طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ

إنضم
09/09/2009
المشاركات
80
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
في قوله تعالى: (طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ) سؤال:
وهو ان المشبَّه به من المفروض أن يكون معلوما للسامع، وإلا تعذر عليه فهم المقصود من التشبيه، فهل يعتبر هذا من باب التشبيه بالمجهول لأن رؤوس الشياطين غير مشهودة ولا معلومة للسامعين؟
أم هل يجوز أن يخبرنا الله تعالى في القرآن بأشياء لا نعلم مفهومها؟
 
هذا مما يُسَمَّى بالتشبيهِ الوهميِّ...

وهو التشبيهُ بما لا يُدرَكُ بالحواسِّ الخمسِ الظاهرةِ، كقولِه تعالى ﴿أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ. إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ. إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ. طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ﴾ (الصافات:62-65)، فإنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قد بيَّنَ لهم شجرةَ الزَّقُّومِ وعرَّفَهم بها، وأخبرَهم بأنها شجرةٌ تخرجُ في أصلِ الجحيمِ، فأصبحت بهذا معهودةً ومعروفةً لهم، ثمَّ بعد ذلك شبَّه اللهُ لهم ثمرَها برؤوسِ الشياطينِ، وذلك أنَّ للشيطانِ صورةً ذهنيَّةً عند العربِ، وهي ما كان في مُنتهى القُبحِ والشناعةِ، فيقولون: كأنَّ هذا وجهُ شيطانٍ، في الدلالةِ على قبحِ منظرِه، وتناهيه إلى الغايةِ في السوءِ والشرِّ.

يقولُ الزمخشريُّ في تفسيرِ هذه الآيات:
(وشبَّه برؤوسِ الشياطينِ دلالةً على تناهيهِ في الكراهيَةِ وقبحِ المنظرِ؛ لأنّ الشيطانَ مكروهٌ مستقبحٌ في طباعِ الناسِ، لاعتقادِهم أنَّه شرّ محضٌ لا يخلِطه خيرٌ، فيقولون في القبيحِ الصورةِ: كأنَّه وجهُ شيطانٍ، كأنَّه رأسُ شيطانٍ، وإذا صوَّرَه المُصَوِّرون: جاؤوا بصورتِه على أقبحِ ما يُقَدَّرُ وأهولِه؛ كما أنهم اعتقدوا في المَلَكِ أنَّه خيرٌ محضٌ لا شرّ فيه، فشبَّهوا به الصورةَ الحسنةَ. قالَ اللهُ تعالى ﴿مَا هَـٰذَا بَشَرًا إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ (يوسف: 31) وهذا تشبيهٌ تخييلِيٌّ. وقيلَ: الشّيطانُ حيَّةٌ عرفاءُ لها صورةٌ قبيحةُ المنظرِ هائلةٌ جدّاً. وقيلَ: إنّ شَجَراً يقالُ له الأَسْتَنُ خَشِناً مُنتِناً مرّاً مُنكَرَ الصورةِ، يُسَمَّى ثمرُه رؤوسَ الشياطينِ. وما سمَّت العربُ هذا الثَّمَرَ رؤوسَ الشياطينِ إلاّ قصداً إلى أحدِ التشبيهينِ) (3).

