نايف الزهراني
New member
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align][align=center]
دفاعٌ عن القرآن ضدَّ منتقديه
للدكتور/ عبد الرحمن بدوي (رحمه الله)[/align]
طبعت الكتاب: الدار العالمية للكتب والنشر.
ضمن سلسلة: نافذةٌ على الغرب (2).
وترجمه للعربية: كمال جاد الله.
ويقع الكتاب في (199) صفحة.
= موجز:
هذا الكتاب من أواخر ما كتبه المؤلف في حياته, وقد أجاد في الجمع والاستقصاء والتأريخ لعدد من الانتقادات والاعتراضات على القرآن, وحدد أسبابها بوضوح, وفصَّل في إبطالها ثلاثةَ عشر فصلاً, بلغةٍ يفهمها المقصودون بتأليفه, ويقتنع بها عقلائهم.
= موضوعات الكتاب:
مقدمة المؤلف.
الفصل الأول : ماذا يعني الوصف "أُمِّي" الذي يطلق على النبي صلى الله عليه وسلم.
الفصل الثاني : الموازنة الخاطئة بين القرآن والعهد القديم.
الفصل الثالث : معنى كلمة "فرقان".
الفصل الرابع : الافتراضات الخيالية لمرجليوث.
الفصل الخامس : إجناتس جولدتسيهر والقياس الخاطئ بين الإسلام واليهودية.
الفصل السادس : الصابئون في القرآن.
الفصل السابع : الرسل في القرآن.
الفصل الثامن : قراءة هللينية خيالية للقرآن.
الفصل التاسع : هل للبسملة مصدر في العهد القديم؟
الفصل العاشر : فشل كل محاولة لترتيب زماني للقرآن.
الفصل الحادي عشر : مشكلة الألفاظ الأعجمية في القرآن.
الفصل الثاني عشر : حول النداء القرآنية: { يا أخت هارون }.
الفصل الثالث عشر : قضية هامان.
= مقدمة المؤلف:
قال رحمه الله:
(لقد تعرض القرآن الكريم باعتباره الركيزة الأساسية للإسلام لهجمات كثيرة من الذين كتبوا ضد الإسلام, سواء في الشرق أو في الغرب, وكان ذلك بدءاً من النصف الثاني للقرن الأول الهجري / السابع الميلادي, حتى الآن.
ولقد بدأ يوحنا الدمشقي حوالي (650- 750 تقريباً) هذا الهجوم بتوجيه عدة انتقادات على النسق العام للقرآن ثم تبعه في ذلك "أثيميوس زيجابينوس" في كتابه "العقيدة الشاملة".
لكن أول هجوم مفصل على القرآن كان في أعمال نيكيتاس البيزنطي في مقدمة كتابه "نقد الأكاذيب الموجودة في كتاب العرب المحمديين" ولا نعرف شيئاً عن حياته سوى أنه ذاعت شهرته في النصف الثاني من القرن التاسع عشر, حيث كان مجادلاً لاذعاً ضد الإسلام, وكذلك ضد الكنيسة الأرثوذكسية الأرمينية التي انتقدها في كتاب "دحض الكنيسة الأرمينية", وكذلك ضد الكنيسة الكاثوليكية في روما "علم القياس الأساسي".
ولكن أكبر هجوم جدلي على القرآن والإسلام هو ما قام به إمبراطور بيزنطة جان كنتاكوزين في كتابيه "ضد تمجيد الملة المحمدية", "ضد الصلوات والتراتيل المحمدية" كان هذا الهجوم في الشرق وباللغة اليونانية, وهناك هجوم آخر على القرآن باللغة السريانية والأرمينية والعربية.
وبسقوط القسطنطينية في يد المسلمين عام (1453) توقف الهجوم البيزنطي على القرآن والإسلام, وتولت أوربا المسيحية الأمر من بعد, فبدأ الكاردينال نيقولا دي كوزا (1401- 1464) مسيرة الهجوم الجديدة, وكان بتوجيه من البابا بيوس الثاني كتب بيقولا كتاب "نقد وتفنيد الإسلام" وكذلك رسالة هجاء في القرآن تحت عنوان "غربلة القرآن" وقسم هذه الرسالة إلى ثلاثة كتب:
في الكتاب الأول زعم إثبات حقيقة الإنجيل استناداً إلى القرآن, وفي الكتاب الثاني عرض وتوضيح للمذهب الكاثوليكي, وفي الكتاب الثالث زعم بعض التناقضات في القرآن, وقد نشرت هذه الكتب مطبعة بلياندر في بال بسويسرا سنة (1543).
