فأردت ، فأردنا ، فأراد ربك .

إنضم
16/11/2009
المشاركات
1,296
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
العمر
72
الإقامة
تارودانت-المغرب
يقول تعالى : ﴿ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ [الكهف:79] .
ويقول تعالى : ﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)﴾ [الكهف:80-81]
ويقول تعالى : ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا﴾ [الكهف:82] .
يقول الرازي – رحمه الله – (ت:606ه) : " وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي يَعْنِي مَا فَعَلْتُ مَا رَأَيْتَ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ عَنْ أَمْرِي وَاجْتِهَادِي وَرَأْيِي وَإِنَّمَا فَعَلْتُهُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَوَحْيِهِ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى تَنْقِيصِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَإِرَاقَةِ دِمَائِهِمْ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالْوَحْيِ وَالنَّصِّ الْقَاطِعِ . بَقِيَ فِي الْآيَةِ سُؤَالٌ ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ : فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَقَالَ : فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَقَالَ : فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما كَيْفَ اخْتَلَفَتِ الْإِضَافَةُ فِي هَذِهِ الْإِرَادَاتِ الثَّلَاثِ وَهِيَ كُلُّهَا فِي قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ وَفِعْلٍ وَاحِدٍ ؟ وَالْجَوَابُ : أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْعَيْبَ أَضَافَهُ إِلَى إِرَادَةِ نَفْسِهِ فَقَالَ : أَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا . وَلَمَّا ذَكَرَ الْقَتْلَ عَبَّرَ عَنْ نَفْسِهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْعُظَمَاءِ فِي عُلُومِ الْحِكْمَةِ فَلَمْ يُقْدِمُ عَلَى هَذَا الْقَتْلِ إِلَّا لِحِكْمَةٍ عَالِيَةٍ ، وَلَمَّا ذَكَرَ رِعَايَةَ مَصَالِحِ الْيَتِيمَيْنِ لِأَجْلِ صَلَاحِ أَبِيهِمَا أَضَافَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، لِأَنَّ الْمُتَكَفِّلَ بِمَصَالِحِ الْأَبْنَاءِ لِرِعَايَةِ حَقِّ الْآبَاءِ لَيْسَ إلا الله سبحانه وتعالى "
 
جزاك الله خيرا.
بالنظر إلى هذه الآيات نرى أنّ:
1 - العلم الحاصل للخضر ثلاث:
- ما يمكن ادراكه دون وحي أو إلهام، فمعرفة كون السفينة مرصودة من قبل ظالم ممكنة، والتصرّف يكون بحسبها، فكانت الإرادة نابعة عن إجتهاد فردي.
- ما لا يمكن إدراكه إلا بوحي أو إلهام، والتصرّف فيه يكون بموجب الإجتهاد في دلالة الوحي أو الإلهام، فتكون الإرادة بذلك للموحي أو الملهِم بالإخبار والموحى إليه أو المُلهَم بالإجتهاد في الدلالة، فمعرفة حال الولد مع أبويه مستقبلا لا سبيل لها إلا بوحيّ، فلما أعلم اللهُ الخضرَ بالحال، إجتهد الخضر في معرفة الدلالة ومعرفة إرادة الله وحكم بموجب ذلك فكان الإشتراك في الإرادة.
- ما لا يمكن ادراكه إلا بوحي أو إلهام، والتصرّف فيه يكون بموجب الوحي أو الإلهام، فتكون الإرادة بذلك للموحي أو الملهِم وحده، فإبقاء حال الكنز بعد إقامة الجدار بالنسبة للخضر غير ممكن، لأنّ التصرّف في حال النّاس من جهة المنع أو التوفيق لا يكون إلا لله.
2- أنّ الله عزّ وجل أدّب موسى عليه السلام على نسبة العلم إلى نفسه، بثلاثٍ أُختُصِرت في رجلٍ واحدٍ هو الخضر عليه السلام، فالاجتهاد لا يكون إلا من متوفّر، بمعرفة سابقة، أو بوحي أوبإلهام، والثالثة إتّباعٌ وكفى.
فالدين أن تتبّع البيّنة، فإن لم تجد فاجتهد في ما عندك من وحي، فإن لم تجد فبما تراه مناسبا للحال المعلومة.
 
عودة
أعلى