صابر عباس حسن
New member
- إنضم
- 24/07/2010
- المشاركات
- 309
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الثلاثون من القرأن العظيم
(3)
صور حية للأخرة
وبعض آيات من سور المطففين
الصورة هنا تقرر أهمية الوعي بيوم الحساب
إن الإسلام ليس شعارات ترفع ثم يفعل الإنسان مايخالف الأخلاق والمبادئ التي أمرنا الله بها .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حمل علينا السلاح فليس منا . ومن غشنا فليس منا ..
رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
إن فساد المجتمع يأتي من عدم اليقين بالحساب في الدار الآخرة..ومن ثم الكيل بمكيالين في المعاملات والبيع والشراء..
ولا يستقيم حال البشرية في ظل ذلك الجور, إلا إذا عادوا إلى مبادئ الأسلام حيث العدل والمساواة في التطبيق بين الجميع..
*******
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)
عذابٌ شديد للذين يبخسون المكيال والميزان والذين يملكون إكراه الناس على ما يريدون . فهم يكتالون ( على الناس ). . لا من الناس . . فكأن لهم سلطانا على الناس بسبب من الأسباب , يجعلهم يستوفون المكيال والميزان منهم استيفاء وقسرا .
وليس المقصود هو أنهم يستوفون حقا . وإلا فليس في هذا ما يستحق إعلان الحرب عليهم . إنما المفهوم أنهم يحصلون بالقسر على أكثر من حقهم , ويستوفون ما يريدون إجبارا .
فإذا كالوا للناس أو وزنوا كان لهم من السلطان ما يجعلهم ينقصون حق الناس , دون أن يستطيع هؤلاء منهم استيفاء حق . .
ويستوي أن يكون هذا بسلطان المال وحاجة الناس لما في أيديهم منه ; واحتكارهم للتجارة حتى يضطر الناس إلى قبول هذا الجور منهم ; كما يقع حتى الآن في الأسواق...
والمطففون - في أية صورة من صور التطفيف في المال أو في سائر الحقوق والواجبات - هم الذين يخافون أكثر من غيرهم من تطبيق منهج الله العادل النظيف... الذي لا يقبل أكل أموال الناس بالباطل بأي صورة من الصور..
ألا يعتقد أولئك المطففون أن الله تعالى باعثهم ومحاسبهم على أعمالهم في يوم عظيم الهول؟ يوم يقوم الناس بين يدي الله, فيحاسبهم على القليل والكثير, وهم فيه خاضعون لله رب العالمين ….
********
كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9)
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (13)
كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)
********
صورة لعذاب المكذبين بيوم الحساب
كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)
لقد حجبت قلوبهم المعاصي والآثام , حجبتها عن الإحساس بربها في الدنيا . وطمستها حتى أظلمت وعميت في الحياة . . فالنهاية الطبيعية والجزاء الوفاق في الآخرة أن يحرموا النظر إلى وجه الله الكريم , وأن يحال بينهم وبين هذه السعادة الكبرى , التي لا تتاح إلا لمن شفت روحه ورقت وصفت واستحقت أن تكشف الحجب بينها وبين ربها . ممن قال فيهم في سورة القيامة: وجوه يومئذ ناضرة , إلى ربها ناظرة .
وهذا الحجاب عن ربهم , عذاب فوق كل عذاب , وحرمان فوق كل حرمان . وارتكس إلى درجة يستحق معها الجحيم : ( ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ ). . ومع الجحيم التأنيب وهو أمر من الجحيم : ( ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ )
***********
كتاب الأبرار
كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)
********
صورة مشرقة للأبرار
وهم المؤمنون الصادقون العاملون
إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)
( إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ) يقابل الجحيم الذي ينتهي إليه الفجار . .( عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ) أي إنهم في موضع التكريم , ينظرون حيث يشاءون , لا يغضون من مهانة , ولا يشغلون عن النظر من مشقة . . وهم على الأرائك وصورتها الأخروية علمها عند الله .
وهم في هذا النعيم ناعمو النفوس والأجسام , تفيض النضرة على وجوههم وملامحهم حتى ليراها كل راء : ( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ . يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ . خِتَامُهُ مِسْكٌ )
والرحيق الشراب الخالص المصفى , الذي لا غش فيه ولا كدرة . ووصفه بأنه مختوم ختامه مسك , قد يفيد أنه معد في أوانيه , وأن هذه الأواني مقفلة مختومة , تفض عند الشراب , وهذا يلقي ظل الصيانة والعناية .
