طلب عاجل جدا جدا

إنضم
14/07/2017
المشاركات
129
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الجزائر
- قال لي : ألستم تزعمون أن [ والشيخ والشيخة إذا زنيا فاجلدوهما البتة نكالا من الله ] , هي من الأدلة القرآنية على حكم الرجم , بإعتبار أن هذه آية نسخت تلاوة وبقيت حكما ؟؟
- قلت : نعم, هذه صورة من صور النسخ القرآني.
- قال لي : فما هي الحكمة من أن تبقي حكما , وتنسخ دليله ؟؟!!!
- قلت : في ذلك حكم كثيرة , منها "الإبتلاء " , ثم أن المسلم شأنه التسليم لأمر الله عز وجل وحكمه .
- قال لي : أنا لا أنتظر منك أن تحدثني عن الحكم " الوجدانية " .
- قلت إذا ماذا هنالك ؟؟
- أفدني بالحكمة " العملية" , من أن تنسخ دليلا وتبقي حكمه , والدليل هو شاهد الحكم ؟؟ قصدي ماهو المسوغ العملي لذلك ؟؟
*أيها الأخـــــوة الأجلاء : هل من صاحب إختصاص يرد على هذه الشبهة ؟؟ قصدي هذا التساؤل .
 
قل له الحكمة موجودة علمها من علمها وجهلها من جهلها.

قيل: من الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم أنه يظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به ، فيسرعون بأيسر شيء ، كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام ، والمنام أدنى طريق الوحي.

وقيل : لأنه أثقل الأحكام وأشدها وأغلظ الحدود وفيه الإشارة إلى ندب الستر, ومن الحكم أيضًا اختبار الأمة في العمل بما لا يجدون لفظه في القرآن, وتحقيق إيمانهم بما أنزل الله تعالى عكس حال اليهود الذين حاولوا كتم نص الرجم في التوارة.

وأقول: على فرض ثبوتها (وفي نفسي شيء غليظ منها) أن الحكمة العملية هي توسيع دائرة الموانع والتشدد الشديد المتمرد في إثبات الجريمة أي في إشتراط ما به تثبت الجريمة، مع الاعتراف والإقرار من مقترف تلك الجريمة، ثم على القضاء التشكيك في سيد الأدلة، وهذا يعني أن التطبيق شبه مستحيل، إلا في حالة نفسية خطيرة ربما تصيب صاحب الشعور بالذنب فيأتي يعترف وتثبت التحليلات الطبية النفسية أنه سليم ثم يعود ويعترف ثم يعود ويعترف، ففي هذه الحالة يمكن إراحة الجاني بالرجم (إطلاق رصاصة على رأسه). لكن هذه الجريمة هي أصلا لا تحدث بطريقة تستحق صفة " الخدش بالحياء العام "، حتى في أكثر المجتمعات إنحلالا في العالم.

التساؤل الذي يطرح في هذا السياق، ويأتي غالبا في صيغة إعتراضات فلسفية قانونية هو ما قيمة "حد الرجم" واقعيا عمليا إذا كان العمل به "شبه مستحيل" ؟ وماذا عن جريمة الإغتصاب؟ هذا إعتراض مبني على الخلط بين العقوبة بالمفهوم الوضعي (الذي يتعامل مع الجوارح دون تربية النفوس) والحد ، إذ لو أمكن تصييغ الحدود في إطار القانون الجنائي بأصوله المختلفة لما كان هناك أي معنى للإختلافات في المذاهب وبين المذاهب، مثلا إذا زنى الحربي المستأمن بذمية، وإذا زنى ذمي بمستأمنة، وفي المالكية هل يقام حد الزنى على الكافر أم يؤدب، وقيل لا يحد الكافر بشرب الخمر لحله في دينه وماذا إذا تبنى مذهبا جديدا في دينه يحل له الزنى مرة واحدة كل شهر ؟ تفاصيل كثيرة ، والذي نستفيده هو أن الحدود الشرعية قائمة على فلسفة مختلفة تماما ، وفي الواقع سيكون التأديب وسيلة للتعامل مع الجنح والتعزير للجنايات.

والله أعلم.
 
بارك الله فيك أخي الأستاذ المكرم : شايب زاوشثني , على ماتفضلت به من تفصيل .
لكن , يبقى أن الإكتفاء بمجرد إعتقاد وجود حكمة ما , علمها من علمها , وجهلها من جهلها , هو في معنى التسليم لمطلق الحكمة الإلهية في التنزيل , ولكن صاحب " الشبهة " لاأحسبه يتقبل هذا التوجيه الوجداني , الذي لوسلم له ماطرح تساؤله من الأصل.
لقد حاولت - مشكورا - أن تتلمس الحكمة " العملية" الكامنة في إبقاء حكم قرآني , ورفع دليله , مع أن الدليل هو شاهد الحكم , لكن الظاهرأن الجواب مازال في حاجة إلى المزيد من الإيضاح , حتى يتبين خيطه الأبيض من خيطه الأسود !!.
- في السياق , يقول هو وأصحابه : لو قلتم أن دليل الرجم هو " السنة" لفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقوله , لكانت القضية مثل الشمس في رابعة النهار , لكن , وأنتم تزعمون أن دليل حكم الرجم هو مثل هذه الآية التي لم تعد آية !! هذا هو مثار المشكل !!
- مرة أخرى أعود فأشكرك , وأسأل الله لك ولي ولسائر إخواننا بالحفظ , والفتح في العلم.
 
بغض النظر عن الحكم ، هل هذا القول قرآن ؟


هل روي عن النبي أن نصا من القرآن الغي وابطل؟؟


هل آية مدعاة كهذه ركيكة التركيب لا تشبه لكلام الله لا من قريب ولا من بعيد تدين الله بأنها من القرآن؟؟


هل تعدد صيغها المختلفة التي بلغت ١٣ صيغة متغايرة تدخل بها تحت قوله تعالى (ولو كان من عند الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) فهل هناك اختلاف وركاكة اكثر مما تظهره هذه العبارة المنسوبة لكلام الله زورا .

كل من يلصق هذه العبارة بالله وكلامه يتحمل وزرا كبيرا فلن ينفعه لا السجستاني ولا الزركشي ولا الكلائكائي ولا ابن حزم ، فمن يشهد بما يجهل سيقف أمام الله ليطلب منه اثبات عبارة منحولة منسوبة لله بالظن الذي هو اكذب الحديث كما أقر ابن عقيل وتابعه في ذلك العلماء هكذا من عند أنفسهم.

