فوائدُ ولطائفُ في إقراء القرآن الكريم وتجويده

إنضم
08/02/2005
المشاركات
537
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه...وبعد ،
فهذه فوائدُ ولطائفُ في إقراء القرآن الكريم وتجويده ، أسأل الله تعالى أن ينفع بها ، وأن يجعلها في ميزان حسناتنا.

المسألة الأولى: فائدةُ الاشتغال بِعِلْمِ التجويد.
أَمَرَنَا اللهُ سبحانه وتعالى بترتيل القرآن ، فقال: ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا ) ، وَوَرَدَتْ أحاديثُ في بيان مَنْزِلَةِ القارئ الماهر وَفَضْله ، وَخَيْرِيَّة مَنْ تَعَلَّمَ القرآن وعَلَّمَهُ...فَلْيُرْجَعْ إليها في مَظَانِّها.
ولكنْ لعلنا نحاول معالجةَ هذا الموضوع مِنْ وَجْهٍ آخر ، لأنَّهُ وُجِدَ مَنْ يَرى أَنَّ عِلْمَ التَّجْويد لا فائدة فيه ، وأنَّهُ تَكَلُّفٌ وتَنَطُّعٌ ، وأنَّ الاشتغال به لا يَظْهَرُ له كبير جدوى!
قُلْتُ:
* إنَّ لهذا العِلْمِ تاريخا طويلا يَمْتَدُّ إلى بدء نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاعتناءُ الأُمَّةِ بالقرآنِ وَحَمْلِها له جيلاً بَعْدَ جيلٍ لم يكن مَقْصُورًا على رِواية حروفه وَضْبطِهَا ، وإنما كانوا حريصين أيْضًا على إتْقَانِ تلاوَتِه وأدائِه على الصِّفَةِ التي أُنْزِلَ عليها ، ولا تزال سِلْسَلَةُ القراءةِ مُتَّصِلَةً برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ، ونحنُ لا نَزَالُ نقرأُ بحروفِ أئمَّةِ القراءةِ وبأدائهم...وَيَلْزَمُ مِنْ هذا كُلِّهِ أنَّهُ لا تَصِحُّ القراءةُ إلا على الصِّفَةِ التي تلقيناها عَن أَهْلِ الأداء ، كَمَا أنَّهُ لا تجوزُ القراءةُ إلاَّ بِحُروفِهم.

* كان لعلماءِ العربية والتجويد مشاركاتٌ رائِدَةٌ ودراساتٌ أصِيلَةٌ في تقويم اللسان ، وتحليلِ ظَوَاهِرِ النُّطْقِ الإنساني وأَسْرَارِهِ ، وما يَتَّصِلُ بذلك من وَصْفٍ لأَعضاءِ آلة النُّطْق ، ودراسَةٍ لمخارِجِ أصواتِ العربية وصفاتها ، وبُحوثٍ في أمراض الكلام ( أسبابها ، وطُرُق علاجها )...وغير ذلك مما ينبغي أَنْ يكونَ مفخرةً لِلْمُسْلِمين ، وحافزا للباحثين والدَّارسين للإقبال على جهود علماء العربية وأئمة القراءة تحقيقًا وتحبيرا ، وتجديدًا وتحريرا.
قال الدكتور إبراهيم أنيس (الأصوات اللغوية ص7-8): " وقد كان للقدماء مِنْ عُلَمَاءِ العربية بحوثٌ في الأصوات اللغوية شَهِدَ الْـمُحْدَثُونَ أنها جليلةُ القدر بالنسبة إلى عصورهم...ولقرب هؤلاء العلماء من عصور النهضة العربية واتصالهم بفصحاء العرب كانوا مرهفي الحس ، دقيقي الملاحظة ، فوصفوا لنا الصَّوْتَ العربي وصفا أثار دهشة المستشرقين وإعجابهم ".
وقال الدكتور محمد الصغير (الصوت اللغوي في القرآن ص338): " لقد تَوَصَّلَ العربُ حقا إلى نتائج صوتية مذهلة أيَّدَها الصَّوْتُ اللغوي الحديث في مستويات هائلة نتيجة لعمق المفردات الصوتية التي خاض غمارَها الروادُ القدامى ، وقد أيد هذا التوصل اثنان من كبار العلماء الأوروبيين هما: المستشرق الألماني الكبير الدكتور براجشتراسر ، والعالم الانكليزي اللغوى المعروف الأستاذ فيرث... ".

* تَعَلُّمُ فَنِّ التجويدِ والاشتغالُ به ، والتَّلَقِّي مِنْ فَمِ الْـضَّابِطِين الْـمُتْقِنِين ، والدُّرْبَةُ على النُّطْقِ الصحيح والاعتيادُ عليه ، يُساعِدُ في بُلوغِ الغاية في حُسْنِ الأداء ، وَسَلاَمَةِ النُّطْقِ وَصِحَّتِهِ...والحاجةُ إلى ذلك شديدةٌ لدى الخطباء ، والأئمة ، وقارئي القرآن ، والمعلِّمين ، والْـمُنْشِدين...وغيرهم.

* لا يَشُكُّ عاقِلٌ في حاجة الْـمُتَكَلِّمين إلى حُسْنِ البيان ، وَتَجوِيدِ اللَّفْظِ ، وسَلاَمَة النُّطْقِ ، وَقَدْ يَعْجز بَعْضُ أبناءِ اللغة عن نُطْقِ بعض أصواتِ لُغَتِهِ ، أَوْ قَدْ يشوبُ كلامَهُ شيءٌ مِنْ عُيُوبِ النُّطْقِ ، ولِذلِكَ أسبابٌ يَدْرُسُهَا الباحثون في عِلْمِ أمراضِ الكلام ( Speech-Language Pathology ) ، وقد أصبح اليوم عِلْمًا له أصوله ونظرِّياتهُ ، وَكُتُبُهُ وأبحاثه.
وكأني بك الآنَ تَسْأَلُ: ما لِلتَّجْوِيد وَعِلْم أمراضِ الكلام؟!
الجواب: ألا ترى أَنَّ نُطْقَ القارئِ الماهرِ الخبيرِ بمخارج الحروف وصفاتها صَوَرةٌ يُحْتَذَى بها في النُّطْقِ الصَّحيح. مِنْ أَجْلِ ذلكَ أرَى أَنَّ مُعَلِّمَ التَّجْويدِ الخبيرَ قادِرٌ على الْـمُشارَكَةِ في معالجةِ العيوبِ النُّطْقِيَّةِ لدى بَعْضِ الْـمُتَكَلِّمين إذا صَحَّتْ سَلاَمَتُهُمْ مِنْ أَيِّ عَيْبٍ خِلْقِيٍّ ، أو عِلَّةٍ نَفْسِيَّةٍ...أو غير ذلك مِمَّا ليس مِنْ صَنْعَةِ أَهْلِ التَّجْويدِ ولا مِن اخْتِصَاصِهِمْ.
وَمِثَالُ ذلك: مَنْ يَقْلِبُ السِّينَ ثاءً ، أو الذالَ زايًا ، فإذا أراد أَنْ يقولَ (نَسْتِعِينُ) قال: نَثْتَعِينُ ، وإذا أراد أنْ يقولَ (الَّذِينَ) قالَ: الَّزِينَ. فهذا إذا تَبَيَّنَ لِلْمُتَخَصِّصِ أَنَّهُ صَحِيحٌ مُعُافًى ، ولَكِنَّهُ مُحْتاجٌ إلى مَنْ يُدَرِّبُ لِسَانَهُ ، ويُقِيمُ حُرُوفَهُ ، فَمُعَلِّمُ التَّجْويدِ الْـمُتْقِنِ أَقْدَرُ على هذا مِنْ غَيْرِهِ.
 
المسألة الثانية: عِلْمُ التجويد بَيْنَ علماء القراءة وعلماء الأصوات.
يَظْهَرُ لي أنَّهُ لا تزال هنالك فجوة بين علماء القراءة وعلماء الأصوات ، فبعض القُرَّاء يَرَى أنَّ الاشتغالَ بِعِلْم الأصوات اللغوية ليس فيه كبير فائدة ، كما أَنَّ أكثرَ علماءِ الأصوات لم يَضْبِطُوا أداءَهم في تلاوة القرآن الكريم بالأخْذِ عن القُرَّاءِ ومُشَافَهَتِهِمْ ، وكِلا الفريقين مُخْطِئٌ في نَظَرِي...وإن كان خطأُ علماءِ الأصواتِ أعظمَ ، لأنَّهم يَعْلَمون أَنَّ عُلماءَ القراءة هُمُ الَّذين يُرْجَعُ إليهم في تَبَيُّنِ صُورَةِ النُّطْقِ الصَّحيح.
وأنا أدعو أهلَ الأصواتِ إلى الأخْذِ عنِ القُرَّاءِ والرِّوَايَةِ عنهم كَيْ يَضْبِطُوا أداءَهُمْ على حَسَبِ ما أَدَّاهُ القُرَّاءُ مِنْ الْخَلَفِ عن الأئمة مِنَ السَّلَف ، ولِئَلاَّ يسارِعوا إلى تَخْطِئَة الأوَّلِينَ والآخِرين في ما يَنْقُلُونَ عن شيوخهم الغَرْبِيِّين!
وأما أهلُ القرآن ، فأدعوهم كذلك إلى الإفادة مِنْ علماءِ الأصواتِ في تَسْخِير هذا العِلْمِ لِخَدْمَةِ مُتَعَلَّمي تلاوةِ القرآنِ الكريم ، وَمِنْ ذلك التَّجْدِيدُ في طريقةِ تَدْريس التجويد باستخدام الوسائلِ الْـمُساعدة والآلاتِ والأجهزة الحديثة في تحليل الصَّوْتِ الإنساني ، وَتَصْوِيرِ حَرَكَةِ أعضاء آلَةِ النُّطْقِ لَدَى القارئ...وغير ذلك مما يُفِيد مُتَعَلِّمِي التَّجْويد في إدراكِ الطَّريقة المثْلى للوصول إلى النُّطْقِ الصَّحِيح. والْعَجِيبُ أَنَّ مُخْتَبَرات الصَّوْتِ في الكُلِّيات والجامعات لا يَعْرِفُها إلاَّ دارسو اللغات الأجنبية ، مع أنَّ أهل القرآن أولى بذلك من غيرهم ، لِأَنَّ بابَ المخارج والصفات من أهم أبواب عِلْمِ التَّجويد.
ولعلَّ مِمَّا يُساعِدُ في التَّقْريبِ بين قُرَّاء القرآن الكريم وعلماءِ الأصواتِ خُرُوج طائفةٍ من الباحثين والدَّارسين أَخَذَتْ عَنْ كِلا الفريقَيْنَ ، وفَقِهَتْ طرائقَ الْـمَدْرَسَتَيْن.
قال الدكتور منصور الغامدي ( الصوتيات العربية ص159 ): "...نحتاج إلى قفزة في علم التجويد ، وذلك لأن الدارسين المعاصرين أكثر دراية بجسم الإنسان وجهازه الصوتي ، فيطلبون تعريفاً دقيقاً للخصائص الأصواتية من حيث مخارج الأصوات وكيفية إخراجها ، وأكوستيكية الأصوات العربية. هذا يستوجب القيام بدراسات معملية للمقرئين المجازين لقراءة القرآن ".
وقال شيخُنا الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد ( أهمية علم الأصوات اللغوية في دراسة علم التجويد ص74 ): " ومهما تكن التحفظات لدى البعض من علم الأصوات فالمطلوب الاطلاع على ما يمكن أن يقدمه من حقائق علمية تتعلق بالصوت الإنساني وكيفية إنتاجه ، ثم استعمال هذه الحقائق في خدمة علم التجويد...وأتمنى أن يأتي اليوم الذي تزول فيه الفجوة بين المشتغلين بعلم الأصوات والمشتغلين بعلم التجويد ، وأن يكون هؤلاء رواداً للدرس الصوتي العربي ، كما كان أسلافنا من قبل.
وفي ختام هذه الحلقة أود الإشارة إلى أن المشتغلين بعلم الأصوات اللغوية بشر يخطئون ويصيبون ، وقد وقع عدد منهم في أخطاء في التعامل مع تراثنا الصوتي العربي ، وينبغي ألا يمنعنا ذلك من أخذ ما هو مفيد ، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى بها ".
 
المسألة الثالثة: الأصلُ في تَعَلُّمِ تلاوة القرآن الكريم التَّلَقِّي والْـمُشَافَهَةُ.
قلتُ: هذا أصْلٌ مُتَّفَقٌ عليه...قال أبو مزاحم الخاقاني:
وإِنَّ لنا أَخْذَ القِراءَةِ سُنَّةٌ * عَنِ الأَوَّلِين الْـمُقْرِئينَ ذَوِي السِّتْرِ
ولكنْ ، هل يُشْتَرَطُ في تعليم القرآن الكريم وتلقينه السَّمـَاعُ والرُّؤْيةُ؟
الجوابُ: إنِ استطعتَ ، فَحَسَنٌ. وإن لم تستطع ، فلا يُكَلِّفُ اللهُ نفسًا إلا وُسْعَها. ولا يَخْفَى ما في اشتراطِ السَّمـَاعِ والرُّؤْيةِ مِنْ إعناتٍ وتشديدٍ ، وذلك لأِنَّ قارئَ القرآنِ ومُقْرِئه لا يخلو حالهما مِنْ أحد أمرين: إما أَنْ يكونَ كلاهما ضَرِيرَيْنِ ، وإما أن يكونا غير ذلك. فإن كانا غير ذلك ، فإما أن يكونا بصيرين ، وإما أن يكونَ أحَدُهُما ضريرا والآخر بصيرا. فماذا يُقال للمكافيف إذا أرادوا تَعَلُّمَ تلاوة القرآن الكريم؟! وهل يُحْرَمُ هؤلاءِ من الإجازة في القرآن ولو كانوا من المُتْقِنين الْـمُجَوِّدِين...
ولا يخفى على الفضلاء أنَّ الإمامَ الشَّاطبيَّ كان ضريرًا ، فكيف يُقالُ باشتراط السَّماعِ والرؤيةِ في هذا العصر ونحن لا نزال نَقْرأ ونُقْرِئ من طريق الشاطبية؟ ولَرُبَّ ضريرٍ فاق بصيرا! وَمِنَ العجائب ما رُوِي أَنَّ قالونَ كان " أصَمَّ شديد الصَّمَمِ ، وكان يُقْرَأُ عليه القرآن وكان يَنْظُرُ إلى شفتي القارئ وَيَرُدُّ عليه اللَّحْنَ والخطأ " ( ابن الجزري: غاية النهاية 1 543/ ).
وَمِنَ الْـمعْلومِ أنَّ طرائقَ التعليم ووسائله تختلف باختلاف الزمان والمكان ، وإذا كان الضبطُ والإتقانُ هما الْـمُعَوَّلُ عليهما في إجازة القرآن ، فلا مانع إِذَنْ من إقراء القرآن الكريم باستخدام وسائل الاتصال الحديثة ، ولا مانع من أخْذِ الإجازة ولو لم تَتَيَسَّرِ الرؤيةُ.
 
