عرض (بلاغة القرآن الكريم : دراسة في أسرار العدول في استعمال صيغ الفعل) رسالة دكتوراه

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29 مارس 2003
المشاركات
19,306
مستوى التفاعل
124
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

صدر عن مكتبة وهبة بالقاهرة (1429هـ) كتاب :
[align=center]بلاغة القرآن الكريم [/align]
[align=center]دراسة في أسرار العدول في استعمال صيغ الفعل[/align]

للدكتور ظافر بن غرمان العمري عضو هيئة التدريس بكلية اللغة العربية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة .
[align=center]
64889b31fd7282.jpg
[/align]
وأصل الكتاب رسالة دكتوراه تقدم بها الباحث لجامعة أم القرى . وقد قسم الباحث الرسالة إلى بابين :
الباب الأول : تناول فيه الباحث مخالفة مقتضى الظاهر في استعمال الأفعال في الدراسات البلاغية ، ويشتمل على مناقشات ومدارسات بين أهل العلم في أربعة فصول ذات مباحث متعددة . وهي :
الفصل الأول : مهاد الدراسة عند النحاة .

الفصل الثاني : التعبير بالمستقبل ويشتمل على مبحثين :
المبحث الأول : التعبير بالمضارع عن الماضي .
المبحث الثاني : التعبير بالمضارع عن الأمر ويلحق به التعبير عن الأمر بالمضارع.

الفصل الثالث : التعبير بالماضي ويشتمل على مبحثين :
المبحث الأول : التعبير بالماضي عن المضارع ويلحق به التعبير باسمي الفاعل والمفعول عن المستقبل .
المبحث الثاني : التعبير بالماضي عن الأمر .

الفصل الرابع : المخالفة في استعمال الفعل المتعدي ويشتمل على مبحثين :
المبحث الأول : تنزيل الفعل المتعدي منزلة اللازم .
المبحث الثاني : حذف مفعول الفعل المتعدي منزلة اللازم .

الباب الثاني : يشتمل على مواطن هذا الموضوع في القرآن الكريم وما جرى حول المخالفة في القرآن من مناقشات ومدارسات ومن أقوال تحوي فوائد ونكات تبين مزايا المخالفة ، وتظهر بعضاً مما نحسبه من وجوه الإعجاز البلاغي في الآيات وذلك بالنظر إلى ما حررته أقلام المفسرين وعلماء البيان حول الآيات الكريمة .
وقد اشتمل الباب الثاني على ثلاثة فصول على النحو التالي :
الفصل الأول : التعبير بالمضارع ويشتمل على أربعة مباحث .
الفصل الثاني : التعبير بالمضاي ، وتحته خمسة مباحث .
الفصل الثالث : المخالفة في استعمال الفعل المتعدي . وتحته مبحثان .

وقد قرأتُ نصف الكتاب وقد وفق الباحث جزاه الله خيراً في تناول مباحث الكتاب ، وأحسب البحث تم تحت إشراف الأستاذ الدكتور محمد محمد أبو موسى وفقه الله وإن لم أجد إشارة إلى ذلك في الجزء الذي قرأته من الكتاب ، وقد أخبرني صاحب مكتبة وهبة أن الرسالة بإشراف د. محمد أبو موسى .

القاهرة في 21/7/1429هـ
 
[align=center]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

شكر الله لأخي القدير الدكتور عبدالرحمن الشهري على التعريف بالكتاب ، وعلى هذا الثناء اللطيف على جهدي المتواضع، في الكتاب.

أما المشرف فهو _كما أشرت وفقك الله _ شيخي القدير الأستاذ الدكتور محمد أبوموسى حفظه الله أينما كان ونفع به.

وكانت لجنة المناقشة بالإضافة إلى شيخي؛ مكونة من:

سعادة الأستاذ الدكتور محمد بن علي الصامل أستاذ البلاغة والنقد ورئيس قسم الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، مناقشا خارجيا.

وسعادة الأستاذ الدكتور صالح بن سعيد الزهراني أستاذ البلاغة والنقد ووكيل كلية اللغة العربية للتطوير بجامعة أم القرى ، مناقشا داخليا.

وكان من فضل الله أن حصلت الرسالة على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى والتوصية بطباعة الرسالة دون تعديل على نفقة الجامعة.

وكان ذلك بإجماع أعضاء اللجنة الثلاثة بحمد الله.

أسأل الله أن يجعله عملا خالصا لوجهه. وأن ينفع به.

