عالم اشترى كتابا بحوالي 9000 ريال ، فعكف على قراءته ، واقتصر على الفرائض حتى ختمه

إنضم
23 أبريل 2003
المشاركات
805
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة ، والسلام نبينا محمد، وآله ، ومن تبعه إلى يوم الدين ، أما بعد:
ففي هذه القصة التي أسوقها لك ، أريد أن نعالج معاً موضوعاً مهماً يمس أغلى ما نملك ، وهو الوقت ، وكيف نستفيد منه ، ونحاول تخيف الزخم الهائل من الصوارف والشواغل .. وليكن بعد هذه الحكاية ..
قرأتُ في كتاب الطالع السعيد الجامع أسماء علماء نجباء الصعيد لمؤلفه المؤرخ الفقيه كمال الدين أبي الفضل جعفر الأُدْفُوي الشافعي في ترجمته للإمام العلامة المجتهد ابن دقيق العيد .
قال الأُدْفُوي ص580: وأخبرني شيخنا الفقيه سراج الدين الدَّنْدري أنه لما ظهر الشرح الكبير للرافعي [فتح العزيز شرح الوجيز] اشتراه [ابنُ دقيق العيد(1)] بألف درهم(2) ، وصار يصلي الفرائض فقط ، واشتغل بالمطالعة إلى أن أنهاه مطالعة ، وذكر عنده هو[الرافعي] ، والغزالي في الفقه فقال : الرافعي في السماء . اهـ .
ومما يشبه هذا الجهد والحرص لكنه في المذاكرة ، وليس في المطالعة ما جاء عن الإمام أحمد رحمه الله ، قال عبد الله بن أحمد: لما قدم أبو زرعة نزل عند أبي ، فكان كثيرَ المذاكرة له ، فسمعت أبي يوما يقول: ما صليت غير الفرائض استأثرت بمذاكرة أبي زرعة على نوافلي.
وروى الخلال في أخلاق أحمد: أن إسحاق قال: كنا عند عبد الرزاق أنا ، وأحمد بن حنبل قال: فمضينا معه إلى المصلى يوم عيد ، قال: فلم يكبر عبد الرزاق ، ولا أنا ، ولا أحمد بن حنبل ! قال: فقال لنا: رأيت معمرا ، والثوري في هذا اليوم كبّرا ؛ فكبرتُ ، ورأيتكما لا تكبران فلم أكبر ، أو قال: ورأيتكما لا تكبران ؛ فهبت !
قال عبد الرزاق: فلمَ لَمْ تكبرا ؟ قال فقلنا: نحن نرى التكبير ، ولكن شغلنا بأي شيء نبتدئ من الكتب .اهـ من الآداب الشرعية 2/165-166 .
وأخبار العلماء في مثل هذا كثيرة ..
أقول: رحمهم الله ، أين نحن اليوم من مثل هذا ؟ !
وكيفَ يَفعلُ مثلَ هذا اليوم مَنْ ثلث يومه في وظيفة تهلك الحفظ ، والفهم ! ، وسدسه ، أو أكثر في النوم ! وقل كم يذهب من الوقت في الأكل ، وعند إشارات المرور ، والزحام في الطرقات ، ثم حاجات الأهل ، وصلة الوالدين ، والأقربين ...ونحوها !
وناهيك عن التردد على المكتبات لمتابعة الجديد ، وعن الاجتماعات مع الإخوان التي لا تنتهي ، والمناسبات ، ثم ما يقال في الترويح عن النفس ... وكأنها قد أنجزت شيئا !
وهكذا يمضي العمر ، وتنصرم الأيام ، ولم نحصل شيئا ! فما الحل إذن ؟
أقول: مع أني غيرُ سالمٍ مما ذكرتُ ..
أولا: من أهم الأمور هنا الالتجاء إلى الله ، أن يوفقك ، ويبارك في وقتك .
ثانيا : شد المئزر ومحاولة الاستفادة من كل وقت ، حتى وأنت في السيارة تستطيع سماع الدروس المسجلة ... ، وهكذا في العمل اصحب معك كتابا ، وانظر فيه كلما سنحت فرصة .. وقلل من حضور المناسبات ، ولا تحضرْ إلا ما يتعين عليك حضوره ، أو تخشى من مفسدة عند عدم الحضور .. ، واجعل معك كتابا في السيارة طالعه عند إشارات المرور ، أو استغل وقتك بأي شيء فيه نفع ، وتكون قد أنجزته وسلم لك مكانه . وهكذا ...