سيدي عمار الخطيب، حفظه الله !
السلام عليكم وعلى من معكم من المسلمين. وبعد،،،،
فقد رابني كثيرا باعِثُكم على كتابة هذه المشاركة، كما رابني النقاشُ الذي استدعيتموه بها حول موضوع لا معنى لوجوده، وبحيثيات ليست محلا للخلاف أصلا.
لا أظن أحدا من القدماء اشترط الرؤية بالصورة التي أوحيتم بها. المعروف من شروط القوم اشتراط المشافهة في التطبيق، وإمكانية اللقاء في السند. وإذا كان لديكم نص باشتراط الرؤية، أي بمعنى أن يكون المقرئ بصيرا بكريمتيه كما أوحت به إليَّ مشاركتكم الثانية، فنرجو منكم التكرم به علينا شاكرين !
وليست الضرارة بمُخِلَّةٍ في نقل القرآن، فأَضِرَّاءُ القراء من الكثرة بحيث يكون ضرب المثل بالشاطبي مع وجود من هو أجل منه، كبعض شيوخي الداني، وكأبي عثمان الضرير وعاصم ابن أبي النجود، أمرا محيرا بالنسبة لي.
كان بودي لو تساءلتم عما يجعل الإنسان في الدول العربية وسائر العالم الإسلامي يترك المشايخ الموجودين بين يديه، وحسب الطلب، ثم يقرأ بالهاتف أو ........ على شيخ ليس بأتقن ولا أعلم ولا أتقى من الذين تركهم.
كلٌّ حرٌّ بأن يأخذ القرآن كما يحلو له. وعلى وضع المسلمين الراهن لا يملك أحد سلطة منعه من فعل ذلك إذا وجد من يتجاوب معه من الشيوخ، لكن محاولة شرعنة ذلك بحجة الاستفادة من الوسائل الحديثة فشيء نودُّ لو لم يصدر منكم.
 
سيدي عمار الخطيب، حفظه الله !
السلام عليكم وعلى من معكم من المسلمين. وبعد،،،،
فقد رابني كثيرا باعِثُكم على كتابة هذه المشاركة، كما رابني النقاشُ الذي استدعيتموه بها حول موضوع لا معنى لوجوده، وبحيثيات ليست محلا للخلاف أصلا. لا أظن أحدا من القدماء اشترط الرؤية بالصورة التي أوحيتم بها. المعروف من شروط القوم اشتراط المشافهة في التطبيق...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مرحبا بالشيخ الكريم محمد الحسن.
الرؤيةُ حاصِلَةٌ عند الأوَّلين لأنَّهُ لم يكن لديهم هواتف أو أي شيء من وسائل الاتصال الحديثة ، فالْمُتَعَلِّمُ كان يلتقي بشيخه للقراءة عليه مشافهة...ولم تنتف الرؤية وقتئذ إلا في حال كون القارئ أو المقرئ ضريرا.
وأما قولكم " لا أظن أحدا من القدماء اشترط الرؤية بالصورة التي أوحيتم بها " ، فهو قولٌ صحيح...وأنا لا أعلم أحدا اشترط ذلك.

وإذا كان لديكم نص باشتراط الرؤية، أي بمعنى أن يكون المقرئ بصيرا بكريمتيه كما أوحت به إليَّ مشاركتكم الثانية، فنرجو منكم التكرم به علينا شاكرين !
ليس لدي من شرط سوى أنَّ الأصلَ في تعلم تلاوة القرآن الكريم التلقي والمشافهة ، وأما قولي: " ولكنْ ، هل يُشْتَرَطُ في تعليم القرآن الكريم وتلقينه السَّمـَاعُ والرُّؤْيةُ؟
الجوابُ: إنِ استطعتَ ، فَحَسَنٌ. وإن لم تستطع ، فلا يُكَلِّفُ اللهُ نفسًا إلا وُسْعَها. ولا يَخْفَى ما في اشتراطِ السَّمـَاعِ والرُّؤْيةِ مِنْ إعناتٍ وتشديدٍ " ، فالمقصود الإنكار على مَنْ يمنع الإجازة عبر وسائل الاتصال الحديثة ، لأنَّه وُجِدَ مَنْ لا يرى مشروعية الإجازة عبر الهاتف على سبيل المثال ، وهذا حاله كحال مَنْ يشترط الرؤية ولكن من غير تصريحٍ بذلك! وإذا كنتَ لا تقول باشتراط الرؤية ، فلعلك - حفظك الله - تذكر لي الفرق بين قارئٍ يقرأ على شيخه عبر الهاتف ، وآخر يجلس بين يدي شيخه ليقرأ عليه؟ ألا ترى - أيها القارئ الكريم - أنه لا فرق بين الطَّرِيقتَيْنِ إلا في مسألة الرؤية؟
فإذا كنتَ يا أستاذنا الكريم تمنعني من القراءة عليك عبر الهاتف ، فلم لا تقول باشتراط الرؤية إذن؟ وإن كنتَ لا تقول باشتراط الرؤية ، فلم تمنعني من القراءة عليك عبر الهاتف؟
ثُمَّ إنني وجدت بعض المقرئين يقرئ عبر وسائل الاتصال الحديثة ، ولكنه يشترط الرؤية ( webcams )...
فالخلاصة أنَّ الْمُتَعَلِّمَ إذا استطاع أن يجلس بين يدي شيخٍ للقراءة عليه ، فحسن ( إذا كان الشيخُ ضريرًا ، فالرؤية حاصلةٌ عند الْمُتَعَلِّمِ لا الْمُعَلِّم ) ...وإن لم يستطع ، فلا يُكَلِّفُ اللهُ نفسًا إلا وُسْعَها.

وليست الضرارة بمُخِلَّةٍ في نقل القرآن، فأَضِرَّاءُ القراء من الكثرة بحيث يكون ضرب المثل بالشاطبي مع وجود من هو أجل منه، كبعض شيوخي الداني، وكأبي عثمان الضرير وعاصم ابن أبي النجود، أمرا محيرا بالنسبة لي.
صدقتم...ولكن تعمدتُ ذكر الإمام الشاطبي لأسبابٍ لعلها لا تخفى عليكم ( من أهمها: أنه صاحبُ الشاطبية ، والقراءات السبع من طريقه مشهورةٌ معروفة...ورواية حفصٍ عن عاصم من طريق الشاطبية يكاد لا يجهلها أحد ، وهي الأشهر في كثيرٍ مِنْ دول العالم الإسلامي )...ولو كان الأمر عندي كما تقول لبدأتُ بذكر مقرئ الكوفة وعالمها أبي عبد الرحمن السلمي...والأمر يسيرٌ إن شاء الله.

كان بودي لو تساءلتم عما يجعل الإنسان في الدول العربية وسائر العالم الإسلامي يترك المشايخ الموجودين بين يديه، وحسب الطلب، ثم يقرأ بالهاتف أو ........ على شيخ ليس بأتقن ولا أعلم ولا أتقى من الذين تركهم.
؟
أولا: القراءة على الشيوخ عبر الهاتف لا يُصار إليها في الغالب إلا إذا لم يجد الْمُتَعَلِّمُ مقرئا يقرئه في بلده...أو يمكن أن يكون قد قرأ على شيوخ بلده ، وأراد الاستزادة من غيرهم عبر وسائل الاتصال الحديثة.
ثانيا: قولكم "...على شيخ ليس بأتقن ولا أعلم ولا أتقى من الذين تركهم. " ، كيف يكون ذلك؟ بعض الإخوة قد لا يجد مقرئا ببعض الروايات أو بالسبع أو بالعشر في بلده ، فماذا يفعلُ إذا لم يكن قادرا على السَّفَر؟ وأما التقوى والعلم فبعض مشاهير القراء المشهود لهم بذلك يُقرئ على الهاتف وغيره.

لكن محاولة شرعنة ذلك بحجة الاستفادة من الوسائل الحديثة فشيء نودُّ لو لم يصدر منكم.
هذا رأيُ العبد الفقير ، ورأي بعض مشايخنا أيضا...جزاكم الله خيرا ، وأحسنَ اللهُ إليكم.

والله أعلم.
 
وأنا أدعو أهلَ الأصواتِ إلى الأخْذِ عنِ القُرَّاءِ والرِّوَايَةِ عنهم كَيْونَ عن شيوخهم الغَرْبِيِّين!
هذا جميل جدا أن تدعو أهل الأصوات للبحث عن القراء أصحاب الرواية والدراية للأخذ عنهم ، والجلوس بين أقدامهم .

وأما أهلُ القرآن ، فأدعوهم كذلك إلى الإفادة مِنْ علماءِ الأصواتِ في تَسْخِير هذا العِلْمِ لِخَدْمَةِ مُتَعَلَّمي تلاوةِ القرآنِ الكريم
شيخنا الحبيب لقد نجح علماؤنا في توصيل هذا العلم إلينا دون الحاجة لعلم الأصوات ؛ بل أهل الأصوات ليس بوسعهم فعل شيئ بدون علماء القرآن ..أليس كذلك ؟ فإذا كان الجواب بنعم ،

وقال شيخُنا الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد :....فالمطلوب الاطلاع على ما يمكن أن يقدمه من حقائق علمية تتعلق بالصوت الإنساني وكيفية إنتاجه ".
لو أعطيتني مثالا عن كيفية الاستفادة نكن شاكرين لك .
 
نقاش أظل وقته

نقاش أظل وقته

سيدي عمار الخطيب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
فقد مهَّدَ فضيلتُكم في المشاركة الأولى التي عقبتُ عليها لتجويز القراءة للإجازة عبر الوسائط المعروفة بشرط لم يقل به أحد، ثم حكمتم على غير المشروط هذا بأنه "إعنات وتشديد". ثم شرعتم في حصر الأوجه الممكنة بين زوجين مفتوحين على جهتين فحصل لكم الأربعة العقلية، وانتهى بكم الأمر أخيرا إلى أنه: "إذا كان الضبطُ والإتقانُ هما الْـمُعَوَّلُ عليهما في إجازة القرآن ، فلا مانع إِذَنْ من إقراء القرآن الكريم باستخدام وسائل الاتصال الحديثة ، ولا مانع من أخْذِ الإجازة ولو لم تَتَيَسَّرِ الرؤيةُ."
ولم يشر فضيلتكم إلى مسألة أن "الضبط والإتقان" ذاتيَّان في الضابط المتقن، مثل الضَّرْب في ظرفه، إنه في هذه المرحلة مجرد معنى من المعاني، لا يمكن لأحد غير الله أن يعرف نوعه ومقداره، إنما هو ظن وانطباع وتقدير....
إذا تعدى هذا المعنى من محله الذاتي (الحافظ المتقن) إلى الغير (الشيخ)، مثلا، أمكن تقييمه بالمقارنة إلى القواعد والأدبيات المقررة في الفن. وجوهر خلافنا في هذه النقطة. أعني طبيعة تعديه للتقييم. أنتم تجيزون القراءة عبر هذه الوسائط، ونحن نمنع، وتبررن لذلك بضرورات كثيرة نحو انعدام المقرئ، أو المتقن أو الرغبة في الاستزادة، ونحن نرفض هذه التبريرات بحجة أن الضرورة ظرف قاهر يمنع الامتثال بالأمر بالفعل أو الأمر بالترك، الذي هو النهي. أما الإجازة فلم يرد في وجوبها شيء من الوحيين، حتى تكون فيها ضرورة. بإمكان أي أحد أن يقرأ الرواية الواحدة إلى السبع إلى العشر إلى ما صح عنده من دون إجازة. إن للإجازة شروطَها الخاصةَ بها، منها الحفظ وحسن النطق بحروف القرآن بمشافهتها- بدون مسمِّعٍ ولا وسيط - من شافه من شافه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
أنتم تقولون بأنه: في الغالب يلجأ إلى القراءة للإجازة عبر الهاتف من لا يجد من يقرئه في بلده أو قرأ فعلا ورغب في الاستزادة.
نحن نقول: هذا العذر غير مقبول بالمرة، لأننا باستثناء أبي خالد وليد المنيسي، كما ذُكر هنا في ترجمة الشيخ محمد عبد الحميد الاسكندراني، عليه سحائب الرحمة والرضوان، لا نعرف أحدا من الصين أو من اليابان أو من أوروبا قرأ على الهاتف أو رغب فيه، بل نجد مصريا أو ليبيا أو تونسيا أو جزائريا...... يطلب القراءة عبر الهاتف، أضطرهم الظرفان الذان ذكرتموهما ؟
أنتم تقولون: لا يُحرَم الكفيفُ الضابطُ المتقنُ من الإجازة لمجرد شرط مُعْنتٍ شديدٍ، وتعنون به الرؤية البصرية
نحن نقول: هذا الشرط غير موجودٍ أصلا، ولازمه لا يلزم الكفيف، وبإمكانه أن يحصل على الإجازة إذا وفر شرط المشافهة الذي من لوازمه اللقاء وليست الرؤية.
أنتم تقولون: لا يوجد فرق بين القراءة المرئية عبر الwebcam وبين قراءة اللقاء.
نحن نقول: الفرق بينهما كبير جدا. ونذكر بأن ما سميتموه وسائل الاتصال لا يسمى هكذا إلا إذا أردنا الاختصار والتبسيط، أما اسمه الصحيح المعقول فهو الوسائط، ونحن لا نحب الوسيط بين القارئ والسامع أيا يكن هذا الوسيط.
ثم إن القارئ على الwebcam يمكن أن يضع المصحف والكتاب الذي يقرأ بمضمنه أمامه من دون أن يظهر ذلك في الصورة المرئية لدى الشيخ السامع، وبعض الشيوخ يعرف أن ذلك ممكن، ولكنه في هذه الحالة يكون قد عزم على أن يتواطأ مع القارئ على هذه المخالفة. ثم إن أي أحد يعرف الفرق بين الصوت المسجل عبر وسيط والصوت المسجل بدون وسيط، وهذا الفرق هو الفرق.
بعضهم قال لي في مكة سنة ٢٠١١م بأنه كلف أحد الأشخاص بمراقبة القارئ، قلت له: لماذا ؟ قال: للتأكد من أنه يقرأ من حفظه. قلت له: المشي على هوامش الطريق أصعب دائما من المشي على سوائه. دع هذا فإنه، كله، عبث.
هذا رأينا في الموضوع ولا نلزمه أحدا. فمن شاء أن يقرأ على الشيخ عبر الوسائط أو يسجل ويسمع الشيخ بعد ذلك، أو يكلف أحدا بأن يقرأ على الشيخ نيابة عنه، ويحلف القارئ بالله أن قراءة المُنِيبِ هكذا أو أجود فيقبله الشيخ بناءً على عدالة كل مسلم ما لم تظهر القوادح، أو يحول من أمكنه من الشيوخ لسماع تسجيلاته من اليوتوب لإجازته عليها، ومن شاء هذا كله أو بعضه فليفعل، ولا نملك حولا لمنعه من ذلك، ولو ملكنا لمنعناه، لأنه منكر، وعند القدرة وتوفر الشروط يجب منع وقوع المنكر، فإذا كان قد وقع فيجب تغييره بالشروط المذكورة في كتب أهل العلم.
وشكر الله لكم على حسن المحاورة
 
