السلام عليكم جميعا أحبائي مرتادي ملتقي أهل التفسير:
تشكل القراءات وقراءها أصلا أصيلا فى علوم التفسير كما هو مقرر عند كبار المفسرين كالطبري وأبي حيان وغيرهما،
لذا صار من صميم علوم التفسير اليوم قراءات القراء ،
ومن أجل هذا رأيت أن نبدأ جميعا فى طرح ولو قاعدة معروفة عند القراء باختصار شديد ليتم التعليق عليها وهكذا حتى نصل إلى كم يجمع بعد هذا ويناقش فى بحث متخصص.
مثلا قاعدة (( لاتخلوا القراءات العشر من شواذ)).
قاعدة (( لاقيمة سندية لأي قراءة لم تحظ بالتواتر)).
أرجوا أن يتضح هذا المطلب ومقاصده الشريفة، وأن يستدل الجميع بأدلة واضحة معروفة من غير إخلال بالمنهج.
وفق الله الجميع.
ليس هذا العنوان جديدا لأنى قد كنت طرحته من قبل كفهرس لمسائل القراءات فى الملتقى المفتوح ،وفى هذا الملتقى العلمي كفهرس خاص للأعلام
والمنهج يبدأ
بالسهل القريب أولا بالقواعد المأثورة فى مراجع القراءات ،وهى كثيرة،
ولذا أطلب المساعدة لمن وجد قاعدة ظهرت له أن يطرحها علينا وتناقشها فى وسط إخواننا القراء ثم تدعم بأدلة وهكذا.
وفى الحقيقة هذا موضوع جديد والله المستعان وللمفسرين السبق وهم حائزون للتفضيل،فأرجوا المعونة ولامانع من الرجواع لقواعد التفسير للشيخ خالد السبت للمقابلة. والله ولي التوفيق.
القاعدة الثالثة من قواعد القراء( معرفة علوم القراءة دراية ورواية وتمييز الصحيح من السقيم والمتواتر من الشاذ وماتحل القراءة به ومالاتحل).
التوضيح : يقول الصفا قسي صاحب غيث النفع رحمه الله: وقد ابتلي كثير من الناس للتصدر للإقراء قبل إتقان العلوم المحتاج إليها فيه دراية ورواية وتمييز الصحيح من السقيم والمتواتر من الشاذ ومالاتحل القراءة به بل وماتحل . صفحة/4
قلت : ومن هذا المنطلق يجب أن يتحرى طلبة القراءات،فى الروايات المنتشرة، ماعدا المتواترة وإعطائها نصيبها من البحث ،بعد عرضها على ما تضمنته الكتب المعروفة كالنشرلابن الجزري،والتيسير للداني وغيرهما.
وفى ضوء ذلك : يرى العلماء الاشتغال بحفظ القراءة أولا والقراءات العشر ثانيا،ثم الانتقال إلى مابعدها،
ونموذجه طريقة ابن الجزري فى كتبه فهى تأخذ فى تحرير الطرق ،وعدم القراءة بما شذ وبمالايوجد كما يفعله كثير من المتساهلين القارئين بما يقتضيه الضرب الحسابي. المصدر السابق.
التعليق: هذه قاعدة عظيمة ، وتؤدي بالباحثين من القراء إلى النظر وعدم الاستعجال فى الحكم على المسئلة إلا بعد التحرى عنها فى مصادرها، اسأل الله أن يهدينا لما يحبه ويرضاه.
القاعدة الرابعة:
(( لايلزم من غلط الراوي ضعف المروي نفسه))
توضيح ذلك قال ابن الجزري عند إيراده لقراءة قنبل فى كلمة (مردفين) فى سورة الأنفال آية/9،
قال: (( إن ذكرت أي رواية الفتح مع غلطه فيها أىقنبل؛ فإن قراءة الفتح تبقى صحيحة ويذكر قنيل على سبيل البيان)) النشر 2/402.
وقال (( إذا ظن الراوي غلط المروي عنه لايلزمه رواية ذلك عنه إلا على سبيل البيان سواء كان المروي صحيحا أم ضعيفا،إذ لايلزم من غلط المروي ضعف المروي فى نفسه فإن قراءة مردفين بفتح الدال صحيحة مقطوع بها وقرأ بها ابن مجاهد على قنبل مع نصه أنه غلط فى ذلك ولاشك أن الصواب مع ابن مجاهد فى ذلك )) .المصدر السابق.
