أبو الوليد التويجري
New member
- إنضم
- 24/05/2008
- المشاركات
- 145
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
هذا مقال نشر في موقع الألوكة لشيخنا أبي مالك العوضي، رأيتُ نقله هنا للفائدة .
نشر: الخميس: 6/11/1431 .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا مقال نشر في موقع الألوكة لشيخنا أبي مالك العوضي، رأيتُ نقله هنا للفائدة .
نشر: الخميس: 6/11/1431 .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الضابط الأول:
التحدي الوارد في القرآن لم يقع بالإعجاز العددي ولا بالإعجاز العلمي، ولذلك فإن قولنا هاهنا (الإعجاز) فيه شيء من التجوز؛ لأن المراد به أنه دليل على صدق محمد صلى الله عليه وسلم، لا أنه قد وقع التحدي به، نعم يمكننا نحن أن نتحدى به غيرنا، لكن المقصود أنه ليس هو الذي وقع به التحدي المذكور في القرآن.
الضابط الثاني:
الإعجاز العددي يمكن اعتباره نوعًا من الإعجاز العلمي؛ لأن الأساس المبني عليه الإعجاز العلمي هو أن محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف هذه العلوم، وهذا تقريبًا هو الأساس نفسه الذي ينطلق منه الإعجاز العددي.
الضابط الثالث:
الفكرة الأساسية في الإعجاز العددي هي أن هذه العلاقات الرياضية التي تكتشف في القرآن لا يمكن أن تحصل اتفاقًا، ولذا فحصولُها في أي كتاب يدل على أن صاحب هذا الكتاب على علم عميق بالعلاقات العددية، وعلى خبرة ومهارة عالية جدًّا في توفيق الكلمات لتكون متماشية مع هذه العلاقات، ولما كان محمد صلى الله عليه وسلم أميًّا ولا يعرف الكتابة والحساب، فلا يمكن أن يكون هذا الكتاب من وضعه، ولذلك لم يُمكن أحدًا أن يزعم أنه أتى به من عند نفسه، وإنما قصاراهم أن يزعموا أنه أخذه عن غيره، ولكن لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين، فثبت المطلوب وأنه كلام خالق البشر.
الضابط الرابع:
الإعجاز العددي مبني على أصلين لا يتم إلا بهما: الأول: الترابط العددي الخارج عن الموافقات المعتادة. الثاني: تواتر أمية الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه ليس بحاسب.
وهذان الأصلان لا يتم بناء الإعجاز العددي إلا عليهما معا، ولهذا فلا يمكن استعمالُ نتائج الإعجاز العددي في الطعن أو التشكيك في الأصول المتواترة عند العلماء؛ لأن الطعن في هذا التواتر كالطعن في أحد هذين الأصلين، فيئول الأمر إلى هدم الإعجاز العددي نفسه.
الضابط الخامس:
السبب في اشتراط الشرط السابق أن بعض الناس من المتمرسين يمكنه أن يأتي بأنواع من الأعاجيب تقرب من هذا الإعجاز العددي، كما عُرِف عن الحريري في عجائبه الشعرية، وكما في كتاب (عنوان الشرف الوافي) الذي جمع فيه صاحبه عدة فنون في كتاب واحد بحيث إذا قرئ العمود الأول كان علما وإذا قرئ الثاني كان علما آخر!!، وبعض المتأخرين له تفسير كامل للقرآن يخلو من الحروف المنقوطة ... إلخ، فإذا قال قائل: إن هذه العلاقات الرياضية غير مستحيلة على بني البشر كان الرد عليه بأنها مستحيلة من محمد صلى الله عليه وسلم لأنه ليس بحاسب، وكذلك فهي مستحيلة بالنظر إلى كيفية نزول القرآن مفرقا بحسب الحوادث.
