عالمية القرآن في مواجهة دعوى قطرية القرآن: ردود متفرقة في موضع واحد

إنضم
18/12/2011
المشاركات
1,302
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
الإقامة
أنتويرب
وهي دعوى لا تصح، باطلة من أوجه متعددة. وهي دعوى تقوم في الغالب على إعتبارات تتراوح بين التضليل والإنتقائية، مع تعمد الخلط بين النص القرآني والتراث التفسيري الذي هو في الأخير منتوج بشري لا يمكن رفعه إلى مستوى القدسية التي يضفيها عليه أصحاب التوظيفات الإيديولوجية؛ ورغم ذلك يتم التعامل مع التفسير بنفس الأسلوب التضليلي والإنتقائي.

يقرأ من سورة الغاشية {أفلا ينظرون إلى الإبل} ويتغاضى عن الآيات الأخرى في نفس السورة مثل {وإلى السماء كيف رفعت} .. ومن أجل التمادي في التضليل ينتقل إلى التفاسير فيختار من تفسير إبن كثير قوله رحمه الله "ونبهوا بذلك لأن العرب غالب دوابهم كانت الإبل" ويسطر هذه الجملة ويلون كلمة العرب ويزخرف قصد تمرير الهدف وهو إثبات قطرية القرآن وعدم عالميته، وبالتالي تاريخياته وعدم صلاحية خطابه النصي والمقاصدي لكل الأزمنة والأمكنة، أما ما بدأ به إبن كثير في تفسير الآية قوله "يقول تعالى آمرا عباده بالنظر في مخلوقاته الدالة على قدرته وعظمته" فكأن لا وجود له ..

وهذا مجرد مثال فكان لزاما علينا أن نجمع في هذا الموضوع الردود المتفرقة على دعوى قطرية القرآن ..وكل يدلو بدلوه إن شاء الله.
 
لكن عنوان الموضوع: "نقد دعوى عالمية القرآن" !؟
نعم وقع إختياري على هذا العنوان (مفرداته تكون Keywords) بعد إطلالة سريعة على الكلمات المستخدمة في محرك البحث فقطرية القرآن لن تنافس الصفحات التي تشير إلى دولة قطر مثلا، ثم تاريخية القرآن أو تاريخانية القرآن لا تفي بالغرض لأن "نقد عالمية القرآن" أشمل، كذلك بشرية القرآن أو "نقد إلهية/ربانية القرآن" منحصرة في الجانب الإيماني العقدي فقط، هذا حين أن بعض الدراسات الحداثوية والعصرانية لا تناقش هذا الجانب وتركز على الجوانب الأخرى.. وأسباب غيرها لذلك "جامع الردود على نقد دعوة عالمية القرآن" = "نقد دعوى عالمية القرآن: ردود.." أفضل.

ملاحظة: عالمية القرآن؛ المقصود منها لا ينحصر في المُخاطب بل تشمل المخطاب وحاله، زمنه ومكانه إلى جانب طبيعة الخطاب في مضامينه وحججه وإشاراته وأمثاله..
 
1. مصطلح الوحي في الفكر العربي المعاصر بين التعالي و المحايثة
http://vb.tafsir.net/tafsir37107/#.Vjvuur-K5dg

2. المستشرقون الجدد مقالة للأستاذ أحمد الصويان
http://vb.tafsir.net/tafsir22059/#.Vjvs2L-K5dg

3. عرض مختصر لكتاب: (رد افتراءات الجابري عن القرآن الكريم)
http://vb.tafsir.net/tafsir25527/#.VjvsNr-K5dg

4. المهزلة الأركونية فى المسألة القرآنية [القرآن: مخيال جماعى أم وحى إلهى؟]
http://vb.tafsir.net/tafsir2989/#.VjvqH7-K5dg

5. محمد أركون والمنهج الألسني النقدي في دراسة الظاهرة القرآنية
http://vb.tafsir.net/tafsir10102/#.VjvvVL-K5dg
 
6. حول زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحشرضي الله عنها
إتكأ المغرضون على روايات وردت في التراث وجعلوها أداة للطعن في نبينا الكريم؛ وهي شبهة مختلقة بشق الأنفس، ضعيفة واهية لا تستحق الرد لسببين: أولا، لو إفترضنا صحة تلك الرواية فلا يراد بها ما يتخيّلون لأنا نؤمن بأن محمد صلى الله عليه وسلم بشر ورسول، فحتى الشيعة الإمامية الذين يطلقون العصمة النبوية (تمهيدا لتبرير القول بالعصمة الإمامية) لا يختلفون معنا في هذا المنطلق، وهكذا نجد الطوسي في "التبيان في تفسير القرآن" يقول نقلا عن البلخي ".. {وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله احق ان تخشاه}، وقيل: إن زيدا لما جاء مخاصما زوجته، فرآها النبي (صلى الله عليه وآله) استحسنها وتمنى ان يفارقها زيد حتى يتزوجها، فكتم. قال البلخي: وهذا جائز، لان هذا التمني هو ما طبع الله عليه البشر، فلا شئ على احد إذا تمنى شيئا استحسنه"، وكذلك فعل الطبرسي في "مجمع البيان في تفسير القرآن ". ثانيا، صاحب الشبهة إما نصراني متنطّع أو وثني مشرك متعصب، فالنصراني عليه أن يقارن بين فحوى الرواية، أو حتى ما يختلقه بناء على الرواية، وبين ما في كتبه مما ينسب إلى الأنبياء لتظهر له الحقيقة ويرى أن هذه القصة لا تستحق الذكر - ولو بالإشارة - مقارنة بما عندهم، أما الوثني المشرك فلا يقوم على شيء أصلا فهو إما ملحد مادي جعل الأهواء والشهوات وغيرها من الأصنام التي اصطنعها آلهة تعبد فجسد تلك الأصنام في تخيلاته وفرضياته وسلوكه، وإما وثني مشرك يجسد الآلهة في أحجار ومعادن وينسب إليها في دينه ما هو أشنع مما يختلقه في ذهنه من تخيلات هي أصلا غير موجودة في تلك الروايات لا تلميحا ولا تصريحا.. وهذه في نظري أصلح طريقة في التعامل مع المخالفين والخصوم لدعوتهم إلى منطق الحوار وأصول المناظرة، يعني الخوض في الأسس الكبرى فالمتوسطة فالصغرى فالفروع بأنواعها ومراتبها. ولكن ليس هذا موضوعنا هنا، ومن أراد الإطلاع على تحقيق القصة، فليراجع:
http://vb.tafsir.net/tafsir1841/#.VjyaoL-K5dg (ملتقى أهل التفسير)
شبهة حول زواج النبي صلى اللـه عليه وسلم من زينب بنت جحش والرد عليها (موقع ابن مريم)

الموضوع مناقشة طرح "هشام صالح" - متجرم محمد أركون - الذي عنونه بـ "مثال ساطع على تاريخيّة القرآن"، ويقول: "سوف أضرب مثالا بسيطا على المسألة الأساسيّة الحاسمة في عصرنا الراهن: تاريخية القرآن أو أرخنة القرآن الكريم"، ولن أنقل كلامه هنا لأنه سرد لما نجده في التفاسير من روايات وبأسلوب روائي كأنه كلّف بكتابة سيناريو لقصة يعتمد عليها في إنتاج فيلم رومانسي درامي، لذلك سأركز على ما له علاقة بالموضوع، ولم يهتم هو بالنظر في تحقيق الرواية سندا ومتنا، ولا تأويلا ودراية لأن هذا النوع من الإهتمام مبطل لما يريد الوصول إليه، ولابد. فمثله في ذلك كمثل من تتلمذ عليهم ينطبق عليهم ما قاله الشيخ عبدالرحمن الشهري: "وهؤلاء المستشرقون مساكين كإخوانهم من أهل البدع، لا يدرون ما الأسانيد، ولا يميزون صحيح نقل من سقيمه، فجميع الأخبار المحكية عندهم مسلمات، وإني لأعذرهم في ذلك، فإن اليهود والنصارى قد حرموا الإسناد، واختصت به هذه الأمة الوسط، فأنى لهم أن يفهموه ؟!"، وكيف للمستشرق اللاديني بله المستشرق المسيحي أو اليهودي الإنفصال عن بيئته الفكرية الثقافية التي هي إمتداد لبيئية قروأوسطية يهودمسيحية ولو على المستوى العاطفي والشعور الباطني؟ وما يقال هنا في هذه الثقافة يقال في الثقافة القديمة الغربشرقية الهيلينيسية الأيونية ويقال في الثقافة الوثنية الرومانية، ففي كل الحالات لا أثر لما تميزت به الثقافة الإسلامية، أما الرواية الصحيحة مثل التي نجدها في صحيح البخاري فيَضرب بها عرض الحائط بحجة أنها ليست في القرآن أما الرواية المشكوك في صحتها والمشكوك في طريقة تأويلها أكثر - فضلا عن تخيلاته التي أضفاها على المشكوك في تأويله - فإنها موجودة لكن في قرآن لا وجود له إلا في مخيّلته .. تلك إذن "الحشوية المحدثة" أي الحشوية في ثوبها الجديد/ لا يهتم بإسناد ولا تحقيق ولا تأويل منهجي منضبط ومتسق، مما يؤدي إلى قراءة إيديولوجية، لا ترى في القصة وملابساتها إلا ما يمكن توظيفه إيديولوجيا، وبالتالي المسألة الأساسية الحاسمة في عصرنا الراهن هي الصراع الفكراني وما الأرخنة (إجراءات وعمليات لإثبات وتأصيل التاريخانية) إلا أداة أو وسيلة أو آلية أي سلاح من الأسلحة، فهل أثبت هذه التاريخانية من خلال القصة؟

