وجه الإعجاز ينبغي أن يرتقي من حيث أهميته وعظمته إلى أهمية وعظمة وجلال القرآن الكريم
وجه الإعجاز ينبغي أن يرتقي من حيث أهميته وعظمته إلى أهمية وعظمة وجلال القرآن الكريم
4. وجه الإعجاز ينبغي أن يرتقي من حيث أهميته إلى أهمية وعظمة وجلال القرآن الكريم.
للقرآن الكريم – كلّ القرآن الكريم - مميّزات وصفات ذكرها أهل الاختصاص، كالربانّية، الكمال، الخلود...، وأعتقد أنّ وجه الإعجاز - وهو من القرآن الكريم - ينبغي أن يرتقي إلى هذه الخصائص وأن يلتبس بها.
وسأحاول تجلية هذه الحقيقة – كما أخالها وأحسبها- من خلال ثلاث نقاط هي:
· عظمة وجه إعجاز القرآن الكريم وجلاله متناسب وعظمة القرآن الكريم وقدسيته:
إنّ أعظم ما في الوجود ربُّ الوجود سبحانه وتعالى، ابتداء بذاته المقدّسة – والتي جُعلت رؤيتها أعظم نعمة في دار خصّصت للنِّعم – ونحن اليوم لا نعرف من هذه الذات إلاّ ما أخبرنا به عزّ وجلّ من خلال وحيه المنزّل على عباده (اليد، العين، الساق، الاستواء، النزول...) ولا يمكننا الوقوف على حقيقة هذه الصفات والأفعال القدسية (أقصد الكيف) إلاّ يوم رؤيته أو لقائه سبحانه وتعالى؛ لكن شاء الله عزّ وجلّ أن يتفضّل علينا بشيء من صفاته العليا وأفعاله القدسية وهو كلامه – حقيقة لا مجازا – الموحى به إلى نبيّه محمد صلى الله عليه وسلّم، فإنّ هذا القرآن الذي بين أيدينا هو من ذات الله عزّ وجلّ، وهنا تكمن قدسيته وتتجلى عظمته وجلاله...
وفي مقابل ذلك فإنّ أعظم ما خُصِّص به الإنسان – كلّ الإنسان- هو لغته وبيانه
هذه اللغة التي حباه الله بها دون سائر مخلوقاته قال تعالى: {خلق الإنسان. علّمه البيان} [الرحمن 3-4] وقال أيضا: {علّم آدم الأسماء كلّها} [البقرة 31]، إنّ أعظم علم تعلّمه الإنسان هو علم اللغة، وهو أوّل وأقدم علم... ومنه تفرّعت جميع العلوم بما فيها العلوم التجريبية كالرياضيات والطب ونحوها... وأعتقد أنّ المتخصصين المتابعين لتطوّر علوم اللغة يدركون هذه "الحقائق" ... وسيأتي مزيد بيان...
· وجه إعجاز القرآن الكريم ينبغي أن يكون علما مشتركا بين البشرية جمعاء كالقرآن نفسه
إنّ القرآن الكريم خُوطِبت به وتُحدّيت به البشرية جمعاء منذ نزوله وإلى يوم رفعه، فلا بدّ أن يكون وجه التحدّي فيه شيئا مشتركا بين هذه البشرية جمعاء، وجميع أوجه الإعجاز المذكورة بما فيه العلوم التجريبية ليست كذلك، لكن اللغة علم تشترك فيه البشرية جمعاء، سواء بالنظر إليها كظاهرة كونية لسانية صوتية تركيبية ودلالية وهو ما يدرسه اليوم علم اللغة الكوني (Linguistic Universal ) أو بالنظر إليها كظاهرة فردية – أي اللغة العربية خاصة- والدراسات الحديث تثبت يوما بعد يوم أصالة هذه اللغة وأحقّيتها في ريادة لسان البشرية جمعاء من حيث تاريخها، من حيث تهيئة البنية المورفولوجية للإنسان (ذهنا، نَفَسا، وأعضاءً) لاستعمالها، من حيث استيعابها للمتغيرات والمستجدات اللامنتهية....
وجه إعجاز القرآن الكريم ينبغي أن يكون خالدا كخلود القرآن نفسه، أي مستمرا من يوم
نزوله إلى يوم رفعه.
وأعتقد أنّ لغة القرآن هو وجه الإعجاز الوحيد الذي صاحب القرآن الكريم من يوم نزوله إلى يوم رفعه، ولا تحتاج هذه النقطة إلى بيان أو بسط فهي ظاهرة جليّة.
والله أعلم بالحقّ والصواب...
وللبحث بقية إن شاء الله...
ملاحظة:
قال لي صاحب: لماذا تطرح هذه الآراء – الاجتهادية والخلافية – بالقطع والجزم وبهذا الشكل القويّ والمباشر ؟
قلتُ له: أنا لا أطرح هذه المسائل في مسجد مع عموم النّاس، ولا في أروقة المعاهد والمدارس مع بعض المبتدئين، بل في منبر علمي مبارك وعامر بالمختصين والباحثين من أساتذة أجلاء وعلماء فضلاء...كأمثال الدكتور شايب زواشثتي الذي قرأتُ له كثيرا واهتمّ بكلّ مشاركاته... وكذا الدكتور مازن موفق الخيرو الذي لا أعرفه ولكن سعدت بمشاركته هذا الموضوع والاستفادة منه في موضوع الالتفات في سورة الفاتحة جزاه الله خير الجزاء...
ولا بدّ للواحد منّا أن يكشف عمّا في صدره وفكره لإخوانه المسلمين... فإن كان حقّا وصوابا تعاونوا على إثباته ونشره وترقيته ... وإن كان باطلا وخطأ تعاونوا على إبطاله وردّه.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.