على كل سبيل شيطان

إنضم
12/01/2006
المشاركات
452
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه .وبعد :


فالمتتبع لاحوال المسلمين , ليهوله حالهم هذا ... فان كان اهل الزمان الغابر قد ذموا أهل زمانهم , فما ذلك الا لانهم لم يروا اهل زماننا , اهواء وشهوات , تنشر بلا رقيب . بل ان كان فيها خير سيقصها مقص الرقيب . اما الفساد والفرقة فهي مطلبهم .


والمتتبع لاحوال المسلمين سيجد امور ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم تحدث بيننا فهل نسمع قوله ام قول غيره ؟

عَنْ عَبْد اللَّه هُوَ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : خَطَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ هَذَا سَبِيل اللَّه مُسْتَقِيمًا وَخَطَّ عَنْ يَمِينه وَشِمَاله ثُمَّ قَالَ هَذِهِ السُّبُل لَيْسَ مِنْهَا سَبِيل إِلَّا عَلَيْهِ شَيْطَان يَدْعُو إِلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ" وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيله "

نعم الذي اهتم به هم هؤلاء اصحاب السبل الذين سمعنا بعضهم يبشر بالديمقراطية والآخر يبشر بالليبرالية وأخر يبشر لحزبه ويدعوك لسلوك طريقه وطريق قومه ,ويحلف لك بصدق قوله , وانه يُشهد له بعمله , ولحزبه بفضله . ويشهد على ذلك ربه .
فان اتبعت طريقه صرت عنده معظما . وقولك مسموعا . وفعلك محمودا . وعدوك مكروها . وصديقك صديقا . وان خالفته الب عليك الاحباب . وسد دونك الابواب . فاذا تكلمت كذب قولك . وان سكتَ انتقد عملك. ويجد في نفسه نارا لا يطفئها الا شتمك . وانتهاك عرضك ,فان نجوت و لم يخونك . يسهل عليه ان يضللك .
ان وافقت هواه فانت المقدم حتى لو عارضت القران . وخالفت كلام المنان . فلا تستدل باحد الا فلان وفلان . لانهم هم من يفهم الاحوال . وغيرهم ليس ذو خبرة بالحال . لا ولاء ولا براء . لا سنة ولا كتاب انها السياسة ... هل تفهم بالسياسة ؟

قال ابن كثير :
قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيله " وَفِي قَوْله " أَنْ أَقِيمُوا الدِّين وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ " وَنَحْو هَذَا فِي الْقُرْآن قَالَ أَمَرَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ بِالْجَمَاعَةِ وَنَهَاهُمْ عَنْ الِاخْتِلَاف وَالتَّفْرِقَة وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلهمْ بِالْمِرَاءِ وَالْخُصُومَات فِي دِين اللَّه وَنَحْو هَذَا قَالَهُ مُجَاهِد وَغَيْر وَاحِد وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل : حَدَّثَنَا الْأَسْوَد بْن عَامِر شَاذَان حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر هُوَ اِبْن عَيَّاش عَنْ عَاصِم هُوَ اِبْن أَبِي النَّجُود عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ عَبْد اللَّه هُوَ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : خَطَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ هَذَا سَبِيل اللَّه مُسْتَقِيمًا وَخَطَّ عَنْ يَمِينه وَشِمَاله ثُمَّ قَالَ هَذِهِ السُّبُل لَيْسَ مِنْهَا سَبِيل إِلَّا عَلَيْهِ شَيْطَان يَدْعُو إِلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ" وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيله "


قال الامام الشاطبي (رحمه الله تعالى) يخبرنا بحاله التي تحدث لكل من دعا الى السنة وترك الفرقة والبدعة فيقول :
فتردد النظر بين - أن أتبع السنة على شرط مخالفة ما اعتاد عليه الناس فلابد من حصول نحو مما حصل لمخالفي العوائد، لا سيما إذا ادعى أهلها أن ما هم عليه هو السنة لا سواها إلا أن في ذلك العبء الثقيل ما فيه من الأجر الجزيل - وبين أن أتبعهم على شرط مخالفة السنة والسلف الصالح، فأدخل تحت ترجمة الضلال عائذاً بالله من ذلك، إلا أني أوافق المعتاد، وأُعدُّ من المؤالفين، لا من المخالفين، فرأيت أن الهلاك في اتباع السنة هو النجاة، وأن الناس لن يغنوا عني من الله شيئا، فأخذت في ذلك على حكم التدريج في بعض الأمور، فقامت علي القيامة، وتواترت علي الملامة، وفوَّق إلي العتاب سهامه، ونسبت إلى البدعة والضلالة، وأنزلت منزلة أهل الغباوة والجهالة، وإني لو التمست لتلك المحدثات مخرجاً لوجدت، غير أن ضيق العطن، والبعد عن أهل الفطن، رقى بي مرتقىً صعباً، وضيق علي مجالاً رحباً، وهو كلام يشير بظاهره إلى أن أتباع المتشابهات لموافقة العادات أولى من أتباع الواضحات وإن خالفت السلف الأول. وربما ألموا في تقبيح ما وجهت إليه وجهتي بما تشمئز منه القلوب، أو خرجوا بالنسبة إلى بعض الفرق الخارجة عن السنة شهادة ستكتب ويسألون عنها يوم القيامة. فتارة نُسبت إلى القول بأن الدعاء لا ينفع ولا فائدة فيه كما يُعزى إلى بعض الناس، بسبب أني لم ألتزم الدعاء بهيئة الاجتماع في أدبار الصلاة حال الإمامة. وسيأتي ما في ذلك من المخالفة للسنة والسلف الصالح والعلماء. وتارة نُسبت إلى الرفض وبغض الصحابة - رضي الله عنهم -، بسبب أني لم ألتزم ذكر الخلفاء الراشدين منهم في الخطبة على الخصوص؛ إذ لم يكن ذلك من شأن السلف في خطبهم، ولا ذكره أحد من العلماء المعتبرين في أجزاء الخطب. وقد سئل " أصبغ " عن دعاء الخطيب للخلفاء المتقدمين فقال: هو بدعة ولا ينبغي العمل به، وأحسنه أن يدعو للمسلمين عامة. قيل له: فدعاؤه للغزاة والمرابطين ؟ قال: ما أرى بأساً عند الحاجة إليه، أما أن يكون شيئاً يَصْمُدُ له في خطبته دائماً فإني أكره ذلك. ونص أيضاً عز الدين بن عبد السلام: على أن الدعاء للخلفاء في الخطبة بدعة غير محبوبة. وتارة أُضيف إلي القول بجواز القيام على الأئمة، وما أضافوه إلا من عدم ذكري لهم في الخطبة، وذكرهم فيها محدث لم يكن عليه من تقدم. وتارة أحمل على التزام الحرج والتنطع في الدين، وإنما حملهم على ذلك أني التزمت في التكليف والفتيا الحمل على مشهور المذهب الملتزم لا أتعداه، وهم يتعدونه ويفتون بما يسهل على السائل ويوافق هواه، وإن كان شاذاً في المذهب الملتزم أو في غيره. وأئمة أهل العلم على خلاف ذلك والمسألة بسط في كتاب " الموافقات ". وتارة نسبت إلى معاداة أولياء الله، وسبب ذلك أني عاديت بعض الفقراء المبتدعين المخالفين للسنة، المنتصبين - بزعمهم - لهداية الخلق، وتكلمت للجمهور على جملة من أحوال هؤلاء الذين نسبوا إلى الصوفية ولم يتشبهوا بهم. وتارة نسبت إلى مخالفة السنة والجماعة، بناء منهم على أن الجماعة التي أمر باتباعها - وهي الناجية - ما عليه العموم، ولم يعلموا أن الجماعة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان. وسيأتي بيان ذلك بحول الله، وكذبوا علي في جميع ذلك، أو وهموا، والحمد لله على كل حال.