يقول هشام صالح: "المقصود الكشف عن البعد التاريخيّ أو الأرضيّ فيه، وليس فقط البعد السماوي الإلهي المتعالي، فهو ذو طبيعتيْن: لاهوتية وناسوتيّة، أعتقد أنّه آن أوانها بغية فرز ما هو ثانوي عرضي فيه ممّا هو أخلاقي، روحاني، أبديّ، خالد. وكذلك بغية تجاوز التشريعات والحدود التي لم تعد مناسبة لعصرنا: كحدّ الجلد والرجم وقطع يد السارق وللذّكَر مثلُ حظ الأنثيين وضريبة الجزية وتكفير أهل الكتاب، الخ".

هذا التمييز بين الطبيعة اللاهوتية والناسوتية،على حد قوله، مناقض لمحاولته الضعيفة إذ لو كانت القصة ذات طبيعة لاهوتية متعالية لما صلحت كمثال فكان من المفترض أن يثبت الطبيعة الناسوتية للقرآن أولا، ووجب عليه أن يكتب "مثال ساطع على تاريخية البعد التاريخي في القرآن" وهذا سيكون تحصيل حاصل إن لم يؤدي إلى تسلسل لامتناهي "تاريخية تاريخية .. تاريخية البعد التاريخي"، ثم يعود في ثنايا أطروحته ليهدم ما بناه عندما قال آن الاوان للبحث عن محمد التاريخي، محمد الحقيقي، غير "محمد الأصولي السائد اليوم"، فمن هو محمد التاريخي؟ إنه "عكس الأصوليين الحاليين المكشّرين عن أنيابهم والذين يعتبرون المرأة دنسا أو رجسا من عمل الشيطان" إنه محمد الحب والعشق، بل يرى في القصة دليلا على نبوة محمد، وبالتالي أظهر بنفسه التناقض الذي تمخّض فيه لأن الحب والعشق والدليل والنبوة والوحي كلها من الأمور المتعالية أو على الأقل من الأمور التي لا يمكن حصرها في بعد زمكاني معيّن .. وكشّر عن أنيابه لما خاض في تحليل ((الوحي)) ليعود مرة أخرى ويهدم التمييز الذي أحدثه في القرآن بين البعد الأرضي والعلوي فيه إذ أن التأويل الغنوصي الذي يقدمه للوحي، - والذي ينظر من خلاله إلى جان جاك روسو على أنه مر بـ "تجربة نبوية" - يتعارض تماما مع التمييز بين الناسوتي واللاهوتي، فكيف يدعي أن التفسير اللاهوتي يضيئه ويكمّله التفسير السيكولوجي الحديث للوحي؟ ان التنقيب في مثل تلك الأطروحات يكشف دائما أن المستبطن يناقض ما هو معلن عنه تنظيرا.

والمستبطن هنا واضح في تخبط وتناقضات متسلسلة ، فهل سنتوقع منه أو من أمثاله غير ما نرى؟ لن يأتي لا هو ولا غيره ممن هم على شاكلته وهواه بشيء يثبت بالدليل والبرهان أن في القرآن ما يصلح لزمن دون غيره، ولن يبين لم علينا تجاوز التشريعات والحدود التي لم تعد مناسبة لعصرنا، أو كيف إنتقلت تحت ركام العصور من الصلاحية إلى عدم الصلاحية .. إن الدليل الوحيد هو التقليد، هو الخضوع وعقدة الإحساس بالنقص، والتبعية، تحت تأثير همينة العولمة والحضارة المادية، وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة إذ هي ثورة على مغالطتين منطقيتين: مغالطة التوسل بالسلطة (وهم يتوسلون بسلطة الهيمنة العولمية المادية) ومغالطة التوسل بالعادة أو العرف، فكانت الآية الكريمة تتناول شيء واقعي بتوجيه رباني إلهي علوي من أجل إبطال الحرج، وكسر العادات و التقاليد الخاطئة، وعدم الإستناد إلى قوة الرفض من طرف المجتمع لأن الإرتباط بالله والخشية منه أولى وهذا بعد روحي من أبعاد الآية الكريمة وهي أبعاد كثيرة، ثم إن التبني مبني على أكذوبة والكذب قبيح وقبحه لا يرتبط بزمكان محدد. وإن كان يرى في الحادثة دليلا على النبوة بتصوره فإن الدليل كما قلنا كوني ما لم يخصص وأين دليل التخصيص، وهو يربط طريقة الإستدلال بالبحوث السيكلوجية الحديثة، ومن أراد أن يبحث عن "دلائل النبوة" في هذه الحادثة فإنها تكفيه، بل الحادثة هذه رد مفحم على تلك التفسيرات الوضعية للوحي لأنها تشير إلى ما شك فيه أن ذات محمد منفصلة عن القرآن الكريم، وهذا ما تشير إليه الآية نفسها، فضلا عن الرويات من قبيل "لو كتم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من الوحي لكتم {وتخفي في نفسك} / {ما الله مبديه}، {وتخشى الناس} / {والله احق ان تخشاه}"، ولا ننسى الحكمة من ذكر زيد رضي الله عنه تصريحا فإنه لما نزع عنه شرف الإنتساب لأفضل خلق الله، صار اسمه قرآنا يتلى مخلدا لا يبيد، فالشرف والفخر والتأنيس على سبيل المثال لا الحصر معاني متعالية لازمنية.

وهذا غيض من فيض، والحق أن الآية زمنية في شكلها لازمنية في جوهرها، تاريخية في وقت نزولها ووقت تطبيق معلم من معالمها لاتاريخية في قيمتها .. والله أعلم.
 
بك الله فيك ، وددت أن لو وضعت في المقدمة -على الأقل - ماتريد نقضه ، فالعنوان والمقدمة تعطي انطباعاً عكسياً وهو أمر مشكل .
( دعوى عالمية القرآن ..... وهي دعوى لا تصح ) !!!
 
( دعوى عالمية القرآن ..... وهي دعوى لا تصح ) !!!
لا، بل "نقد دعوى عالمية القرآن" وليس "دعوى عالمية القرآن". الأولى مثل "الإعتراض على دعوى عالمية القرآن" أو "الطعن في دعوى عالمية القرآن" .. المهم الإحتفاظ بدعوى عالمية القرآن لأسباب تتعلق بما ذكرته أعلاه.