التعليق هنا : إن من قواعد القراءت المختلفة إيراد القراءات صحيحة كانت أو غيرصحيحة على سبيل البيان ولاسيما إذا كان مع هذه الرواية مايشير إلى تغليطها أو تضعيفها،
وانظر لقول الشاطبي رحمه الله،فى الشاطبية فى هذا الموضع قال وعن قنبل يروى وليس معولا،
ولذا فالمطلوب من الناظر فى الغلط ونحوه أن يعرف تلك القراءات أو المرويات وبحث القراء فيها،ومايرد فى مصنفاتهم منها بل ويحتاج لمعرفة حكمها بعد البحث والدراسة،
ومما ينبغى التنبه له أيضا أن الغلط إذا كان فى السند أوالمتن فحكم هذه الرواية أنها ساقطة وتروى على سبيل البيان .
وأما إذا كانت الغلط من جهة السند أو فى جهة منه فهو غلط من تلك الجهة لاغيرها إن وردت بإسناد آخر،
مثاله قراءة مردفين لغير قنبل فهى بالفتح لنافع وهى متواترة ،وإنما جاء الغلط فى رواية الفتح عن قنبل عن ابن كثير.
ولعل هنا فائدة: وهى أن من مناهج القراء عدة أمور:
المحافظة على وحدة الرواية فى القراءة، وذلك بإيراد كل ماوصل إليهم على سبيل البيان.
وكذلك إيراد ماوصل من أجل اقرار المهمة التاريخية للمرويات الكثيرة،
والفائدة الأخرى وهى اعتبار من كان من هذا الباب أى غلطا على سبيل الشواهد والمتابعات. وفق الله الجميع.
القاعدة الخامسة من قواعد القراءة :
( معرفة القراء) وأحوالهم وتراجمهم،وبشكل خاص أسانيدهم.
يقول :ابن الجزري رحمه الله: ولابد للمقرئ من أنسة بحال الرجال والأسانيد مؤتلفها ومختلفها وجرحها وتعديلها ومتقنها ومعضلها..
ثم قال :وهذا من أهم مايحتاج إليه وقد وقع لكثير من المتقدمين فى أسانيد كتبهم أوهام كثيرة،وغلطات عديدة من إسقاط رجال وتسمية آخرين بغير أسمائهم وتصحيف ذلك . منجد المقرئين/57.
لذا فإن من يطالع كتب القراءات المختلفة يلاحظ كثرة الأسانيد والمرويات،والأعلام والمصادر، وغالبها مبعثر فيها ،ولذا لم يكن علماء القراءات القدماء ينأون عن هذه التراجم، أو جرحهم وتعديلهم
وإن نظرة فاحصة لكتاب معرفة القراء الكبار للذهبي،وغاية النهاية لابن الجزري ،وجامع البيان للداني وغيرهم رحمهم الله لكفيلة ببيان أهمية ما بحثوه ودونوا فيه.
ولمزيد البيان أقول : يكاد المشتغلون بهذا العلم الجليل يتناسون مسالة تراجم القراء، وتأليف المصنفات فى معرفتهم،الهم إلا القليل النادر،
وليت طلبة القراءات يشتغلون بترجمة علم من هؤلاء الأعلام واستيفاء ذلك بدار منهجية علمية والخروج بنتائج وحقائق لاتجاهات القراء الكبار فى مروياتهم ،وتحديد أسباب اختياراتهم وانفرادهم، أو إكثارهم من المرويات ،
وإرجاع هذه المسألة إلى علم الجرح والتعديل المعروف عند المحدثين رحمهم الله.
فى هذه القاعدة : نتناول جزئية عظيمة ،تعد قاعدة وركيزة لطلب القراءات .
إن من أهم مايستأنس به طالب العلم عموما،والقراءات خاصة التماس فوائد العلوم،
وذلك من واقع الحاجة أولا، أو لطلب الزيادة فى الاطلاع.
وما علم القراءات إلا ضمن دائرة العلوم النافعة أولا،إلا أنه يزكو ويشتهر على بقية العلوم بتعلقه الواضح والشديد بكتاب الله عزوجل،
إذ لايعقل شرعا ولايتأتى لأحد أن يقرأ كتاب الله عزوجل إلا بعد أن يعرف رواية محددة بأصولها وفرشها، ليقوم بما أمره ربه قال تعالى (فاقرأوا ماتيسر منه ..) الآية.
وبين يدي عدد من الدرر والفوائد تعطي مزيدا من التعريف بفوائد علم القراءات وارتباطه بالعلوم الأخرى.
وهى خلاصة أحد البحوث العلمية الرصينة فى هذا المجال :
يقول المؤلف: (القراءات تظهر الواقع اللغوي الذي كان سائدا عند العرب قبل الإسلام..)
ويقول: ( منهج علم القراءات يختلف عن كل طرق النقلية التى نقلت بها المصادر الأخرى كالنثر والشعر لاعتماده على ضبط الرواية واتقانها ..)
