هذا مبحث مقتطف من كتابي التفسير قواعد و أصول كنت أمليه على إخواني طلبة الدراسات العليا مادة قاعة بحث وهو مكمل لموضوع ذكرته هنا لماذا تؤلف كتابا و إن شاء الله سأذكر عشرات المواضيع المقترحة لإخواني وستكون إن شاء الله بعد مدارسة هذه الطريقة
وقبل الكتابة تكون القراءة ولكن كيف نقرأ ؟ وهل كل قراءة تصلح لطالب العلم؟ وهل كل الكتب تقرأ بطريقة واحدة؟ وهل من في بداية طلب العلم يقرأ مثل من قضى مرحلة في طلب العلم؟ وهل من يقرأ للاستزادة كمن يقرأ للمناقشة والمناظرة وللكتابة؟. لابد لنا من وقفة عند القراءة قبل أن نُقحم أنفسنا في الكتابة من غير أن نكون على أُهبة الاستعداد الكافي للقراءة.ومعنا تجربة فريدة من نوعها لعلم كتب وقرأ ولكنه أعاد قراءة ما قرأ بعد أن أحس أن هناك طريقة مثلي في القراءة ألا وهي القراءة بطريقة التذوق فالعلامة الشيخ محمود محمد شاكر -رحمه الله- قد غير طريقة قراءته إلى منهج مفيد هو منهج تذوق الكلام يقرأ قراءة متأنية عند كل لفظ ومعنى يتذوق الكلام بعقله وقلبه وبصيرته وأنامله وأنفه وسمعه ولسانه فعل هذا مع الشعر ثم إذا به يجرب هذه الطريقة الفريدة على كل كلام فقرأ كل ما وقع تحت يده من كتب السلف من تفسير وعلوم قرآن وكتب الحديث وشروحه وكتب مصطلح الحديث وكتب الجرح والتعديل وكتب الفقه وأصول الفقه وكتب أصول الدين (علم الكلام) والملل والنحل وكتب الأدب والبلاغة وكتب النحو واللغة وكتب التاريخ وغير ذلك من أبواب العلم كان يقرأ كتب السلف على أنه إبانة منهم عن خبايا أنفسهم بلغتهم على اختلاف أنظارهم وأفكارهم ومنهاجهم وكانت النتيجة العجيبة فقد عثر على فيض غزير من مساجلات صامته خفية كالهمس ومساجلات ناطقة جهيرة الصوت غير أن جميعها إبانة صادقة عن هذه الأنفس والعقول[2].
ولنحسن في اختيار العلم الذي نريد أن نتعلمه ولا نثقل على عقلنا بمزاحمة أكثر من علم في وقت واحد وهذا ما يتعبنا في علم التفسير فنحن نكثر من القراءة في أكثر من علم في وقت واحد مما يشكو منه طلبة العلم وقد قال ا بن رشد :من رام أن يتعلم أشياء أكثر من واحد في وقت واحد لم يمكنه أن يتعلم ولا واحدا منها[3]. وإننا نعترف بتقصيرنا وعجزنا عن البلوغ للكمال ولكننا نستطيع أن نسير إليه ولو حبوا ولو قيل أين العلوم التي تدرسونها أين العلماء الذين تتلقون عنهم فإننا نقول إن الله حافظ دينه إلى يوم القيامة ولا تزال طائفة من الأمة ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ،ولو حدث تقصير فهناك جبر لذلك التقصير فأوصي إخواني طلبة العلم ممن تخرج في كلية أصول الدين أن ينتسب لكلية تزيده تعمقا في فهم كتاب الله فإما أن ينتسب لكلية اللغة العربية أو لكلية الشريعة فيضيف لرصيده الذي من الله به عليه في كلية أصول الدين رصيدا آخر، لا غنى عنه من كلية اللغة أو الشريعة
[1] هذا المبحث يعم كل علم من العلوم .وبالتجربة فإن قراءة الكتاب أكثر من مرة أفضل من قراءة أكثر من كتاب وكلما كان الكتاب لأهل التحقيق والإتقان كلما احتاج الباحث إلى الدقة والتأني والصبر والتكرار لفهم عبارة المصنف. وكان علماؤنا يحبون الاختصار حتى قالوا :إن الإطالة أكثر أسباب الملالة. بل كان الخليل يقول إنهم لم كان بإمكانهم تيسير الكلام فيفهمه الخاصة والعامة ولكنهم أبقوا مزية للعلماء بعدهم.( نقد النثر صـ3 ، شرح المفصل 1/1 )
[3]الضروري في أصول الفقه ص:38, 39 المؤلف : أبو الوليد محمد بن رشد الحفيد المتوفى سنة (595هـ) .تقديم وتحقيق: جمال الدين العلوي الناشر : دار الغرب الإسلامي بيروت
الطبعة الأولى 1994م
الكتابة والقراءة وكي تكتب كتابة تليق بالقرآن وتفسيره فاتبع منهج أهل التحقيق والتدقيق ومنهج طرق القراءة والكتابة فدونك منهج التحليل الذي يبدأ بانتزاع شيء مجتمع له صورة ومعنى، يجزئه المحلل أجزاء دقيقة فيصير كل جزء منفردا على حياله، ثم ينظر فيه على حياله أيضا ثم يبحث المحلل بعد عن الروابط التي تربط كل جزء بأخيه ثم عن الروابط الأخرى التي تجعله شيئا مجتمعا له صورة ومعنى وهذا عناء عسر بلا ريب ولكنه في الحقيقة عناء لذيذ وعنت مرغوب فيه لأنه يفضي بنا إلى غاية من الرضى والاطمئنان وإلى ثقة بوضوح الصورة وإلى التثبت من سلامة المعنى وإلى التحقق من براءة الروابط من كل عيب يقدح في وضوح الصورة وفي سلامة المعنى وانتظامه جمل الكلام من أوله إلى آخره[1].وليت من يكتب في التفسير الموضوعي يقوم بهذا التحليل فيجمع المفترق من كتب التفسير التحليلي و بفرق بينها في الفهم ثم يجمعها في موضوع واحد تحت أصول متقاربة ويضفي على التفسير الموضوعي قوة ورصانة ودقة التفسير التحليلي