والسلام عليكم.... د/ظافر العمري

جامعة أم القرى ــ مكة المكرمة[/align]
 
حياكم الله يا دكتور ظافر في ملتقى أهل التفسير ، والحمد لله الذي جاء بك من غير سيفٍ أو دمٍ مهراقِ ، وأشكرك كثيراً على كتابك وجهدك الذي لمسته من خلال الاطلاع على الكتاب رعاكم الله وسددكم . وقد قرأتُ معظمَه في القاهرة فقد ابتعته بمفرده ولم يكن معي في الفندق سواه فتفرغت له يومااً وانتفعت به فجزاك الله خيراً . وقد تساءلتُ كيف أصلُ إليك لدعوتك للمشاركة معنا في الملتقى والاستفادة من خبرتك العلمية حول بلاغة القرآن ، فالحمد لله على هذه التقنية التي قربت البعيد وأَدنت القصيَّ .
أكرر الترحيب بك وأنتظر منك الكثير فحياك الله . وليتك تفصل لنا نتائج هذا البحث الذي تم التعريف به وهل ثَمَّة بقية من الموضوعات المتعلقة بموضوع العدول في صيغ الخطاب في القرآن الكريم جديرة بالدرس والنظر برأيكم ؟
 
السلام عليكم

جزاكم الله خيرا يا دكتور عبدالرحمن وبارك فيكم

ويسعدني أن أكون أحد أعضاء هذا الملتقى المبارك بإذن الله

وما لدينا إنما هو بضاعة مزجاة.

أما سؤالك عن العدول في الخطاب القرآني فهو واسع يشمل الفعل والاسم والحرف

وقد تناول البحث معظم ما يتصل بصيغة الفعل وما يتعلق به مما يساق مساق الفعل من الأسماء كالصفات (المشتقات: اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة) وجانب لا بأس به من الحرف المتعلق بالفعل. وما يلحق بالصيغة من عدول في مقتضى بنية الفعل من جهة التعدي واللزوم. والاستغناء عن متعلق الفعل من مفعول صيغ الفعل على صيغة تصل إليه.

ولا ريب أن هناك جوانب عدة من العدول في الخطاب القرآني لم يتطرق إليها البحث لاعتنائه بالفعل وما هو في حكمه وما يتصل به. وإن كان العدول في الصيغ يشمل قضايا كثيرة من مسائل العدول في غير الصيغ.

ومن أساليب العدول في الأسماء الالتفات وهو باب معروف في العربية، ومنه استعمال الضمير موضع الاسم الظاهر، ومنه أسلوب الحكيم.
غير أن العدول في صيغ الأفعال وما يلحق به هو أوسع وأشمل أبواب العدول وأكثرها خصوبة، وأجزلها أغراضا، خاصة في الكتاب الكريم.