07. خطورة ما يسمى بالنص المفتوح وعلاقته بتفسير القرآن الكريم
http://vb.tafsir.net/tafsir1706/#.Vj1ZOL-K5dh

08. مبحث موجز في إثبات بقاء حجية الإعجاز اللغوي إلى قيام الساعة
http://vb.tafsir.net/tafsir24006/#.Vj1Zdr-K5dh

09. دعوى تاريخانيَّة القرآن بقلم أ.د/ طه جابر العلواني
http://vb.tafsir.net/tafsir42739/#.Vj1Zpb-K5dh

10. نسخة إلكترونية من كتاب "العلمانيون والقرآن: دعوى تاريخية النص"
http://vb.tafsir.net/tafsir29559/#.Vj1aDb-K5dh
 
الأخ زاوشثتي
بين العنوان والمضمون تناقضات جوهرية وكثيرة
وسبقني أحمد وسام شاكر وعبد الله الأحمد في التنبيه إليها
وكثير ظل في البلبلة متردد محتار
ما ذكرته من مبررات قد لا تكون كافية
حبذا لو تغير العنوان بما ينسجم والمضمون
 
الإنسجام موجود لكنه من الغريب والمشكل، .. لأن الرد في العنوان على ماذا؟ على دعوى وهي (قطرية القرآن) أي الردود على (نقد دعوى عالمية القرآن). أما "قطرية القرآن" فلا تصلح ونحن لا نريد من هذا المشروع (= جمع الردود والمناقشات) الوصول لرواد الملتقى فقط بل لمستخدمي محركات البحث أيضا. ما رأيكم في "دعوى عالمية القرآن في مواجهة دعوى قطرية القرآن" ؟ المهم إن كان التعديل لابد منه فيحق للمشرف التدخل والتعديل، بدون مناقشة العنوان في الموضوع إذ يخل بتسلسله وبهدفه الذي يتناول أهم وأخطر قضية حول القرآن وأكثرها شيوعا في الأوساط المثقفة ..أضحكتموني أضحك الله سنكم! أنا قلت: كل يدلو بدلوه في المشروع، وليس في مناقشة العنوان أو المشاركات في الروابط، ويمكن الكتابة كما يمكن وضع وصلات خارجية إلى مناقشات ترد على دعوى القطرية من حيث المخَاطب، والخطاب والمخاطب به: طبيعة الخطاب، لغته، مضمونه، أهدافه، وسائله، حججه، أمثاله، ..
 
11. الرق في القرآن دليل على تاريخانيته (1)
إتكأ صاحب الدعوى على {وفي الرقاب} ليتسنتج ان القرآن الكريم لم يصلح إلا في زمن مضى، والظاهرة غير كونية فبالتالي الخطاب القرآني خطاب قطري غير عالمي إذ تم إلغاء الرق في عصرنا الحالي. ولو لم يذكر القرآن شيئا عن ظاهرة واقعية كهذه لقال ان النص القرآني مثالي أو أسطوري. طريقة التفكير تلك شبيهة بمن قال ان في القرآن آيات حول القتل والقتال والفتنة والعنف، وكأن هذا القرآن بيان وهدى لمخلوقات أخرى غير البشر!! وقد ردّ القرآن على مثل هذه المبررات الواهية في الآية الكريمة {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي}!

سأنقل تفسير بن عاشور لأن فيه رد على مثال آخر يضرب من طرف أصحاب دعوى قطرية القرآن، وهو أن القرآن خطاب موجه للعرب دون غيرهم، إلى جانب الرد على فحوى هذه الدعوى، وعلى أن أعود في الجزء التالي لمناقشة الجانب الآخر في تلك الأطروحة.

يقول ابن عاشور رحمه الله:
اتصال نظم الكلام من أول السورة إلى هنا وتناسب تنقلاته بالتفريع والبيان والاعتراض والاستطراد يقتضي أن قوله {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا} إلى آخره تنقل في درج إثبات أن قصدهم العناد فيما يتعللون به ليوجهوا إعراضهم عن القرآن والانتفاع بهديه بما يختلقونه عليه من الطعن فيه والتكذيب به، وتكلف الأعذار الباطلة ليتستروا بذلك من الظهور في مظهر المنهزم المحجوج، فأخذ ينقض دعاويهم عروة عروة، إذ ابتدئت السورة بتحديهم بمعجزة القرآن بقوله {حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا} إلى قوله {فهم لا يسمعون} فهذا تحد لهم ووصف للقرآن بصفة الإعجاز.

ثم أخذ في إبطال معاذيرهم ومطاعنهم بقوله {وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه}، فإن قولهم ذلك قصدوا به أن حجة القرآن غير مقنعة لهم إغاظة منهم للنبيء - صلى الله عليه وسلم -، ثم تمالؤهم على الإعراض بقوله {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون} وهو عجز مكشوف بقوله {إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا} وبقوله {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم} الآيات. فأعقبها بأوصاف كمال القرآن التي لا يجدون مطعنا فيها بقوله {وإنه لكتاب عزيز} الآية.

وإذ قد كانت هذه المجادلات من أول السورة إلى هنا إبطالا لتعللاتهم، وكان عماده على أن القرآن عربي مفصل الدلالة المعروفة في لغتهم حسبما ابتدئ الكلام بقوله {كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون}، وانتهي هنا بقوله {وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}، فقد نهضت الحجة عليهم بدلالته على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - من هذه الجهة فانتقل إلى حجة أخرى عمادها الفرض والتقدير أن يكون قد جاءهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقرآن من لغة أخرى غير لغة العرب.

ولذلك فجملة {ولو جعلناه قرآنا أعجميا} معطوفة على جملة {وإنه لكتاب عزيز} على الاعتبارين المتقدمين آنفا في موقع تلك الجملة.

ومعنى الآية متفرع على ما يتضمنه قوله {كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون} وقوله {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي} من التحدي بصفة الأمية كما علمت آنفا، أي لو جئناهم بلون آخر من معجزة الأمية فأنزلنا على الرسول قرآنا أعجميا، وليس للرسول - صلى الله عليه وسلم - علم بتلك اللغة من قبل، لقلبوا معاذيرهم، فقالوا: لولا بينت آياته بلغة نفهمها وكيف يخاطبنا بكلام أعجمي. فالكلام جار على طريقة الفرض كما هو مقتضى حرف لو الامتناعية. وهذا إبانة على أن هؤلاء القوم لا تجدي معهم الحجة ولا ينقطعون عن المعاذير؛ لأن جدالهم لا يريدون به تطلب الحق وما هو إلا تعنت لترويج هواهم.

ومن هذا النوع في الاحتجاج قوله تعالى {ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين}، أي لو نزلناه بلغة العرب على بعض الأعجمين فقرأه عليهم بالعربية، لاشتراك الحجتين في صفة الأمية في اللغة المفروض إنزال الكتاب بها، إلا أن تلك الآية بنيت على فرض أن ينزل هذا القرآن على رسول لا يعرف العربية، وهذه الآية بنيت على فرض أن ينزل القرآن على الرسول العربي - صلى الله عليه وسلم - بلغة غير العربية.

وفي هذه الآية إشارة إلى عموم رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - للعرب والعجم فلم يكن عجبا أن يكون الكتاب المنزل عليه بلغة غير العرب لولا أن في إنزاله بالعربية حكمة علمها الله، فإن الله لما اصطفى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عربيا وبعثه بين أمة عربية كان أحق اللغات بأن ينزل بها كتابه إليه العربية، إذ لو نزل كتابه بغير العربية لاستوت لغات الأمم كلها في استحقاق نزول الكتاب بها فأوقع ذلك تحاسدا بينها بخلاف العرب إذ كانوا في عزلة عن الأمم، فلا جرم رجحت العربية لأنها لغة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولغة القوم المرسل بينهم فلا يستقيم أن يبقى القوم الذين يدعوهم لا يفقهون الكتاب المنزل إليهم.

ولو تعددت الكتب بعدد اللغات لفاتت معجزة البلاغة الخاصة بالعربية لأن العربية أشرف اللغات وأعلاها خصائص وفصاحة وحسن أداء للمعاني الكثيرة بالألفاظ الوجيزة . ثم العرب هم الذين يتولون نشر هذا الدين بين الأمم وتبيين معاني القرآن لهم.

ووقع في تفسير الطبري عن سعيد بن جبير أنه قال: قالت قريش: لولا أنزل هذا القرآن أعجميا وعربيا؟ فأنزل الله {لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي} بهمزة واحدة على غير مذهب الاستفهام اهـ. ولا أحسب هذا تأويلا لسعيد بن جبير لأنه لم يسنده إلى راو، ولم يرو عن غيره فرأى أن الآية تنبئ عن جواب كلام صدر عن المشركين المعبر عنهم بضمير لقالوا.

وسياق الآية ولفظها ينبو عن هذا المعنى، وكيف ولو الامتناعية تمتنع من تحمل هذا التأويل وتدفعه.