سيدي عمار الخطيب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
فقد مهَّدَ فضيلتُكم في المشاركة الأولى التي عقبتُ عليها لتجويز القراءة للإجازة عبر الوسائط المعروفة بشرط لم يقل به أحد، ثم حكمتم على غير المشروط هذا بأنه "إعنات وتشديد"...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مرحبا بشيخنا الكريم محمد الحسن بوصو.
قلتم: " بشرط لم يقل به أحد، ثم حكمتم على غير المشروط هذا بأنه "إعنات وتشديد" ".
أستاذنا الكريم ، لقد بَيَّنْتُ لكم مرادي في المشاركة السابقة ، وقلتُ لكم : " ثُمَّ إنني وجدت بعض المقرئين يقرئ عبر وسائل الاتصال الحديثة ، ولكنه يشترط الرؤية ( webcams )..." ، فلا أدري لماذا تصرون على القول بأنه شرطٌ لم يقل به أحد؟
هاكم مثالا يا أستاذنا الكريم:
سُئل الشيخ المقرئ شيرزاد عبد الرحمن طاهر عن حكم " الإجازة عبر الإنترنت "...فكان جوابه:
" يجوز إعطاء الإجازة بالأنترنيت إذا تحقق شرط المشافهة ، أي أن الأمر جائز بشروط:
1- يجب إستخدام الصورة والصوت ولا يقتصر طرف على الصوت فقط
..."
http://www.sherzaad.net/articles.php?action=show&id=5

نحن يا أستاذنا الكريم نتحدث عن المقرئين المعاصرين ، وأما اشتراط الرؤية عند أئمة القراءة من السلف فقد قلتُ لكم مِنْ قبل " لا أعلم أحدا اشترط ذلك " ، فالمسألة إذن ليست كما تقولون " موضوع لا معنى لوجوده، وبحيثيات ليست محلا للخلاف أصلا ".

أنتم تجيزون القراءة عبر هذه الوسائط، ونحن نمنع، وتبررن لذلك بضرورات كثيرة نحو انعدام المقرئ، أو المتقن أو الرغبة في الاستزادة، ونحن نرفض هذه التبريرات بحجة أن الضرورة ظرف قاهر يمنع الامتثال بالأمر بالفعل أو الأمر بالترك، الذي هو النهي. أما الإجازة فلم يرد في وجوبها شيء من الوحيين، حتى تكون فيها ضرورة.
لم أقل إن الحصول على الإجازة واجبٌ وجوبا شرعيا! قلتُ وأقول مرة أخرى: الجلوس بين يدي الشيخ للقراءة عليه أفضل من القراءة على الشيخ عبر الإنترنت وغيرها. وأما قولكم " وتبررن لذلك بضرورات كثيرة نحو انعدام المقرئ، أو المتقن أو الرغبة في الاستزادة، ونحن نرفض هذه التبريرات " ، فذلك كان جوابا على قولكم " كان بودي لو تساءلتم عما يجعل الإنسان في الدول العربية وسائر العالم الإسلامي يترك المشايخ الموجودين بين يديه ، وحسب الطلب، ثم يقرأ بالهاتف أو ........ على شيخ ليس بأتقن ولا أعلم ولا أتقى من الذين تركهم ".

أنتم تقولون بأنه: في الغالب يلجأ إلى القراءة للإجازة عبر الهاتف من لا يجد من يقرئه في بلده أو قرأ فعلا ورغب في الاستزادة.
نحن نقول: هذا العذر غير مقبول بالمرة، لأننا باستثناء أبي خالد وليد المنيسي، كما ذُكر هنا في ترجمة الشيخ محمد عبد الحميد الاسكندراني، عليه سحائب الرحمة والرضوان، لا نعرف أحدا من الصين أو من اليابان أو من أوروبا قرأ على الهاتف أو رغب فيه، بل نجد مصريا أو ليبيا أو تونسيا أو جزائريا...... يطلب القراءة عبر الهاتف، أضطرهم الظرفان الذان ذكرتموهما ؟
أستاذنا الكريم ، لم يتضح لي مرادكم من ذكر اسم شيخنا أبي خالد؟
لعلكم تتواصلون مع بعض المقارئ الإلكترونية أو المشايخ الذين يُعَلِّمون تلاوة القرآن الكريم على الإنترنت وغيرها لتعلم أعداد القارئين من أمريكا الشمالية وغيرها...ولعلي أنقل كلام الإخوة في معهد الإمام الشاطبي:
" نشأت المقرأة الإلكترونية في رجب عام 1424هـ . وكانت بداية الفكرة من خلال إقامة دورات صيفية في صيف عام 1423هـ ، وكان من فعاليتها المقرأة الإلكترونية، والتي كانت تفتح يومياً ولمدة ساعتين خلال فترة الدورة، وكان لها إقبالٌ واسعٌ من جميع أنحاء العالم ، مما شجع إدارة المعهد على تبني الفكرة برنامجاً من برامج معهد الإمام الشاطبي للقرآن وعلومه ".
http://shatiby.edu.sa/index.php?op=pages&id=33

أنتم تقولون: لا يُحرَم الكفيفُ الضابطُ المتقنُ من الإجازة لمجرد شرط مُعْنتٍ شديدٍ، وتعنون به الرؤية البصرية
نحن نقول: هذا الشرط غير موجودٍ أصلا، ولازمه لا يلزم الكفيف، وبإمكانه أن يحصل على الإجازة إذا وفر شرط المشافهة الذي من لوازمه اللقاء وليست الرؤية.
ولماذا تشترط اللقاء يا أستاذنا الكريم؟ هل تطلب من تلامذتكم الجلوس بين يديك للقراءة عليكم...وليس في نيتكم النظر إلى شفتي المتعلم أثناء القراءة؟!
لعلي أنقل لك كلاما للدكتور محمد غيلان كنتُ قد اطلعتُ عليه بعد كتابة المشاركات السابقة ( الأحكام الأحكام الفقهية المتعلقة بالمقارئ الإلكترونية ص50 ): " وإذا تقرر أن القرآن الكريم أخذ مشافهة ونقل إلينا بالتواتر مشافهة بقراءة المتعلم بين يدي الشيخ ؛ فإن المقارئ الإلكترونية ، والقراءة في الهاتف لا ينقصها إلا النظر إلى فم القارئ لمعرفة صحة نطقه بالحرف ، وأما المشافهة فحاصلة بقراءة المتعلم عن طريق الغرفة الإلكترونية على الشيخ ، والشيخ يستمع ، ويصحح له..." ، ويقول ( ص79 ):
" ويصح إعطاء الإجازة بالقراءة عبر (البالتوك) أو الهاتف أخذاً بالقراءة على الضرير الذي تم إتقانه وضبطه ؛ لأنه يعتمد على السماع كما تقدم ".

أنتم تقولون: لا يوجد فرق بين القراءة المرئية عبر الwebcam وبين قراءة اللقاء.
نحن نقول: الفرق بينهما كبير جدا...ونحن لا نحب الوسيط بين القارئ والسامع أيا يكن هذا الوسيط.
ثم إن القارئ على الwebcam يمكن أن يضع المصحف والكتاب الذي يقرأ بمضمنه أمامه من دون أن يظهر ذلك في الصورة المرئية لدى الشيخ السامع...
لا أرى فرقا بينهما يا أستاذنا الكريم...ولعلكم تطلعون على هذه الضوابط:
" أولاً :ضوابط بيئة الإقراء (وسيلة الاتصال).
1. أنْ يكون الصوت على درجة عالية من الوضوح ، بحيث يَسمع الشيخُ الهمسَ والرخاوةَ والتفخيمَ والترقيقَ والتسهيلَ والرَّوْمَ والنَّبْرَ والغُنةَ في أحكامِها المُختلفة، مع قُدرةِ الدارس على استيعاب الملاحظات مِن الشيخ في هذه الدقائق وغيرها.
2. أنْ يتأكَّدَ الشيخُ المُجيزُ أنَّ هذا الدارسَ هو الذي أَكمَلَ معه الختمةَ في مَجالِسِها المختلفةِ، وذلك في حالات عدم وُجود رؤيةٍ مُباشِرةٍ بين الطرفَينِ.
3. في حال الاتصال المَرئيِّ يجِبُ أنْ يَتزامَنَ ويَتطابَقَ نُطقُ الحروفِ والكلماتِ مع شَكْلِ الشفَتَينِ قِراءةً ووَقْفًا.
4. أنْ تَكون سُرعةُ الاتصال بشبكة الإنترنت عالِيةً تَسمَحُ بسماع الملاحظات مُباشَرةً عند حُصولِها، وليسَ بعدَ أنْ يَكونَ الدارسُ قد تَجاوَزَ مَحِلَّ المُلاحَظةِ إلى غيرِها.
5. عندما يتغيّر الصوْتُ أو يتقطّعُ بسبب وَسيلةِ نَقْلِ الصوْتِ أو يَتَضَخَّمُ أو يَتَباطَأُ أو يَنقَطعُ جزْءٌ مِن الآيةِ ؛ فعَلَى الشيخِ أن يطلب مِن الدارسِ إعادةَ المَقْطَعِ مرّةً أُخرَى.
6. إذا لمْ يستطعِ الدارسُ تمْيِيزَ ملاحظة الشيخِ مع تَكرارِ نُطْقِها وشَرحِها مِن قِبَلِ الشيخِ ، وعدم قُدرةِ الدارسِ على نُطقِها بِشَكلٍ صحيحٍ وكان ذلك بسببِ الوسيلةِ الصوْتيةِ ، في هذه الحالةِ "تُحصَرُ هذه الملاحظات" ، ويُحدَّدُ موعِدٌ للقاء المُباشِرِ بيْن الطَرفَيْنِ لتصحيح جميع الملاحظات. "
http://www.hqmi.org.sa/page.php?id=146