[1] قضية الشعر الجاهلي في كتاب ابن سلام الشيخ محمود شاكر صـ36 مطبعة المدني الأولى 1418-1997
نصائح للمحقق الدقة في الكتابة تستلزم صحة النقل وفهمه تحقيق النص معناه: قراءته على الوجه الذي أراده عليه مؤلفه. أو على وجه يقرب من أصله الذي كتبه به هذا المؤلف، وليس معنى يقرب من أصله أننا نخمن أية قراءة بل علينا أن نبذل جهداً كبيرا في محاولة العثور على دليل يؤيد القراءة التي اخترناها. فالتحقيق إثبات القضية بدليل[1]، وعلى الباحث أن يكون على قدر من الخبرة بتحقيق النصوص حتى لا يثق في المصدر الذي يعتمد عليه وثوقا مطلقا. وهو مطالب بتحقيق النص الذي يستنبط منه نتائج معينة،قبل أن يقدم على استنباط هذه النتائج، وليس من اللازم أن يكون ذلك النص مخطوطا، فكثير من الكتب المطبوعة التي بين أيدينا، لا تفترق كثيرا عن المخطوطات،إذ أن الذين تولوا طبعها ونشرها،طائفة من الوراقين وبعض الأدعياء،الذين لا يدرون عن فن تحقيق النصوص شيئا؛ولذلك جاءت هذه المطبوعات في كثير من الأحيان مليئة بالتصحيف والتحريف،نصوصها مضطربة مشوشة تبعد كثيرا عن الأصل الذي كتبه مؤلفوها...وخلاصة القول أن الباحث إذا وجد في المصادر الثانوية ما يحتاجه،فعليه أن يرجع به إلى المصادر الأصلية،ليتحقق من صحته.وقد عودتني التجارب الكثيرة أن العودة إلى المصادر الأصلية ضرورية جداً؛لأن كثيراً من هذه المصادر الثانوية ،قد تسيء فهم المصدر الأصلى أحياناً،أو يصيبها التصحيف والتحريف أحياناً أخرى ..ثم ذكر رحمه الله نماذج كثيرة راجع فيها إلى المصادر الأصلية فصوب ما ذكرته المصادر الثانوية[2].
[1] مناهج تحقيق التراث بين القدماء والمحدثين د/ رمضان عبدالتواب صـ5 مكتبة الخانجي
[2] بحوث ومقالات في اللغة د/ رمضان عبدالتواب صـ 191 -201 وقد ذكر نصوصاً منقولة من كتب مطبوعة بين أنها محرفة لأنها لم تدرس ولت تحقق تحقيقاً علمية ولم يفطن إلى ذلك من أشرف على طباعة الكتاب أو حققه( الناشر مكتبة الخانجي القاهرة الأولى 1403-1983.
وهذا الذي ذكره الدكتور رمضان عبد التواب ينطبق على أغلب المنشورات مثل مطبوعات دار الكتب العلمية ببيروت فكأنهم أتوا بالكتب فطبعوها سواء كانت محققة أم غير محققة المهم أنهم كتبوا أسماءهم كأنهم محققين،فهل تصدق أنهم قرأوا كل تلك الكتب فضلا عن تحقيقها مع العلم بأن ما قالوا أنه من تحقيقهم كتب في التفسير والفقه واللغة وغيرها!.فهل نقارن تحقيقهم بتحقيقات العلامة الكوثري أو الشيخ عبدالسلام هارون أو آل شاكر أو الشيخ محي الدين عبدالحميد؟ ولكننا هنا سوف نعلق على بعض الكتب المحققة والتي تحتاج إلى تعليق وعلى مثل ما ندرسه هنا نقيس عليه والله والمستعان.
لابد أن يتخصص في كل علم إذا بدأ في تفسير سورة الفاتحة لابد من معرفة الرسم المصحفي والقراءات النحو و الصرف و الاشتقاق والمعاني والبديع كيف السبيل لكل هذا و أكثر يحضر محاضرة في التفسير العلمي طب فلك علم نفس اقتصاد لغات أخرى .... كيف السبيل للتمكن لا مجال للتخصص في علم التفسير بل التخصص في عدة علوم أولا أولها علم الحديث رواية ودراية وعلم اللغة نظرية وتطبيقا وتذوقا وكتابة ... و لننظر إلى همة العلماء فنقتدي بهم قال الذهبي : ذكر شيخنا أبو الحسن بن العطار أن الشيخ محيي الدين ذكر له أنه كان يقرأ كل يوم اثني عشر درسًا على مشايخه شرحًا وتصحيحًا؛ درسين في الوسيط- من كتب الفقه الشافعي للغزالى-، ودرسًا في المهذب، ودرسًا في الجمع بين الصحيحين، ودرسًا في صحيح مسلم، ودرسًا في اللمع لابن جني، ودرسًا في إصلاح المنطق، ودرسًا في التصريف، ودرسًا في أصول الفقه، ودرسًا في أسماء الرجال، ودرسًا في أصول الدين؛ قال: وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل ووضوح عبارة وضبط لغة وبارك الله تعالى في وقتي، وخطر لي أن أشتغل في الطب واشتريت "كتاب القانون" فأظلم قلبي وبقيت أيامًا لا أقدر على الاشتغال فأفقت على نفسي وبعت القانون فأنار قلبي. ولازم الاشتغال والتصنيف ونشر العلم والعبادة والأوراد والصيام والذكر والصبر على العيش الخشن في المأكل والملبس ملازمة كلية لا مزيد عليها [1].