لماذا يرفع النص ويبقى الحكم ؟؟
فيأتيك الجواب الصاعق : لكي يختبر الله العباد هل يسارعون بتصديق الظن وهل سيندفعون للإقرار بما لم يوجد عليه دليل تطمئن اليه النفس أم لا ؟؟

نقول من أوحى اليك بذلك ؟؟ ومن أخبرك بأنها حق وأن الناس يجب عليهم المسارعة لقبول الظن في كتاب الله بمسارعة مطلقة و بدون تحقق ؟؟

ألم نعلم بأن الظن أكذب الحديث وأنه لا يغني عن الحق شيئا ؟؟ أم ستنسخون آيات ذم الظن والنهي عن اتباعه وتبطلونها بالظن كما ابطلتم سواها حتى يتلاشى القرآن وتتنامى اعداد الآيات المبطلة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
 
بارك الله فيك أخي الأستاذ المكرم : عدنان الغامدي على ماتفضلت به من تفصيل حول " الشبهة " المطروحة , وشكر الله لك غيرتك على كلام الله عز وجل وكتابه الحكيم .
ولكن أخي : المشكلة تبقى واردة , والشبهة محدقة , مادام " الأثر" المعني , ثابت بالصناعة الحديثية .
وفي هذا السياق , وحتى ننهي قضية ثبوت الأثر " الشيخ والشيخة إذا زنيا ..الخ" , رأيت أن أسوق تفصيلا حديثيا وافيا حول ثبوته , حرره الشيخ " الألباني" رحمه الله في السلسلة الصحيحة المجلد 6 الصفحة 974 فما بعدها , قال عفا الله عنه , ونفع بعلمه :
2913 - " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ".
" ورد من حديث عمر وزيد بن ثابت وأبي بن كعب والعجماء خالة أبي أمامة بن سهل
. 1 - أما حديث عمر، فقال أبو بكر بن أبي شيبة في " المصنف " (10 / 75 - 76
) : حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال: قال عمر: قد
خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول القائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا
بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق إذا أحصن، أو قامت البينة، أو
كان حمل، أو اعتراف. وقد قرأتها: " الشيخ والشيخة.. " الحديث، رجم رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا بعده. وأخرجه ابن ماجه (2553) من طريق
أبي بكر، وكذا مسلم (5 / 116) ولكنه لم يسق لفظه، والنسائي في " الكبرى
" (4 / 273 / 7156) والبيهقي (8 / 211) من طريقين آخرين عن سفيان بن عيينة
به. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه، البخاري (رقم
6829) من طريق علي بن عبد الله، ومسلم من طريق أبي بكر - كما تقدم - كلاهما
عن سفيان به، إلا أنهما لم يقولا: " وقد قرأتها.. " إلخ، ومع ذلك فقد
عزاه البيهقي إليهما عقب روايته إياه، وكذلك فعل السيوطي في " الدر المنثور "
(5 / 179 - 180) وإلى ذلك أشار الضياء المقدسي بعدم إيراده إياه في " مسند
عمر " من " الأحاديث المختارة "، وكنت تبعتهم في ذلك في كتابي " الإرواء " (8 / 3 - 4 / 2338) حين عزوته فيه لجمع منهم الشيخان، وهذا مقبول بالنسبةلمسلم، لأنه رواه من طريق ابن أبي شيبة كما تقدم وفيها الزيادة، وإن كان لم
يسق لفظه، بل أحال به على لفظ رواية يونس عن ابن شهاب قبله، وليس فيه قوله
المذكور: " وقد قرأتها.. ". وأما بالنسبة للبخاري فرواه من طريق شيخه علي
بن المديني، وقد ذكر الحافظ في " الفتح " (12 / 143) أن الإسماعيلي أخرجه،
يعني في " مستخرجه على البخاري " من طريق جعفر الفريابي عن علي بن المديني،
وفيه القول المذكور، وقال الحافظ عقبه: " ولعل البخاري هو الذي حذف ذلك عمدا
". ثم استشهد على ذلك بقول النسائي عقب الحديث: " لا أعلم أحدا ذكر في هذا
الحديث: " الشيخ والشيخة.. " غير سفيان، وينبغي أنه وهم في ذلك ". قال
الحافظ: " وقد أخرج الأئمة هذا الحديث من رواية مالك ويونس ومعمر وصالح بن
كيسان، وعقيل، وغيرهم من الحفاظ عن الزهري، فلم يذكروها، وقد وقعت هذه
الزيادة في هذا الحديث من رواية الموطأ عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال
: لما صدر عمر من الحج وقدم المدينة خطب الناس فقال:.. "، فذكر الخطبة
وفيها الزيادة، وهي في " حدود الموطأ " (3 / 42 - 43) . وأخرجها ابن سعد في
" الطبقات " (3 / 334) من طريق يزيد بن هارون: أخبرنا يحيى بن سعيد به.
وبهذا الإسناد روى أحمد (1 / 43) طرفا منه. ورواه (1 / 36) من طريق أخرى
عن يحيى.
قلت: وهذا إسناد صحيح على الخلاف المعروف في سماع سعيد من عمر.
فهو شاهد قوي للزيادة التي تفرد بها ابن عيينة، ثم ذكر الحافظ لها شواهد أخرى
، ويأتي تخريجها إن شاء الله قريبا. 2 - وأما حديث زيد بن ثابت، فيرويه
شعبة عن قتادة، عن يونس بن جبير عن كثير ابن الصلت قال: كان ابن العاص وزيد
بن ثابت يكتبان المصاحف، فمروا على هذه الآية، فقال زيد: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: " الشيخ والشيخة.. " الحديث. فقال عمر: لما أنزلت
هذه أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أكتبنيها، - قال شعبة - فكأنه
كره ذلك. فقال عمر: ألا ترى أن الشيخ إذا لم يحصن جلد، وأن الشاب إذا زنى
وقد أحصن رجم؟ أخرجه أحمد (5 / 183) والنسائي في " السنن الكبرى " (4 / 270
/ 7145) والدارمي (2 / 179) المرفوع منه، والحاكم (4 / 360) والبيهقي
(8 / 211) وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا
. وفي رواية للنسائي رقم (7148) من طريق أخرى عن ابن عون عن محمد - هو ابن
سيرين - نبئت عن ابن أخي كثير بن الصلت قال: كنا عند مروان وفينا زيد بن ثابت
قال زيد: كنا نقرأ: " والشيخ والشيخة.. "، فقال مروان: أفلا نجعله في
المصحف؟ قال: لا، ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان؟ قال: وقال: ذكروا
ذلك وفينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: أنا أشفيكم من ذاك. قال: قلنا
: كيف؟ قال: آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأذكر كذا وكذا، فإذا ذكر الرجم
أقول: يا رسول الله! أكتبني آية الرجم. قال: فأتيته فذكرته، قال: فذكر
آية الرجم. قال: فقال: يا رسول الله! أكتبني آية الرجم. قال: " لا أستطيع
ذاك ". قلت: ورجاله ثقات غير شيخ محمد، فإنه لم يسم، وقد أشار إلى صحته
البيهقي بقوله عقبه: " في هذا وما قبله دلالة على أن آية الرجم حكمها ثابت،
وتلاوتها منسوخة، وهذا مما لا أعلم فيه خلافا ". وأورده السيوطي في " الدر
المنثور " من رواية النسائي وأبي يعلى نحوه ببعض اختصار بلفظ: " لا أستطيع
الآن ". 3 - وأما حديث أبي، فيرويه عاصم بن بهدلة عن زر قال: قال لي أبي بن
كعب: كائن تقرأ سورة (الأحزاب) ، أو كائن تعدها؟ قال: قلت: ثلاثا وسبعين
آية. قال: قط، لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة (البقرة) ، ولقد قرأنا فيها
: " الشيخ والشيخة.. "، وزاد: " نكالا من الله، والله عليم حكيم ".
أخرجه النسائي (7141) وابن حبان (6 / 301 / 4411 و 4412) والحاكم (2 /
415 و 4 / 359) والبيهقي أيضا، وعبد الرزاق في " المصنف " (3 / / 5990
) والطيالسي (540) وعبد الله بن أحمد (5 / 132) والضياء في " المختارة "
(3 / 370 - 371) وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي، وهو
كما قالا، على ما سبق بيانه تحت الحديث الأول رقم (2908) . وزاد الطيالسي
في آخر الحديث: " فرفع فيما رفع ". وفي سندها ابن فضالة، واسمه مبارك،
وهو مدلس، وقد عنعن. وقد توبع عاصم على أصل الحديث من يزيد بن أبي زياد عن
زر بن حبيش به. أخرجه عبد الله بن أحمد أيضا. ويزيد هو الهاشمي مولاهم،
ولا بأس به في المتابعات. 4 - وأما حديث العجماء، فيرويه الليث بن سعد عن
سعيد بن أبي هلال عن مروان بن عثمان عن أبي أمامة بن سهل أن خالته (وقال
الطبراني: العجماء) أخبرته قالت: لقد أقرأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
آية الرجم: " الشيخ والشيخة فارجموهما البتة، بما قضيا من اللذة ". أخرجه
النسائي (7146) والحاكم (4 / 359) والطبراني في " المعجم الكبير " (24 /
350 / 867) وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. وأقول:
رجاله ثقات رجال الشيخين غير مروان بن عثمان، وهو ابن أبي