والله أعلم.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
أما ذِكْر الدكتور وليد المنيسي فلأنه الوحيد من المجيزين علمت أنه قرأ بالهاتف، وكان ذلك على الشيخ محمد عبد الحميد الاسكندراني لمدة ست سنين كما ورد في ترجمة الشيخ بالملتقى هنا. إذا كان هذا الخبر الوارد في ترجمة الشيخ غيرَ صحيح فالأولى نفيُه بمشاركة إزاءها، وإن كان صحيحا فلا أرى داعيا للتحرج من ذكر اسمه، لأنه عمله موقنا جوازه، مقتنعا بصحة فعله. مجرد الشعور بالحرج كافٍ دليلا على عدم جواز العمل بالقراءة بالهاتف.
ما ذكر من محاذير وشروط وضوابط بيئة الإقراء يكفي - مرة أخرى - دليلا على أن القراءة بالهاتف أو الwebcam ليست، ولن تكون كاللقاء الذين لا يمكن أن يحدث فيه هذه الأمور. وغيرها كثيرة. وقد ورد في بعض الفقرات التي تنظم ضوابط بيئة الإقراء ما يلي: "ويحدد موعدٌ للقاء المباشر بين الطرفين لتصحيح جميع الملاحظات".
قال محمد الحسن بوصو: إذا كانت هذه القراءة مشتملة على كل هذه المحاذير فلماذا لا نبدأ بهذا اللقاء رأسا ونستمر عليه ؟
إذا كانت القراءة المستجازة على الوسائط مشتملة على كل هذه العيوب والمحاذير والاحتمالات بشهادة منظريها فإن لقاء الشيخ ومشافهته خال من كل هذه العيوب والاحتمالات بشهادة جميع الناس. ثم تسألون سيدي الكريم عن الفرق بينهما.
على أنكم لم تردوا على قولي باحتمال أن يقرأ غير الحافظ من المصحف ويستدل من الكتاب الذي يقرأ بمضمنه وهو أمامه دون أن يظهر ذلك في الwebcam. وقد عالج ذلك بعض من ينظّر للاستجازة عبر الوسائط فقال ببساطة مذهلة: "المفروض في قارئ القرآن أن يتقي الله ويبتغي وجهه".
الفتاوى التي أوردتموها مجرد جزء من النقاش وبعيدة كل البعد عن أن تكون حسما له. لأن من الممكن أيضا أن تقول: "سئل الشيخ المقرئ محمد الحسن بوصو عن الإجازة عبر الانترنت، فكان جوابه: لا يجوز فعل ذلك، ولا تصح هذه الإجازة، ويعزر الشيخ والتلميذ معا للكف عن ذلك"
ملحوظة (١): أنا أتحدث عن القراءة للإجازة خاصة، وفي كل الأحوال والظروف أرفض لها كل وسيلة غير المشافهة باللقاء المباشر، وتعلمون جيدا قيمة رفضي في سوق القرارات.
ملحوظة (٢): لم أعرف الدكتور أبا خالد وليداً المنيسي إلا بعد قراءة ترجمة الشيخ محمد عبد الحميد الاسكندراني المذكورة، وقد سمعت بعد ذلك بعض تسجيلاته، أرسلها لي أحد الإخوة من السعودية عفوا.
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ما ذكر من محاذير وشروط وضوابط بيئة الإقراء يكفي - مرة أخرى - دليلا على أن القراءة بالهاتف أو الwebcam ليست، ولن تكون كاللقاء الذين لا يمكن أن يحدث فيه هذه الأمور. وغيرها كثيرة. وقد ورد في بعض الفقرات التي تنظم ضوابط بيئة الإقراء ما يلي: "ويحدد موعدٌ للقاء المباشر بين الطرفين لتصحيح جميع الملاحظات".

إذا كانت القراءة المستجازة على الوسائط مشتملة على كل هذه العيوب والمحاذير والاحتمالات بشهادة منظريها فإن لقاء الشيخ ومشافهته خال من كل هذه العيوب والاحتمالات بشهادة جميع الناس. ثم تسألون سيدي الكريم عن الفرق بينهما.
العبد الفقير يُعَلِّمُ القرآن ، والتجويد ، والعربية على (الإنترنت) وغيرها...ولا أجد الفروق التي تذكرونها ، فالصوتُ نقيٌّ جِدًّا ، والصورة واضحةٌ جدا...حتى ليُخيَّل إليك أنَّ المتعلم يقرأ بين يديك. وقد تكون هذه العيوب التي ذُكِرَتْ موجودة لدى البعض...وأما الشروط والضوابط ، فلئلا تظهر الفروق التي تذكرونها...فإن ظهرت ، فهذه حالات خاصة يكون لها حكم خاص...وأما التعميم ، فلا يصح.

قال محمد الحسن بوصو: إذا كانت هذه القراءة مشتملة على كل هذه المحاذير فلماذا لا نبدأ بهذا اللقاء رأسا ونستمر عليه ؟
وإذا لم يتيسر لنا هذا اللقاء؟ فإن كان جوابك: انتظرْ ولو دهرا! فسأقول لكم: جزاكم الله خيرا ، وَلِمَ أنتظر والخير موجود؟ فإن قلتَ: لأنَّ مَنْ يجلس بين يدي شيخٍ للقراءة عليه ليس كمن يقرأ على شيخٍ لا يستطيع الجلوس بين يديه! فسأقول لكم: وهل حال الذي ينتظر دهرا كحال الذي يقرأ على شيخه على (الإنترنت) وغيرها؟ فإن قلتَ: لا بأس! اقرأ يا أخي من غير طلب الحصول على الإجازة. فسأقول لكم: ولماذا أرد هدية شيخي إذا رأى أنني أهلٌ لحمل هذه الإجازة؟

على أنكم لم تردوا على قولي باحتمال أن يقرأ غير الحافظ من المصحف ويستدل من الكتاب الذي يقرأ بمضمنه وهو أمامه دون أن يظهر ذلك
الحلُّ سَهْلٌ إن شاء الله. يستطيع الشيخُ أن يختبر تلميذه في الحفظ قبل أن يأذن له بالقراءة عليه.

الفتاوى التي أوردتموها مجرد جزء من النقاش وبعيدة كل البعد عن أن تكون حسما له...
ولكن كلامي لا يدلُّ سياقُهُ على ما تفضلتم بذكره.
أنتَ - حفظك الله - قلتَ لي إنك لا تعلم أحدا اشترط الرؤية ، ولذلك قلتَ في بداية حديثك " رابني النقاشُ الذي استدعيتموه بها حول موضوع لا معنى لوجوده، وبحيثيات ليست محلا للخلاف أصلا ".
فالشيخ شيرزاد يشترط الرؤية ، وقد نقلتُ لكم كلامه لأدلل على قولي بوجود مَنْ يشترط الرؤية من المقرئين المعاصرين.
أنتم - حفظكم الله - تشترطون اللقاء " وبإمكانه أن يحصل على الإجازة إذا وفر شرط المشافهة الذي من لوازمه اللقاء وليست الرؤية " ، ولا يزال سؤالي قائما: لم تشترط اللقاء إذا كانت الرؤية عندكم ليست بأمرٍ ذي بال؟

ملاحظة: شيخنا أبو خالد المنيسي - حفظه الله - قرأ على كثيرين ، ولعلي أتصل به غدا إن شاء الله لآتيك بأسماء الشيوخ الذين قرأ عليهم جلوسًا بين يديهم أو قراءةً بواسطة الهاتف وغيره ( منهم الشيخ محمد عبد الحميد ، والشيخ إيهاب فكري ، والشيخ محمد سامر النص ، والشيخ عباس مصطفى المصري...وغيرهم).

جزاكم الله خيرا ، وبارك الله فيكم.
 
لا أدري ما سبب خُلُوِّ مقرأتكم من المحاذير التي لم تخل منها مقارئ منظري القراءة عبر الوسائط. إن مقرأتَكم إذن لمحظوظة.
وقد أوردتم حوارا جدليا بيننا، نحن، المانعون لهذه القراءات، وبينكم، أنتم، المجيزون لها، ونفيدكم بأن الأسئلة والأجوبة التي وزعتموها على أطراف الحوار مخالفة لما نفترضه نحن.
أعجب ما في تعقيبكم الكريم هو ذالك الحل الذي وصفتموه بالبسيط، وهو اختبار حفظ القارئ قبل أن يبدأ.
إن تم الاختبار لقاءً فهو خارج عن موضوعنا، وإن تم عبر الوسائط فالمشكلة لا تزال قائمة وعليها تاج إنكارنا.
اللقاء ليست الرؤية بل هو شامل لكل أسباب التأكد والاطمئنان بغض النظر عن الرؤية وعدمها، وخال من كل المحاذير التي في المقارئ الأخرى غير مقرأتكم. لذلك كان القدامى لا يقولون: تلميذ فلان، بل صاحبه. إنه روح النقل والميثاق الغليظ للأسانيد. الذي حدثكم عن كفاية الرؤية يكلمكم عن شيء يمكن تشبيهه بالإنسان الآلي.
أما بخصوص الشيخ أبي خالد وليد المنيسي فلا أرى في حدود نقاشنا ما يدعو إلى سؤاله عن شيوخه، لأن تسميتنا له لم تَعْنِ أبدا أنه لم يقرأ إلا على الشيخ محمد عبد الحميد، كما لم تَعْنِ أنه ما قرأ عليه إلا بالهاتف. وإذا حلا لكم أن تسئلوه عن شيوخه فافعلوا مشكورين. على أن توكيد خبر قراءته بالهاتف أو تكذيبه كان أجدر بكم من إدخاله في الموضوع.
 
لا أدري ما سبب خُلُوِّ مقرأتكم من المحاذير التي لم تخل منها مقارئ منظري القراءة عبر الوسائط. إن مقرأتَكم إذن لمحظوظة.
.
جزاكم الله خيرا. لأنَّ خدمة (الإنترنت) السريعة موجودةٌ في أمريكا الشمالية ، ويكاد لا يخلو منها بيت...وأما قولكم " المحاذير التي لم تخل منها مقارئ منظري القراءة عبر الوسائط " ، فلو كانت عيوب القراءة في ( المقارئ الإلكترونية ) موجودة لدى جميع مستخدميها...لَمَا توانى المشرفون عليها في إغلاقها. ولو كان الأمر كما تقولون ، فما فائدة هذه الضوابط إذن؟
ملاحظة: بلغ عدد الختمات في المقارئ الإلكترونية في معهد الإمام الشاطبي 93 ختمة.

أعجب ما في تعقيبكم الكريم هو ذالك الحل الذي وصفتموه بالبسيط، وهو اختبار حفظ القارئ قبل أن يبدأ.
إن تم الاختبار لقاءً فهو خارج عن موضوعنا، وإن تم عبر الوسائط فالمشكلة لا تزال قائمة وعليها تاج إنكارنا.
.
بورك فيكم. الامتحان يكون عبر هذه الوسائط...فالطالب لا يستطيع النظر في المصحف وقت الامتحان ، لأنه يحتاج إلى بعض الوقت لتقليب الصفحات كي يصل إلى موضع الآية...والمعلم الكيس الفطن لا يخفى عليه ذلك.

اللقاء ليست الرؤية بل هو شامل لكل أسباب التأكد والاطمئنان بغض النظر عن الرؤية وعدمها...
.
القضية إذن محصورة في السماع...والسَّماع حاصلٌ عند من يقرأ على الهاتف على سبيل المثال.
أستاذنا الكريم ، لا أريد أن يطول الحوار في هذه المسألة...ولعل الإخوة الفضلاء في ملتقى القراءات يكرموننا برأيهم.

أما بخصوص الشيخ أبي خالد وليد المنيسي فلا أرى في حدود نقاشنا ما يدعو إلى سؤاله عن شيوخه...على أن توكيد خبر قراءته بالهاتف أو تكذيبه كان أجدر بكم من إدخاله في الموضوع.
.
أردت التثبت والنَّقْل عن الشيخ مباشرة ، وهاكم جواب شيخنا - الجواب لكم وللإخوة القراء في ملتقى أهل التفسير -:
" بخصوص شيخنا محمد عبد الحميد فقد افتتحت الختمة ختمة العشر الكبرى عليه حضوريا في بيته في الإسكندرية وقرأت الفاتحة وربعًا من سورة البقرة في أوائل سنة ١٩٩٨م ثم واصلت القراءة عليه عبر الهاتف لظروف سفري إلى أمريكا وسفره إلى السعودية وكنت أقرأ عليه عبر الهاتف ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات أسبوعيا وأناقشه في التحريرات وأكتب خلفه فوائد كثيرة حتى أتممت الختمة سنة ٢٠٠٤م وكنت قد قرأت قبل ذلك على عدد من المشايخ منهم:
الشيخ عباس مصطفى أنور المصري قرأت عليه حضوريا في بيته بالرياض ومسجده ختمة لورش ثم ختمة لحفص من طريق الشاطبية وطرق القصر من الطيبة ثم بعض القرآن بالعشر وأجازني بحفص من الطريقين وورش وبالعشر الصغرى
ومنهم الشيخ إيهاب فكري حيدر قرأت عليه في مسجده بالرياض حضوريا ختمة لقالون وشعبة وحفص ثم ختمة بالسبع من الشاطبية ثم ختمة بالثلاث من الدرة وكانت قراءتي عليه بالجمع بالآية وظللت أقرأ عليه سبع سنين من سنة ١٤١٠ إلى ١٤١٧ وأجازني بالعشر الصغرى
ومنهم الشيخ محمد سامر النص قرأت عليه حضوريا في بيته بالرياض ختمة بالعشر الكبرى بتحريرات الزيات بالجمع بالوقف من أول القرآن إلى قوله تعالى في سورة الإسراء إن فضله كان عليك كبيرا وأجازني بالعشر الكبرى
ومنهم الشيخ مصباح ودن قرأت عليه هاتفيا ختمة بالعشر الصغرى وأجازني بها
ومنهم الشيخ محمد يونس الغلبان قرأت عليه هاتفيا ختمة بالسبع وأجازني بها
ومنهم الشيخ عبد الله العبيد قرأت عليه حضوريا في الرياض الفاتحة وربعين من البقرة بالأربع الشواذ ثم حروف الخلاف إلى آخر القرآن ومتن الفوائد كاملا وأجازني بالأربع الشواذ
ومنهم الشيخ عبد الله سراج الطويلي قرأت عليه ختمة بالعشر الكبرى والأربع الشواذ قسم منها حضوريا عليه في تورنتو بكندا وقسم منها هاتفيا وأجازني بالأربعة عشر
ومنهم الشيخ عبد الباسط هاشم قرأت عليه بالعشر الكبرى والأربع الشواذ هاتفيا لعدة سنوات ولم أختم بعد
ومنهم الشيخ محمد كريم راجح قرأت عليه بعض القرآن حضوريا في ولاية منيسوتا عندما زارنا بالعشر الصغرى والكبرى وأجازني بهما
ومنهم الشيخ أحمد مصطفى أبو حسن قرأت عليه حضوريا في بيته بالرياض بعض القرآن بورش وحفص وأجازني بالروايتين
علما بأني أتممت حفظ القرآن عندما بلغت الرابعة عشر من عمري بحمد الله على شيخ اسمه الشيخ علي رحمه الله إمام مسجد مصعب بن عمير بالإسكندرية.
" اهـ

جزاكم الله خيرا على هذا الحوار الجميل المفيد ، وبارك اللهُ فيكم.
 