ومِلاك هذه الأمور كلها الشعور بقيمة الزمن ، وأنه هو العمر ، فتضييعه أعظم من تضييع الذهب والفضة ..
ومما يعين على ذلك مطالعة سير العلماء الأوائل المجتهدين في حفظ أوقاتهم ، وفي كتاب قيمة الزمن للشيخ أبي غدة من هذا شيء نفيس ـ .. ولو جُمِعَ ذيلٌ عليه ينشر هنا بين الأخوة فهناك حكايات ليست بقليلة توازي بعض ما في الكتاب ، بل بعضها قد تفوق .. ، وإن كان الرجل لم يقصد الاستيعاب ..لكن يذكر للفائدة ـ وكذا في سائر كتب التراجم ، والسير .
وكذا التواصي بين الإخوة .. والاستفادة من الوقت في المفيد حال الاجتماع .
ومن أكثر الأمور تضييعا للوقت كثرة الفضول بتتبع الأخبار ، والتفاصيل غير المفيدة ..
وكذا التمادي في الانترنت في دخول المواقع غير المفيدة .. ، ومتابعة ما يكتب فيها من سقط الكلام ، والقيل والقال .. فإنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة فهل نحن منتهون ؟
ولعلي أختم بهذه الحكاية الطريفة من ابن الجوزي رحمه الله قال في صيد الخاطر ص209
أهل الفراغ بلاء ، أعوذ بالله من صحبة الباطلين لقد رأيت خلقاً كثيراً يجرون معي فيما قد اعتاده الناس من كثرة الزيارة ، ويسمون ذلك التردد خدمة ، ويطلبون الجلوس ، ويجرون فيه أحاديث الناس ، وما لا يعني ، و يتخلله غيبة‏.‏ وهذا شيء يفعله في زماننا كثير من الناس ، وربما طلبه المَزُور وتشوق إليه ، واستوحش من الوحدة ، وخصوصاً في أيام التهاني ، والأعياد فتراهم يمشي بعضهم إلى بعض ، ولا يقتصرون على الهناء ، والسلام ، بل يمزجون ذلك بما ذكرته من تضييع الزمان‏.‏ فلما رأيت أن الزمان أشرف شيء ، والواجب انتهابه بفعل الخير كرهت ذلك وبقيت مهم بين أمرين‏:‏
إن أنكرت عليهم وقعت وحشة لموضع قطع المألوف ، وإن تقبلته منهم ضاع الزمان‏.‏
فصرت أدافع اللقاء جهدي ، فإذا غلب قصرت في الكلام لا تعجل الفراق‏.‏
ثم أعددت أعمالا لا تمنع من المحادثة لأوقات لقائهم لئلا يمضي الزمان فارغاً‏.‏
فجعلت من المستعد للقائهم قطع الكاغد [الورق]، وبري الأقلام ، وحزم الدفاتر فإن هذه الأشياء لا بد منها ، ولا تحتاج إلى فكر ، وحضور قلب ، فأرصدتها لأوقات زيارتهم لئلا يضيع شيء من وقتي‏.‏
نسأل الله عز وجل أن يعرفنا شرف أوقات العمر وأن يوفقنا لاغتنامه‏.‏
ولقد شاهدت خلقاً كثيراً لا يعرفون معنى الحياة فمنهم من أغناه الله عن التكسب بكثرة ماله ، فهو يقعد في السوق أكثر النهار ينظر إلى الناس ، وكم تمر به من آفة ، ومنكر‏.‏
ومنهم من يخلو بلعب الشطرنج ، ومنهم من يقطع الزمان بكثرة الحوادث من السلاطين ، والغلاء والرخص إلى غير ذلك‏.‏
فعلمت أن الله تعالى لم يطلع على شرف العمر ومعرفة قدر أوقات العافية إلا من وفقه وألهمه اغتنام ذلك ‏"‏ وما يلقّاها إلا ذو حظ عظيم ‏"‏‏.‏

...... وأرجو المشاركة من الإخوة ... حفظهم الله .
------------------------
(1) لا تظن أنه كان غنيا بل ربما مر عليه الوقت ، وليس عنده درهم ، وهو في منصب قاضي القضاة ! وقد رفع مرة للقاضي بسبب مال عليه .. فقال: هذا بسبب حبي للكتب.
(2) وزن درهم الفضة يتراوح بين 2.3 و 2.03 ، وأخبرني أحد الإخوة أن سعر الجرام قبل عشرة أيام أربعة ريالات تقريبا ، والله أعلم.
 