وأما ما ذكره في الكشاف أنهم كانوا لتعنتهم يقولون: هلا نزل القرآن بلغة العجم؟ فقيل: لو كان كما يقترحون لم يتركوا الاعتراض والتعنت، وقالوا: {لولا فصلت آياته} إلخ. فلم نقف على من ذكر مثله من المفسرين وأصحاب أسباب النزول وما هو إلا من صنف ما روي عن سعيد. ولو كان كذلك لكان نظم الآية: وقالوا لولا فصلت آياته، ولم يكن على طريقة لو وجوابها. ولا يظن بقريش أن يقولوا ذلك إلا إذا كان على سبيل التهكم والاستهزاء.

وضمير جعلناه عائد إلى الذكر في قوله إن الذين كفروا بالذكر. وقوله {أأعجمي وعربي} بقية ما يقولونه على فرض أن يجعل القرآن أعجميا، أي أنهم لا يخلون من الطعن في القرآن على كل تقدير.

ولولا حرف تحضيض.

ومعنى فصلت هنا: بينت ووضحت، أي لولا جعلت آياته عربية نفهمها.

والواو في قوله (عربي) للعطف بمعنى المعية. والمعنى: وكيف يلتقي أعجمي وعربي، أي كيف يكون اللفظ أعجميا والمخاطب به عربيا كأنهم يقولون: أيلقى لفظ أعجمي إلى مخاطب عربي.

ومعنى قرآنا كتابا مقروءا. وورد في الحديث تسمية كتاب داود عليه السلام قرآنا، قال النبيء - صلى الله عليه وسلم -: إن داود يسر له القرآن فكان يقرأ القرآن كله في حين يسرج له فرسه أو كما قال.

والأعجمي: المنسوب إلى أعجم، والأعجم مشتق من العجمة وهي الإفصاح، فالأعجم: الذي لا يفصح باللغة العربية، وزيادة الياء فيه للوصف نحو: أحمري ودواري. فالأعجمي من صفات الكلام.

وأفرد (عربي) على تأويله بجنس السامع، والمعنى: أكتاب عربي لسامعين عرب فكان حق (عربي) أن يجمع ولكنه أفرد لأن مبنى الإنكار على تنافر حالتي الكتاب والمرسل إليهم، فاعتبر فيه الجنس دون أن ينظر إلى إفراد، أو جمع.

وحاصل معنى الآية: أنها تؤذن بكلام مقدر داخل في صفات الذكر، وهو أنه بلسان عربي بلغتكم إتماما لهديكم فلم تؤمنوا به وكفرتم وتعللتم بالتعللات الباطلة فلو جعلناه أعجميا لقلتم: هلا بينت لنا حتى نفهمه.

 
ما رأيكم في " دعوى عالمية القرآن في مواجهة دعوى قطرية القرآن " ؟ المهم إن كان التعديل لابد منه فيحق للمشرف التدخل والتعديل، بدون مناقشة العنوان في الموضوع إذ يخل بتسلسله وبهدفه
إذا رغب الزميل شايب زاوشثتي بتغيير العنوان فلا بأس كونه سيكون أقرب إلى الموضوع.
ولكن نقترح عنوان " عالمية القرآن في مواجهة دعوى قطرية القرآن " بحذف كلمة " دعوى " في بداية العنوان.
والأمر لكم.
 
12. الرق في القرآن دليل على تاريخانيته (2)
هذه مناقشة لفكرة تحاول تبرير أرخنة القرآن، ولا علاقة لها بالرد على ما يسمى "شبهة الرق في الإسلام" فالردود على هذه الشبهة كثيرة في المواقع والمنتديات التي تهتم بنقد شبهات النصارى واللادينيين (على سبيل المثال:[1] الرق في الإسلام ... شبهة أم إعجاز؟! - خالد حربي | طريق الإسلام، [2] ادعاء ان الاسلام اقر الرق، شبهة الرق، [3] الرد على شبهة العبودية والرق وملكات اليمين في الإسلام - الرد الأخير ونتحدى !، [4] الرق: شبهة يلعب بها أعداء الإسلام، ...).

إعتمد صاحب الدعوى على آيات قرآنية تعالج هذه المسألة ليستنتج أن القرآن نص تاريخي، وأن هذا النص تابع لفترة زمنية وبيئة في خبر كان، وبالتالي يرى أنه لا يمكن التحامل على القرآن إذ لم يمنع العبودية ولم يجرمها، وفي نفس الوقت لا يمكن التكلف كما يفعل المجددون الذين يجتهدون بمزايدات لا معنى لها، فما هي - حسب تعبيره - إلا محاولات لإلغاء تاريخانية القرآن، وهي محاولات عبارة عن سلاح إيديولوجي في المعركة السياسية.

وسبب تحامله على المجدد والمجتهد في قراءة الآيات القرآنية تلك ليس لأن في إجتهاداتهم مزايدات وتكلّف كما يقول، بل لأن التجديد والإجتهاد هي مبادئ قرآنية أي لا تنفصل عن القرآن شرط الإلتزام بقيمه ومقاصده العليا والمنهجية الصحيحة في التعامل معه لا فرضيته هو "ان النص ظاهرة تاريخية" لأنها فرضية يكذبها النص ذاته والواقع والتاريخ. وتلك المبادئ تؤكد عالمية القرآن وشمولية خطابه. أما إستنتاجه فمصادرة على المطلوب إذ لو قال "تاريخانية بعض الآيات القرآنية" لكان أقرب للمعقولية، ولو قال "تاريخانية ظاهر بعض الآيات القرآنية" لاقترب أكثر من الصواب، ولكنها القراءة الإيديولوجية، فكيف يرمي غيره بشيء هو لازمه؟ نعم؛ رمتني بدائها وانسلت !

وتعميمات أخرى من قبيل القرآن لم يحرم الرق، والقرآن لم يجرم، دون بيان ولا تفصيل، فأي رق يقصد، وأي تطبيق من تطبيقاته؟ أسئلة لا يطرحها هو ولا أمثاله، لسبب واضح أن هذه الأسئلة وأي محاولة للإجابة عليها ستهدم مقومات عملية أرخنة القرآن.. يعترف صاحب الدعوى بوجود إصلاحات ثورية، لكنه يحاول تمرير خدعة أخرى في هذه القراءة عندما يقول أن الحسم في التحريم لم يحدث لإرتباط النص بواقعه وبيئته، فتلك الإصلاحات كانت في حدود تلك الفترة، ولو قال أن تلك الإصلاحات صالحة لكل الأزمنة والأمكنة إلى حدود إلغاء الرق، بل إلى حدود إنتهاء آثار الإسترقاق، لكان أقرب للصواب، رغم أن الآثار هذه لم تنتهي، بل الرق نفسه لم ينتهي، وإنما أصبح في أشكال أخرى، أكثر فظاعة، كاسترقاق الأمم المستضعة والمتاجرة بها وبشعوبها، وتلك صفة لا تنفصل عن ذات الرأسمالية وجوهر التنافس الإقتصادي عندما يختزل في البعد المادي. وليس هذا إلا بسبب أفيون الشعوب: الشرك بشقيه العقدي والعملي. ولن ينتبه الحداثوي المغرض إلى هذه الحقيقة لأنها تقوض أسس تفاعله الإيديولوجي مع الدرس القرآني، ولذلك هو يقرأ قراءة حداثوية لا قراءة حداثية، فالقراءة الحداثوية لا تمييز فيها بين روح الحداثة وواقع الحداثة، أما الحداثوية فالواقع نفسه هو الروح.

أما عند حديثه أو إعترافه بالإصلاحات الثورية وجدته يمر على قضية "مكاتبة العبيد" بسرعة، ولم يرجع إلى الآية الكريمة في سورة النور ليقرأ الآية، ويقرأ التفسير، مثل تفسير إمام المفسرين الطبري الذي إختار الوجوب لا الندب تماشيا مع ظاهر الآية {فكاتبوهم} ولانعدام الدليل على الندب، ثم اختار بناء على مدارسة الروايات القوة على الاحتراف والاكتساب في تفسير {ان علمتم فيهم خيرا} ففي هذه وتلك إشارة إلى الإصلاح الثوري وقيمه، والحداثوي لن يطرح هذه الأسئلة عن التغيير السوسيوسيكولوجي (الاجتماعي النفسي) مثلا، لأن هذه المعاني التي تمثل روح التشريع لازمنية بل تخترق الأزمان والأمكنة، ويمكن الإستفادة منها في التعامل مع ظواهر أخرى لا تستحسن سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. ونحن بدورنا نسأل لماذا لا يقارن إستجابة المسلمين لهذا الأمر باستجابة العبيد لدعوة ابراهام لنكولن للهجرة اليه ابان الحروب الأهلية الأمريكية؟ سؤال لن يطرحه لأنه يهتم بالشكليات وكل شيء يدافع به عن الآيديولوجيا، لا القراءة العلمية الموضوعية. وهذا مجرد مثال فهو لن يبحث عن معاني وحكم وأبعاد وأهداف ومعالم الإصلاح الذي جاء به القرآن، لأن كل هذا سيهدم الأرخنة، ليصل إلى مبتغاه وهو (الحرية) التي قال عندها من المستحيل أن يتحدث القرآن عن مفهومها - في شكله المعاصر - لأن القرآن تابع لفترته وزمنه. وهي كذبة كبيرة فالإنسان لابد له من معبود، رغم أنفه، فإما معبود يستحق العبودية لتحقق الحرية الحقيقية، وإما آلهة. فنتفق معه أن التوحيد هو العمود الفقري للقرآن، لو فهم حقيقته لما قلّد - بوعي أو بغير وعي - الأفكار ذات النزعة الأهوائية الشهوانية الانسيابية التي تتفوه بالحرية.