وقام عدد من الآباء الدومينيكانيين والجزويت بنشر كتب هاجموا فيها القرآن والإسلام منها:
- دينيس في كتابه "حول الخداع المحمدي" كولون (1533م).
- ألفونس سينا في كتابه "التحصين الإيماني" (1491م).
- جان دي تيريكريماتا في كتابه "بحث للرد على الأخطاء الرئيسية الخادعة لمحمد" روما (1606).
- لويس فييف في كتابه "الإيمان المسيحي الحقيقي ضد المحمديين" بال (1543).
- ميشيل نان في كتابه "الكنيسة الرومانية اليونانية في الشكل والمضمون للدين المسيحي ضد القرآن والرقرآنيين دفاعاً وبرهاناً" باريس (1680).
وكان أشد الكتب هجوماً على القرآن والإسلام ما كتبه "لوودفيجومراش" (1612- 1700) في كتاب "عالم النص القرآني", نشر في بادوا سنة (1698), وهو كتاب في مجلدين من الحجم الكبير عنوان المجلد الأول "مقدمة في دحض القرآن", وقد نشر هذا الكتاب متفرقاً في أربعة أجزاء سنة (1961), وفيه تناول مراش حياة محمد حسب المصادر العربية, وتناول المجلد الثاني النص العربي للقرآن مع ترجمة لاتينية وشرح النواحي الغامضة من النص ثم نقده وتفنيده, وكان مراش يعرف السريانية والعربية والعبرية.
ولقد كتب نللينو دراسة حول مصادر المخطوطات العربية التي قام عليها عمل لودوفيجو مراش حول القرآن, ويمكننا القول أن عمل مراش هذا كان الأساس ونقطة الانطلاق للدراسات الجادة في أوروبا عن القرآن, وهو عمل حافل بالأخطاء والمجادلات الساذجة واللامعقولة, وللأسف تكررت نفس هذه الأخطاء وهذه التجاوزات في كل الدراسات المتصلة بالقرآن, والتي قام بها المستشرقون الأوروبيون خلال القرنيين التاليين لظهور كتاب مراش.
حقاً فإنه بداية من منتصف القرن التاسع عشر يبذل هؤلاء المستشرقون كل ما في وسعهم ليبدوا موضوعيين في كتاباتهم, وفي جعل كتاباتهم أكثر دلالة, وأكثر جدِّية وموضوعية, وأكثر تدقيقاً في المنهج اللغوي, لكن دون فائدة, ذلك لأن الدوافع الداخلية تضطرم بالحقد في قلوبهم ضد الإسلام وكتاب الإسلام المقدس ونبي الإسلام ظلت كما هي بل ازدادت تأججاً.
وبرغم أن هؤلاء الكتاب قد توفرت لهم أدوات فهم اللغات منذ بداية القرن الأخير حتى يومنا هذا, إضافة إلى توافر نشر المخطوطات, إلا أنهم أصرو على تقديم نظرياتهم الخاطئة, من خلال تصوراتهم الزائفة للقضايا الوهمية التي طرحوها حول القرآن وطرحوا نتائج زائفة توصلوا إليها.
ومن أجل ذلك تصدينا في كتابنا هذا لفضح هذه الجرأة الجهولة الحمقاء عند هؤلاء المستشرقين حول القرآن, ونبدأ بتسجيل بعض الملاحظات العامة:
1- إن معرفة هؤلاء المستشرقين للغة العربية من الناحية الأدبية أو الفنية يشوبها الضعف, ويمكن القول أن هذه الملاحظة تخصهم جميعاً تقريباً.
