سلسلة : ما نص مفسرٌ على رده أو بطلانه من الأقوال في التفسير

بسم الله الرحمن الرحيم
من ذلك ماقاله العلامة ابن سعدي رحمه الله في قوله تعالى <وإذ أخذ ربك من ءادم> الآيه الاعراف172
وقد قيل إن هذا يوم اخذ الله الميثاق على ذرية آدم حين استخرجهم من ظهره وأشهدهم على انفسهم فشهدوا بذلك فاحتج عليهم بما أمرهم به في ذلك الوقت على ظلمهم في كفرهم وعنادهم في الدنيا والآخرة
ولكن ليس في الآية ما يدل على هذا ولا له مناسبة ولا تقتضيه حكمة الله تعالى والواقع شاهد بذلك فإن هذا العهد والميثاق الذي ذكروا أنه حين اخرج الله ذرية آدم من ظهره حين كانوا في علم كالذر لايذكره احد ولا يخطر ببال آدمي فكيف يحتج الله عليهم بأمر ليس عندهم به خبر ولا له عين ولا اثر .
 
وجزى الله ابا مجاهد خيرا

ولعله يتفضل بترتيبها وجمعها في ملف واحد
[align=justify] السلسلة مجموعة في ملف - نفع الله بصاحبها وبكم أجمعين - علما بأني اقتصرت على نقولات د. محمد القحطاني.[/align]
 
