أحمد عاصم عامر
New member
بسم1
تمهيد : الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لانبي بعده ،
أما بعد :
فمن نعم الله تعالى الكثيرة على المسلمين اليوم إمكان القراءة عبر شبكة الانترنت ، وهو من التقنيات النافعة في تعليم القرآن الكريم بصورة صحيحة لطوائف عديدة من محبي القرآن الكريم ، إذ يتيح الفرصة لحفظ القرآن ا لكريم وتجويده وتعلم الروايات والقراءات وخاصة النساء وربات البيوت ، إذ يمكنهنّ من الاستفادة من المقارئ والمدارس الالكترونية على شبكة الانترنت دون الحاجة إلى الخروج من بيوتهن .
وهو يوفر كثيراً من الوقت والجهد والمال ، وربما يستطيع القارئ أو القارئة الوصول إلى الشيوخ المتقنين في مناطق بعيدة ممن قد لا يتسنى له لقياهم إلا بمشقة بالغة ، وتكاليف باهظة .
وقد أقر المجلس العلمي بالهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم ضوابط إقراء القرآن عبر المقارئ الالكترونية على شبكة الانترنت ، وذلك في اجتماعه المنعفد في جدة بتاريخ : 12/ربيع الاخر/1432 هـ ، الموافق : 17/مارس/2011 ، ورأيت أن أضيف بعض مرئياتي حول الموضوع سائلا الله تعالى التوفيق والسداد .
ذكر البيان أموراً يحسن الإشارة إليها:
أولاً : شروط إقراء القرآن الكريم التي يجب على المقرئ الاتصاف بها :
وهي الإخلاص ، التلقي من أفواه المشايخ المتقنين المسندين ، الأمانة ، أن يكون عارفاً بأحكام التجويد والوقف والابتداء ، الضبط التام للحفظ والأداء ، خلوه من أسباب الفسق ومسقطات المروءة .
قلت : ولعلنا نعرض في بحث لاحق – إن شاء الله - ما يلزم المقرئ بتفصيل أكبر .
ثانياً : شروط يجب توافرها في المتعلم الدارس في المقرأة الالكترونية :
المعرفة الجيدة باستخدام الحاسب الآلي ، كثرة تكرار ماسمعه من المعلم على الوجه الصحيح ، وحبذا لو يقوم المتعلم بتسجيل تعديلات أستاذه له .
· قلت : وينبغي أولا أن نفرق بين مقام التعلم والتصحيح ، ومقام قراءة الإجازة ، وعلى ذلك فالشروط السابقة إضافة إلى ما يتعلق بضوابط بيئة الاتصال – أدناه - كافية إذا كان المقام للتصحيح والتعليم المجرد .
ثم ذكر البيان : ضوابط إقراء القرآن الكريم عبر المقارئ الالكترونية
ثالثاً : ضوابط بيئة الإقراء (وسيلة الاتصال) :1- أن يكون الصوت على درجة عالية من الوضوح بحيث يسمع الشيخ صفات الحروف ويميز بينها .
2- تطابق وتزامن نطق الحروف والكلمات وشكل الشفتين قراءة ووقفاً .
3- أن تكون سرعة الاتصال بشبكة الانترنت عالية .
4- عندما يتغير الصوت أو ينقطع بسبب وسيلة نقل الصوت فعلى الشيخ أن يطلب من الدارس إعادة المقطع مرة أخرى .
تنبيه : ذكر البيان أمورا أخرى تتعلق ببيئة الاقراء ، إلا أنني رأيت أن الأنسب إيرادها مع ضوابط الإجازه أدناه .
ضوابط الإقراء لنيل الإجازة القرآنية :
ضوابط الإقراء برواية واحدة (وفقاً للبيان المذكور) :
· يشترط حصول المعلم على إجازة قرآنية بالرواية التي يقرئها ، ثم التأكد من حفظ الطالب للقرآن وحفظه لمنظومة الجزرية أو مايعادلها .
· حصر الملاحظات التي لم يستطع الطالب تمييزها ، ثم تحديد موعد مباشر بين الطرفين لتصحيح جميع الملاحظات .
