فن التعامل مع الوالدين

إنضم
26/08/2006
المشاركات
63
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
السعودية - جدة
كم يتحدث الناس وكم يعقدون من دورات في فن التعامل مع الناس وفن التعامل مع الجمهور وفن التعامل مع الزوجة وغير ذلك من المسميات والدورات ,ولم يطرق سمعي في يوم من الأيام هذا العنوان (فن التعامل مع الوالدين )مع أنه أس التعامل في هذه الحياة وأحق ما يتعلمه المسلم . وقد تظافرت نصوص الوحيين في بيان حقهما والدلالة على ما يجب لهما . وإني لأعلم يقينا أن هذه النصوص معلومة عند عامة المسلمين فضلا عن متعلميهم . ولكن من خلال تواصلي مع كثير من الشباب ورؤيتي لكيفية تعاملهم مع والديهم وجدت عند البعض منهم غفلة وقصورا في تطبيق دلالات النصوص الشرعية في تعاملهم مع الوالدين , وبشكل أدق هناك فجوة بين الجانب النظري والجانب العملي .فالكل يقر بحقوق الوالدين وحسن الأدب معهما ,لكن كيفية تطبيق هذه الحقوق وتطبيقها على أرض الواقع فيه خلل كبير سببه الغفلة والإلف والعادة, وهذا ما يجعل الغيور يشعر بالأسى والحزن لعظم حق الوالدين الذي يأتي بعد حق الله كما جاء في مواطن عدة من كتاب الله مما لا يخفى على ذي بصيرة . وقد أعجبني تعريف الراغب رحمه الله لبر الوالدين حيث قال:وبر الوالدين: التوسع في الإحسان إليهما. ولاحظ قوله :التوسع ,فكم له من دلالة. من هذا المنطلق ومن باب التواصي بالمعروف أضع هنا بعض النقاط كمفاتيح لفن التعامل مع الوالدين والتي تمثل جانبا عمليا نحتاجه في حياتنا مع التنبيه على بعض الأخطاء التي قد تقع في التعامل معهما ليكون ذلك سببا في وصولنا بإذن الله إلى البر الذي هو مبتغى كل مؤمن ولننال كذلك رضى المولى عز وجل فرضى الله من رضى الوالدين 1_نداؤهما باسم الأبوة والأمومة, ومن الخطأ الذي يقع فيه بعض الناس بحكم العادة مناداتهما بأبي فلان أو أم فلان , وأقبح منه من يخاطبهما بالشايب أو العجوز أو الكهل أو الكهلة , وهذا سوء أدب معهما , وانظر إلى أدب الخليل عليه السلام في ندائه اللطيف لوالده الكافر (يا أبتِ) ويكررها عدة مرات وبالعبارة اللطيفة نفسها.فما أجمله من أدب. 2_السلام عليهما بخصوصية تليق بهما وذلك بتقبيل الرأس واليد, وهذا من أقل الوفاء لهما .وإنك لتعجب من ابن يسلم على والديه كما يسلم على صديقه ,فأين حق الوالدين وأين إكرامهما ؟ فوالذي نفسي بيده لو قبل قدميهما ما زاده ذلك إلا شرفا. 3_إظهار الذل لهما امتثالا لأمر الله عز وجل (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) وذلك بخفض الصوت عند الحديث معهما وعدم إحداد النظر إليهما. وقد يقع خلاف ذلك عند النقاش دون قصد ولكن المؤمن الحريص يحذر من ذلك لخطورته. 4_ويتعلق بهذه النقطة مراعاة الألفاظ والحركات أثناء الحديث معهما.وانظر إلى قول المولى عز وجل (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما) فقد نص في هذه الآية على النهي عن يسير القول ويسير الحركة مما هو خارج عن الأدب.