الحمد لله العزيز الحكيم

يقول خالق الناس والعليم بنفوسهم وطباعهم: وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ.هذه حقيقة تعكس واقع طباع الناس في أي مكان وأي زمان، مثلا : لو نشرت جريدة خبرا حتى ولو كان نادرا وقوعه فأن أكثر القراء أو كلهم تقريبا سيظنون أن الخبر صحيح باعتبار أن الجريدة لا تنشر إلا الحقيقة، إذن فتصديق الخبر مبني على الظن ، والظن قد يصيب وقد يخطئ، فقد تكذب الجريدة في اليوم التالي الخبر السابق باعتباره كان كذبة فاتح أبريل ، أو أن مصدرهم الموثوق تبين أنه لم يكن متأكدا من صحة الخبر.
وقد يطلق أحد إشاعة كاذبة فلا يصدقها إلا القليل، ثم مع مرور الزمن تنتشر بين الناس فيكثر مصدقوها فتكتسب حصانة وشرعية عندهم
مثلا : بعد انتهاء مدة رسالة المسيح عليه السلام روج أحدهم إشاعة تزعم أن المسيح هو الإله تجسد ليقتل صلبا ليخلص البشرية من الخطيئة، لم يصدق وقتها هذه الإشاعة إلا قلة من الناس لكنها بعد جيلين أو ثلاثة عمت كل النصارى، وأصبح من يكذب ألوهية المسيح وعقيدة الفداء يعتبرا كافرا.
ولماذا نذهب بعيدا في التاريخ فإشاعة ظهور صورة صدام حسين على القمر ما زالت طازجة على اليوتوب ولها أنصار يصدقونها ويدافعون عن صحتها ، لو كان صدام هذا زعيما دينيا أو شيخ طريقة لأصبحت إشاعة ظهوره على القمر بعد قرن أو قرنين حقيقة عند أتباعه ولتعددت الروايات واعتبرت صحيحة متفق عليها. فإذا جاءهم أحد ليقول لهم إنكم تتبعون الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، فإن الرد المتوقع هو الاتهام بالشذوذ عن الإجماع ومخالفة جمهور الأمة وما كان عليه السلف .
هذا ليس ردا علميا، الرد العلمي هو الذي يتضمن الحجة التي تستيقنها النفوس ، فالظن لا تطمئن إليه النفوس .
هذه أمثلة بسيطة من الواقع قديما وحديثا اتضح لنا بها أن أكثر الناس يتبعون الظن، وأن الأقلية فقط هم الذين قد يكونوا انتبهوا إلى بطلانه.
إذن فعلينا أن نأخذ في الحسبان وفي الاعتبار الآية السابقة إذا واجهتنا مسألة يزعم أكثر الناس صحتها لنتأكد هل تصديقهم لها مبني على الظن أم على العلم.
مسألة انشقاق القمر هل اتبع الناس الظن في تصديقها أم اتبعوا اليقين؟
إن كانوا قد اتبعوا العلم فأين أدلتهم من الكتاب والحكمة؟
لا توجد أدلة لا من الكتاب ولا من الحكمة سوى أنها وصلتهم خبرا، والخبر يحتمل الصدق ويحتمل الكذب.
إذن فأكثر الناس في هذه القضية اتبعوا الظن ، والظن كما تقول الآية لا يغني من الحق شيئا ، فلنبحث عن الحق في الكتاب والحكمة،
إن كان في صالحهم اتبعناه، وإن لم يكن نخالفهم ولو اعتبرونا شواذا فالآية السابقة تثبت أن الحق قد يكون مع الأقلية .
وجدنا في الكتاب دليلا قويا ينفي انشقاقه في الماضي إلا أنهم لم يلتفتوا إليه ولم يعيروه اهتمامهم وهو قوله تعالى :
وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا.
هذه الآية وحدها كافية لأقسم بالله العزيز الحكيم أن الحكيم لا يتراجع عن أقواله ، فإذا قال لن يرسل فإنه لن يرسل أبدا آية حسية لأهل مكة فيكذبوا بها كما كذب الأولون.
وفي الكتاب وجدنا في سورة القمر تيسيرا لبيان حقيقة هذه المسألة، الله تعالى حكيم يضع الأشياء في مواضعها التي ينبغي أن تكون فيها، فليس صدفة أو عبثا أن يأتي ذكر انشقاق القمر بعد ذكر نجم ثاقب هوى إلا أن يكون تيسيرا لعلم الأسباب، وهو ما أثبتته السورة (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)، وليس صدفة أو عبثا أن يأتي ذكر تأثير انشقاق القمر على الأرض مرتبا ترتيبا محكما مطابقا لما يمكن وقوعه فعلا في حالة لو انشق القمر بالأسباب.
إذن فذكر هذه الكوارث التي حلت بقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط ليست تكرارا لقصص سبق أن ذكرها القرآن في سور أخرى بل هي تيسيرا
لعلم حقيقة تبعات انشقاق القمر وبيانها: ((وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
وجدنا ذلك العلم والبيان الذي استفدناه من سورة القمر والذي حكم في ما نحن فيه مختلفون قد ذكره القرآن في الآيات الأربع الأولى من سورة الرحمن التي تلت سورة القمر.
ما الحكمة من تذكيرنا بتيسير القرآن وتأكيد هذا التيسير 4 مرات في سورة القمر؟
تأكيد التيسير يفيد بأن إدراك حقيقة انشقاق القمر متيسر حصرا في هذه السورة، فالذي يزعم أنه سييسر لك معرفة حقيقة انشقاق القمر من مصدر آخر غير القرآن فزعمه باطل ، مثلا :
نويت أن أسافر لأزور أخي الذي يسكن في مدينة أخرى فالتقيت بأحد أقاربي في أول الطريق فأوقفني وقال لي : انهار السد المائي والطريق مقطوعة.
العبارة واضحة لا تحتاج إلى زيادة توضيح أو تذكير ، فالطريق مقطوعة بسبب مياه السد المنهار، أما إذا لاحظ قريبي أني لم ألق بالا لنصيحته أو أخذت برأي مرافقي الذي لم يصدقه فإن قريبي سيذكرني بنصيحته ليبرئ ذمته فيقول : تذكر أني نصحتك ويسرت لك معرفة الحقيقة لتكون على علم وبينة من الأمر.
إذن فالتذكير لا يؤكد ابتداء إلا في حالة الشك وعدم الاطمئنان لصحة الخبر واحتمال تصديق نقيضه.
كذلك قال تعالى : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، وأتى بسورة بعدها استهلها بقوله: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ.).
ترتيب واضح يتبين منه أن القمر سينشق بسبب نجم يهوي، لا يحتاج إلى زيادة في التوضيح ،لو أجمع المسلمون على أن القمر سينشق قبل قيام الساعة بسبب النجم الثاقب الذي يهوي لما احتاجوا إلى تذكير بقوله : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ ...) لكنه تعالى علم أن من الناس من سيزعم أن انشقاق القمر لا علاقة له بالنجم الذي يهوي وأنه انشق لأهل مكة لذلك كان من الحكمة أن يذكرنا بأنه يسر لنا القرآن لنعلم منه وحده كيفية انشقاق القمر وبيانها. فهو تبيان لكل شيء.
إن تبين لأحد في سورة القمر علم وبيان يثبت انشقاق القمر في العهد النبوي فليأت به مشكورا.
أما الآية: وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) هذه جملة شرطية لا تفيد أنهم رأوا انشقاق القمر فأعرضوا بل تفيد استمرار حال الكافرين إلى يوم القيامة، مثل قوله تعالى : وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ).
هل يَفهم من هذه الآية أن هؤلاء رأوا بالفعل كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا فقالوا عنه سَحَابٌ مَرْكُومٌ؟ أم هي إخبار بما سيقولون إن رأوا؟
بعض الناس خدعوا بصورة للقمر التقطتها وكالة ناسا، صورة وكالة ناسا التي يبدو فيها جدول أو وادي كما أسموه بطول 300 كلم تقريبا، ليس ذلك الجدول هو الوحيد الذي صورته كاميراتهم بل عدة جداول متعامدة ومتعاكسة ، منها ما هو في القطبين ، وفي مناطق أخرى من القمر ، تلك تضاريس قمرية لا علاقة لها بانشقاق للقمر، لو كان نهر المسيسبي جافا لبدا من الفضاء أكثر وأطول من جدول القمر الذي صورته ناسا، فهل إذا رأينا صورة ذلك على الأرض نقول إن الأرض هي الأخرى انشقت في الماضي!!
وكالة ناسا سمتها جداول Rilles ولم تسمها شقوقا.
إذا كانت رسالة الإسلام قد جاءت لتعلمنا الكتاب والحكمة فإن لكل علم اختبار، والاختبار يأتي في مادة الكتاب والحكمة ، فيأتي الاختبار عبارة عن باطل يناقض الكتاب والحكمة زاعما أنه الحق ،
تلك هي سنة الله ، يختبر الناس فيما آتاهم، ونفس الاختبار الذي تعرض له آدم يعيد نفسه كلما بعث الله رسولا، وعلينا أن نتعلم من أخطاء الأمم السابقة فلا نتبع سننهم .
إذن فأنا أشذ عن الجمهور الذين يثبتون انشقاق القمر لأهل مكة لأن الله لم يثبت في القرآن أن الحق مع الأكثرية بل أثبت أن أكثر الناس يتبعون الظن.
 