أخي المفضال: إليك ما سألت عنه من نتائج البحث:
أولا:أن المخالفة في الأفعال من صيغة إلى أخرى في القرآن الكريم يغلب وقوعها في الآيات التي تتحدث عن أمور الآخرة والمعاد وأمور الحساب والجزاء،وموقف الخلق بين يدي خالقهم يوم الدين، وتحقيق الوحدانية والهيمنة الإلهية، بما تستوجبه من عظيم الصفات، ورفيع الدرجات، وهذا دليل على فخامة هذا الأسلوب، لكثرة الماضي في أحداث اليوم الآخر، وكثرة مجيء المضارع في استحضار الأمور العظيمة وحكاية الحال الماضية، وهما إنما يكونان فيما يستعظم من الأمور. وقد استأثرت هاتان الصيغتان بهذا الأسلوب في القرآن الكريم ــ أعني أسلوب المخالفة ــ حتى لا نجد للعدول إلى الأمر عن إحدى الصيغتين الأخريين إلا في آية واحدة جاء فيها العدول بطريقة الرجوع عن المضارع إلى الأمر، ولعل ذلك يرجع إلى سعة الأفق الدلالي لهاتين الصيغتين لتتقلبا في التراكيب على وجوه شتى فتكسب الأسلوب جزالة، وتكسوه جمالا.
ثانيا: كانت تلك الآيات التي تتضمن المخالفة تدعو لتهذيب النفس، وتتغلغل في أعماقها، فتبعث فيها الكوامن التي أودعتها الفطرة من الرهبة والخوف والطمع والخشوع والتذلل والتسليم،وليس بعد تلك العبر والمشاهد والآيات الباهرة مجال لزيغ النفس إلا من كتب الله عليه الشقاء.
ثالثا: أن هذا الأسلوب الجزل، والكلام المتميز الرفيع، من مخالفة مقتضى الظاهر والعدول عن صيغة إلى أخرى من الأفعال، وعلى وجه الأخص الإخبار عما هو للوقوع بأنه واقع؛ لا يقع إلا ممن يملك أن يجعل الغائب حاضرا،والبعيد قريبا، ويملك أن يفعل ما يقول، ويملك أن يقول للشيء كن فيكون.
رابعا:أن من الأحكام الفقهية والعقدية في الكتاب الكريم ما لا ينكشف إلا بتأمل تركيب الآيات، وأسلوبها وسبب مجيئها على ذلك الوجه دون غيره، فالسر البلاغي والنكتة البلاغية التي يحملها ذلك التركيب تحمل في ثناياها حكما ومقصدا شرعيا لولا ذلك الوجه البلاغي لما ظهر الحكم.
خامسا: أن اختلاف الأسلوب بين مخاطبة المؤمنين والحديث في شأنهم، وبين مخاطبة الكافرين يبين مدى تعظيم القرآن للمؤمن فهو يلاطفه ويلين له الخطاب،ويقدم الكلام بما يشعر المؤمن بحب الله ورحمته ولطفه، حتى إنه ليطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يلطف في خطابه للمؤمنين، وأن يلين لهم، وهو من هو عليه الصلاة والسلام عند ربه. كذلك نجد الغلظة في خطاب الكافرين،والإخبار عنهم ونجد إنزال القرآن لهم منزلة حقيرة ودرجة وضيعة، حتى يترك خطابهم إلى خطاب غيرهم ويسقط منزلتهم في العبارة فيصرف الكلام عنهم، ويوجهه إلى من هو أولى به، وأسمع له.
سادسا: أن هناك مقامات يكثر فيها التعبير بالمضارع عن الماضي، مثل الإخبار عن الأمم السابقة وقصصها وقصص أنبيائها، وفي مقامات الحديث عن الآيات الكونية، وما يحيط بالإنسان مما هو دليل على عظمة الله وقدرته. كما أن هناك مقامات كثر فيها مجيء الماضي معدولا إليه عن المضارع، وتلك هي مقامات الحديث عن المعاد والبعث والنشور وما يتبعه من أهوال في يوم القيامة. فالمضارع وإن كان يتحدث عما ذكر، إلا أن مآله هو بيان تلك الحقيقة العظمى التي ذهلت عنها العقول وشغلت عنها النفوس، ألا وهي حقيقة نهاية الدنيا والرجوع إلى البارئ عزوجل، وانتهاء النفوس إلى المصير المحتوم الذي لا مفر منه، وهنا يلتقي المقصد الكلي من التعبير بالماضي والتعبير بالمضارع في المخالفة.
سابعا: مجيء المضارع خبرا لكان عند اجتماع الصيغتين، وانعدام نصيب الماضي في ذلك، وهذا يرجع إلى ما في كل من الصيغتين من خصوصية في الذهاب بالزمن إلى وجهة تضاد وجهة الصيغة الأخرى، فينتج عن ذلك صورة امتداد الزمن واستمرار أحداثه، وهي صورة لا تتحقق إلا في ذات التركيب.
ثامنا: أن كثيرا من المواطن التي يظن فيها إشكال في آيات القرآن الكريم،إنما هي مواطن الأسرار البلاغية، التي لا تظهر إلا بتأمل وتدبر،وقد حث الكتاب الكريم على التدبر في آياته، والنظر في مكنونه لأنه أودع أسرارا لا تبرز إلا لمن آتاه الله علما واستنباطا.