سعيد بن المعلى
الأنصاري الزرقي، غمزه النسائي، وقال أبو حاتم: ضعيف. وأما ابن حبان
فذكره في " الثقات " (7 / 482) ! وقال الذهبي في " الكاشف ": " مختلف في
توثيقه "! قلت: فلم يصنع شيئا. وقد أورده في " المغني "، وذكر تضعيف أبي
حاتم إياه، وغمز النسائي له، ولم يتعرض لذكر توثيق ابن حبان، وهو الصواب
هنا، ولذلك جزم الحافظ في " التقريب " بأنه " ضعيف ". وقال في " الإصابة "
: " متروك ". انظر " الضعيفة " (6371) . إذا علمت ما تقدم، فاتفاق هؤلاء
الصحابة رضي الله عنهم على رواية هذه الأحاديث الصريحة في رفع تلاوة بعض الآيات
القرآنية، هو من أكبر الأدلة على عدالتهم وأدائهم للأمانة العلمية، وتجردهم
عن الهوى، خلافا لأهل الأهواء الذين لا يستسلمون للنصوص الشرعية، ويسلطون
عليها تأويلاتهم العقلية، كما تقدم عن بعض المعلقين! ولا ينافي تلك الأحاديث
قول ابن عباس لما سئل: أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء؟ فقال: " ما
ترك إلا ما بين الدفتين ". رواه البخاري (5019) . فإنه إنما أراد من القرآن
الذي يتلى، كما في " الفتح "، ومن الدليل على ذلك أن ابن عباس من جملة من
روى شيئا من ذلك كما يدل عليه قوله في الحديث المتقدم (2909) : " صدق الله
ورسوله: لو كان.. ". ثم قال الحافظ (9 / 65) في آخر شرحه لحديث ابن عباس:
" ويؤيد ذلك ما ثبت عن جماعة من الصحابة من ذكر أشياء نزلت من القرآن فنسخت
تلاوتها، وبقي أمر حكمها أو لم يبق مثل حديث عمر: " الشيخ والشيخة إذا زنيا
فارجموهما البتة ". وحديث أنس في قصة القراء الذين قتلوا في بئر معونة، قال
: فأنزل الله فيهم قرآنا: " بلغوا عنا قومنا أنا لقد لقينا ربنا "، وحديث
أبي بن كعب: " كانت الأحزاب قدر البقرة ". وحديث حذيفة: " ما يقرؤون ربعها
. يعني براءة ". وكلها أحاديث صحيحة. وقد أخرج ابن الضريس من حديث ابن عمر
أنه " كان يكره أن يقول الرجل: قرأت القرآن كله، ويقول: إن منه قرآنا قد
رفع، وليس في شيء من ذلك ما يعارض حديث الباب لأن جميع ذلك مما نسخت تلاوته
في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ".
 
منقول
قال الشيخ ابن عثيمين في شرح الاصول من علم الاصول (ص437)
"واشتهر ان لفظ الاية المنسوخة: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة؛ نكالاً من الله، والله عزيز حكيم"، ولكن هذا لا يصح، لأن هذا اللفظ مخالف لهذا الحديث، إذ إن هذا اللفظ ربط الحكم بالشيخوخة، والحديث الصحيح ربط الحكم بالإحصان. ويتبين ذلك: لو ان شابا كان محصنًا فزنا، فمقتضى الآية التي زعم انها منسوخة أن لا يرجم لأنه ليس بشيخ، ولو زنا شيخ لم يتزوج فمقتضى الآية المنسوخة ان يرجم، إذن: فهي مخالفة للواقع، ولما كانت مخالفة للواقع، علم ان لفظها لا يصح. ثم إنك تشعر بركاكة اللفظ، والقران كما نعلم لفظه بليغ جدًا، كما لا تجد فيه من الرونق الذي في كلام الله - عز وجل -. فهو بعيد عن ان يكون كلام الله باعتبار لفظه، وهو لا يمكن ان يكون هو الحكم الذي نزل ونسخ لفظه باعتبار مدلوله ومعناه؛ إذن: فاللفظ منكر، ولو فرض ان السند لا بأس به، او حسن، أو حتى صحيح، فلا يمنع ان يكون هذا شاذًا"
 
