طارق منينة
New member
- إنضم
- 19/07/2010
- المشاركات
- 6,331
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 36
فكر معي في العلمانية والتطور العلمي الحادث في الغرب وماموقف الإسلام منه، وهل في مقالنا هذا انتصار للقرآن؟
ماهي العلمانية؟
...ماكانت العلمانية يوما اساس تطور التكنولوجيا في الغرب
فهذه نظرة مبتسرة لما حدث في الغرب على العموم وقائلها ملبس بتلبيس ابليس.
لكن ايضا لابد ان نعلم ان ماحدث وأدى للوصول الى التقنيات العالية والعلوم الدقيقة والتجارب العظيمة في مجالات (من الطب الى الفلك) حدث بإعمال العقل التجريبي العلمي والعقلي ، وفي ظل مجال معين من التعايش والحريات والحقوق والواجبات ، وفي ظل ظروف داخلية عصيبة ، من البادية، وتطورات صعبة ومعارك شديدة وتضحيات جسيمة.
والأهم : في ظل مناح تطور الى مجالات للحريات واسع وكبير
كما في ظل تطورات في مفهوم التعايش الداخلي وفي ظل مجتمع يحاول الوصول الى عدالة لكن بأفكار وفلسفات كانت تفسد اكثر مما تصلح ..حاول الاصلاح وادعاه وسلك طريقا مظنوناً عنده، وبآلياته التي إختارها وهي مادية تجريبية اختزالية في نظرته للانسان والحياة ، و بالاعتماد على فرضياته وادعاء الاستقلال عن القيم الدينية بل اعلنت بعض مدارسه الفلسفية ، التي اختارت العمل داخله، بل هي آخر إفرازاته، أنه مجتمع قد مات فيه الإنسان أو انهار أو على وشك الإنهيار
والسؤال الآن: هل المناخ العلماني هو الذي ادى للرفاهية وتطور العلوم والوصول الى القمر؟
للاجابة على السؤال الملغم ينبغي طرح السؤال بطريقة اخرى وهو هكذا: هل تطورت العلوم من الطب الى الفلك علوم الطبيعة والجسد والعقل والتجريب وانتجت ماانتجت في عالم الاسلام ، بالعلمانية ، التي تعني فصل الدين عن السياسة والقيم والاخلاق والفن بالمعنى الواسع للكلمة
الاجابة هي بالطبع لا
لكنها تقدمت بشروط موضوعية وعلمية وعقلية وحريات وتعايش في عوالم الاسلام ووفرة الاموال واتساع عالم التجارة والقوة والمعرفة ، وبعضا من هذا بل بكثير منه تطورت الحالة الغربية المسماة بالدنيوة او بالعلمانية فقد اخذت ببعض اسباب الحياة وماقدمه المسلمون(في البداية) من مناهج وعلوم ومنجزات وحريات وتسامح وتعايش مشاهد فتن الغربيين بالنموذج الإسلامي طويل المدة)
نعم دخلت هذه الشروط العلمية والحياتية في عملية صناعة العقل الغربي وطورته وانطلقت به وانطلق بها
بينما ، وفي ظل انهيار القيم الدينية ونفيها في آن واحد ، أثناء عملية الصراع مع الكنيسة وبعد ذلك، اتخذ الانسان من تلك الحرية التي كانت تتسع دوما ويستفيد منها خبراء العلم ومن ثم المجتمعات في سبيل تطوير العلوم ، اتخذ الانسان من مجالها المفتوح ، بواسطة الفلاسفة والروائيين والمسرحيين واصحاب ايديولوجية الفن للفن طريقا اخلاقيا (ماديا) كان يجد المجال له مفتوحا ، تحت دفاع الفلاسفة ( اصحاب الأيديولوجيا الأولى في العلمانية) وعلماء الاجتماع والانسان ومن ثم السياسة والدولة التي كانت تختلف في صورها وباختلاف الصور تتسع او تحد من الحريات ، فيشبع المواطن في هذا العالم، غرائزه ورغباته فيما وفرته له عوالم الشهوات الجنسية ومنها الدعارة والفن الحر اي غير المنضبط والذي كان هو الاخر يشكل عالمه بنفس النظام التقني ويفتح له دوما سبل الحماية والقانونية داخل تلك المجتمعات
اي ان كل فن في الحياة (الغربية) من صناعة الطب والدواء الى بيع الاجساد كان يتم بتقنيات تنظيمية علمية مطورة تجريبيا وبادارات وقدرات على الحماية والتطوير والاتساع واكتساب الخبرات الجديدة التي تقذف بها نتائج العلوم التطبيقية او التجربيبة (الإختزالية ، المادية، غير المرتبطة بالقيمة، في أغلب الأحايين).