تاسعا: أن حذف المفعول في القرآن الكريم لغرض تنزيل المتعدي منزلة اللازم كثر في الفواصل القرآنية وخاصة في التشنيع على الكافرين أو حث المؤمنين على الاستزادة في جانب التقوى، ولم يرد تنزيل المتعدي منزلة اللازم على معنى قصر الفعل على فاعل معين إلا إذا كان ذلك الفاعل هو البارئ عزوجل.
عاشرا: توفر البحث على عدد ليس بالقليل من شواهد المخالفة في الآيات القرآنية، حيث كانت محصورة في بعض الجمل،مع شيء من الآيات، بما يؤكد حقيقة ثراء الآيات القرآنية بالشواهد، ويزيل شبهة محدودية الأمثلة البلاغية.
حادي عشر: اعتماد البيانيين في مناقشاتهم لموضوع المخالفة على التحليل والتمحيص والموازنة بين تركيب وآخر، والمقابلة بين الأساليب المتناظرة التي يخفى على غير البصير تمييز مواطن الخصوصية فيها، وتحديد عناصر التفرد والتميز. حيث أوجد ذلك خصوبة في القضايا التي ناقشوها وتفرعت عن محاوراتهم للنصوص، ولم تخل في كثير منها من الاحتكام إلى الذوق البلاغي الذي قلما نراه في مدارسة الأساليب الأدبية . فكانت تلك المحاورات لاشتمالها على فوائد واستنباطات أشبه بالمقاييس التي أفاد منها البحث في الجانب التطبيقي.
ثاني عشر:أن ما عرضه البحث من سعة دلالية لاستعمال صيغ الأفعال في سياقات وتراكيب مختلفة فيه رد واضح على زعم أن في العربية قصورا في تعاملها مع الزمن، وبساطة ثنائية الماضي والمضارع مقارنة بغيرها من اللغات، إذ اتضح شمول التراكيب في العربية لأزمنة متعددة تتجاوز زمني المضي والاستقبال، على الرغم من استعمال المخالفة لصيغتيهما الفعلية في تنويع تلك الدلالات الزمنية وتكثيرها، حتى لترى أثر تلك الدلالة الزمنية بارزة في صدر السياق تفيض بالمعاني والإيحاءات، وتصور أبعاد الحدث المختلفة، وتفيد من خصوصيات الأزمنة التي تحتوي الأحداث في توسيع الدلالات المختلفة لتلك الأحداث،إذ إن للعامل الزمني قدرة على تنويع الدلالات وتكييفها، فلم تعد الأزمنة ظروفا مجردة تبين زمن وقوع الحدث. حيث إن المخالفة قد أفادت من قدرة ذلك العامل على التحكم في سياق الحدث،وتسيير دلالته في مسارات متباينة، فتكشفت مادة الحدث ذات البساطة في الظاهرة عن دلالات أعمق، بين واقع، وإمكان، واستحالة،ووجوب وجواز، وقرب، وبعد،وسرعة، وقوة وضعف وعلو في الرتبة وانحطاط، ومعلوم ومجهول، ونحو ذلك مما لم يكن للفعل مجردا من سياقه، أو حتى بدلالته الزمنية الأولية المنبثقة عن الصيغة قدرة على إبرازه لولا وظيفة العامل الزمني الذي يستوحي وجهة السياق فيكشف عن خواص ومزايا في الأحداث التي يحتويها. وقد عالجت دراسة المخالفة اتجاهاته وأبعاده الوظيفية في السياق حتى تكشف عن تلك الصور البديعة المتعددة.
ثالث عشر:أظهرت دراسة المخالفة تلك الفوارق الواسعة بين مستويين من الكلام هما المحال المخالف للمنظومة المعيارية، والكلام البليغ الذي يخالف في ظاهره تلك المنظومة وهو في حقيقة الأمر مطلب بلاغي، حيث جعل البلاغيون معيار الاعتبار مرجعا لقبول أحدهما بل لتصنيفه في أرقى الكلام، ورد الآخر واعتباره من أرذل الكلام. وهذا المعيار البالغ الدقة يتبناه السياق ويرفد متطلباته.
رابع عشر: ظهر من خلال الدراسة أن تلك الإيحاءات التي أحيتها الدراسات البيانية لآي القرآن العظيم، يمكن أن تستثمر في دراسة الشعر وتحليل أساليبه وتراكيبه على ضوء ما قدمه البيانيون والمفسرون بتناولهم للمخالفة وغيرها من أساليب القرآن، وتمييزهم للتراكيب المتقاربة والمتشابهة، واستخراج فرائد وطرائف يكنها كل تركيب بما يميزه. حيث يمكن القول بأن عمق تلك الدراسات وجدتها يعد منهجا صالحا لدراسة الشعر العربي، ومعرفة إمكانات أساليبه، وطرائق الشعراء وخصوصيات أسلوب الشاعر.
هذا والحمد لله أولاً وآخرا،وصلى الله على نبينا محمد.
* * * * *
 
