شغلتني الفاتحة اليوم شغلا

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
شغلتني اليوم سورة الفاتحة شغلا:

وأهم ما شغلني أني تأملت فوجدت أنها قريبة الفهم لجميع الناس خواصهم وعوامهم حتى الأمي الجاهل يستطيع أن يفهم ظاهر معانيها ، فليس في ألفاظها ما يحتاج لبحث في المعاجم لمعرفة معناها ، وهذه الخاصية لا تجدها في أي سورة من سور القرآن جميعا بما في ذلك أقصر سور القرآن الإخلاص والكوثر.

فكأنها لا تحتاج إلى بيان ولا إلى توضيح وتأويل ، فيكفي القارئ أن يقرأ فيعي جُلَّ معانيها الظاهرة ، وذلك لجلاء معانيها ، ووضوح آياتها ، وسهولة ألفاظها ، ذلك مع تفاوت فهمها والإلمام بمعانيها ومراميها من قارئ لآخر بحسب التفاوت العلمي ، وذكاء العقل ، ونقاء القلب وسعته ، وزكاء النفس.
ورغم ذلك فإن سورة الفاتحة هي أكثر سور القرآن التي أفردت بالبحث والدراسة والتأويل ، وبعض آياتها قد كتب فيها مجلدات ضخمة ، فضلا عن الكتب والمؤلفات والتي تعد بالمئات - بلا مبالغة - بلا إحصاء مما هو معلوم مشهور وما هو ليس مشهورا أو معلوما.

فقد افتتح الله عز وجل كتابه بهذه السورة ؛ لأنها جمعت مقاصد القرآن، وشملت الدين كله أصوله وفروعه ، فهي إجمال لِما يحويه القرآن ، فجميع القرآن تفصيل لِما أجملته الفاتحة ، والقرآن كالشرح لها، وذلك لأن معاني القرآن الكريم تدور حول محورين أساسين وهما الإيمان والعمل، وكلاهما قد ذكر أساسهما في الفاتحة.

والفاتحة أعظم سورة نزلت من السماء ذلك لأنها قد تضمنت جميع معاني الكتب المنزلة ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها: (ما أنزلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها).
وقال عنها أيضا: (الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته).
وقد شملت الفاتحة أنواع التوحيد الثلاثة ، توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات.
قال ابن القيم رحمه الله في فضلها: فاتحة الكتاب ، وأم القرآن ، والسبع المثاني ، والشفاء التام ، والدواء النافع ، والرقية التامة ، ومفتاح الغنى والفلاح ، وحافظة القوة ، ودافعة الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارها ، وأعطاها حقها ، وأحسن تنزيلها على دائه ، وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها ، والسر الذي لأجله كانت كذلك. وقد ثبت في الصحيح أن بعض الصحابة رقى بها اللديغ فبرأ لوقته ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( وما أدراك أنها رقية).
 
خلاصة تفسير سورة الفاتحة

خلاصة تفسير سورة الفاتحة

خلاصة تفسير سورة الفاتحة
بسم الله الرحمن الرحيم
و {الحمد لله} على نعمه المنزلة من السموات والخارجة من الأرض,{رب العالمين} من الجن والإنس,{الرحمن} بمؤمنهم وكافرهم,{الرحيم} بعباده المؤمنين يوم الحساب,{ملك يوم الدين} يوم الحساب والعقاب الذي توجب خشيته اتقاءه بمطابقة عملنا لقولنا,{اياك نعبد} ونتوسل إليك بعبادتنا لك وحدك إلى استجابة دعائنا إياك وحدك,{واياك نستعين} على طلب الهداية إلى الدين الحق بسؤلنا لك وحدك,{اهدنا الصراط المستقيم} وثبتنا على الطريق الموصلة إليك ولا تزغ قلوبنا بعد أن هديتنا حتى لا نضل كالنصارى ولا تغضب علينا كاليهود, فاهدنا إلى {صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}, آمين يا رب العالمين.
 