وهذه قصة حول شراء الكتب ، وإن لم تكن شبيهة بقصة أخي عبدالرحمن وفقه الله ، غير أنها ليست بعيدة عنها.
كنت أبحث في شاهد شعري مختلف فيه بين النحويين وهو قول الفرزدق :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وكُلُّ رَفيقي كُلِّ رَحْلٍ وإِنْ هُمَا=تَعَاطَى القَنَا قَومَاهُمَا أَخَوانِ[/poem]
فوجدت ابن هشام يقول فيه :(وهذا البيت من المشكلات لفظاً ومعنى وإعراباً). مغني اللبيب 1/196 ، ثم وجدته في هذا تابعاً لأبي علي الفارسي ، حيث أشار في كتابه البغداديات 443 ، 447 إلى ما ذكره ابن هشام آنفاً.
ثم حرر الكلام على هذا الشاهد العلامة عبدالقادر البغدادي في خزانة الأدب 7/572 فقال :(وهذا البيت – مع وضوح معناه – قد حرفه أبو علي الفارسي في المسائل البغداديات ، بتنوين قوم ، وزعم أنه مفرد منصوب ، فاختل عليه معنى البيت وإعرابه ، فاحتاج إلى أن صححه بتعسفات وتمحلات كان غنياً عنها ، ومقامه أعلى وأجل من أن ينسب إليه مثل هذا التحريف ، ولكن هو كما قيل:
كفى المرءَ نُبْلاً أَنْ تُعَدَّ مَعَايبُه
وقد تبعه على هذا التحريف والتخريج ابن هشام في مغني اللبيب ، ولخص كلامه من غير أن يعزوه إليه...).
ومحل الشاهد من القصة كلها هو ما سأذكره الآن ، حيث ذكر الدماميني رحمه الله رأي ابن هشام هذا ، فقال :(أطال المصنف في تقرير ما يزيل الإشكال الذي ادعاه ، وكله مبني على حرف واحد ، وهو ثبوت تنوين (قوماً) من جهة الرواية ، ولعلها ليست كذلك ، وإنما هي (قَومَاهُمَا) تثنية قوم ، والمثنى مضاف إلى ضمير الرفيقين ، ولا إشكال حينئذٍ لا لفظاً ولا إعراباً ولا معنى ، إذ المعنى على هذا التقدير: إن كل رفيقين في السفر أخوان ، وإن تعادى قوماهما ، وتعاطوا المطاعنة بالقنا.
وقد رأيت في نسخة من ديوان الفرزدق هذا البيت مضبوط الميم من قوماهما بفتحة واحدة ، وملكت هذه النسخةَ في جِلدين ، وضَبْطُ هذا البيتِ هو الذي كان بَاعِثَاً عَلى شِرَائِهَا). انظر : تحفة الغريب المخطوط 75 أ ، وتعليق الفرائد للدماميني 1/284-285
فانظر كيف كان ضبط هذه اللفظة باعثاً لشراء هذه النسخة من ديوان الفرزدق مع وجود نسخة أخرى لدى الدماميني من قبل ، وهذا دليل على العناية بالعلم ، وبذل المال من أجله ، ولهذه القصة أخوات .
 
عبدالرحمن السديس قال:
ومما يعين على ذلك مطالعة سير العلماء الأوائل المجتهدين في حفظ أوقاتهم ، وفي كتاب قيمة الزمن للشيخ أبي غدة من هذا شيء نفيس ـ .. ولو جُمِعَ ذيلٌ عليه ينشر هنا بين الأخوة فهناك حكايات ليست بقليلة توازي بعض ما في الكتاب ، بل بعضها قد تفوق .. ، وإن كان الرجل لم يقصد الاستيعاب ..لكن يذكر للفائدة ـ وكذا في سائر كتب التراجم ، والسير ..