2- إن معلوماتهم جميعاً مستقاة من مصادر عربية جزئية ناقصة وضحلة وغير كافية, وهم يرمون بأنفسهم في مغامرة طرح فرضيات خطيرة وخاطئة يعتقدون أنهم أول من توصل إليها, دون تكليف أنفسهم عناء التقصي لدى تلك المصادر عن نفس المعضلات التي يثيرونها, إذ تطرق الكُتَّاب المسلمون في حقيقة الأمر لهذه الفرضيات واعترضوا عليها.
3- إن ما يحرك بعض المستشرقين دافع الضغينة والحقد على الإسلام, مما يفقدهم الموضوعية, ويعمي بصيرتهم بطريقة أو بأخرى, وهذا ينطبق خاصَّةً على هيرشفيلد (Hirschfeld), هوروفيتز, سبير.
4- لقد ذهب بعضٌ من السطحيين إلى الإعلان بأعلى صوته أن في القرآن انتحال وتقليد وسرقة, معتمدين على تشابه لا أساس له, وهذا ما قام به مستشرقون مثل: جولدتسيهر – شفالي – مرجوليوث – ونتحفظ نوعاً ما فيما يتعلق بنولدكة, الذي يتبرأ نوعاً ما من مؤلفه "تاريخ القرآن" عندما رفض إعادة طبعه, تاركاً المستشرق شفالي يقوم بهذه المهمة, فطبع الكتاب ثانية وأصبح يعرف بكتاب نولدكه – شفالي.
5- لقد كان بعضاً من هؤلاء المستشرقين مدفوعاً بالتبشير والتعصب المتحفز, مثلما هو الأمر بالنسبة للمستشرق وليم موير (William Muir) وزويمر (Zwemer).
ولن نعالج بطبيعة الحال في هذا الكتاب كل القضايا التي أثارها المستشرقون بصدد القرآن, فلم نتطرق إلا لتلك القضايا التي بدت لنا أكثر أهمية, كما حصرنا بحثنا في الفترة ما بين منتصف القرن التاسع إلى منتصف القرن العشرين.
[align=center]ومنهجنا في بحثنا هذا هو المنهج الوثائقي والموضوعي الواضح, وهدفنا كشف القناع عن العلماء المزعومين الذين قدموا الضلال والخداع لشعب أوروبا, ولغيره من الشعوب الأخرى.[/align][align=center]
لكننا في نفس الوقت نؤكد أن القرآن يخرج دائماً منتصراً على منتقديه.[/align]
[align=center]د/ عبد الرحمن بدوي[/align][align=center]
* * * [/align]
= امتاز الكتاب بسهولة أسلوبه, وحسن ترتيبه في عرضه, ولا غرو فمؤلفه رأس فلاسفة عصره, وهو من قد عرف الغرب عين يقين, وعاش بينهم عددَ سنين, وشرب من كأس حياتهم حتى ارتوى, فلفظ منها شيئاً كثيراً ندم عليه في أواخر حياته. ثم هو أيضاً من أعرف الناس بمؤلفات الغرب عموماً والمستشرقين منهم خصوصاً, وقد عاصرَ ولقي جيلاً كثيراً منهم, فحديثه عنهم حديث الشاهد العارف.
= يلاحظ على الكتاب ضعفٌ في توجيه بعض الردود, وعدم الإلمامٍ بالسنة والاستفادة منها إلا ما ندر, والكتاب مترجم فلذا يضعف أسلوبه عند النقل عن بعض السابقين- كالطبري مثلاً-, وللمؤلف مواقف خاصة من بعض القضايا الشرعية والعلمية لا يوافق عليها- كموقفه من الشعر الجاهلي-.
ويعتذر للمؤلف في بعض ذلك لعدم تخصصه, ولأن كتابه موجه بالدرجة الأولى للغرب وبلسانهم وطريقة تفكيرهم, فاجتهد لذلك في استيعاب الردود من كتبهم وبما لا يخرج عن القرآن في الغالب, وهو جهدٌ مشكور, من رجل متمكنٍ في هذا الجانب غفر الله له.
= أخيراً:
ينبغي الاستفادة من هذا الكتاب في إبطال تلك المفتريات الثلاثة عشر التي تعرض لها ونحوها, وكذلك نشر مقدمة مؤلفه الوصفية ليستفيد منها كل كاتب عن شبهات المنتقدين في القرآن.