اطَّلَعَ شيخُنا المقرئ الدكتور وليد المنيسي - حفظه الله - على هذا الحديث ، وكان له رأيٌ في ما نتحاور فيه:
"...اطلعتُ على الموضوع ووجدت الشيخ محمد بوصو حفظه الله يتخذ من وجود احتمالات ممكنة لخطأ أو خيانة حجة لرد الإقراء عبر الهواتف والاتصالات الحديثة جملةويمكن أن يجاب عليه بأن القراءة الحضورية لا تخلو من تلك الاحتمالات أيضا فقد أجاز السلف التحمل عن الضرير وتحمل المرأة من وراء حجاب عن الرجل ولا يخلو ذلك من محاذير القراءة هاتفيا وكما أن الصوت قد يتقطع في الهاتف فيفوت حرف أو كلمة فكذلك المقرئ الحاضر قد يغفو أو يشرد ذهنه فلا ينتبه لحرف أو كلمة وكما أن الشيخ محمد بوصو افترض إمكانية قراءة شخص مكان آخر فما يمنعه من افتراض ذلك في القراءة الحضورية فلو أن تلميذا جاء إلى الشيخ بوصو وادعى أن اسمه زيد وأطلعه على بطاقة مزورة باسم زيد وقرأ وأجيز بهذا الاسم ما المانع أن يكون اسمه عمرا ويكون زيد هذا شخص آخر ثم إنه قبل الهواتف والإنترنت قد حصل أن ادعى ناس القراءة على شيوخ إما لم يلقوهم وإما اختلقوا شيوخا لا وجود لهم فالقصد أن من عرف عنه الصدق والأمانة فلا فرق بين أن يقرأ حضوريا أو على الهاتف ومن عرف عنه الكذب والخيانة فلا فرق كذلك بين أن يقرأ حضوريا او على هاتف
أما الاتكاء على تسميتها وسائط فالتسمية اصطلاحية ولا تعني أنه وسيط حقيقة وإلا فالهواء الذي بين القارئ والسامع ولو كان شبرا فهو وسيط بينهما إلا إذا كان الشيخ يشترط إلصاق القارئ فمه بإذن المقرئ والله أعلم
" اهـ
 
لو أعطيتني مثالا عن كيفية الاستفادة نكن شاكرين لك .
مرحبا بشيخنا الكريم عبد الحكيم عبد الرزاق.
أطلعني شيخنا الدكتور غانم على بحثٍ له في هذا الموضوع ، وقد سماه " أهمية علم الأصوات اللغوية في دراسة علم التجويد ".
وقد قرأتهُ كاملا ولله الحمد ، وفيه البيان الشافي إن شاء الله...ولعله يُطبع قريبا إن شاء الله.

جزاكمُ الله خيرا ، وبارك الله فيكم.
 
اطَّلَعَ شيخُنا المقرئ الدكتور وليد المنيسي - حفظه الله - على هذا الحديث ، وكان له رأيٌ في ما نتحاور فيه:
"...اطلعتُ على الموضوع ووجدت الشيخ محمد بوصو حفظه الله يتخذ من وجود احتمالات ممكنة لخطأ أو خيانة حجة لرد الإقراء عبر الهواتف والاتصالات الحديثة جملةويمكن أن يجاب عليه بأن القراءة الحضورية لا تخلو من تلك الاحتمالات أيضا فقد أجاز السلف التحمل عن الضرير وتحمل المرأة من وراء حجاب عن الرجل ولا يخلو ذلك من محاذير القراءة هاتفيا وكما أن الصوت قد يتقطع في الهاتف فيفوت حرف أو كلمة فكذلك المقرئ الحاضر قد يغفو أو يشرد ذهنه فلا ينتبه لحرف أو كلمة وكما أن الشيخ محمد بوصو افترض إمكانية قراءة شخص مكان آخر فما يمنعه من افتراض ذلك في القراءة الحضورية فلو أن تلميذا جاء إلى الشيخ بوصو وادعى أن اسمه زيد وأطلعه على بطاقة مزورة باسم زيد وقرأ وأجيز بهذا الاسم ما المانع أن يكون اسمه عمرا ويكون زيد هذا شخص آخر ثم إنه قبل الهواتف والإنترنت قد حصل أن ادعى ناس القراءة على شيوخ إما لم يلقوهم وإما اختلقوا شيوخا لا وجود لهم فالقصد أن من عرف عنه الصدق والأمانة فلا فرق بين أن يقرأ حضوريا أو على الهاتف ومن عرف عنه الكذب والخيانة فلا فرق كذلك بين أن يقرأ حضوريا او على هاتف
أما الاتكاء على تسميتها وسائط فالتسمية اصطلاحية ولا تعني أنه وسيط حقيقة وإلا فالهواء الذي بين القارئ والسامع ولو كان شبرا فهو وسيط بينهما إلا إذا كان الشيخ يشترط إلصاق القارئ فمه بإذن المقرئ والله أعلم
" اهـ

كنا قلنا للشيخ عمار الخطيب أن لا يدخل الشيخ أبا خالدٍ وليداً المنيسي في الحوار لكن فضل أن يسأله عن شيوخه، وأن يطلعه على الموضوع.
بالنسبة للسؤال عن الشيوخ فقد جاء الرد مفيدا ومؤكدا لما كُتب هنا في هذا الملتقى. أما بالنسبة لإطلاعه على الموضوع فقد حرص الشيخ على ألا يملي عليه الرد بل يكتب بنفسه ويكلفه بنشره على حسابه في الملتقى هنا، وحسنا فعلاَ.
ومع أننا لم نكن نتوقع أن ينزل الشيخ إلى مرتبتنا المتواضعة ويرد، فقد كانت تلك الرغبة منا على عدم إدخاله في الحوار في محلها.
قبل التعليق على بعض ما كتبه الأستاذ الفاضل نود أن ندعوَ فضيلتَه إلى إعادة قراءة كل مشاركاتنا في هذه الصفحة فسيجد فضيلتُه أنه يرد على غيرنا، وأن كل ما قوَّلنا به - باستثناء الوسيط - لم نقله.
بالنسبة للمحاذير فلسنا نحن الذين قالوها، ولا الذين كتبوها، ولا الذين تحققوا من وجوده، ولا الذين اعتمدوها. إنما كتبتها الهيئة العلمية بالهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم، ونشرها هنا وألحق رابطا يؤدي إليها الأستاذ عمارٌ الخطيبُ. فبناءً على قولهم بوجود تلك المحاذير حكمنا بوجودها. أما قولكم بأن هذه المحاذير موجودة في القراءة الحضورية فنغفرها لكم رعايةً لشعوركم.
أما قراءة الضرير على البصير والعكس، أو قراءة أحدهما على مثله، أو قراءة المرأة من وراء حجاب، فأشياء لم نتعرض لها إلا لإجازتها، وعليه لا يصح اتخاذها ملزمات لنا، وندعوكم مرة أخرى إلى قراءة مشاركاتنا في هذه الصفحة.
أما الذي يعلن بأنه زيد ويقدم بطاقة على أساس ذلك فيجاز على تلك الشخصية وهو كاذب، فنفيد بأننا لم نقل بهذا، ولا يفوتنا أن ندعو فضيلتكم من جديد إلى إعادة قراءة ما كتبناه، نحن لا نتحدث عن تزوير الأشخاص بل نتحدث عن إمكانية أن يقرأ الدارسُ من المصحف أو ويستدل من الكتاب الذي يقرأ بمضمنه وهما أو أحدهما أمامه. ونضيف الآن أن الشيخ نفسه يمكن أن يفعل ذلك تماما.
أما أولئك الذين ادَّعوا القراءةَ على المشايخ كاذبين فلم ينج أحدٌ منهم من الفضح، ولله الحمد.
معروفٌ أيها الشيخ الكريم أن الصوت لا يمكن أن ينتقل إلا عبر وسيط، مهما قصرت المسافة أو بعدت.
نحن لا نمنع الوسيط الطبيعي الذي كان النبي والصحابة ومن بعدهم إلى يومنا هذا ينقلون به القرآن، ليس ذلك ورعا منا، بل لأنه لا يمكن الاستغناء عن هذا الوسيط، لأن الكلام القابل للتحمل ليس كلاما إلا به. إنما ننكر الوسائط الإضافية التي يمكن، بل يجب الاستغناء عنها في تحمل القرآن، ولا مبرر لإضافتها فيه، ولا عذر يدعو إليها من أجل التحمل.
وختم الشيخ الكريم كلامه بهذه النكتة المضحكة، وقال فضيلته يعنينا بالشيخ: "إلا إذا كان الشيخ يشترط إلصاق القارئ فمه بأذن المقرئ". نقول: ولو ألصق القارئ أصول حباله الصوتية بمركز الجزء المكلف بالسمع في دماغ المقرئ فلا ينعدم الوسيط الطبيعي.
ولو أذن لنا الشيخ بمثل هذه النكت لأضاف إلى إحسانه إحسانا
نعتذر عن الإطالة، وشكر الله لكم !
 
جزاكم الله خيرا.
1- الشيخُ لم يكلفني بنشر جوابه ، وقد فعلتُ ذلك رغبة في إفادة إخواننا في هذا الملتقى المبارك...ولو كلَّفني لَشَرَّفني.

2- قولكم: " بالنسبة للمحاذير فلسنا نحن الذين قالوها، ولا الذين كتبوها، ولا الذين تحققوا من وجوده، ولا الذين اعتمدوها...".
نحن لا نقول بانتفائها ، ولا نقول بثبوتها لدى الجميع...ولكننا ننكر على مَنْ يقول ببطلان القراءة على (الإنترنت) وغيرها بحجة وجود تلك الاحتمالات لدى بعض المتعلمين... ، وهو المقصود من قول شيخنا " ووجدت الشيخ محمد بوصو حفظه الله يتخذ من وجود احتمالات ممكنة لخطأ أو خيانة حجة لرد الإقراء عبر الهواتف والاتصالات الحديثة جملة " ، وقول تلميذه " فلو كانت عيوب القراءة في ( المقارئ الإلكترونية ) موجودة لدى جميع مستخدميها...لَمَا توانى المشرفون عليها في إغلاقها. ولو كان الأمر كما تقولون ، فما فائدة هذه الضوابط إذن؟ ".

3- قلتم: " وختم الشيخ الكريم كلامه بهذه النكتة المضحكة...".
ولم هذا الوصف -
غفر الله لكم -؟
كلام شيخنا ليس فيه ما تقول ، والعجيبُ أنني كنتُ أريد الاحتجاج عليكم بمثل هذا من قبل...ولكني صرفتُ النظر عنه
وقتئذٍ رغبة في الاختصار.
أيها الشيخ الكريم ، المشافهة والتلقي - في نظركم - لا تحصل إلا إذا كان صوتُ القارئ ينتقل إلى أذن الشيخ عبر (وسيط طبيعي!) ،
ونحن نقول بحصول المشافهة والتلقي بالسماع فحسب.

4- قلتم:
" نحن لا نمنع الوسيط الطبيعي الذي كان النبي والصحابة ومن بعدهم إلى يومنا هذا ينقلون به القرآن، ليس ذلك ورعا منا، بل لأنه لا يمكن الاستغناء عن هذا الوسيط، لأن الكلام القابل للتحمل ليس كلاما إلا به. إنما ننكر الوسائط الإضافية التي يمكن، بل يجب الاستغناء عنها في تحمل القرآن، ولا مبرر لإضافتها فيه، ولا عذر يدعو إليها من أجل التحمل ".
وإذا كانت هذه الوسائط موجودة في المقارئ (الأرضية)؟ كمن يستخدم (أجهزة تقوية السمع ) ، أو كمن يستخدم مكبرات الصوت للقراءة أو الإقراء...وهذا موجود ومُشاهَد.
فهل إجازة هؤلاء لا تصح إلا إذا كان (الوسيط طبيعيا)؟!

5- هنالك جمل لا محل لها من الإعراب في مشاركتكم السابقة كقولكم "
ولو أذن لنا الشيخ بمثل هذه النكت لأضاف إلى إحسانه إحسانا " ، ولكن لعلكم تريدون ملاطفتي بقولكم هذا...أحسن الله إليكم.

جزاكم الله خيرا ، وبارك الله فيكم.
 
شكر الله خُلقكم السامية وأدبكم الجم.
محبكم محمد الحسن بوصو
هاكم جواب شيخنا: " أشكر صاحب الفضيلة الشيخ الجليل محمد الحسن بوصو حفظه الله على أدبه وحسن خلقه وأنا أتابع كتابات فضيلته بين الفترة والأخرى وأستفيد منها نفع الله به ولم يكن القصد الرد على فضيلته ولكن النقاش المثمر في المسألة محل البحث وهي القراءة عبر الهاتف ونحوه..." اهـ.
وهاكم جواب تلميذه:
أحبك الله الذي أحببتني فيه ، وجزاكم الله خيرا على إمتاعنا وإفادتنا بما عندكم...زادكم الله فضلا وعلما.
 
