فقرة تفسيرية نافعة من كتاب الإبانة لأبي الحسن رحمه الله

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
قال تعالى في سورة فصلت :{ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17) }
قال في الإبانة :
وإن سأل سائل عن قول الله تعالى : {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} فقال : أليس ثمود كانوا كافرين وقد أخبر الله تعالى أنه هداهم ؟ قيل له : ليس الأمر كما ظننت .
والجواب في هذه الآية على وجهين :
أحدهما : أن ثمود كانوا فريقين مؤمنين وكافرين وهم الذين أخبر الله أنه نجاهم مع صالح صلى الله عليه و سلم بقوله تعالى: (نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) فالذين عنى الله عز و جل من ثمود أنه هداهم هم المؤمنون دون الكافرين لأن الله تعالى قد بين لنا في القرآن أنه لا يهدى الكافرين والقرآن لا يتناقض بل يصدق بعضه بعضا فإذا أخبرنا في موضع أنه لا يهدي الكافرين ثم خبر في موضع آخر أنه هدى ثمود علمنا أنه إنما أراد المؤمنين من ثمود دون الكافرين .
والوجه الآخر : أن الله عز و جل عنى قوما من ثمود كانوا مؤمنين ثم ارتدوا فأخبر أنه تعالى هداهم فاستحبوا بعد الهداية الكفر على الإيمان وكانوا في حال ما هداهم مؤمنين .
فإن قال قائل معترضا في الجواب الأول : كيف يجوز أن يقول : (فَهَدَيْنَاهُمْ) ويعني المؤمنين من ثمود ويقول : (فَاسْتَحَبُّوا) يعني الكافرين منهم وهم غير مؤمنين ؟
يقال له : هذا جائز في اللغة التي ورد بها القرآن أن يقول : (فَهَدَيْنَاهُمْ ) ويعني المؤمنين من ثمود ويقول : (فَاسْتَحَبُّوا) ويعني الكافرين منهم وقد ورد القرآن بمثل هذا قال الله تعالى : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) يعني الكافرين ثم قال تعالى : (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) يعني المؤمنين ثم قال تعالى : (وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ) يعني الكافرين ولا خلاف عند أهل اللغة في جواز الخطاب بهذا أن يكون ظاهره لجنس والمراد به جنسان فبطل ما اعترض به ودل على جهله .
 
حزاك الله خيرا. لم لا يقال كانت هدايتهم هداية إرشاد؟

( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )
فصّلت (17).
وأما ثمود قوم صالح فقد بينَّا لهم سبيل الحق وطريق الرشد، فاختاروا العمى على الهدى، فأهلكتهم صاعقة العذاب المهين؛ بسبب ما كانوا يقترفون من الآثام بكفرهم بالله وتكذيبهم رسله.
التفسير المُيسر.
 
عودة
أعلى