للفاتحة عدة أسماء نذكرها كالتالي:
الأول: فاتحة الكتاب:- وقد ورد هذا الاسم في أحاديث عدة منها ما أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي [1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أُنَادِيَ: «أَنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ». ونحوه ما أخرجه الجماعة [2] عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ».
وقيل سبب تسميتها بهذا الاسم لأن الله تعالى قد استفتح بها القرآن، وبها تستفتح الصلاة، وبها يستفتح المبتدئ بعد ختمه القرآن.
الثاني: أم الكتاب أو القرآن :- كما ورد عند الترمذي والنسائي وأحمد وغيرهم بسند صحيح [3] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِثْلَ أُمِّ القُرْآنِ، وَهِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَهِيَ مَقْسُومَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ». وعند ابن خزيمة بلفظ: «مِثْلَ أُمِّ الْكِتَابِ». وأخرج الترمذي وأحمد بإسناد على شرط مسلم [4] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الحَمْدُ لِلَّهِ أُمُّ
القُرْآنِ وَأُمُّ الكِتَابِ وَالسَّبْعُ المَثَانِي». قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح .
وقيل سميت بذلك لأنها ابتداء القرآن، وأم كل شيء ابتداءه وأصله ولذلك قيل لمكة أم القرى لأن الأرض دحيت من تحتها. وقيل: لأنها مقدمة وإمام لما يتلوها من السور يبدأ بكتابتها في الصحف وبقراءتها في الصلاة .
وقيل: إنما سميت بذلك لتضمنها معاني القرآن مجملاً، لأن فيها حمد الله والثناء عليه، والإقرار له بالربوبية والعبودية، وذكر جملة من أسماءه وصفاته العليا، وذكر يوم القيامة، وفيها الدعاء والرغبة إليه في الهداية إلى الإسلام والثبات عليه، والتذلل والخضوع والتسليم لأمره سبحانه، وذكر طريق المؤمنين من النبيين والصالحين، وطريق المكذبين ممن غضب الله عليهم وهم اليهود، وذكر من ضل عن الدين وهم النصارى، وغير ذلك مما سنذكره في تفسيرها، وجاء القرآن به مفصلاً ومبيناً ، وكتاب إنما نزل لبيان وإيضاح هذه المعاني التي ذكرنا أنها موجودة فيها.
الثالث، والرابع: السبع المثاني، والقرآن العظيم :- وهذين الاسمين ثبتا عن النبي ﷺ، فيما أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي وأحمد [5] عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي، فَدَعَانِي النَّبِيُّ ﷺ فَلَمْ أُجِبْهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، قَالَ:«أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ؟»، ثُمَّ قَالَ: «أَلاَ أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ»، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ قُلْتَ: «لَأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ» قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ». ونحوه أخرجه الترمذي والنسائي وغيرهما بإسناد صحيح [6] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا أُبَيُّ» وَهُوَ يُصَلِّي، فَالتَفَتَ أُبَيٌّ وَلَمْ يُجِبْهُ، وَصَلَّى أُبَيٌّ فَخَفَّفَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، مَا مَنَعَكَ يَا أُبَيُّ أَنْ تُجِيبَنِي إِذْ دَعَوْتُكَ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ:«أَفَلَمْ تَجِدْ فِيمَا أُوحِي إِلَيَّ أَنْ {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24] قَالَ: بَلَى وَلَا أَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: «تُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الفُرْقَانِ مِثْلُهَا»؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ»؟ قَالَ: فَقَرَأَ أُمَّ القُرْآنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الفُرْقَانِ مِثْلُهَا، وَإِنَّهَا سَبْعٌ مِنَ المَثَانِي وَالقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُهُ». قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وأخرج البخاري [7] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أُمُّ القُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالقُرْآنُ العَظِيمُ».
السبع المثاني: لأنها سبع آيات باتفاق العلماء، قيل: سميت بالمثاني لأن الله استثناها لأمة محمد ﷺ، لم يعطها أمة قبها، وقيل: سميت بذلك لأنها تثنى في كل ركعة، أي تعاد.
والقرآن العظيم، أي هي أصله على ما تقدم ذكره.
الخامس: الشافية :- لما أخرجه سعيد بن منصور، والبيهقي [8] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنَ السُّمِّ». وإسناده ضعيف جداً، وقد أخرج نحوه الدارمي [8] عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ». وإسناده صحيح إلا أنه مرسل .
السادس: الرقية :- وهذا وارد فيما أخرجه الجماعة [9] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ كَانُوا فِي سَفَرٍ، فَمَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ، فَقَالُوا لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ؟ فَإِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ لَدِيغٌ أَوْ مُصَابٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: نَعَمْ، فَأَتَاهُ فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَبَرَأَ الرَّجُلُ، فَأُعْطِيَ قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَقَالَ: حَتَّى أَذْكُرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَاللهِ مَا رَقَيْتُ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟» ثُمَّ قَالَ: «خُذُوا مِنْهُمْ، وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ».
وسميت الوافية:- قيل: لأنها لا تقسم في القراءة في الصلاة كما يقسم غيرها من السور.
والكافية :- قيل: لأنها تكفي عن غيرها في الصلاة ولا يكفي عنها غيرها.
ذكر فضلها :
كل حديث تقدم فهو يدخل في فضلها، ونزيد هنا ما أخرجه مسلم والنسائي [10] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: « هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ».
وأخرج النسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط مسلم [11] عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي مَسِيرٍ فَنَزَلَ، فَمَشَى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى جَانِبِهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ الْقُرْآنِ»؟، قَالَ: فَتَلَا عَلَيْهِ: «{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]».
وأخرج الجماعة، غير البخاري [12] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: « قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي شَطْرَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ » قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:«اقْرَءُوا: يَقُولُ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَيَقُولُ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] فَيَقُولُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، يَقُولُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، فَيَقُولُ اللَّهُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي فَهَذَا لِي، وَهَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ يَقُولُ الْعَبْدُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]- يَعْنِي فَهَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي - وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، وَآخِرُ السُّورَةِ لِعَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَهَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ».
وأخرج الإمام أحمد في مسنده بإسناد حسنه ابن كثير [13] عَنْ ابْنِ جَابِرٍ، قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَدْ أَهْرَاقَ الْمَاءَ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيّ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَمْشِي، وَأَنَا خَلْفَهُ، حَتَّى دَخَلَ رَحْلُهُ، وَدَخَلْتُ أَنَا إِلَى الْمَسْجِدَ، فَجَلَسْتُ كَئِيبًا حَزِينًا، فَخَرَجَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ تَطَهَّرَ، فَقَالَ: «عَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» . ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَابِرٍ بِخَيْرِ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ؟» قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «اقْرَأِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى تَخْتِمَهَا».
 
عودة
أعلى