صفات المنافقين

إنضم
12 يونيو 2003
المشاركات
31
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
بسم الله الرحمن الرحيم



المقدمه:
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد:
فهذه سلسلة متتابعة أبين فيها شيئا من صفات المنافقين وذلك لكثرتهم بين صفوف المسلمين، وخفاء الكثير من صفاتهم، ذلك لما يتصفون به من براعة في التمويه على المجتمعات المسلمه لقصد النيل من دينها وعقيدتها و أمنها، ولاشك أن كثرتهم مع تقصير كثير من طلبة العلم،علماء، ودعاة، وخطباء، في التحذير منهم يشكل خطرا عظيما على الأمة الإسلامية، لاسيما مع كثرتهم و وجود من يناصرهم من أعداء الاسلام والمسلمين،قال ابن بطة في الإبانة(1/114)عن كثرتهم:وقد جاءت الآثار تعبر عن كثرة المنافقين بين صفوف المؤمنين وحركتهم النشطة سعيا وفسادا، فشبههم ابن عمر بأنهم ذئاب بالليل،وذئاب بالنهار، وأخبر الحسن بأنه لولا المنافقين لاستوحشتم في الطرقات. أي خالية من المارة فيتخوف السائر فيها.
وأخبر مالك بن دينار بأنه لو نبت للمنافقين أذناب ما وجد المؤمنون أرضا يمشون عليها، وفي ذلك تعبير كما قلنا عن كثرتهم الكاثرة بين صفوف المؤمنين، وعن حركتهم الدائبة بين هذه الصفوف.
ومع حرصهم الشديد على الاختفاء إلا أن المتمعن في تحركاتهم وأساليبهم وخطاباتهم وإن ألبسوها بلباس أدبي وما يصدر عنهم من قرارات لابد أن تفرز منهم رائحة يشم منها النفاق، قال تعالى((ولتعرفنهم في لحن القول)).
ثم أما بعد:
فهذه مقدمة يسيرة لسلسلة صفات المنافقين ،والتي ستأتي تباعا بإذن الله تعالى،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 
موضوع مهم وفقك الله , في زمن الطابور الخامس وأظن أن الطوابير كثيرة في هذا الزمن , وأقترح أن تبدأ بالصفات التي ذكرها القرآن حيث قد تحدث عنهم القرآن كثيرأً كماتعلم ,ثم تعرج بما ورد في السنة .
 
شكر

شكر

أشكرك على توجيهك، وابشرك أن أصل الموضوع هو بعنوان(صفات المنافقين في القرآن)ولكن لأهمية فضح هؤلاء، وبيان الصفات التي قد تبدو خفية على البعض آثرت أن احاول استغراق كافة الصفات التي يتم بها كشف اللثام عن هذه الزمرة البغيضة عند الله وعند رسوله والمؤمنين،كما أنني سأبين عندما آتي على الصفة الأخيره أنها هي آخر ما استجمعه ذهني ، وما وصلت إليه يدي في البحث،ولكي يكتمل العقد في إبانة ما يمكن إبانته من صفات أهل الزيغ والضلال من المنافيق، آمل منك يا شيخنا الفاضل ومن غيرك ممن يطلع على هذا الموضوع إضافة ما لم اضفه من الصفات بعد فراغي من ذكرها، وجزاك الله خيرا وسدد خطاك وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
تعريف النفاق