المسألة الرابعة: إقراءُ القرآن الكريم رِوايةً ودِرايةً.
لا يخفى على أَهْلِ الضَّبْطِ والإتقانِ أَنَّ مَنْ أَتْقَنَ فَنَّ تجويدِ القرآن الكريم وقراءاته روايةً ودرايةً ، فإنَّهُ يكونُ قد أحْكَمَ هذه العلوم و بَلَغَ الغايةَ فيها.
" فإذا اجتمع للمقرئ النقلُ والفطنة والدراية وَجَبَتْ له الإمامة ، وَصَحَّتْ عليه القراءة ، إن كان له مع ذلك ديانة " ( مكي: الرعاية ص90 ).
قال الداني ( الأرجوزة المنبهة) :
وَباصِرٍ بالنَّقْلِ والرِّوَايَهْ * مُشَهَّرٍ بالفَهْمِ والدِّرَايهْ
وقد وَصَفَ الداني حالَ بعض مقرئي القرآن فقال (التحديد ص67):
" ...ومنهم من يَعْلَمُهُ سماعًا وتقليدا ، وهو الغَبِيُّ الفهيهُ ".
وإذا كان ذلك كذلك ، فماذا نقول اليومَ لِـمَن لا شغل له إلا جَمْع الأسانيد ، واقتناص الإجازات...مِنْ غَيْرِ ضَبْطٍ ولا إتقان! والله المستعان.
فما كُلُّ مَنْ يتلو الكِتَابَ يُقِيمُهُ * ولا كُلُّ مَنْ في الناس يُقْرِئُهُمْ مُقْرِي
ونحنُ لا نلومُ الْـمُجازَ بِقَدْرِ ما نلومُ الْـمُجِيزَ ، فكيف يُجيزُ الشيخُ تِلْمِيذَهُ إذا لم يكنِ الْـمُجازُ ضَابِطًا لِـمـَا هو من قبيل الرِّوَايَةِ والدِّرَاية.
والإجازاتُ ليستْ غَرَضًا مقصودا لذاته ، وإنما الغَرَضُ تصحيح التلاوة والضَّبْطُ والإتقان. ومَنْ يَحْتَجُّ علينا بكثرة الأسانيد والإجازات لِيُدَلِّلَ على حُسْنِ أدائه وإتقانه ، نقول له: اقرأْ! فإنْ أحْسَنَ رِوايَةً وَدِرَايةً ، فالحمدُ لله. وإن أساءَ ، فَلْيَتَلَهَّفْ على ما فَاتَهُ مِنْ خَيْرٍ ، ولْيَجِدَّ في الطَّلَبِ والتَّحصيل.
ونصيحتي لِطَالِبِ الْعِلْمِ أن يختارَ لِكُلِّ فَنٍّ كِتابًا شاملاً جامِعًا ، وَيَقْرَأَهُ مِرارًا حتى يَسْتَظْهِرَهُ ، أو يَحْفَظَ الْـمَنْظوماتِ وَيَفْهَمَهَا فَهْمًا جَيِّدًا ، وَيَلْزمه بَعْدَ ذلك أَنْ يُراجِعَ ما حَفِظَ بإعادة النَّظَرِ فيه وتَكْرِيره في أوقات مُخْتَلِفَةٍ.
وعليه ، فإني أحِبُّ أن أَدُلَّ مُعِلِّمَ التَّجْوِيدِ على كتابَيْنِ عَظِيمَيْنِ في هذا الْعِلْمِ ، إِنْ جَمَعْتَ بينهما تَجِدْ خيرًا كثيرا:
1- التجويد الْـمُيَسَّرُ: لمجموعةٍ من الشيوخ المقرئين برئاسة الشيخ الدكتور علي الحذيفي ، وهذا الكِتَابُ من إصدارات مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، وهو كِتابٌ سَهْلٌ ، جَمُّ الفوائِدِ ، رَشيقُ العِبَارَة...يَصْلُحُ لِلْمُبْتَدِئين والمتوسِّطين.
2- شرح المقدمة الجزرية: وهذا الكتابُ مِنْ تأليفِ شَيْخِنا الأستاذ الدُّكتور غانم قدُّوري الحمَد – حفظه الله تعالى ونفع به - ، وهذا الشَّرْحُ الكبير مليءٌ بالفوائد النَّادِرَة ، وهو أَوَّلُ شرحٍ يَـجْمَعُ بين التُّراث الصَّوْتِيِّ العربي القديم والدَّرْسِ الصَّوْتي الحديث. ولَعَلَّنا نشير إلى أنَّ هذا الكِتَابَ لا يَصْلُحُ لِلْمُبْتَدِئِين ، بَلْ هو أَقْرَبُ إلى فِئَة الْـمُتَخَصِّصِين.
ملاحظة: أحكامُ التجويدِ المذكورة في كتاب التجويد الميسر هِي وَفْقَ رواية حفص عن عاصمٍ مِنْ طريق الشاطبية ، ولكنَّ القارئَ الفَطِنَ لا تخفى عليه الفروق بين الرِّوايات في بعض أحكام التجويد...إن كان من أهل القراءات.

المسألة الخامسة: أخلاقُ أهلِ القرآن.
يَنْبَغِي لِـحَامِلِ القرآن أنْ يَتَخَلَّقَ بأخلاق القرآن الشَّرِيفة ، وأن يَتَأَدَّب بآدابه العالية ، وأنْ يكونَ شامةً في الناس.
ولكِنْ ، مَنْ يَنْظُرْ في أحوال بعض قُرَّاء عَصْرِنا...يجدْ عَجَبًا. فكم من قارئٍ يتلو كتابَ اللهِ ويُعَلِّمُهُ ، ولكنَّهُ ذو دَغَوات ، وَمِمَّنْ إذا خاصَمَ فَجَر! ومَنْ كان هذا حاله ، فَلْيَطْوِ أسانيدَهُ وإجازاتِهِ ، ولْيَسْألِ اللهَ تعالى أنْ يُحَسِّنَ خُلُقَهُ قَبْلَ الجلوسِ للقراءة والإقراء.
وقد رأينا مَنْ يَـخْتَصِمُ في مسائل اجتهادية في أداء بعض الكلمات القرآنية ، فتقوم الحروبُ والخصومات ، وَيَبْلُغُ الأمرُ المُذَمَّرَ * ، وقد يُتَّهَمُ الْـمُخَالِفُ بالبدعة والضَّلاَلة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
قال الخاقاني:
وَ مَـنْ يُـقِـمِ القُـرْآنَ كَالقِدْحِ فَلْـيَكُنْ * مُطِـيـعًـا لِأَمْــرِ اللَّـهِ فِـي السِّرِّ وَ الـجَـهْـرِ
وقال أبو حازمٍ:
لَيْسَ الْفَخَارُ بِمَالٍ أَنْتَ تَكْنِزُهُ * ولاَ بِعِلْمٍ خَلاَ مِنْ زِيَنَةِ الأَدَبِ
ولعلنا نَتأملُ تارَةً أخرى قول مكي في الرِّعاية: " فإذا اجتمع للمقرئ النقلُ والفطنة والدراية وَجَبَتْ له الإمامة ، وَصَحَّتْ عليه القراءة ، إن كان له مع ذلك ديانة ".
وَمِن الْـمُسْتَحْسَنِ لقارئ القرآن ومقرئه أَنْ يَطَّلِعَ على كتاب الآجري ( أخلاق أهل القرآن ) ، فَهُوَ كِتَابٌ مُفيدٌ جِدًّا إن شاء الله.

___
* قال الزمخشري ( أساس البلاغة 1 / 317 ): " ومن المجاز: بلغ الأمرُ المذمر. كقولهم: بلغ المُخنَّق...".
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
ملاحظة:[/COLOR][/U] أحكامُ التجويدِ المذكورة في هذين الكتابَيْنِ هِي وَفْقَ رواية حفص عن عاصمٍ مِنْ طريق الشاطبية ، ولكنَّ القارئَ الفَطِنَ لا تخفى عليه الفروق بين الرِّوايات في بعض أحكام التجويد...إن كان من أهل القراءات. [/COLOR]
[/FONT]
لعل أحكام التجويد المذكورة في الجزرية وشروحها أحكام عامة لا تختص برواية دون أخرى، والله أعلم.
 
لعل أحكام التجويد المذكورة في الجزرية وشروحها أحكام عامة لا تختص برواية دون أخرى، والله أعلم.
جزاكمُ الله خيرا. أما الجزرية ، فصحيحٌ ما قلتم...وأما قولي ذاك في شرح شيخنا الدكتور غانم ، فخطأ طباعي لم ترصده عيناي! كنتُ قد ذكرتُ في ابتداء الأمر كتابا آخر غير كتاب شيخنا الْحَمد ، ولكني عدلتُ عنه وذكرتُ شرح شيخنا على الجزرية...ولكنْ نسيتُ تغيير وصف الكتابين.
بوركتَ على تنبيهك أيها الكريم ، فكتاب شيخنا لا يُوصف بما ذكرتُ ، لأنه يُفَصِّلُ الخلافَ في المسائل المختلف فيها بين القراء في الغالب...والأحكام المذكورة في شرحه لم يخصص بها رواية بعينها.
لعل أحد المشرفين الفضلاء يُلحق ما جاء في " ملاحظة " بالكتاب الأول فحسب " أحكامُ التجويدِ المذكورة في هذا الكتابِ هِي وَفْقَ رواية حفص عن عاصمٍ مِنْ طريق الشاطبية ، ولكنَّ القارئَ الفَطِنَ لا تخفى عليه الفروق بين الرِّوايات في بعض أحكام التجويد...إن كان من أهل القراءات. "....بارك الله فيكم.
 