مما يصلح أن يذيل به ما ذكره الإمام الخطابي في كتاب العزلة ص35:
حدثني الحسين بن إسماعيل الفقيه قال: بلغني أن محمد بن الحسن ـ رحمة الله عليه ـ لما أخذ في تصنيف "الجامع الكبير" خلا في سرداب وأمر أهله أن يراعوا وقت غدائه ، ووضوئه فيقدموا إليه حاجته منهما ، وأن يؤخذ من شعره إذا طال ، وأن ينظف ثوبه إذا اتسخ وأن لا يوردوا عليه شيئا يشتغل به خاطره ، وأَقام على ماله وكيلا ، وفوّض إليه أمره ، ثم اقبل على تصنيف الكتاب ، ولم يشعر إلا برجل ينزل إليه بشيء حتى وقف بين يديه ، فأنكره ، فقال له: من أنت ؟
قال: أنا صاحب الدار !
قال: وكيف ذاك ؟
قال: لأني قد ابتعت هذه الدار من فلان ـ يعني وكيله ـ !! ، وكان وكله إياه عن تفويض ، فاحتاج إلى الانتقال.

 
في الذيل على طبقات الحنابلة للحافظ ابن رجب 1/441
محمد بن عبد الباقي الأنصاري البغدادي القاضي أبو بكر بن أبي طاهر ، والمعروف بقاضي المارستان.
حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين.
وتفقه في صباه على القاضي أبي يعلى ، وقرأ الفرائض ، والحساب ، والجبر ، والمقابلة ، والهندسة ، وبرع في ذلك ، وله فيه تصانيف. . وتفنن في علوم كثيرة.
قال ابن السمعاني: عارف بالعلوم متفنن ، حسن الكلام ، حُلو المنطق، مليح المحاورة ما رأيت أجمع للفنون منه نظر في كل علمٍ ، وسمعته يقول:
تبت من كل علم تعلمته إلا الحديث ، وعلمه.
قال: وكان سريع النسخ حسن القراءة للحديث سمعته يقول: ما ضيعت ساعة من عمري في لهو أو لعب.
قال: وسمعته يقول: أسرتني الروم، وبقيت في الأسر سنة ونصفًا ، وكان خمسة أشهر الغلّ في عنقي ، والسلاسل على يدي ، ورجلي. وكانوا يقولون لي: قل: المسيح ابن اللّه ، حتى نفعل ونصنع في حقك ، فامتنعتُ وما قلت.
قال: وَوَقْتُ أن حبست كان ثَمَّ معلم يعلم الصبيان الخط بالرومية ، فتعلمت في الحبس الخط الرومي.
وسمعته يقول: حفظتُ القرآن ولي سبع سنين ، وما من علم في عالم الله إلا وقد نظرتُ فيه ، وحصّلت منه كله ، أو بعضه .
وقال ابن شافع: سمعتُ ابن الخشاب يقول: سمعتُ قاضي المارستان يقول: قد نظرتُ في كل علم حصلت منه بعضه ، أو كله ، إلا هذا النحو فإني قليل البضاعة فيه. اهـ بتصرف واختصار.
 
قال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة 3/258:
قال ابن ثابت: وحدثني القاضي أبو حامد أحمد بن محمد الدلوي قال: لما رجع أبو عبدالله ابن بطة من الرحلة لازم بيته أربعين سنة ، فلم ير يوما منها في سوق ، ولا رئي مفطرا إلا في يوم الأضحى ، والفطر ، وكان أمارا بالمعروف ، ولم يبلغه خبر منكر إلا غيره ، أو كما قال.
 