والسؤال الان هل لابد من العلمانية اذا اردنا أن نتقدم ونتطور ويعيش الإنسان في مواطنة حرة وتعايش منظم؟
الإجابة : لا
ولكن لاتقذف خارج دائرة التفكير، ماهو من العلمانية أي مما هو داخل مجالات الحياة الغربية المادية ، او دخلها وكان من غير نظامها المعرفي بشكل كامل من البداية ، أي كل العمليات التي كانت تحدث أو تتم في حضارة الإسلام، من إعمال العقل في الطبيعة وعمليات التجريب وصناعة العلوم والمختبرات والوصول من خلال ذلك الى مكتشفات وتطبيقات ، والحصول على مكتسبات هائلة في كل مجالات العلوم التي أحدثت تطويرا في المجتمعات، في ظل تعايش ، صنعته عظمة الاسلام وسماحته، فهذه العمليات يطلقون عليها اليوم، علمانية في المصدر والمشرب!!، وأنها تمت في الغرب ، وليس غيره ولاقبله، من غير اصوله الغربية، تمت بالعقل الحر العلماني واصوله الغربية القديمة
وسؤالنا الآن، هل تطورت الأمور الأخلاقية مثل امور الفن الحر على الطريقة الغربية واشباع الغرائز كما في العلمانية هل تطورت كذلك في عالم المسلمين الذين كانوا يصنعون اعظم منهج تجريبي بمكتسباته في عالم البشرية لما قبل الحضارة الغربية بحجة ان العلوم والتطورات تؤدي حتما الى التحلل من القيمة الأخلاقية والتحرر منها ؟
فهل مثلا نشأت الحاجة الى الدعارة والجنس المفتوح (أو اخيرا الأسر الجديدة والتشريع لها ) وتمت حمايته بسلطات المعرفة والفلسفة، والسياسة والإقتصاد؟
الاجابة لا
فلم ترتبط عملية بناء الانسان الحر او عملية التعايش الداخلي في حواضر الاسلام بهذا الأمر لأنه كانت هناك ضوابط اسلامية وهذه الضوابط لم تمنع حرية العلم والتقدم وتطوير العلوم ولم تمنع حرية الانسان وكونه مواطنا يحظى بحدود المواطنة في ذلك العالم؟
والمواطنة يومذاك وعلى ماكانت عليه كانت تحلم بها أوروبا وقد اقتبستها كما اقتبست العلوم لكن الاقتباس ليس اقتباس نموذج يقطع من هنا ويرقع هناك ، وانما سلكوا طريقا ، في البداية، كان الاسلام قد فتحه منذ زمن الرسالة ، وهو الطريق الذي اغلقته الكنيسة في اوروبا ، كما اغلقت طرق العلم والحياة الطبيعية، التي كانت يتمناها الانسان بصورة عامة.
بيد ان البداية (الأيديولوجية -المنطق) كانت ايضاً تنشئ منهجا منفصلا عن القيمة الأخلاقية (في موضوع الفن على سبيل المثال) كما فعل فلوبير وديدرو وغيرهما.. وكان هذا الطريق المختلط بداية الاستقلال عن الوحي وعن الغيب وعن الأخلاق الدينية أو الدخيلة على أصل الدين.
