سورة آل عمران ودعوة أهل الكتاب

أبو عاتكة

New member
إنضم
20 مايو 2004
المشاركات
260
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد
فإن محور سورة آل عمران هو محاجة أهل الكتاب وإبطال عقيدتهم المنحرفة في الله وفي المسيح عليه السلام وبيان صدق ما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم
ولا يخفى ماجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن صدرها إلى ثلاث وثمانين آية منها نزلت في وفد نجران ...
فقرأت السورة متلمساً بعض هذه الحجج والبراهين والوسائل في جدالهم إما نقلاً أو تدبراً أو طلبا للمساعدة فيما استشكل من آياتها فربنا المرجو أن يبارك فيما يطرح هنا والمجال مفتوح للجميع في التعقيب أو الاستدراك أو التصويب
فأهدافي من هذا الموضوع :
1.بيان حجج قوية وواضحة في دعوة أهل الكتاب يسهل تناولها من قبل الدعاة ومن يحاورهم .
2.فهم أعمق لكلام الله تعالى والمقصودمنه على الجانب الشخصي .
3. الاستفادة من أهل التخصص في هذا الملتقى لإثراء الموضوع بما يحقق أهدافه بصورة أحسن .
4.تطوير ملكة البحث وإعداد المواضيع من خلال استدراكات الفضلاء في الملتقى

 
فائدة (1) :
تسمية السورة بآل عمران بداية مثيرة تنقض عقيدة النصارى في كون عيسى عليه السلام إلهاً أو ابن إله , فهي تشير إلى أنه بشر معروف العائلة ونسب أمه معروف ومن العجيب أن إنجيل ( متى ) الإصحاح الأول وإنجيل (لوقا) الإصحاح الثالث يذكر نسب المسيح عليه السلام .

أصل المعلومة من كلام الشيخ عبد المحسن المطيري في برنامج التفسير المباشر - قناة دليل

يتبع إن شاء الله
 
فائدة (2) :
يقول جل وعلا (( الم (1) اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )) فوصِف الله تعالى بهاتين الصفتين ( الحياة - القيومية ) اللتين تضمنهما اسماه الحي القيوم ردٌ على النصارى الذي يدّعون ألوهية المسيح عليه السلام فالإله الحق له الحياة التامة والتي لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء ولا يتخللها موت . كذلك هو قائم على جميع شؤون خلقه ومدبر لمصالحهم يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها ومن ينزل من السماء وما يعرج فيها وهذا يتعارض مع واقع عيسى عليه السلام الذي أتى عليه حينٌ من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ويخالف ما يعتقده النصارى في عيسى عليه السلام بأنه مات وقبر ثلاثة أيام ( إنجيل متى 12) فكيف لإله يموت ويغيب عن تدبير خلقه ؟
يتبع إن شاء الله
 
فائدة (3) :
(( الم (1) اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ))
في هذه الآية لفتة أن أول ما نبدأ به في دعوة غير المسلمين هو التعريف بديننا الحق قبل أن نتطرق للخلل والتناقض في دينهم . فالطريقة الأمثل هي في بيان محاسن الدين الإسلامي وبضدها تتميز الأشياء .فكثيراً ما نرى بعض المحاورين لأهل الكتاب يبدأون خطابهم بالحديث عن تناقضات كتاب النصارى ويُغرِقون في تفاصيل هذا الأمر ولكن أرى من خلال تجربة أن أقرب الأساليب لقبول قول الداعي هو البدء بالتعريف بالإسلام ومحاسنه وسيأتي في آية رقم 20 إن شاء الله إشارة لهذا الأسلوب .
يتبع إن شاء الله
 
فائدة (4) :
في قوله تعالى (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ )) فعبر بنزل في حق القرآن وأنزل في التوراة والإنجيل فنزل تناسب التكثير فالقرآن نزل منجما مفرقاعلى مدار ثلاث وعشرين سنة وفي التوراة والإنجيل قال أنزل لأنها نزلت دفعة واحدة كما قال أهل العلم ( راجع تفسير السورة لابن عثيمين )وهنا مدخل في إقناع غير المسلم بصدق القرآن والذي نزل في هذه الفترة الطويلة ومع ذلك لم تجد فيه تباين ولا اختلاف ولم يستطع أحد معارضته ولا المجيء بمثله ولم يخطئ في خبر قط مع تعدد حوادثه وتكرارها فسبحان من هذا كلامه .
يتبع إن شاء الله
 