الضابط السادس:
الإعجاز العددي لا يتنافى مع كون ترتيب السور اجتهاديًّا من الصحابة؛ لأن الله عز وجل لا يجمع الأمة إلا على الحق، ولأنه لا مانع أن يهتدي الصحابة إلى ما يريد الله أن يهديهم إليه؛ من باب حفظ الذكر؛ لأن ما يتجدد من وسائل اهتداء الناس ودعوتهم يمكن إدخاله في حفظ الذكر.
الضابط السابع:
العلاقات العددية التي يذكرها المكتشفون لا بد أن تكون قريبة غير معقدة؛ لأن الإعجاز أو التحدي لا يحصل إلا بالواضح القريب لا بالمتكلف البعيد؛ حتى يكون ممكنَ الفهم لجميع الناس.
الضابط الثامن:
لا بد أن تكون هذه العلاقات المكتشفة أو المفروضة بعيدة جدًّا من إمكان الاتفاق والمصادفة؛ وذلك لأن عجائب الاتفاقات كثيرة جدًّا بين البشر، ولا يمكن أن يحصل بها الدلالة على المطلوب فضلا عن التحدي والإعجاز.
الضابط التاسع:
لا بد أن تكون هذه العلاقات بعيدة عن نظرية (رامزي)، عالم الرياضيات المشهور، وهي النظرية التي تشير إلى أنه لا تخلو أي مجموعة من وجود علاقات خاصة بين أفرادها إذا توفرت فيها شروط خاصة، وهذا مثال مصغر: (إذا تخيرنا أي ستة أشخاص في العالم؛ فمن المؤكد أننا إما أن نجد ثلاثة منهم يعرفون بعضًا وإما أن نجد ثلاثة منهم لا يعرفون بعضًا)، فهذه العلاقة علاقة رياضية صحيحة مبنية على هذه النظرية وهي متعلقة بالعدد (6) نفسه، ونظرية رامزي أعم منها، ولكن هذا مجرد مثال للتوضيح.
الضابط العاشر:
العلاقات التي لها ما يشابهها في عالم الناس لا ينبغي إدراجُها في هذا الباب؛ لأن وجود ما يشابهها عند البشر ينافي كونها دليلا على الصدق فضلا عن الإعجاز، ومثال ذلك في عالم الواقع: العلاقات الرياضية العجيبة المكتشفة في (الهرم الأكبر)[1]، و(آثار ستونهنج) [2]، و(حضارة الإنكا)[3]، و(كهوف تاسيلي) [4]. نعم يمكن الاستئناس بها ولكن لا ينبغي التعويل عليها كثيرًا، إلا إذا ضممنا لها –كما سبق- ما تواتر من أمية محمد صلى الله عليه وسلم، وما تواتر من نزول الآيات مفرقة بحسب الحوادث.
الضابط الحادي عشر:
ثبوت الإعجاز العددي لا ينفي وجوهَ الإعجاز الأخرى، كما أن ثبوت الإعجاز البياني وغيره من وجوه الإعجاز لا ينفي الإعجاز العددي، وذلك لأنه لا توجد علاقة تنافٍ بين هذين الأمرين، ومن ثم فلا معنى لإقامة الحرب بينهما، ولا داعي للاعتراض بأحدهما على الآخر.
الضابط الثاني عشر:
مما يرتبط بالإعجاز العددي: الموافقات التاريخية والعلمية وغيرها، وذلك كنحو قوله تعالى: ﴿ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ﴾ [المنافقون: 11]، ففي الآية ذكر الأجل، ورقم الآية (11) وهي سنة وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما أن رقم السورة (63) وهو عمر الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ﴾ [الحديد: 25]، فإن رقم السورة (57) وهو الوزن الذري للحديد، ورقم الآية (26) بحساب البسملة، وهو العدد الذري له. ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾ [الكهف: 25] إشارة إلى الفرق بين التقويم الميلادي والهجري. ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 5] وأن كلمة (هي) هي الكلمة السابعة والعشرون من السورة إشارة إلى ليلة القدر. وهذه الكشوف يدرجها بعضُ الباحثين في الإعجاز العلمي وبعضهم في لطائف التفسير، وأراها ألصق بالإعجاز العددي، وعلى كل فالأمر في هذا واسع؛ لأنه مجرد اصطلاح.