فأف من يسير القول الذي يخرج دون شعور عند طلب الوالدين أمرا قد لا يعجب الابن أولا يرتضيه, ويدخل في قوله (ولا تنهرهما ) يسير حركة اليدين عند عدم الرضا كما جاء في تفسير عطاء رحمه الله.فانظر إلى هذين النهيين في يسير الأمور فما ظنك بما هو أكبر منهما مما لا يليق بمقام الوالدين العظيم عند الله,فاللهم ارزقنا حسن الأدب في القول والعمل. 5_التأدب في الجلوس معهما ,فتجد البعض هداهم الله يمد رجليه أمام والديه أو يتحدث معهما جالسا وهم وقوف.فأي أدب هذا وأي خلق 6_التأدب في السير معهما ,فلا يمشي أمامهما ولا يدخل مكانا قبلهما بل من الأدب التأخر قليلا عنهما والمسارعة بفتح الباب عند دخولهما ,ففي ذلك أدب وأي أدب. 7_الجلوس معهما ومحادثتهما بلطف وحنان وإدخال السرور عليهما بطرائف الحديث وجميل النوادر والحكم , فكم لك من أجر بإشاعة الابتسامة على محياهما. وهذا من البر المغفل إلا ما ندر ,فقد تجد البعض خفيف الظل كثير المرح مع أصدقائه فإذا جلس مع والديه فكأنه في مهمة رسمية , لاضحك ولا تبسم ولادعابة.فأين البر من هذا؟ 8_تفقد أحوالهما دائما بالزيارة والسؤال والاتصال. وإنك لتعجب من ابن يغيب عن والديه بالأيام وهو يسكن معهما في مدينة واحدة.فأي عقوق هذا , ولا يتعلل أحد بكثرة المشاغل ,فليس هناك من هو أولى منهما وشاهد ذلك قصة جريج العابد . فتمتع بالجلوس معهما قبل أن تفقدهما فتندم ولات حين مندم.فكم من الناس من يواظب على جلسات الأصدقاء أو اجتماعاتهم كل ليلة ويحرص على رياضة المشي كل مساء ,فلا أدري من الأولى .أما إذا كانا بعيدين فعليه أن يتعاهدهما بالاتصال كل يوم يسأل عن حالهما ويطمئن عليهما ويشعرهما باهتمامه بهما .فهو بذلك يلتمس بركتهما ويحوز على رضاهما وما أعظمه من مطلب. 9_تعاهدهما بالهدايا بين فترة وأخرى وإعطائهما من المال ولو شيئا يسيرا خصوصا الوالدة , وهذا مما قد يغيب عن بال كثير من الأبناء ظنا منه بعدم أهميته أو عدم احتياجهما , وهذه غفلة يجب التنبه لها فكم للهدية من أثر في النفس ,وكم نسمع عن هدايا الأزواج وأثره في إشاعة الحب بينهما ,أما الهدايا للوالدين فهي من المهملات.ويجدر التنبيه على مسألة تقديم المال لهمما خصوصا الوالدة ففي ذلك عون لها على الصدقة والبذل والعطاء ,فلهما أجر وأنت شريكهما في ذلك وهذا نور على نور. 10_تلمس بركتهما بطلب الدعاء منهما , فدعوة الوالد مستجابة ,والابن البار سيفوز بهذه الغنيمة وسيجني ثمرة ذلك في صحته وذريته وماله. 11_أخيرا الدعاء لهما كما أمر المولى بذلك في قوله (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)وهذا من أعظم البر وهو من الأجر الدائم لهما بعد موتهما <أو ولد صالح يدعو له> وبعد فهنيئا لمن كان له والدين ينعم بقربهما ويسعد ببرهما وهي نعمة جليلة يعلم قدرها من حُرمها.وفقنا الله جميعا لما يحب ويرضى وغفر لنا ولوالدينا وجمعنا بهم في الفردوس الأعلى من الجنة إنه ولي ذلك والقادر عليه.
 