ومن كبار مشايخه الشيخ محمد الخاني: ثم يحدثنا عن أستاذه ومربيه الذي غذى روحه وصفي قلبه وبين له الطريق ألا وهو الشيخ محمد الخاني حيث قال: ومن أجلاء مشايخي صوفي عصره الأستاذ الجليل المحقق الشيخ محمد بن محمد الخاني النقشبندي قرأت عليه حواشي كتب كثيرة بالحرف منها حاشية الخضري علي الملوي علي السمرقندية وحواشي الصبان على العصام على السمرقندية ، وحاشية الأمير علي عبد السلام بتمامها وقد قرأناها قراءة تحقيق وإتقان .. وسمعت منه أبوابا كثيرة من البخاري ومن شرحه للقسطلاني ومن الموطأ مع شرحه للزرقاني ومن سنن أبي داود مع حاشيته للسندي ومن سنن الترمذي … ولمهارته رحمه الله في فن التصوف قرأت عليه من كتبه لطائف الأعلام للقاشاني وشرح الفصوص لملاّ جامي ومواقف أستاذه الأمير عبد القادر الحسنى ثم الدمشقي … وحضرته في كتاب والده البهجة السنية في آداب الطريقة النقشبندية وأجاز لي إجازة عامة >>> ومن كبار شيوخه: مسند الشام الشيخ سليم بن ياسين بن حامد بن أحمد العطار فحضره في شرح الشذور وابن عقيل ومختصر السعد وجمع الجوامع وتفسير البيضاوي مع مطالعة حواشي تلك الكتب وحضر عليه في حصص من حواشي البيجرمي علي الإقناع والأربعين العجلونية وصحيح البخاري كل ذلك في داره وكذلك مجالس من البخاري في الجامع الأموي سنين عديدة وحصة من الموطأ والشفاء بتمامه ومعظم مصابيح السنة والجامع الصغير والطريقة المحمدية وكتب له إجازة عامة بجميع مروياته سنة 1301 ...
نذكر طريقة في القراءة والكتابة نبدأ بكتاب سهل يسير كبير الفائدة مثل أحكام القرآن لابن العربي ومعي كتاب مختار الصحاح كي أتقن نطق الكلمة التي أتردد في نطقها هذا الكتاب صاحبه محدث مفسر فقيه لغوي يفسر و كأنك تسمعه ويتحدث إليك وكأنه معك. ممكن أن تنجز قراءة ذلك التفسير في ستة أشهر من غير أن تشعر بأي تكلف أو جهد المعلومات تأتيك بأيسر طريق وله سر بركة السلف في التأليف إذا وجدت فائدة فقيده في ملف خاص ملف- لعلوم القرآن - علوم حديث علوم اللغة -العقيدة -آخر للطرائف بعد انتهاء القراءة تكون قد أوشكت على تأليف عدة مؤلفات " أبحاث مقالات... فتبدأ في قراءة تفسير البيضاوي ولا يحسن إلا بحاشية" لعل أيسرها القونوي.." فسوف تنتقل إلى الخلافات والمناقشات والتحليلات والتصويب والترجيح وبذلك سوف تعيد تنسيق ما كتبته عند قراءة كتاب ابن العربي وسوف تدعوك تلك القراءة إلى محاولة كتابة تفسير تحليلي لبعض الآيات التي ترى أنك قد جمعت فيها بعض الأقوال الهامة فتنتقل إلى الجمع و التنسيق فسوف تجد نفسك تقرأ أكثر من عشرين تفسيرا رغبة منك في إكمال ذلك البحث الذي تتعجل في إنجازه ولن يكون ذلك قبل عدة سنوات المهم أن القراءة تأتي بشوق لأنك تقرأ وتكتب وتنوع القراءة لا تحاول تتبع المشكلات والخلافات بل سوف تحل مشكلة مشكلة وسوف يتضح السبيل يوما بعد يوم وأخر القراءة في كتب ابن جرير لكثرة التعقيبات عليه و لصعوبة الترجيح فيما يقول. إذا أكملت ما كتبته فاعرضه على إخوانك أو اعرضه على طلابك اذكر في درس علمي و لا تظن أنه قد أغلقت الأبواب ففتوح اللله على عبداه لن تنتهي فهو ذو الفضل العظيم لا ندعي أننا نناطح الأئمة إنما هي لبنة نقدمها إن قبلت فهذه بشرى و إلا فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا والله الموفق ما رأيكم في تجربة تلك الطريقة؟.