تعريف النفاق

تعـريف النفاق:
لم يكن النفاق معروفا بهذا الاسم قبل الإسلام،ولم يظهر النفاق قبل الهجرة إلى المدينة, ذلك لقوة المشركين في ذلك الوقت,وعدم حاجتهم لإظهارهم خلاف ما يبطنون, بل كانوا يصرحون بما يختلج في نفوسهم من كره للإسلام و المسلمين،و كانوا يعلنون عداءهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين, وكانوا يتقربون لقومهم بهذا,فلما هاجر المسلمون للمدينة وقوية شوكتهم وخاصة بعد معركة بدر والتي كان المشركون يظنون أن هذه المعركة هي نهاية المسلمين كما قال تعالى عن المشركين قولهم لما قدموا لتلك الغزوة((إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غرً هؤلاء دينهم))(1),حتى قال أبو جهل في تلك الغزوة استخفافا بالمسلمين وغرورا بقوتهم:والله لا يعبد الله بعد اليوم(2)!!!!
ومن حينها احتاج المشركون للنفاق.
إذن فالنفاق هو:إظهار الإيمان باللسان وكتمان الكفر بالقلب.(3)وقال ابن جريج:المنافق يخالف قوله فعله,وسره علانيته,ومدخله مخرجه,ومشهده مغيبه.(4) وقال ابن رجب:النفاق في اللغة هو من جنس الخداع والمكر وإظهار الخير,وإبطان خلافه.(5) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:الزنديق في عرف هؤلاء الفقهاء, هو المنافق الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم,وهو أن يظهر الإسلام ويبطن غيره, سواء أبطن دينا من الأديان:كدين اليهود و النصارى أو غيرهم.أو كان معطلا جاحدا للصانع,و المعاد, والأعمال الصالحة.
ومن الناس من يقول: الزنديق هو الجاحد المعطل.وهذا يسمى الزنديق في اصطلاح كثير من أهل الكلام والعامة,ونقلة مقال الناس,ولكن الزنديق الذي تكلم الفقهاء في حكمه:هو الأول,لأن مقصودهم هو التمييز بين الكافر وغير الكافر,والمرتد وغير المرتد, ومن أظهر ذلك أو أسره.(6)
___________________________________
1-سورة الأنفال 49.
2-انظر تفسير ابن كثير لآية الأنفال.
3-التعريفات للجرجاني 245
4-انظر تفسير ابن كثير لقوله تعالى(ومن الناس من يقول أمنا بالله.....)البقرة.
5-جامع العلوم والحكم لابن رجب 2/480
6-مجموع الفتاوى 7/472
 
جزاك الله خيرا

ولعلك تخصص كلامك في هذا المنتدأ عن صفاتهم في القران الكريم لأنه ملتقى التفسير والقران لم يترك لهم صفة إلا ذكرها

وهناك كتب تخصصة في ذلك

مجرد اقتراح
 
صفـــــــــات المنافقين
الصفة الأولى : مرض القلب
قال الله تعالى : ((في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون)) قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هذا مرض في الدين وليس مرضا في الأجساد ,وهم المنافقون.(2)قال ابن جرير الطبري : وأصل المرض : السقم, ثم يقال ذلك في الأجساد والأديان، فأخبر الله جل ثناؤه أن في قلوب المنافقين مرضاً, وإنما عنى تبارك وتعالى بخبره عن مرض قلوبهم ,الخبر عن مرض ما في قلوبهم من الاعتقاد.(3) و قال ابن القيم: مرض المنافقين : مرض شك وريب......ثم الشك والجهل والحيرة والضلال و إرادة الغي وشهوة الفجور في القلب : تعود إلى هذه الأمور الأربعة فيتعاطى العبد أسباب المرض حتى يمرض فيعاقبه الله بزيادة المرض لإثارة أسبابه له.(4) وقال سيد قطب : في طبيعتهم آفة. في قلوبه علة. وهذا ما يحيد بهم عن الطريق الواضح المستقيم. ويجعلهم يستحقون من الله أن يزيد هم مما هم فيه.(5) قلت: وهذه الأمراض قد أجهزت على عقولهم , ومرجت أفكارهم ,فأصبحوا لايرون إلا السيء ,ولا يعرفون إلا القبيح, الشريف عندهم وضيع , والمعروف عندهم منكرا , والصالح عندهم طالحا ,حاربوا الفضيلة ,وعاشوا الرذيلة .نسأل الله العافية والسلامة من النفاق وأهله ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
_____________________
1- سورة البقرة (10)
2- تفسير ابن كثير
3- تفسير الطبري
4- شفاء العليل 99,نقلاً عن بدائع التفسير
5- الظلال
 
