فصل الخطاب في مؤلف كتاب البشارة من كتاب الإشارة

إنضم
28/02/2010
المشاركات
333
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
مصر
دار لغط كبير حول مؤلف هذا الكتاب ، عقب إعلان البعض أن الكتاب – منسوباً لفخر الإسلام بن العراقي - سيصدر قريباً ، وهو لا يعلم شيئاً من حال مؤلفه سوى ما أروده الحافظ ابن الجزري في غاية النهاية ، وذلك على مجلة مركز ودود هنا - وقد تم تحرير المشاركات من قبل المشرف ، والإبقاء على الفوائد - :
وعلى منتدى شبكة الألوكة أيضاً.
حتى وضع الأستاذ إبراهيم اليحيى صورة من نسخة مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض هنا :
وملخص ما ذكرته أن أبا نصر العراقي قد صنف " كتاب الإشارة بلطيف العبارة " ، وقد حقق مرتين في ست رسائل جامعية ؛ ثلاث بكلية القرآن الكريم في طنطا ، وواحدة في الخرطوم ثم ثنتين في جامعة أم القرى ، ثم أتى ابنه فخر الإسلام عبد الحميد ( ت 486 هـ ) فاختصر كتاب أبيه " الإشارة " في مصنف أسماه : " البشارة " ، جاء في الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط ( قسم القراءات ) أن منه قطعة في خمس عشرة ورقة ، محفوظة في مكتبة معهد الاستشراق بمدينة ( بطرسبورغ ) ، ولم يتيسر لي الوقوف عليها.
ثم أتى بعض المتأخرين من أهل القرن السابع الهجري ، وهو تاج الحق والملة والدين المقرئ فاختصر كتاب " البشارة " لابن العراقي في مصنف أسماه " الموجز في مختصر البشارة " ، وقد تقمن فيه إيجازاً ، لكن تضمن فيه إعجازاً ، أوجزه فأعجزه ، وأبرزه فأحرزه – لماذا ؟ - ؛ رجاء أن يُفهم منه – بالبناء للمجهول – ما أَبهَم – أي شيخه في " موجز البشارة " - ، ويُسأل عنه – بالبناء للمجهول – ما أَهمَل – أي : في موجزه أيضاً.
يقول المؤلف في مقدمة كتابه : (( الحمد لله على سابغ أفضاله ، وصلواته على محمد وآله.
أما بعد :​
فإن شيخنا – رحمة الله عليه – لما اختصر " كتاب البشارة من كتاب الإشارة بلطيف العبارة " تقمن فيه إيجازاً ، لكن تضمن فيه إعجازاً ، أوجزه فأعجزه ، وأبرزه فأحرزه ؛ رجاء أن يُفهم منه ما أبهم ، ويُسأل عنه ما أهمل ، فأحببت أن أذكر في كتابي هذا ما أهمله ، وأنشر فيه ما أجمله ، حالياً بأقوال الأحبار ، خالياً عن أباطيل الأخبار ، فصرفت كل شيء إلى موضعه ، بعد ما عرفته من موقعه ، وسميته : " كتاب البشارة من كتاب الإشارة " ؛ ليتلى ولا يلغى ، ويحفظ ولا يلفظ ، وأسأل الله – عزَّ مسئولاً ، وجلَّ مأمولاً – الصواب على ما رويته ، والثواب على ما نويته ؛ إنه بالإجابة جدير ، وعلى الإثابة قدير.
ذكر تسمية الأئمة المتقدمين ... )).

وفي هامش نسخة مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض مزيد توضيح لصنيع شيخه في هذا الإيجاز حتى صيره إلى الإعجاز ؛ حيث جاء فيه : (( لتصل بركة نفَسه إلى تلميذه. ذكر في " عين المعاني " في قوله تعالى : " وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ " : والحكيم إذا صنف كتاباً ربما أجمل فيه إجمالاً ، وأبهم فيما أبهم إشكالاً ؛ ليكون موضع جثو التلميذ لأستاذه انقياداً ، فلا يحرم باستغنائه برأيه هداية منه وإرشاداً )).
وكما نعلم جميعاً فإن مؤلف كتاب " عين المعاني في تفسير الكتاب العزيز والسبع المثاني " هو ابن طيفور السجاوندي ( ت 560 هـ ) ، وبقية العبارة في عين المعاني ل 115 أ : (( فالمتشابه هو موضع جثو العقول لبارئها ؛ استسلاماً واعترافاً بقصورها ... )).
فأحب مؤلف كتاب البشارة الذي بين أيدينا أن يذكر في كتابه هذا ما أهمله شيخه في " موجز البشارة " ، وينشر فيه ما أجمله شيخه ؛ أي : في " موجزه " ، وقد حلاه بأقوال الأحبار ، وخلاه عن أباطيل الأخبار ، فصرف كل شيء إلى موضعه من " كتاب البشارة " لابن العراقي ، بعد ما عرفه من موقعه ، وسماه : " كتاب البشارة من كتاب الإشارة " ؛ ليتلى ولا يلغى ، ويحفظ ولا يلفظ.
ثانياً :
في هامش نسخة مكتبة الملك عبد العزيز تتردد هذه العبارات بكثرة : (( شيخي سلمه الله وأبقاه ، شيخي سلمه الله ، مولانا سلمه الله ، شيخي رحمه الله ، الشيخ رحمه الله ، نقل من خط مولانا تاج الملة والدين )).
كما نجد نقولاً عن : " الإيضاح " للأندرابي ( ت 470 هـ ) ، و" الكشاف " للزمخشري ( ت 538 هـ ) ، و" عين المعاني " لابن طيفور السجاوندي ( ت 560 هـ ).
وهذا يدل على أن مؤلف الكتاب الذي بين أيدينا متأخر عن كل هؤلاء ؛ حيث إن بعض هذه العبارات كما تتردد في هامش بعض النسخ تتردد أيضاً في متن الكتاب.
 