في ترجمة على بن يوسف بن شمس الدين الفناري الرومي

.. وكان مهتما بالاشتغال بالعلم ، وكان له مكان على جبل فوق مدينة بروسه ، وكان يمكث فيه الفصول الثلاثة من السنة ، ويسكن في المدينة الفصل الرابع ، وربما ينزل هناك ثلج مرات كثيرة ، ولا يمنعه ذلك عن المكث فيه كل ذلك لمصلحة الاشتغال بالعلم ، وكان لا ينام على فراش ، وإذا غلب عليه النوم يستند على الجدار ، والكتب بين يديه ، فإذا استيقظ ينظر الكتب .. .
الشقائق النعمانية ص111، و البدر الطالع ص505، والسياق للأول
 
اخي عبدالرحمن بارك الله فيك لي تساول هل يوجد هذا الكتاب في السوق الموسوم بالطالع السعيد ام انه مخطوط ام ماذا كتب الله اجرك
 
في كتاب السخاوي «المنهل العذب »
قال في " البدر [السافر للأدفوي]" أيضاً: وكان كثير العبادة، حكي لي البدر ابن جماعة إنه سأله عن نومه فقال: إذا غلبني النوم استندت إلى الكتب لحظه وانتبه، قال " أعني البدر " : وكنت إذا أتيته أزوره يضع بعض الكتب على بعض ليوسع لي مكانا أجلس فيه، انتهى.
 
أحسن الله إليكم الأستاذ عبدالرحمن السديس على تلكم الدرر.
 
جزاك الله خيرا
عبدالرحمن السديس قال:
في كتاب السخاوي «المنهل العذب »
قال في " البدر [السافر للأدفوي]" أيضاً: وكان [النووي] كثير العبادة، حكي لي البدر ابن جماعة إنه سأله عن نومه فقال: إذا غلبني النوم استندت إلى الكتب لحظه وانتبه، قال " أعني البدر " : وكنت إذا أتيته أزوره يضع بعض الكتب على بعض ليوسع لي مكانا أجلس فيه، انتهى.

في ترجمة لطف الباري بن أحمد الصنعاني ص 579 ط: العمري:
وكان صاحب الترجمة: ... متفردا في أمور منها :
الورع الشحيح ، والاشتغال بخاصة النفس ، والإقبال على العبادة والاستكثار من الطاعة ، وحسن الخلق ، والتواضع ، والبشاش ، والانجماع عن الناس إلا فيما لا بد منه ، وحفظ اللسان عن الهفوات ، والكبوات لاسيما بما فيه تبعة كالغيبة ، والنميمة فإنه لا يحفظ عنه في ذلك شيء بل لا ينطق لسانه إلا بذكر الله ، والتذكير ، أو بإملاء تفسير كتاب الله ، وأحاديث رسول الله ، وليس له التفات إلى شيء من أحوال بنى الدنيا ، ولم يكن له شغلة بسوى أعمال الآخرة.
ولِوَعِظِه في القلوب وقعٌ ، ولكلامه في النفوس تأثير مع فصاحة زائدة ، وحسن سمت ، ورجاحة عقل ، وجمال هيئة ، ونور شيبة ، وملاحة شكل ، وكمال خلقة .
والحاصل:
أنه من محاسن الدهر (!)، ولم يخلف بعده مثله في مجموعه ، وله أتم عناية ، وأكمل رغبة بالعمل بما جاءت به السنة ، والمشي على نمط السلف الصالح ، وعدم التقليد بالرأي ،
وله في حسن التعليم مسلك حسن لا يقدر عليه غيره ، وقد تخرج به جماعة من أكابر العلماء ...
وكان يبذل نفسه في قضاء حوائج من يستعين به ، ويبالغ في ذلك ، ولم يترك طريقا من طرق الخير إلا سلكها ، وفاق فيها.
ووالد صاحب الترجمة: كان من أكابر العلماء أخذ عن جماعة من أهل العلم .. : وكان يحيى الليل بدرس كتاب الله ، وإذا غلبه النوم نام متكئا قليلا ثم يعود للتلاوة .اهـ
 
ومن المعاصرين أخ...

ومن المعاصرين أخ...