[align=justify]
الحمد لله العزيز الحكيم

يقول خالق الناس والعليم بنفوسهم وطباعهم: وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ.هذه حقيقة تعكس واقع طباع الناس في أي مكان وأي زمان، مثلا : لو نشرت جريدة خبرا حتى ولو كان نادرا وقوعه فأن أكثر القراء أو كلهم تقريبا سيظنون أن الخبر صحيح باعتبار أن الجريدة لا تنشر إلا الحقيقة، إذن فتصديق الخبر مبني على الظن ، والظن قد يصيب وقد يخطئ، فقد تكذب الجريدة في اليوم التالي الخبر السابق باعتباره كان كذبة فاتح أبريل ، أو أن مصدرهم الموثوق تبين أنه لم يكن متأكدا من صحة الخبر.
وقد يطلق أحد إشاعة كاذبة فلا يصدقها إلا القليل، ثم مع مرور الزمن تنتشر بين الناس فيكثر مصدقوها فتكتسب حصانة وشرعية عندهم
مثلا : بعد انتهاء مدة رسالة المسيح عليه السلام روج أحدهم إشاعة تزعم أن المسيح هو الإله تجسد ليقتل صلبا ليخلص البشرية من الخطيئة، لم يصدق وقتها هذه الإشاعة إلا قلة من الناس لكنها بعد جيلين أو ثلاثة عمت كل النصارى، وأصبح من يكذب ألوهية المسيح وعقيدة الفداء يعتبرا كافرا.
ولماذا نذهب بعيدا في التاريخ فإشاعة ظهور صورة صدام حسين على القمر ما زالت طازجة على اليوتوب ولها أنصار يصدقونها ويدافعون عن صحتها ، لو كان صدام هذا زعيما دينيا أو شيخ طريقة لأصبحت إشاعة ظهوره على القمر بعد قرن أو قرنين حقيقة عند أتباعه ولتعددت الروايات واعتبرت صحيحة متفق عليها. فإذا جاءهم أحد ليقول لهم إنكم تتبعون الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، فإن الرد المتوقع هو الاتهام بالشذوذ عن الإجماع ومخالفة جمهور الأمة وما كان عليه السلف .
هذا ليس ردا علميا، الرد العلمي هو الذي يتضمن الحجة التي تستيقنها النفوس ، فالظن لا تطمئن إليه النفوس .
هذه أمثلة بسيطة من الواقع قديما وحديثا اتضح لنا بها أن أكثر الناس يتبعون الظن، وأن الأقلية فقط هم الذين قد يكونوا انتبهوا إلى بطلانه.
إذن فعلينا أن نأخذ في الحسبان وفي الاعتبار الآية السابقة إذا واجهتنا مسألة يزعم أكثر الناس صحتها لنتأكد هل تصديقهم لها مبني على الظن أم على العلم.
مسألة انشقاق القمر هل اتبع الناس الظن في تصديقها أم اتبعوا اليقين؟
إن كانوا قد اتبعوا العلم فأين أدلتهم من الكتاب والحكمة؟
لا توجد أدلة لا من الكتاب ولا من الحكمة سوى أنها وصلتهم خبرا، والخبر يحتمل الصدق ويحتمل الكذب.
إذن فأكثر الناس في هذه القضية اتبعوا الظن ، والظن كما تقول الآية لا يغني من الحق شيئا ، فلنبحث عن الحق في الكتاب والحكمة،
إن كان في صالحهم اتبعناه، وإن لم يكن نخالفهم ولو اعتبرونا شواذا فالآية السابقة تثبت أن الحق قد يكون مع الأقلية .
وجدنا في الكتاب دليلا قويا ينفي انشقاقه في الماضي إلا أنهم لم يلتفتوا إليه ولم يعيروه اهتمامهم وهو قوله تعالى :
وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا.
هذه الآية وحدها كافية لأقسم بالله العزيز الحكيم أن الحكيم لا يتراجع عن أقواله ، فإذا قال لن يرسل فإنه لن يرسل أبدا آية حسية لأهل مكة فيكذبوا بها كما كذب الأولون.
وفي الكتاب وجدنا في سورة القمر تيسيرا لبيان حقيقة هذه المسألة، الله تعالى حكيم يضع الأشياء في مواضعها التي ينبغي أن تكون فيها، فليس صدفة أو عبثا أن يأتي ذكر انشقاق القمر بعد ذكر نجم ثاقب هوى إلا أن يكون تيسيرا لعلم الأسباب، وهو ما أثبتته السورة (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)، وليس صدفة أو عبثا أن يأتي ذكر تأثير انشقاق القمر على الأرض مرتبا ترتيبا محكما مطابقا لما يمكن وقوعه فعلا في حالة لو انشق القمر بالأسباب.
إذن فذكر هذه الكوارث التي حلت بقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط ليست تكرارا لقصص سبق أن ذكرها القرآن في سور أخرى بل هي تيسيرا