الصفة الثانيــــة : الخوف والرعب من انكشاف ما هم عليه:
قال تعالى:((يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرجٌ ما تحذرون))، يعلم المنافقون خبث طويتهم وسؤ مقاصدهم ولهذا فهم يحذرون من انكشاف سرهم ,وتبين أمرهم ,فهم يحذرون أشد الحذر من أن يطلع المؤمنون على نواياهم , وما يخططونه للنيل من الإسلام والمسلمين , ولكن يأبى الله إلا أن يفضحهم , ويبين عوارهم وذلك من خلال فلتات ألسنتهم , وزفرات ما تكنه قلوبهم , فتنبعث منهم رائحة كريهة صداها الكيد للدين وأهله , وما تخفي صدورهم أكبر, فهم لايقلون خبثاً عن أسلافهم في عهد النبوة حيث نزلت هذه السورة لفضح أولئك القوم من المنافقين فذكرتهم بأوصافهم ولم تذكرهم بالأسماء لتحصل فائدة التعميم بفضح هذا التيار على مر العصور.
قال ابن سعدي رحمه الله : كانت هذه السورة الكريمة تسمى (الفاضة) لأنها بينت أسرار المنافقين ، وهتكت أستارهم ,فما زال الله يقول : ومنهم ومنهم ، ويذكر أوصافهم ، إلا أنه لم يعين أشخاصهم لفائدتين :
إحداهما :أن الله ستير يحب الستر على عباده.
و الثانية : أن الذم على من اتصف بذلك الوصف من المنافقين ، الذين توجه إليهم الخطاب وغيرهم إلى يوم القيامه، فكان ذكر الوصف أعم وأنسب حتى خافوا غاية الخوف.( 1).

_______________________
1-تفسير ابن سعدي رحمه الله تعالى.
 
الصفة الثالثـه: الجلوس مع المستهزئن بآيات الله
الجلوس في مجالس المستهزئين بآيات الله ، ومؤانستهم ، ومسامرتهم ، لاشك أنه رضاً صريحاً أو ضمنياً بنشاز كلماتهم التي ما أرادوا بها إلا السخرية ، والاستهزاء بآيات الله ، وهذه من صفات المنافقين ، قال الله تعالى ((وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا))النساء 140 ، وماكان جلوسهم مع من يستهزيء بآيات الله ويسخر بها إلا لمرض في قلوبهم ، ونفاق فاضت به صدورهم .
قال الطبري رحمه الله في تفسيره : وقد نزل عليكم أنكم إن جالستم من يكفر بآيات الله ويستهزيء بها وأنتم تسمعون ، فأنتم مثله ، يعني : فأنتم إن لم تقوموا عنهم في تلك الحال ، مثلهم في فعلهم ، لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم وأنتم تسمعون آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها ، كما عصوه باستهزائهم بآيات الله، فقد أتيتم من معصية الله نحو الذي أتوه منها ، فأنتم إذاً مثلهم في ركوبكم معصية الله، وإتيانكم ما نهاكم الله عنه .
وفي هذه الآيه الدلالة الواضحه على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع ، من المبتدعة والفسقة ، عند خوضهم في باطلهم.
ولا يقل عن مجالستهم : الاستمتاع و الاعجاب بما يطرحونه عبر الشاشات ، والمذياع ، والصحف و المجلات ، فينطبق عليهم ما ينطبق على من يجالسهم وجهاً لوجه.
 