نحن نقرأ الآية الكريمة {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} قراءة لا تضيق على العقل بل توسعه، فنقرأ ظاهر الآية قراءة تاريخية أي نضع الآية في سياق تاريخي، وفي نفس الوقت قراءة قيمية لازمنية، أخلاقية توجيهية تربوية تزكوية، فلا فصل بين هذا وذاك، ونستفيد منها في ضوء الكليات القرآنية الدفاع عن المستضعفين في المجتمع، والمستضعف تسترقه ظروف معنوية ومادية وما على المؤمن الذي خلقه القرآن إلا أن يأخذ بيد المستضعف ليندمج في المجتمع مثله مثل غيره، وما على الجماعة الملتزمة بقيم القرآن ومقاصده إلا العمل على توفير هذه البيئة التي تساهم في تسهيل عمليات الإندماج وتطوير الذات .. فالآية خاطبت المتلقى الأول وتخاطب كل الأجياء، لمن القى السمع وهو شهيد.

والله أعلم.
 
13. التجديد، الإجتهاد، الإصلاح قدر المستطاع والقراءة الإبداعية
[إن طبيعة الدراسات القرآنية تقتضي أن يظل فيها التجدد والإبداع مستمراً]
http://vb.tafsir.net/tafsir24614/#.Vj-x-r-K5dg
http://vb.tafsir.net/tafsir35066/#.Vj-nOb-K5dg
http://vb.tafsir.net/tafsir35285/#.Vj-or7-K5dg
http://vb.tafsir.net/tafsir3216/#.Vj-zo7-K5dh

خلاصة هذه المواضيع: لا يمكن الإنتصار لعالمية القرآن دون تجديد وإبداع مستمرين، فلا يمكن إظهار حقيقة عالمية القرآن على ما هي عليها دون النقد والنقد الذاتي:
http://vb.tafsir.net/tafsir16225/#.Vj9gFr-K5dg
http://vb.tafsir.net/tafsir5231/#.Vj9fyr-K5dg
 
14.سورة المسد
يقول صاحب الدعوى ان هذه السورة تحكي حدث تاريخي مضى؛ وهذا يدل على تاريخانية النص القرآني. لكن في الحقيقة هذه السورة لا تحكي الحدث لأن القصة تلك هي في التفسير والروايات، لا في آيات سورة المسد! ان تلك التفاصيل غير موجودة في السورة، ولو وجدت بالشكل الذي يعرضه صاحبنا -عرض التفسير انتقائيا- لكان القول بالتاريخانية أقرب للمعقولية. نستفيد من السورة بذاتها في معناها العام عبرة تخترق الأزمنة والأمكنة، ونقرأ في السورة حكم (تبّت) وخبر (وتبّ) بالاخفاق والخسران في الدنيا اذ النجاح غير رهين (ما اغنى عن) بمال الانسان وكسبه، وكذلك في الآخرة حيث الخسران الحقيقي، فعلى الانسان ان يتعظ ويعتبر فيكف عن الاذى المادي مثل وضع الشوك في الطريق، والاذى والمعنوي مثل النميمة.

وصاحبنا لن يهتم باللمسات البيانية في الايجاز واختيار الالفاظ الدالة على المعنى العام والمعاني المخصصة، لأنها قيمية جمالياتية لا تختزل في الابعاد الزمكانية، اما الحدث الذي صوره في ذهنة بناء على التفسير فقد قام على الإنتقائية، وغض الطرف عن العبارات التي تفيد الإستمرارية:
سورة المسد: خسران الدنيا والآخرة؛ لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ:1985-08-02

من تصدّى لأهل الحق سيخسر الدنيا والآخرة وهذا هو مصير أعداء الله:
قال تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾. سورة اليوم سورة المسد، قال تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}

الجو العام لهذه السورة يُبيِّن أن الإنسان إذا ضل عن سبيل الله، ونصّب نفسه عدواً لدين الله، وأراد أن يُطفئ نور الله، و تصدى لأهل الحق، و أراد بهم كيداً، فما مصيره في الدنيا؟ وما مصيره في الآخرة؟ مصيره في الآخرة أنه سيصلى ناراً ذات لهب، ومصيره في الدنيا الإخفاق والخسران، فكأن الله سبحانه وتعالى من خلال هذه القصة القصيرة، وهي حدث واحد، حيثما ذكر الله سبحانه وتعالى قصةً أو حدثاً أو ذكر اسماً، فيجب أن نعلم علم اليقين أن هذه القصة ليست مقصودةً بذاتها، وأن هذا الاسم ليس مقصوداً بذاته، إنما المقصود أمثال أبي لهب، الذي انتهى منذ أمد بعيد، لكن كل إنسان تصدى للحق، أو وقف في وجه الإسلام، أو أراد أن يطفئ نور الله، أو تصدى للدعاة إلى الله عز وجل، عاداهم، وأراد بهم كيداً، إنه سيخسر مرتين، سيخسر الدنيا، وسيخسر الآخرة، هذا هو الجو العام، هذا هو مصير أعداء الله.

هذه السورة ذات خصوص و عموم:
المقصد الكبير الثاني في هذه السورة أنه خسر حياته بعد أنْ خسر المعركة، فأبو لهب عمُّ النبي عليه الصلاة والسلام.

أولاً: من تصدى لأهل الحق فخسر الدنيا والآخرة، وفي الأثر: من آثر دنياه على آخرته خسرهما معاً.

قد يسأل سائل، لماذا هذا العداء؟ ما له وللنبي صلى الله عليه وسلم، لمَ ناصبه العداء؟ لمَ وقف في وجه دعوته؟ لِمَ جعل نفسه عقبة كؤوداً في وجه الإسلام؟ لماذا؟

أحدنا قد لا يفهم لماذا يفعل هذا أبو لهب، ولكن أبا لهب يفعل هذا لأنه توهم أن دنياه في خطر، ما دام النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله، هكذا توهم، فحفاظاً على دنياه، حفاظاً على ماله، حفاظاً على مكانته الاجتماعية ناصب النبي صلى الله عليه وسلم العداء، وجعل من نفسه ترساً للباطل، وعقبة في طريق الحق، لذلك ربنا عز وجل في سورة قصيرة لا تزيد عن سطرين بيَّن لنا أن كل إنسان يقف موقف أبي لهب يكون مصيره في الدنيا الإخفاق والخسران، ومصيره في الآخرة إلى جهنم وبئس المصير، فالذي يقرأ القرآن ويظنه كتاب تاريخ فقد ضل ضلالاً مبيناً.

هذه السورة ذات خصوص وعموم، فعلى العموم نحن المقصودون منها، وعلينا أن نتعظ منها، لأن أبا لهب أين أبو لهب؟ طواه الردى، وصار حديثاً، قال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [سورة المؤمنون: 44].