بارك الله فيك أخ عبد الله الأحمد .ورحم الله الشيخ ابن عثيمين, ونفعه ونفعنا بعلمه .
وإذا نحن إتفقنا على أن " الشيخ والشيخ إذا زنيا .." , ليست آية أصلا , كما حرر ذلك الشيخ حسن مشهور في بحث علمي رائع .
لكن يبقى " الإشكال " مطروحا حول كل ما يتعلق بمسألة " نسخ التلاوة وبقاء الحكم , فإن كثيرا من النصوص , من ممن هي على شاكلة " الشيخ والشيخة .." يدعى فيها أنها مما نسخ تلاوته وبقي حكمه , ومنه حديث عائشة في الصحيح حول " الرضعات المحرمات " , وغيرها .
فالشبهة مازالت مطروحة , وهي كيف يبقى الحكم وينسخ دليله , والحال أن الدليل هو شاهد الحكم !! فالحق أن القضية لاتتعلق - فقط - بحل إشكال متعلق فقط بأثر واحد , بل إن القضية متعلقة بطرح " شبهة " حول ظاهرة تنمى إلى القرآن ..
وبارك الله فيك , وجزاك خيرا على ماتقدمت به من تفصيل , وزادك علما , وفتحا.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الموضوع مهم جدا و خطير وهي من الشبهات التي تثار و بقوة في هذا العقد واعتقد أن الموضوع يحتاج ردا واضحا من علماء اجلاء متمرسين وذلك لان فئة غير قليلة من الشباب يصرفون عن العمل بالدين بأشغالهم بمثل هذا الاسئلة والواقع هو وجود فراغ حقيقي للتصدي لها بالأجوبة العلمية المقنعة البعيدة عن الفرضيات والاحتمالات و أن لا يستهان بها والله المستعان
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الآية التي ذكرها صاحب الشبهة هي من منسوخ التلاوة مع بقاء الحكم، ومن حكم هذا النوع من النسخ:اختبار العباد بالعمل بالحكم وإن رفع دليله القرآني حيث اشتهر وذاع، فما سمي المسلم مسلما إلا لاستسلامه لشرع خالقه سبحانه، فيقابل الأحكام الشرعية بالامتثال إن كانت أمرا والاجتناب إن كانت نهيا، ثم إن الله تعالى له الحكم والأمر، وهو الفعال لما يريد ولا معقب لحكمه، "لا يسأل عما يفعل وهو يسألون"...وصاحبك هذا إن كان حقا يؤمن بهذه المعاني الجليلة فسيطمأن قلبه ويكف عن الجدال، وإلا فلا ينفع معه إلا قول البارئ سبحانه:" وأعرض عن الجاهلين".

وأما بالنسبة لكلام بعض الإخوة حول عدم ثبوت هذه الآية واستدلال البعض بكلام للشيخ العثيمين رحمه الله تعالى، فالحق أن الآية ثابتة وقد صح الخبر فلا داعي للإنكار، فعن عمر رضي الله عنه: "إن الله بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأتها وعقَلتها ووعيتها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى؛ فالرجم على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت به البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف، وقد قرأتها: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله، والله عزيز حكيم" أخرجه الشيخان وابن ماجة والترمذي وأبو داود والبيهقي والدارمي وابن أبي شيبة وغيرهم.

يقول الإمام الألباني - رحمه الله تعالى -: "ويؤيد ذلك ما ثبت عن جماعة من الصحابة من ذكر أشياء نزلت من القرآن فنُسخت تلاوتها، وبقي أمر حكمها، أو لم يبقَ، مثل حديث عمر: (الشيخ والشيخة إذا زنيا، فارجموهما ألبتة)، وحديث أنس في قصة القراء الذين قتلوا في بئر معونة، قال: فأنزل الله فيهم قرآنًا: (بلغوا عنا قومنا أنَّا قد لقينا ربنا)، وحديث أبي بن كعب: (كانت الأحزاب قدر البقرة)، وحديث حذيفة: (ما يقرؤون ربعها)، يعني براءة، وكلها أحاديث صحيح." –السلسلة الصحيحة412/6-.

وبالنسبة للركاكة المزعومة فلا أرى أي ركاكة، ومهما يكن فالحديث رواه أئمة السنة فلا يسعنا إلا التصديق.

وأخيرا أرجو أخي مسعود محمد محمود أن تتدبر كلام محدث العصر العلامة الألباني رحمه الله تعالى في معرض جوابه عن شبهات لصاحب كتاب وسمه: "الرأي الصواب في منسوخ الكتاب"، وهذا مقطع من الحوار الذي جرى بين الشيخ رحمه الله تعالى والسائل:

الشيخ: قبل أن أجيبك: لماذا اهتممت بهذا الرجل، وأنت نفسك وصفته بأنه ليس من أهل العلم؟! لماذا اهتممت به؟! السائل: تريد الجواب؟ الشيخ: نعم.
أنا أسأل، أنت لماذا تسأل؟! السائل: أنا سألتُ بالتأكيد حتى أحصل على جواب.
الشيخ: وأنا كذلك مثلك.
السائل: نعم.
الحقيقة: لكثرة ما دار حوله من بعض الردود، وقد نُشِرَت في بعض الصحف منها: صحيفة اللواء ، وأيضاً في الجامعة عندنا في كلية الشريعة تناولوا هذا الموضوع في بعض الدراسات.
الشيخ: أنت -بارك الله فيك- ينبغي أن تذكر حجة مَن يُنْكِر الرجم؛ لِنُبْطِلها، أمَا وأنت ذكرتَ بلسانك حجة مَن يُثْبِت الرجم في الحديث الصحيح! السائل: نعم.
الشيخ: إذاً ماذا تريد مني؟ السائل: أنا أريد فقط بعض المرويات عن حوادثَ للرجم.
الشيخ: لا بأس، لماذا؟ السائل: فقط للرد العلمي عليه؛ لأن بعض المزاعم في الكتاب لا تقوم على دليل.
الشيخ: أنا أنصحك أنت وغيرك ألا تهتموا بالرد على كل ناعق، هذا باب واسع لا نهاية له، اليوم أصبح العلم فوضى، كل مَن شَعَرَ بأنه يحسن أن يكتب عبارة، ولو كانت مُكَسَّرة من الناحية العربية تكسيراً، فهو يكتب ولا يبالي؛ لأنه لا رقيب ولا عتيد.
ولذلك فليس من العلم ولا من الحكمة في شيء أن يهتم الناس بكتابة أي كاتب إذا كان ليس له قدم، لا أقول راسخة، ليس له قدم في العلم، فضلاً عن أن أقول: ليس له قدم راسخة في العلم.
أما الجواب عن سؤالك...صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال محذِّراً المسلمين: [ سيأتي زمان يُنْكِر قومٌ الرجم، ولقد قرأناه في كتاب الله -وهو: ما يسمى عند العلماء بمنسوخ التلاوة- قرأنا: (الشَّيْخُ والشَّيْخَةُ إِذا زَنَيا فَارْجُمُوْهُما البَتَّة نَكالاً مِنَ اللهِ) ] هذا عمر بن الخطاب وكأنه يعلم الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله، ولكن هناك أحاديث يقول فيها علماء الحديث -في أحدها مثلاً-: هذا حديث موقوف في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال مِن قِبَل الرأي.