كما أن جعل الختم من المسك فيه أناقة ورفاهية .. وهذه الصورة لا يدركها البشر إلا في حدود ما يعهدون في الأرض . فإذا كانوا هنالك كانت لهم أذواق ومفاهيم تناسب تصورهم الطليق من جو الأرض المحدود !
هذه هي السعادة الحقيقية الأبدية التي يجب أن تكون محل منافسة بين البشر , وليس التنافس في جمع المال عن طريق الخداع والفساد..
( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ )
*******
صورة للمؤمنين وهم يضحكون في الأخرة
وكانوا صابرين على الأذى في الدنيا .
كما قال تعالى في أخر سورة المؤمنون :
إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ -109
فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ -110
إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ -111
*******
فالعبرة بالخواتيم
واليكم الصورة الحية لهذا المشهد
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33)
فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34)
عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)
إن الذين أجرموا كانوا في الدنيا يستهزئون بالمؤمنين, وإذا مروا بهم يتغامزون سخرية بهم, وإذا رجع الذين أجرموا إلى أهلهم وذويهم تفكهوا معهم بالسخرية من المؤمنين.
وإذا رأى هؤلاء الكفار المؤمنين, وقد اتبعوا الهدى قالوا : إن هؤلاء لضالون .
ولكن في يوم القيامة تعدل الصورة ويضحك أهل الإيمان من هؤلاء الكفرة الفجرة ...
فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34)
عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (35)
هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)
********
نسال الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة..
ونسأله الفردوس الأعلى..
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إن في الجنة سوقاً يأتونها كل جمعة. فتهب ريح الشمال، فتحثوا في وجوههم وثيابهم ،
فيزدادون حسناً وجمالاً فيرجعون إلى أهليهم ، وقد ازدادوا حسناً وجمالاً ،
فيقول لهم أهلوهم : والله لقد ازددتم حسناً وجمالاً..
فيقولون : وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً "
((رواه مسلم)).
***********
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
الجزء الثلاثون من القرأن العظيم
(3)
صور حية للأخرة
وبعض آيات من سور المطففين
الصورة هنا تقرر أهمية الوعي بيوم الحساب
إن الإسلام ليس شعارات ترفع ثم يفعل الإنسان مايخالف الأخلاق والمبادئ التي أمرنا الله بها .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حمل علينا السلاح فليس منا . ومن غشنا فليس منا ..
رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
إن فساد المجتمع يأتي من عدم اليقين بالحساب في الدار الآخرة..ومن ثم الكيل بمكيالين في المعاملات والبيع والشراء..
ولا يستقيم حال البشرية في ظل ذلك الجور, إلا إذا عادوا إلى مبادئ الأسلام حيث العدل والمساواة في التطبيق بين الجميع..
*******
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)
عذابٌ شديد للذين يبخسون المكيال والميزان والذين يملكون إكراه الناس على ما يريدون . فهم يكتالون ( على الناس ). . لا من الناس . . فكأن لهم سلطانا على الناس بسبب من الأسباب , يجعلهم يستوفون المكيال والميزان منهم استيفاء وقسرا .
وليس المقصود هو أنهم يستوفون حقا . وإلا فليس في هذا ما يستحق إعلان الحرب عليهم . إنما المفهوم أنهم يحصلون بالقسر على أكثر من حقهم , ويستوفون ما يريدون إجبارا .
فإذا كالوا للناس أو وزنوا كان لهم من السلطان ما يجعلهم ينقصون حق الناس , دون أن يستطيع هؤلاء منهم استيفاء حق . .
ويستوي أن يكون هذا بسلطان المال وحاجة الناس لما في أيديهم منه ; واحتكارهم للتجارة حتى يضطر الناس إلى قبول هذا الجور منهم ; كما يقع حتى الآن في الأسواق...
والمطففون - في أية صورة من صور التطفيف في المال أو في سائر الحقوق والواجبات - هم الذين يخافون أكثر من غيرهم من تطبيق منهج الله العادل النظيف... الذي لا يقبل أكل أموال الناس بالباطل بأي صورة من الصور..
