أحمد عبد العزيز أبو عبيدة
Member
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..،
نصحني أحد الأعضاء الأكارم أن أطلع على شرح دكتور بسام جرار لقصة ابراهيم عليه السلام والطير آية 260 سورة البقرة .. وبعد ان قرأت تفسير الشيخ الذي أرسله لي الأخ الكريم ..و بعد البحث في التفاسير .. وتدبر الآية الكريمة .. وجدت الآتي :
= بداية قد يسأل سائل ما هي الاشكالية في قبول تفسير السلف المتفق عليه؟.. وما هي الفائدة المرجوة من التفسير الجديد الذي خلاصته أنه تربية الطيور!..
= أن هذا القول قديم وليس بجديد .. وهو ضعيف مخالف لاجماع المفسرين .. قال الرازي (.. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَجْمَعَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ: قَطِّعْهُنَّ، وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَطَعَ أَعْضَاءَهَا وَلُحُومَهَا وَرِيشَهَا وَدِمَاءَهَا، وَخَلَطَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، غَيْرَ أَبِي مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا طَلَبَ إِحْيَاءَ الْمَيِّتِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَرَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِثَالًا قَرَّبَ بِهِ الْأَمْرَ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِصُرْهُنَّ إِلَيْكَ الْإِمَالَةُ وَالتَّمْرِينُ عَلَى الْإِجَابَةِ، أَيْ فَعَوَّدَ الطُّيُورَ الْأَرْبَعَةَ أَنْ تَصِيرَ بِحَيْثُ إِذَا دَعَوْتَهَا أَجَابَتْكَ وَأَتَتْكَ، فَإِذَا صَارَتْ كَذَلِكَ، فَاجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ وَاحِدًا حَالَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ ادْعُهُنَّ/ يَأْتِينَكَ سَعْيًا، وَالْغَرَضُ مِنْهُ ذِكْرُ مِثَالٍ مَحْسُوسٍ فِي عَوْدِ الْأَرْوَاحِ إِلَى الْأَجْسَادِ عَلَى سَبِيلِ السُّهُولَةِ ..)
= هذا التفسير مفاده أن الله تعالى لم يستجب لخليله عليه السلام برؤية احياء الموتى .. رغم أنها ليست متعذرة في الدنيا ( كحالات مفردة ) مثل ما حدث لبني اسرائيل والمسيح عليه السلام .. لاحظ معي أن الله تعالى استجاب لكليمه موسى عليه السلام .. عندما سأله الرؤية .. وتجلى سبحانه وتعالى للجبل .. رغم أن رؤيته عز وجل ممتنعة في الدنيا ..
= لاحظ معي أخي الكريم في الآية السابقة مباشرة رقم 259 ، عزير عليه السلام يتعجب من كيفية إحياء القرية الخربة ( نفس المعنى في طلب ابراهيم عليه السلام احياء الموتى ) وقال أنى يحي هذه الله بعد موتها .. ماذا حدث؟.. أراه الله تعالى تجربة حقيقية في نفسه وما حوله .. وقبلها قصة الذين خرجوا وهم ألوف حذر الموت .. هذا للاستئناس ..
= من كلام الشيخ يتضح أن عنده اشكاليات جعلته لجأ لهذا التفسير :
أولا : ذكر الشيخ ( أن لفظ فصرهن معناه الضم والتقريب والقول بأنه التقطيع فيه صرف عن ظاهر المعنى ) ..
وبالرجوع لكتب التفسير نجد أن المعنى اللغوي يصح فيه الامالة والضم وايضا التقطيع يقول فخر الرازي ( وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ مَعْنَاهُ قَطِّعْهُنَّ، يُقَالُ: صَارَ الشَّيْءَ يَصُورُهُ صَوْرًا، إِذَا قَطَعَهُ، قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ خَصْمًا أَلَدَّ: صِرْنَاهُ بِالْحُكْمِ، أَيْ قَطَعْنَاهُ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِضْمَارِ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ حَمْزَةَ بِكَسْرِ الصَّادِ، فَقَدْ فَسَّرَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ أَيْضًا تَارَةً بِالْإِمَالَةِ، وَأُخْرَى بِالتَّقْطِيعِ، أَمَّا الْإِمَالَةُ فَقَالَ الْفَرَّاءُ: هَذِهِ لُغَةُ هُذَيْلٍ وَسُلَيْمٍ: صَارَهُ يَصِيرُهُ إِذَا أَمَاتَهُ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ وغيره فصرهن بِكَسْرِ الصَّادِ: قَطِّعْهُنَّ. يُقَالُ: صَارَهُ يَصِيرُهُ إِذَا قَطَعَهُ .. )
وفي أيسر التفاسير (( فُسِرَ: {صرهن} بأملهن وقطعهن كما في التفسير، والكل صحيح، إذ إما إمالتهن أولاً ثم تقطيعهن وشاهد أملهن في قول العرب: رجل أصور إذا كان مائل العنق. وامرأة صوراء، وجمع صور؛ كسوداء وسود، وعليه قول الشاعر:
الله يعلم أنا في تلفتنا ... يوم الفراق إلى جيراننا صور
وشاهد قطعهن قوله: صار الشيء يصوره إذا قطعه، ومنه قول الشاعر:
بنهضي وقد كاد ارتقائي يصورها )).