· ومن الشروط الهامة : بقاء جزء على الأقل من القرآن الكريم يقرؤه الطالب مباشرة باللقيا بين المعلم والمتعلم ؛ ليعيد المتعلم أمام الشيخ في هذا اللقاء بعض الأوجه الأدائية التي فيها من الدقائق مايحتاج إلى ضبط أكثر ، كتسهيل الهمزات ، والروم ، والإشمام ... والتأكد من أداء بعض الصفات كالهمس والصفير ... إلخ .
قلت : إن الحصول على الإجازة شرف عظيم ومنزلة سامية إذ يتصل سند صاحبها بالنبي صلى الله عليه وسلم ، بل إنه - على الصحيح - يصل سنده إلى رب العزة منزل الكتاب سبحانه وتعالى . ولكن على طالب الإجازة القرآنية أن يحرص أولا وقبل كل شيء على الإتقان التام حتى يتحمل هده الأمانة بحقها ، ليؤديها كما تلقاها .
وهناك أمور أخرى أراها ضرورية للإقراء عبر الشبكة بقصد الحصول على الإجازة القرآنية للقراءات المفردة ، وبعضها ذكر في البيان ولكنه يحتاج إلى زيادة توضيح :
1- اجتياز اختبار مبدئي في الحفظ قبل البدء للتأكد من أن القارئ أو القارئة يقرأ من حفظه ، ويكون ذلك بطريقة مناسبة ، كأن يختبر عبر الشبكة من مواضع غير مرتبة أو بتوكيل الشيخ المقرئ لمن يختبر الطالب .
2- إجراء اختبارات كل عشرة أجزاء للحفظ من الشيخ المقرئ أو من يوكله للتأكد من استمرار ضبط الحفظ للطالب / الطالبة .
3- تعهد القارئ / القارئة بأن تكون القراءة طوال الوقت عن ظهر قلب ولا يسمح بفتح المصحف إلا بطلب من الشيخ المقرئ للتنبيه على وقف أو رسم كلمة مثلا .
4- وينبغي أن يكون الطالب مزكى في دينه وأمانته وعلمه من قبل أحد المشايخ الموثوقين لدى المقرئ .
5- يجب إجراء اختبار في كامل القرآن في نهاية الختمة ، ويكون مباشراً إن أمكن أو بتوكيل من يراه الشيخ لإجراء الاختبار .
6- أن يقرأ الطالب على الشيخ ختمة كاملة متقنة من حفظه .
7- أن يتأكد الشيخ (المجيز) أن هذا الدارس هو نفسه الذي أكمل معه الختمة في مجالسها المختلفة ، وذلك في حالات عدم وجود رؤية مباشرة بين الطرفين .
8- أن يكون متقنا للتلاوة إتقانًا تامًّا بحيث يتلافى جميع الملاحظات والتنبيهات التي وجهت إليه .
9- دراسة كتاب في الوقف والابتداء مثل معالم الاهتداء للحُصَري .
10- دراسة شرح متوسط للجزرية أو مايعادلها .
11- ينبغي حفظ منظومة للرواية التي يقرؤها الطالب ، وقد طبع مؤخراً الكثير من منظومات الروايات والقراءات المفردة .
ضوابط الإقراء بالإجازة بالقراءات السبع أو بالعشر (طبقاً للبيان) :
يشترط حصول الشيخ على إجازة بالقراءات السبع أو العشر بسند متصل ويكون الطالب حاصلا على إجازة لرواية واحدة على الأقل ، وكذلك حفظه لمنظومة الشاطبية والدرة بالنسبة للقراءات المتممة للعشر ، ويراعى كذلك قراءة جزء على الأقل مباشرة باللقيا بين المعلم والمتعلم ، ويتم إعادة بعض الأوجه الأدائية الدقيقة في هذا اللقاء .
قلت : أما قراء السبع فلا بد أولا من إتقان كل ماسبق ذكره في ضوابط القراءة برواية واحدة .
- يلزم تسميع أصول الشاطبية وفرش سورة البقرة على الأقل مع الفهم وحسن الاستدلال قبل البدء بجمع القراءات .