ويقول: ( كانت القراءات على اختلافها أساسا لقيام المعجم العربي ،وكتب اللغات والنوادر والغريب والشوارد والشواذ وغيرها من كتب اللغة التى يظهر فيها أثر القراءات ..
ويقول أخيرا : (ولم يقتصر الأمر فقط عليها فقط بل ضمنت كثيرا من ذلك كتب التفسير .وإلى أن يقول :
فغدت كتبهم منارا للهدى وكعبة يحج إليها طلاب العلم من كل فج ومكان...) الخ . مقتطفات من تحقيق كتاب الشوارد فى اللغة .
قلت وغير هذا من الفوائد الشيئ الكثير المبثوث فى المصنفات . وفق الله الجميع
القاعدة رقم (7): معرفة فضائل القراءات.
حري بنا أن نعرف هذه القاعدة من بين الفضائل الكثيرة للقرآن وعلومه،
لقد ألف القدماء فى فضائل القرآن وضمنوا كتبهم فضائل القراءات،لعل من أبرزها حديث هشام بن حكيم فى الصحيحين ،و حديث (نزل القرآن على سبعة أحرف ) وقد رواه واحد وعشرون من الصحابة ونص صاحب الإتقان على تواتره.
لقد ذكر أبو عبيد القاسم بن سلام فى كتابه فضائل القران شيئا من فضائل القراءات ضمن معالم القرآن فى كتابه،
وهي تبرز الأهمية الكبرى لهذا العلم وفضيلته من بين علوم القرآن،
وعليه فمرجعية القراءات واضحة المعالم،ومن ثم حجيتها الثابتة.
أخيرا فهذه قاعدة جليلة ومن كانت عنده شبهة فليرجع إلى مصنفات علوم القرآن ،والقراءات ليجد الإجابة الوافية عنها.
تنبيه :هذا الطرح العلمي أثبته على سبيل القواعد اجتهادا على غرار ماأثبته كثير من المصنفين،
فى الأصول ،والمحدّثين واللغة أنظر معجم أصول الفقه، والمصباح المنير وغيرهما .والله الموفق.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
وبعد فتحية صادقة للدكتور أنمار لمشاركته عبر هذه الفقرة من قواعد القراءة.
وقد كنت أود أن أتكلم على قاعدة هامة ،ستكون تالية إن شاء الله نبهني عليها أخي الكريم ،
وهي تتعلق بأسرار تعلم القراءات وتعليمها،
ذلك الأجر العظيم،وتلك الطريقة التي تتلقى بها القراءات ،أي التلقى من أفواه المشائخ رحمهم الله،
ومن ثم تعليم من كانت قراءته من رواية مخالفة لحفص،أو من الطلبة الراغبين فى حفظ وإبقاء سلسلة أسانيد القراء مستمرة إلى يوم الدين إن شاء الله، أو من طلبة العلم الراغبين فى التزود من معين الهداية القرآنية لغة وتفسيرا وغيره مما تزخر به مادة القراءات.
لاأريد أن أطيل وأقول جزاك الله خيرا ولايستغني ملتقانا عن مشاركتكم وطرحكم الطيب .
والسلام عليكم ورحمة الله.
[color=0033FF] القاعدة : القواعد أصول العلم التى ترجع مسائله إليه. القواعد الفقهية لابن سعدي رحمه الله /12
ومراده أن تجمع مسائل متفرقة بكلام جامع ترقى بالطالب فى العلم.[/color]
وعليه فإذا اجتمعت شروط نظم القاعدة : بمعرفة أصول العلم وقواعده التى ترجع مسائله إليها.
كان ذلك من أقوى الأسباب لتسهيل العلم وفهمه وحفظه.
بالإضافة إلى أنها تجمع المسائل الشوارد.
والمتتبع لعلم القراءات خاصة يجده فى حاجة ماسة لهذا النوع من القواعد ،مع ملاحظة الفرق بين قواعد علم القراءات ،وقواعد القراءات الأدائية الكلية المعروفة.
إن توثيق القواعد مطلب هام للمتخصصين فى هذا العلم، والقراء كما هو معلوم معصومون فى حفظ القرآن وتبليغه وهذا دليل على أن العصمة فى الحفظ والبلاغ ثابتة لكل طائفة بحسب ماحملته من الشرع الحنيف. من كتاب العلاقة بين العلماء والناس.للشنقيطي /28.
ولذا فلعل من المناسب على القراء استجلاب دراسات لها،تنسبك فيها القواعد وهو ما سأتناوله إن شاء الله فى مقالنا، (قاعدتنا)القادمة إن شاء الله.والله الموفق