عبد الحميد البطاوي
New member
هذا مبحث مقتطف من كتابي التفسير قواعد و أصول كنت أمليه على إخواني طلبة الدراسات العليا مادة قاعة بحث وهو مكمل لموضوع ذكرته هنا لماذا تؤلف كتابا و إن شاء الله سأذكر عشرات المواضيع المقترحة لإخواني وستكون إن شاء الله بعد مدارسة هذه الطريقة
الإعداد للكتابة[1].
وقبل الكتابة تكون القراءة ولكن كيف نقرأ ؟ وهل كل قراءة تصلح لطالب العلم؟ وهل كل الكتب تقرأ بطريقة واحدة؟ وهل من في بداية طلب العلم يقرأ مثل من قضى مرحلة في طلب العلم؟ وهل من يقرأ للاستزادة كمن يقرأ للمناقشة والمناظرة وللكتابة؟. لابد لنا من وقفة عند القراءة قبل أن نُقحم أنفسنا في الكتابة من غير أن نكون على أُهبة الاستعداد الكافي للقراءة.ومعنا تجربة فريدة من نوعها لعلم كتب وقرأ ولكنه أعاد قراءة ما قرأ بعد أن أحس أن هناك طريقة مثلي في القراءة ألا وهي القراءة بطريقة التذوق فالعلامة الشيخ محمود محمد شاكر -رحمه الله- قد غير طريقة قراءته إلى منهج مفيد هو منهج تذوق الكلام يقرأ قراءة متأنية عند كل لفظ ومعنى يتذوق الكلام بعقله وقلبه وبصيرته وأنامله وأنفه وسمعه ولسانه فعل هذا مع الشعر ثم إذا به يجرب هذه الطريقة الفريدة على كل كلام فقرأ كل ما وقع تحت يده من كتب السلف من تفسير وعلوم قرآن وكتب الحديث وشروحه وكتب مصطلح الحديث وكتب الجرح والتعديل وكتب الفقه وأصول الفقه وكتب أصول الدين (علم الكلام) والملل والنحل وكتب الأدب والبلاغة وكتب النحو واللغة وكتب التاريخ وغير ذلك من أبواب العلم كان يقرأ كتب السلف على أنه إبانة منهم عن خبايا أنفسهم بلغتهم على اختلاف أنظارهم وأفكارهم ومنهاجهم وكانت النتيجة العجيبة فقد عثر على فيض غزير من مساجلات صامته خفية كالهمس ومساجلات ناطقة جهيرة الصوت غير أن جميعها إبانة صادقة عن هذه الأنفس والعقول[2].
ولنحسن في اختيار العلم الذي نريد أن نتعلمه ولا نثقل على عقلنا بمزاحمة أكثر من علم في وقت واحد وهذا ما يتعبنا في علم التفسير فنحن نكثر من القراءة في أكثر من علم في وقت واحد مما يشكو منه طلبة العلم وقد قال ا بن رشد :من رام أن يتعلم أشياء أكثر من واحد في وقت واحد لم يمكنه أن يتعلم ولا واحدا منها[3]. وإننا نعترف بتقصيرنا وعجزنا عن البلوغ للكمال ولكننا نستطيع أن نسير إليه ولو حبوا ولو قيل أين العلوم التي تدرسونها أين العلماء الذين تتلقون عنهم فإننا نقول إن الله حافظ دينه إلى يوم القيامة ولا تزال طائفة من الأمة ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ،ولو حدث تقصير فهناك جبر لذلك التقصير فأوصي إخواني طلبة العلم ممن تخرج في كلية أصول الدين أن ينتسب لكلية تزيده تعمقا في فهم كتاب الله فإما أن ينتسب لكلية اللغة العربية أو لكلية الشريعة فيضيف لرصيده الذي من الله به عليه في كلية أصول الدين رصيدا آخر، لا غنى عنه من كلية اللغة أو الشريعة
[1] هذا المبحث يعم كل علم من العلوم .وبالتجربة فإن قراءة الكتاب أكثر من مرة أفضل من قراءة أكثر من كتاب وكلما كان الكتاب لأهل التحقيق والإتقان كلما احتاج الباحث إلى الدقة والتأني والصبر والتكرار لفهم عبارة المصنف. وكان علماؤنا يحبون الاختصار حتى قالوا :إن الإطالة أكثر أسباب الملالة. بل كان الخليل يقول إنهم لم كان بإمكانهم تيسير الكلام فيفهمه الخاصة والعامة ولكنهم أبقوا مزية للعلماء بعدهم.( نقد النثر صـ3 ، شرح المفصل 1/1 )
[2]
[3]الضروري في أصول الفقه ص:38, 39 المؤلف : أبو الوليد محمد بن رشد الحفيد المتوفى سنة (595هـ) .تقديم وتحقيق: جمال الدين العلوي الناشر : دار الغرب الإسلامي بيروت
الطبعة الأولى 1994م
الإعداد للكتابة[1].
وقبل الكتابة تكون القراءة ولكن كيف نقرأ ؟ وهل كل قراءة تصلح لطالب العلم؟ وهل كل الكتب تقرأ بطريقة واحدة؟ وهل من في بداية طلب العلم يقرأ مثل من قضى مرحلة في طلب العلم؟ وهل من يقرأ للاستزادة كمن يقرأ للمناقشة والمناظرة وللكتابة؟. لابد لنا من وقفة عند القراءة قبل أن نُقحم أنفسنا في الكتابة من غير أن نكون على أُهبة الاستعداد الكافي للقراءة.ومعنا تجربة فريدة من نوعها لعلم كتب وقرأ ولكنه أعاد قراءة ما قرأ بعد أن أحس أن هناك طريقة مثلي في القراءة ألا وهي القراءة بطريقة التذوق فالعلامة الشيخ محمود محمد شاكر -رحمه الله- قد غير طريقة قراءته إلى منهج مفيد هو منهج تذوق الكلام يقرأ قراءة متأنية عند كل لفظ ومعنى يتذوق الكلام بعقله وقلبه وبصيرته وأنامله وأنفه وسمعه ولسانه فعل هذا مع الشعر ثم إذا به يجرب هذه الطريقة الفريدة على كل كلام فقرأ كل ما وقع تحت يده من كتب السلف من تفسير وعلوم قرآن وكتب الحديث وشروحه وكتب مصطلح الحديث وكتب الجرح والتعديل وكتب الفقه وأصول الفقه وكتب أصول الدين (علم الكلام) والملل والنحل وكتب الأدب والبلاغة وكتب النحو واللغة وكتب التاريخ وغير ذلك من أبواب العلم كان يقرأ كتب السلف على أنه إبانة منهم عن خبايا أنفسهم بلغتهم على اختلاف أنظارهم وأفكارهم ومنهاجهم وكانت النتيجة العجيبة فقد عثر على فيض غزير من مساجلات صامته خفية كالهمس ومساجلات ناطقة جهيرة الصوت غير أن جميعها إبانة صادقة عن هذه الأنفس والعقول[2].
ولنحسن في اختيار العلم الذي نريد أن نتعلمه ولا نثقل على عقلنا بمزاحمة أكثر من علم في وقت واحد وهذا ما يتعبنا في علم التفسير فنحن نكثر من القراءة في أكثر من علم في وقت واحد مما يشكو منه طلبة العلم وقد قال ا بن رشد :من رام أن يتعلم أشياء أكثر من واحد في وقت واحد لم يمكنه أن يتعلم ولا واحدا منها[3]. وإننا نعترف بتقصيرنا وعجزنا عن البلوغ للكمال ولكننا نستطيع أن نسير إليه ولو حبوا ولو قيل أين العلوم التي تدرسونها أين العلماء الذين تتلقون عنهم فإننا نقول إن الله حافظ دينه إلى يوم القيامة ولا تزال طائفة من الأمة ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ،ولو حدث تقصير فهناك جبر لذلك التقصير فأوصي إخواني طلبة العلم ممن تخرج في كلية أصول الدين أن ينتسب لكلية تزيده تعمقا في فهم كتاب الله فإما أن ينتسب لكلية اللغة العربية أو لكلية الشريعة فيضيف لرصيده الذي من الله به عليه في كلية أصول الدين رصيدا آخر، لا غنى عنه من كلية اللغة أو الشريعة
[1] هذا المبحث يعم كل علم من العلوم .وبالتجربة فإن قراءة الكتاب أكثر من مرة أفضل من قراءة أكثر من كتاب وكلما كان الكتاب لأهل التحقيق والإتقان كلما احتاج الباحث إلى الدقة والتأني والصبر والتكرار لفهم عبارة المصنف. وكان علماؤنا يحبون الاختصار حتى قالوا :إن الإطالة أكثر أسباب الملالة. بل كان الخليل يقول إنهم لم كان بإمكانهم تيسير الكلام فيفهمه الخاصة والعامة ولكنهم أبقوا مزية للعلماء بعدهم.( نقد النثر صـ3 ، شرح المفصل 1/1 )
[2]
[3]الضروري في أصول الفقه ص:38, 39 المؤلف : أبو الوليد محمد بن رشد الحفيد المتوفى سنة (595هـ) .تقديم وتحقيق: جمال الدين العلوي الناشر : دار الغرب الإسلامي بيروت
الطبعة الأولى 1994م