الصفة الرابعه :الاستهزاء بالمؤمنين
الإيمان منقبة ساميه ، وشرف لايدانيه شرف ، ومن افضل ما ينادي به الله المؤمن ، بيد أن أولئك الذين في قلوبهم مرض لايستشعرون مكانة من كان قلبه مطمئن بالايمان ، وعلو مرتبته عند الله ، فينقلبون الى شياطينهم في خلواتهم ، يخطبون ودهم بأن قولهم للذين آمنوا ما كان الا استهزاءً وسخرية بهم ، وإنما التبعية والتقليد والمودة ليست الا لكم ايها المتبوعون ، وهذا حال المنافق اذ لايقيم للإيمان وزناً ، ولا لأهله شأناً ،قال تعالى:)) وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا أمنا وإذا خلوا إلى شيطاينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون))1 فهم يلقون المؤمنين بوجه ، والمنافقين بوجه آخر، غير أن الوجه الحقيقي لهم هو ما يلقون به شياطينهم ، أما ذلك الوجه المستعار للقاء المؤمنين فماهو الانفاق مظلم يصدر من تحت عباءته كره شنيع للكتاب والسنة والمؤمنين ، ولو نزلنا هذه الصفة على أهل زماننا اليوم لتكشف طوابير من المنافقين الذين يظهرون الايمان والنصح والمودة وهم ابعد ما يكونون من ذلك .
 
للفائدة الشيخ ( سليمان بن عجلان العجلان ) هو محقق شرح الواسطية ، وشارح رسالة آداب المشي إلى الصلاة التي قدم لها اثنان من المشايخ .

محبكم ،

أبو زرعة التميمي
 
الصفة الخامسة :
الظن السيىء بالله تعالى:
إن مما يدمي القلب ويبعث على الأسى والألم أن تجد ممن أفاء الله عليهم بنعمة الخلق والرزق والصحة وموفور العافية من يظن بالله ظن السوء، حيث إن هذا خطب جسيم ، وخطر عظيم ،وأمر جلل ، تتصدع منه الجبال الراسيات ، وتنفر منه العقول السليمة ، بل وتكاد ألا تصدقه لو لم يكن الخبر عنه جاء من رب العالمين في قوله تعالى((ويعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا))( ) إذ أخبر الله عز وجل في هذه الآية عن أولئك النفر من المنافقين الذين ظنوا بالله ظن السوء، فقالوا : لن ينصر الله محمداً صلى الله عليه وسلم وقومه على قريش، ولن يعلي الله كلمته على الكافرين ، وغرهم ما يتميز به قريش على المسلمين من عدد وعده ! ولكن الله خيب ظن الذين نافقوا وأيد المسلمين بأعظم نصر إلى يوم القيامة ، قال الله عنه في كتابه العزيز((إنا فتحنا لك فتحا مبينا))( ) وما أشبه الليلة بالبارحة حيث يقول منافقو زماننا لن ينصر الله المسلمين على الكافرين أبدا! ونظروا في تقديرهم ذلك إلى العوامل المادية ، ونسوا أو تناسوا وعد الله لمن قلوبهم مليئة بالإيمان في قوله تعالى :((إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم))( ) ولاعجب في ذلك فالنفاق في قلوب أصحابه لايتغير بتغير الزمان فهم خلف أسوأ لسلف سيىء ، وامتداد لذلك الفكر المنحط ، قال سيد قطب في الظلال :وقد جمع النص بين المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ، في صفة ظن السوء بالله ، وعدم الثقة بنصرته للمؤمنين ، وفي أنهم جميعا ((عليهم دائرة السوء)) فهم محصورون فيها ، وهي تدور عليهم وتقع بهم ، وفي غضب الله عليهم ولعنته لهم ، وفيما أعده لهم من سوء المصير ، ذلك أن النفاق صفة مرذولة لاتقل عن الشرك سوءاً ، بل إنها أحط ، ولأن أذى المنافقين والمنافقات للجماعة المسلمة لا يقل عن أذى المشركين والمشركات ، وإن اختلف هذا الأذى وذاك في مظهره ونوعه.
وقد جعل الله صفة المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات هي ظن السوء بالله ، فالقلب المؤمن حسن الظن بربه ، يتوقع منه الخير دائماً ، يتوقع منه الخير في السراء والضراء ، ويؤمن بأن الله يريد به الخير في الحالين ، وسر ذلك أن قلبه موصول بالله ،وفيض الخير من الله لاينقطع أبداً ، فمتى اتصل القلب به لمس هذه الحقيقة الأصيلة ، وأحسها احساس مباشرة وتذوق ، فأما المنافقون والمشركون فهم مقطوعو الصلة بالله ، ومن ثم لايحسون تلك الحقيقة ولا يجدونها ، فيسوء ظنهم بالله ، وتتعلق قلوبهم بظواهر الأمور ، ويبنون عليها أحكامهم ، ويتوقعون الشر والسوء لأنفسهم وللمؤمنين ، كلما كانت ظواهر الأمور توحي بهذا ، على غير ثقة بقدر الله وقدرته ، وتدبيره الخفي اللطيف.
وقد جمع الله في الآية أعداء الإسلام والمسلمين من شتى الأنواع ، وبين حالهم عنده ، وما أعده لهم في النهاية ، ثم عقب على هذا بما يفيد قدرته وحكمته : ((ولله جنود السماوات والأرض ، وكان الله عزيزاً حكيما))
فلا يعييه من أمرهم شيء ، ولا يخفى عليه من أمرهم شيء ، وله جنود السماوات والأرض ، وهو العزيز الحكيم.
________________
1-سورة الفتح الآة 6
2-سورة الفتح الآية 1
3-سورة محمد الآية 7
 