هذا يعني لي شيئا واحدا الا وهو أن داخل العلمانية اصول اسلامية وأصول فطرية لكنها دخلت عملية العلمنة المادية في التعامل مع الانسان والمجتمع والبيئة فتلونت وتغيرت نوعا ما .
ماذا يعني هذا؟
هل الأخذ بالعلمانية؟
لا وانما بالبحث عن اصولنا والحث عليها والتقدم بها وعدم رفض مافي العلمانية مما هو داخل فيها ممزوج بها مما جعلوه منها وهو شأن علمي عقلي مأخوذ من المنهج العلمي العقلي التجريبي الاسلامي وتم البناء عليه ، بيد أنه بغياب ضوابط معرفية وضوابط اخلاقية تخلقت امور عقلية واجتماعية (تحت الدفعة الأديولوجية الأولى) كان يمكن ان لاتحدث لو كانت هناك ليست ضوابط المسيحية فهذه اغلقت كل طريق الى المعرفة العلمية وانما ضوابط الاسلام في امور العقل وشؤونه وانفتاحه على الكون وضوابط اخلاقية كانت تعين العالم الكوني الاسلامي على نشاطه العلمي والانساني والقيمي في عالم موار بالعلوم والثقافات والاديان التي لم يقتل الاسلام اهلها وانما فتح لهم مجال العيش بسلام ماجعلهم يعملون بحرية داخل نفس المجال الذي دخل العلمانية وجعلوه منها.
لانقول خذ من العلمانية خيرها واسقط شرها ، فليست هذه طريقة تفكيرنا، ولكن خذ نفس طريق رواد حضارتنا واسلك بقيم اسلامية ومنهجية علمية وقيم ومبادئ شريعتنا وحلال وحرام يحكم العملية الانسانية ويضبطها واطلق طاقة العلم والعقل تجاه الكون لدراسة الكون كما درسه الاجداد العظام وكما درسته الاساتذة (تحت تأثير المنهج العلمي غير المختلط بالأيدلوجيا المادية بتنويعاتها التي تعددت في الغرب بصوتى) داخل المجتمعات التي نسميها علمانية ، نعم من غير الايدلوجيات العلمانية المادية (في مجالات علوم الانسان والمجتمع على وجه الخصوص) التي تضع الفكرة المادية المعينة ثم تبني عليها النتائج المفتعلة او تقود السلطة البرجوازية او تقودها السلطة نفسها إلى تحقيق أغراضها غير العلمية لكن الإقتصادية غير المرتبطة بالقيمة..
والسؤال الملح الآن: انت تكلمت عن الدعارة والانتحارات وتجارة الرقيق الابيض والمخدرات وانها قانونية في اغلب دول الغرب فكيف توفق بين تقدمهم في ظل هذا العالم وبين موقفنا من العلمانية؟
اولا موقفنا من العلمانية هو موقف كلي لايدخل في التفاصيل ويمكن تشبيهه بموقفنا من النصرانية واليهودية بل والهندية وغيرها، فهي اديان باطلة كما تعلم، لكن لو دخلنا في التفاصيل سنجد عندهم بعض ماعندنا من الحق، وكذلك العلمانية والليبرالية والاشتراكية والماركسية والوجودية والبنيوية والتفكيكية.
الا ان ديننا منزل من السماء والدعوة الى العقل والعلم والمعرفة جاءت من مصادره المنزلة بخلاف ماهو مشهور عن الدين!
وكل هذه المذاهب مردودة ليس لسبب مافيها من جزئيات حق ولكن لسبب انها تطبق تجربتها الاختزالية والناقصة على المنزل الاسلامي!، كما أنها ليست مسلمة تماما عند اصحابها فكيف نجعلها مسلمة عندنا... وكذلك الشأن في العلمانية... إنها الاستقلال عن الله عز وجل.. الاستقلال عن الوحي... ظنا منها أن وحي الإسلام هو كوحي الرهبان والكهان.. وأن العقول كالعقول!
مع انهم اخذوا نتائج عقولنا -وهي عقول دينية بالمعنى الاسلامي وهم يعلمون انها دينية لكنها دينية من نوع مفتوح على الدنيا- وصنعوا بها اصول في دنياهم وعلوم الدنيا عندهم.