ومن المعاصرين
منذ ما يزيد عن 23 سنة
كان أخ يبحث عن مراجع محددة وجمعها له صاحب دار نشر وحدد له موعدًا لحضوره لاستلامها ولا بد أن يكون في الصباح الساعة التاسعة والنصف تقريبًا لأن صاحب دار النشر بعد ذلك لن يكون في منزله وسيدور على المطابع ، وليس للأخ إلا هذا الموعد .
والأخ ويبعد عن القاهرة ما يزيد عن 100 كيلو .
وعند لبس الأخ تبين أن حذاءه ليس موجوداً وأنه سرقه بعض العمال الذين يعملون في منزل والده للبناء ، فما العمل المحلات مغلقة ولا بد من السفر ، وهو شخصيًا لم يكن معه إلا مصاريف السفر ، إذا لا بد من السفر بنعل الحمام ( ما نسميه في مصر الشبشب ) ، فلبس واستأذن من والده ( ووالده ذو سعة ) فوالده رأى الشبشب فقال له : أجهز لتسافر ، فقال ما أنا مسافر كده . وأين الحذاء فقال : يبدو أن اعمال سرقوه . فقال له : إذن انتظر حتى تفتح المحلات لتشتري حذاء فقال : يا أبتي سأجلس في السيارة ولن يأخذ أحد باله في ذلك ، وفي مصر سأجد المحلات مفتوحة فأشتري الحذاء فأمام إلحاح الابن سامحه الأب في السفر للحاق بالموعد وأعطاء 15 جنيهاً لشراء حذاء من المحلات عند فتحها .
وسافر الأخ ووصل إلى بيته فأرشدوه إلى المخزن وقابل صاحب دار النشر ، وأخذ الكتب منه فوجده يقول له : هل عندك الموطأ الطبعة الأصلية طبعة عيسى الحلبي لقد عثرت على 3 نسخ بعت الأولى لفلان وفلان يريد الثالثة هل تريد يا أخي النسخة الباقية .
فقال : وكم سعرها فقال بـ 15 جنيهًا وكان هذا هو سعر الحذاء ، فلم يتردد الأخ رغم أنه يتصور ما سيقوله والده له عند عودته في المساء بدون حذاء .
وزار صاحب قصتنا أخاً بالقاهرة فلما وجده بالشبشب تعجب ماذا أرى فقص عليه القصة فقال له : عندي نعلاً ورجلك أكبر من رجلي إلا أن نعلي سكب عليه جاز ( كيروسين ) فاتسع ولا ألبسه . ونظفه الأخ المزار ، وعاد الأخ فجرًا لوالده بعد صلاة فجر اليوم الثاني ويدخل على أبيه بالحذاء يلمع ، فنظر والده إلى رجله فقال : أهذا الحذاء الجديد ( الوالد ينظر ويشك ) هو حذاء ولكنه لا يبدو جديدًا فقال له ابنه : نعم هو جديد بالنسبة لي فقال له : ماذا فضحتنا أأشتريته من سوق المستعمل . فقال : لا وقص القصة فقال له : منهومان لا يشبعان ...........
عفوًا أطلت
وأذكره كطرفة
 
قال ابن خَلكان في وفيات الأعيان - (ج 5 / ص 312) مترجما لكمال الدين ابن يونس :
وكان يدري فن الحكمة: المنطق والطبيعي والإلهي، وكذلك الطب، ويعرف فنون الرياضة من اقليدس والهيئة والمخروطات والمتوسطات والمجسطي المجسطي لفظة يونانية معناها بالعربي الترتيب، ذكر ذلك الوكري في كتابه وأنواع الحساب: المفتوح منه والجبر والمقابلة والأرثماطيقي وطريق الخطأين ، والموسيقى والمساحة، معرفة لا يشاركه فيها غيره إلا في ظواهر هذه العلوم دون دقائقها والوقوف على حقائقها، وبالجملة فلقد كان كما قال الشاعر:
وكان من العلوم بحيث يقضى ... له في كل فن بالجميع
واستخرج في علم الأوفاق طرقاً لم يهتد إليها أحد؛ وكان يبحث في العربية والتصريف بحثاً تاماً مستوفًى، حتى إنه كان يقرىء كتاب سيبويه والإيضاح والتكملة لأبي علي الفارسي، والمفصل للزمخشري، وكان له في التفسير والحديث وأسماء الرجال وما يتعلق به يدٌ جيدة؛ وكان يحفظ من التواريخ وأيام العرب ووقائعهم، والأشعار والمحاضرات، شيئاً كثيراً. وكان أهل الذمة يقرءون عليه التوراة والإنجيل، ويشرح لهما هذين الكتابين شرحاً يعترفون أنهم لا يجدون من يوضحهما لهم مثله. وكان في كل فن من هذه الفنون كأنه لا يعرف سواه لقوته فيه. وبالجملة فإن مجموع ما كان يعلمه من الفنون لم يسمع عن أحد ممن تقدمه أنه قد جمعه.أهـ.
قلت : ومثل ذلك لا يحصل إلا لمن اجتهد وتعب .
 