قال رحمه الله _الشاطبي_ مضيفا :" فكنت على حالة تشبه الإمام الشهير عبد الرحمن بن بطة الحافظ مع أهل زمانه، إذ حكى عن نفسه فقال: " عجبت من حالي في سفري وحضري مع الأقربين مني، والأبعدين، والعارفين، والمنكرين، فإني وجدت بمكة، وخراسان، وغيرهما من الأماكن أكثر من لقيت بها موافقاً أو مخالفاً، دعاني إلى متابعته على ما يقوله، وتصديق قوله والشهادة له، فإن كنت صدقته فيما يقول وأجزت له ذلك - كما يفعله أهل هذا الزمان - سماني موافقاً. وإن وقفت في حرف من قوله أو في شيء من فعله - سماني مخالفاً. وإن ذكرت في واحد منها أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك وارد، سماني خارجياً. وإن قرأت عليه حديثاً في التوحيد سماني مشبهاً. وإن كان في الرؤية سماني سالمياً. وإن كان في الإيمان سماني مرجئياً. وإن كان في الأعمال، سماني قدرياً. وإن كان في المعرفة، سماني كرامياً. وإن كان في فضائل أبي بكر وعمر، سماني ناصبياً. وإن كان في فضائل أهل البيت، سماني رافضياً. وإن سَكَتُّ عن تفسير آية أو حديث فلم أجب فيهما إلا بهما، سماني ظاهرياً. وإن أجبت بغيرهما، سماني باطنياً. وإن أجبت بتأويل، سماني أشعرياً. وإن جحدتهما، سماني معتزلياً .وإن كان في السنن مثل القراءة، سماني شافعياً .وإن كان في القنوت، سماني حنفياً،وإ ن كان في القرآن، سماني حنبليا، وإن ذكرت رجحان ما ذهب كل واحد إليه من الأخيار - إذ ليس في الحكم والحديث محاباة - قالوا: طعن في تزكيتهم. ثم أَعْجَبُ من ذلك أنهم يسمونني فيما يقرؤون علي من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يشتهون من هذه الأسامي؛ ومهما وافقت بعضهم عاداني غيره، وإن داهنت جماعتهم أسخطت الله تبارك وتعالى، ولن يغنوا عني من الله شيئاً. وإني مستمسك بالكتاب والسنة، واستغفر الله الذي لا إله إلا هو وهو الغفور الرحيم.


قال الشاطبي رحمه الله:هذا تمام الحكاية فكأنه رحمه الله تعالى تكلم على لسان الجميع. فقلما تجد عالماً مشهوراً أو فاضلاً مذكوراً، إلا وقد نُبز بهذه الأمور أو بعضها؛ لأن الهوى قد يداخل المخالف، بل سبب الخروج عن السنة: الجهل بها، والهوى المتبع الغالب على أهل الخلاف ؛ فإذا كان كذلك حُمل على صاحب السنة، أنه غير صاحبها، ورُجع بالتشنيع عليه والتقبيح لقوله وفعله، حتى ينسب هذه المناسب. وقد نقل عن سيد العبَّاد بعد الصحابة أويس القرني أنه

قال: " إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقاً، نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا، ويجدون في ذلك أعواناً من الفاسقين، حتى - والله - لقد رموني بالعظائم، وأيم الله لا أدع أن أقوم فيهم بحقه. انتهى كلامه رحمه الله.

وفي حديث حذيفة رضي الله عنه عن ذكر نزع الأمانة والعلم قال النبي عليه الصلاة والسلام :حتى يقال للرجل : ما أجلده ! ما أظرفه ما أعقله وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان .
وهذا يبين انقلاب الموازين عند الناس , وذكر صفات لمن ليس أهلا لتلك الصفات وتعلق الناس بالأشخاص ,وإبتعادهم عن حقيقة الميزان الذي أمر الله أن يقوم بالقسط .
 
عودة
أعلى