هيثم بن سليمان
New member
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ورد لفظ "الظن" في القرآن نحو ستين مرة بين إسمٍ و فعل, إلا أن له عدة معانٍ تختلف بإختلاف السياق. فتتبعت هذه المعاني في كتب التفسير و خاصة تفسير الطبري و التحرير و التنوير.
ورد لفظ "الظن" في القرآن نحو ستين مرة بين إسمٍ و فعل, إلا أن له عدة معانٍ تختلف بإختلاف السياق. فتتبعت هذه المعاني في كتب التفسير و خاصة تفسير الطبري و التحرير و التنوير.
عند إطلاق لفظ "الظن" عند الأصوليين و أهل اللغة فإنه يُقصد به الظن الراجح, او كما عرّفه الجرجاني: الإعتقاد الراجح مع إحتمال النقيض – و هذه هي المرتبة الثانية من مراتب القسمة : اليقين و الإعتقاد الراجح (الرجحان) و الشك (إستواء الطرفين) و الوهم (الظن المرجوح).
أما في القرآن فإن المراد بلفظ "الظن" عادة هو اليقين – و هو بخلاف ما ذكره أهل اللغة وأهل الأصول. و أسرد فيما يلي معاني هذه اللفظه حسب كثرة الإستعمال في القرآن:
1. اليقين (الإعتقاد الجازم):
– و هو الأكثر إستعمالاً في القرآن.
– يفيد إما علم اليقين (من المؤمن) أو عين اليقين (من الكافر).
– وإذا كان من المؤمن فإنه يفيد العمل بموجبه.
– ويكون دائماً موافقاً للحقيقة.
قال تعالى: (الذين يظنون أنهم ملاقوا الله) , (و ظن أنه الفراق) , (و إنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض) , (و ظنوا أنهم مواقعوها) , (إني ظننت اني ملاق حسابيه) , (ظنوا ان لا ملجأ من الله) , (و ظنوا أنهم أحيط بهم).
2. الحسبان: و هو في المرتبة الثانية من حيث كثرة الإستعمال.
– و هو إعتقادٌ كأنه في حكم اليقين لكنه لا يرقى الى درجة اليقين.
– دائماً لا يوافق الحقيقة.
– يحسن في موضعه لفظ "حسب".
قال تعالى: (و إنا ظننا أن لن تقول الإنس و الجن على الله كذباً) , (بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول و المؤمنون الى أهليهم) , (و لكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون) , (إنه ظن أن لن يحور) , (ظن أهلها أنهم قادرون عليها) , (و إنا لنظنكم من الكاذبين) , (و ظنوا أنهم إلينا لا يرجعون) , (و ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم).
3. الإعتقاد الخاطئ: و هو قريب من الحسبان إلان أنه لا يحسن في موضعه لفظ "حسب".
– عادة يفيد الجهل او الجهل المركب.
قال تعالى: (فما ظنكم برب العالمين) , (إن بعض الظن إثم) , (ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا) , (يظنون بالله غير الحق) , (و ظننتم ظن السوء).
4. الإعتقاد الراجح (الرجحان):
– و هو المرتبة الثانية من مراتب القسمة بعد اليقين.
– يكون دائماً موافقا للحقيقة.
– استعماله قليل في القرآن.
قال تعالى: (إن ظنا ان يقيما حدود الله) , (و قال للذي ظن أنه ناج منهما).
5. الشك :
قال تعالى: (و إن هم إلا يظنون) , (إن نظن إلا ظنا و ما نحن بمستيقنين).
6. الوهم و التوهم (الظن المرجوح)
– و هناك تداخل بين معنى الوهم و الشك, إلا أن معنى الموه يكون أرجح عادة – كما ذكر ابن عاشور – لأنه يكون أبلغ في الذم. فمثلاً إيمان المشركين بآلهتهم لا يعدو ان يون وهماً لا يرقى لمرتبة الشك.
قال تعالى: (و ذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه) , (إن يتبعون إلا الظن) , (إن الظن لا يغني عن الحق).
7. التهمة: و قد وردت في موضعين
قال تعالى: (الظانين بالله ظن السوء) – اي يتهمونه في حكمه.
و قال تعالى: (بظنين) – على قراءة الكسائي و ابن كثير و ابي عمرو , اي: متهم.
* هناك معنى آخر ذكره المفسرون و هو معنى "العلم" في قوله تعالى (و ظن داؤد أنما فتناه) – و الظاهر أنه أقرب للرجحان و الله أعلم.
* مما يجدر ذكره أن العلامة الزركشي قد وضع ضابطين للتفريق بين الشك و اليقين إلا أنه يصعب تطبيقهما في كل المواضع.
و الله أعلى و أعلم.