فائدة (5)
نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ

وصف القرآن بـ ( مصدقا )
أولا : المقصود به
المعنى الأول : أن القرآن يشتمل على الهدى الذي جاءت به الكتب السابقة من الدعوة للتوحيد والأمر بالفضائل واجتناب الرذائل وَإِقَامَةِ الْعَدْلِ وَمن الوعد والوعيد وَالْمَوَاعِظِ وَالْقَصَصِ .
المعنى الثاني :أن الكتب قبل القرآن بشرت بما في القرآن وبصفة محمد صلى الله عليه وسلم فجاء القرآن على ما ذكروا من الصفات فصدقها .

ثانيا : الجانب الدعوي في الآية :
على المعنى الأول :
ويحتاج مزيد تأمل لكن من تتبع أحاول الناس بعد عيسى عليه السلام وما عليه الأمم من الإشراك بالله وعبادة الأوثان وقارن ما أتى به القرآن الكريم من مبادئ التوحيد والإيمان باليوم الآخر والأنبياء والملائكة وجد جليا أن القرآن والكتب السماوية قبل تحريفها كانت من مشكاة واحدة .وبعد تحريفها بعموم ما جاءت به من الإيمان بالله والإخلاص لله والإيمان بأمور الغيب . فابتعاد الناس عن سبيل الله أبعدهم عن قبول المعتقدات الغيبية فجاء القرآن يقرر هذه الحقائق كما في حديث الحبر اليهودي الذي جاء للنبي صلى الله عليه وسلم يخبره عن أن الله تعالى يوم القيامة يمسك السموات على أصبع والأرضين على أصبع...) الحديث
" فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تعجبا وتصديقا"
وغيرها من المعاني التي قد يستوحش معتقدها إذا لم يجد من يوافقه ويصدقه .فهذا المدخل وسيلة إقناع في قبول الحق الذي جاء به القرآن .
على المعنى الثاني :
وقد كتبت فيه كتب تذكر ما بشر ت به التوراة والإنجيل من صفة النبي صلى الله عليه وسلم وصفة أصحابه ومطابقتها لصفته عليه الصلاة والسلام وما أخبر عنه القرآن .
 
هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

يقول ابن كثير رحمه الله :
وَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا تَعْرِيضٌ بَلْ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عَبْدٌ مَخْلُوقٌ، كَمَا خَلَقَ اللَّهُ سَائِرَ الْبَشَرِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ [تَعَالَى] (4) صَوَّرَهُ فِي الرَّحِمِ وَخَلَقَهُ، كَمَا يَشَاءُ، فَكَيْفَ يَكُونُ إِلَهًا كَمَا زَعَمَتْهُ النَّصَارَى -عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ-وَقَدْ تَقَلَّبَ فِي الْأَحْشَاءِ، وَتَنَقَّلَ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:} يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [الزُّمَرِ: 6]
 
فائدة (7)


(( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌهُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ )) الآية
من الأمور المهمة في مناظرات أهل الكتاب وما يوردونه على أهل الإسلام من شبهات استحضار قاعدة ( رد المتشابه إلى المحكم )
قد يدعي بعض النصارى أن القرآن يثبت ألوهية المسيح عليه السلام كقوله تعالى ( وروح منه ) و ( وكلمة من الله ) وكما يذكر القرآن الكريم عن عيسى عليه السلام أنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى .
وشهدتُ مجادلة في الانترنت بين نصارى ومسلمين فأوردوا تقرير القرآن الكريم أن عيسى عليه السلام روح من الله فأجاب بعض المسلمين المتواجدين في الموقع بإجابات لم تكن سديدة فحرفوا معنى روح إلى معاني أخرى , فمثل هذا مع ما يظهر من ضعف حجة المسلم يعزز الشبهات فيمن يحضرون
فالمفترض أولا في مثل هذه النقاشات أن نرد المتشابه للمحكم ابتداءً ومن لوازمه أن تكون الأمور المحكمة واضحة وحاضرة في تصور المناظر المسلم وأدلتها النقلية والعقلية ومن ثم ترد إليها المشتبهات .
بغير هذه الطريقة سيغرق المناظر المسلم في التعامل مع تأويلاتهم الباطلة وشبهاتهم المنحرفة
 