جزاكم الله خيراً وبارك فيك على هذا الموضوع , وكما قيل :
[align=justify] لايعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها[/align]
 
[align=center]موضوع رائع ومتميز
جزاك الله خيرا
وأحسن إليك
وغفر لك ولوالديك[/align]
 
_السلام عليهما بخصوصية تليق بهما وذلك بتقبيل الرأس واليد, وهذا من أقل الوفاء لهما .وإنك لتعجب من ابن يسلم على والديه كما يسلم على صديقه ,فأين حق الوالدين وأين إكرامهما ؟ فوالذي نفسي بيده لو قبل قدميهما ما زاده ذلك إلا شرفا
أسمع كثيراً ممن ينتسبون للدعوة علي الفضائيات هذه المقولة وأمثالها وحاولت العثور علي مرجعية لها فلم أوفق لا في كتب الفقه ولا حتي في كتب الراسات الانسانية الحديثة فهل تكرمت وأصلت القول
 
جزاك الله خيرا - أخي عبد العزيز - على طرح هذا الموضوع القيم ؛ وأحسنت في طرحك وأسلوبك فبارك الله فيك، وزادك من فضله.
ثم ياأخي الكريم: إن القلم ليعجز عن التحبير، وإن القلم ليلجم عن التسطير، متى ما أرادا شيئا من التعبير عن حقوق الوالدين وفضلهما العميم وبث حنين القلب وأشجان الفؤاد وسلوة الروح بهما، وأنى لهما ذلك ولو أنهما مكثا الدهر محاولة، لما وصلا مجازاة طلقة واحدة من طلقات الولادة، أو شكر ليلة سهر واحدة وقلقها ونزيف قلب الأب ألما لمجرد سماع أنين طفله السقيم.
وأود ان أشير إلى مسألة مجربة وهي أن الإنسان لا يدرك قيمة الوالدين ولا يحس مقدار تضحيتهما إحساسا حقيقيا - رغم أدبه وعلمه وكثرة مطالعته خصوصا في هذا الجانب- إلا بعد أن يرزق بالولد وينتقل هو بدورة إلى دور الوالد عندها يستشعر وبقوة مقدار التضحية العظيمة من والده( كلاهما).
وإني لأعجب من بعض الباحثين حين أراه يسطر إهداء باسم زوجته أو معلمه - ولا انتقص منهما، فحقهما بيِّنٌ - بل ترى من يسطره باسم زميلته أو صديقته أو ..أو..، غافلا أن تضحية والديه وفضلهما عليه بعد خالقه لها الفضل في ذلك ووصوله إلى ما وصل إليه، ولا أقصد احتكار ذلك لهما، أو أنه لا بد منه ، ولكن أحدهما أو كلاهما أولى من غيرهما ابتداء، ثم إذا كثرت أبحاثه وتصانيفه، يخص ذلك بمن شاء .
ولقد حمدت الله أن وفقني بانجاز بحث الماجستير فلم أملك من رد جزء بسيط من أفضال والدي علي وحسن توجيهه لي إلا أن أخط كلمات حب وعرفان وامتنان له صغتها وكلي تواضع وذلة على النحو الآتي:
[align=center] إهـــــــــداء[/align]
إليك يا من جَنَيتَ عليَّ حُبَّ العلم والأدب ..
إليك يا منْ قلتَ في يوم مولدي :

[align=center]أَمَلِي اليومَ أن أراكَ كبيراً *** ذُخْرَ شيخوختي وحصن اعتمادي
تَحتسي أَعْذَبَ العلومِ غذاءً *** به تَحْيَى على المَـدَى في ازدياد[/align]
(انظر ديوان لحن الشاطئ : 77. وهو أول دواوينه، حفظه الله، ومد في عمره، ونفعنا بعلمه)

إليك عصاميا ً، فذاً ، عظيماً ، عبقرياً ، فريداً ، وفخراً لأحفادك..

إليك يا من شَبَبْتَ عن الطوق يافعاً، وما انهزمت رهينا لمحابسك الثلاثة - ( الفقر واليتم والعمى وهو في السادسة من عمره)- كما قلت في بعض قصائدك.

إليك وقد منحتني كرمَ أخلاقك، وجميلَ مودتك، وفيضَ مشاعرك، وحسنَ توجيهاتك .

حتى في حال شِدتك.. كنت مربياً، وأستاذاً حصيفاً، مؤهلاً لتلاميذك تزودهم ما يعينهم في معايشة حياتهم ومعرفة واقعهم.

إليك معلمي الأول، نبراس حياتي..قدوتي الحبيب وأستاذي العزيز.. شكراً أبدياً، وحباً سرمديا.

إليك ثمرة غرسك الأولى يانعة، تزهو فرحاً.. أن كانت من صنيع تربيتك، وثقافتك، وأدبك .

إليك أبي الحبيب باكورةَ بحثي المتواضع، يجثو مقبلا قدميك، لينال رضاك، ويُشرق سروراً لسنا ابتسـامتك.

أكرر شكري لك أخي الحبيب على طرح هذا الموضوع الهام، سآلا المولى أن يعيننا - جميعا- على البر بوالدينا، وأن يرزقنا الذرية الصالحة التي تقر بها أعيننا في حياتنا، وتلهج ألسنتها بالدعاء لنا بعد مماتنا، والحمد لله رب العالمين.
 
عودة
أعلى