إذا كان هناك ثمة خلاف في توقيفية رسم عثمان رضي الله عنه للمصحف، فلا أعتقد أن لهذا الخلاف أثرا الآن ، فالمصاحف المكتوبة الآن كلها على رسم عثمانرضي الله عنه ، فالذي استقر عليه الأمر العمل بما عليه رسم عثمانرضي الله عنه ، ولله الحمد والمنة .
أما الخلاف جاء من خلال ما سمّوه بـ (الزيادات التحسينية ) وهي الزيادات التي طرأت على رسم المصحف سواء كان لدخول العجم في الإسلام ، أو تيسيرا على الناس ؛ وليس معنى هذا اعتبار شأن العوام في كل مسألة ، فكم ممن نادى بكتابة المصحف بالخط الإملائي تيسيرا على الناس ، فلم يلتفت لقائله جمهور القراء ، فالقرآن أساسه على التلقي (وإنك لتلقى القرآن ) ، فلو يسرنا الأمر للناس في كل صغير وكبير ما جلس شخص للتلقي إلا القليل ولضاع أهم ما يميز الأمة الإسلامية ( المشافهة ) .
وليس محمودا كثرة التغيير وكثرة الإضافات لأجل العوام ، فرسم التنوين نونا يذهب بتغاير النون عن التنوين ، حيث سمي النون نونا ، والتنوين تنوينا لوجود التغاير بينهما من حيث وجود هذا رسما ، وامتناع وجود التنوين رسما .
وما أذكره أن أحد الطلبة سألني لماذا رسموا التنوين في سورة الإخلاص (أحدٌ الله ) كما رسموه في حكم الإظهار في النون والتنوين ؟
فأجبته للتشابه بين المظهر والمحرك من حيث وجود صوت النون في كليهما ، مع ترك المشافهة ـ التي لا يستغنى عنها ـ للتفرقة بينهما . والله أعلم