بوركت أخانا الفاضل عبد الرحمن.
زادك الله فهما وعلما وعملا، ورزقنا جميعا بركة الأوقات والأعمار والأعمال.
 
بوركت أخانا الفاضل عبد الرحمن.
زادك الله فهما وعلما وعملا، ورزقنا جميعا بركة الأوقات والأعمار والأعمال.
 

ومن طرائف ماجاء في هذه البابة ، مارواه
أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان ،
في كتابه الرائع المتميز :
وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ؛
بتحقيق الدكتور إحسان عباس / الناشر: دار صادر ؛
(3 / 316ــ 317) :


((وحكى الخطيب أبو زكرياء يحيى بن علي التبريزي اللغوي أن أبا الحسن علي ابن أحمد بن علي بن سلك الفالي الأديب كانت له نسخة بكتاب "الجمهرة" لابن دريد في غاية الجودة، فدعته الحاجة إلى بيعها فباعها واشتراها الشريف المرتضى أبو القاسم المذكور بستين ديناراً، وتصفحها فوجد بها أبياتاً بخط بائعها أبي الحسن الفالي وهي:

[poem= font="Simplified Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/35.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أنست بها عشرين حولاً وبعتها = لقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظني أنني سأبيعـهـا = ولو خلدتني في السجون ديوني
ولكن لضعفٍ وافتقارٍ وصبـيةٍ = صغارٍ عليهم تستهل شؤونـي
فقلت ولم أملك سوابق عبـرةٍ = مقالة مكوي الفـؤاد حـزين:
"وقد تخرج الحاجات يا أم مالك = (1)كرائم من ربٍ بهن ضنـين" [/poem]

وهذا الفالي منسوب إلى فالة - بالفاء - وهي بلدة بخوزستان قريبة من إيذج، أقام بالبصرة لمدة طويلة، وسمع بها من أبي عمرو ابن عبد الواحد الهاشمي وأبي الحسن ابن النجاد وشيوخ ذلك الوقت، وقدم بغداد واستوطنها وحدث بها.
وأما جده سلك فهو بفتح السين المهملة وتشديد اللام وفتحها وبعدها كاف، هكذا وجدته مقيداً، ورأيت في موضع آخر بكسر السين وسكون اللام، والله أعلم بالصواب.


وكانت وفاة أبي الحسن الفالي المذكور في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين
وأربعمائة ليلة الجمعة ثامن الشهر المذكور، ودفن في مقبرة جامع المنصور،
وكان أديباً شاعراً. روى عنه الخطيب أبو بكر صاحب "تاريخ بغداد" (2)،
وأبو الحسين ابن الطيوري وغيرهما، رحمهم الله أجمعين.

====================

(1) زاد بعده في المطبوعة:
"فأرجع النسخة إليه وترك له الدنانير، رحمه الله تعالى"
ولم يرد هذا في أصل المؤلف أو في سائر المخطوطات.

(2) تاريخ بغداد 12: 334.
 
جزاكم الله خيراً على هذه الفوائد الجميلة


واستغلال الوقت فيما هو مفيد مبعثه من القلب، فمن صدق في استغلال وقته وجد طرقاً كثيرة تناسب وضعه .

وسأذكر لكم قصة عن طالب من طلاب العلم المعاصرين وهو لا يزال حياً يرزق، فلعل في طريقته أسوة تؤتسى، ولو بوجه آخر من وجوه الحرص على الوقت والانتفاع به.

كان من شدة نهمه في الطلب يدرس متناً من المتون على شيخ ويرجع إلى بيته فيقابل شرح شيخه بشروح مطبوعة للمتن الذي يدرسه، ويلخص ذلك، فإن بدا له ما يشكل سأل شيخه، وهكذا حتى يتم دراسة المتن دراسة جيدة.

فإذا فرغ من دراسة المتن (وهذا موضع الشاهد) اشترى عدة شروح مسجلة لذلك المتن ليستمع إليها.

