أبو الوليد الهاشمي
New member
- إنضم
- 17/02/2009
- المشاركات
- 114
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
- الإقامة
- وهران
- الموقع الالكتروني
- www.minbarwahran.net
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
إن من حق علمائنا ومشايخنا الذين لهم يد علينا أن نجود من وقتنا لرفع الخمول عنهم، والجدير بنا أن نحب لهم ما نحب لأنفسنا من الذكر الحسن الجميل،،،
وإن لشيخنا عبد المجيد بن صادق بن إسماعيل بن سلطان بن إبراهيم الشهير بالآبادي (نسبة في ظني إلى عشق آباد عاصمة تركمانستان) حقا علينا معاشر تلاميذه، أن نعرف به، ونذكر بفضله جزاه الله عنا خيرا،،،،
وإني وإن لم أكن من مقربيه رحمه الله ولا أعرف عنه إلا القليل، إذ لم أصحبه إلا مدة قليلة قرأت عليه فيها قراءة عاصم من الشاطبية إلا أني سأذكر ما عرفته عنه رغم قلته راجيا من إخواننا -خصوصا تلاميذه- المقربين من أبنائه الأفاضل أن يحرصوا على إيفائنا بترجمة وافية عنه، ولا يفوتني أن أنبه من يملك نسخة من كتاب الشيخ إلياس البرماوي في تراجم قراء العصر، إلى أن ترجمته مذكورة هناك وكنت قد قرأتها منذ أعوام فيه.
على كل ولد شيخنا رحمه الله سنة 1352 للهجرة في المدينة النبوية على حد ظني، وهو من أصل تركماني، أو تركستاني.
تعلم القرآن وهو صغير وتعلم القراءات فأفرد لبعض الرواة على الشيخ حسن الشاعر رحمه الله شيخ قراء الحجاز في ذلك الزمان ثم جمع العشر كاملة من طريق الشاطبية والدرة وختم ذلك في سنة 1377 للهجرة،،،
كان رحمه الله كثيرا ما يقول لي: إن هذه القراءات التي تقرأها علي اليوم قرأتها أنا قبل خمسين سنة.
وحدثني رحمه الله تعالى عن ذاك اليوم قائلا إن الشيخ حسنا الشاعر رحمه الله لم يشأ أن يجيزه بالعشر إلا بعد امتحان شديد ليرى إن كان أهلا للإجازة أم لا، فجمع الجموع في يوم الختم واحتشد القراء والعلماء في مسجد رسول الله وقرأ التلميذ أواخر القرآن حتى ختم ثم صار يسأله عن حكم كذا وكذا فيجيب التلميذ، ويستدل من النظم ويورد وجه الشاهد، فأقرّ له الشيخ بعدُ بالنجاح وكرّمه أمام الحاضرين، وكان ذلك اليوم المشهود يوم الحادي عشر من شهر شعبان سنة 1377،،،
تدرج الشيخ رحمه الله في المدارس النظامية وبعد التخرج عين مدرسا في وزارة المعارف سنة 1380، ثم اشتغل برئاسة البحوث العلمية والإفتاء مراقبا للمصاحف ثم عين داعية مكلفا بالمسلمين ذوي الأصول الشرق آسيوية إذ كان يحسن لغتهم بالرئاسة إلى حين تقاعده سنة 1412،،،
اشتغل بعد مأذونا شرعيا، وكان يعقد الأنكحة بالمسجد النبوي، ولربما أعطى موعدا لأهل الزوجين بعد المغرب الوقت الذي أعرض فيه عليه جزئي من اليوم، وكان في البداية لا يأذن لي في أكثر من ربع حزب حتى يفي الوقت جميع القارئين، فكنت أتضجر من قدومهم كثيرا إذ أني غالبا ما أقضي وقتي في الانتظار دون جدوى فأرجع بخفي حنين، ثم صار بعدها يأذن لي في أكثر من ذلك رحمه الله حين خف عليه الطلبة فصرت أقدر على قراءة جزء كامل ولله الحمد،،