أكرمني شيخُنا الدكتور غانم الحمد بملاحظة كريمة بعد اطلاعه - حفظه الله - على هذا الموضوع...وأنا أقدمها هدية لإخواني في ملتقى أهل التفسير:
قال شيخُنا: " وما ورد من إشارة إلى أن أبا عبد الرحمن السلمي كان ضريراً قد يكون ذلك في آخر عمره ، فقد كان قد شارك في صفين بجانب جيش علي رضي الله عنه ، وكان يمسك المصحف للإمام وهو يراجع حفظه ، لكن لعله حصل له ذلك في آخر عمره ، وكان لي بحث* حول السلمي تعرضت فيه لما شاع من كونه ضريراً ، ويمكن أن أضيف أن إرساله مع مصحف أهل الكوفة ليقرئهم فيه يبعد احتمال الضرارة (كما عبر عنها الشيخ البوصو) في أول حياته ، والله أعلم. "اهـ
___
* " أبو عبد الرحمنِ السُّلَميُّ وجهودُهُ في الإقرَاءِ وتعليمِ القرآنِ الكريمِ " ، تكريت الجمعة 29/6/2006
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على طرح هذا الموضوع وعلى ما تفضل به العلماء الكرام.
بالنسبة لقول الشيخ الخطيب حفظه الله " فلا مانع إِذَنْ من إقراء القرآن الكريم باستخدام وسائل الاتصال الحديثة ، ولا مانع من أخْذِ الإجازة ولو لم تَتَيَسَّرِ الرؤيةُ"، فلعل هذا يعتمد على مقياس منح الإجازة من الأصل، ومدى تأثر ذلك بوسائل الاتصال المعنية.
الإجازة يتم منحها على أساس ما يسمعه المقرىء من القارىء. سواء كان السماع من الفم/السماعة/مكبر الصوت، وهكذا، إلى أذن المجيز. عندما تصدر القراءة عن الفم وتتلقاها الأذن مباشرة، فإن ما يسمعه المجيز هو تماما ما صدر عن القارىء، والوسيط السماعي هو الوسيط ذاته الذي تلقى عبره المجيز عن سلفه، وهو الهواء.
أما عندما يتم السماع عبر أي وسيط ثاني غير الهواء، مثل مكبر الصوت أو السماعة أو الحاسب، فإن التالي يحصل، وأعتذر عن التفاصيل، ولكن لضرورة بيان المنطق في الخلاصة:
يقرأ القارىء في اللاقط (الميكروفون). يتم تحويل الصوت عبر الهواء إلى نبضة كهربائية. النبضة تتحول إلى معادلة برمجية حاسوبية تحاكي النبضة الكهربائية. المعادلة البرمجية تتألف من سلالم صوتية تحاول أن تعكس تدرجات الصوت الأصل. عند السماعة، تتحول المعادلة البرمجية إلى نبضة كهربائية ثانية، ثم إلى موجة صوتية، وهذه أخيرا تنتقل عبر الهواء إلى أذن المستمع. مقدار التباعد ما بين الصوت الذي تم نقله عبر أي وسيط غير الهواء، وما بين الصوت الأصلي، يعتمد على جودة الوسائط الإلكترونية أو الكهربائية. ومهما كان الصوت نقي، فلا شيء يماثل انتقال الصوت من القارىء إلى المتلقي عبر الهواء، مهما قاربه، ببساطة لأن خصائص الهواء ذاته وجزيئاته هي التي تجعلنا نسمع الصوت كما نسمعه. وكما تختلف الكهرباء عن الهواء، وكما تختلف المعادلة الحاسوبية البرمجية عن الهواء، فكذلك تماما سيختلف الصوت المسموع عند انتقاله عبر أي من هذه الوسائط المختلفة، لأن الناقل اختلف، وقام بامتصاص بعض الطاقة الأصلية في الصوت، ثم حاول محاكاته، فاختلف لزوما عن الأصل، مهما قاربه.
وللعلم، فإن أجهزة تقوية السمع أو المكبرات كذلك تؤثر على الصوت، ولكن بطريقة تختلف عن تأثير السماع عبر الهاتف أو الإنترنت. ففي الأولى يتم تحويل الصوت إلى نبضة كهربائية، أما في الإنترنت فيصبح الصوت معادلة برمجية (ديجيتال) تحاول الاقتراب من "معادلة" الصوت الأصلي كما صدر من القارىء. يقول علماء الصوت والتقنيات الحديثة بأن العمليات المتعلقة بأجهزة نقل الصوت، والتي تتضمن عملية تحويل الصوت من الموجة الأصلية إلى النبضة الكهربائية، ثم برمجتها حاسوبيا، ثم إعادة تجميعها لإصدارها صوتيا، فكل هذه تؤثر على درجة دقة محاكاة الصوت الناتج للصوت الأصلي. لذلك تجد على الحواسيب الحديثة الكثير من المباهاة بالتسويق باحتوائها على تقنيات "ستيريو محيط" وغيرها، لتغري المشتري بأن ما سيسمعه عبر سماعات الحاسب هو كأنه الصوت الأصلي، ولكنه ليس هو.
باختصار، فإن هذا التحويل للصوت، من وسيط الهواء إلى وسيط الكهرباء ثم برمجته، يفقده الكثير من خصائصه الأصلية، مثل العمق، التدرج، سلاسة الانتقال بين الدرجات، وهكذا. بمصطلحات التجويد، فإن هذه تحاكي التأثير على دقائق التجويد كدرجات التفخيم، الترقيق، تموج الصوت، صفات الحروف كالهمس، وهكذا.
لذلك، عندما يقوم المجيز بإعطاء الإجازة لمن يقرأ عبر أي وسيط غير الهواء، فإنه قد يعطي إجازة مستحقة بالفعل لما يسمعه، إنما ما يسمعه ليس بالضرورة هو ما صدر عن القارىء، بل هو صوت القارىء بعد أن تم تعديله كهربائيا وإلكترونيا. والعكس صحيح، فإن المجيز إذا وجد بأن ما يسمعه عبر السماعات أو الحاسب أو الهاتف ليس مستحقا للإجازة، فإنه قد منع الإجازة عن صوت يسمعه عبر هذه الوسائط، وليس عن القارىء ذاته.
ثم إن المقارنة ما بين منح الإجازة بانعدام الرؤية (مثلا للنساء من وراء حجاب أو للمجيز الكفيف) ومنحها عبر الوسائط الإلكترونية قد لا تكون دقيقة من الأصل، لأن العبرة ليست بانعدام النظر إلى القارىء، بل بوسيلة نقل الصوت. في حالة الحجاب والمستمع الكفيف، فالوسيط هو ذاته، وهو الهواء، ولذلك فالصوت هو ذاته. أما في حال الوسائل الحديثة، فحتى لو أن المجيز كان ينظر من خلال شاشة الحاسوب إلى القارىء، فإن الصوت الذي يسمعه منه ليس هو تماما صوت القارىء، للأسباب التي تم ذكرها سابقا.
وأخيرا، فإن كل هذا لا يأخذ بعين الاعتبار الشوائب البيئية التي تدخل على الصوت عند نقله عبر الحاسب، مثل هدير محرك الحاسب، أو رداءة اللاقط، أو صوت المروحة، أو عدد القنوات (الستيريو)، فإن هذه جميعها تصبح جزء من إنتاج وبرمجة الصوت الذي يتم نقله إلى المستمع عبر السماعات. وللحصول على فكرة عما يجري، فزيارة قصيرة لأي مقرأ إلكتروني على الشبكة (النت) يبين النقاط المذكورة أعلاه، فتجد أن بعض القراء يوجد لصوتهم صدى، وبعضهم عميق أكثر من الطبيعي، وبعضهم كأنه على نبرة واحدة، وهكذا.
وأخيرا، فإن إشارة الشيخ الفاضل محمد الحسن بوصو حفظه الله إلى "الوسيط الطبيعي الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة عليهم رضوان الله تعالى ومن بعدهم إلى يومنا هذا ينقلون به القرآن" هو تماما المقصد. فإن منح الإجازة عبر أي وسيط غير الهواء هو منح إجازة لصوت ناتج عن تحوّلات وبرمجيات تقارب الأصل، وليس هو الصوت الأصل للقارىء. فهل يرى المشائخ الكرام أنه إن تم منح إجازة عبر أي وسيط غير الهواء، بأنه من العدل أن تتم كتابة هذا في الإجازة: أنها قد تم منحها للقارىء عبر وسيط نوعه كذا وتأثيره كذا على الصوت، وجودة ناقل كذا، وعلى هذا الأساس تم منح الإجازة، كي تبرأ ذمة المجيز من إعطاء إجازة لصوت قد يكون دخل عليه تأثيرات من الوسائط الناقلة له.
أعتقد بأن هذا لن يتم، ونرجو أن لا يتم أبدا، فالإجازة في علم التجويد ركنها الأساسي هو الصوت المسموع من القارىء، بحيث يكون هو ذاته الصوت الصادر عنه، بينما التقنيات الحديثة تعتمد من الأساس على إعادة برمجة الصوت الأصلي، لذلك فإنهما لا يلتقيان في الوقت الحالي، ولن يلتقيان حتى تجد منتج لأجهزة إلكترونية يدّعي بأن الصوت الناتج عن جهازه هو طبق الأصل تماما عن صوت القارىء، وحسب علمي المحدود جدا في هذا المجال، فإن مثل هذا لا يوجد حاليا.
وجزاكم الله خير على طرح هذا الموضوع، والذي ينوه بأهمية تمحيص التقنيات الحديثة عند استخدامها لخدمة القرآن العظيم.
بارك الله بكم ونفع بعلومكم المسلمين.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
...إن المقارنة ما بين منح الإجازة بانعدام الرؤية (مثلا للنساء من وراء حجاب أو للمجيز الكفيف) ومنحها عبر الوسائط الإلكترونية قد لا تكون دقيقة من الأصل، لأن العبرة ليست بانعدام النظر إلى القارىء، بل بوسيلة نقل الصوت.
.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أشكر للأخت الكريمة مها مشاركتها النافعة ، وأسأل الله تعالى لنا جميعا التوفيق والسداد.

لا أعلم أحدا من الأولين يقول إنَّ " العبرة...بوسيلة نقل الصوت ". فالصحيح أنَّ علماء القراءة لم يشترطوا وسائط معينة لنقل الصوت ، كما أنهم لم يشترطوا الرؤية...وما اشترطوه ليس متعلقا بالوسيط ، وإنما المقصود حصول التلقي والمشافهة.
قلتِ: " باختصار، فإن هذا التحويل للصوت، من وسيط الهواء إلى وسيط الكهرباء ثم برمجته، يفقده الكثير من خصائصه الأصلية".
هذا الصوتُ الذي ينتقل عبر وسائط الاتصال الحديثة إذا كان كما وصفته الأخت الكريمة صوتا مختلفا قد استحال إلى شيءٍ آخر ، فهذا مُشْكِلٌ! لأني جَرَّبْتُ الإقراء على الهاتف على سبيل المثال أو على السكايب ، ولم أجد فرقا كبيرا...وأحيانا أكاد لا أجد شيئا مما قيل. وبعض الإخوة كان يقرأ بالطريقتين: أي القراءة على الْمُعَلِّمِ مباشرة من غير واسطة ، والقراءة عبر وسائط الاتصال الحديثة أحيانا أخرى.
وأما مشاكل الصوت الأخرى (كالتأخير في عملية نقل الصوت ، وجودة الصوت المستقبَل...وغير ذلك) ، فهذا متعلقٌ بالضوابط والشروط التي ذُكِرَتْ من قبل.
سؤالي للأخت الكريمة مها: هل يستطيع أحدٌ أنْ يقول إنَّ صوتَه الذي يَسمعه بأذنيه هو عين ما يسمعه غيره ، وكل هذا يكون عبر وسيط طبيعي؟

جزاكمُ الله خيرا.
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
وجزى الله خيرا المشائخ الأفاضل جميعا، والشيخان الفاضلان الخطيب ومحمد الحسن بوصو حفظهم الله.
وبالنسبة لما تفضل به الشيخ الخطيب بشأن "استحالة الصوت إلى شيء آخر".. فهذا، والله أعلم، حسب علمي جزء مما يجري للصوت عند تحويله عبر الكهرباء وبرمجيات الحاسوب، ثم تتم "صناعته" وإعادة إنتاجه ثانية كموجة صوتية، والثمن هو التأثير على درجة محاكاته للصوت الأصلي. وبالنسبة لقول الشيخ الكريم بأنه لم يجد فرقا كبير، فهذا يعود لحداثة وجودة الوسائط المستخدمة ولله الحمد، ولكن الفرق موجود بالفعل، حتى ما بين حاسوب القارىء والمقرىء - أي أن المجيز يسمع القارىء بطريقة تختلف عن قراءته الأصل، وكذلك القارىء يستمع إلى معلمه أو شيخه بطريقة تختلف عن قراءة الشيخ.
وتقييم بعض هذه التأثيرات بالمتناول، وهي ضمن لوحة التحكم بالحاسوب، حيث لوحة التحكم بالأجهزة والصوت، وهذه الأخيرة بها عدة مسارب فرعية، غايتها التأثير على الصوت الناتج، بما فيها اختيار نوع السماعات واللواقط، وإضافة التحسينات، وتجسيم الصوت، وتصحيح الحيز، والعمق، وهكذا. وجميع هذه، بالإضافة إلى جودة الجهاز، تؤثر على الصوت الناتج. وما من طريقة لحصر هذه التأثيرات في جلسات الإقراء، حيث أنها تختلف مع نوع الحاسب، وتعتمد على تفضيلات المستخدم وتحكمه بالصوت.
وبالنسبة لسؤال الشيخ الفاضل بشأن القول بأن صوت الشخص الذي يسمعه بأذنيه هو عين ما يسمعه غيره، فهما مختلفان بالتأكيد، ولكنهما جزء من "منظومة" الإقراء المتوارثة، "بأجهزتها الطبيعية"، والمقصود بالطبيعي هو ما كان جزء من طبيعة الإقراء والاستماع الأصلية لدى السلف. ولو قلتم "وما أدراك ما هي وسائل الإقراء لدى السلف"، لأجبتكم: لا أدري أبدا، وليس عندي بذلك أي علم على الإطلاق، مطلقا، ولكنني أقوم بالحكم فقط على ما استجد تاريخيا على تقنيات الصوتيات، وتأثيرها على الناتج المسموع، فهذه ما أتت إلا في القرنين الأخيرين فحسب، ولم تدخل في مجال الإقراء إلا منذ سنوات قليلة.
وإن كان المشائخ الكرام يرون بأن هذه التقنيات لا بد منها في عملية الإقراء، فقد يعين على ذلك أن يتم قياس تأثيرها على الصوت، وذلك بإجراء تجارب صوتية علمية، يتم فيها التحكم بعناصر إنتاج الصوت ونقله إلكترونيا، كي يُعلم أثرها على صفات الحروف، ثم تتم مقارنتها بالصفات الأصلية والتي تم حصرها في علم التجويد. الأمر عندئذ يصبح متعلق بتقييم علماء التجويد لمدى هذه التأثيرات على الصوت، وإن كانت بالفعل تَحول بين التقييم الحق للقراءة أم لا. وحسب هذه النتائج، يتم وضع أسس لتقييد استخدام التقنيات الحديثة في الإقراء.
وفي جميع الأحوال، فلعل مَثَل تقييم هذا الأمر المستجد على علم الإقراء كمثل كل ما يطرأ في العلوم الأخرى، مثل مستجدات العلوم الطبّية الحديثة وتقييمها في ميزان الشرع، والتي تحتاج لدراسات تجمع ما بين المختصين في هذا المجال، لتقييم جوانبها التقنية والشرعية المختلفة.
ولم أطلع على أية دراسات بهذا الشأن حتى الآن، وقد أكون مخطئة جدا.
والله أعلم.
 
لا ! لا ! لم تخطئي، وإنما أصبت كل إصابة.
إذا أضيف إلى ما سطره قلمك وفرة فرص الغش من الدارس والشيخ السامع على حد سواء تبين أن اطراح الاستجازة عبر هذه الوسائل، جملة وتفصيلا، وفي كل اﻷحوال والظروف، هو الصواب.
 
وبالنسبة لما تفضل به الشيخ الخطيب بشأن "استحالة الصوت إلى شيء آخر".. فهذا، والله أعلم، حسب علمي جزء مما يجري للصوت عند تحويله عبر الكهرباء وبرمجيات الحاسوب، ثم تتم "صناعته" وإعادة إنتاجه ثانية كموجة صوتية، والثمن هو التأثير على درجة محاكاته للصوت الأصلي. وبالنسبة لقول الشيخ الكريم بأنه لم يجد فرقا كبير، فهذا يعود لحداثة وجودة الوسائط المستخدمة ولله الحمد، ولكن الفرق موجود بالفعل...
.
جزاكِ اللهُ خيرا ، وباركَ الله فيك.
كان قد أشكل عليَّ قولك من قبلُ " باختصار، فإن هذا التحويل للصوت، من وسيط الهواء إلى وسيط الكهرباء ثم برمجته، يفقده الكثير من خصائصه الأصلية" ، لأني خشيتُ أن يَفْهَمَ القارئُ أنَّ الصوتَ عبر هذه الوسائط يتحوَّلُ إلى صَوْتٍ مختلفٍ اختلافا كبيرا عن الأصل. وحديثنا هذا متعلقٌ أيضًا بالدراسات الصوتية المخبرية...فهل قال أَحَدٌ مِن أهل الاختصاص إنَّ النتائجَ التي توصَّلَ إليها علماءُ الأصوات في دراساتهم المخبرية المتعلقة بالصوت القرآني غير دقيقةٍ ولا يُلْتَفَتُ إليها ، لأنَّ أصواتَ القراء التي يحللها علماءُ الأصوات أصواتٌ فقدت " الكثير من خصائصها الأصلية " كما تقول أختنا الكريمة مها؟
وما رأي الأخت الكريمة مها في مصاحف القراء الْمُسَجَّلَة؟ هل قراءة الشيخ الحصري في مصحفه المعلم قراءةٌ أخرى لا تحمل صفات القراءة الأصلية؟
كل هذا كان مما أردتُ الإشارة إليه بقولي "...استحال إلى شيءٍ آخر ". يعني أنَّ هذا الصوت يتغير ويتحول من طبيعته إلى طبيعةٍ أخرى تجعله صوتًا جديدا...وهذا الذي أنْكَرْتُهُ ، ولعل المهم هنا تحديد مقدار هذا التحوُّل والتغيُّر. وقد لا يكون لهذا التغير تأثيرٌ في الأداء...وقريبٌ من هذا قول الدكتور الغامدي (الصوتيات العربية ص110): " تقع ترددات الموجات الصوتية اللغوية بين الترددين 50 هيرتز و 10.000 هيرتز تقريبا. وقد لا نحتاج إلى جميع هذه الترددات لفهم ما يُقال أثناء إنصاتنا. فعلي سبيل المثال تستخدم مؤسسات الاتصالات الهاتفية نظما تحصر التردد المرسل والمتسقبل من المتحدثين عبر الهاتف بين 100 - 4000 هيرتز ، ولا نجد صعوبة تذكر في فهم ما نسمعه أثناء التحدث عبر الهاتف رغم غياب جزء كبير من الترددات الأكوستية المنقولة إلينا من المتحدث الآخر. ".