وفق الله الجميع, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
دفاعٌ عن القرآن ضدَّ منتقديه
للدكتور/ عبد الرحمن بدوي (رحمه الله)[/align]
طبعت الكتاب: الدار العالمية للكتب والنشر.
ضمن سلسلة: نافذةٌ على الغرب (2).
وترجمه للعربية: كمال جاد الله.
ويقع الكتاب في (199) صفحة.
= موجز:
هذا الكتاب من أواخر ما كتبه المؤلف في حياته, وقد أجاد في الجمع والاستقصاء والتأريخ لعدد من الانتقادات والاعتراضات على القرآن, وحدد أسبابها بوضوح, وفصَّل في إبطالها ثلاثةَ عشر فصلاً, بلغةٍ يفهمها المقصودون بتأليفه, ويقتنع بها عقلائهم.
= موضوعات الكتاب:
مقدمة المؤلف.
الفصل الأول : ماذا يعني الوصف "أُمِّي" الذي يطلق على النبي صلى الله عليه وسلم.
الفصل الثاني : الموازنة الخاطئة بين القرآن والعهد القديم.
الفصل الثالث : معنى كلمة "فرقان".
الفصل الرابع : الافتراضات الخيالية لمرجليوث.
الفصل الخامس : إجناتس جولدتسيهر والقياس الخاطئ بين الإسلام واليهودية.
الفصل السادس : الصابئون في القرآن.
الفصل السابع : الرسل في القرآن.
الفصل الثامن : قراءة هللينية خيالية للقرآن.
الفصل التاسع : هل للبسملة مصدر في العهد القديم؟
الفصل العاشر : فشل كل محاولة لترتيب زماني للقرآن.
الفصل الحادي عشر : مشكلة الألفاظ الأعجمية في القرآن.
الفصل الثاني عشر : حول النداء القرآنية: { يا أخت هارون }.
الفصل الثالث عشر : قضية هامان.
= مقدمة المؤلف:
قال رحمه الله:
(لقد تعرض القرآن الكريم باعتباره الركيزة الأساسية للإسلام لهجمات كثيرة من الذين كتبوا ضد الإسلام, سواء في الشرق أو في الغرب, وكان ذلك بدءاً من النصف الثاني للقرن الأول الهجري / السابع الميلادي, حتى الآن.
ولقد بدأ يوحنا الدمشقي حوالي (650- 750 تقريباً) هذا الهجوم بتوجيه عدة انتقادات على النسق العام للقرآن ثم تبعه في ذلك "أثيميوس زيجابينوس" في كتابه "العقيدة الشاملة".
لكن أول هجوم مفصل على القرآن كان في أعمال نيكيتاس البيزنطي في مقدمة كتابه "نقد الأكاذيب الموجودة في كتاب العرب المحمديين" ولا نعرف شيئاً عن حياته سوى أنه ذاعت شهرته في النصف الثاني من القرن التاسع عشر, حيث كان مجادلاً لاذعاً ضد الإسلام, وكذلك ضد الكنيسة الأرثوذكسية الأرمينية التي انتقدها في كتاب "دحض الكنيسة الأرمينية", وكذلك ضد الكنيسة الكاثوليكية في روما "علم القياس الأساسي".
ولكن أكبر هجوم جدلي على القرآن والإسلام هو ما قام به إمبراطور بيزنطة جان كنتاكوزين في كتابيه "ضد تمجيد الملة المحمدية", "ضد الصلوات والتراتيل المحمدية" كان هذا الهجوم في الشرق وباللغة اليونانية, وهناك هجوم آخر على القرآن باللغة السريانية والأرمينية والعربية.
وبسقوط القسطنطينية في يد المسلمين عام (1453) توقف الهجوم البيزنطي على القرآن والإسلام, وتولت أوربا المسيحية الأمر من بعد, فبدأ الكاردينال نيقولا دي كوزا (1401- 1464) مسيرة الهجوم الجديدة, وكان بتوجيه من البابا بيوس الثاني كتب بيقولا كتاب "نقد وتفنيد الإسلام" وكذلك رسالة هجاء في القرآن تحت عنوان "غربلة القرآن" وقسم هذه الرسالة إلى ثلاثة كتب:
في الكتاب الأول زعم إثبات حقيقة الإنجيل استناداً إلى القرآن, وفي الكتاب الثاني عرض وتوضيح للمذهب الكاثوليكي, وفي الكتاب الثالث زعم بعض التناقضات في القرآن, وقد نشرت هذه الكتب مطبعة بلياندر في بال بسويسرا سنة (1543).