لعلم حقيقة تبعات انشقاق القمر وبيانها: ((وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
وجدنا ذلك العلم والبيان الذي استفدناه من سورة القمر والذي حكم في ما نحن فيه مختلفون قد ذكره القرآن في الآيات الأربع الأولى من سورة الرحمن التي تلت سورة القمر.
ما الحكمة من تذكيرنا بتيسير القرآن وتأكيد هذا التيسير 4 مرات في سورة القمر؟
تأكيد التيسير يفيد بأن إدراك حقيقة انشقاق القمر متيسر حصرا في هذه السورة، فالذي يزعم أنه سييسر لك معرفة حقيقة انشقاق القمر من مصدر آخر غير القرآن فزعمه باطل ، مثلا :
نويت أن أسافر لأزور أخي الذي يسكن في مدينة أخرى فالتقيت بأحد أقاربي في أول الطريق فأوقفني وقال لي : انهار السد المائي والطريق مقطوعة.
العبارة واضحة لا تحتاج إلى زيادة توضيح أو تذكير ، فالطريق مقطوعة بسبب مياه السد المنهار، أما إذا لاحظ قريبي أني لم ألق بالا لنصيحته أو أخذت برأي مرافقي الذي لم يصدقه فإن قريبي سيذكرني بنصيحته ليبرئ ذمته فيقول : تذكر أني نصحتك ويسرت لك معرفة الحقيقة لتكون على علم وبينة من الأمر.
إذن فالتذكير لا يؤكد ابتداء إلا في حالة الشك وعدم الاطمئنان لصحة الخبر واحتمال تصديق نقيضه.
كذلك قال تعالى : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، وأتى بسورة بعدها استهلها بقوله: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ.).
ترتيب واضح يتبين منه أن القمر سينشق بسبب نجم يهوي، لا يحتاج إلى زيادة في التوضيح ،لو أجمع المسلمون على أن القمر سينشق قبل قيام الساعة بسبب النجم الثاقب الذي يهوي لما احتاجوا إلى تذكير بقوله : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ ...) لكنه تعالى علم أن من الناس من سيزعم أن انشقاق القمر لا علاقة له بالنجم الذي يهوي وأنه انشق لأهل مكة لذلك كان من الحكمة أن يذكرنا بأنه يسر لنا القرآن لنعلم منه وحده كيفية انشقاق القمر وبيانها. فهو تبيان لكل شيء.
إن تبين لأحد في سورة القمر علم وبيان يثبت انشقاق القمر في العهد النبوي فليأت به مشكورا.
أما الآية: وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) هذه جملة شرطية لا تفيد أنهم رأوا انشقاق القمر فأعرضوا بل تفيد استمرار حال الكافرين إلى يوم القيامة، مثل قوله تعالى : وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ).
هل يَفهم من هذه الآية أن هؤلاء رأوا بالفعل كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا فقالوا عنه سَحَابٌ مَرْكُومٌ؟ أم هي إخبار بما سيقولون إن رأوا؟
بعض الناس خدعوا بصورة للقمر التقطتها وكالة ناسا، صورة وكالة ناسا التي يبدو فيها جدول أو وادي كما أسموه بطول 300 كلم تقريبا، ليس ذلك الجدول هو الوحيد الذي صورته كاميراتهم بل عدة جداول متعامدة ومتعاكسة ، منها ما هو في القطبين ، وفي مناطق أخرى من القمر ، تلك تضاريس قمرية لا علاقة لها بانشقاق للقمر، لو كان نهر المسيسبي جافا لبدا من الفضاء أكثر وأطول من جدول القمر الذي صورته ناسا، فهل إذا رأينا صورة ذلك على الأرض نقول إن الأرض هي الأخرى انشقت في الماضي!!
وكالة ناسا سمتها جداول Rilles ولم تسمها شقوقا.
إذا كانت رسالة الإسلام قد جاءت لتعلمنا الكتاب والحكمة فإن لكل علم اختبار، والاختبار يأتي في مادة الكتاب والحكمة ، فيأتي الاختبار عبارة عن باطل يناقض الكتاب والحكمة زاعما أنه الحق ،
تلك هي سنة الله ، يختبر الناس فيما آتاهم، ونفس الاختبار الذي تعرض له آدم يعيد نفسه كلما بعث الله رسولا، وعلينا أن نتعلم من أخطاء الأمم السابقة فلا نتبع سننهم .
إذن فأنا أشذ عن الجمهور الذين يثبتون انشقاق القمر لأهل مكة لأن الله لم يثبت في القرآن أن الحق مع الأكثرية بل أثبت أن أكثر الناس يتبعون الظن.