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهاب
فائدة (8) : رسالة مهمة جداً لمن نذر نفسه لمناظرة ومجادلة أهل الكتاب أن يلتجئ دوماً لله عز وجل ويسأله الثبات على الدين الحق وأن يعتبروا بحال من في قلوبهم زيغ .
فائدة (9) : وفي الآية رسالة أخرى أن يخاطبوا قلوب المدعوين وأن يذكروهم أن الله تعالى يريد منهم إسلام القلب وليس لأحد على قلبك سبيل إلا الله تعالى , فتكون البداية أن يفتح العبد قلبه للبحث عن الحق وقبوله .
فائدة (10) : في الآية إشارة مهمة لقضية مجربة أن العبد كائنا من كان إذا سأل الله تعالى صادقاً أن يهديه للطريق الحق فإن الله سيهديه .
يقول الشيخ يوسف استس في إجابته لأحد السائلين متحدثا عن نفسه : بعد أن ثبت لديه تناقض دين النصارى وصل لقناعة بأنه ليس هو الدين الحق ولم يكن بعد مقتنعاً بالإسلام فالتجأ إلى الله تعالى وسأله الهداية فوجد رغبة كبيرة في السجود لله تعالى فسجد ودعا قائلا إلهي إن كنت موجوداً فاهدني وبفضل الله تعالى شرح الله صدره للإسلام .يقول : وها أنا ذا لي تسع عشرة سنة أدعو ربي كل يوم سبع عشرة مرة (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) .
وحدثني غير واحد من الفلبينين الذين اعتنقوا الدين الإسلامي وكانوا صادقين في بحثهم عن الحقيقة لما دعوا الله تعالى وفقهم وهداهم .
 
زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)


فائدة (9) :قابلت من النصارى من يمتنع عن قبول الإسلام لكثرة القيود والأشياء الممنوعة فيه - على حد قوله - فهذه الآية مدخل جميل لمثل هؤلاء.
أولاً المتاع الذي قد يحرم منه أو المتاع الذي يصرفه عن الإيمان إنما هو متاع قليل زائل وأن النعيم الحقيقي هو فيما أعده الله تعالى لمن اتقاه ولمن أحبه وأطاع أمره .
من جهة أخرى أن في الجنة ما يعوضه عن كل ما في الدنيا من النعيم فالمتعلق بالخمر يخبر بوجودها في الجنة بصورة مغايرة لما هي عليه في الدنيا من فساد طبعها وقبح أثرها .وكذا في الأمور التي تجعله يخلد إلى الأرض .
 
فائدة (12):
قوله تعالى :
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
من الجوانب الدعوية في الآية :
أن الله عز وجل هنا شهد لنفسه بالتفرد بالألوهية فنسأل هل شهد عيسى عليه السلام لنفسه بذلك حتى يزعم أنه هو الله ؟
في إنجيل يوحنا 17:3 يصرح عيسى عليه السلام بأنه مرسل من عند الله .
من لديه نصوص بتصريح عيسى عليه السلام في كتابهم أنه ليس إله فآمل التكرم وإفادتنا هنا .

جانب دعوي آخر أن شهادة العلماء تدل على أن المسألة ليس دعوى فقط بل هي دلائل وبراهين إذ شهادتهم بناءً على قدرتهم على إثبات ذلك واليقين به .
والآية تحتاج تأمل أعمق فآمل أن نرى مشاركات الإخوة هنا ..
 
"ولتكن منكم أمة يدعون ...!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
"كنتم خير أمة أخرجت ..........!!!!!!!!!!!!
ماسر إيرادهما هنا وفي هذه السورة بالذات ..؟؟؟
 
لفتة جميلة أخي صالح الرويلي ويؤكد هذا الأمر على أهمية العمل الدعوي في دعوة غير المسلمين من أهل الكتاب خصوصا وهو حافز لنا لبذل المزيد في ذلك ..
 
إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ( 19 ) )
فائدة (13) : من الصفات التي ينبغي أن تكون في الدين الذي يحبه الله ويرضاه ويتفق عليها من يمارس التدين , أن يكون الدين استسلاما لله وخضوعا وطاعة وإخلاصا له جل وعلا دون شريك تكتنفه طمأنينة ويعمره سلام .هذه المعاني حواها اسم واحد هو (( الإسلام ))
وهذه المعاني التزمها الانبياء من قبل وأتباعهم فكانوا مسلمين لله حقا,مخلصين له الدين صدقا وأما ما يوجد بين أيدينا من كتب محرفة فمظاهر الإشراك بالله والإعراض عن دينه واستبدال شريعة الله وتعاليم المسيح عليه السلام بتعاليم بولس وغيره ممن بدلوا لهم دينهم , وتركهم لطاعة الله ورسله .فليس هذا مما يرضاه الله ويقبله دينا .
فائدة (14) :يرد في النقاشات مع بعض النصارى والذين منهم - في الغالب - لا يحبون الصدام مع ا لآخرين أو لا يرغبون خسارة أحد ممن تربطهم بهم علاقة طيبة تجدهم يذكرون احتراما للإسلام بل أحيانا تصريحا بإيمانهم ببعض معتقدات المسلمين إما مجاملة أو تحاشيا لأي مشاحنة دون قناعة تامة بالإسلام .فلمثل هؤلاء يقال إن الله تعالى بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم لا يقبل دينا من الناس غير الإسلام فطريق الجنة يجب أن يكون عن طريق الإسلام . وهو آخر الأديان فإن كنت صادقا في تقبلك للإسلام كدين من عند الله فيجب أن تمارسه عمليا وتعتقد قبل ذلك ما يعتقده المسلمون .
فائدة (15) :
من الأمور المهمة في نقاشهم أن تشير لاختلافهم مع اليهود والديانات الأخرى ودعوى كل واحد منهم بأنه على الدين الصحيح . فهم أيضا مطالبين بإثبات صحة دينهم .
وكذلك اختلافهم في معتقداتهم مع بعضهم البعض وفي أصول دينهم فهذا الاختلاف الذي نجم عن البغي والتحاسد فيما بينهم مع انتسابهم جميعا للنصرانية ودعواهم الإيمان بالمسيح عليه السلام في هذا دليل على أن بغيهم وحسدهم سيدفعهم للتكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم دون نظر للحجج والبراهين وفعليه فإن أول خطوة ينبغي لطالب الحق أن يدفع عن نفسه غوائل الحقد والحسد وأن ينظر بعين الإنصاف طالبا للحق باحثا عن الحجة والدليل سائلا البرهان المبين
 
فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)
فائدة( 16) فيه أن الداعية عند مناقشة أهل الكتاب يبدأ بالتعريف بدينه الإسلامي أولا وبيان معتقده ومحاسنه وإظهار الواقع الذي يعيشه المسلم .
فائدة(17 ) فيه أن الداعية يبدأ بالحديث عن التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده قبل.
فائدة(18 ) فيه أن من وسائل الدعوة إظهار أن للإسلام أتباع سبقوا هؤلاء في قبول الحق ومن الأشياء التي تؤثر في غير المسلمين ما يرونه من عدد المسلمين الذين يؤدون الحج أو يجتمعون في الحرم في رمضان فكل هذا الجمع جاءوا مسلمين لله وحده لا شريك له .
فائدة (19) بعد أن تبين معتقدك وما أنت عليه وجميع أتباعك تنتقل لمرحلة دعوة غير المسلمين للدخول في الإسلام وأن إسلامهم طريق هدايتهم .
فائدة ( 20) فيه أن الإسلام يقتضي أن يذعن المرء لتعاليمه ولا يكفي احترامه كما يزعمه بعض من نناقش من أهل الكتاب بل هو كما في قوله تعالى ( إن الدين عند الله الإسلام ) وكما في قوله تعالى ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه )
فائدة( 21) ينبغي أن يستقر في نفوس الدعاة أنما عليهم البلاغ والله هو أعلم من يستحق الهداية ومن يستحق الضلالة
موقف :
شهدت محاضرة لأحد الدعاة مع الجالية الفلبينية فبدأ محاضرته في الحديث عن تناقض دين النصارى فاستوقفه أحد الحضور فقال نحن جئنا هنا لنتعرف على دينك أما ديننا فنحن نعرفه. فحدثنا عن معتقدك لا عن معتقدنا وهذا الأمر فيه جانب من الصحة يجب أن يراعيها الدعاة بأن يتدرجوا في الحوار معهم حتى إذا تشوفت نفوسهم لمعرفة بيان خطأ معتقدهم يظهره له أو إن كان حديثه مع معاند مكابر.
 