ثالثاً :
ثم يأتي الدليل القاطع في قول المؤلف في سورة المؤمنون : (( " وشجرةٌ " : يزيد من طريق ابن أبي عبلة ، والصحيح عنه النصب.
وسمعت من أثق به ، وهو عبد العزيز المقرئ أن شيخي – رحمه الله – رجع عن قوله : " وَشَجَرَةٌ " ، وعن قوله : " اللهُ نَوَّرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ " ؛ لعدم التواتر فيها عنه )).
فإذا علمنا أن عبد العزيز المقرئ هذا قد أدركته الوفاة في النصف الثاني من القرن السابع الهجري أيقنا أن الكتاب الذي بين أيدينا ليس لابن العراقي ( ت 486 هـ ) ، وإنما هو لمؤلف متأخر من علماء القرن السابع الهجري.
كما يؤكد ذلك خلو كتاب الإشارة للعراقي صـ 483 ، 512 من الحديث عن هذين الموضعين ، وبالتالي " كناب البشارة " لابنه عبد الحميد ، وبالرغم من أن الكتاب ليس بأيدينا فإن أكثر من نقل عنه ، واعتمده مرجعاً رئيسياً في كتابه ، ونص على القراءات الشاذة في هذين الموضعين وهو ابن خليفة القاري في بحر الجوامع لم يذكر " كتاب البشارة " ، لا تصريحاً ولا تلميحاً.
وهذا نص عبارته في الموضع الأول : (( قال ابن خالويه : وقرئ لعاصم ونافع : " وشجرةٌ " بالرفع )) بحر الجوامع ل 668 أ.
وعبارة النوزاوازي في المغني في القراءات الشواذ ل 113 أ : (( قال ابن خالويه : وقرئ لعاصم ونافع : " وشجرةٌ " برفع التاء )).
وفي الشفاء في علل القراءات ل 129 ب : (( " وشجرةٌ " بالرفع على الابتداء ؛ أي : ومما أنشئ لكم شجرةٌ. و" شجرةً " بالنصب عطف على " كتاب " )).
ويراجع : شواذ ابن خالويه صـ 99 ، وشواذ الكرماني صـ 333.

وقال ابن خليفة في الموضع الثاني : (( وعن زيد بن علي ، وثابت بن أبي حفصة ، والقورسي ، ومسلم بن عبد الملك : " الله نَوَّرَ " بالفتحات الثلاث ، مع تشديد الواو ، وكسر " السماواتِ " على النصب ، ونصب الأرض. قال في الاستغناء : وذكر عن أبي جعفر المدني أنه قرأ عن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة : " اللهُ نَوَّرَ السماواتِ " بفتح النون والواو والراء على الفعل الماضي ، فتكون " السماواتِ " في محل النصب ، و" الأرضَ " منصوب لفظاً ... )) بحر الجوامع ل 676 ب.
وعبارة النوزاوازي في المغني ل 116 ب : (( القراءة المعروفة : " الله نُوْرُ السماواتِ " بضم النون ، وإسكان الواو ، ورفع الراء. " السماواتِ والأرضِ " بالجر فيهما.
زيد بن علي ، وثابت بن أبي حفصة ، والقورسي ، ومسلمة بن عبد الملك : " نَوَّرَ " بالفتحات الثلاث ، مع تشديد الواو. " السماواتِ " بالكسر على النصب. " والأرض " بنصب الضاد )).
وعبارة صاحب الشفاء في علل القراءات ل 132 ب : (( " اللهُ نوَّرَ السماواتِ والأرضَ ". وفي " الكشاف " : وعن علي – رضي الله عنه – " اللهُ نوَّرَ السماواتِ والأرضَ " ؛ أي : نشر فيها الحق وبثه ، فأضاءت بنوره ، أو نور قلوب أهلها به )).
ويراجع : شواذ ابن خالويه صـ 103 ، والكامل في القراءات صـ 608 ، وشواذ الكرماني صـ 342 ، وقرة عين القراء ل 151 أ.