ماهي العلمانية؟
...ماكانت العلمانية يوما اساس تطور التكنولوجيا في الغرب
فهذه نظرة مبتسرة لما حدث في الغرب على العموم وقائلها ملبس بتلبيس ابليس.
لكن ايضا لابد ان نعلم ان ماحدث وأدى للوصول الى التقنيات العالية والعلوم الدقيقة والتجارب العظيمة في مجالات (من الطب الى الفلك) حدث بإعمال العقل التجريبي العلمي والعقلي ، وفي ظل مجال معين من التعايش والحريات والحقوق والواجبات ، وفي ظل ظروف داخلية عصيبة ، من البادية، وتطورات صعبة ومعارك شديدة وتضحيات جسيمة.
والأهم : في ظل مناح تطور الى مجالات للحريات واسع وكبير
كما في ظل تطورات في مفهوم التعايش الداخلي وفي ظل مجتمع يحاول الوصول الى عدالة لكن بأفكار وفلسفات كانت تفسد اكثر مما تصلح ..حاول الاصلاح وادعاه وسلك طريقا مظنوناً عنده، وبآلياته التي إختارها وهي مادية تجريبية اختزالية في نظرته للانسان والحياة ، و بالاعتماد على فرضياته وادعاء الاستقلال عن القيم الدينية بل اعلنت بعض مدارسه الفلسفية ، التي اختارت العمل داخله، بل هي آخر إفرازاته، أنه مجتمع قد مات فيه الإنسان أو انهار أو على وشك الإنهيار
والسؤال الآن: هل المناخ العلماني هو الذي ادى للرفاهية وتطور العلوم والوصول الى القمر؟
للاجابة على السؤال الملغم ينبغي طرح السؤال بطريقة اخرى وهو هكذا: هل تطورت العلوم من الطب الى الفلك علوم الطبيعة والجسد والعقل والتجريب وانتجت ماانتجت في عالم الاسلام ، بالعلمانية ، التي تعني فصل الدين عن السياسة والقيم والاخلاق والفن بالمعنى الواسع للكلمة
الاجابة هي بالطبع لا
لكنها تقدمت بشروط موضوعية وعلمية وعقلية وحريات وتعايش في عوالم الاسلام ووفرة الاموال واتساع عالم التجارة والقوة والمعرفة ، وبعضا من هذا بل بكثير منه تطورت الحالة الغربية المسماة بالدنيوة او بالعلمانية فقد اخذت ببعض اسباب الحياة وماقدمه المسلمون(في البداية) من مناهج وعلوم ومنجزات وحريات وتسامح وتعايش مشاهد فتن الغربيين بالنموذج الإسلامي طويل المدة)
نعم دخلت هذه الشروط العلمية والحياتية في عملية صناعة العقل الغربي وطورته وانطلقت به وانطلق بها
بينما ، وفي ظل انهيار القيم الدينية ونفيها في آن واحد ، أثناء عملية الصراع مع الكنيسة وبعد ذلك، اتخذ الانسان من تلك الحرية التي كانت تتسع دوما ويستفيد منها خبراء العلم ومن ثم المجتمعات في سبيل تطوير العلوم ، اتخذ الانسان من مجالها المفتوح ، بواسطة الفلاسفة والروائيين والمسرحيين واصحاب ايديولوجية الفن للفن طريقا اخلاقيا (ماديا) كان يجد المجال له مفتوحا ، تحت دفاع الفلاسفة ( اصحاب الأيديولوجيا الأولى في العلمانية) وعلماء الاجتماع والانسان ومن ثم السياسة والدولة التي كانت تختلف في صورها وباختلاف الصور تتسع او تحد من الحريات ، فيشبع المواطن في هذا العالم، غرائزه ورغباته فيما وفرته له عوالم الشهوات الجنسية ومنها الدعارة والفن الحر اي غير المنضبط والذي كان هو الاخر يشكل عالمه بنفس النظام التقني ويفتح له دوما سبل الحماية والقانونية داخل تلك المجتمعات
اي ان كل فن في الحياة (الغربية) من صناعة الطب والدواء الى بيع الاجساد كان يتم بتقنيات تنظيمية علمية مطورة تجريبيا وبادارات وقدرات على الحماية والتطوير والاتساع واكتساب الخبرات الجديدة التي تقذف بها نتائج العلوم التطبيقية او التجربيبة (الإختزالية ، المادية، غير المرتبطة بالقيمة، في أغلب الأحايين).