ثانيا : ذكر الشيخ استشكاله لتفريق الأجزاء الميتة على الجبال وما فائدة ذلك ؟ ..
وعند التأمل تجد أن ذلك له هدف واضح وهو زيادة صعوبة عملية إحياء الموتى ( بالنسبة للعقل البشري طبعا ).. فالتجربة جمعت بين صعوبات .. فهم أربعة أصناف مختلفة ثم يتم تقطيعهن أجزاءً ثم يتم خلط الأجزاء ثم يتم توزيعهن على جبال وليس جبلا واحدا ( لتحقيق البعد المكاني رأسيا وأفقيا ).. كل هذا معطيات لتجربة في قمة الصعوبة ، نموذج مثالي لتجربة إحياء الموتى تليق بأبي الانبياء عليه السلام .. فلا يكفي كما يذكر الشيخ طيرا واحدا فحسب يموت ويحيا أمام ابراهيم عليه السلام ..
ثالثا : يقول الشيخ أن تفريق الأبعاض على الجبال لا يجعلنا نبصر كيفية الاحياء ..
ونقول ما المانع أن تلبي الأجزاء النداء ثم يكون تجميعها أمام الخليل عليه السلام لتكون صورة الطيور النهائية؟.. فالتجربة اعجازية غير تقليدية بكاملها .. ولا مانع أن الخليل عليه السلام بعد ما ذبحها قد أبقى رؤوسها معه ( كما نقل عن بن عباس ) ليجتمع كل جسد ثم يختار بنفسه رأسه ..
رابعا : يقول الشيخ وما يدرينا لعلها نفس الطيور أم لا ؟..
عند التأمل في صيغة فصرهن اليك .. وهي تشمل الضم والامالة والتقطيع .. توقن ان الخليل عليه السلام أصبح يعرف هذه الطيور .. فهو الذي أخذها وضمها اليه وباشر تقطيعها بنفسه ثم فرقها على الجبال .. ثم تخيل معي حال الخليل عليه السلام أثناء التجربة .. فهو يسأل ربه شيئا عظيما غير مألوف قد شغل قلبه وهو احياء الموتى .. ويستجيب الله تعالى له ويأمره بتنفيذ خطوات معينة لتحقيق مطلبه .. من المؤكد انه سيكون في قمة الاهتمام والانتباه لما يفعله ..
= اشكاليات على هذا التفسير ( تربية الطيور ) :
= هذه الألفة بين من يربيها ويطعمها ويسقيها .. أظن أن معظم البشر يعرف ذلك .. من منا لم يعرف الدجاج والبط والأوز والحمام والعصافير .. ولم يربها في بيته .. كان عندنا ونحن أطفال صغار كتاكيت نربيها في بيتنا .. وكل واحد منا يختار كتكوتا ويختار له اسما .. وللأسف كانوا يموتون بعد وقت قصير ونبكي عليهم!.. معظم البشر قديما وحديثا يعرف استئناس الصقور والحمام الزاجل والببغاء .. هذه ليست قضية صعبة أو جديدة .. بل والفيلة ( قصة أصحاب الفيل ) .. والأسود ايضا ( بعض المعارك القديمة ذكرت أنهم أحضروا اسودا مدربة معها لارهاب الأعداء ) ..
= تخيل أخي الكريم .. يأتي ابراهيم عليه السلام بأربعة طيور مثلا بطة وأوزة ودجاجة وحمامة ثم يربيها معه حتى يألفهم ويألفوه ثم يوزعهن على الجبال ثم يدعوهن فيأتين .. هل هذه هي إجابة سؤاله عن كيفية إحياء الموتى .. أليس قد أكرمه الله عز وجل قبل ذلك بمعجزة خروجه من النار سالما .. فما المانع ان تتكرر المعجزة ..