كلام طويل لا طائل من ورائه، وهو مبني على أصل فاسد، وهو أن أخبار الآحاد لا تفيد العلم.

قال الشيخ الدكتور عبدالرحمن المحمود: ( حجية خبر الآحاد في العقيدة إذا صح، وهذا من المعالم الرئيسة لمنهج السلف، والقول بأن أخبار الآحاد لا تفيد العلم ومن ثم فلا يحتج بها في العقيدة بدعة كبرى تلقفها أو أحدثها المعتزلة
ولكن من المؤسف أن كثيرا من العلماء ممن ينتسبون إلى السنة- وخاصة في كتبهم في أصول الفقه- ظنوا أنها لا تفيد العلم وإنما تفيد الظن، وانتشرت هذه المقالة بنسبة القول بها إلى الجمهور، ومما يلاحظ أن كثيرا ممن ألف في أصول الفقه هم، إما من المعتزلة أو الأشاعرة أو الماتريدية، فأدخل هؤلاء هذه المسألة وصاروا يذكرون فيها أن أخبار الآحاد لا تفيد إلا الظن فيحتج بها في الأمور العملية من الأحكام لا العلمية، ويقصدون بها أمور العقائد بينما لو تتبعنا نصوص السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم لوجدنا الإجماع منهم- تقريبا- على عدم التفريق في أخبار الآحاد بين الأحكام والعقائد،
ولذا يحسن هنا أن نذكر قصة إسحاق بن راهويه مع عبد الله بن طاهر ، فقد روى عن إسحاق بن راهويه قال: " دخلت على عبد الله بن طاهر، فقال لي: يا أبا يعقوب، تقول: إن الله ينزل كل ليلة ؟، فقلت: أيها الأمير، إن الله تعالى بعث إلينا نبيا نُقل إلينا عنه أخبار، بها نحلل الدماء وبها نحرم، وبها نحلل الفروج وبها نحرم، وبها نبيح الأموال وبها نحرم، فإن صح ذا صح ذاك، وإن بطل ذا بطل ذاك، قال: فأمسك عبد الله ".
هذا مذهب السلف ومنهجهم لم يؤثر عن أحد منهم ممن يعتد بقوله إذا ورد عليه حديث صح عنده ثبوته أن رد ما دل عليه من أمور العقيدة بأنه خبر آحاد- وليس هذا موضع استقصاء هذه المسألة المهمة، وإنما الغرض الإشارة المجملة.)[/align]
 