ويقولُ الشّوكانيُّ في تفسيرِها:
(ثمَّ بيَّنَ سبحانَه أوصافَ هذه الشَّجَرَةِ ردًّا على مُنكريها، فقالَ ﴿إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ﴾ أي: في قعرِها، قال الحَسَنُ: أصلُها في قعرِ جهنَّمَ، وأغصانها تُرفَعُ إلى دَرَكاتها، ثمّ قالَ ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءوسُ ٱلشَّيَـٰطِينِ﴾ أي: ثمرُها، وما تحمِلُه كأنَّه في تناهي قُبحِه، وشناعةِ منظرِه رؤوسُ الشياطينِ، فشبَّهَ المحسوسَ بالمُتَخَيَّلِ، وإن كان غيرَ مرئيٍّ، للدلالةِ على أنَّه غايةٌ في القُبحِ، كما تقولُ في تشبيهِ من يستقبحونه: كأنَّه شيطانٌ، وفي تشبيهِ من يستحسنونه: كأنَّه مَلَكٌ، كما في قولِه ﴿مَا هَـٰذَا بَشَرًا إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ (يوسف: 31)، ومنه قول امريءِ القَيسِ:
أيقتُلُني والمَشرَِفِيُّ مُضاجِعِي ... ومَسنونَةٌ زُرْقٌ كَأنيابِ أغوالِ
وقالَ الزَّجَّاجُ، والفَرَّاءُ: الشياطينُ: حيّاتٌ لها رءوسٌ، وأعرافٌ، وهي من أقبحِ الحيَّاتِ، وأخبثِها، وأخَفِّها جِسماً. وقيلَ: إنَّ رؤوسَ الشياطينِ اسمٌ لنبتٍ قبيحٍ معروفٍ باليمنِ يقالُ له: الأَسْتَنُ، ويقالُ له: الشيطانُ. قال النَّحَّاسُ: وليس ذلك معروفاً عند العَرَبِ. وقيلَ: هو شَجَرٌ خَشِنٌ مُنتِنٌ مُرٌّ مُنكَرُ الصورةِ، يُسَمَّى ثمرُه رؤوسَ الشياطينِ) (4).

فالشيطانُ عند العَرَبِ لمَّا كانَ الغايةَ في القُبحِ، والمَلَكُ والمَلاكُ لمَّا كانَ الغايةَ في الجمالِ والحُسْنِ والأخلاقِ، والغُولُ لمّا كانَ غايةً في إدخالِ الرَّهبةِ والهَلَعِ والخوفِ إلى القلوبِ، كانت لهذه الألفاظِ معانٍ مُتَصَوَّرَةٌ في أذهانهم ومُتَخَيَّلَةٌ، لذلك تجدُ أنَّ من يريدُ أن يرسِمَ الشيطانَ أو يُصَوِّرَه جاءَ به على أقبحِ ما يكونُ، وأشدِّ ما يكونُ شناعةٍ ممّا يَتَخَيَّلُه في ذهنِه، بخلافِ من أرادَ رسمَ المَلاكِ أو تصويرَه، فإنَّه يأتي به على أحسنِ ما يَتَخَيَّلُه ويَتَصَوَّرُه في ذهنِه، وكذلك الأمرُ في الغولِ، يأتي به من يريدُ تصويرَه ورسمَه على أشدِّ ما يكونُ تخويفاً في ذهنِه.

وسُمِِّيَّ هذا التشبيهُ وهميّاً لأنَّ هذه الصُّوَرَ الذِّهنيَّةَ موجودةٌ في أوهامِهم وتخيُّلِهم، بغضِّ النَّظَرِ عن وجودِها في الخارجِ أو عدمِه. وقد ذكرنا فيما سبقَ أنَّ الألفاظَ موضوعةٌ بإزاءِ الصُّورِ الذِّهنيَّةِ، فهي إذن مُتصوَّرةٌ في الوهمِ ومُتخيَّلَةٌ ومُدركةٌ، سواءٌ أكانَ لها وجودٌ في الخارجِ أم لم يكن لها وجودٌ.

وقولُك في وصفِ رجلٍ غنيٍّ "هو جبلٌ من ذهبٍ" أو في وصفِ حصانٍ سريعٍ "هذا حصانٌ يطيرُ بجناحين" أمرٌ مُتَخَيَّلٌ موهومٌ لا وجودَ له في الواقعِ الخارجيِّ أو الواقعِ الموضوعيِّ، ومع ذلك فهو مُتصوَّرٌ في الذِّهنِ ومعهودٌ له، لما في العقلِ من قدرةٍ على التَّركيبِ والتَّجزئةِ والتخييلِ. فالجبلُ والذهبُ والحصانُ والأجنحةُ مفرداتٌ مدركةٌ معروفةٌ معانيها، ولها وجودٌ في الذهنِ والخارجِ، أمّا "جبلٌ من ذهبٍ" و "حصانٌ بجناحين" فصورةٌ مُرَكَّبَةٌ لا وجودَ لها إلا في الذهنِ فقط، وقد يضعُ لها الإنسانُ لفظاً خاصّاً بها ويدُلُّ عليها مع أنَّه لا وجودَ لهذه الصُّوَرِ إلاّ في الذِّهنِ فقط.