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)

فائدة (22) :
في هذه الآية أن على الداعي لأهل الكتاب أن يستعمل كتابهم الذي يؤمنون به في إثبات ما يدعوهم إليه إما عن الإيمان بوحدانية الله وإبطال التثليث أو عن الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ونحوها من المسائل التي تعرض للداعي في نقاشه لأهل الكتاب فإن إثبات ذلك من كتابهم له أعظم أثر في نفوسهم .
وقد يوحي بذلك قوله تعالى ( ثم يتولى فريق منهم ..) ومن هنا للتبعيض .
· الفائدة على اختيار ابن جرير رحمه الله للمقصود بـ ( يدعون إلى كتاب الله ) أي كتابهم التوراة .
 
فائدة (23)
من الأمور التي تمنع بعض أهل الكتاب من الدخول في الإسلام أو قبول التحاكم للحق أينما كان هو ما لديهم من اعتقادات فاسدة ومقدمات منحرفة بنوا عليها نتائج خاطئة كما في قوله تعالى : ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) فمن المهم جدا للداعية في مثل هذا الحال نقض هذه الدعاوى وإبطالها,وبيان منشئها الفاسد , كما في هذه الدعوى وكقولهم : وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18)
فائدة (24)
ومن الوسائل في دعوة أمثال هؤلاء أن يعرض لهم الحال والمآل المخالف لتصوراتهم مما يدعوهم للتوقف والتفكر ومراجعة النفس .
كما في قوله هنا : فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
 
جاءت هذه السورة بكثير من الأفانين في الأسلوب ومقصدها الأعظم هو التوحيد ...
أولا : اثبات الوحدانية لله .

ثانيا:جاءت السورة لتخبر أن الرئاسة المزعومة في الدنيا بكثرة الأموال والأولاد وغيرهما حيث آثر الكفار هذا الشئ على الاسلام غير مغني عنهم شيئا في الدنيا ولافي الآخرة .

ثالثا: جاءت السورة لتبين ماأعد الله للمتقين من الجنة والرضوان وهو الذي ينبغي الاقبال عليه والمسارعة إليه ..
يتبع..،،

رابعا: جاءت ايضا لتصف صفات المؤمنين المتقين فوصفتهم بالإيمان والدعاء والصبر والصدق والقنوت والانفاق والاستغفار ..

ــــــــــــــــــ
القصد الأول هو التوحيد ..لأن التوحيد هو الأمر الذي لايقوم بناء إلا عليه ولايوجد في درج الايمان أعلى منه .

ومن مقاصد السورة إثبات الوحدانية لله جل شأنه من خلال إبطال إلهية عيسى عليه السلام عبدُ الله ورسوله ..
وهو الوحيد الذي ذكر بالقرآن منسوبا حيث قيل عيسى ابن مريم نولم يذكر أي نبي منسوبا ..

" هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء "
التصوير في الرحم أدق شئ علما وقدرة ..!!!

التوراة : هي نور أعقب ظلام

الانجيل : من النجل ،ومنه يقال للولد :نجل أبيه
واصل النجل استخراج خلاصة الشئ

من الأفانين في مئين القرآن أن الله سبحانه جمع مقاصد كتابه في الفاتحة ..حيث المقصود الأعظم وهو سؤال الهداية
ثم شرع البارئ جل شانه في تفصيل ماجمعه في الفاتحة فأرشد في اول البقرة إلى أن الهداية في هذا الكتاب ..
وحذر من اتباع اليهود في البقرة ومن النصارى في آل عمران ، وفي النساء فتنة اليهود ،وفي المائدة فتنة النصارى وفي الأنعام
التوحيد هو الأمر الذي لايقوم البناء إلا عليه ، ولماصح الطريق وثبت الأساس توالت بعد ذلك الدعوات إلى اكتمال البناء ...!!!!!
التوحيد موجب لزهرة المتحلي به فلذلك سميت الزهراء ...!!!!
 