في الحقيقة أنني أدركت الشيخ في آخر حياته رحمه الله إذ لم يتم العام بعد ختمي للقرآن عليه، لكنني تعرفت إليه قليلا ورأيت من سماته وخصائله ما يدل على فضله، فقد كان متواضعا بشوشا طيبا رحمه الله تعالى، يرافقه أبناؤه الصغار في كثير من الأحيان إلى المسجد فيجلسهم بجانبه، لا يمل من إلحاح الطلبة كأنه بعد مرور السنين العديدة ملّ من الدنيا وصار ينظر إلى أمام فتراه حريصا على أن يفيد بقدر الإمكان أكثر عدد من الطلبة جزاه الله خيرا،،،
ممن الأمور التي رأيتها فيه:
1- الضبط التام للقرآن الكريم حفظا وقراءة (على الأقل قراءة عاصم)، مما يدلل على صحة مقولة ذلك الرجل من السلف رحمهم الله أن أهل القرآن لا يختلطون بأواخر أعمارهم،،،
2- الحرص على حضور صلاتي المغرب والعشاء كل ليلة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم بعد سكنه عنه رحمه الله لا يريد من ذلك إلا إفادة الطلاب، وكان يزعجه أن يأتي في المواسم (رمضان، والحج) لكثرة الزحام، فكان يعتذر عن ذلك ويأمر طلابه أن يأتوه إلى بيته، وكنت قد زرته في بيته مرة واحدة فقط، من أجل أن أستلم الإجازة، فسرّته رؤيتي رحمه الله، ورأيت يومها إجازته في العشر معلقة في جدار البيت بصورة كبيرة وخط واضح عليها إمضاء الشيخ الشاعر رحمه الله.
3- كان دائما يجلس مستدبر القبلة تعظيما لها رحمه الله تعالى إذ كان لا يقدر على طول الجلوس ضاما رجليه مما يضطر إلى بسطهما فيرى أن ذلك أمرا مكروها، مع أنه كان نادرا ما يضطر إلى استقبالها فيقول لي لا بأس في ذلك لكن أكرهه.
4- لم يكن قادرا على السجود لمرضه رحمه الله، لكن لم يكن يفوت على نفسه القيام في الصلاة ولا الركوع رغم أنهما كانا يجهدانه قليلا، وكان بطيء المشية حتى إنه لتكاد تفوته الركعة أحيانا إذا أتى متأخرا رحمه الله على طول صلاة الشيخ الحذيفي حفظه الله.
5- حبه للمسلمين من دول شرق آسيا وتعاطفه الشديد معهم حتى إن الواحد منهم إذا أتى ليأخذ جميع الوقت يسأله الشيخ عن أحواله وأحوال البلد هناك، وكان عنده طالبان اثنان في ذلك الوقت أظنهما من تركمانستان، كان أحدهما صيّتا حافظا للقرآن، حسن القراءة والتجويد.
6- أخشى ما كنت أخشاه أن يموت الشيخ رحمه الله ولما أكمل عليه القراءة، لكن الله يسر لي والحمد لله أن أكملتها قبل وفاته بأشهر، فقد ختمت في أواخر شهر ربيع الأول من عام 1428 وحررت الإجازة في أول ربيع الثاني، وتوفي الشيخ رحمة الله عليه في ليلة الأربعاء الموافق الثاني من شهر ذي الحجة 1428هـ عن 76 سنة من عمر قضى معظمه في تعليم القرآن، وصلي عليه في المسجد النبوي فجر ذلك اليوم، تغمده الله بواسع رحمته، ولم أعلم بوفاته إلا بعد أشهر عديدة، حين اتصل علي بعض إخواننا من المدينة، فأعلمني بذلك، ولكم كانت كبيرة علي يومها، والآن أيضا حين أكتب هذه الكلمات،،،،
رحم الله شيخنا الفقيد وجزاه عنا خيرا، وجعل ما قرأناه ونقرئه في موازين حسناته وحسنات سائر مشايخنا، فقد كان من خير الناس رحمه الله، والنبي صل1 يقول كما في الصحيح عن عثمان رضي الله عنه: خيركم من تعلم القرآن وعلمه، فقد جاوز رحمه الله تعالى على الأربعين عاما وهو يعلم القرآن في مسجد رسول الله صل1 منذ 1377 إلى 1428 في آخرها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله أجمعين.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
إن من حق علمائنا ومشايخنا الذين لهم يد علينا أن نجود من وقتنا لرفع الخمول عنهم، والجدير بنا أن نحب لهم ما نحب لأنفسنا من الذكر الحسن الجميل،،،
وإن لشيخنا عبد المجيد بن صادق بن إسماعيل بن سلطان بن إبراهيم الشهير بالآبادي (نسبة في ظني إلى عشق آباد عاصمة تركمانستان) حقا علينا معاشر تلاميذه، أن نعرف به، ونذكر بفضله جزاه الله عنا خيرا،،،،
وإني وإن لم أكن من مقربيه رحمه الله ولا أعرف عنه إلا القليل، إذ لم أصحبه إلا مدة قليلة قرأت عليه فيها قراءة عاصم من الشاطبية إلا أني سأذكر ما عرفته عنه رغم قلته راجيا من إخواننا -خصوصا تلاميذه- المقربين من أبنائه الأفاضل أن يحرصوا على إيفائنا بترجمة وافية عنه، ولا يفوتني أن أنبه من يملك نسخة من كتاب الشيخ إلياس البرماوي في تراجم قراء العصر، إلى أن ترجمته مذكورة هناك وكنت قد قرأتها منذ أعوام فيه.
على كل ولد شيخنا رحمه الله سنة 1352 للهجرة في المدينة النبوية على حد ظني، وهو من أصل تركماني، أو تركستاني.
تعلم القرآن وهو صغير وتعلم القراءات فأفرد لبعض الرواة على الشيخ حسن الشاعر رحمه الله شيخ قراء الحجاز في ذلك الزمان ثم جمع العشر كاملة من طريق الشاطبية والدرة وختم ذلك في سنة 1377 للهجرة،،،
كان رحمه الله كثيرا ما يقول لي: إن هذه القراءات التي تقرأها علي اليوم قرأتها أنا قبل خمسين سنة.
وحدثني رحمه الله تعالى عن ذاك اليوم قائلا إن الشيخ حسنا الشاعر رحمه الله لم يشأ أن يجيزه بالعشر إلا بعد امتحان شديد ليرى إن كان أهلا للإجازة أم لا، فجمع الجموع في يوم الختم واحتشد القراء والعلماء في مسجد رسول الله وقرأ التلميذ أواخر القرآن حتى ختم ثم صار يسأله عن حكم كذا وكذا فيجيب التلميذ، ويستدل من النظم ويورد وجه الشاهد، فأقرّ له الشيخ بعدُ بالنجاح وكرّمه أمام الحاضرين، وكان ذلك اليوم المشهود يوم الحادي عشر من شهر شعبان سنة 1377،،،
تدرج الشيخ رحمه الله في المدارس النظامية وبعد التخرج عين مدرسا في وزارة المعارف سنة 1380، ثم اشتغل برئاسة البحوث العلمية والإفتاء مراقبا للمصاحف ثم عين داعية مكلفا بالمسلمين ذوي الأصول الشرق آسيوية إذ كان يحسن لغتهم بالرئاسة إلى حين تقاعده سنة 1412،،،
اشتغل بعد مأذونا شرعيا، وكان يعقد الأنكحة بالمسجد النبوي، ولربما أعطى موعدا لأهل الزوجين بعد المغرب الوقت الذي أعرض فيه عليه جزئي من اليوم، وكان في البداية لا يأذن لي في أكثر من ربع حزب حتى يفي الوقت جميع القارئين، فكنت أتضجر من قدومهم كثيرا إذ أني غالبا ما أقضي وقتي في الانتظار دون جدوى فأرجع بخفي حنين، ثم صار بعدها يأذن لي في أكثر من ذلك رحمه الله حين خف عليه الطلبة فصرت أقدر على قراءة جزء كامل ولله الحمد،،