تفسير الآيات 1 - 5 خسران الدنيا والآخرة.



http://vb.tafsir.net/tafsir22410/#.VkB-2L-K5dg
أبو لهب وامرأته حمالة الحطب دراسة موضوعية لسورة المسد لاحمد زكي حماد |مشروع فهرسة الكتب الإلكترونية (pdf) [http://vb.tafsir.net/tafsir45006/#.VkBwJb-K5dg]
 
15. موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول
علاقة العلم بالقرآن ينبغي أن تكون مغايرة، متناقضة أو مفارقة؛ هذه دعوى من مقتضيات فرضية الأرخنة المبنية على التقليد والثقافة الاستهلاكية، أما ان تكون العلاقة اتصالية او تداخلية فلا! لأن "درء التعارض" و "التداخل" من سمات العالمية والاستمرارية والشمولية.

http://vb.tafsir.net/tafsir45345/#post245399
http://vb.tafsir.net/tafsir38424/#.VkEZab-K5dg

16. http://vb.tafsir.net/tafsir37106/#.VkEZJr-K5dg

17. http://vb.tafsir.net/tafsir37143/#.VkEZRb-K5dg
 
18. العلم في القرآن يقتصر على العلوم الدينية (1)
دعوى يراد بها اثبات القطرية لأن المتلقى الأول ((أمي)) لا يخاطب بشيء "غير معهود" في محيطه وبيئته. وهذه دعوى باطلة لأن كلمة علم في القرآن في الأكثر عامة غير مخصصة، وهذا دليل لغوي على الشمولية، كذلك مشتقات العلم وما يدور في فلكه كالعقل وتصاريفه، الفكر، التفكر، التدبر، النظر، السؤال، التثبّت/التبيّن، .. الخ.

لكن للأسف هناك من يتفوه باسم العلم الشرعي ويقول ما لا يقبله نقل ولا عقل، فيقترن كلامه بكلام اصحاب دعوى القطرية، ويؤول الآيات طبقا لعرفه الفكري المعرفي، فينطبق عليه ما قاله الامام القرافي: "إذا جاءك رجل من غير إقليمك يستفتيك فلا تجره على عرف بلدك، وسله عن عرف بلده فأجره عليه وأفته به، دون عرف بلدك والمذكور في كتبك، قالوا: فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين"، وعلّق الامام ابن القيم في "اعلام الموقعين" على هذا الكلام فقال: "هذا محض الفقه، ومن أفتى الناس بمجرد المنقول في الكتب على اختلاف عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم فقد ضل وأضل، وكانت جنايته على الدين أعظم من جناية من طبب الناس كلهم على اختلاف بلادهم وعوائدهم وأزمنتهم وطبائعهم بما في كتاب من كتب الطب على أبدانهم، بل هذا الطبيب الجاهل وهذا المفتي الجاهل أضر ما على أديان الناس وأبدانهم والله المستعان".

موقف الإسلام من العقل والعلم
العلم المذكور فى القرآن والسنة يشمل علم الدين وعلم الدنيا
الشيخ يوسف القرضاوي
(موقع القرضاوي)

وقد كتب بعض إخواننا الشرعيين فى بعض البلاد –عفا الله عنهم- كلاما أثبتوا فيه أن العلم الذى جاء ذكره ومدحه فى نصوص القرآن والسنة النبوية، كله فى العلم الشرعى والدينى وحده، ولا مجال فيه لمدح علم من علوم الدنيا والحياة. قالوا: ولا يجوز لنا نحن علماء المسلمين ودعاتهم أن نأخذ ما جاء فى القرآن والسنة من آيات وأحاديث، لعلوم العقيدة والشريعة، إلى مجالات أخرى، لأن هذا يعتبر نوعا من التحريف المتعمَّد لكتاب الله تعالى، ولكلام رسوله!

نشر هذا الكلام فى بعض الصحف، فأزعج إخواننا المهتمين بأمر العلم وأصوله فى (المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية) بالكويت، وعلى رأسها رئيسها القوى الدكتور عبد الرحمن العوضى، وأمينها العام المساعد، الدكتور أحمد رجائى الجندى، والدكتور خالد المدكور، وغيرهم، ممن اتصلوا بى، وحدثونى فى الأمر، وقلت لهم: إن كلامهم خاطئ مائة فى المائة، ولى ردود علمية عليه، من كتاب ربنا، ومن سنة نبينا. فقالوا لي: إننا نرجوك ونلح عليك أن تسارع بكتابة هذا الرد، وترسله إلينا بغاية السرعة، لننشره، ونعمم نشره، لنوحد ثقافة المسلمين، ونصححها، فميزة الأمة المسلمة أنها أمة ينصح بعضها لبعض، ولا يستكبر بعضها عن السماع لبعض.

وقد أرسلت ردى إلى الإخوة فى الكويت، ونشروه فى الحال بوسائلهم الميسورة والموفورة، ولهم فى ذلك أجرهم ونيتهم.

وها أنذا أضع ردِّى هنا فى هذه الرسالة الثقافية للمسلمين.

شمول العلم وتنوعه فى لسان القرآن:
دعوة الإسلام إلى العلم والتعلّم، وتنويهه بفضل العلم، ومنزلة العلماء، مما لايختلف فيه اثنان، ونصوص القرآن الكريم والسنة النبوية فى ذلك غزيرة مستفيضة، ولا يوجد دين من الأديان أفاض فى الثناء، على العلم وأهله كالإسلام، وحسبنا أن أوّل آيات نزلت من القرآن نوّهتْ بشأن العلم والتعليم: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:1-5].

والعلم الذى نوّه به القرآن، وحفلتْ به آياته، ونوَّه به الرسول الكريم، وأحاديثه الشريفة، يشمل كلَّ معرفة تنكشف بها حقائق الأشياء، وتزول بها غشاوة الجهل والشك عن عقل الإنسان، سواء أكان موضوعه الإنسان، أم موضوعه العالم، أم موضوعه الوجود والغيب، وسواء أكانت وسيلة معرفته الحسّ والتجربة، أم وسيلته العقل والبُرهان، أم وسيلته الوحى والنبوة.

فليس صحيحا ما شاع عند الغربيين ومن دار فى فلكهم: (أن العلم مقصور على ما قام على الملاحظة والتجربة)، وليس صحيحا أيضًا ما يتصوره بعض المسلمين المتدينين أو يصورونه من أن "العلم" فى القرآن والسنة، يعنى "العلم الديني" ولا شىء غيره، وحاول بعض أهل العلم الدفاع عن هذه الدعوى!

ففى القرآن الكريم آيات أثنت على العلم وأهله، من حيث هو (علم) أي: معرفة تنكشف بها حقائق الأشياء، دون النظر إلى كونه علمًا دينيًّا أو دنيويا، مثل قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9]. فهنا لم يذكر مفعول (يعلمون) أى لم يقل: الذين يعلمون علم الدين أو الشريعة أو الطبيعة أو غيرها، بل نزّل الفعل المتعدى - وهو (يعلم)- منزل الفعل اللازم، فكأنّ المعنى: هل يستوى العالم والجاهل؟ والاستفهام إنكاريّ، على معنى أنهما لا يستويان.

ومثل ذلك قوله تعالى: { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:18]، فالمفهوم من هذه الآية: أن (أولى العلم) الذين عطفهم الله تعالى على الملائكة فى الشهادة لله بالوحدانيةـ، هم الذين استنارت بصائرهم بالعلم والمعرفة، سواء كان علمهم دينيًّا أم طبيعيا، وكم رأينا فى علماء الكون من شهد لله تعالى بالوحدانية والتفرّد بالقدرة والجلال والكمال، كما فى كتاب (أ. كريسى موريسون) رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك، الذى يتُرجم إلى العربية بعنوان (العلم يدعو إلى الإيمان) ومثله كتاب (الله يتجلى فى عصر العلم) بأقلام ثلاثين عالما متخصصا فى العلوم الكونية و الإنسانية.

ولكن الذى عجبتُ له أن بعض علماء الدين فى عصرنا جنحوا إلى هذا الرأى الغريب، وذهبوا إلى أن كل النصوص التى وردت فى آيات القرآن العظيم، وأحاديث الرسول الكريم، فى فضل العلم والعلماء، إنما يُقصد بها العلم الدينى وحده، وعلماء الدين دون غيرهم.

وقد يكون هذا صحيحا فى قليل من النصوص الواردة فى الأصلين العظيمين فى الإسلام: (القرآن والسنة)، ولكن أغلب نصوصهما وردت عامة ومطلقة، تشمل كل علم دينى أو دنيوى، وبعضها لا يمكن أن يفهم منه إلا أنه العلم الدنيوى: العلم بالكون والحياة والإنسان، وما يجرى عليها من سنن.

وهذا ما نحاول أن نلقى عليه بعض الأشعة الكاشفة لما قد يلتبس على بعض الباحثين فى هذا الميدان.

...