- ويشترط لمن يقرأ بالجمع توافر القدرة الذهنية التي يتمكن بها من الجمع .
- ويشترط كذلك التدرب على القراءات المفردة تدريبا كافيا أولا قبل الشروع في الجمع .
- أن يكون محفوظه من المتون متقدما على ما يقرأ به .
- وقراء العشر يزاد عليهم تسميع الدرة وفهمها والاستشهاد بها .
- ولا بد في نهاية الختمة من إعادة تسميع المتون في مجلس واحد أو ثلاثة مجالس على الأكثر قبل الإجازة بلقاء مباشر أو بتوكيل الشيخ المقرئ لمن يقوم بهذه المهمة ممن يوثق بعلمهم ودينهم وأمانتهم .
- وفي كل الحالات على المقرئ أن ينص في الأجازة على طريقة التحمل بأنها كانت عبر الهاتف أو الانترنت .
- ولا بد للمقرئ في جميع الأحوال أن يتأكد من ضبط القارئ / القارئة للحفظ والأداء والرواية والمتون قبل إجازته لأن هذه أمانة يسأل عنها أمام الله تعالى .
ضوابط إقراء النساء (حسبما ورد في البيان) :
يفضل القراءة على أستاذات متقنات ، وفي حالة الاضطرار لقراءة الطالبة على شيخ يكتفي بالصوت ويشترط موافقة ولي الأمر ، وقبل ذلك كله مراقبة الله وعدم الخروج مطلقاً عن التلاوة أو ما يتعلق بها من أحكام إلى أحاديث جانبية أخرى .
قلت : والأولى سد هذا الباب –أي إقراء الرجال للنساء- حتى عبر الشبكة ، لأن فيه خيراً كثيراً ، وفتنة عظيمة أيضاً ، ، ولا ينبغي أن يلجأ إليه إلا عند عدم المتقنات في بيئة القارئة ، مع الالتزام التام بالضوابط الشرعية .
أما إقراء الرجال للنساء مباشرة فالفتنة فيه أعظم إلا لمن حفظه الله ، وعلى القارئة - إن عدمت الأستاذات المتقنات في محيطها وبيئتها - أن تتخير المقرئ صاحب الديانة والصيانة والإتقان ، وحبذا لو كان فوق الخمسين ، ولابد من وجود المحرم ، ووجود ساتر بين المقرئ والقارئة. ولا أنصح بذلك للمقرئ إلا لمن يأنس من نفسه الحزم بحيث لا يفتح المجال لأي أحاديث أخرى غير القراءة وما يلزم له .
وفي النهاية : أهيب بإخواني المقرئين الفضلاء - وهم خيار كرام - أن لا يجيزوا أحدا إلا إن كان مستحقا تماما لذلك ، لأنها أمانة سنسأل عنها أمام الله تعالى ، وكونوا – إخواني - رفقاء بالطلاب ، حريصين عليهم ، مشجعين لهم ، ولكن لا تتساهلوا مطلقا في إعطاء الإجازة لهم .
وليست الإجازة مما يكافأ بالمال كما نص على ذلك أئمتنا ، فمن استحقها نالها ، ومن لم يستحقها لا يأخذها حتى لو دفع ملء الأرض ذهبا .
وخلاف العلماء في جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن معروف ومشهور ، ومن كان غنياً فليستعفف ، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ، لكن لاينبغي - على أي حال - أن يكون أخذ الأجرة على الوقت المخصص للإقراء مدعاة للتساهل في منح الإجازة ، أو وسيلة للتكثر ، ومن احتسب هذا التعليم فلا شك أنه أفضل وأزكى ، وما عند الله خير وأبقى .
ختاماً : ما كان فيما ذكرته من حق وصواب فمن الله تعالى ، وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان ، وسوف أكون شاكرا لمن يرشدني إليه ، إذ هو من النصيحة الواجبة لكتاب الله تعالى .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والحمد لله أولا وآخرا ، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
خادم القرآن وأهله /
عدنان بن عبدالرحمن العُرْضي
شيخ مقرأة جامع الملك خالد بالرياض
00966504865312