سوال عن جمع القران

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع زينب
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
ز

زينب

Guest
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
أنا أدرس في جامعة العلوم القرانية في قم في إيران. كان عندي أسئلة عن جمع القرآن وهو :
- عندما جمع القران في زمن عثمان ، هل الكُتَّاب الذي انتخبهم عثمان أخطأوا في كتابته ؟
- وهل كان يعلم عثمان الخطأ وما تكلم ؟
و نموذج للخطأ أنَّ لماذا كلمة إبراهيم في القران كله مكتوبة بهذه الصورة (ابراهيم) ولكن في سورة البقرة مكتوبة (ابراهم).
 
وعليكم السلام
لم يكن هناك أي خطأ وإنما هذا الأمر متعلق بخاصية الرسم الذي رسم عليه المصحف وله أحكام متعددة وهو يخالف الرسم الإملائي , كما ارجو منك ان تذهبي لخاصية البحث في الملتقى وتكتبي كلمة رسم المصحف في الخانة وذلك لتكوني على مزيد من الإطلاع في هذا الموضوع .
 
هذه المسألة من المسائل الكبار التي تحتاج إلى تجلية وتوضيح ، وقد تحدث عنها كثيرون ، ومن أفضل من كتب فيها الدكتور غانم قدوري في كتابه ( رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية ) وهذه المسألة تحتاج إلى مقدمات لكشف حلِّها ، فأقول :
أولاً : هل الأصل القراءة أو الرسم ؟
لا شكَّ أن الأصل هي القراءة ، وإذا تعارضت القراءة والرسم قُدِّمت القراءة .
ثانيًا : هل يلزم أن يكون كل ملفوظٍ مرسومًا ؟
لاشك أنه لا يوجد للغة من لغات العالم كلها رسمًا يوافق جميع ملفوظها ، بل فيها حروفٌ مرسومة لا تنطق ، وحروف محذوفة في الرسم تُنطق .
وهذه لا تختصُّ بلغة دون لغة ، بل هي في سائر اللغات التي لها رسم .
ثالثًا : هل كان هذا الرسم المكتوب به المصحف حادثًا للصحابة ، أو هو مما تعلموه من غيرهم ، ثم تعلمه بعضهم من بعضٍ ؟
الصحيح أن هذا الرسم هو ما كان معروفًا في عصرهم ، ولم يخترعوا رسمًا خاصًّا للقرآن ، ويظهر ذلك بموازنة الأثريات الخطية المكتشفة التي كان زمنها زمن كتابة المصاحف أو بعدها بقليل ، وقد قام الدكتور غانم قدوري بدراسة موازنة بعنوان ( موازنة بين رسم المصحف والنقوش العربية القديمة ) مجلة المورد ( مجلد15 / عدد 4 / 1986م ) ، وهذا البحث نواة لفكرة الموازنة ، وهو بحاجة من الباحثين إلى تكميل .
وإذا كان هذا الرسم مما تعلموه من معاصريهم ، وكتبوا به المصحف ، فإن ذلك ينقلنا إلى :
رابعًا : هل يوجد تنوع في رسم الكلمات عند الصحابة ؟
الجواب : نعم ، وذلك ظاهرٌ جدًّا ، ومن أمثلته المشهورة ما يُذكر أنهم اختلفوا في رسم ( التابوت ) هل يكتبونها بالتاء المفتوحة على لغة قريش ، أو بالتاء المربوطة على لغة الأنصار ؟
وكان حكم عثمان أن تُكتب بالتاء المفتوحة اتباعًا للغة قريش .
وقد يسأل سائل ، فيقول : إذا صحَّ في القراءة نطق يخالف المرسوم في المصحف على لغة قريش ، فهل يقرأ به ؟
الجواب : نعم يقرأ به ؛ لأن القراءة قاضية على الرسم ، كما سبق .
وإذا عُلِمت هذه المقدمات ، أقول :
إن الاختلاف الكائن في رسم بعض الكلمات مما لا يمكن تعليله ، فإنه يدخل في باب تنوع الرسم ، أي أنهم يكتبون هذه الكلمة بصور مختلفة ، فكتبوها مرة برسم ، ومرة أخرى برسم آخر .
وتنوع الرسم لا يزال موجودًا في إملائنا المعاصر ، فبعض الكاتِنين يكتب : ( شئون ) ، وبعضهم يكتب ( شؤون ) ، وبعضهم يكتب ( إنشاء الله ) وآخرون يكتبون ( إن شاء الله ) ، وبعضهم يكتب ( الرحمن ) ، وآخرون يكتبون ( الرحمان ) ، وهكذا دواليك .