أحسنت أحسنت
لا تتوقف عن هذا الخير

بارك الله فيك
 
الصفة السادسه :

التكاسل عن الصلاة :
المنافق قد يؤدي الكثير من الأعمال الصالحة والعبادات الجماعية ، بيد أنه لايستشعر حلاوة ذلك , حيث إن حلاوة الطاعة والأنس بها لايتذوقها قلب خرب قد مُليءَ بالحقد على الإسلام وأهله ، ولا أشد خراباً من قلبٍ امتلىءَ بالنفاق ، ولذا فهو يؤدي أعمال الطاعات بحركة مجردة من الإخلاص ، الذي هو الأصل في مقاصد العبودية ، وما كان ذلك من المنافق إلا ليوهم من حوله أنه على منهج مستقيم ، وذلك خوفاً من افتضاح أمره ، وانكشاف حاله ، فإذا كان مطمئناً فإنه لايؤدي ما كان يؤديه حال خوفه إذ انه يتثاقل عن صلاة العشاء و الفجر لأنهما يؤديان في العتمة والغلس فلا يشعر بغيابهم أحد ، وأما الأوقات الأخرى فإنه يتكاسل عن القيام إليها كما حكى الله تبارك وتعالى عنهم في قوله : (( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى....))( ) قال ابن كثير رحمه الله : (هذه صفة المنافقين في أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها وهي الصلاة . إذا قاموا إليها قاموا وهم كسالى عنها ، لأنهم لا نية لهم فيها ، ولا إيمان لهم بها ولاخشية ، ولايعقلون معناها ) .
قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : يصلون مراءات وهم متكاسلون ، متثاقلون ، لايرجون ثواباً ولايعتقدون على تركها عقاباً . وفي صحيح الحديث : ( إن أثقل صلاة على المنافقين العتمة والصبح ) . فإن العتمة تأتي وقد أتعبهم عمل النهار فيثقل عليهم القيام إليها ، وصلاة الصبح تأتي والنوم أحب إليهم من مفروح به ، ولولا السيف ما قاموا.اهـ
أما منافقوا زماننا فقد أمنوا العقوبة فأساؤا الأدب , وتركوا الصلاة نهاراً جهاراً , بل ويعلنون في بعض منتدياتهم وبكل وقاحة وصفاقة وجه : بأن مسألة إقامة الصلاة هي مسألة شخصية , وليس لأحد الحق في أن يتدخل في أمرها ! ونسي هؤلاء أو تناسوا حديث ابن مسعود رضي الله عنه عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الصلاة :( لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ، ثم أُحرِّق على رجالٍ يتخلفون عن الجمعة بيوتهم ). وإن المتأمل لهذا الحديث يجد فيه اموراً تدل على شناعة ترك الصلاة , ومنها :
الأول : التحريق إذ هو أمر ليس بالهين ولايهم به الرسول صلى الله عليه وسلم إلا لأمرٍ عظيم ، ولا أعظم ولا أشنع من ترك الصلاة.
الثاني : قوله صلى الله عليه وسلم : أحرِّق ، بصيغة المبالغة ، وهذا فيه دليل على التشديد بإنزال العقوبة على تارك الصلاة .
الثالثة : أنه صلى الله عليه وسلم لم يبحث هل أقاموا الصلاة في بيوتهم أم لا ، مما يفيد أن مجرد ترك الجماعة يوجب العقوبة على فاعله , والله المستعان .
 