الحمد لله العزيز الحكيم
قال تعالى : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.
التيسير تسهيل، يسر الشيء يعني جعله سهلا، والتيسير مبني على الترتيب، فالأشياء المرتبة تيسر للباحث وجودها بسهوله، أما إذا لم تكن مرتبة فإن عملية البحث لن تكون ميسرة، مثلا :
القاموس مرتب أبجديا لتيسير البحث عن الكلمة ، فلو لم يكن مرتبا ترتيبا أبجديا لتعسر البحث .
الآية (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) موجودة في سورة القمر، وبما أن الله أثبت التيسير فمعنى ذلك أن في السورة ترتيب يتيسر لنا به علم كيفية انشقاق القمر، فهل ترتيب نزول (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) بعد الطارق النجم الثاقب تيسر لنا به علم أن القمر انشق لأهل مكة!!
وهل ترتيب (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) في المصحف بعد (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى) تيسر لنا به علم أن القمر انشق لأهل مكة!!
كلا بل هو تيسير للأسباب.
الآية درس يجب أن نحفظه في الذاكرة (لِلذِّكْرِ)، وهل حفظ الدرس في الذاكرة واجب أم اختياري؟
إن كانت الدروس اختيارية فمعنى ذلك أن من شاء أن يحضر فليحضر ومن شاء أن يتغيب فليتغيب، ولا داعي للاختبار ما دام الدرس اختياري.
إما إن كانت الدروس واجب تذكرها (حفظها في الذاكرة) فلا بد من الاختبار، فوجوب تذكر الدروس يقتضي وجوب الاختبار لمعرفة من ادكر ممن لم يدكر، فهدف الاختبار هو استفهام المختبرين : َهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟
فالمدكر هو الذي سيجيب على أسئلة الاختبار إجابة صائبة لأنه ذاكر دروسه .
كذلك إذا كان الله قد يسر القرآن للذكر والذكر واجب فإن الاختبار واجب ليستفهم بالحجة َهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، لذلك ختمت الآية بذكر الاختبار : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
قول الله : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) هذا هو الاختبار، فهو ليس كلاما نظريا بل ينبغي أن يكون تطبيقيا يجعل الله له واقعا.
مثلا : ما هو الذكر الذي يسره الله لآدم؟
إنه قوله تعالى : يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فتشقى).
لو كان هذا الدرس اختياريا غير واجب تذكره لما اختبر الله آدم ليعلم بالحجة هل آدم مدكر أم نسي ما ذكر به.
كيف كان اختبار الله لآدم؟
لقد جاء الاختبار في صورة باطل مناقض لما ذكر به، فإبليس قدم نفسه لآدم على أنه صديق جاء ناصحا أمينا، فنسي آدم ما ذكره به الله
بأن إبليس عدو : (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا.
إذن فآدم لم يكن مدكرا، والاختبار كان عبارة عن باطل مناقض للذكر، وطبيعي أن الباطل لا يكشف عن هويته الحقيقية بل يزعم أنه الحق وقد يقسم بالله كذبا ليوهم الإنسان أنه هو الصواب والكلام الصحيح.
كذلك الاختبار في هذه المسألة يأتي مناقضا للترتيب الذي يسر لنا علم كيفية انشقاق القمر عند قيام الساعة، فالذكر يقول : لم ينشق القمر في الماضي ، والرواية تقول : انشق القمر لأهل مكة، والرواية قدمت نفسها للناس على أنها الحق الصحيح المتفق عليه.
فهل من مدكر يدكر أن الله يسر ذكر الحقيقة في القرآن التي تختلف اختلافا متباينا عما جاءت به الرواية!!
أم نعتبر النقيضين صائبين : انشق ولم ينشق!!.
إن الرواية المناقضة للذكر في سورة القمر هي والله الاختبار الواقعي التطبيقي المعبر عنه بقوله تعالى : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
فهل من مدكر تذكر أن كيفية انشقاق القمر ميسرة حصرا في سورة القمر !!
 