بارك الله فيك ، وفي شيخنا الدكتور عبدالرحمن على هذا العرض .
أحسبُ أني أستطيع أن أجد فيه بغيتي ، فقد تساءلت كثيرًا عن سر اختلاف آيتين في القرءان الكريم باختلاف أولهما ، وهما :
قال تعالى في سورة فاطر : إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور.
وقال في سورة الحجرات : إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون.

فذكر - كما ترون - أولاً اسم الفاعل ، ثم ذكر في الحجرات الفعل المضارع ، فهل نجد سببًا لذلك ، وهل تطرقتم له ؟
لأني بحثت في كثير من التفاسير ولم أجد أحدًا أشار لذلك .

بارك الله فيكم .
 
أشكركم يا دكتور ظافر على هذه الفوائد والنتائج القيمة ، وقد أعجبتني لفتتك الكريمة في التوصية الأخيرة (رابع عشر: ظهر من خلال الدراسة أن تلك الإيحاءات التي أحيتها الدراسات البيانية لآي القرآن العظيم، يمكن أن تستثمر في دراسة الشعر وتحليل أساليبه وتراكيبه على ضوء ما قدمه البيانيون والمفسرون بتناولهم للمخالفة وغيرها من أساليب القرآن، وتمييزهم للتراكيب المتقاربة والمتشابهة، واستخراج فرائد وطرائف يكنها كل تركيب بما يميزه. حيث يمكن القول بأن عمق تلك الدراسات وجدتها يعد منهجا صالحا لدراسة الشعر العربي، ومعرفة إمكانات أساليبه، وطرائق الشعراء وخصوصيات أسلوب الشاعر) .
وليت الزملاء طلاب الدراسات العليا في أقسام الأدب والبلاغة يلتفتون لهذه الدراسات التي تعود على البلاغة بالنفع الكبير . وأنصح الزملاء في الملتقى بقراءة كتاب (الشعر الجاهلي - دراسة في منازع الشعراء) للأستاذ الجليل الدكتور محمد محمد أبو موسى جزاه الله خيراً فقد أفاض في تطبيق مثل هذا الأسلوب في دراسة قصائد بعض الشعراء الجاهليين لتكون مثالاً يحتذى .

وأما جواب سؤال الزميل أبي الوليد التويجري فلعل الدكتور ظافر يجيبه فالكتاب ليس بين يدي الآن ولا ينبغي أن نلجأ للكتاب والمؤلف معنا وفقه الله ونفع بعلمه .
 
[align=center]
بارك الله فيك ، وفي شيخنا الدكتور عبدالرحمن على هذا العرض .
أحسبُ أني أستطيع أن أجد فيه بغيتي ، فقد تساءلت كثيرًا عن سر اختلاف آيتين في القرءان الكريم باختلاف أولهما ، وهما :
قال تعالى في سورة فاطر : إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور.
وقال في سورة الحجرات : إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون.

فذكر - كما ترون - أولاً اسم الفاعل ، ثم ذكر في الحجرات الفعل المضارع ، فهل نجد سببًا لذلك ، وهل تطرقتم له ؟
لأني بحثت في كثير من التفاسير ولم أجد أحدًا أشار لذلك .

بارك الله فيكم .

السلام عليكم:
حياك الله أخي الكريم أبا الوليد التويجري، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم إلى فهم كتاب الله وتدبره والعمل به. أما سؤالك فأقول ـ والله أعلم ـ :

