عرض موجز لكتاب "الظاهرة القرآنية" لمالك بن نبي.

إنضم
25/10/2008
المشاركات
24
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
الرياض
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد :
فهذا كتاب "الظاهرة القرآنية" للمفكر الكبير مالك بن نبي "رحمه الله تعالى" طبعة دار الفكر ويقع في (328) صفحة بإشراف ندوة مالك بن نبي .
[align=center]
64924365fe3c43.jpg
[/align]

قام بترجمته : عبدالصبور شاهين وقدم له كل من :محمد عبدالله دراز ومحمود شاكر وقد صدر ضمن سلسلة مشكلات الحضارة .

وإليك عرض موجز لهذا الكتاب الماتع للفيلسوف البارع :
بدأ المؤلف كتابه بمدخل إلى دراسة الظاهرة القرآنية :
بين فيه المؤلف رحمه الله أن الكتاب قد أعيد تأليف أصوله التي أحرقت لظروف خاصة.
ومع قناعته بأنه لا يكفي لعلاج فكرته الأولى عن المشكلة القرآنية، لعدم توفر الوقت الكافي، والمراجع المهمة التي استعان بها في تأليفه الأول، إلا أن شعوره بقيمة الفكرة التي ساقته إلى هذه الدراسة، وإيمانه بضرورة بذل ما يستطيع في سبيل تحقيقها، جعلته يبادر إلى جمع العناصر التي بقيت من الأصل مكتوبة في قصاصات، مع استدعاء ما تبقى في ذاكرته من أفكار، لينقذ بها ما تبقى من جوهر الموضوع.
وجوهر الموضوع هو تحقيق منهج تحليلي في دراسة الظاهرة القرآن الكريم.
والهدف الذي يسعى لتحقيقه من هذه الدراسة:
1/التأمل الناضج لهذا الدين.
2/اقتراح إصلاح مناسب للمنهج القديم في تفسير القرآن الكريم.

أما الأسباب التي دعته إلى هذه الدراسة:
1/ الأسباب التاريخية:
ويعني بها ما يمر به العالم الإسلامي من مرحلة خطيرة، تتمثل في تلقيه لأفكاره وثقافته عن الثقافة الغربية، بل وصل الأمر إلى تلقي عناصر ثقافة تتصل بمعتقداته الدينية،
وأكبر دليل على ذلك تأثير دراسات المستشرقين على الفكر الديني لدى الشباب الجامعي، مع عدم إدراكهم للهوى السياسي والديني لأولئك. وأصدق مثال لذلك: الفرض الذي وضعه المستشرق البريطاني مرجليوث عن الشعر الجاهلي ونشره عام 1925م ثم تلقفه طه حسين عام 1926م ونشره في كتابه المشهور "في الشعر الجاهلي" في تبعية مقيتة أثارت ضجة كبيرة حول أهدافها وغاياتها .

2/الأسباب العائدة إلى المنهج المتبع في هذه الرسالة:
فالقرآن نزل على العرب، وكانت هويتهم في لغتهم، وقد استطاع بقوة إعجازه أن ينفذ إلى الأرواح من هذا السبيل، لما لهم من ذوق بياني رفيع، ثم تغيرت الظروف، وفاض طوفان العلوم في أواخر العهد الأموي ثم العباسي، فصار إدراك جانب الإعجاز عن طريق التذوق العلمي أكثر من أن يكون عن طريق التذوق الفطري، ومع ذلك بقي له أثره ومفعوله.
ثم جاءت العصور المتأخرة وتأخر معها ركب المسلمين العلمي، حتى أصبحوا لا يدركون إعجاز القرآن من الناحية العلمية، خصوصا أولئك الذين تثقفوا ثقافة أجنبية فكان لابد من إيجاد موضع جديد يصل من خلاله إعجازه إلى الناس اليوم.
ويرى مالك بن نبي أن مفتاح حل هذه المعضلة يكمن في قول الله تعالى "قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن اتبع إلا مايوحى إلي "لما تحمله من إشارة خفية إلى أن تكرار الشيء في ظروف معينة يدل على صحته. مما يدعم حقيقة وصفه بالظاهرة التي عرّفها مالك بأنها: "الحدث الذي يتكرر في الظروف نفسها، مع النتائج نفسها" كما تحمل الآية في مدلولها ربطا واضحا بين الرسل والرسالات خلال العصور.
والنتيجة التي يخلص إليها مالك بن نبي من هذا كله أنه يجب أن يكون إعجاز القرآن صفة ملازمة له عبر العصور، مما يضطر المسلم اليوم إلى أن يتناولها في صورة أخرى وبوسائل جديدة تتناسب مع قدراته.
والصورة التي تناسبه اليوم هي: أن يتناول الآية من جهة تركيبها النفسي والموضوعي أكثر مما يتناولها من ناحية بنائها اللفظي وأسلوبها البلاغي.
ثم تكلم مالك بن نبي عن الظاهرة الدينية، وسلك فيها بل وفي الكتاب كله المنهج الديكارتي، الذي يتبنى العقل فقط لتقييم الأشياء .
وقدم من خلال هذا الفصل دراسة تقوم على الموازنة بين مذهبين فلسفيين:
أحدهما مادي والثاني غيبي.
وعقيدتين مختلفين تماما: عقيدة تؤله المادة وأخرى ترجع كل شيء إلى الله تعالى. انتهى فيه وببراعة متناهية إلى إثبات فساد المنهج الأول واختلاله واضطرابه، وصلاحية المنهج الثاني وسموه.
وهو من خلال هذا الطرح يريد أن يصل باللاديني الملحد؛ إلى إثبات وجود الله تعالى، وأنه الإله الواحد الذي خلق الكون، وجعل له ما يصلحه في دينه ودنياه وآخرته. ومن ثم إثبات أن القرآن الكريم هو كلامه، وهو مصدر الهداية لهذه البشرية .

ثم تكلم في الفصل الذي يليه عن الحركة النبوية، ويريد من ذلك إثبات سلامة نقل هذه المعجزة، ووصولها إلينا على يد أمين صادق، ومن خلال واسطة أدت ما أمرت به على شكل كامل. وقد طرح مالك بن نبي في هذا الفصل مبدأ النبوة، ثم فرق بين حاملها وبين أدعياءها، وجلى حقيقة النبي و صورة الكاهن.
ثم تناول المؤلف النبي أرمياء، باعتباره أنصع مثال يمكن استخلاصه من الحركة النبوية الإسرائيلية، وللضمانات التاريخية التي تخول كتابه وتاريخه الشخصي قيمة الحقيقة الموضوعية. ومن خلاله تحدث الكاتب عن الظاهرة النفسية عنده، وما تميز به من صفات حددت بطريقة موضوعية؛ مبدأ النبوة. ليخرج بالحقيقة التالية:"وهي وضع الظاهرة خارج الذات ومستقلة عنها استقلال المغناطيس عن الإبرة".

ثم جاء الفصل الذي يليه وفيه تكلم عن أصول الإسلام ، فبحث المصادر وخرج من خلالها بأن الإسلام هو الوحيد من بين الأديان الذي ثبتت مصادره منذ البداية، ثم بقي كتابه أربعة عشر قرنا دون أن يتعرض لأدنى تحريف أو تبديل، بخلاف العهد القديم "التوراة" والعهد الجديد"الإنجيل".
ثم تطرق المؤلف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه لايمكن الاستغناء في دراسة الظاهرة القرآنية عن معرفة الذات المحمدية بصفته الشاهد. الذي لابد من ضمانات تكفل لنا الثقة الضرورية لشهادته. وقد بدأ خطوة خطوة ليخرج بنتيجة دقيقة، تبين الأرتباط العميق بين الظاهرة والشاهد منذ أن ولد إلى أن بعث وأوحي إليه، وبُعده عن أي مؤثرات أو ارتباطات بأمم أخرى.
ثم يمضي الكاتب فيشرح كيفية الوحي ومقاييسه الظاهرة والعقلية، ومقام الذات المحمدية والرسالة. ويوضح خصائص الوحي الظاهرية، والعلاقة بين القرآن والكتاب المقدس ، وفيها قدم المؤلف مقارنة فريدة وذكية بين آيات سورة يوسف في القرآن الكريم ، وبين ذات القصَّة في التوراة ، محاولاً تبيين أوجه الشبه والإختلاف بين الكتاب السماوي الَّذي تعهد الله بحفظه ، وبين الكتاب السماوي الَّذي تنقلته أيدِ اليهود المحرِّفة .