= بعد توزيع الطيور الحية على الجبال .. كيف يسمعون دعاء الخليل عليه السلام .. يمكن الجواب أن الله تعالى سيبلغ دعائه لهم .. أليس هذا أليق بالتفسير السلفي الاعجازي أنه إحياء حقيقي للموتى .. وليس التفسير بتربية الطيور البشرية فهي تجربة تقليدية .. تخيل أن بعض الطيور في قمة الجبل والخليل عليه السلام في سفح الجبل .. كيف يسمعون صوته .. ثم تأمل لفظ ادعهن وهو للقريب وليس نادهن للبعيد ..
= الألفة بين الطيور ومربيها تختلف من صنف لآخر فهي درجات .. فهذا التفسير ينطبق على أنواع معينة مثل الحمام والصقور .. فهل ينطبق على باقي الاصناف ؟..انت مثلا لو ربيت دجاجا أو بطا أو عصافير هل ستصل درجة هذه الألفة اني اتركها فوق الجبال ثم ادعوها فتأتي؟ ..
= مؤكد أن تربية الطيور ستأخذ وقتا .. عدة أيام مثلا أو عدة اسابيع..عندما نتأمل الفاء ( فصرهن اليك ) و نتأمل ثم ( ثم اجعل ) .. و نقارن ..
في التفسير السلفي المشهور .. الفاء للضم والتقطيع .. و " ثم " لصعود الجبال ..
في التفسير الآخر ........... الفاء لتربية الطيور .. و " ثم " لصعود الجبال ..
.. أيهما أنسب؟ ..
= ثم اخيرا .. أي التجربتين يؤدي لاطمئنان القلب ( ولكن ليطمئن قلبي )..
هل تربية الطيور حتى تتحقق الألفة واجابة نداء مربيها تؤدي لاطمئنان القلب بإحياء الأموات ..
أم رؤية تجربة حقيقية من طيور مقطعة مخلوطة الاجزاء تتجمع وتعود للحياة مرة أخرى تؤدي لاطمئنان القلب والوصول لدرجة ( عين اليقين )؟! ..
والله أعلى وأعلم ..واستغفر الله العظيم وأتوب إليه من كل خطأ وزلل ..
وجزاكم الله خيرا أخي .. أن كنت سببا في بحثي وتدبري للآية المباركة ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..،
نصحني أحد الأعضاء الأكارم أن أطلع على شرح دكتور بسام جرار لقصة ابراهيم عليه السلام والطير آية 260 سورة البقرة .. وبعد ان قرأت تفسير الشيخ الذي أرسله لي الأخ الكريم ..و بعد البحث في التفاسير .. وتدبر الآية الكريمة .. وجدت الآتي :
= بداية قد يسأل سائل ما هي الاشكالية في قبول تفسير السلف المتفق عليه؟.. وما هي الفائدة المرجوة من التفسير الجديد الذي خلاصته أنه تربية الطيور!..
= أن هذا القول قديم وليس بجديد .. وهو ضعيف مخالف لاجماع المفسرين .. قال الرازي (.. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَجْمَعَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ: قَطِّعْهُنَّ، وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَطَعَ أَعْضَاءَهَا وَلُحُومَهَا وَرِيشَهَا وَدِمَاءَهَا، وَخَلَطَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، غَيْرَ أَبِي مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا طَلَبَ إِحْيَاءَ الْمَيِّتِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَرَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِثَالًا قَرَّبَ بِهِ الْأَمْرَ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِصُرْهُنَّ إِلَيْكَ الْإِمَالَةُ وَالتَّمْرِينُ عَلَى الْإِجَابَةِ، أَيْ فَعَوَّدَ الطُّيُورَ الْأَرْبَعَةَ أَنْ تَصِيرَ بِحَيْثُ إِذَا دَعَوْتَهَا أَجَابَتْكَ وَأَتَتْكَ، فَإِذَا صَارَتْ كَذَلِكَ، فَاجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ وَاحِدًا حَالَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ ادْعُهُنَّ/ يَأْتِينَكَ سَعْيًا، وَالْغَرَضُ مِنْهُ ذِكْرُ مِثَالٍ مَحْسُوسٍ فِي عَوْدِ الْأَرْوَاحِ إِلَى الْأَجْسَادِ عَلَى سَبِيلِ السُّهُولَةِ ..)