وأما قول الأخت الكريمة: " وإن كان المشائخ الكرام يرون بأن هذه التقنيات لا بد منها في عملية الإقراء، فقد يعين على ذلك أن يتم قياس تأثيرها على الصوت، وذلك بإجراء تجارب صوتية علمية، يتم فيها التحكم بعناصر إنتاج الصوت ونقله إلكترونيا، كي يُعلم أثرها على صفات الحروف، ثم تتم مقارنتها بالصفات الأصلية والتي تم حصرها في علم التجويد. الأمر عندئذ يصبح متعلق بتقييم علماء التجويد لمدى هذه التأثيرات على الصوت، وإن كانت بالفعل تَحول بين التقييم الحق للقراءة أم لا. وحسب هذه النتائج، يتم وضع أسس لتقييد استخدام التقنيات الحديثة في الإقراء ".
فالأولى التفريق بين ما يمكن الوصول إليه بواسطة الأجهزة الحديثة وبرامج تحليل الصوت ، وما يمكن تمييزه وإدراكه بواسطة الأذن البشرية...ثم إنَّهُ لا مفر في هذه الدراسة من اللجوء إلى برامج تحليل الصوت وغيرها مِنْ آلاتٍ وأجهزةٍ حديثة!

وبالنسبة لسؤال الشيخ الفاضل بشأن القول بأن صوت الشخص الذي يسمعه بأذنيه هو عين ما يسمعه غيره، فهما مختلفان بالتأكيد...
.
جزاكِ اللهُ خيرا. يظهر لي أنَّ أختنا الكريمة فهمتْ ما أريد...والمقصود أننا إذا أردنا التشدد ، فإنَّ الوسيطَ الطبيعيَّ قَدْ لا يَسْلَمُ مِنَ النَّقْدِ أيضا!

بارك الله فيكم.
 
بارك الله بالشيوخ الكرام ونفع بعلمهم،
وجزى الله خير الشيخ الفاضل الخطيب للتنويه بالتسجيلات القرآنية للمشائخ، والتي تتم عموما في غرف صوتية (استوديوهات) مخصصة ومجهزة بأفضل التقنيات الصوتية وأنفسها، والتي غايتها التقليل من دخول تشويش البيئة والأجهزة والناقل على التسجيلات، مما ينعكس على نقائها وجودتها المرتفعة. أما التقنيات الصوتية في الحواسيب المنزلية، فهناك ما تقدم ذكره بشأن نوعية الأجهزة المستخدمة، ثم تضمين الشوائب في برمجة الصوت عند نقله، والله أعلم.
وأعتذر من المشائخ الكرام محمد الحسن بوصو وعمّار الخطيب حفظهم الله إن كان قد فُهِم من الكلام الخوض بإجازتهم لاستخدام التقنيات الحديثة في مجال الإقراء، فما كان ذلك القصد على الإطلاق، ولكن المراد هو التنويه بالتباين الشاسع في جودة هذه التقنيات، مما قد يكون له أثر في ضمان التجانس عند منح الإجازات القرآنية. فالأمر بالتأكيد يعود إلى أهل القرآن في انتقاء ما هو الأنسب لصيانة المعايير المعتمدة لمنح الإجازات، وللوصول إلى الأفضل حسبما يراه أهل العلم والتخصص الكرام.
وجزاكم الله خير الجزاء وبارك الله بكم.
 
وأعتذر من المشائخ الكرام محمد الحسن بوصو وعمّار الخطيب حفظهم الله إن كان قد فُهِم من الكلام الخوض بإجازتهم لاستخدام التقنيات الحديثة في مجال الإقراء، فما كان ذلك القصد على الإطلاق، ولكن المراد هو التنويه بالتباين الشاسع في جودة هذه التقنيات، مما قد يكون له أثر في ضمان التجانس عند منح الإجازات القرآنية. فالأمر بالتأكيد يعود إلى أهل القرآن في انتقاء ما هو الأنسب لصيانة المعايير المعتمدة لمنح الإجازات، وللوصول إلى الأفضل حسبما يراه أهل العلم والتخصص الكرام.
وجزاكم الله خير الجزاء وبارك الله بكم.
ليس الأمر كما تقولين ، بارك الله فيك. المشاركة في هذا الموضوع وإبداء الرأي حقٌّ لكم ، والواجب عليَّ احترام رأي المعارِضين...وسؤالاتي لم تكون لغرض التوبيخ والتقريع ، وإنما أردتُ الإفادة من تخصصكم.
وأما قولك " ولكن المراد هو التنويه بالتباين الشاسع في جودة هذه التقنيات " ، فهذا مما لا أستطيع إنكاره. وهذا التباين له أسبابٌ كثيرة...والمشكلة أحيانا قد يكون حلها بيد المستخدم...كمن يطعن في جودة الإقراء بواسطة (سكايب)...وهو لا يدري أنَّ خدمة (الإنترنت) لديه ضعيفة ، أو قد تكون (كامرته) سيئة (ويب كام) ، أو أَنَّ حاسوبه شيخٌ كبير ، أو غير ذلك مما يؤثر في جودة التواصل عبر هذه التقنية...فالوقوف على هذه المشاكل والعيوب ، ومعرفة طرق علاجها مهم جدا للقارئ والمُقرئ.

جزاكم الله خيرا.
 
المسألة السادسة : التَّكَلُّفُ في تلاوة القرآن أَمْرٌ غيرُ محمودٍ ، وليس هو مِنَ التَّجويد في شيء.
اِعْلَمْ أَنَّ التَّجْوِيدَ هُوَ أنْ تَقْرَأَ القرآنَ قراءةً صَحِيحَةً ، حُلْوَةً ، سَهْلَةً ، مِنْ غير تجاوزٍ ولا تَعَسُّف ، ولا إفراطٍ ولا تَكَلُّف.
قال الداني ( التحديد ص87 ): " فأما ما يذهب إليه بعض أهل الغَبَاوَةِ مِنْ أهل الأداء من الإفراط في التمطيط والتعسف في التفكيك والإسراف في إشباع الحركات وتلخيص السواكن ، إلى غير ذلك من الألفاظ الْـمُسْتَبْشَعَةِ والمذاهب المكروهة – فخارجٌ عن مذاهب الأئمة وجمهور سلف الأمة ".
وقال أبو العلاء العطار ( التمهيد ص22 ) : " إِنَّ تجويدَ القراءة وتحبيرَها هو تصحيحُ الحروف وتقويمُها ، وإخراجُها من مخارجها ، وترتيبها مراتبها ، وَرَدُّها إلى أصولها ، وإلحاقها بنظائرها ، من غير إفراط يُؤدِّي إلى التشنيع ، ولا نقصان يُفْضِي إلى التضييع ، بل بملاحظة الرِّفق والسهولة ، ومجانبة الشدة والصعوبة ، ومتى أَخَلَّ التالي بشيء مِنْ وصفها فقد أزالها عن حَدِّها وَرَصْفِها ".
وقال ابن الجزري ( النشر 1 / 213 ): " فليس التجويدُ بتمضيغ اللسان ، ولا بتقعير الفم ، ولا بتعويج الفك...بل القراءةُ السهلة العَذْبَةُ الحُلْوةُ اللطيفة ، التي لا مضغ فيها ولا لَوْكَ ، ولا تَعَسُّفَ ولا تَكَلُّفَ ، ولا تَصَنُّعَ ولا تَنَطُّعَ...".
ولعلك تَسْتَمِعُ لِتسجيلات القارئ المصري محمود خليل الحصري...لِتَصِلَ إلى مُرَادِ ابن الجَزَرِيِّ مِنْ وَصْفِهِ التجويد بأنَّهُ " القراءةُ السَّهْلَة العَذْبَةُ الحُلْوةُ اللطيــفة ".
ولاَ مَفَرَّ مِنَ العَرْضِ على الشيوخ المتقنين الماهرين الْـمُجَوِّدِين ، إذا كنتَ راغِبًا في تَدْرِيبِ لِسَانِكَ على القراءة السَّهْلةِ التي لا تَكَلُّفَ فيها. وَمن لم يَتَيَسَّرْ له العَرْضُ ، فعليه بالاستماع للختمات الْـمُـسَجَّلَةِ ، لأَنَّ " السَّمْعَ أبو الْـمَـلَكاتِ اللسانية " ( ابن خلدون: المقدمة 2 368/ ).
وأذكرُ لك قصةً طريفة وَقَعَتْ لابن الجوزي ، قال ( تلبيس إبليس ص141 ) :
" ولقد رأيتُ مَنْ يقول ( الْـمَغْضُوبِ ) فيخرج بُصَاقه مع إخراج الضاد لِقُوَّةِ تشديده ".
وَمِنَ التَّنَطُّعِ كذلك الإغراقُ في تفصيل المسائل النَّظَرِيَّة وإلزامُ عوامِّ النَّاسِ بِفَهْمِها ومَعْرِفَتِها ، والتَّشَدُّدُ في تصحيحِ التِّلاوة ، والإِسْهَابُ والتَّطْويلُ في التعليق على أخطاءِ الْـمُـبْتَدِئِين ، وغير ذلك مما قد يكون سَبَبًا في صَدِّ النَّاسِ عَنْ تَعَلُّمِ هذا الْعِلْمِ الشَّريف.
قال ابن خلدون ( المقدمة 2 /348-347 ): " اعلم أَنَّ تلقين العلوم لِلْمُتَعَلِّمين إنما يكون مفيدًا إذا كان على التَّدْريج شيئًا فشيئا وقليلا قليلا...وإذا ألقيْتَ عليه الغايات في البدايات ، وهو حينئذٍ عاجزٌ عن الفهم والوعي ، وبعيدٌ عن الاستعداد له ، كَلَّ ذهنُهُ عنها ، وحسب ذلك من صعوبة العلم في نفسه ، فتكاسل عنه وانحرف عن قبوله وتمادى في هجرانه. وإنما أتى ذلك من سوء التعليم ".
 
المسألة السَّابعة: تدريبُ اللِّسَانِ على النُطْقِ الصَّحيح ، وكثرة التَّكرار.
قال الدكتور يوسف الخليفة ( أصوات القرآن ص47 ): "...وعلى الرغم من أنَّ هذه الأسس والمبادئ التي قَدَّمْتُها تعتبر أحدث ما تَوَصَّلَ إليه العلماء المختصون بتيسير طرق تعليم اللغات الأجنبية في الغرب ، فقد تنبه إليها علماءُ التجويد رضي الله عنهم حين أكَّدُوا ضرورة ( رياضة اللسان وتكرار اللفظ الْـمُتَلَقَّى من الْـمُحْسِن للقراءة ) ".
قال ابن الجزري ( النشر 1 213 / ): " ولا أعلمُ سَبَبًا لِبُلوغِ نهاية الإتقان والتجويد ، ووصول غاية التَّصْحيح والتسديد ، مثل رياضة الألسن ، والتكرار على اللفظ الْـمُتَلَقَّى من فم المحسن ، وأنتَ ترى تجويد حروف الكتابة كيف يبلغ الكاتبُ بالرياضة وتوقيف الأستاذ ".
قُلْتُ: هذا كَلَامُ عَالِـمٍ مُتْقِنٍ خَبِيرٍ بِهَذِهِ العُلُوم وَحاذِقٍ بها ، وَلَعَلَّنَا نَسْتَخْلِصُ مِنْ كلام ابن الجزري ِّ بَعْضَ الفوائد:
* ضَرُورةُ التَّلَقِّي والمشافهة في تَعَلُّمِ تِلاَوَةِ القرآنِ الكريم.
* التَّجْوِيدُ رِيَاضَةٌ وَمَهَارَةٌ وفَنٌّ لا يُحْسِنُهُ إِلاَّ مَنْ جَدَّ في طَلَبِهِ وَتَحْصِيلِهِ.
* تَمْرينُ اللسانِ وَتَدْرِيبُهُ على النُّطْقِ الصَّحِيح ، وكثرة التكرار والتَّرْديد...أَمْرٌ لاَزِمٌ لِـمَنْ يبغي تحسينَ نُطْقِهِ ، وتجويدَ أَدَائِه.
* يبنغي لِلْمُتَعَلِّمِ أن يَتَخَيَّرَ مُـجَالَسَةَ الأسْتَاذِ الْـمُحْسِنِ الْـمُتْقِنِ ويُطِيلَ الاختلافَ إِلَيْهِ ، والتَّدَرُّبَ بينَ يَدَيْهِ ، فليسَ مِنْ شيءٍ أنفع لِلِّسان ، ولا أجود تقويما له مِنَ التَّلَقِّي مِنْ فَمِ الْـمُجَوِّدِين الضَّابِطين ، وطول الاستماع لهم والْعَرْضِ عليهم.
* أَعْجِبَنِي قَوْلُ ابن الجزري " وأنتَ ترى تجويد حروف الكتابة كيف يبلغ الكاتبُ بالرياضة وتوقيف الأستاذ " ، وهذا قولُ صِدْقٍ ، فإنَّهُ لا يُصار إلى إتقان الخَطِّ والبراعة فيه إلا بالرِّياضَةِ والتَّدْرِيب وإرشادِ الْـمُعَلِّمِ الْـخَبِير ، وكذلك عِلْمُ تجويدِ القرآن الكريم.
 
عودة
أعلى