عباد الله و عباد لله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لعل بعض الجواب اتضح لك أختي في جوابي على سؤالك السابق بخصوص كلمة (عبادا لنا)
وأزيد إيضاحا:
كلمة (عباد الله) لاشك أن الإضافة إضافة تشريف وتكريم، كما قال تعالى { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ }، فهؤلاء حققوا عبودية الله تعالى الخاصة وانتقلوا من عبودية الاضطرار ألا وهي عبودية الربوبية إلى عبودية الاختيار -عبودية الألوهية-.
أما كلمة (عباد لله) فإما أن تكون اللام لام ملك فتكون الإضافة إضافة تمليك، فيقصد بها العبودية العامة، وإما أن تكون اللام لام اختصاص فتكون الإضافة إضافة تشريف فيقصد بها العبودية الخاصة-والله أعلم-.

فكلمة (العبد) كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمة آية الزمن عيه رحمة المنان في كتابه (العبودية) تتضمن معنين:
- العبد بمعنى المعبّد، وهذا المعنى يدخل فيه كل الناس فكلهم عبيد لله معبّدون تحت قهره وتصرفه تشملهم ربوبيته سبحانه، وليس لأحد أن يتنصل أو يخرج من هذه العبودية، والنصوص في ذلك كثيرة جدا. وتحقق هذا المعنى لا ينجي صاحبه من عذاب الله، بل من اكتفى به فقد اكتفى بما اكتفى به إبليس الذي قال: (رب أنظرني إل يوم يبعثون) وبما اكتفى به أهل النار القائلون -عياذا بالله- (ربنا أخرجنا منها...).
وهذه هي عبودية الاضطرار أو ما أشرته إليه آنفا بالعبادة العامة أو عبودية الربوبية.

- العبد بمعنى (العابد) وهذا هو الذي حقق العبادة الخاصة وانتقل من عبادة الاضطرار إلى عبادة الاختيار فعبد الله جل في علاه اختيارا بفعل أوامره واجتناب نواهيه ومولاة أولياءه ومعاداة أعداءه...وهذه العبودية هي التي تنفع صاحبها وهي التي كلما حققها العبد ازدادا قربا من ربه وازداد رفعة وشرفا.

فأشرف الناس وأكثرهم رفعة وعزة أعبدهم لله تعالى، ولو كانت هناك منزلة أشرف وأعلا من منزلة العبودية لوصف بها الله تعالى رسوله الكريم عليه أفضل الصلام والتسليم في تلك المقامات السنية والأحوال العلية:
{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ }
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ}
{ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ }
{ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نزلْنَا عَلَى عَبْدِنَا }.

هذا والله أعلم وأحكم ونسبة العلم إليه سبحانه أسلم.
 
عودة
أعلى