حُسِّن للناس (1)حبُّ الشهوات من النساء والبنين،(2) والأموال الكثيرة من الذهب والفضة، (3)والخيل الحسان،(4) والأنعام من الإبل والبقر والغنم، (5)والأرض المتَّخَذة للغراس والزراعة. ذلك زهرة الحياة الدنيا وزينتها الفانية. والله عنده حسن المرجع والثواب، وهو الجنَّة..
ترك خمس يأتي بخمس

هم الذين اتصفوا (1)بالصبر على الطاعات، وعن المعاصي، (2)وعلى ما يصيبهم من أقدار الله المؤلمة، (3)وبالصدق في الأقوال والأفعال وبالطاعة التامة، (4)وبالإنفاق سرا وعلانية، (5)وبالاستغفار في آخر الليل؛ لأنه مَظِنَّة القبول وإجابة الدعاء.
 
فائدة ( 25)
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)
يقول ابن كثير رحمه الله :
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ تَنْبِيهٌ وَإِرْشَادٌ إِلَى شُكْرِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ حَوَّلَ النُّبُوَّةَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى النَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ الْقُرَشِيِّ الْمَكِّيِّ الْأُمِّيِّ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَرَسُولِ اللَّهِ إِلَى جَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، الَّذِي جَمَعَ اللَّهُ فِيهِ مَحَاسِنَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، وَخَصَّهُ بِخَصَائِصَ لَمْ يُعْطهَا نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا رَسُولًا مِنَ الرُّسُلِ، فِي الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَشَرِيعَتِهِ وَإِطْلَاعِهِ عَلَى الْغُيُوبِ الْمَاضِيَةِ وَالْآتِيَةِ، وَكَشْفِهِ عَنْ حَقَائِقِ الْآخِرَةِ وَنَشْرِ أُمَّتِهِ فِي الْآفَاقِ، فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَإِظْهَارِ دِينِهِ وَشَرْعِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ، وَالشَّرَائِعِ،

وفي العهد القديم ما يشير إلى هذا المعنى ذكره ابن القيم رحمه الله في كتابه هداية الحيارى ص 321 ( التكوين 16/7-12 ) والتكوين (21/12-13) تخريج محقق الكتاب د.محمد الحاج
تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)

فائدة (26)
الآية تفتح آفاقا في عدم اليأس من دعوة أي أحد مهما ساء تاريخه أو تاريخ أسرته أو واقعه أو واقع والديه فالله ( يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي)
فائدة (27)
يلهمنا قوله تعالى (وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
أن الهداية هبة من الله عز وجل ومنة وتوفيق غير مرتبط ارتباطا مباشرا بحجم السبب المبذول ولا بنوعيته أو طبيعة الداعي وقدرته فلا ييأس من لم يستجب له ولا يغتر من فتح الله عليه بل يشكر الله كي يزيده الله تعالى
"لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)
فائدة(28)
فيها توجيه مهم جدا للمسلم وللداعية أن يتوقى التقارب مع غير المسلمين وينخرط معهم بالقدر الذي يساهم في ذوبان شخصيته وهويته والاعتماد على المؤمنين ف تسيير قافلة العمل الدعوي .

فائدة (29)
فيه إشارة إلى المحافظة على المسلم الجديد المقبل أولى من دعوة غير المسلم عند التعارض بسبب ناتج عن قصور الطاقات والإمكانيات ونحوه
 
قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)

فائدة (30)
من القضايا المهمة في تربية المسلم الجديد أن يتربى على مراقبة الله عز وجل في السر والعلن فمن خلال تجربة فإن بعضهم وبعد إسلامه يحتفظ ببيئته الماضية وصداقته القديمة الفاسدة بعيدا عن أنظار مجتمعه الجديد وفي الغالب مع كثرة الاحتكاك بهم يؤول هذا الأمر لضعف إيمانه مستقبلا ومن ثم احتفاظه بصورة الإسلام فقط دون حقيقته ودون ممارسة لشعائره .ولو تم غرس تعظيم الله في قلوبهم وإطلاعه على ما في صدورهم وإن أخفوه ,فسيكون عاملاً في ثباته بعد توفيق الله تعالى .

قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)
فائدة (31)
مقياس صدق المحبة ألا وهو الاتباع ومن منظور آخر فتنمية محبة الله تعالى وتعليق الناس به سبيل لاتباع النبي ﷺ فحري بكل داعية أن يعطي هذا الجانب أهمية من خلال الأساليب التي يسلكها في دعوة المسلمين وغير المسلمين
 
فائدة (32)
.... وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ ...
فهذه صفة التوراة والإنجيل الحق التي أنزلت على موسى وعيسى عليهما السلام وأنهما هدى للناس , وليس فيهما ما يشين أو يكون سببا في ضلال , بخلاف الكتاب المحرف الذي يأيدي النصارى في هذا الزمان وما حوى من أمور تناقض الهداية سواء من دعوة للشرك أو نسبة ما لا يليق الله عز وجل والإساءة للأنبياء أو ترويج للرذيلة والخمور في بعض الفقرات ( يراجع كتاب عتاد الجهاد -أحمد ديدات )
فائدة (33)
إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ (5)
عوداً للآية الخامسة وما يجب لله تعالى من صفات تفارق صفات المخلوقين ومنها إحاطة علمه جل وعلا بكل شيء .وهذا على خلاف حال عيسى عليه السلام فعلمه محدود ببشريته .وعلمه مما علمه الله تعالى جاء في إنجيل متى أن عيسى عليه السلام لا يعلم متى الساعة (وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السموات إلا أبي وحده )( متى24/36) وقريب منه في مرقس(13/33-37)
فائدة (34)
هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)
فيه رد على من يعتمد على تأليه عيسى عليه السلام بمعجزة إحياء الموتى فالحديث هنا عن معنى أعمق هو مظاهر قدرة الله تعالى فهو يقلب الإنسان في الرحم ويصوره كيف يشاء ولم لن يتحصل هذا لبشر ولا حتى على وجه الإعجاز .
 
فائدة (35)
في سورة آل عمران وردت قصة زكريا عليه السلام وهبة الله تعالى له يحيى وكفالة زكريا لمريم عليهم السلام وهذه القصة جاءت في الكتاب الذي بين أيدي النصارى وقد أكد القرآن الكريم على بعض المعاني في القصة وأضاف عليها بعض الأحداث وصوب .فخبر كفالة زكريا لمريم عليهم السلام لم يذكر في كتب أهل الكتاب .وفي هذا المقام إشارة لصدق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من عند الله حقا وصدقا ففي سياق تصديق بعض الأحداث كما جاءت في كتاب النصارى دليل على تصديق الخبر للكتب من قبله وأما اختلافه معهم في بعض التفاصيل وإضافة بعض الأحداث وتصويب بعضها فدليل على أن هذه القصة ليست مقتبسة من كتبهم ولم تنسخ منهم. ولم يكن ليعلمه بشر إذ لم يكن يقرأ عليه الصلاة والسلام .بل هو تنزيل من حكيم حميد
ولذا أكد الله تعالى على هذا المعنى ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم )
فائدة (36)
(إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين )
منهج القرآن مع الأنبياء وعقيدة المسلمين في النبيين توضحها هذه الآية من الإيمان بهم واحترامهم وتوقيرهم والثناء عليهم وتزكيتهم وإذا نظرت إلى الكتاب المقدس عند النصارى تجد فيه كثيرا ما يسيء لأنبياء الله عليهم السلام .فهم يخبرون عن نوح عليه السلام بأنه يشرب الخمر ويسكر ويتعرى -حاشاه- . ( التكوين 9:20 ) وعن نبي الله لوط عليه السلام أنه زنى بابنتيه -حاشاه -عليه السلام ( سفر التكوين 19: 27-30) وهكذا مع غيرهم من الأنبياء عليهم السلام وفي هذا تأكيد على أن ما بأيديهم من الكتاب دخله التحريف والتعديل فالله عز وجل منزه عن وصف رسله وأنبيائه بهذه الأوصاف ثم يدعو الناس لمتابعتهم .
 
فائدة (37)


فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ

في هذه الآية حجة في نفي ألوهية المسيح عليه السلام وأنه من ذرية بشرية ممن خلق الله تعالى ولو كان إلها ما صح أن يوصف بهذا الوصف وأنه من ذرية مريم عليها السلام وهذا المعنى موجود في الكتاب الذي بين أيدي النصارى اليوم ففي ما يزيد على ثمانين موضعاً يوصف عيسى عليه السلام بأنه " ابن الإنسان"
 
عودة
أعلى