ومن هذا الباب كتابة لفظ إبراهيم وإبراهام ، فإني أحمله أولاً على تنوع الرسم ، ثم إن وجدت له علة غير ذلك حكمة بها مع تنوع الرسم .
كما أحمل عليه ما ذُكر من أن الكاتب أخطا ، فأقول ، إنما حكم من خطَّأ الكاتب بما بلغه من الرسم ، ولم يكن يعلم الرسم الآخر ، فلذلك حكم بذلك ، وهذا النوع من التخطئة معروف بين أهل العلم ، فقد يقع من بعضهم تخطئة ما هو صواب عند غيرهم لعدم معرفتهم بصوابه ، وهذا باب من أبواب العلم يحتاج إلى مقالة لعل الله ييسر لها من يكتبها ، وهو التخطئة في اختلاف التنوع أسبابه وآثاره .
كما يمكن أن يُحمل على ما حمله عليه بعضهم ، وهو أن القارئ لو قرأ الرسم كما هو لوقع من الخطأ ، فإنه سيقرأ ( الصلاة ) بالواو كما هو مرسوم ( الصلواه ) ، وهذا النوع هو الذي قال فيه عثمان : إني أرى فيه لحنًا ستقيمه العرب بألسنتها ، ذلك أنهم يعتمدون المنطوق لا المرسوم ، لكن من جاء بعدهم قد يقع في الخطأ لو لم يكن يعرف القراءة من القراء ، وأخذها عن المصاحف ، لذا نهوا عن القراءة على مصحفي ؛ لأنه سيقرأ ما رُسِم بحذافيره دون معرفة بأصول نطق الكلمة .
ويبقى هنا نقط مهمة ، وهي أن من درس رسم المصحف ممن تأخر عن جيل السلف زعم وجود الحطأ ، واعتمد على بعض الآثار التي مضى طريقة تخريجها ، على ما في بعضها من الضعف ، أقول إن هؤلاء المتأخرين يزعمون خطأ الكاتب ، أو سوء هجائه ورسمه ، وهذا مزلق خطير ، وهو غير صحيح البتة ، لماذا ؟
ما الأصل الذي يقيس عليه المتأخرون خطأ رسم الصحابة للمصحف ؟
إنه الإملاء المتعارَف عليه في عصرهم ، فالفراء يقول في لفظ (ولأوضعوا خلالكم ) : (( وكتبت بلام ألف ، وألف بعد ذلك ، ولم يكتب في القرآن لها نظير ، وذلك أنهم لا يستمرون في الكتاب على جهة واحدة ، ألا ترى أنهم كتبوا ( فما تعن النذر ) بغير ياء ، ( وما تغني الآيات والنذر ) بالياء ، وهو من سوء هجاء الأولين ) ( معاني القرآن 1 : 439 ) .
فالفراء يجعل ذلك من سوء هجاء الأولين ، فما المقياس الذي قاس به خطأهم ؟
إنه هجاء عصره ، وطريقة رسمهم للألفاظ .
وأنت لو قرأت مخطوطة معاني القرآن لرأيت فيها سوء هجاء عصر الفراء ؛ لأنك تقيس على هجاء عصرك ، وهذا ظاهر لمن عايش المخطوطات وحقرأ فيها أو حققها ، لذا لا تكاد تجد مخطوطًا سابقًا لعصرك إلا والمحقق ينبه على تعديل رسم المخطوط إلى ما يوافق الرسم المتعارف عليه اليوم ، وهذا يدلك على أن الرسم يتطور ، وأن ما كان في عهد الصحابة ، فهو متطور عن سابق له ، وما كان في عهد الفراء ، فهو متطور عما كان عليه السم في عهد الصحابة والتابعين ، وماكان في عصر ابن خلدون فهو متطور عن سابقه ، وهكذا حتى وصل إلى عصرنا .
ولا تزال ترى في عصرنا أو قريب منه نقاشات واختلافات في الرسم ، وكأن الاختلاف في الرسم سنة من سننه ، فتدبر ذلك ، وأجل فيه فكرة ، وأعد فيه النظر ، يظهر لك الصواب ، وتسلم من نقد من جعل الله على يديهم رفع دينه ، وحفظ كتابه .
 
الإجابات:

1- لا لم يخطئوا

2- الإجابة تعود للسؤال الأول، ثم كيف يراه خطأ ولا يغيره ، وهو الخليفة الأول بإمكانه أن يعيد كتابة المصحف من أوله لآخره. وأمره نافذ مطاع.

3- وتنوع كتابة الكلمة هنا، وهو أمر توقيفي في قناعتي، ويفيد هنا كونه يشير إلى اللقراءة المتواترة الثانية للكلمة وسأعود لتفصيل ذلك فيما بعد.
 
عودة
أعلى