بسم الله الرحمن الرحيم
الآيتان تتحدثان عن علم الله تعالى، ولا ريب أن علمه سبحانه له صفة الكمال ، فإذا ورد بصيغة المضارع المشعرة بأن الفعل يقع مستقبلا فُهم منها اللازم أي لازم العلم. فأما آية الحجرات فهي في سياق الخطاب الدنيوي، وأما آية فاطر فهي في سياق الخطاب يوم القيامة. فقوله تعالى في سورة الحجرات: ( إن الله يعلم غيب السموات والأرض والله بصير بما تعملون) جاءت تعليلا للآية التي قبلها (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان) إذ تفيد (إنََ) تعليل ما قبلها بما بعدها بمعنى أن الإخبار عنهم بمنتهم على الرسول عليه السلام ومنة الله عليهم كل ذلك داخل في علم الله تعالى وأن من لوازم علمه ما يقع من الإحاطة بما في صدورهم مما قد يقع منهم مستقبلا في مسألة الإيمان وثبات القلوب عليه من عدمه. فناسب أن يأتي بصيغة المضارع المشعرة بتجدد مايقع منهم مما يحيد به علمه تعالى والتجدد هنا من دلالة المضارع على الاستمرار التجددي.
وعلمه تعالى ليس متغيرا بتغير الزمان لأنه لو حُكِم بأنه زاد علمه في الزمن المستقبل لدل ذلك على نقصه في الزمن الماضي، ويلزم من ذلك أنه تعالى لا يعلم ما يكون في المستقبل حتى يقع، وهذا مما ينزه عنه علمه تعالى، فهو محيط الآن وقبله بما يقع منهم مستقبلا، وإنما جيء بصيغة المضارع للإشارة إلى لازم العلم. أي أن كل ما تقولونه وتفعلونه مما يؤكد صدقكم إنما هو واقع في علم الله تعالى ويعلم الآن كيف يكون مستقبلا. والتجدد للازم وليس للعلم لأن علمه تعالى متصف بالكمال فلا يصح أن يكون علمه على صفة تشعر بتغيره بين زمنين. وإنما يستفاد من المضارع لازمه من أن العلم محيط بكل ما يتجدد من أفعال العباد الظاهرة والباطنة، وهي أمور دنيوية متجددة متغيرة، فكان الإخبار عن العلم بها بما يناسب تجددها وحدوثها وذلك بصيغة المضارع (يعلم).
أما آية فاطر: (إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور) وردت عقيب الحديث عن حال الذين كفروا يوم القيامة بعد دخولهم النار، فالآية في سياق الحديث عن يوم القيامة، والتعبير جاء باسم الفاعل الذي لا يلحظ فيه زمن فهو إخبار عن مطلق علم الله الذي أحاط بما عملوا في الدنيا فلا يناسب أن يجيء بصيغة المضارع المشعرة بتجدد لازمه من أفعال العباد المحاطة بالعلم، لأنهم في موقف انتهى فيه العمل ولا يقع منهم في المستقبل عمل يحاسبون عليه، وإنما هو موقف جزاء، وهم موقنون غاية اليقين في ذلك الحين أنه قد أحاط من قبل بما عملوا. وسواء كانت الآية تعليلا لقوله تعالى: ( أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاء كم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير)، أم كانت استئنافية لا تعلل لما قبلها فإنها تدل على مطلق العلم _ وليس كما في المضارع حين يشير إلى تجدد لازم العلم _ فلم يستعمل اسم الفاعل هنا للإشارة إلى لازم العلم مما يتجدد. لأنها إن كانت تعليلية فإنها من صلة الآية التي قبلها فتكون في نفس سياق ما خوطبوا به يوم القيامة، وإن كانت استئنافية لا تعلل لما قبلها فإنه ليس في الآية ما يحتاج إلى الإشارة إلى تجدد الإخبار عن العلم بتجدد لازمه.
وقد بينا في كتابنا المشار إليه أعلاه، أن الإخبار عن العلم بصيغة المضارع إذا أريد به التجدد فإنه ليس تجددا لعلمه تعالى بل التجدد للازم العلم، وصيغة المضارع تفيد الإخبار عن دخول ذلك التجدد في علمه تعالى ، وهذا هو الفارق المهم بين الآيتين لأن آية الحجرات عللت لتجدد ما يقع في العلم فجاء الإخبار عن العلم بصيغة المضارع، وآية فاطر ليس فيها ما يشير إلى تجدد ما يقع منهم من عمل لانقضاء دار العمل.

وللاستزاده في مسألة الأخبار بصيغة المضارع عن علم الله ينظر مبحث (وقوع المضارع موقع الماضي بعد حرف التحقيق للاستمرار) ص 208.

وبالمناسبة فإن صفة علم الله أغلب مجيئها -إن لم يكن كله -على صيغة اسم الفاعل إنما يكون في سياق الحديث عن اليوم الآخر.

فائدة:
إن الناصبة تفيد التعليل كما في قوله: (إن الله يعلم غيب السماوت والأرض) وكما في قوله تعالى: (ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه إنه كان لا يؤمن بالله العظيم) فهي تفيد التعليل فالمعنى في سورة الحجرات _ والله أعلم _ : (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان، فإن الله يعلم غيب السماوات والأرض، أي إن كنتم صادقين في إيمانكم دائمون عليه فإن الله يعلم غيب السماوات والأرض، وعلمه بغيب السموات والأرض يدخل فيه ما في صدورهم .
والمعنى في قوله تعالى: (فاسلكوه إنه كان لا يؤمن بالله العظيم) أي اسلكوه لأنه كان لايؤمن بالله العظيم أي عقابا لعدم إيمانه.

والله أعلم[/align]
 
[align=center]تصويب خطأ كتابي:

منهم مما يحيد به علمه تعالى والتجدد هنا من دلالة المضارع على الاستمرار التجددي.


الصواب

(يحيط)[/align]
 
جزاكم الله خيراً وغفر لوالديكم وأثابكم وجعل الجنة مثواكم،،،

هلاّ دليتموني على مكان هذا الكتاب وفي أي مكتبة أجده في القصيم فأنا بحاجة ماسة لمعرفة هذا المبحث والمتعلق بالعدول وقد طرحت استفساراً ليلة البارحة بشأن هذا الموضوع ولم أجد جواباً فحبذا لو ساعدتموني ودليتموني على مكانه ولكم جزيل الشكر،،،

وفقكم الله..
 