وقام عدد من الآباء الدومينيكانيين والجزويت بنشر كتب هاجموا فيها القرآن والإسلام منها:
- دينيس في كتابه "حول الخداع المحمدي" كولون (1533م).
- ألفونس سينا في كتابه "التحصين الإيماني" (1491م).
- جان دي تيريكريماتا في كتابه "بحث للرد على الأخطاء الرئيسية الخادعة لمحمد" روما (1606).
- لويس فييف في كتابه "الإيمان المسيحي الحقيقي ضد المحمديين" بال (1543).
- ميشيل نان في كتابه "الكنيسة الرومانية اليونانية في الشكل والمضمون للدين المسيحي ضد القرآن والرقرآنيين دفاعاً وبرهاناً" باريس (1680).
وكان أشد الكتب هجوماً على القرآن والإسلام ما كتبه "لوودفيجومراش" (1612- 1700) في كتاب "عالم النص القرآني", نشر في بادوا سنة (1698), وهو كتاب في مجلدين من الحجم الكبير عنوان المجلد الأول "مقدمة في دحض القرآن", وقد نشر هذا الكتاب متفرقاً في أربعة أجزاء سنة (1961), وفيه تناول مراش حياة محمد حسب المصادر العربية, وتناول المجلد الثاني النص العربي للقرآن مع ترجمة لاتينية وشرح النواحي الغامضة من النص ثم نقده وتفنيده, وكان مراش يعرف السريانية والعربية والعبرية.
ولقد كتب نللينو دراسة حول مصادر المخطوطات العربية التي قام عليها عمل لودوفيجو مراش حول القرآن, ويمكننا القول أن عمل مراش هذا كان الأساس ونقطة الانطلاق للدراسات الجادة في أوروبا عن القرآن, وهو عمل حافل بالأخطاء والمجادلات الساذجة واللامعقولة, وللأسف تكررت نفس هذه الأخطاء وهذه التجاوزات في كل الدراسات المتصلة بالقرآن, والتي قام بها المستشرقون الأوروبيون خلال القرنيين التاليين لظهور كتاب مراش.
حقاً فإنه بداية من منتصف القرن التاسع عشر يبذل هؤلاء المستشرقون كل ما في وسعهم ليبدوا موضوعيين في كتاباتهم, وفي جعل كتاباتهم أكثر دلالة, وأكثر جدِّية وموضوعية, وأكثر تدقيقاً في المنهج اللغوي, لكن دون فائدة, ذلك لأن الدوافع الداخلية تضطرم بالحقد في قلوبهم ضد الإسلام وكتاب الإسلام المقدس ونبي الإسلام ظلت كما هي بل ازدادت تأججاً.
وبرغم أن هؤلاء الكتاب قد توفرت لهم أدوات فهم اللغات منذ بداية القرن الأخير حتى يومنا هذا, إضافة إلى توافر نشر المخطوطات, إلا أنهم أصرو على تقديم نظرياتهم الخاطئة, من خلال تصوراتهم الزائفة للقضايا الوهمية التي طرحوها حول القرآن وطرحوا نتائج زائفة توصلوا إليها.
ومن أجل ذلك تصدينا في كتابنا هذا لفضح هذه الجرأة الجهولة الحمقاء عند هؤلاء المستشرقين حول القرآن, ونبدأ بتسجيل بعض الملاحظات العامة:
1- إن معرفة هؤلاء المستشرقين للغة العربية من الناحية الأدبية أو الفنية يشوبها الضعف, ويمكن القول أن هذه الملاحظة تخصهم جميعاً تقريباً.