ألا يعتقد أولئك المطففون أن الله تعالى باعثهم ومحاسبهم على أعمالهم في يوم عظيم الهول؟ يوم يقوم الناس بين يدي الله, فيحاسبهم على القليل والكثير, وهم فيه خاضعون لله رب العالمين ….
********
كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9)
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (13)
كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)
********
صورة لعذاب المكذبين بيوم الحساب
كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17)
لقد حجبت قلوبهم المعاصي والآثام , حجبتها عن الإحساس بربها في الدنيا . وطمستها حتى أظلمت وعميت في الحياة . . فالنهاية الطبيعية والجزاء الوفاق في الآخرة أن يحرموا النظر إلى وجه الله الكريم , وأن يحال بينهم وبين هذه السعادة الكبرى , التي لا تتاح إلا لمن شفت روحه ورقت وصفت واستحقت أن تكشف الحجب بينها وبين ربها . ممن قال فيهم في سورة القيامة: وجوه يومئذ ناضرة , إلى ربها ناظرة .
وهذا الحجاب عن ربهم , عذاب فوق كل عذاب , وحرمان فوق كل حرمان . وارتكس إلى درجة يستحق معها الجحيم : ( ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ ). . ومع الجحيم التأنيب وهو أمر من الجحيم : ( ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ )
***********
كتاب الأبرار
كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)
********
صورة مشرقة للأبرار
وهم المؤمنون الصادقون العاملون
إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)
( إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ) يقابل الجحيم الذي ينتهي إليه الفجار . .( عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ) أي إنهم في موضع التكريم , ينظرون حيث يشاءون , لا يغضون من مهانة , ولا يشغلون عن النظر من مشقة . . وهم على الأرائك وصورتها الأخروية علمها عند الله .
وهم في هذا النعيم ناعمو النفوس والأجسام , تفيض النضرة على وجوههم وملامحهم حتى ليراها كل راء : ( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ . يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ . خِتَامُهُ مِسْكٌ )
والرحيق الشراب الخالص المصفى , الذي لا غش فيه ولا كدرة . ووصفه بأنه مختوم ختامه مسك , قد يفيد أنه معد في أوانيه , وأن هذه الأواني مقفلة مختومة , تفض عند الشراب , وهذا يلقي ظل الصيانة والعناية .
كما أن جعل الختم من المسك فيه أناقة ورفاهية .. وهذه الصورة لا يدركها البشر إلا في حدود ما يعهدون في الأرض . فإذا كانوا هنالك كانت لهم أذواق ومفاهيم تناسب تصورهم الطليق من جو الأرض المحدود !
هذه هي السعادة الحقيقية الأبدية التي يجب أن تكون محل منافسة بين البشر , وليس التنافس في جمع المال عن طريق الخداع والفساد..
( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ )
*******
صورة للمؤمنين وهم يضحكون في الأخرة
وكانوا صابرين على الأذى في الدنيا .
كما قال تعالى في أخر سورة المؤمنون :
إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ -109
فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ -110
إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ -111
*******
فالعبرة بالخواتيم
واليكم الصورة الحية لهذا المشهد
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33)
فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34)
عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)
إن الذين أجرموا كانوا في الدنيا يستهزئون بالمؤمنين, وإذا مروا بهم يتغامزون سخرية بهم, وإذا رجع الذين أجرموا إلى أهلهم وذويهم تفكهوا معهم بالسخرية من المؤمنين.
وإذا رأى هؤلاء الكفار المؤمنين, وقد اتبعوا الهدى قالوا : إن هؤلاء لضالون .
ولكن في يوم القيامة تعدل الصورة ويضحك أهل الإيمان من هؤلاء الكفرة الفجرة ...
فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34)
عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (35)
هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)
********
نسال الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة..
ونسأله الفردوس الأعلى..
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إن في الجنة سوقاً يأتونها كل جمعة. فتهب ريح الشمال، فتحثوا في وجوههم وثيابهم ،
فيزدادون حسناً وجمالاً فيرجعون إلى أهليهم ، وقد ازدادوا حسناً وجمالاً ،
فيقول لهم أهلوهم : والله لقد ازددتم حسناً وجمالاً..
فيقولون : وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً "
((رواه مسلم)).
***********
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى