، يُساعِدُ في بُلوغِ الغاية في حُسْنِ الأداء ، وَسَلاَمَةِ النُّطْقِ وَصِحَّتِهِ...والحاجةُ إلى ذلك شديدةٌ لدى الخطباء ، والأئمة ، وقارئي القرآن ، والمعلِّمين ، والْـمُنْشِدين...وغيرهم.
* لا يَشُكُّ عاقِلٌ في حاجة الْـمُتَكَلِّمين إلى حُسْنِ البيان ، وَتَجوِيدِ اللَّفْظِ ، وسَلاَمَة النُّطْقِ ، وَقَدْ يَعْجز بَعْضُ أبناءِ اللغة عن نُطْقِ بعض أصواتِ لُغَتِهِ ، أَوْ قَدْ يشوبُ كلامَهُ شيءٌ مِنْ عُيُوبِ النُّطْقِ ، ولِذلِكَ أسبابٌ يَدْرُسُهَا الباحثون في عِلْمِ أمراضِ الكلام ( Speech-Language Pathology ) ، وقد أصبح اليوم عِلْمًا له أصوله ونظرِّياتهُ ، وَكُتُبُهُ وأبحاثه.
وكأني بك الآنَ تَسْأَلُ: ما لِلتَّجْوِيد وَعِلْم أمراضِ الكلام؟!
الجواب: ألا ترى أَنَّ نُطْقَ القارئِ الماهرِ الخبيرِ بمخارج الحروف وصفاتها صَوَرةٌ يُحْتَذَى بها في النُّطْقِ الصَّحيح. مِنْ أَجْلِ ذلكَ أرَى أَنَّ مُعَلِّمَ التَّجْويدِ الخبيرَ قادِرٌ على الْـمُشارَكَةِ في معالجةِ العيوبِ النُّطْقِيَّةِ لدى بَعْضِ الْـمُتَكَلِّمين إذا صَحَّتْ سَلاَمَتُهُمْ مِنْ أَيِّ عَيْبٍ خِلْقِيٍّ ، أو عِلَّةٍ نَفْسِيَّةٍ...أو غير ذلك مِمَّا ليس مِنْ صَنْعَةِ أَهْلِ التَّجْويدِ ولا مِن اخْتِصَاصِهِمْ.
وَمِثَالُ ذلك: مَنْ يَقْلِبُ السِّينَ ثاءً ، أو الذالَ زايًا ، فإذا أراد أَنْ يقولَ (نَسْتِعِينُ) قال: نَثْتَعِينُ ، وإذا أراد أنْ يقولَ (الَّذِينَ) قالَ: الَّزِينَ. فهذا إذا تَبَيَّنَ لِلْمُتَخَصِّصِ أَنَّهُ صَحِيحٌ مُعُافًى ، ولَكِنَّهُ مُحْتاجٌ إلى مَنْ يُدَرِّبُ لِسَانَهُ ، ويُقِيمُ حُرُوفَهُ ، فَمُعَلِّمُ التَّجْويدِ الْـمُتْقِنِ أَقْدَرُ على هذا مِنْ غَيْرِهِ.