2- إن معلوماتهم جميعاً مستقاة من مصادر عربية جزئية ناقصة وضحلة وغير كافية, وهم يرمون بأنفسهم في مغامرة طرح فرضيات خطيرة وخاطئة يعتقدون أنهم أول من توصل إليها, دون تكليف أنفسهم عناء التقصي لدى تلك المصادر عن نفس المعضلات التي يثيرونها, إذ تطرق الكُتَّاب المسلمون في حقيقة الأمر لهذه الفرضيات واعترضوا عليها.
3- إن ما يحرك بعض المستشرقين دافع الضغينة والحقد على الإسلام, مما يفقدهم الموضوعية, ويعمي بصيرتهم بطريقة أو بأخرى, وهذا ينطبق خاصَّةً على هيرشفيلد (Hirschfeld), هوروفيتز, سبير.
4- لقد ذهب بعضٌ من السطحيين إلى الإعلان بأعلى صوته أن في القرآن انتحال وتقليد وسرقة, معتمدين على تشابه لا أساس له, وهذا ما قام به مستشرقون مثل: جولدتسيهر – شفالي – مرجوليوث – ونتحفظ نوعاً ما فيما يتعلق بنولدكة, الذي يتبرأ نوعاً ما من مؤلفه "تاريخ القرآن" عندما رفض إعادة طبعه, تاركاً المستشرق شفالي يقوم بهذه المهمة, فطبع الكتاب ثانية وأصبح يعرف بكتاب نولدكه – شفالي.
5- لقد كان بعضاً من هؤلاء المستشرقين مدفوعاً بالتبشير والتعصب المتحفز, مثلما هو الأمر بالنسبة للمستشرق وليم موير (William Muir) وزويمر (Zwemer).
ولن نعالج بطبيعة الحال في هذا الكتاب كل القضايا التي أثارها المستشرقون بصدد القرآن, فلم نتطرق إلا لتلك القضايا التي بدت لنا أكثر أهمية, كما حصرنا بحثنا في الفترة ما بين منتصف القرن التاسع إلى منتصف القرن العشرين.
[align=center]ومنهجنا في بحثنا هذا هو المنهج الوثائقي والموضوعي الواضح, وهدفنا كشف القناع عن العلماء المزعومين الذين قدموا الضلال والخداع لشعب أوروبا, ولغيره من الشعوب الأخرى.[/align][align=center]
لكننا في نفس الوقت نؤكد أن القرآن يخرج دائماً منتصراً على منتقديه.[/align]
[align=center]د/ عبد الرحمن بدوي[/align][align=center]
* * * [/align]
= امتاز الكتاب بسهولة أسلوبه, وحسن ترتيبه في عرضه, ولا غرو فمؤلفه رأس فلاسفة عصره, وهو من قد عرف الغرب عين يقين, وعاش بينهم عددَ سنين, وشرب من كأس حياتهم حتى ارتوى, فلفظ منها شيئاً كثيراً ندم عليه في أواخر حياته. ثم هو أيضاً من أعرف الناس بمؤلفات الغرب عموماً والمستشرقين منهم خصوصاً, وقد عاصرَ ولقي جيلاً كثيراً منهم, فحديثه عنهم حديث الشاهد العارف.
= يلاحظ على الكتاب ضعفٌ في توجيه بعض الردود, وعدم الإلمامٍ بالسنة والاستفادة منها إلا ما ندر, والكتاب مترجم فلذا يضعف أسلوبه عند النقل عن بعض السابقين- كالطبري مثلاً-, وللمؤلف مواقف خاصة من بعض القضايا الشرعية والعلمية لا يوافق عليها- كموقفه من الشعر الجاهلي-.
ويعتذر للمؤلف في بعض ذلك لعدم تخصصه, ولأن كتابه موجه بالدرجة الأولى للغرب وبلسانهم وطريقة تفكيرهم, فاجتهد لذلك في استيعاب الردود من كتبهم وبما لا يخرج عن القرآن في الغالب, وهو جهدٌ مشكور, من رجل متمكنٍ في هذا الجانب غفر الله له.
= أخيراً:
ينبغي الاستفادة من هذا الكتاب في إبطال تلك المفتريات الثلاثة عشر التي تعرض لها ونحوها, وكذلك نشر مقدمة مؤلفه الوصفية ليستفيد منها كل كاتب عن شبهات المنتقدين في القرآن.
وفق الله الجميع, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.