اللهم احفظ إخواننا في ليبيا واليمن اللهم استر عوراتهم و آمن روعاتهم واكشف الكرب عنهم وول عليهم من ينصح لهم ويكرمهم و يحكم شريعتك وينصر دينك
للمبتدئين فقط بداية الطريق طريق طويل لطلب العلم من أين نبدأ كيف نختار الكتب كيف نتعرف على القضايا العلمية المراد دراستها قدد يخطو الباحث خطوة مسرعة لكنه سيرجع القهقرى لأنه ترك خطوات كثيرة دخل وسط البحر فوجده لا ساحل له لابد من السير من بداية الطريق ولكن الدراسات العليا جعلتنا نصعد السلم من وسطه جعلتنا ندخل البحر في لججه لابد من الروجوع لا سبيل يوصل غيره ولو كان السبيل طويلا كبيرا لعل الله يوصلنا سالمين
للمبتدئين من الباحثين هذه الكلمة لها سبب لا تسأل عنه لعلك تعرفه من الأسلوب نبدأ بقراءة كتب المتأخرين وكلما كان الكاتب متأخرا كلما كان أقرب لفهمنا نحن وأجدر بالتحقيق فالظن بالمتأخر أنه جمع وحقق ورجح واختار وسهل لنا العلم فمثلا كتب السيوطي تغنى عن كتب من سبقه فالإتقان أفضل من البرهان للزركشي وتدريب الراوى أفضل من مقدمة ابن الصلاح وهكذا تجد نفسك تقرأ علما غزيرا محققا ومثلا كتب ابن حجر مثلا الفتح يغني عن شروح من سبقه والإصابة تغني عن جل كتب تراجم الصحابة والتهذيب يفيد في تحصيل علما حديثيا غزيرا ودونك تفسير القرطبي فهو أفضل من تفسير الطبري تفسير المعاصرين مثل د وهبة الزحيلي وكتاب الفقه له أيضا تغني عنمطالعة كتب المذاهب الفقهية
وكتب ابن هشام الأنصاري في اللغة أولى بالقراءة من كتب سابقيه هذه هي البداية ومن أراد قبل البداية وقبل أن يخطو خطوة فعليه بمقررات الاعداية الأزهرية وكذا كتب مرحلة الثانوية وبعد ذلك كتب القرضاوي مثل كيف نتعامل مع لقرآن ... وجل كتبه تيسر لنا طريق التحصيل والكتب التي اقترحها نبدأ في كتاب تفسير القاسمي وشرح مسلم للنووى والنلاء للذهبي وإرشاد الفحول للشوكاني وو أوضح المسالك في شرح الأفية و معك كتاب مختار الصحاح لتتقن النطق الصحيح ومن الممكن أن تحاول شرح شيئ مبسط مثل حديث الإيمان المشهور حديث جبريل أو تفسير سور من جزء النبأ أو كتابة سيرة أحد العلماء أو جمع بعض النوادر العلمية ثم تنطلق لتقرأ للطبري و البيضاوى و السبكي والله المستعان
كثيراً ما يسأل إخواننا الباحثون كيف أكتب وكيف ارتب المباحث فهذه بعض ما أكرمني الله بجمعه من مقدمات الرسائل أو مقالات لكبار الباحثين أو نصائح من أساتذة أجلاء لتلاميذهم أو ما يعرف بكثرة مطالعة الرسائل والكتب المحققة فنقول وعلى الله التكلان. * وعلى الباحث أن يطلع على كتب آداب طالب العلم حتى يتخلق بأخلاقهم ويتشبه بهم، ويكون قدوة حسنة لغيره من طلبة العلم ومن تلك الكتب النافعة كتاب إحياء علوم الدين للغزالي وكتاب المجموع للنووي وحلية طالب العلم لبكر بن عبد الله أبو زيد.
* بعض الباحثين قد يتسرع في اختيار موضوع الرسالة وهو لا يعرف عنها شيئاً بل جُل همه هو التسجيل وقد رأينا من زملائنا من تعثر في إتمام بحثه؛ لأنه لم يدرس الموضوع كما ينبغي وحل هذه المشكلة أن يقوم الباحث بجمع مادة تؤهله لمعرفة الموضوع وأهميته ومدى استيعابه وإتقانه وإبداعه في بحثه،بل وينظر في توفر المراحع وكيفية الحصول عليها. *بعض الباحثين يشرح ما لا يحتاج لشرح وبعضهم يعرف ما لا يحتاج لتعريف فمثلا تعريف التفسير والفرق بينه وبين التأويل تجده في أغلب الرسائل في موضوع كانت هذه الرسالة فالأفضل أن يختصر ذلك ولا يذكر إلا ما يفيد والحديث عن الإسرائيليات وضررها ورواتها و و ... فضلاً عن ذكر تعريف كل كلمة وردت في عناوين الرسالة ،وترجمة كل علم ورد فيها فهذا مما يوصي بالاختصار والاكتفاء بما يفيد ولنا في سلفنا الأسوة انظر إلى دقة عباراتهم وقلة كلامهم فنحن نقتدي بهم قال الحافظ ابن حجر: قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ : بَدَأَ الْمُصَنِّف-أي البخاري في صحيحه- بِالنَّظَرِ فِي فَضْل الْعِلْم قَبْل النَّظَر فِي حَقِيقَته ، وَذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ فِي نِهَايَة الْوُضُوح فَلَا يَحْتَاج إِلَى تَعْرِيف ، أَوْ لِأَنَّ النَّظَر فِي حَقَائِق الْأَشْيَاء لَيْسَ مِنْ فَنّ الْكِتَاب ، وَكُلّ مِنْ الْقَدْرَيْنِ ظَاهِر ؛ لِأَنَّ الْبُخَارِيّ لَمْ يَضَع كِتَابَة لِحُدُودِ الْحَقَائِق وَتَصَوُّرهَا ، بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى أَسَالِيب الْعَرَب الْقَدِيمَة ، فَإِنَّهُمْ يَبْدَءُونَ بِفَضِيلَةِ الْمَطْلُوب لِلتَّشْوِيقِ إِلَيْهِ إِذَا كَانَتْ حَقِيقَته مَكْشُوفَة مَعْلُومَة . وَقَدْ أَنْكَرَ اِبْن الْعَرَبِيّ فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ عَلَى مَنْ تَصَدَّى لِتَعْرِيفِ الْعِلْم وَقَالَ : هُوَ أَبْيَن مِنْ أَنْ يُبَيَّن . قُلْت : وَهَذِهِ طَرِيقَة الْغَزَالِيّ وَشَيْخه الْإِمَام أَنَّ الْعِلْم لَا يُحَدّ لِوُضُوحِهِ أَوْ لِعُسْرِهِ [1].فهؤلاء الأئمة يحثون على الاختصار والدخول في الموضوع الأصلي مباشرة.