وعليه فإنَّ هذه الألفاظَ ومعانِيَها معهودةٌ للعَرَبِ ومعروفةٌ لهم، فلا يقالُ إنَّ القرآنَ خاطبَهم بما لا يعرفون، وجاءهم بتشبيهاتٍ لا عهدَ لهم...

والله أعلم...
 
وسُمِِّيَّ هذا التشبيهُ وهميّاً لأنَّ هذه الصُّوَرَ الذِّهنيَّةَ موجودةٌ في أوهامِهم وتخيُّلِهم، بغضِّ النَّظَرِ عن وجودِها في الخارجِ أو عدمِه. وقد ذكرنا فيما سبقَ أنَّ الألفاظَ موضوعةٌ بإزاءِ الصُّورِ الذِّهنيَّةِ، فهي إذن مُتصوَّرةٌ في الوهمِ ومُتخيَّلَةٌ ومُدركةٌ، سواءٌ أكانَ لها وجودٌ في الخارجِ أم لم يكن لها وجودٌ.

..

ليس هناك ما يسمى بالتشبيه الوهمي وإذا جاز هذا في كلام الناس فإنه قطعا ليس موجودا في كتاب الله تعالى ، لأن كتاب الله يتكلم عن حقائق لا عن أوهام.

نعم قد نجد في القرآن صورا ذهنية ومعقولة وممكنة ولكنها ليست موجوده في الواقع في وقت من الأوقات وقد توجد في وقت آخر ومثال ذلك:

صورة " المصعد في السماء"
صورة ذهنية معقولة وممكنة ولا يحيلها العقل ولكنها لم تكن موجوده في واقع الناس وقت نزول القرآن ولكنها وجدت فيما بعد.

"ورؤوس الشيطان" صورة ذهنية معقولة ومتخيلة للمخاطب ولكنها حقيقية وموجودة كما أخبر عنها المتكلم.
 
إذا عرفنا أن معنى "الوهم" هو ما لا تدركه الحواس ارتفع الإشكال...

كقولنا "جبل من ذهب" أو "حصان ذو جناحين" فهذه صورة غير موجودة في الواقع، إلا أنها تقع في وهم الإنسان على طريق التركيب.

وكذلك أمر الشيطان والغول...

ومن ضعف التحصيل عندك يا حجازي ظنك أن معنى الوهم هنا هو ما كان على خلاف الحقيقة.

ولو رجعت إلى علوم البلاغة في أبسط الكتب لرأيتهم يذكرون "التشبيه الوهمي"...
 
إذا عرفنا أن معنى "الوهم" هو ما لا تدركه الحواس ارتفع الإشكال...

كقولنا "جبل من ذهب" أو "حصان ذو جناحين" فهذه صورة غير موجودة في الواقع، إلا أنها تقع في وهم الإنسان على طريق التركيب.

وكذلك أمر الشيطان والغول...

ومن ضعف التحصيل عندك يا حجازي ظنك أن معنى الوهم هنا هو ما كان على خلاف الحقيقة.

ولو رجعت إلى علوم البلاغة في أبسط الكتب لرأيتهم يذكرون "التشبيه الوهمي"...

لوكان الأمر كما تقول في تعريف الوهم لأنكرنا كثيرا من الحقائق...

واعلم أن هناك فرقا كبيرا بين قولي حصان ذوي جناحين وبين أن يقول الخالق جل وعلا.
فكلامي يكون وهما ومن بنات خيالي إذا لم يكن موجودا في الواقع أما إذا قال الله فالوضع مختلف فالله حق ولا يصدر عنه إلا ما هو حق.

فدع عنك الأوهام واقبل من أخيك المسكين ضعيف التحصيل.

وفقني الله وإياك لما يرضيه.
 