= هذا التفسير مفاده أن الله تعالى لم يستجب لخليله عليه السلام برؤية احياء الموتى .. رغم أنها ليست متعذرة في الدنيا ( كحالات مفردة ) مثل ما حدث لبني اسرائيل والمسيح عليه السلام .. لاحظ معي أن الله تعالى استجاب لكليمه موسى عليه السلام .. عندما سأله الرؤية .. وتجلى سبحانه وتعالى للجبل .. رغم أن رؤيته عز وجل ممتنعة في الدنيا ..
= لاحظ معي أخي الكريم في الآية السابقة مباشرة رقم 259 ، عزير عليه السلام يتعجب من كيفية إحياء القرية الخربة ( نفس المعنى في طلب ابراهيم عليه السلام احياء الموتى ) وقال أنى يحي هذه الله بعد موتها .. ماذا حدث؟.. أراه الله تعالى تجربة حقيقية في نفسه وما حوله .. وقبلها قصة الذين خرجوا وهم ألوف حذر الموت .. هذا للاستئناس ..
= من كلام الشيخ يتضح أن عنده اشكاليات جعلته لجأ لهذا التفسير :
أولا : ذكر الشيخ ( أن لفظ فصرهن معناه الضم والتقريب والقول بأنه التقطيع فيه صرف عن ظاهر المعنى ) ..
وبالرجوع لكتب التفسير نجد أن المعنى اللغوي يصح فيه الامالة والضم وايضا التقطيع يقول فخر الرازي ( وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ مَعْنَاهُ قَطِّعْهُنَّ، يُقَالُ: صَارَ الشَّيْءَ يَصُورُهُ صَوْرًا، إِذَا قَطَعَهُ، قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ خَصْمًا أَلَدَّ: صِرْنَاهُ بِالْحُكْمِ، أَيْ قَطَعْنَاهُ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِضْمَارِ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ حَمْزَةَ بِكَسْرِ الصَّادِ، فَقَدْ فَسَّرَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ أَيْضًا تَارَةً بِالْإِمَالَةِ، وَأُخْرَى بِالتَّقْطِيعِ، أَمَّا الْإِمَالَةُ فَقَالَ الْفَرَّاءُ: هَذِهِ لُغَةُ هُذَيْلٍ وَسُلَيْمٍ: صَارَهُ يَصِيرُهُ إِذَا أَمَاتَهُ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ وغيره فصرهن بِكَسْرِ الصَّادِ: قَطِّعْهُنَّ. يُقَالُ: صَارَهُ يَصِيرُهُ إِذَا قَطَعَهُ .. )
وفي أيسر التفاسير (( فُسِرَ: {صرهن} بأملهن وقطعهن كما في التفسير، والكل صحيح، إذ إما إمالتهن أولاً ثم تقطيعهن وشاهد أملهن في قول العرب: رجل أصور إذا كان مائل العنق. وامرأة صوراء، وجمع صور؛ كسوداء وسود، وعليه قول الشاعر:
الله يعلم أنا في تلفتنا ... يوم الفراق إلى جيراننا صور
وشاهد قطعهن قوله: صار الشيء يصوره إذا قطعه، ومنه قول الشاعر:
بنهضي وقد كاد ارتقائي يصورها )).
ثانيا : ذكر الشيخ استشكاله لتفريق الأجزاء الميتة على الجبال وما فائدة ذلك ؟ ..
وعند التأمل تجد أن ذلك له هدف واضح وهو زيادة صعوبة عملية إحياء الموتى ( بالنسبة للعقل البشري طبعا ).. فالتجربة جمعت بين صعوبات .. فهم أربعة أصناف مختلفة ثم يتم تقطيعهن أجزاءً ثم يتم خلط الأجزاء ثم يتم توزيعهن على جبال وليس جبلا واحدا ( لتحقيق البعد المكاني رأسيا وأفقيا ).. كل هذا معطيات لتجربة في قمة الصعوبة ، نموذج مثالي لتجربة إحياء الموتى تليق بأبي الانبياء عليه السلام .. فلا يكفي كما يذكر الشيخ طيرا واحدا فحسب يموت ويحيا أمام ابراهيم عليه السلام ..
ثالثا : يقول الشيخ أن تفريق الأبعاض على الجبال لا يجعلنا نبصر كيفية الاحياء ..
ونقول ما المانع أن تلبي الأجزاء النداء ثم يكون تجميعها أمام الخليل عليه السلام لتكون صورة الطيور النهائية؟.. فالتجربة اعجازية غير تقليدية بكاملها .. ولا مانع أن الخليل عليه السلام بعد ما ذبحها قد أبقى رؤوسها معه ( كما نقل عن بن عباس ) ليجتمع كل جسد ثم يختار بنفسه رأسه ..