في الحقيقة أنني أدركت الشيخ في آخر حياته رحمه الله إذ لم يتم العام بعد ختمي للقرآن عليه، لكنني تعرفت إليه قليلا ورأيت من سماته وخصائله ما يدل على فضله، فقد كان متواضعا بشوشا طيبا رحمه الله تعالى، يرافقه أبناؤه الصغار في كثير من الأحيان إلى المسجد فيجلسهم بجانبه، لا يمل من إلحاح الطلبة كأنه بعد مرور السنين العديدة ملّ من الدنيا وصار ينظر إلى أمام فتراه حريصا على أن يفيد بقدر الإمكان أكثر عدد من الطلبة جزاه الله خيرا،،،
ممن الأمور التي رأيتها فيه:
1- الضبط التام للقرآن الكريم حفظا وقراءة (على الأقل قراءة عاصم)، مما يدلل على صحة مقولة ذلك الرجل من السلف رحمهم الله أن أهل القرآن لا يختلطون بأواخر أعمارهم،،،
2- الحرص على حضور صلاتي المغرب والعشاء كل ليلة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم بعد سكنه عنه رحمه الله لا يريد من ذلك إلا إفادة الطلاب، وكان يزعجه أن يأتي في المواسم (رمضان، والحج) لكثرة الزحام، فكان يعتذر عن ذلك ويأمر طلابه أن يأتوه إلى بيته، وكنت قد زرته في بيته مرة واحدة فقط، من أجل أن أستلم الإجازة، فسرّته رؤيتي رحمه الله، ورأيت يومها إجازته في العشر معلقة في جدار البيت بصورة كبيرة وخط واضح عليها إمضاء الشيخ الشاعر رحمه الله.
3- كان دائما يجلس مستدبر القبلة تعظيما لها رحمه الله تعالى إذ كان لا يقدر على طول الجلوس ضاما رجليه مما يضطر إلى بسطهما فيرى أن ذلك أمرا مكروها، مع أنه كان نادرا ما يضطر إلى استقبالها فيقول لي لا بأس في ذلك لكن أكرهه.
4- لم يكن قادرا على السجود لمرضه رحمه الله، لكن لم يكن يفوت على نفسه القيام في الصلاة ولا الركوع رغم أنهما كانا يجهدانه قليلا، وكان بطيء المشية حتى إنه لتكاد تفوته الركعة أحيانا إذا أتى متأخرا رحمه الله على طول صلاة الشيخ الحذيفي حفظه الله.
5- حبه للمسلمين من دول شرق آسيا وتعاطفه الشديد معهم حتى إن الواحد منهم إذا أتى ليأخذ جميع الوقت يسأله الشيخ عن أحواله وأحوال البلد هناك، وكان عنده طالبان اثنان في ذلك الوقت أظنهما من تركمانستان، كان أحدهما صيّتا حافظا للقرآن، حسن القراءة والتجويد.
6- أخشى ما كنت أخشاه أن يموت الشيخ رحمه الله ولما أكمل عليه القراءة، لكن الله يسر لي والحمد لله أن أكملتها قبل وفاته بأشهر، فقد ختمت في أواخر شهر ربيع الأول من عام 1428 وحررت الإجازة في أول ربيع الثاني، وتوفي الشيخ رحمة الله عليه في ليلة الأربعاء الموافق الثاني من شهر ذي الحجة 1428هـ عن 76 سنة من عمر قضى معظمه في تعليم القرآن، وصلي عليه في المسجد النبوي فجر ذلك اليوم، تغمده الله بواسع رحمته، ولم أعلم بوفاته إلا بعد أشهر عديدة، حين اتصل علي بعض إخواننا من المدينة، فأعلمني بذلك، ولكم كانت كبيرة علي يومها، والآن أيضا حين أكتب هذه الكلمات،،،،
رحم الله شيخنا الفقيد وجزاه عنا خيرا، وجعل ما قرأناه ونقرئه في موازين حسناته وحسنات سائر مشايخنا، فقد كان من خير الناس رحمه الله، والنبي صل1 يقول كما في الصحيح عن عثمان رضي الله عنه: خيركم من تعلم القرآن وعلمه، فقد جاوز رحمه الله تعالى على الأربعين عاما وهو يعلم القرآن في مسجد رسول الله صل1 منذ 1377 إلى 1428 في آخرها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله أجمعين.