[align=justify]قال ابن كثير في تفسير قول الله تعالى في صدر سورة النحل: { أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون }:
(وقد ذهب الضحاك في تفسير هذه الآية إلى قول عجيب، فقال في قوله: { أتى أمر الله } أي: فرائضه وحدوده.
وقد رده ابن جرير فقال: لا نعلم أحدا استعجل الفرائض والشرائع قبل وجودها، بخلاف العذاب فإنهم استعجلوه قبل كونه، استبعادا وتكذيبا.). انتهى[/align]
 
لماذا عُنون هذا الموضوع بــ( ما نص مفسرٌ على رده أو بطلانه ) ؟!
هل هناك فرقٌ بين الرد والإبطال ؟
 
لماذا عُنون هذا الموضوع بــ( ما نص مفسرٌ على رده أو بطلانه ) ؟!
هل هناك فرقٌ بين الرد والإبطال ؟

الرد: هو رد القول من حيث عدم صحة تفسير الآية به.

البطلان: القول نفسه باطل لا يصح.

هذا وجه في التفريق بين المصطلحين، والأمر في ذلك يسير.
 
شكر الله لك هذه الإفادة، وأنا أريد - إن أمكن - مساعدتي في اختيار مصطلح يجمع الصيغ والألفاظ التي ينص عليها العلماء في ردهم وتضعيفهم للأقوال التفسيرية، حيث أشكل علي عنوان الرسالة في هذا.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=16432
 
المراد بالصلاة الوسطى

المراد بالصلاة الوسطى

[align=justify]ذكر الإمام ابن كثير أقوالاً كثيرة في المراد بالصلاة الوسطى في قول الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة : 238]

ثم قال: ( وقيل: بل الصلاة الوسطى مجموع الصلوات الخمس، رواه ابن أبي حاتم عن ابن عمر، وفي صحته أيضا نظر.
والعجب أن هذا القول اختاره الشيخ أبو عمر بن عبد البر النمري، إمام ما وراء البحر، وإنها لإحدى الكبر، إذ اختاره -مع اطلاعه وحفظه -ما لم يقم عليه دليل من كتاب ولا سنة ولا أثر.) تفسير ابن كثير / دار طيبة - (1 / 653)
[/align]

تعليق: في عزو هذا القول لابن عبدالبر -رحمه الله- نظر، فلم يقل إن المراد بالصلاة الوسطى جميع الصلوات، وإنما قال بعد ذكره لأشهر الأقوال في هذه المسألة:
( قال أبو عمر:
كل ما ذكرنا قد قيل فيما وصفنا، وبالله توفيقنا، وهو أعلم بمراده عز وجل من قوله: {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}. وكل واحدة من الخمس وسطى لأن قبل كل واحدة منهن صلاتين وبعدها صلاتين كما قال زيد بن ثابت في الظهر والمحافظة على جميعهن واجب والله المستعان.) هكذا قال في التمهيد

وقال في الاستذكار - وقد ألفه بعد التمهيد - : ( والاختلاف القوي في الصلاة الوسطى إنما هو في هاتين الصلاتين [ يقصد الفجر والعصر ]، وما روي في الصلاة الوسطى في غير الصبح والعصر ضعيف لا تقوم به حجة.)
 
