قد قرأ نافع على سبعين من التابعين ، وهو إمام أهل المدينة في القراءة بلا منازع ، وقد قرأ عليه مالك وقال قراءة نافع سنة ـ وقد تلقى أهل المدينة بما فيهم الفقهاء والقراء قراءته بالقبول من غير نكير منهم. فمن كانت منزلته بهذه المثابة لا يحتاج إلى إسناد مرويّاته رواية رواية ، بل له الاختيار المطلق لأنّ قراءته تحوي الكثير من المصادر ، وتصدّره في المدينة يغنيه عن التقيّد في روايته بشيخ من الشيوخ ، وهو من أهل القرون المشهود لها بالخيرة. فالقراءة تنسب إليه ، ونسببتها تنتهي إليه لا إلى غيره.
خلافاً لورش فإنّه يروي عن نافع ، وروايته للقرءان تختصّ بروايته عن نافع ، والقراءة لا تُنسب إليه بل تُنسب إلى نافع ، وإنّما هو مجرّد راو عن نافع كبقيّة الرواة كقالون والمسيّبي وغيرهم.
فهل يجوز له أن يختار رواية لم يقرأ بها عن نافع ثمّ يُسندها إلى نافع. الجواب : لا يجوز
هل يجوز له أن يختار وجهاً صحيحاً وينسب ذلك لنفسه. الجواب نعم يجوز له أن يختار وجهاً وأن يقرأ به في الصلاة وفي غير الصلاة لكن لا يجوز له أن ينسبه إلى نافع ولا يجوز للأئمّة أن يدرجوا اختياره ضمن مروياته عن نافع ، والحمد لله فإنّ الأئمّة أدرجوه مع التنبيه عليه ، ومادام نبّهوا عن ذلك يجب أن لا نعامل اختيار ورش معاملة ما رواه عن نافع.
ولو أن رجلا قرأ العشر ثم اختار أحرفا من قراءة نافع واختار أصول قراءة حمزة مثلا في الهمزات وأخذ أصول ورش في الإمالة وغير ذلك ، ثم نسب الاختيار لنفسه، وأسند قراءته بهذه الأحرف إلى شيوخه في القراءات العشر ومنهم إلى أصحاب هذه الأصول والأحرف ومنهم إلى رسول الله ، فما المانع الشرعي في ذلك ، وما دليل المنع؟
ليس هناك مانع شرعيّ لأنّه قرءان ومن الأحرف السبعة. هذا جواب فقهي لا أنازع الفقهاء فيه.
لكن نحن القراء نمتاز بالرواية والإسناد ، ونحن ملزمون بذلك على سبيل الرواية وكلام ابن الجزري في النشر واضح لا غبار عليه.
يجوز لك أن تخلط بين الروايات لكنّك ستجيز بأيّ إسناد ؟ وكيف ستسمّي تلك الرواية أتسمّيها رواية ورش أم رواية هرش ؟
ستقول : أنسبها لنفسي. أي قراءة عمر علي. قراءة عن من ؟
الجواب : وبالتالي ستظهر الكثير من القراءات الجديدة : قراءة الشيخ عبد الحكيم وستكون بلا شك بالفرجة ، وقراءة الشيخ بوصو ، وقراءة الشيخ الجكني وقراءة الشيخ محمد ماديك.
ثم بعد ذلك سنحرّر هذه القراءات : فمن قرأ من طريق الشيخ عبد الحكيم تجب الفرجة ، ومن قرأ من طريق الشيخ بوصو يجب انطباق الشفتين ، وهكذا
ثم وداعاً يا الشاطبية ويا الطيّبة
ثم وداعاً يا الشاطبية ويا الطيّبة
وبعد ذلك فكّها يا عمر علي.