الأخ حجازي في كلامك مغالطة يجدر بك الانتباه إليها:
الصورة الذهنية تكون مطابقة وغير مطابقة، وإذا كانت غير مطابقة للواقع فهي لا علاقة لها بالحقيقة؟
السؤال الآن: هل رأيت فيما سبق رأسا من رءوس الشياطين؟
وهل الصورة الحاصلة في ذهنك مطابقة لءوس الشياطين حقيقة؟
ولا تزايد على أن كلام الله حق ولا يصدر منه إلا حق.
ولكن المشاكل تبدأ في أذهان منكري المجاز.
 
الأخ حجازي في كلامك مغالطة يجدر بك الانتباه إليها:
الصورة الذهنية تكون مطابقة وغير مطابقة، وإذا كانت غير مطابقة للواقع فهي لا علاقة لها بالحقيقة؟
السؤال الآن: هل رأيت فيما سبق رأسا من رءوس الشياطين؟
وهل الصورة الحاصلة في ذهنك مطابقة لءوس الشياطين حقيقة؟
ولا تزايد على أن كلام الله حق ولا يصدر منه إلا حق.
ولكن المشاكل تبدأ في أذهان منكري المجاز.

وأنا أسألك هل ما أخبر الله عنه حقيقة أم غير حقيقة؟

هل هناك شجرة زقوم أم لا؟
هل لشجرة الزقوم طلع أم لا؟

هل هناك شياطين أم لا؟
هل لهم رؤوس أم لا؟
إذا كان الجواب بنعم بقي أن نسأل:
هل طلع شجر الزقوم كرؤوس الشياطين أم لا؟

وأنتظر منك الجواب.
 
الأخوة الكرام،
بعد استيعاب ما تقولون أطرح هنا أموراً بقصد اثارة التفكير قبل أن أبيّن وجهة نظري:

1. هناك شياطين من الإنس وشياطين من الجن. "شياطين الإنس والجن". أما شياطين الإنس فنعرفهم.
2. قد يكون الشيطان الإنسي جميل الشكل حسن المنظر. وقد يكون التقي قبيح الشكل والمنظر.
3. هل خلق الجن يختلف عن خلق الإنس بحيث تتأثر الهيئة الخارجية بالهيئة الداخلية، أي النفسية؟! وإن كنا نلاحظ أن خبيث النفس من البشر يظهر أثر الخبث في صفحات وجهه، وعلى وجه الخصوص في العيون.
4. هل يمكن أن تكون الرسالات السابقة للأنبياء والرسل قد خلت من توصيف لعالم الجن الصالح منه والطالح؟!
5. الشياطين التي سُخّرت لسليمان عليه السلام هل رآها الناس أم ماذا؟!
6. إذا صح حديث الذي دخل ثائر الرأس فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:"يدخل أحدكم كأنه شيطان" أفلا يقرب مثل هذا الصورة لنا؟!
 
السلام عيلكم
1. هناك شياطين من الإنس وشياطين من الجن. "شياطين الإنس والجن". أما شياطين الإنس فنعرفهم.
نعم أخونا أبو عمرو
هى رؤوس شياطين الانس
أو أن الانس يرى طلعها كرؤس شياطين الانس والجن يراه كأنه رؤءوس شياطين الجن
وعليه فلامجاز
ويجب ألا يحصر التشبيه فى القبح ربما كان فى غيره
القول أن الانس رأى أو توهم كيف يكون رأس الجن بعيد
 
5. الشياطين التي سُخّرت لسليمان عليه السلام هل رآها الناس أم ماذا؟!
6. إذا صح حديث الذي دخل ثائر الرأس فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:"يدخل أحدكم كأنه شيطان" أفلا يقرب مثل هذا الصورة لنا؟!
بالضبط.
وأضف إلى ذلك مشاهدة سرية خالد بن الوليد لشيطانة العزى السوداء
 