وحقيقةً: وُجِد ناس بعد أن انتشر مذهب أهل الاعتزال يعتقدون الضلال القائل بالتحسين والتقبيح العقليين، فقد أنكروا الرجم بالكلية، وأتْبَعوا هذا الإنكار بإنكار آخر، وهو أنه لا توجد آيات منسوخة التلاوة! لماذا ينكرون؟! لأنه غير مستساغ في عقولهم أن الله عز وجل يبتلي عباده بما يشاء، فعقلهم الذي جعلوه حَكَماً على الله، يقولون: ما حسَّنه العقل فهو الحسن عند الله، وما استقبحه العقل فهو القبيح عند الله، فهؤلاء ينكرون مثل هذه النصوص الصحيحة الثابتة بعقولهم المقيتة..." اهــــ.
 
قال تعالى: "ما ننسخ من آيةأو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير"
فعل الله لا يتوقف على التعليل ولكن على التسليم وهذا جدال لا فائدة منه فعلم لا ينفع وجهل لا يضر يكفي أن نعلمها كما ذكرت في أنواع النسخ.
والاجابة وافية كما ذكرتها الآية.
 
بارك الله فيك الأخت عاشقة التفسير , وزادك علما, وفضلا ,وفتحا.
هناك فرق ياأختاه بين أن " نسلم " لفعل الله عز وجل بإعتبارنا مؤمنين ,وبين أن نكون في معرض الرد على الإشكال ودفع الشبهات !!
فنحن لانقصد بطرح هذه القضية مجرد " الجدل " كما نبهتي - معاذ الله - ونحن نعلم مافي ترك المراء من الفضل , لكن طرحنا هذا الموضوع علنا نتعاون مع إخوتنا من أهل التفسير وعلوم القرآن , في الوصول إلى " حجة " دامغة ننافح بها عن كتاب ربنا في " مسألة" تعنيه بالدرجة الأولى .خاصة ونحن اليوم في زمن أنت أدرى بما فيه من جحافل أعداء الإسلام , وخصومه, والمتربصون به.
وفي هذا السياق , وددت أن ألفت الإنتباه إلى أن حمل آية البقرة [ ماننسخ من آية أو ننسها ] , على نسخ الأحكام - كما هو الظاهر من إستدلالكم بها على ذلك - ليس قولا واحدا عند المفسرين , وهنا إرتأيت أن أنقل كلام الشيخ " محمد عبده" - رحمه الله - كما يورده صاحب المنار لما فيه من فائدة . قال الله تعالى [ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107) أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ](108)
قال الإمام محمد رشيد رضا في تفسير المنار 342/1: (الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ) : هَذَا تَقْرِيرُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْآيَاتِ، وَإِذَا وَازَنَّا بَيْنَ سِيَاقِ آيَةِ (مَا نَنْسَخْ) وَآيَةِ (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ) ، نَجِدُ أَنَّ الْأُولَى خُتِمَتْ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وَالثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ: (وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ) (16: 101) الْآيَةَ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ شِدَّةَ الْعِنَايَةِ فِي أُسْلُوبِ الْقُرْآنِ بِمُرَاعَاةِ هَذِهِ الْمُنَاسَبَاتِ، فَذِكْرُ الْعِلْمِ وَالتَّنْزِيلِ وَدَعْوَى الِافْتِرَاءِ فِي الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنْ يُرَادَ بِالْآيَاتِ فِيهَا آيَاتُ الْأَحْكَامِ.
وَأَمَّا ذِكْرُ الْقُدْرَةِ وَالتَّقْرِيرُ بِهَا فِي الْآيَةِ الْأُولَى فَلَا يُنَاسِبُ مَوْضُوعَ الْأَحْكَامِ وَنَسْخِهَا، وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ هَذَا ذِكْرَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ، فَلَوْ قَالَ: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ، لَكَانَ لَنَا أَنْ نَقُولَ: إِنَّهُ أَرَادَ نَسْخَ آيَاتِ الْأَحْكَامِ لِمَا اقْتَضَتْهُ الْحِكْمَةُ مِنِ انْتِهَاءِ الزَّمَنِ أَوِ الْحَالِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا تِلْكَ الْأَحْكَامُ مُوَافِقَةً لِلْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ تَحَيَّرَ الْعُلَمَاءُ فِي فَهْمِ
الْإِنْسَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرُوهُ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ مَعْنَى (نُنْسِهَا) نَتْرُكُهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَسْخٍ، وَأَنْتَ تَرَى هَذَا - وَإِنْ صَحَّ لُغَةً - لَا يَلْتَئِمُ مَعَ تَفْسِيرِهَا؛ إِذْ لَا مَعْنَى لِلْإِتْيَانِ بِخَيْرٍ مِنْهَا مَعَ تَرْكِهَا عَلَى حَالِهَا غَيْرَ مَنْسُوخَةٍ، (قَالَ) : وَالْمَعْنَى الصَّحِيحُ الَّذِي يَلْتَئِمُ مَعَ السِّيَاقِ إِلَى آخِرِهِ أَنَّ الْآيَةَ هُنَا هِيَ مَا يُؤَيِّدُ اللهُ - تَعَالَى - بِهِ الْأَنْبِيَاءَ مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى نُبُوَّتِهِمْ، أَيْ (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) نُقِيمُهَا دَلِيلًا عَلَى نُبُوَّةِ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَيْ نُزِيلُهَا وَنَتْرُكُ تَأْيِيدَ نَبِيٍّ آخَرَ، أَوْ نُنْسِهَا النَّاسَ لِطُولِ الْعَهْدِ بِمَنْ جَاءَ بِهَا، فَإِنَّنَا بِمَا لَنَا مِنَ الْقُدْرَةِ الْكَامِلَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمُلْكِ نَأْتِي بِخَيْرٍ مِنْهَا فِي قُوَّةِ الْإِقْنَاعِ وَإِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ أَوْ مِثْلِهَا فِي ذَلِكَ. وَمَنْ كَانَ هَذَا شَأْنَهُ فِي قُدْرَتِهِ وَسَعَةِ مُلْكِهِ، فَلَا يَتَقَيَّدُ بِآيَةٍ مَخْصُوصَةٍ يَمْنَحُهَا جَمِيعَ أَنْبِيَائِهِ، وَالْآيَةُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ هِيَ: الدَّلِيلُ وَالْحُجَّةُ وَالْعَلَامَةُ عَلَى صِحَّةِ الشَّيْءِ، وَسُمِّيَتْ جُمَلُ الْقُرْآنِ آيَاتٍ؛ لِأَنَّهَا بِإِعْجَازِهَا حُجَجٌ عَلَى صِدْقِ النَّبِيِّ، وَدَلَائِلُ عَلَى أَنَّهُ مُؤَيَّدٌ فِيهَا بِالْوَحْيِ مِنَ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، وَمِنْ قَبِيلِ تَسْمِيَةِ الْخَاصِّ بِاسْمِ الْعَامِّ.