تكوين العقلية العلمية فى القرآن
1- رفض الظن فى موضع اليقين.
2- عدم اتباع الأهواء والعواطف فى مجال العلم.
3- رفض التقليد الأعمى للآباء والأسلاف.
4- رفض التبعية للسادة والكبراء.
5- التعبد بالنظر العقلى.
6- لاتقبل دعوى بغير برهان.

...

إن المسلمين فى العصور الأولى رعوا هذه السنن، واحترموا شبكة الأسباب والمسببات، فأقاموا حضارة مُثْلى، نشأت فى رحابها علوم كونية ورياضية واجتماعية، بجوار العلوم الدينية، امتدت جذوعها، وبسقت فروعها، وآتت أكلها كل حين بإذن ربها.


المزيد.. العلم المذكور فى القرآن والسنة يشمل علم الدين وعلم الدنيا

 
19. العلم في القرآن يقتصر على العلوم الدينية (2)
عالمية الإسلام والعولمة العلمية
د. عبدالوهاب بن سعيد القحطاني
(جريدة الرياض)​
الإسلام دين العلم والمعرفة والشمولية للناس جميعاً، فهو دين لكل الأجناس البشرية ما يعني أنه دين عالمي. ومن يعتقد خلاف ذلك فهو لا يعرف ما يعنيه الإسلام من وحدة كونية وتآلف بين الأمم بما فيه الخير والسلام الذي يحقق للبشرية الأمن والاستقرار. وتشير الآيات القرآنية إلى أن الله خلق البشر مختلفين للتعارف والتعاون في شتى أوجه الخير، وليس للصراعات والظلم والاستبداد والاستعباد والحروب الطاحنة.

وديننا الإسلامي الحنيف ليس دين انغلاق فكري واستبداد وهيمنة لرأي على آخر، بل تعد الشورى من مقوماته لإبداء النصيحة وتبادل الرأي حول شؤوننا العديدة في مختلف جوانب الحياة. وما دمنا نؤمن بأن ديننا الإسلامي الحنيف دين حرية الرأي فإننا مطالبون بالتسلح بالعلم والمعرفة لفهم ما يدور حولنا وللتحاور بالطرق الصحيحة، وتغيير الأحداث والظواهر إلى ما يخدم عالمنا الواسع، وتوسيع مداركنا لفهم هذا الكون العظيم بكل ما يحويه من مخلوقات حية وأشياء وأحداث وكل ما يؤثر فينا ويتأثر بنا. والعلم الذي ينفع البشرية هو العلم الذي أوصى به الله سبحانه وتعالى. والأمر الذي لا جدل فيه هو أن المنفعة من العلم تعتمد على كفاءة المعلم والوسائل الذي يوصل بها علمه إلى المهتمين به.


وليس للعلم النافع حدود من حيث النوع والمحتوى أو من حيث مصادره الجغرافية، ولنا فيما قاله الرسول الكريم الدرس والعبرة عندما قال "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد"، وجاء في الأثر (اطلبوا العلم لو كان في الصين) ما يدل على أن العلم الذي أوصى به عليه الصلاة والسلام لا يقتصر على العلوم الدينية فحسب، بل يشمل العلوم الدنيوية التي تعود علينا بالفائدة والخير. فالصين مثلاً ليست دولة إسلامية تقصد لطلب العلوم الدينية، ناهيك عن بعدها آنذاك لأن المواصلات كانت صعبة، لكنه صلى الله عليه وسلم قصد بذلك عظمة العلم الدنيوي وفائدته ما يجعل المسافات سهلة تطوى لنيله.


الشخصية القويمة لا تتشكل إلا بالدين والعلم والفضائل التي أوصانا الله بتطبيقها في حياتنا لنفوز بالدرجات العليا في الآخرة. والعلماء المؤمنون يخافون الله كثيراً لأنهم يعرفون الكثير عن هذا الكون الذي خلقه الله في أيام معدودة، ولو شاء لخلقه في غمضة عين، وذلك لأنه سبحانه يريدنا أن ندرك شيئاً عظيماً وراء خلقه للكون في ستة أيام واستوائه على العرش في اليوم السابع. والعلم الذي يربط الإنسان بالقيم هو العلم الذي يفيد البشر ويزيد من تقاربهم، لذا يرى طالب العلم أن التكنولوجيا الحديثة وسيلة لتعميم هذه القيم النبيلة بين الأمم.


ولا يقتصر تعليم الأخلاق على العلوم الدينية فحسب، بل يشمل العلوم الأخرى مثل علم النفس وعلم الاجتماع وعلم أخلاقيات العمل وغيرها من العلوم الإنسانية، وذلك حتى لا تتحول حياتنا إلى واعظين من غير تركيز على الجانب الدنيوي الذي يزيد من قوتنا الاقتصادية ما يجعل العالم يحترمنا. وقد يجادل البعض منا في قضية العلم والفضيلة والقيم الأخلاقية على أنها غير مرتبطة ببعضها، وهذا بلا شك مغالطة كبيرة لأننا نحاول الفصل بين عناصر متكاملة، فطالب العلم الذي لا يحترم القيم قد يسير علمه في الاتجاه والغايات الخاطئة بعيداً عن الفضائل وما نعتقد بأنه الصواب.


ومن الطبيعي ألا نسبح ضد التيار في ما يتعلق بالعولمة لأن ديننا ونبينا عليه الصلاة والسلام وصحابته رضوان الله عليهم عرفوا العولمة سواء العلمية أو الاقتصادية أو السياسية منذ ظهور الإسلام، حيث نجد قبور الصحابة في بلاد بعيدة عن البلاد التي ولدوا فيها ما يعني الانتشار من أجل نشر العلم والفضيلة والقيم الحميدة. وبما أننا أضعف من ذي قبل في مختلف نواحي الحياة فإن العولمة تلقي بظلالها علينا لصالح الأمم القوية علمياً واقتصادياً وسياسياً وعسكرياً. من هذا المنطق والمنطلق يجب علينا أن نعيد حساباتنا وأن نجعل العلم سلاحنا ومصدر قوتنا، وذلك بتعليم شبابنا القيم والفضيلة والعلوم الشرعية والتكنولوجيا والعلوم التطبيقية بتوازن لتساعد على نهوضنا إلى مصاف الأمم المتقدمة.


والاعتقاد الشائع الخاطئ بأن العولمة ظاهرة غربية جديدة يزيد من مقاومتنا لها على اعتقاد أنها تحمل أهدافاً خفية تضرنا، لذا يجب أن نعلم أنها مفهوم قديم من خلال المسلمين الأوائل الذين وصلوا الصين وغرب أوروبا سواء لنشر الإسلام أو للعلم والمعرفة أو للتجارة. العولمة مفهوم قديم يفعلها الغربيون في عصرنا هذا لزيادة حصيلتهم الاقتصادية في الدول النامية والفقيرة التي كان بعضها يمارس العولمة ذاتها قبل بروز الحضارة الغربية بهذه القوة. والحقيقة التي يجب أن نعلمها هو أن أخلاقنا وقيمنا تتلاشى تدريجياً لأننا ركزنا على تعلم الجانب المادي من الحضارة الغربية، بل أصبحت الحياة المادية المعيار الوحيد الذي يقيس تقدمنا. ويعزف الشباب عن العلم والمعرفة لأنهم لا يرغبون في البحث والاستقصاء ما يجعلنا أمة استهلاكية لا تستطيع منافسة الأمم الأخرى من حيث التصنيع الإنتاجي الذي يعتمد بشكل أساسي على العلم والمعرفة والبحث والتطوير.


وإذا رغبنا في المزيد من العلم والمعرفة فإنه يجب علينا الانفتاح الإيجابي تجاه العالم للتزود بهما ما يعني قبول العولمة العلمية عندما نسعى في مناكب الأرض إلى الجامعات والمعاهد المتخصصة المنتشرة حول العالم. والكثير منا يتكهرب عندما يسمع كلمة عولمة، حيث بالغ البعض منا وربطها بالعلمانية والتنصير والكفر والانحلال الأخلاقي وغيرها من السلوكيات السلبية ما يجعل من الصعوبة بمكان تقبل البعض منا للعولمة العلمية وما لها من الفوائد والإيجابيات الكبيرة.