السلام عليكم
أرى الخلاف قد دبّ بينكم.
قد يفيدكم هذا:
طلب التطابق في التشبيه يعرّيه من غرضه.
وغرض التشبيه هو تقريب الصورة أو الوصف لإحداث التصوّر المراد ابرازه.
وتشبيه المتباينات دليل إشتراكٍ إمّا في الصورة أو في بعضها أو في بعض الوصف أو في الأثر، فقولك:"سيارتي كسيارة سعد" أي صورةً، وقولك "عمر كالأسد" أي في وصف من الأوصاف وهو الشجاعة، وفي الحديث "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته" أي في الأثر، فلا يحصل بتلك الرؤية الضرر، فالتشبيه هنا تشبيه رؤية برؤية. أما تشبيه الوصف ففي مثل قوله سبحانه وتعالى: "وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" (فصلت: 34) أي يظهره عليه وصف الولي الحميم رغم وجود العداوة.
فتشبيه الله سبحانه وتعالى لطلع شجرة الزقوم بروؤس الشياطين لا يعني بالضرورة تشبيه صورة بصورة مماثلة بل توجيه الذهن إلى تصوّر وصف مائل للقبح إعتمادا على المتصوَّر الأقبح تقريبا للفهم سواءً أكان قبحه قبحًا ذهنيّا أم حقيقيّا.
فإن قيل كيف يكون قبحا ذهنيًا والله أثبت حقيقته هنا؟
فالجواب أن القبح ودرجته ترجع لذوق الحاكم عليه، فقبح الشياطين لدى البشر آكد لوجود مقدمات وسبْقِ أحكام عندهم وتصورات تأثرت بذلك، فهل يرى الشيطان نفسه قبيحًا؟ وما أثبته الله هو حصول الإساءة بذلك، وهذا مأخوذ من كون الكلام وعيد.
وما يزيد كون التشبيه هنا هو تشبيه مدى حصول الأذى والإساءة برؤية الطلع بمدى حصوله برؤية رؤوس الشياطين (بل وقد يتجاوز الأمر مجرّد التأذي بالرؤية إلى ضحكاتِ تشفٍ وسخريّةٍ قاتلةٍ وغيرها...)، هو وجود الشياطين في الجحيم، فإن قيل التشبيه تشبيه للصورة لم يكن ذلك للشياطين عذاب، فلم يبقى إذن إلا أن نقول التشبيه تشبيه أثر. والله أعلم.

- الأصل في الجنّ ألا تُدرَك صورتهم من قبل البشر، وما جاء في رؤية البعض لهم فراجع لارادة الجنيّ إظهار نفسه لغاية في نفسه وبالصورة التي يريد لا في الصورة الحقيقية. فإن قيل: ماذا عن من رآهم عن غفلة منهم كما في حديث "صدقك وهو كذوب"؟ وجواب ذلك أنّ للجن عالم وطبيعة مختلفة تماما عن عالم البشر وطبيعتهم، فإن أراد أحدهم عبثا في عالم البشر لزمه التصوّر فيما يناسب ذلك العالم.
والله أعلم
 