وَلَقَدْ كَانَ مِنْ يَهُودَ مَنْ يُشَكِّكُ فِي رِسَالَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِزَعْمِهِمْ أَنَّ النُّبُوَّةَ مُحْتَكَرَةٌ لِشَعْبِ إِسْرَائِيلَ، وَلَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْآيَاتُ فِي تَفْنِيدِ زَعْمِهِمْ هَذَا وَقَالُوا: (لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى) (28: 48) أَيْ مِنَ الْآيَاتِ، فَرَدَّ اللهُ - تَعَالَى - عَلَيْهِمْ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بَعْدَ حِكَايَةِ قَوْلِهِمْ هَذَا: (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ) (28: 48) . . . إِلَخْ، وَمِنْهَا هَذِهِ الْآيَاتُ، وَالْخِطَابُ فِيهَا لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ كَانَ الْيَهُودُ يُرِيدُونَ تَشْكِيكَهُمْ كَأَنَّهُ يَقُولُ:
إِنَّ قُدْرَةَ اللهِ - تَعَالَى - لَيْسَتْ مَحْدُودَةً وَلَا مُقَيَّدَةً بِنَوْعٍ مَخْصُوصٍ مِنَ الْآيَاتِ أَوْ بِآحَادٍ مِنْهَا لَا تَتَنَاوَلُ غَيْرَهَا، وَلَيْسَتِ الْحُجَّةُ مَحْصُورَةً فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ لَا تَتَعَدَّاهَا، بَلِ اللهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِخَيْرٍ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي أَعْطَاهَا مُوسَى وَبِمِثْلِهَا، فَإِنَّهُ لَا يُعْجِزُ قُدْرَتَهُ شَيْءٌ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ مُلْكِهِ شَيْءٌ، كَمَا أَنَّ رَحْمَتَهُ لَيْسَتْ مَحْصُورَةً فِي شَعْبٍ وَاحِدٍ فَيَخُصُّهُ بِالنُّبُوَّةِ وَيَحْصُرُ فِيهِ هِدَايَةَ الرِّسَالَةِ، كَلَّا إِنَّ رَحْمَتَهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ تَتَصَرَّفُ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ مُلْكِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ مُشَارِكٌ، وَلَا يُنَازِعُهُ فِيهِ مُنَازِعٌ، فَيَكُونُ وَلِيًّا وَنَصِيرًا لِمَنْ كَفَرَ بِنِعَمِهِ وَانْحَرَفَ عَنْ سُنَنِهِ.
انْظُرْ كَيْفَ أَسْفَرَتِ الْبَلَاغَةُ عَنْ وَجْهِهَا فِي هَذَا الْمَقَامِ، فَظَهَرَ أَنَّ ذِكْرَ الْقُدْرَةِ
وَسَعَةَ الْمُلْكِ إِنَّمَا يُنَاسِبُ الْآيَاتِ بِمَعْنَى الدَّلَائِلِ دُونَ مَعْنَى الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَقْوَالِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا، مِنْ حَيْثُ هِيَ دَالَّةٌ عَلَيْهَا لَا مِنْ حَيْثُ هِيَ دَالَّةٌ عَلَى النُّبُوَّةِ. وَيَزِيدُ هَذَا سُفُورًا وَوُضُوحًا قَوْلُهُ عَقِبَهُ: (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ) ؟ فَقَدْ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَكْتَفُوا بِمَا أَعْطَى مُوسَى مِنَ الْآيَاتِ وَتَجَرَّءُوا عَلَى طَلَبِ غَيْرِهَا وَقَالُوا: (يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) (2: 55) ، وَكَذَلِكَ كَانَ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ كُلَّمَا رَأَوْا آيَةً طَلَبُوا غَيْرَهَا حَتَّى رَأَوْا تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلَمْ يُؤْمِنُوا. وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: (كَمَا سُئِلَ مُوسَى) يَشْمَلُ كُلَّ ذَلِكَ.
قَدْ أَرْشَدَنَا اللهُ - تَعَالَى - بِهَذَا إِلَى أَنَّ التَّفَنُّنَ فِي طَلَبِ الْآيَاتِ، وَعَدَمَ الْإِذْعَانِ لِمَا يَجِيءُ بِهِ النَّبِيُّ مِنْهَا وَالِاكْتِفَاءُ بِهِ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ مُعَارَضَتِهِ هُوَ دَأْبُ الْمَطْبُوعِينَ عَلَى الْكُفْرِ، الْجَامِدِينِ عَلَى الْمُعَانَدَةِ وَالْمُجَاحَدَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ إِنْكَارِ هَذَا الطَّلَبِ: (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيْمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) وَيُوَضِّحُ هَذَا قَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي آيَةٍ أُخْرَى (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ)(17: 59) ، وَالْمُرَادُ الْآيَاتُ الْمُقْتَرَحَةُ، بِدَلِيلِ السِّيَاقِ، وَهُوَ اتِّفَاقٌ بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْضُوعُ مَوْضُوعَ طَلَبِ اسْتِبْدَالِ أَحْكَامٍ بِأَحْكَامٍ تَنْسَخُهَا، لَمَا كَانَ لِلتَّوَعُّدِ بِالْكُفْرِ وَجْهٌ وَجِيهٌ."
وجزاك الله خيرا, وبارك في علمك وعملك .
والله أعلم بمراده, وصلى الله وسلم على محمد وآله وسلم
 