[align=center]
أشكركم يا دكتور ظافر على هذه الفوائد والنتائج القيمة ، وقد أعجبتني لفتتك الكريمة في التوصية الأخيرة (رابع عشر: ظهر من خلال الدراسة أن تلك الإيحاءات التي أحيتها الدراسات البيانية لآي القرآن العظيم، يمكن أن تستثمر في دراسة الشعر وتحليل أساليبه وتراكيبه على ضوء ما قدمه البيانيون والمفسرون بتناولهم للمخالفة وغيرها من أساليب القرآن، وتمييزهم للتراكيب المتقاربة والمتشابهة، واستخراج فرائد وطرائف يكنها كل تركيب بما يميزه. حيث يمكن القول بأن عمق تلك الدراسات وجدتها يعد منهجا صالحا لدراسة الشعر العربي، ومعرفة إمكانات أساليبه، وطرائق الشعراء وخصوصيات أسلوب الشاعر) .
وليت الزملاء طلاب الدراسات العليا في أقسام الأدب والبلاغة يلتفتون لهذه الدراسات التي تعود على البلاغة بالنفع الكبير . وأنصح الزملاء في الملتقى بقراءة كتاب (الشعر الجاهلي - دراسة في منازع الشعراء) للأستاذ الجليل الدكتور محمد محمد أبو موسى جزاه الله خيراً فقد أفاض في تطبيق مثل هذا الأسلوب في دراسة قصائد بعض الشعراء الجاهليين لتكون مثالاً يحتذى .

وأما جواب سؤال الزميل أبي الوليد التويجري فلعل الدكتور ظافر يجيبه فالكتاب ليس بين يدي الآن ولا ينبغي أن نلجأ للكتاب والمؤلف معنا وفقه الله ونفع بعلمه .


جزاك الله خيرا يا دكتور عبدالرحمن ونفع بعلمك

ولا ريب أن كتاب شيخنا الدكتور محمد أبو موسى من الكتب التي يجدر بطلاب الأدب والبلاغة أن يطلعوا عليها ، لأنه نهج نهجا جديدا في قراة النص الجاهلي وسلك طريقا جديدة في التعامل مع النص الشعري، وكان من منهجه حفظه الله أن يقرأ النص ويستبطن كوامنه دون وسيط من شارح أو محلل أو ناقد، وإنما يتعامل مع النص لا يحول بينه وبين معرفة أسراره رأي أو مقولة. وهو منهج السلف في التعامل مع النصوص وقراءتها وتحري خصائصها. ولا يعني هذا أنه استبد بالقول وقال ما ليس من كلام العرب فالشيخ منهجه هو منهج البيانيين القدماء الذين يتأملون النص ويتعرفون أسلوبه ويدققون في أسراره، ولا يتأثرون برأي وإنما يجتهدون طاقتهم في التبين والاستهداء للأمثل.

وهي طريقة يجب أن تتبع في التعامل مع الشعر العربي الأصيل، ولا ريب أن هذه الطريقة من المعالجة لا تتأتى لكل مريد ، إنما هي لمن يملك الأدوات والوسائل التي يقرأ بها ويستبطن ويستنبط، فإن الشعر علم من علوم الثقافة العربية وله صلة وثيقة بثقافة الإسلام، واحترام الأدب العربي الأصيل جزء من احترام ثقافتنا وموروثنا الذي يتصل من جهات كثيرة بثقافتنا الإسلامية.

أكرر شكري لفضيلتكم، ونسأل الله أن يحفظ الشيخ محمد أبوموسى الذي عرفنا عنه الجد والإخلاص في الطلب، والذود عن العربية وعن علوم الإسلام حتى يكاد يفني نفسه في ذلك ولا مبالغة حين نقول ذلك، ويقولها من عرفه ولبث معه عمرا.هكذا نحسبه والله حسيبه.
والشيخ حفظه الله انتهى عمله بجامعة أم القرى وعاد لأرض الكنانة هذا العام نفع الله به وبعلمه.[/align]
 
ما شاء الله اللهم بارك
 
ماشاء الله تبارك الله ، لا إله إلا الله .
توجيه رائع جدا ، بارك الله فيكم شيخنا الدكتور ظافر .

كان للسياق - فيما أفهم - أكبر أثر في التغير بين الموضعين .