كلام الله تعالى حق لا ياتيه باطل

طلع الزقزم في حقيقته التي لا نعلمها كرؤس الشياطين في حقيقتها التي لا نعلمها

هذا من جانب وهو كما قال الاخ ابو سعد الغامدي

لكن من جانب اخر

مع التاكيد على الفرق بين التشبيه والمجازفالتشبيه يقطع بكونه تشبيه وهناك ادوات خاصه للتشبيه باللغه اما المجاز فلا يقطع بكونه مجاز الا بمعرفة احوال الموصوف بذلك المجاز تامه بحيث يمكن القطع بعدم امكانية اطلاق ذلك الوصف اوالعباره عليه فيصرف من المعنى الحرفي الى المجازمثلا نقول احمد شجاع كالاسد هنا الكاف تجعل من هذا الوصف تشبيه لا مجازا اما المجاز فنقول احمد ذو يد فولاذيه هنا لا يمكن معرفة ان كان ذلك على سبيل المجاز ام الحقيقه الا بمعرفة احوال احمد فان امتنع عنه ذلك وكانت كلتا يداه طبيعيتان انتقل المعنى الى المجاز فيفهم من ذلك الشده و بسط السيطره على سبيل المثال
وهذا سبب الخلاف العقدي بين الفرق وهو عدم علم اي مخلوق بكنه الله تعالى فنقول لا نعلم امنا به كل من عند ربنا و السؤال عنه بدعه سيئه فلا سبيل لعقولنا لادراك كنه الله جل وعلى فمثلا الخلاف حول قول الله تعالى يد الله فوق ايديهم بلا فائده و لا طائل بل هو خلاف لسياق الايات فالسياق كان لثبيت المؤمنين واعلامهم ان الله معهم وليس للحديث عن يد الله تعالى او ايدي المؤمنين المقصود والمهم هو ان الله مع من وفى لبيعته وصدق فمجر السؤال هل لله يد ام لا منكر وغير مستساغ فخير قول هو الله اعلم امنا به كل من عند ربنا كما يقول اهل الرسوخ بالعلم المؤمنين

بالعوده للموضوع الاساسي لا يمكن ان يكون الوصف هنا حقيقيا من ناحية ان رؤس الشياطين حقيقة هي الطلع و ليس بمجاز ايضا بل هو تشبيه لوجود اداة التشبيه فاما انكار وجود الشبه بين الطلع ورؤس الشياطين فليس من الحق اذ ان عبارة النص تقطع بوجود ذلك الشبه مثلا نقول طلع هذه الشجره كانه رؤس الافاعي فيجب وجود ناحية شبه بين طلع الشجره و رؤوس الافاعي و الا كان لغوا بغير فائده وكذلك لا يمكن ان يكون الطلع في حقيقته رؤس الافاعي

اذا نجزم بوجد شبه بين رؤوس الشياطين و الطلع لكن ماذا نعلم نحن عن الشياطين و عن الطلع كي نكون الفكره المراد منا معرفتها في معرض الايه نحن نعلم ان جهنم شقاء وان الشياطين اعداء فيجب ان يكون تصورنا من باب هذا العلم في الوقت الحالي الى ان تاتي ساعة تاويل الايات حقا فجل ما نعلمه انه تصوير يبعث في النفس الاشمئزاز والرعب والنفور من جهنم وكل ما فيها وبها اعوذ بالله منها

واما المفروض فلا يفرض بتصوراتنا وهنا يفترض بالدراسات اللغويه و الاساس ان يكون القران هو الاساس لكل دراسه فتكفينا هذه الايه على جواز التشبيه بغير المعلوم كليا ومطلقا فالشياطين ليست مجهوله كليا بحيث نعلم عنها حقائق يقينيه لا باس بها اما شكلها فمجهول ان كانت الرؤوس حقيقه لامجاز يدل على مردة الشياطين

على سبيل المثال هل تشبه العرب الفصيحه بالغول لمن اراد التثبت مثلا قد يقال راس كراس الغول وهنا يفهم القبح الشديد والوحشيه .... وعوام اليوم يشبهون بها و هي شيء افتراضي غير معلوم
اما رؤس الشياطين فنؤمن بوجودها لكن شكلها افتراضي بالنسبة لنا كالغول تماما بحيث تعلق بها الشيطنه و الشرور وهذا ما يفهم من التشبيه في الايات الكريمه ولم يتعذر الفهم كما قال الاخ صاحب السؤال وافترض.
 
أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) محمد

الاقفال هنا لا تعني الاقفال التي نعهدها ولكنها اقفال لا نعهدها وكذلك اصمام و اعماء الذين لعنهم الله ليس الصم و العمي الذين نعهدهم فهو ليس المعنى الذي نسميه بالمعنى الحقيقي للكلمه او الحرفي وهو ان جاز التعبير مجاز بالنسبة لنا وافهامنا حقيقي بحقيقته فلا بد ان للقلوب اقفال لا نعلم كنهها و ابصار كذالك

وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71).......هنا ايضا لم يعلم انهم فقدوا حواسهم بل من الممكن انهم فقدوها جزء لكن لا يقع المعنى على معنى العمى و الصمم الذي نعلمه
 
عودة
أعلى