والسؤال الان هل لابد من العلمانية اذا اردنا أن نتقدم ونتطور ويعيش الإنسان في مواطنة حرة وتعايش منظم؟
الإجابة : لا
ولكن لاتقذف خارج دائرة التفكير، ماهو من العلمانية أي مما هو داخل مجالات الحياة الغربية المادية ، او دخلها وكان من غير نظامها المعرفي بشكل كامل من البداية ، أي كل العمليات التي كانت تحدث أو تتم في حضارة الإسلام، من إعمال العقل في الطبيعة وعمليات التجريب وصناعة العلوم والمختبرات والوصول من خلال ذلك الى مكتشفات وتطبيقات ، والحصول على مكتسبات هائلة في كل مجالات العلوم التي أحدثت تطويرا في المجتمعات، في ظل تعايش ، صنعته عظمة الاسلام وسماحته، فهذه العمليات يطلقون عليها اليوم، علمانية في المصدر والمشرب!!، وأنها تمت في الغرب ، وليس غيره ولاقبله، من غير اصوله الغربية، تمت بالعقل الحر العلماني واصوله الغربية القديمة
وسؤالنا الآن، هل تطورت الأمور الأخلاقية مثل امور الفن الحر على الطريقة الغربية واشباع الغرائز كما في العلمانية هل تطورت كذلك في عالم المسلمين الذين كانوا يصنعون اعظم منهج تجريبي بمكتسباته في عالم البشرية لما قبل الحضارة الغربية بحجة ان العلوم والتطورات تؤدي حتما الى التحلل من القيمة الأخلاقية والتحرر منها ؟
فهل مثلا نشأت الحاجة الى الدعارة والجنس المفتوح (أو اخيرا الأسر الجديدة والتشريع لها ) وتمت حمايته بسلطات المعرفة والفلسفة، والسياسة والإقتصاد؟
الاجابة لا
فلم ترتبط عملية بناء الانسان الحر او عملية التعايش الداخلي في حواضر الاسلام بهذا الأمر لأنه كانت هناك ضوابط اسلامية وهذه الضوابط لم تمنع حرية العلم والتقدم وتطوير العلوم ولم تمنع حرية الانسان وكونه مواطنا يحظى بحدود المواطنة في ذلك العالم؟
والمواطنة يومذاك وعلى ماكانت عليه كانت تحلم بها أوروبا وقد اقتبستها كما اقتبست العلوم لكن الاقتباس ليس اقتباس نموذج يقطع من هنا ويرقع هناك ، وانما سلكوا طريقا ، في البداية، كان الاسلام قد فتحه منذ زمن الرسالة ، وهو الطريق الذي اغلقته الكنيسة في اوروبا ، كما اغلقت طرق العلم والحياة الطبيعية، التي كانت يتمناها الانسان بصورة عامة.
بيد ان البداية (الأيديولوجية -المنطق) كانت ايضاً تنشئ منهجا منفصلا عن القيمة الأخلاقية (في موضوع الفن على سبيل المثال) كما فعل فلوبير وديدرو وغيرهما.. وكان هذا الطريق المختلط بداية الاستقلال عن الوحي وعن الغيب وعن الأخلاق الدينية أو الدخيلة على أصل الدين.
هذا يعني لي شيئا واحدا الا وهو أن داخل العلمانية اصول اسلامية وأصول فطرية لكنها دخلت عملية العلمنة المادية في التعامل مع الانسان والمجتمع والبيئة فتلونت وتغيرت نوعا ما .