الصفة السابعة :
صد الناس عن الإنفاق في سبيل الله :
مخططات تجفيف المنابع في كافة سبل الخير والبر والإحسان والدعوة إلى الله هي ديدن المنافقين منذ زمن عبد الله بن أُبي بن سلول و إلى يومنا هذا ، بل هي من أبرز صفات المنافقين حيث يضيقون ذرعاً بما يرونه مما تنفقه تلك الأيادي البيضاء الصادقة والتي تنفق إنفاق من لا يخشى الفقر فرحةً مسرورةً ، راغبةً في نوال البر من الله عز وجل ، متذكرةً قول الباري جل جلاله : ( لـن تـنـالوا البر حـتى تنفقوا مما تحبون ) ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:( ما نقص مالٌ من صدقة بل تزده بل تزده بل تزده ) ، ما دام ذلك ينفق على الفقراءِ والمساكين وأهل العوز والحاجة ، وفي مجال الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله ، فاغتاضوا لما يرونه من التسابق على أبواب البر والإحسان فحاكوا المؤامرات تلو المؤامرات لسد منافذ تلك التبرعات ، و وصموا أهل الخير بالتهم الباطلة والتي هم بُرءاؤا منها كبراءَة الذئب من دم يوسف ، ونمقوا عباراتهم بخطاب الناصح الأمين فصدقهم ضعاف النفوس ، وعملوا على وصاياهم في سد طرق الإنفاق في سبيل الله ، وهم بذلك يقتفون أثر أسلافهم من المنافقين حيث لم تستطع نفوسهم أن تصمد أمام ما يرونه من ذلك الإنفاق السخي على أهل الفقر والفاقة ممن هم حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأبانوا عما يختلج في نفوسهم وبكل صراحة ووقاحة فقالوا فيما حكى الله عنهم : (( هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا .... )) .
قال سيد قطب في الضلال : وهي قولةٌ يتجلى فيها خبث الطبع ،ولؤم النحيزة . وخطة التجويع التي يبدو أن خصوم الحق والإيمان يتواصون بها على اختلاف الزمان والمكان . ( ثم قال ) ذلك أنهم لخسة مشاعرهم يحسبون لقمة العيش هي كل شيءٍ في الحياة ، كما هي في حسهم فيحاربون بها المؤمنين .
إنها خطةُ قريش وهي تقاطع بني هاشم في الشعب لينفضوا عن نصرةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسلموه للمشركين !
وهي خطة المنافقين كما تحكيها هذه الآية لينفض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه تحت وطأت الضيق والجوع !
وهي خطة الشيوعيين في حرمان المتدينين في بلادهم من بطاقات التموين ، ليموتوا جوعاً أو يكفروا بالله ، ويتركوا الصلاة !
وهي خطة غيرهم ممن يحاربون الدعوة إلى الله بالحصر والتجويع ومحاولة سد أسباب العمل والارتزاق .
وهكذا يتوافى على هذه الوسيلة الخسيسة كل خصوم الإيمان ، من قديم الزمان ، إلى هذا الزمان .. ناسين الحقيقة البسيطة التي يذكرهم القرآن بها قبل ختام هذه الآية :
(( ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون )) أهـ بتصرف يسير.
 
أين أنتَ يا أخي أكمل بحثك المهم جدا
 
عودة
أعلى