* بعض الباحثين يستطرد في ذكر مسألة ما ويكثر من التفريعات والتحليلات وهو يقول نحن الآن بصدد تحرير محل النزاع وهو قد أخرجنا من صلب المسألة المعنية إلى تحرير محل النزاع الذي قد يتركه لبحث آخر ومنهم من يكثر من التحليل والتدقيق في بيان المصطلح ويناقش المصطلح ذاته وقد يكون الموضوع من باب لا مشاحة في الاصطلاح ولكل قوم اصطلاحهم مثل مسألة التفسير والتأويل فعلى الباحث أن يختصر ويقول لهذا المصطلح أكثر من معنى والذي يعنينا هو كذا ولو كان الباحث يناقش في مبحث ما والخلاف لفظي عليه أن يبين ذلك من خلال لا مشاحة في الاصطلاح. * ولو أن أحد العلماء كان له اصطلاحه الخاص به يُنبه الباحث إلى ذلك حتى لا يتهم أحداً بالخطأ وهو المقصر مثل كلمة حرف قد يراد بها الكلمة وقال الزركشي: وحيث قال المفسرون قال أصحاب المعانى فمرادهم مصنفو الكتب في معاني القرآن كالزجاج ومن قبله وغيرهم وفى بعض كلام الواحدي أكبر أهل المعاني الفراء والزجاج وابن الأنباري قالوا كذا كذا ومعانى القرآن للزجاج لم يصنف مثله وحيث أطلق المتأخرون أهل المعاني فمرادهم بهم مصنفو العلم المشهور- أي البلاغة-[1]. *وقد يجد الباحث أن أئمة التفسير عند تفسيرهم للآية يذكرون نفس العبارة أو قريبا منها ، فحري بالباحث أن ينتقي أفضل تلك التفسيرات ويذكر في الحاشية المرجع الرئيس ثم يقول مثله أو نحوه تفسير كذا وتفسير كذا لأننا وجدنا نفس الكلام ينقل من عدة تفاسير ولا فائدة في كثرة النقول وإنما الفائدة في تنوع النقول وإثراء التفسير بالحقائق، نعم قد يحتاج الباحث إلى إثبات صحة ما ينقل أو ترجيح ما يختار ولكن ليس بالنقل الحرفي بل بالاختصار تارة وبالإحالة إلى التفاسير الأخرى تارة. وقد قال علماؤنا من العلم التحاشي عن العلم وكثرة الكلام ينسي بعضه بعضا. بعض الباحثين يذكر عشرات المراجع عند كتابته لبحث لا يحتاج لكل هذه المراجع وكأنه يتباهى بكثرة المراجع فمثلا تجده يترجم لابن عباس من مرجع ويترجم لابن عمر من مرجع آخر ولو كانت ترجمته في نفس المرجع السابق وهذا نوع من التدليس والتمويه التدليس بأنه اطلع على الكثير من المراجع وقد يوهم القارئ بأن ترجمة ابن عمر لم يجدها الباحث في المرجع السابق أو توجد ولكنها ناقصة فهذا لا يليق بالباحث الأمين و قد تجد الباحث يذكر لك عدة مراجع مع أنه لم ينقل سطراً كاملاً كي يحيل إلى كل هاتيك المراجع.فمثلا رواية في البخاري تجدها يخرجها من الكتب الستة بل وقد يزيد إلى المسانيد والمستخرجات وكتب المتأخرين بل قد يذكر كتباً لا علاقة لها بمتون الحديث بل ذكرته استشهاداً لا رواية .