الضابط الثالث عشر:
كل دراسات الإعجاز العددي فيما يظهر مبنية على العد الكوفي؛ لأنه هو المتاح في معظم البلاد الإسلامية، ولأنه هو الوحيد المستعمل في البرامج الحاسوبية فيما رأيت، وأعتقد أن دراسة الإعجاز العددي بناء على طرق العد الأخرى سيكون مجالاً جديدًا في هذا العلم، ومؤيدًا له إن صح، هذا إن كان الأمر مبنيًّا على الأعداد فقط، أما إن كان مبنيًّا على عدد الحروف أو الكلمات، فلا بد حينئذ من اعتبار القراءات الأخرى لأنها قد تختلف في الحروف كما هو معروف.
الضابط الرابع عشر:
ينبغي لمن يتكلم في هذا الباب أن يكون متمكنًا من الرياضيات؛ حتى لا يأتي بأمر لا يتعلق بالتوافق أصلا وإن كان معروفًا رياضيًّا، كما ينبغي أن يكون على درجة مناسبة من العلم بالمسائل المتعلقة بالقرآن وعلومه حتى لا تحمله كشوفُه على مخالفة المعلوم منها، ومثال ذلك أن يقول قائل: (قد ثبت الإعجاز العددي في العد الكوفي، ولم يثبت مثله في غيره من طرق العد، وهذا يدل على أن العد الكوفي فقط هو الصواب وأن غيره خطأ)!!، فهذا الكلام غير صحيح؛ لأن ثبوت الإعجاز العددي في بعض طرق العد لا يعني بالضرورة بطلان الطرق الأخرى، كما لم يكن ثبوتُ الإعجاز العددي في بعض الآيات دليلاً على بطلان الآيات الأخرى، وكذلك فإن ظهور علاقات عددية في العد الكوفي لا يعني عدم وجود علاقات غيرها في طرق العد الأخرى، وعدم كشفنا لهذه العلاقات لا يعني عدم وجودها، ومثال ذلك ما لو علمنا الإعجاز البياني مثلا في قراءة من القراءات، فإن هذا لا يدل -عند أحد من العقلاء- على بطلان القراءات الأخرى، ونكتة المسألة هي التفريق بين اختلاف التنوع واختلاف التضاد، فاختلاف طرق العد مثله مثل اختلاف القراءات يُعد من اختلاف التنوع الذي يتعدد الحق فيه.
الضابط الخامس عشر:
ينبغي أن لا يُرفض مثلُ هذا الإعجاز العددي بدعوى أن فيه بعض الأمور الباطلة؛ لأنه من المسلم به أن بطلان الباطل لا يقدح في غيره من الحق الثابت، ولا يوجد علم من العلوم إلا وفيه بعض الدعاوى الباطلة من بعض أهله، ولم يكن هذا يومًا قادحًا في هذه العلوم. ثم إن بعض العلاقات العددية في القرآن واضحة لكل إنسان لا يسعه القدحُ فيها، كمثل تكرر ذكر آدم مثلا (25) مرة وتكرر ذكر عيسى أيضًا (25) وهذا له تعلق بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ ﴾ [آل عمران: 59]، ومثل أن السموات سبع وقد تكرر هذا سبع مرات في القرآن، إلى غير ذلك من العلاقات التي تجد كثيرًا منها في موقع (الأرقام)[5].
والله تعالى أعلم.
المصدر: http://www.alukah.net/Social/0/26165
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ينظر هنا:
[2] ينظر هنا:
[3] ينظر هنا:
[4] ينظر هنا:
[5] ينظر هنا: