بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله وصبحه وسلم
الاستاذ الكريم الأخ فرج بن ناصر
تفضلت بارك الله فيك وعليه قائلا :
من الالفاظ ما يعبر عنه في الاصطلاح بالالفاظ المنقولة , و هي ما ترك استعمالها في معناها اللغوي الاصلي
فهل عبارة الغزو ترك استعمالها اللغوي الأصلي؟ أما إن كان ارباب السير والمغازي اصطلحوا على تسمية معارك الرسول صلى الله عليه وسلم جملة بالغزوات سواءا ما غزا فيها او مالم يغزو فهذه مغالطة لغوية تاريخية يجب الا نصطلح معهم عليها وبذلك فإنها تفقد الصفة كمصطلح لأنه لا ارى ان كلمة دارجة ومستخدمة ككلمة "غزو" يمكن تعطيل معناها الاساسي لأجل خطا توارثته أجيال عديدة.
ولفظة "غزو" ليست حكرا في الاستخدام عليهم فكل ارباب العلوم يستخدمونها عامة وخاصة
فالتشنيع عليهم بما ذكرت سوف يفضي الي ضياع العلوم و اختلاط أجناسها و فروعها.
بل إن تصحيح ما ذهبوا اليه من خطأ واجب ، فالمفاسد التي تترتب على هذا الخطأ جسيمة فلا يخفى عليك بارك الله فيك أن هذه المتون تترجم لغير المسلمين وللباحثين من غير المسلمين وكل قارئ فإذا اخذت صبغة غير صبغتها فإننا ان توقفنا عن التفكير وفكروا هم وتسائلوا فهل تراه يستقيم أن نقول لهم انها ليست غزوة ولكننا اصطلحنا على تسميتها غزوة :)
والمفسدة الجسيمة التي يمكن ان تترتب على هذا الفهم المغلوط هو تسلل كلمات أخرى لتأخذ مفهوم غير مفهومها الحقيقي وتصبح اللغة نهباً للخطائين حتى ينتشر هذا الداء ليصيب العلوم الشرعية ويأتي من يعزو معنى شرعي لكلمة في كتاب الله لمعنى دارج عند اهل فن معين ويصبح ذلك ذريعة .
ولا تختلف معي أن سوى كلام الله جل وعلا وحديث نبينا صلى الله عليه وسلم يضرب به عرض الحائط اذا خالف واخطأ
وهل عقمت اللغة العربية وعجزت عن التفريق الدقيق بين الحالتين فللحرب اسماء عدة في اللغة
الهيجاء الحرب وهي تمد وتقصر
والوغى ضجة الحرب
والرحى معظمها
والمعركة والمعترك موضع القتال
وكذلك المأقط والمأزق وحومة القتال معظمه
والملحمة الوقعة العظيمة القتال
والغارة الشعواء التي تأتي من كل الجهات
والهرج الفتنة والاختلاط وقد يسمى القتل هرجا
والرهج غبار الحرب
وهو القسطل والعجاج والنقع والعثير
والمصاع الجلاد بالسيوف
والمداعسة المطاعنة
والوخض الطعن في الجوف
والغموس الطعنة النافذة
وقلت اسعدك الله
و عبروا عنها بلفظ اليوم وهو الغالب , كما في قوله تعالي : (( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) [التوبة 25-27 ]
و في صحيح البخاري في كتاب المغازي باب عدة أصحاب بدر عن البراء رضي الله عنه قال : (( استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر وكان المهاجرون يوم بدر نيفا على ستين والأنصار نيفا وأربعين ومائتين ))
و في صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الخندق من حديث أم المومنين عائشة رضي الله عنها : (( عن عائشة رضي الله عنها إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجرقالت : كان ذلك يوم الخندق )).
ان لفظ اليوم لا يتغير فيه معنى الغزو ليشمل اي معركة فمازال الغزو انتقال ولا زال معناه ثابت لم يختلف ثم اني
اراك اقمت الحجة على من نسب الى الخندق و أحد لفظة
غزو بما نقلته من نصوص لم تسميها غزوا ، أما عنونة البخاري رحمه الله للباب بلفظ غزوة فلا يحتج به لأنه ببساطة خطأ ولا يحتج بالخطأ على الصواب قد يكون نتج من النسخ او التحقيق وهو في النهاية نتاج بشري ولكن عندما تنظر في المتون من قرآن او حديث صحيح فلن تجد هذا التعبير
ونخلص إلى أن بقاء التعبير الخاطئ - بحجة اصطلاح مجموعة من المتقدمين عليها - مفسدة وتصحيحها في الطبعات وما يتناقله طلبة العلم واجب للمحافظة على اللغة وعلى المصطلحات والمفردات من الافساد والتبديل والتغيير الذي يلتهم المعاني ويخرجها عن معناها اللغوي
والسلام عليكم ورحمة الله