* عند تخريج الروايات يراعى الاختصار عند كتابة المرجع فمثلا يقول: أخرجه البخاري، ولا داعي لأن يقول أخرجه البخاري في صحيحه بسنده... ولكن هنا تنبيه ليس كل ما في البخاري موصولاً بل فيه المعلقات[1] فعليه أن يقول عن المعلق رواه البخاري معلقا وهذا لابد منه ثم يقول وصله أحمد مثلا في مسنده وسنده صحيح أو حسن أو وصله فلان كما بين ذلك ابن حجر. فيستفاد من جهد ابن حجر في بيان من وصل معلقات البخاري. كما أنه حري بالباحث أن يستفيد من تخريجات العلماء من كتبهم النافعة كمجمع الزوائد فإنه جم الفوائد. ولا ندري ما معنى أن يقول لنا أخرجه الطبراني ولا يفيدنا بقول الهيثمي مثلا أخرجه الطبراني وسنده صحيح أو نحو ذلك. وكذا تعقيب الذهبي على الحاكم فنجد من يقول رواه الحاكم وصححه ولا يذكر لنا ماذا قال الذهبي هل أقره أم تعقبه. وكذا تعقيبات المناوي على السيوطى كما في فيض القدير. * عند ذكر الشعر :يُكتفى بالتخريج من الدواوين الشعرية المطبوعة المحققة ، أو المجموعة ،والإشارة إلى الخلاف في الرواية ، إن وجد ، إذ لا حاجة لسرد المصادر التي جاء فيهاهذا البيت أو ذاك ، فهي كثيرة ، ولا يمكن حصرها وهو بعدُ يؤكدرجوع المحقق إلى الدواوين ، للوقوف على الرواية الصحيحة أولاً ، وعلى مصادر تخريجالبيت في الديوان ثانياً . * وعند ذكر الأعلام ينصح بعدم ترجمة المشهورين كأبي بكر وعمر وابن عباس مثلاً ، ويفضل أن تكون الترجمة موجزة مفيدة في بابها،يرجع إلى المصادر المتخصصة فالبعض يكتفي بالإشارة إلىالأعلام ، لخير الدين الزركلي ، المتوفى سنة 1976م –والزركلي به أخطاء كما أنه قومي غريب[2] ، أو إلى معجم المؤلفين ، لعمررضا كحالة ، المتوفى سنة 1987م . وهناك من يرجع إلى الأعلام مرة،وإلى كشفالظنون ثانية ، وإلى ميزان الاعتدال ثالثة ، وهكذا.و الأولى الرجوع في تراجم الصحابة إلى التي اختصت بتراجمهم وكذا الرجوع في تراجم المفسرين والمحدثين إلى الكتب التي خُصصت لتراجمهم. * عند بيان الغريب لا يعتمد على كتب المعاجم والقواميس وكتب غريب القرآن وحدها عند تفسير كلمة أو جملة أو آية من القرآن الكريم –فقد يوجد تفسير مأثور مرفوع لم تذكره هذه الكتب أو ذكرته مع عدة أقوال من غير ترجيح؛ لأن التفسير بالمرفوع ينحي ما عداه ولو قول لصحابي فهو أولى بأن يذكر ولا مانع من ذكر ما تقضيه اللغة بيد أن الصحابي أدرى باللغة وبالقرآن ممن أتى بعده فقد تذكر هذه الكتب المعاني دون أن يكون مقصدها تفسير القرآن فإذا أخذ هذا الكلام وعرض على قواعد التفسير وشروطه ضرب عنه صفحاً لبعده عن الصواب. كتب اللغة تذكر معنى الكلمة قريباً أو بعيداً حقيقة أو مجازاً، هل هو من قبيل المشترك أو المترادف؟ فكل ذلك يوضع في موضعه حتى لا يتطرق الدخيل في التفسير ؛لذا فالأولى أن ينظر في كتب التفسير التي اهتمت باللغة حتى يستبين السبيل ويتضح الطريق ويكون التفسير محموداً مقبولاً إن شاء الله تعالى .
[1] فأغلب ما في كتاب التفسير من أقوال الصحابة والتابعين من المعلقات كما لا يخفى
[2] فهو كما قال الشيخ أبو بكر زيد عضو حزب الاستقلال العربي فيه نفس قومي حاد وهو القائل لو مثلوا لي موطني وثنا *** لهممت أعبد ذلك الوثنا لهذا لم يترجم –حسب التتبع- لأحد من سلاطين الدولة العثمانية ...كيف يترجم للأعلام- وفيهم الكفار والضلال من أهل القبلة ويترك تراجم دولة عاشت نحو سبعة قرون هذا وللأستاذ محمد أحمد دهمان مقال ذكر فيه بعض أوهام الزركلي في الأعلام ولي ضعفها...ومنها قوله في أبي بن كعب- رضى الله عنه-كان قبل الإسلام حبراً من أحبار اليهود أزهـ وحاشا أبيا ذلك.فلعله انقلب على الزركلى كعب الأحبار فالله أعلم ."كتاب الردود للشيخ بكر أبو زيد صـ206.
تنبيه وتصحيح أغلب الباحثين يكتب تلك العبارة -في مقدمة رسائلهم العلمية -وينسبها لغير قائلها أما العبارة فهى : " إنِّي رأيتُ أنَّه لا يكتُبُ إنسانٌ كتابًا في يومِه؛ إلاَّ قالَ في غَدِهِ: لو غُيِّرَ هذا لكان أحسنَ، ولو زِيدَ كذا لكان يُستَحسَنُ، ولو قُدِّمَ هذا لكان أفضلَ، ولو تُرِكَ هذا لكان أجملَ. هذا مِنْ أعظَمِ العِبَرِ، وهو دليلٌ علَى استيلاءِ النَّقصِ علَى جُملةِ البَشَرِ ". أما الخطأ فنسبته للعماد الأصفهاني
والصواب نسبته للقاضي الفاضل عبد الرَّحيم بن عليّ البيسانيّ الذي قال عنه صلاح الدين لا تظنوا أني فتحت البلاد بالسيوف، إنما فتحتها بقلم القاضي الفاضل".
حيث قال الزبيدى حيث اعتذر عن التقصير في كتابه ونصح من تعقبه
فقال هذا جوابي عما يرد على كتابي وقد كتب أستاذ البلغاء القاضى ...إلى العماد الكاتب الأصفهاني معتذرا عن كلام استدركه عليه ... فأرجو مسامحة ناظريه فهم أهلوها ,وأؤمل جميلهم فهم أحسن الناس وجوها...إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين; المؤلف: محمد بن محمد الحسيني الزبيدي 1/3 طبعة مؤسسسة التاريخ العربي بيروت
طبعا هذه النصيحة وتلك المعلومة لست من اكتشفها بل منتشرة على بعض المواقع لكن نيسر لإخواننا الوصول إلى ما يعينهم على البحث والتحصيل
وفقنا الله لما يحب ويرضى
نصيحة في اختيار المراجع
بعض الباحثين ينقل من مرجع ويترك المصدر الأصلى وقد يكون الناقل قد تصرف فى نقله لأمر ما
فلابد من الرجوع لصاحب المسألة الأصلى فيرجع إليه وينظر ماذا قال ولماذا قال وكيف قال .
يقول العلامة الزركشي:...فَأَتَيْت الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَشَافَهْت كُلَّ مَسْأَلَةٍ مِنْ كُتَّابِهَا، وَرُبَّمَا أَسُوقُهَا بِعِبَارَاتِهِمْ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى فَوَائِدَ، وَتَنْبِيهًا عَلَى خَلَلٍ نَاقِلٍ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْمَآخِذِ وَالْمَقَاصِدِ...
البحر المحيط في أصول الفقه (1/ 7).
لطلاب الفرقة الثانية بكلية الدراسات العليا قسم التفسير (قاعة بحث)[h=5]بحث موجز عن عمل الباحث عند تحقيق المخطوطات :[/h][h=5]أصول النصوص هي المخطوطات التي وصلت إلينا حاملة عنوان الكتاب واسم مؤلفه وجميع مادة الكتاب على آخر صورة رسمها المؤلف وكتبها بنفسه أو يكون قد أشار بكتابتها أو أملاها أو أجازها ويكون في النسخة مع ذلك ما يفيد إطلاعه عليها أو إقراره لها أمثال هذه النسخ تسمى نسخة الأم. 2- وتلى نسخة الأم النسخة المأخوذة منها ثم فرعها ثم فرع فرعها وهكذا وهذا النوع من المخطوطات يُعد أصولا ثانوية وجد معها الأصل الأول وأما إن عُدم الأصل الأول فإن أوثق هذه المخطوطات يرتقي إلى مرتبته ثم يليه ما هو أقل منه وثوقا .3-والنسخ المطبوعة التي فقدت أصولها أو تعذر الوصول إليها إذا تحققنا من الناسخ ووثقنا به هذه النسخ جديرة بأن تكون أصولا ثانوية وتُعد رواية المحققين لأصولهم إن لم نتمكن من الظفر بتلك الأصول رواية يُنتفع بها في مقابلة النصوص لأنهم مُنزلون بمنزلة الرواة الثقات وروايتهم مُنزلة مَنزلة ما يسميه المحدثون بالوَجادة . 4-أما الطبعات التي نخرج للتجارة ولا يقوم عليها محقق أمين فهي نسخ مهدرة بلا ريب ولا يُعتمد عليها في التحقيق .5-أما المصورات من النسخ فهي بمنزلة أصلها .6-المسودة هي النسخة الأولى للمؤلف قبل أن يهذبها ويخرجها سوية أما المبيضة فهي التي سويت وارتضاها المؤلف كتابا يخرج للناس في أحسن صورة . وهناك الكثير من العلامات التي تدل على أن تلك مسودة من كثرة الاضطراب في الكتابة واختلاط الأسطر. وإن ورد نص تاريخي على أنه لم يخرج غيرها كانت مبيضة المؤلف هي الأصل الأول، وإذا وجدت معها مسودته كانت المسودة أصلا ثانويا استثنائيا لتصحيح القراءة فحسب.7-بعض المؤلفين قد يصدر كتابه أكثر من مرة مثل الجاحظ الذي كتب البيان والتبيان مرتين والثانية (أصح وأجود)لذا فإن نسخة المؤلف قد تتكرر ولا يمكن القطع بها ما لم ينص هو عليها وليس وجود خطه عليه دليلا على أنها النسخة الأم بل ذلك الأمر المتباري لا قطعي إذا اجتمعت لدينا نسخ مجهولات سلسلة النسب المبدأ العام أن تقدم النسخة ذات التاريخ الأقدم ثم التي عليها خطوط العلماء ولكن قد تكون النسخة الأقدم غير دقيقة من الناسخ فتقدم الأدق عليها مثل صحة المتن ودقة الكاتب قلة الإسقاط أو تكون النسخة مسموعة أثبت عليها سماع علماء معروفين أو مجازة قد كتب عليها إجازات من شيوخ موثقين .[/h][h=5]جمع الأصول[/h]على الباحث أن يجتهد في البحث عن أكثر مجموعة للمخطوطة حتى يغلب على ظنه أنه قد حصل على قدر صالح مما يريد فينظر في المراجع التي تدل على مواضع المخطوطات وينقب في فهارس المكاتب العامة وملحقاته ويسأل الخبراء بالمخطوطات - أن يعني باختلاف روايات النسخ وأن يثبت ما صح منها . فقد يجد في إحدى النسخ ما لم يجده في نسخة أخرى. وهذا واقع بالفعل وما خبر نسخ البخاري التي جمعها الحافظ بن حجر منا ببعيد وكذا الحال مع صحيح مسلم مع أنهما شراح للحديث ولم يقل واحد منهما اكتفي بنسخة كذا فما بالك بمن يكتب اسمه بخط أظهر من اسم المؤلف ولا يذكر إلا نسخة واحدة وقد تكون ناقصة فيكون تحقيقه ناقصا قبل لا أن يبدأ في التحقيق. فحص النسخ. 1-يفحص ورقها ليتمكن من تحقيق عمرها و لا ينخدع ما أثبت فيها من تواريخ.وقد ذكرت بعض الأخبار التي تبين حدوث التزييف سواء في الخط وتقليده أو الورق والجلد وفعل شيء يدل على قدمه
2-ينظر في عنوان الكتاب وما يحمل في صدره من إجازات وتميلكات وقراءات
3-قد يجد في ثنايا النسخة ما يدل على قراءة بعض العلماء أو تعليقاتهم
4-ينظر إلى أبواب الكتاب وفصوله وأجزائه حتى يستوثق من كمال النسخة وصحة ترتيبها
5-ينظر في خاتمة الكتاب لعله يتبين اسم الناسخ وتاريخ النسخ وتسلسل النسخة. الجهود التي بذل عند التحقيق
1-تحقيق عنوان الكتاب فبعض المخطوطات يكون خاليا من العنوان لفقد الورقة الأولى أو انطماس العنوان أو يكون العنوان مخالف للواقع
2-فعلى المحقق أن يعمل فكره في معرفة العنوان كأن يبحث في كتب المؤلفات أو نحو ذلك
3-تحقيق اسم المؤلف لابد من التأكد من صحة نسبة الكتاب إلى المؤلف وذلك بمراجعة فهارس المكتبات أو كتب المؤلفات أو كتب التراجم ويراعى أن هناك بعض العناوين متشابهة فيحذر الحذر الشديد في إثبات اسم المؤلف المجهول إذ لابد من مراعاة اعتبارات تحقيقيه ومنها المادة العلمية للنسخة و مدى تطويعها لما يعرفه المحقق عن المؤلف وحياته العلمية وعن أسلوبه وعصره وقد يحدث تحريف وتصحيف لأسماء المؤلفين المثبتة في الكتب ولابد من تحقيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه فيجب أن تعرض هذه النسبة على فهارس المكتبات وكتب التراجم ونحوها لنستمد منها اليقين بأن هذا الكتاب صحيح الانتساب للمؤلف ومعرفة القدر العلمي للمؤلف يساعد في التحقيق بنسبة الكتاب ولكن هذا القياس غير مطرد
4-تحقيق متن الكتاب
ومعناه أن يؤدي الكتاب أداء صادقا كما وضعه المؤلف كما وكيفا قدر الامكان فليس معنى تحقيق الكتاب أن نلتمس للأسلوب النازل أسلوبا هو أعلى منه أو نحل كلمة صحيحة محل أخرى صحيحة بدعوى أن أولاها أولى بمكانها أو أجمل أو أوفق أو ينسب صاحب الكتاب نصا من النصوص إلى قائل وهو مخطئ في هذه النسبة فيبدل المحقق ذلك الخطأ ويحل محله الصواب أو أن يخطئ في عبارة خطأ نحويا دقيقا فيصحح خطأه في ذلك ويوجز عباراته إيجازا مخلا فيبسط المحقق عبارته بما يدفع للإخلال أو أن يخطئ المؤلف في ذكر علم من الأعلام فيأتي به المحقق على صوابه. ليس تحقيق المتن تحسينا أو تصحيحا وإنما هو أمانة الأداء التي تقضيها أمانة التاريخ فإن متن الكتاب حكم على المؤلف وحكم على عصره وبيئته وهو اعتبارات تاريخية لها حرمتها كما أن ذلك الضرب من التصرف عدوان على حق المؤلف الذي له وحده حق التبديل والتغيير إن التحقيق نتاج خلقي لا يقوى عليه إلا من وهب خلتين شديدتين هما هما الأمانة والصبر وهما ما هما أما معالجة الخطأ فتكون في الحاشية أو آخر الكتاب.أما شواهد القرآن فيجب تصحيحها لما لها من التقديس ما يستدعي ذلك. أما نصوص الحديث فيجب أن تختبر بعرضها على مراجع الحديث وتعدد الروايات يدفعنا إلى أن نحمل المؤلف أمانة روايته فنبقيها كما كتبها المؤلف إذا تيقنا أنه كتبها كذلك ولندع للتعليق ما يدل على ضعف روايته أو قوتها أما النصوص الشعرية فيجب أن نتجه إلى مراجعها لنستعين بها في قراءة النص وتخريجه إن أمكن التخريج ويجب أن نحترم رواية المؤلف إذا أيقنا أن ما في النسخة هو ما قصده المؤلف وأراده لاسيما إذا كان يبني على تلك الرواية حكما خاصا فهذا قيد شديد يحرم على المحقق أنم يتناول النص بتغيير أو تبديل.
وعليه:معرفة الكتاب الذي يقوم بتحقيقه ، والإحاطة التامة بمنهج الكتاب ، وأسلوب مؤلفه الذي عرض به موضوع الكتاب ، ليفهم النص بكل وضوح عند التخريج. ملخص من كتاب تحقيق النصوص ونشرها للعلامة المحقق عبد السلام هارون الناشر: مكتبة الخانجي