قال ابن القيم رحمه الله في سياق تفسيره لسورة الإخلاص : "وأما المسألة الرابعة وهي : أنه لم يأتِ النفي في حقهم إلا باسم الفاعل [ يعني قوله تعالى : (ولا أنتم عابدون ما أعبد )] ، وفي جهته جاء بالفعل المستقبل تارة وباسم الفاعل تارة أخرى،[يقصد آيتي 2،4] ، فلذلك والله أعلم لحكمة بديعة ، وهي أن المقصود الأعظيم براءته من معبوديهم بكل وجه وفي كل وقت، فأتى أولاً بصيغة الفعل الدالة على الحدوث والتجدد ، ثم أتى في هذا النفي بعينه بصيغة اسم الفاعل الدالة على الوصف والثبوت ..." بدائع الفوائد (1/240-241) ط.دار عالم الفوائد .

ما بين المعكوفين من كلامي .

بعد عرض كلام ابن القيم ، هل نستطيع القول أن الله عز وجل أراد بالتفريق بين ختام الآيتين أن يثبت علمه على كل حالة وفي كل وقت ؟ أم أن هذا معلومٌ أصلا وتحصيل حاصل ؟

جزاكم الله خيرًا .
 
[align=center]
ماشاء الله تبارك الله ، لا إله إلا الله .
توجيه رائع جدا ، بارك الله فيكم شيخنا الدكتور ظافر .

كان للسياق - فيما أفهم - أكبر أثر في التغير بين الموضعين .

قال ابن القيم رحمه الله في سياق تفسيره لسورة الإخلاص : "وأما المسألة الرابعة وهي : أنه لم يأتِ النفي في حقهم إلا باسم الفاعل [ يعني قوله تعالى : (ولا أنتم عابدون ما أعبد )] ، وفي جهته جاء بالفعل المستقبل تارة وباسم الفاعل تارة أخرى،[يقصد آيتي 2،4] ، فلذلك والله أعلم لحكمة بديعة ، وهي أن المقصود الأعظيم براءته من معبوديهم بكل وجه وفي كل وقت، فأتى أولاً بصيغة الفعل الدالة على الحدوث والتجدد ، ثم أتى في هذا النفي بعينه بصيغة اسم الفاعل الدالة على الوصف والثبوت ..." بدائع الفوائد (1/240-241) ط.دار عالم الفوائد .

ما بين المعكوفين من كلامي .

بعد عرض كلام ابن القيم ، هل نستطيع القول أن الله عز وجل أراد بالتفريق بين ختام الآيتين أن يثبت علمه على كل حالة وفي كل وقت ؟ أم أن هذا معلومٌ أصلا وتحصيل حاصل ؟

جزاكم الله خيرًا .

وبارك فيك ونفع بك أخي أبا الوليد

أما مراد الله فهو سبحانه أعلم به، ونحن إنما نقول ما نفهمه من القرآن، فإن حكمنا بمعنى أو غرض في الآية فهو من باب القول بما نعلمه، فنحن نرجو أن يكون هو مراد الله إلا ما كان واضحا بينا كما كان بعض السلف يقسم على الآية أن المراد بها كذا كما أقسم ابن مسعود رضي الله عنه على أن المراد بلهو الحديث هو الغناء، وأما التوقيع عن رب العالمين فهو أمر جد عظيم نسأل الله أن يعفو عنا وأن يسددنا في القول والعمل.

نقول وبالله التوفيق: إن في الآيتين إثباتا لصفة علمه تعالى، بلا ريب وكل آية منهما تثبت صفة العلم كما تثبته الأخرى بيد أن الاختلاف بينهما في المتعلق، فالآية التي ورد فيها العلم بصيغة المضارع (يعلم) أفاد ذلك أن أمرا "ما" سيتعلق بالعلم تعلقا مستمرا استمرارا تجدديا ، فآية الحجرات يتعلق بالعلم فيها ما في الآية قبلها من ذكر إيمان الذين امتنوا على النبي عليه السلام بإسلامهم وما يتصل به من صدقهم أو عدمه، فيأتي المضارع المفيد استمرارا تجدديا ليبين أن ما في صدورهم في الآزمنة الثلاثة الماضي والحال والاستقبال أنه كله متعلق بعلم الله لا يخرج شيءعن علمه تعالى مما في صدورهم أبدوه أو أخفوه.

أما حينما يكون العلم بصيغة اسم الفاعل فإنه لا يلزم من الصيغة حينئذ دلالة على متعلق محدد بل هي دلالة على علمه المطلق سبحانه وتعالى.

وبهذا يفهم من الآيتين أنهما أفادتا صفة علمه تعالى، إلا أن آية الحجرات أفادت مع صفة العلم لازما ومتعلقا، أما آية فاطر فإنها تفيد مطلق العلم بلا لازم معين.

وشكر الله لك هذا الموضوع وبارك فيك

والله أعلم[/align]
 
عودة
أعلى