 
20. الاسلام دين محلي قومي، انزل للعرب واختص بهم، في شبه الجزيرة العربية
إنكار عالمية الإسلام


وفي هذه الآية إشارة إلى عموم رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - للعرب والعجم فلم يكن عجبا أن يكون الكتاب المنزل عليه بلغة غير العرب لولا أن في إنزاله بالعربية حكمة علمها الله، فإن الله لما اصطفى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عربيا وبعثه بين أمة عربية كان أحق اللغات بأن ينزل بها كتابه إليه العربية، إذ لو نزل كتابه بغير العربية لاستوت لغات الأمم كلها في استحقاق نزول الكتاب بها فأوقع ذلك تحاسدا بينها بخلاف العرب إذ كانوا في عزلة عن الأمم، فلا جرم رجحت العربية لأنها لغة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولغة القوم المرسل بينهم فلا يستقيم أن يبقى القوم الذين يدعوهم لا يفقهون الكتاب المنزل إليهم.
 
21. وقوع المعرب في القرآن
يظهر أن الإختلاف حول وقوع المعرب في القرآن من عدمه مجرد إختلاف لفظي فمن قال به صادق ومن لم يقل به هو صادق ايضا، كما يذهب بن سلام http://vb.tafsir.net/tafsir21521/#.VkKllb-K5dh لان اللفظ عربي من وجه واعجمي من وجه آخر مثل كلمة "انترنيت" كلمة اعجمية+معربة؛ عندما نريد ادخال اداة التعريف عليها نقول "الانترنيت" وليس "ذي انترنيت" فهكذا دخلت الكلمة في العربية اصبحت عربية تصاريفها عربية: "الانترنيت"، "بالانترنيت"، "انترنيتي"، "انترنيتيا"، "ترنت يترنت ترنيتا" يتصفح النت...الخ!

الإختلاف الذي يستحق النظر هو هل كل لفظ قيل عنه انه معرب هو حقا كذلك ام هو من توارد اللغات ام من الالفاظ القريبة (من اصل مشترك؛ cognate باللغة الإنقليزيّة) .. الخ. هذا السؤال يحقق العالمية على صعيد الفهم، لأنه مستمر البحث فيه، كذلك السؤال لماذا المعرب ان كان هناك مقابل بالعربية، وهذا ينطبق على الاسماء ايضا في المعنى والتوظيف، بل حتى الرسم.

خاطرة قد نستفيد منها ان عالمية القرآن لا تقتصر على المضمون فقط، بل حتى على مستوى الالفاظ،
كما نقل الامام السيوطي رحمه الله أن هناك حكمة من وقوع تلك الألفاظ في القرآن وهي أن القرآن حوى علوم الأولين والآخرين ونبأ كل شيء فلا بد أن تقع فيه الإشارة إلى أنواع اللغات لتتم إحاطته بكل شيء فاختير له من كل لغة أعذبها وأخفها وأكثرها استعمالاً للعرب.
 
22. دعوى وقتية النص لا مكان لها في القرآن


هل القرآن صالح لكل زمان و مكان؟
شبكة إسلام أونلاين​
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن دعوى وقتية النص لا مكان لها في القرآن، لأن القرآن هو كتاب الشريعة الخاتمة، فلو طبقنا عليه وقتية النصوص لحدث "فراغ" في المرجعية الدينية، إذ لا وحي بعد القرآن، وإذا حدث هذا "الفراغ" زالت حجة الله على العباد، كما أن القرآن بالنسبة للمعاملات المتغيرة وقف عند "كليات" التشريع أكثر مما فصّل، فقد فصل في الثوابت، وترك تفصيل المتغيرات لعلم الفقه، في توازن بين ثبات المرجعية والنص، وبين تطور الاجتهاد المواكب لمتغيرات الواقع.

يقول أ.د.محمد عمارة عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر:

أما القول بتاريخية –أو تاريخانية- ووقتية أحكام القرآن الكريم بمعنى "أنها غير صالحة لكل زمان" فإن لنا عليها ملاحظات نسوقها في نقطتين:

أولها: أن هذه الدعوى ليست جديدة، فلقد سبق وتبناها فلاسفة التنوير الغربي الوضعي العلماني، بالنسبة للتوراة والإنجيل.. فرأوا أن قصصها مجرد رموز، بل ورأوا أن الدين والتدين إنما يمثل "مرحلة تاريخية" في عمر التطور الإنساني، مثلت مرحلة طفولة العقل البشري، ثم تلتها –على طريق النضج- مرحلة "الميتافيزيقا"، التي توارت هي الأخرى لحساب المرحلة الوضعية، التي لا ترى علمًا إلا إذا كان نابعًا من الواقع، ولا ترى سبلاً للعلم والمعرفة إلا العقل والتجارب الحسية.. وما عدا ذلك –من الدين وأحكام شرائعه- فهي "إيمان" مثل مرحلة تاريخية على درب التطور العقلي، ولم يعد صالحًا لعصر العلم الوضعي –اللهم إلا لحكم العامة والسيطرة على نزعاتهم وغرائزهم.

هكذا بدأت وتبلورت نزعة "تاريخية وتاريخانية" النصوص الدينية في فكر التنوير الغربي العلماني والنهضة الأوروبية الحديثة.

وإذا كان هذا القول قد جاز، ووجد له بعض المبررات –في الغرب- بالنسبة لكتب رسالات خاصة بقوم بعينهم –بني إسرائيل..الذين جاءتهم اليهودية والمسيحية، ونزلت لهم التوراة والإنجيل-.. ولزمان معين..وبتفاصيل تشريعات –وخاصة في التوراة- تجاوزها تطور الواقع، فإن دعوى تاريخية النص الديني لا مكان لها ولا ضرورة تستدعيها بالنسبة للقرآن الكريم.. ذلك أن القرآن هو كتاب الشريعة الخاتمة، والرسالة التي ختمت بها النبوات والرسالات، فلو طبقنا عليه قاعدة تاريخية النصوص الدينية لحدث "فراغ" في المرجعية الدينية، إذ لا رسالة بعد رسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، ولا وحي بعد القرآن.. وإذا حدث هذا "الفراغ" في المرجعية والحجة الإلهية على الناس، زالت حجة الله على العباد في الحساب والجزاء، إذ سيقولون: يا ربنا، لقد أنزلت علينا كتابًا نسخه التطور، فماذا كان علينا أن نطبق، بعد أن تجاوز الواقع المتطور آيات وأحكام الكتاب الذي أنزلته لهدايتنا ؟..

والنقطة الثانية: أن التاريخية والتاريخانية –أي وقتية الأحكام- لا يقول بها أحد في أحكام العبادات.. وإنما يقول بها أصحابها في آيات وأحكام المعاملات.. وهم يخطئون إذا ظنوا أن هناك حاجة إليها في أحكام المعاملات التي جاء بها القرآن الكريم.. ذلك أن القرآن الكريم –في المعاملات- قد وقف عند "فلسفة" و"كليات" و"قواعد" و"نظريات" التشريع، أكثر مما فصل في تشريع المعاملات.. فهو قد فصل في الأمور الثوابت، التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان، مثل منظومة القيم والأخلاق، والقواعد الشرعية التي تستنبط منها الأحكام التفصيلية، والحدود المتعلقة بالحفاظ على المقاصد الكلية للشريعة.. وترك تفصيل أحكام المعاملات لعلم الفقه، الذي هو اجتهاد محكومة بثوابت الشريعة الإلهية، وذلك حتى يظل هذا الفقه –فقه المعاملات- متطورًا دائمًا وأبدًا، عبر الزمان والمكان، ليواكب تغير الواقع ومستجدات الأحداث، في إطار كليات الشريعة وقواعدها ومبادئها –التي تحفظ على أحكامه المتطورة إسلاميتها، دائمًا وأبدًا-..

وهذه "الصيغة الإسلامية" الفريدة ، التي جاءت بالنص الإلهي الثابت –أي الشريعة، التي هي وضع إلهي ثابت- تحفظ إسلامية وإلهية المرجعية والمصدر دائمًا وأبدًا.. بينما وكلت أمر المتغيرات إلى الفقه المتجدد والمتطور –والفقه هو علم الفروع-.. هذه "الصيغة الإسلامية" هي التي وازنت بين ثبات النص وتطور التفسير البشري للنص الإلهي الثابت.. وجمعت بين ثبات "الوضع الإلهي" وتطور "الاجتهاد الفقهي".. أي جمعت بين ثبات المرجعية والنص، وبين تطور الاجتهاد الفقهي المواكب لمتغيرات الواقع عبر الزمان والمكان.
 
عودة
أعلى