أما عن شيخيه تاج الحق والدين أو تاج الملة والدين ، وشمس الملة والدين فإننا نجد نقولاً عنهما في صلب كتاب " الشفاء في علل القراءات " ، ومؤلفه متوفى في أواخر القرن السابع الهجري ، وينقل في كتابه عمن أدركتهم الوفاة في القرن السابع الهجري ؛ مثل : " مفتاح العلوم " للسكاكي ، وبعض شروح الشاطبية ، و" المكمل " و" الإقليد " في شرح المفصل.
فيقول في الورقة 13 ب – عند الحديث عن اختلاف القراء في قوله تعالى : " نغفر لكم " في سورة البقرة - :
(( وسمعت من شيخي وأستاذي تاج الملة والدين – أدام الله مجده – أنه قال مراراً : إدغام الراء في اللام لأبي عمرو جائز عند القراء ، ومذهب حسن.
وكذا قرأت على أستاذي وشيخي شمس الملة والدين – رحمه الله – بسمرقند في داره )).
ويقول في الورقة 32 ب – عند الحديث عن اختلاف القراء في قوله تعالى : " يغفر لمن " في آخر البقرة - : (( ... وذلك حسن ، وهذا مذهب مقبول معمول ، وعليه شيخنا وأستاذنا تاج الحق والدين – رحمة الله عليه - )).
ويقول عند ذكر اختلاف القراء في قوله تعالى : " ولا يأمركم " بآل عمران ل 37 أ – : (( قرأ أبو عمرو بالاختلاس.
قال الشيخ أبو نصر العراقي – رحمه الله - : كان ابن الإسكندراني يقول : الاختيار أن لا تختلس الحركة لبيان المذهب ، وكذلك قوله : " ويذرهم " في سورة الأعراف.
قال الشيخ الإمام العلامة تاج الحق والدين – رحمه الله – : ترك الاختلاس في الإعراب حسن ؛ لئلا يلتبس الرفع بالجزم الذي هو قراءة حمزة وعلي وخلف وعباس ، أما الاختلاف هاهنا ففي النصب والرفع ، فلا يلزم من اختلاس الرفع الالتباس )).
ويقول عند الحديث عن علل اختلاف القراء في قوله تعالى : " ملء الأرض ذهباً " بآل عمران ل 37 ب : (( " ملء " بغير همز. " الأرض " بالهمز ؛ لأن الهمز من " ملء " تركت في الخط ، فكان أولى بالحذف في اللفظ ، أو لأن الهمزة من " ملء " وقعت لام الكلمة ، وهي موضع تغيير وتبديل.
قال الشيخ أبو نصر العراقي – رحمه الله - : الاختيار عندنا في قراءة ابن كثير الهمز ، وعلى هذا أقرأنا شيخنا ومولانا – رحمه الله - )).

إلى غير ذلك من الأمثلة ، وأضعاف أضعاف ما ذكرت من أدلة.
أخيراً .. أوجه كلامي إلى الباحثين الذين أكثروا من السؤال عن مؤلف الكتاب ، وليس للمعاند.
إن مؤلف " موجز البشارة " المفقود هو أحد علماء القراءات في مدينة بخارى في القرن السابع الهجري ، وله مصنف آخر في اختصار أحد كتب الوقف والابتداء.

أما مؤلف " كتاب البشارة " الذي وصلتنا بعض نسخه الخطية ، فهو من علماء بخارى أيضاً ، وأحد رجالات القرن السابع الهجري ، وله مصنف آخر في القراءات.
والله تعالى أعلى وأعلم.
 
جزاك الله خيرا أبا يوسف ، وبارك فيك ، ونفع بك .
وللمناسبة : هل كتابا (الكشف والبيان) و(التنبيهات) بتحقيق الدكتور أحمد أبو سالم ستنشرهما دار الكتب العلمية ضمن سلسلة (كنوز التراث) ؟ وهل سيدركا المعرض ؟ وكذلك تحقيقات فضيلتكم التي تعملون عليها الآن ؟
 
قلت في المشاركة الأولى : ثم أتى بعض المتأخرين من أهل القرن السادس الهجري ...
وهو خطأ لم أتمكن من تداركه ، والصواب : من أهل القرن السابع الهجري. فأرجو من المشرف الكريم تعديل ذلك.
أخي الفاضل الأستاذ حسين بن محمد - وفقه الله - فجزاكم الله خيراً ، وأما بخصوص الدكتور أحمد رجب أبو سالم فأرجو أن تتواصل معي على جوالي هذا 01069842376 ، وسأعطيك رقمه لتتأكد منه بنفسك ، وفيما أذكر أنكما من محافظة واحدة.
 
فتح الكريم الوهاب في الرد على مقال الكفراوي المسمى بفصل الخطاب حول نسبة كتاب البشارة من الإشارة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=330205


أقول: بعدم وجود صوارف حقيقية تصرف نص الكتاب عن مؤلفه المشتهر بتأليف كتاب البشارة من كتاب الإشارة وهو: عبد الحميد بن منصور العراقي ، والذي ينسب إليه اختصار كتاب والده أبي نصر العراقي ، يرحمهما الله تعالى..
وقد أوضحت ذلك في دراسة الكتاب ، مبحث : توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف .
 
عودة
أعلى