وله طريقة في الاستماع للشروح غريبة
كان يضع مسجلاً صغيراً في جيب ثوبه الجانبي، ويثقبه من الداخل ليمرر سلك السماعة من داخل الثوب ويخرجه من فتحة العنق لتصل السماعة إلى أذنه ويلف شماغه على رأسه، فلا يتفطن له أحد.
يقول فكنت إذا خرجت إلى البقالة أو إلى المسجد أو إلى الجامعة أو رجعت أستمع لشرح من هذه الشروح.
وكذلك إذا كنت في مكان انتظار،
يقول: حسبت الوقت الذي أمضيه في السير بين مواقف السيارات في الجامعة إلى القاعة فإذا هو قريب من ربع الساعة، وإذا بدأ الدرس في القاعة ضاع أول عشر دقائق منه غالباً في التحضير والاستعداد.
حتى أحصى ساعات كثيرة استفادها من الأوقات المتقطعة في يومه.
فكان يسمع ما يقارب سبعة أشرطة في اليوم بعضها مدته ساعة، وبعضها مدته ساعة ونصف.

ومن قصصه الطريفة
يقول كنت في زيارة لإمام مسجدنا فوجدت لديه أشرطة لم أسمعها ومنها تفسير سورة يس للشيخ محمد العثيمين رحمه الله في خمسة أشرطة، فاستعرتها منه، وكانت زيارتي له بعد صلاة العشاء، فلم يؤذن الفجر حتى سمعتها كلها
فاستحييت أن أعيدها له، فحبستها يومين عندي ثم أعدتها إليه؛ فقال لي مندهشاً: استمعت إليها كلها؟!
قال: قلت: نعم، وهو يظن أني مكثت في سماعها يومين، وقد سمعت بعدها عدة أشرطة.



والمقصود من سياق هذه القصة أن من صدقت عزيمته في الانتفاع بوقته لم يجد ما يحول بينه وبين ذلك، وسيجد بإذن الله من الطرق والوسائل ما يناسب حاله.
 
ماشاء الله ، أهلا بالشيخ عبدالرحمن بعد هذا الانقطاع الطويل ، عدت والعود أحمد
 
احمد الله و أشكره أن رزقني شرف الكتابة و التواصل عبر هذا الملتقى المبارك مع شيخنا الغالي سيدي و مولاي عبد الرحمن السديس ... المعز المشرف المكرم و المعظم بفضل الله و منه و كرمه و لطفه ... و المحبوب المبجل عندنا في المغرب ، عند الكبير و الصغير ... و الله أسأل أن يكتب لي الصلاة خلف هذا الرجل الرباني في رحاب المسجد الحرام .... آمين آمين يارب العالمين ...
 
في بداية هوايتي لتربية النحل و دراسة تشريحه و أمراضه ، في السنوات الخمس الأولى من حياتي كموظف تقني فلاحي إداري ، و في بداية السبعينات ، اشتريت مجهرا ضوئيا مستعملا بمبلغ يفوق أربعة أضعاف راتبي الشهري ... و اشتريت معه زجاجة مجهر في طول الأصبع ، بها مقياس " ميكرومتري " ، لقياس الأحياء المجهرية و حبوب اللقاح ، بمبلغ يساوي راتبي الشهري ... و كنت أخفي عن أهلي ثمن مشتراياتي تلك حتى لا يظن بعقلي الظنون ... و كنت عندما أحتاج لقطرات من مواد خاصة بمعالجة حبوب اللقاح قبل دراستها عبر المجهر ، أضطر لشراء لتر من المادة لأن الشركة الوحيدة المحتكرة للمادة لا تبيع منها إلا اللتر ...
و كانت تجارة رابحة و الحمد لله ... و ما زالت ...
 
و الله أسأل أن يكتب لي الصلاة خلف هذا الرجل الرباني في رحاب المسجد الحرام .... آمين آمين يارب العالمين ...

الكاتب ليس إمام الحرم

هو أحد طلاب العلم في الرياض ، ممن أثرى المواقع الشرعية بالعديد من المقالات والدروس النافعة
بارك الله في الجميع
 
[align=center]بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله .

إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى ...

يبقى دعائي هو دعائي ... و رجائي في الله أن يستجاب ... و الله عليم بذات الصدور ..
. { و هو على جمعهم إذا يشاء قدير } .. .

آمين آمين يارب العالمين ...
[/align]
 
عودة
أعلى