ثم بحث في موضوعات ومواقف قرآنية، فيها إرهاص القرآن، وما لا مجال للعقل فيه (فواتح السور) والمناقضات والموافقات والمجاز القرآني، والقيمة الاجتماعية لأفكار القرآن إلى أن ينهي كتابه في تسلسل محكم ومترابط.

وأخيرا ..
فالكتاب دراسة فكرية محايدة للقرآن الكريم، كظاهرة فكرية و نفسية , و مع أن الحياد شيء صعب، خصوصاً حين يكتب الشخص عن شيء يؤمن به، ولكن مالك بن نبي أتقن الأمر جدا، فقد كان يعرض الأفكار التي تشكك في كون القرآن كتابا سماويا، ويقابلها بعرض منطقي جداً و بتحليل نفسي وفكري يندر أن نصادف مثله في مواقف فكرية مشابهة حيث يأخذ الأمر منحى الجدل الكلامي الخالي من العقلانية و الاحترام لعقل المتلقي .
والكتاب محاولة غير عادية للرد على أفكار وتساؤلات، ظهرت بعد موجة التشكيك في قدسية القرآن، التي بدأت في كتابات المستشرقين، ثم ظهرت مرة أخرى في كتابات بعض الأدباء العرب، الذين أطّلعوا على تلك الكتابات وانقادوا ورائها.
والكتاب يخاطب في ثناياه أشدَّ الملحدين حُمقًا ، فهو لا يقدِّم العقيدة الإسلامية كمسلَّماتٍ يؤمن بها القلب تحت عمىً عقلي ، بل كحقائق يتشربها القلب تحت إشرافٍ عقلي !
والكتاب لا يضره بعض الهنات التي لا يخلو منها كتاب بشر، وبعض الأفكار التي قد يخالف فيها مالك بن نبي، وقد أشار مقدمو الكتاب إلى بعضها، مع ثنائهما عليه وإطرائهما الكبير له..
رحم الله مالك بن نبي رحمة واسعة وجعل بحبوحة الجنان مستقره. آمين
 
أحسن الله إليكم أخي الكريم عبدالله الحربي على هذا العرض الموفق والمركز لهذا الكتاب الفريد من نوعه ، كما أشكرك على إنصافك للمؤلف في عرضك لكتابه ، والإنصاف عزيزٌ .
 
[align=center]بارك الله فيكم ونفع بكم.
وعموما الكتاب يحوي دلالات عميقة ورسائل موجهه لا يعرفها إلا من قرأه وعاش معه، وتصوّر أيضا البيئة التي كان يعيش فيها المؤلف رحمه الله والظروف المحيطة به. [/align]
 
الأخ عبد الله:
دراسة موفقة ولكن عليها التعقيبات الآتية:
- هل تصح هذه العبارة التي قلتها : (فالكتاب دراسة فكرية محايدة للقرآن الكريم، كظاهرة فكرية و نفسية ).
- أبرزت مزايا الكتاب وقلت أن فيه هنات لا تضيره فهلا ذكرت لنا مثالاً أو اثنين على الأقل.
- لقد أعطى المؤلف رحمه الله أمثلة لمنهج إبراز الظاهرة التي يريد تجليتها فهلا ذكرت بعضها.
- هل قصد العبقري مالك بعنوانه (الظاهرة القرآنية) ما قصدته بقولك: (والنتيجة التي يخلص إليها مالك بن نبي من هذا كله أنه يجب أن يكون إعجاز القرآن صفة ملازمة له عبر العصور، مما يضطر المسلم اليوم إلى أن يتناولها في صورة أخرى وبوسائل جديدة تتناسب مع قدراته.
والصورة التي تناسبه اليوم هي: أن يتناول الآية من جهة تركيبها النفسي والموضوعي أكثر مما يتناولها من ناحية بنائها اللفظي وأسلوبها البلاغي.).
أعني ألم يكن يعتمد على نظرية النظ للجرجاني ويتصل بها.
وأخيرا فقد استمتعت بما كتبته وانتفعت وننتظر المزيد.
 
الشيخ المفضال / فهد الوهبي "وفقه الله وحفظه":
شكر الله لكم مروركم الكريم ، ودعواتكم الصادقة ، وأسأل الله أن ينفع بكم وأن يبارك فيكم أينما كنتم..
الأخ / مرهف :
شكرا على تعقيبك وسأرد متى ما توفر لدي وقت فاعذرني الآن لأني أحزم حقائب السفر ..
 
عودة
أعلى