بارك الله فيك أخي الأستاذ المكرم : أحمد الجباري , وزادك علما , وفضلا , وفتحا.
أخي الكريم , أحسنت ,فعلا فإن موضوع " النسخ " في القرآن الكريم , هو اليوم من المواضيع التي يثار حولها جدل كبير !! خاصة ونحن في زمن " الفتن" و" الشبهات" .
وعندما نشرت هذا الموضوع , لم أكن أقصد إلا لمثل ما نبهت عليه أنت , من أن يتفاعل معه أحد أساتذتنا المتخصصين , فنستفيد منه في دفع مثل هذه الشبهة المتعلقة بالقرآن الكريم, وعلومه, ولعل ذلك أن يمن الله به قريبا .
ونحن اليوم لسنا في مقام " الإختيار" في المنافحة عن كتاب الله عز وجل , بل نحن في مقام الواجب من ذلك , وإذا كانت بضاعتنا تقصر عن ذلك فإن أملنا في الله عز وجل ثم في إخواننا كبير.
جزاك الله خيرا , وشكر لك سعيك , وهدانا وإياك لما أختلف فيه من الحق بإذنه.
 
جزاك الله خيرا أخي الأستاذ : ناصر عبد الغفور , وبارك في علمك , وعملك.
أنا أعي جيدا - أيها الأخ الفاضل - ماذا تعني مقولة الشيخ الألباني - رحمه الله - " طالب الحق يكفيه دليل , وصاحب الباطل لايقنعه ألف دليل ", ولكنني أعرف أيضا أننا نتعامل - في هذا الزمن - مع أنماط من " المغرضين " , و" المنجرين " , وما أكثرهم اليوم في ساحتنا , خاصة مع هذه " الأرمادة" الإعلامية المعاصرة!!!
جزاك الله خيرا لما تفضلت به من رد مفعم بالإيمان , وتلمس الحكمة في فعل الله عز وجل , في رفع تلاوة وبقاء حكمها , وبارك الله فيك ثانية لما نقلته من تفصيل حديثي عن الإمام الألباني - رحمه الله - [ وقد سبق لي أن نقلت كلامه برمته من السلسة الصحيحة ].وبارك الله فيك ثالثة على ما أسديت من نصائح خالصة.
ولايخفى عليك أخي ما يعتلج به واقعنا من أصناف الأقلام و" الأبواق " التي تظل تنفث الشبهات , وتبعث الشهوات, من العقلانيين , والحداثيين, والملحدين , وأمثالهم , يفرض علينا أن نقف في خندق الدفاع عن القرآن الكريم , وعلومه .
زادك الله علما , وفتحا , ونورا.
 
من المفيد أن نعود بهذه المسألة إلى مسألة أخرى وهي , القراءات الشاذة , فهي كانت هي الأخرى قرآنا – يوما ما – بلا شك , إذا صح سندها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , ولكن من غير تواتر ولا شهرة , وهي فقدت قرآنيتها , سندا بعدم التواتر , ورسما بمخالفة المصحف الإمام " مصحف عثمان".ولذلك نقول أنها مما نسخ من القرآن بحكم " العرضة الأخيرة " التي بني عليها الجمعين الكريمين " الجمع البكري" و "الجمع العثماني " , الذي نسخ صحفه.
- فماهي الحكمة العملية من ذهاب قرآنية " القراءات الشاذة " , مع بقاء ما تدل عليه من أحكام شرعية , ومرادات تفسيرية ؟؟؟
-إذا نحن أجبنا عن هذا السؤال, فسوف يقودنا ذلك إلى إجابة سليمة عن التساؤل المطروح حول آية [ الشيخ والشيخة إذا زنيا ], إذ المسألتان في نفس السياق !!
هل القراءات الشاذة هي مثل الآيات المنسوخة تلاوة , هي في مقام الشاهد , على الحكم الذي يقوم دليله من صريح القرآن أو من صحيح السنة أو منهما معا ؟؟
يبدو أن الأمر يكاد يكون كذلك , فحكم الرجم مثلا ,يقوم دليله اليوم من السنة القولية , والفعلية , ومن إجماع الصحابة الذي هو إجماع الأمة , وله شاهد مما نسخ من القرآن وهو [ والشيخ والشيخة إذا زنيا ...]., وإن كان ذلك الأثر لايقوم دليلا عاما على عموم
حكم الرجم , إذ هو لامفهوم له, كما قال الشيخ الألباني , بإعتبار مفهومه يتعارض مع نصوص أخرى من الكتاب والسنة , وكأن دلالته على الرجم , هي دلالة خاصة .
ومن هنا يتبين أن رفع تلاوة مثل هذه الآية وبقاء دلالتها على حكمها , هو في نفس حكمة الحكم بشذوذ " القراءات الشاذة ", وهو من باب التخفيف عن الأمة , وتحديد القرآن فيما علم الله أن الأمة قادرة على حفظه وإستظهاره , وقد أشار الإمام الزرقاني في " مناهل العرفان " 2/218-219 فقال : " أن نسخ الآية مع بقاء الحكم ليس مجردا من الحكمة ولا خاليا من الفائدة حتى يكون عبثا بل فيه فائدة أي فائدة وهي حصر القرآن في دائرة محدودة تيسر على الأمة حفظه واستظهاره وتسهل على سواد الأمة التحقق فيه وعرفانه وذلك سور محكم وسياج منيع يحمي القرآن من أيدي المتلاعبين فيه بالزيادة أو النقص لأن الكلام إذا شاع وذاع وملأ البقاع ثم حاول أحد تحريفه سرعان ما يعرف وشد ما يقابل بالإنكار وبذلك يبقى الأصل سليما من التغيير والتبديل مصداقا لقوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} .
والخلاصة أن حكمة الله قضت أن تنزل بعض الآيات في أحكام شرعية عملية حتى إذا اشتهرت تلك الأحكام نسخ سبحانه هذه الآيات في تلاوتها فقط رجوعا بالقرآن إلى سيرته من الإجمال وطردا لعادته في عرض فروع الأحكام من الإقلال تيسيرا لحفظه وضمانا لصونه {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} .إنتهى كلامه رحمه الله.
- وهناك فائدة عملية إعتقادية , وهي أن العلم بالحكمة في أفعال الله عز وجل ليست شرطا في كل أفعاله , باعتبار أفعاله هي الوجه الظاهر من أقداره عز وجل !! فهناك " قضايا" دينية " كثيرة , حكمية , واعتقادية , لايسأل فيها أحد – مهما كان دينه – عن الحكمة , لأن الحكمة متحققة في أفعاله عز وجل بإعتباره حكيم خبير , ولكن ربما كان ادراك كنه الحكمة فوق عقول البشر , ومدركاتهم.
قال الإمام الزرقاني في مناهله 2/219 :" ثانيهما أنه على فرض عدم علمنا بحكمة ولا فائدة في هذا النوع من النسخ فإن عدم العلم بالشيء لا يصلح حجة على العلم بعدم ذلك الشيء وإلا فمتى كان الجهل طريقا من طرق العلم ثم إن الشان في كل ما يصدر عن العليم الحكيم الرحمن الرحيم أن يصدر لحكمة أو لفائدة نؤمن بها وإن كنا لا نعلمها على التعيين وكم في الإسلام من أمور تعبدية استأثر الله بعلم حكمتها أو أطلع عليها بعض خاصته من المقربين منه والمحبوبين لديه
{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} , {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} .
ولا بدع في هذا فرب البيت قد يأمر أطفاله بما لا يدركون فائدته لنقص عقولهم على حين أنه في الواقع مفيد وهم يأتمرون بأمره وإن كانوا لا يدركون فائدته والرئيس قد يأمر مرؤوسيه بما يعجزون عن إدراك سره وحكمته على حين أن له في الواقع سرا وحكمة وهم ينفذون أمره وإن كانوا لا يفهمون سره وحكمته.
كذلك شأن الله مع خلقه فيما خفي عليهم من أسرار تشريعه وفيما لم يدركوا من فائدة نسخ التلاوة دون الحكم {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .إنتهي كلامه نفع الله به.
والله أعلم بمراده مما أنزل وشرع لعباده . وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا الآن في المسجد أنتظر صلاة الظهر ... وسأكتب على عجل ما أعتقد أنه حكمة من حكم نسخ التلاوة دون الحكم... إن هذا الحكم الذي نسخت تلاوته إنما ثبت بالسنة ورواية الصحابة لما كانوا يقرؤون به قبل النسخ.... فنسخ التلاوة يلغي قرآنيته قطعا بعد النسخ ... وصار الحكم الذي كان ثابتا بالقرآن أولا من حيث ثبوته وحجيته كالحكم الذي ثبت بالسنة بعده..... سألني بعض أصحاب النزعة القومية والأمازيغية في بلادنا الجزائر هذا السؤال ذاته وأثار هذه الشبهة نفسها ... فأجبتهم بما ذكرتموه أعلاه... وبهذا الذي أوردته... فأعجب بما قلت وقال اليوم فقط فهمت أن لا فرق بين السنة والقرآن في التشريع ... والله أعلم.
 
