في الواقع أني قرأت قبل عدة سنوات كتاباً يدافع صاحبه بحرارة عن أن السموات السبع هي طبقات الغلاف الجوي، ويحاول التدليل على ذلك بحجج ضعيفة. فتداخل ما علق بذهني من كلامه مع ما قرأت من صدر هذه الموضوع. ثم أن مقترح أن تكون طبقات الغلاف الجوي هي المقصودة من قول الله تعالى "
وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ " يجمع بين الجدة والغرابة. فلفظ الأرض يحمل الصفات المادية من جسوء واستقرار، وهو أمر بعيد جداً عن طبائع الغلاف الجوي الذي هو نفسه - من حيث اللغة - سماء للأرض يظللها. لذلك فإن مقترح أن تكون طبقات الغلاف الجوي سموات فوق الأرض، يُعد أقرب إلى الطبائع من أن تكون هيئة سماوية شكلية لبعض الأرض.
وإن كنت قد فندت في مداخلتي السابقة أن تكون طبقات الغلاف الجوي هي السموات السبع، فسيكون أقرب من ذلك تفنيد أن تكون هي المقصودة من قول الله تعالى "
وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ". وسبيلي في ذلك يجيء على النحو الآتي:
1- أن التقسيم السُّباعي للغلاف الجوي ليس تقسيماً سباعياً نوعياً ضرورياً في ذات الطبقات، بل هو أقرب إلى المواضعة التصنيفية بغرض قابليتها للدراسة. وذلك مثل تصنيف العلوم، فقد تجدها في زمن متقدم ثلاثة أنواع، وتجدها في زمننا هذا عشرات الأنواع. وكذلك الغلاف الجوي. وإليك مثلاً تصنيفاً خماسياً للغلاف الجوي تبعاً لدرجة الحرارة:
- Exosphere: 700 to 10,000 km
- Thermosphere: 80 to 700 km
- Mesosphere: 50 to 80 km
- Stratosphere: 12 to 50 km
- Troposphere: 0 to 12 km
وما أدرجته أنت – أخ ماجد – بإسم tropopause فهو ليس طبقة ذات سَمْك مثل باقي الطبقات، بل هو حاجز علوي لطبقة الـ Troposphere. وكذلك (stratopause) ليس إلا حاجز علوي لطبقة Stratosphere. لاحظ اسم (pause) في كليهما. ومن ثم تؤول الطبقات السبع التي أدرجتها أنت إلى خمس فقط.
وإذا تناولنا صفات فيزيائية أخرى غير درجة الحرارة، فسنجد أنه لزاما علينا أن نُضيف طبقات أخرى، مثل:
· The ozone layer
· The ionosphere
· The homosphere
· The planetary boundary layer
فأين هي إذاً الطبقات السبع الضرورية التي يتركب منها الغلاف الجوي؟!
- وما يقال عن الغلاف الجوي في شأن الطبقات السبع، يقال أيضاً على جرم الأرض، وتقسيمها إلى سبع طبقات تحت أقدامنا، وهو ما ذهب إليه الدكتور زغلول النجار في تفسيره للأراضين السبع. ولنفس السبب يُعد مقرحه هذا ضعيفا. فالعدد سبعة لطبقات الأرض أو الغلاف الجوي غير ضروري إلا من حيث التبسيط الدراسي، وليس الضرورة الطبيعة.
2 - أما من حيث كروية الشكل، فطبقات الغلاف الجوي ليست كروية أيضاً بالضرورة، ومثال ذلك أن الطبقة الرئيسية Troposphere الأقرب للأرض، يتراوح سَمكها بين 20 كم في منطقة خط الاستواء، وتهبط إلى 7 كم في المناطق القطبية. أي أنها بيضاوية الشكل ellipsoid. كما أن طبقة الأيوينوسفير ionosphere تتداخل مع طبقة الثيرموسفير Thermosphere، و يتمددان نهاراً بفعل حرارة الشمس حتى يصلا إلى ارتفاع 1000 كم، بخلاف الليل حيث يهبطا إلى قريب من 500 كم.
- أما أوجه الشبه التي ذكرتها – أخ ماجد – بين السموات السبع وطبقات الغلاف الجوي في رقم 4 و 5 - في صدر مداخلتك - فلا يمكن الاعتماد عليها لأن أحد الطرفين (السموات السبع) مجهول تماماً، وذلك فيما سميته أنت (مركزها) و (أن الجاذبية المركزية سبب تماسكها). ولا أدري كيف نستدل على مشابهة مع معلومات مجهولة!
- هذا ما يحضرني الآن، ومع كامل احترامي لمجهودك أستاذ ماجد، إلا أني أراه لا يصمد أمام التحقيق العلمي.