ماذا يعني هذا؟
هل الأخذ بالعلمانية؟
لا وانما بالبحث عن اصولنا والحث عليها والتقدم بها وعدم رفض مافي العلمانية مما هو داخل فيها ممزوج بها مما جعلوه منها وهو شأن علمي عقلي مأخوذ من المنهج العلمي العقلي التجريبي الاسلامي وتم البناء عليه ، بيد أنه بغياب ضوابط معرفية وضوابط اخلاقية تخلقت امور عقلية واجتماعية (تحت الدفعة الأديولوجية الأولى) كان يمكن ان لاتحدث لو كانت هناك ليست ضوابط المسيحية فهذه اغلقت كل طريق الى المعرفة العلمية وانما ضوابط الاسلام في امور العقل وشؤونه وانفتاحه على الكون وضوابط اخلاقية كانت تعين العالم الكوني الاسلامي على نشاطه العلمي والانساني والقيمي في عالم موار بالعلوم والثقافات والاديان التي لم يقتل الاسلام اهلها وانما فتح لهم مجال العيش بسلام ماجعلهم يعملون بحرية داخل نفس المجال الذي دخل العلمانية وجعلوه منها.
لانقول خذ من العلمانية خيرها واسقط شرها ، فليست هذه طريقة تفكيرنا، ولكن خذ نفس طريق رواد حضارتنا واسلك بقيم اسلامية ومنهجية علمية وقيم ومبادئ شريعتنا وحلال وحرام يحكم العملية الانسانية ويضبطها واطلق طاقة العلم والعقل تجاه الكون لدراسة الكون كما درسه الاجداد العظام وكما درسته الاساتذة (تحت تأثير المنهج العلمي غير المختلط بالأيدلوجيا المادية بتنويعاتها التي تعددت في الغرب بصوتى) داخل المجتمعات التي نسميها علمانية ، نعم من غير الايدلوجيات العلمانية المادية (في مجالات علوم الانسان والمجتمع على وجه الخصوص) التي تضع الفكرة المادية المعينة ثم تبني عليها النتائج المفتعلة او تقود السلطة البرجوازية او تقودها السلطة نفسها إلى تحقيق أغراضها غير العلمية لكن الإقتصادية غير المرتبطة بالقيمة..
والسؤال الملح الآن: انت تكلمت عن الدعارة والانتحارات وتجارة الرقيق الابيض والمخدرات وانها قانونية في اغلب دول الغرب فكيف توفق بين تقدمهم في ظل هذا العالم وبين موقفنا من العلمانية؟
اولا موقفنا من العلمانية هو موقف كلي لايدخل في التفاصيل ويمكن تشبيهه بموقفنا من النصرانية واليهودية بل والهندية وغيرها، فهي اديان باطلة كما تعلم، لكن لو دخلنا في التفاصيل سنجد عندهم بعض ماعندنا من الحق، وكذلك العلمانية والليبرالية والاشتراكية والماركسية والوجودية والبنيوية والتفكيكية.
الا ان ديننا منزل من السماء والدعوة الى العقل والعلم والمعرفة جاءت من مصادره المنزلة بخلاف ماهو مشهور عن الدين!
وكل هذه المذاهب مردودة ليس لسبب مافيها من جزئيات حق ولكن لسبب انها تطبق تجربتها الاختزالية والناقصة على المنزل الاسلامي!، كما أنها ليست مسلمة تماما عند اصحابها فكيف نجعلها مسلمة عندنا... وكذلك الشأن في العلمانية... إنها الاستقلال عن الله عز وجل.. الاستقلال عن الوحي... ظنا منها أن وحي الإسلام هو كوحي الرهبان والكهان.. وأن العقول كالعقول!
مع انهم اخذوا نتائج عقولنا -وهي عقول دينية بالمعنى الاسلامي وهم يعلمون انها دينية لكنها دينية من نوع مفتوح على الدنيا- وصنعوا بها اصول في دنياهم وعلوم الدنيا عندهم.