[align=justify]ومن الأقوال المردودة ما ذكره الإمام ابن قتيبة في كتابه غريب القرآن في قوله في أول كتابه هذا:
( وكتابنا هذا مستنبط من كتب المفسرين، وكتب أصحاب اللغة العالمين. لم نخرج فيه عن مذاهبهم، ولا تكلَّفنا في شيء منه بآرائنا غيرَ معانيهم، بعد اختيارنا في الحرف أَوْلَى الأقاويلِ في اللغة، وأشْبَهَهَا بقصةِ الآية.
ونَبَذْنَا مُنكَرَ التأويل، ومَنحولَ التفسير. فقد نَحَلَ قومٌ ابنَ عباس، أنه قال في قول الله جل وعز: { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } إنها غُوِّرتْ؛ من قول الناس بالفارسية: كُورْ بِكِرد
[ في اللسان 6/472 - 473 "كورْ بِكِرْ" وانظر الدر المنثور 6/318 ، والبحر المحيط 8/431 ، والإتقان 1/238 ، والمعرب للجواليقي 287.].
وقال آخر في قوله: { عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا } أراد سَلْني سبيلا إليها يا محمدُ.
وقال الآخر في قوله: { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ } إن الويل: وادٍ في جهنمَ.
وقال الآخر في قوله: { أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } إن الإبل: السحابُ.
[سورة الغاشية 17، وفي اللسان 13/5 "قال أبو عمرو بن العلاء: من قرأها (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) بالتخفيف، يعني به البعير؛ لأنه من ذوات الأربع يبرك فيحمل عليه الحمولة، وغيره من ذوات الأربع لا يحمل عليه إلا وهو قائم. ومن قرأها بالتثقيل، قال: الإبل: السحاب التي تحمل الماء للمطر" وانظر البحر المحيط 8/464 والكشاف 4/207.]
وقال الآخر في قوله: { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ }: إن النعيم: الماء الحار في الشتاء.
وقال الآخر في قوله: { خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ }: إن الزينة: المُشطُ.
وقال آخر في قوله: { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ } إنها الآرَابُ التي يَسجد عليها المرء؛ وهي جبهتهُ ويداه، وركبتاه وقدماه.
وقال الآخر في قوله: { أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخْرَى } أن تُجعل كلُّ واحدة منهما ذكَرًا؛ يريد: أنهما يَقومان مَقام رجل، فإحداهما تُذكِّر الأخرى.
مع أشباهٍ لهذا كثيرة؛ لا ندري: أَمِن جهة المفسرين لها وَقَع الغلطُ؟ أو من جهة النَقَلة؟ ) انتهى
[/align]
 
جاء في تفسير ابن كثير رحمه الله: ( { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } فيه تضمين دل عليه حرف "الباء" ، كأنه مُقَدر: يستعجل سائل بعذاب واقع. كقوله: { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ } أي: وعذابه واقع لا محالة.
قال النسائي: حدثنا بشر بن خالد، حدثنا أبو أسامة، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن المِنْهَال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } قال: النضر بن الحارث بن كَلَدَة.
وقال العوفي، عن ابن عباس: { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } قال: ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع.
وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد في قوله: تعالى { سَأَلَ سَائِلٌ } دعا داع بعذاب واقع يقع في الآخرة، قال: وهو قولهم: { اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32] .
وقال ابن زيد وغيره: { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } أي: واد في جهنم، يسيل يوم القيامة بالعذاب. وهذا القول ضعيف، بعيد عن المراد. والصحيح الأول لدلالة السياق عليه.) انتهى


قلت: قول ابن زيد هذا تفسير لقراءة من قرأ : ( سالَ سَائِلٌ ) فلم يهمز سأل، ووجهه إلى أنه فعل من السيل. وهي قراءة نافع وابن عامر.

جاء في زاد المسير لابن الجوزي:
( ومن قرأ بلا همز ففيه قولان .
أحدهما : أنه من السؤال أيضاً ، وإنما لَيَّن الهمزة ، يقال سأل ، وسال ، وأنشد الفراء :
تَعَالَوْا فَسَالُوا يَعْلمِ النَّاسُ أَيُّنَا ... لِصَاحِبِهِ في أَوَّلِ الدَّهْرِ تَابِع
والثاني : المعنى سال وادٍ في جهنم بالعذاب للكافرين ، وهذا قول زيد بن ثابت ، وزيد بن أسلم ، وابنه عبد الرحمن ، وكان ابن عباس في آخرين يقرؤون «سَالَ سَيْلٌ» بفتح السين ، وسكون الياء من غير ألف ولا همز .)

وعلى هذا؛ فتضعيف ابن كثير لهذا القول، وحكمه عليه بالبعد فيه مبالغة ونظر. والله أعلم
 
عودة
أعلى