بارك الله فيك أخي المكرم , الأستاذ : بودفلة فتحي , زادك الله علما , وفهما , وفتحا.
إن الرسول صلى الله عليه وآاله وسلم , قد وضع لنا خطا منهجيا في التعامل مع نصوص الدين , فلفت إلإنتباه إلى أن الحقائق الدينية تصدر عن جهتين متساويتين في الشرعية , والقداسة , وهما " القرآن الكريم" و" السنة الشريفة ", - عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ...الحديث) . رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه وأحمد بسند صحيح [ الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام , الإمام الألباني 32/1 ].والحديث صر يح في أن السنة كالقرآن في تقرير الأحكام .ولذلك فإن الله عز وجل ماخفف عن عباده المؤمنين من شيء مما رفع قرآنية تلاوته , إلا وجعل في سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم , وفي إجماع أصحابه , الذين شهدوا التنزيل , وفقهوا التأويل , مايثبت به ذلك الحكم الذي رفعت تلاوة قرآنه .
وبارك الله فيك , وجزاك الله خيرا , ورزقنا وإياك العلم النافع.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا أخي مسعود، قد يظهر بادي الرأي بعض التشابه بين القراءات الشاذة ومنسوخ التلاوة دون الحكم، لكن ليس هناك تطابق بينها، بل هناك فروق. وهذا ما سأحاول بيانه حسب ما ظهر لي سائلا من الله تعالى السداد في القول والإخلاص في القصد:

معلوم أن شروط القراءة الصحيحة المعتبرة ثلاث:
أن يصح سندها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يشترط التواتر على الصحيح...
أن توافق اللغة العربية ولو من وجه.
أن توافق خط المصحف ولو احتمالا.
ومتى اختل أحد هذه الشروط فإن القراءة تعتبر شاذة لا يجوز القراءة بها، ومن القراءات الشاذة:ما انفرد به بعض الصحابة الذين كان لهم مصحف خاص بهم، قبل الجمع العثماني: كقراءة عائشة رضي الله عنها:"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر"، وقراءة ابن مسعود رضي الله عنه:"فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات"،" والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهم" وقراءة ابن عباس "وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً وأما الغلام فكان كافراً"...فيمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ذلك من باب التفسير والبيان وظن الصحابي أنه من القرآن فحفظه في مصحفه، ويحتمل أن يكون الصحابي أدرج تلك القراءة تفسيرا لا قرآنا، وعلى أي فإن هذه القراءات من قسم الشاذ لاختلال بعض شروط الصحة فيها، خاصة مخالفة خط المصحف العثماني، وعدم الشهرة عند أهل الشأن.
يقول الإمام ابن جزري رحمه الله تعالى:"كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف، صرح بذلك الإمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني، ونص عليه في غير موضع الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب وكذلك الإمام أبو العباس أحمد ابن عمار المهدوي وحققه الإمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه..."اهــــــــ.-النشر في القراء العشر-.
وقد بين الإمام أبو محمد مكي رحمه الله تعالى علة عدم جواز القراءة بالشاذ بقوله:"ما صح نقله عن الآحاد وصح وجهه في العربية وخالف لفظه خط المصحف فهذا يقبل ولا يقرأ به لعلتين إحداهما أنه لم يؤخذ بإجماع إنما أخذ بأخبار الآحاد ولا يثبت قرآن يقرأ به بخبر الواحد، والعلة الثانية أنه مخالف لما قد أجمع عليه فلا يقطع على مغيبه وصحته وما لم يقطع على صحته لا يجوز القراءة به" اهـــــ.

بعض الفروق بين القراءة الشاذة ومنسوخ التلاوة دون الحكم:


1- القراءة الشاذة هي ما انفرد به صحابي فلم تنقل بإجماع، فتكون مخالفة للرسم العثماني.
أما منسوخ التلاوة فلا يلزم أن يكون منقولا عن آحاد الصحابة، بل يحتمل أن يكون مما ذاع وانتشر وربما مما تواتر وكان قرآنا يتلى مدة من الزمان، كما تدل عليه الأحاديث الثابتة عن بعض الصحابة في هذا الشأن، من ذلك قول أنس رضي الله عنه عن قتلى بئر معونة:" فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا"-رواه البخاري-، وفي رواية:"فأنزل الله تعالى في شهداء بئر معونة قرآنا بلغوا عنا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه ثم نسخت فرفعت بعد ما قرآناها زمانا وأنزل الله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا الآية".

2- من الفروق كذلك أن قول العلماء منسوخ التلاوة يدل على أن ما نسخ كان حقا قرآنا يتلى ويتعبد بتلاوته ما شاء الله من الزمان مع شهرته بين الصحابة رضوان الله عليهم، بخلاف الشاذ فلا يتصور شهرته بين الصحابة والتعبد بتلاوته، لأن وصفه بالشاذ يحيل ذلك، فهو مما شذ به بعض الصحابة دون غيرهم.-وقد مثلت لذلك آنفا-. لذلك فقولك أخي مسعود عن (القراءة الشاذة أنها كانت قرآنا يوما ما) لا يسلم.

3- ومن الفروق بين القراءة الشاذة ومنسوخ التلاوة دون الحكم، أن هذا الأخير يبقى الحكم ثابتا رغم نسخ الرسم، لدلالة السنة والإجماع عليه أو أحدهما، دون خلاف البتة في ثبوت هذا الحكم الذي نسخت دلالته من القرآن الكريم، كحكم الرجم مثلا، أما القراءة الشاذة ففي العمل بحكمها خلاف بين أهل العلم فمنهم من يرى الاحتجاج بها ومنهم من يمنع ذلك، فمثلا قراءة ابن مسعود رضي الله عنه: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" يرى الأحناف اشتراط التتابع في صيام كفارة اليمين عملا بحكم هذه القراءة تنزيلا لها منزلة خبر الآحاد، ويخالفهم الجمهور، لأن قوله:"متتابعات" ليست قرآنا فلا يستفاد منها حكم.

تلك بعض الفروق بين القراءة الشاذة ومنسوخ التلاوة دون الحكم، وقد تظهر فروق أخرى بشيء من التأمل.
والله أعلم وأحكم ونسبة العلم إليه سبحانه أسلم.
 
عودة
أعلى