رابعا : يقول الشيخ وما يدرينا لعلها نفس الطيور أم لا ؟..
عند التأمل في صيغة فصرهن اليك .. وهي تشمل الضم والامالة والتقطيع .. توقن ان الخليل عليه السلام أصبح يعرف هذه الطيور .. فهو الذي أخذها وضمها اليه وباشر تقطيعها بنفسه ثم فرقها على الجبال .. ثم تخيل معي حال الخليل عليه السلام أثناء التجربة .. فهو يسأل ربه شيئا عظيما غير مألوف قد شغل قلبه وهو احياء الموتى .. ويستجيب الله تعالى له ويأمره بتنفيذ خطوات معينة لتحقيق مطلبه .. من المؤكد انه سيكون في قمة الاهتمام والانتباه لما يفعله ..
= اشكاليات على هذا التفسير ( تربية الطيور ) :
= هذه الألفة بين من يربيها ويطعمها ويسقيها .. أظن أن معظم البشر يعرف ذلك .. من منا لم يعرف الدجاج والبط والأوز والحمام والعصافير .. ولم يربها في بيته .. كان عندنا ونحن أطفال صغار كتاكيت نربيها في بيتنا .. وكل واحد منا يختار كتكوتا ويختار له اسما .. وللأسف كانوا يموتون بعد وقت قصير ونبكي عليهم!.. معظم البشر قديما وحديثا يعرف استئناس الصقور والحمام الزاجل والببغاء .. هذه ليست قضية صعبة أو جديدة .. بل والفيلة ( قصة أصحاب الفيل ) .. والأسود ايضا ( بعض المعارك القديمة ذكرت أنهم أحضروا اسودا مدربة معها لارهاب الأعداء ) ..
= تخيل أخي الكريم .. يأتي ابراهيم عليه السلام بأربعة طيور مثلا بطة وأوزة ودجاجة وحمامة ثم يربيها معه حتى يألفهم ويألفوه ثم يوزعهن على الجبال ثم يدعوهن فيأتين .. هل هذه هي إجابة سؤاله عن كيفية إحياء الموتى .. أليس قد أكرمه الله عز وجل قبل ذلك بمعجزة خروجه من النار سالما .. فما المانع ان تتكرر المعجزة ..
= بعد توزيع الطيور الحية على الجبال .. كيف يسمعون دعاء الخليل عليه السلام .. يمكن الجواب أن الله تعالى سيبلغ دعائه لهم .. أليس هذا أليق بالتفسير السلفي الاعجازي أنه إحياء حقيقي للموتى .. وليس التفسير بتربية الطيور البشرية فهي تجربة تقليدية .. تخيل أن بعض الطيور في قمة الجبل والخليل عليه السلام في سفح الجبل .. كيف يسمعون صوته .. ثم تأمل لفظ ادعهن وهو للقريب وليس نادهن للبعيد ..
= الألفة بين الطيور ومربيها تختلف من صنف لآخر فهي درجات .. فهذا التفسير ينطبق على أنواع معينة مثل الحمام والصقور .. فهل ينطبق على باقي الاصناف ؟..انت مثلا لو ربيت دجاجا أو بطا أو عصافير هل ستصل درجة هذه الألفة اني اتركها فوق الجبال ثم ادعوها فتأتي؟ ..
= مؤكد أن تربية الطيور ستأخذ وقتا .. عدة أيام مثلا أو عدة اسابيع..عندما نتأمل الفاء ( فصرهن اليك ) و نتأمل ثم ( ثم اجعل ) .. و نقارن ..
في التفسير السلفي المشهور .. الفاء للضم والتقطيع .. و " ثم " لصعود الجبال ..
في التفسير الآخر ........... الفاء لتربية الطيور .. و " ثم " لصعود الجبال ..
.. أيهما أنسب؟ ..
= ثم اخيرا .. أي التجربتين يؤدي لاطمئنان القلب ( ولكن ليطمئن قلبي )..
هل تربية الطيور حتى تتحقق الألفة واجابة نداء مربيها تؤدي لاطمئنان القلب بإحياء الأموات ..
أم رؤية تجربة حقيقية من طيور مقطعة مخلوطة الاجزاء تتجمع وتعود للحياة مرة أخرى تؤدي لاطمئنان القلب والوصول لدرجة ( عين اليقين )؟! ..
والله أعلى وأعلم ..واستغفر الله العظيم وأتوب إليه من كل خطأ وزلل ..
وجزاكم الله خيرا أخي .. أن كنت سببا في بحثي وتدبري للآية المباركة ..