سر عظيم في سورة (الإسراء)

إنضم
20/04/2003
المشاركات
566
مستوى التفاعل
24
النقاط
18
سر عظيم في سورة الإسراء

عندى شبه اقتناع أن كل سورة في القرآن هي نسيج وحدها رغم التشابه الظاهر بين السور وقد عبرت عن هذه الظاهرة في مقال سابق ب "مفارقة الجمع بين التجانس والتميز"...وقدمت هناك بعض الأمثلة...وحبذا لو انصرف جهد الباحثين للكشف عن خصوصيات السوروميزاتها وهو موضوع ما زال غير مطروق بشكل ممنهج.. وقد تغدو المهمة يسيرة إذا انتبه الباحث إلى جملة من المؤشرات البينة التي تجود بها السورة الكريمة وكأنها تحث المتدبر على الدخول إليها من تلك الأبواب. وهذه المؤشرات مختلفة ، قد تكون كلمة مكررة بشكل لافت، أو كلمة مفقودة بشكل لافت أيضا ،أو تركيبا نحويا متكررا بشكل لافت، أو حقلا معجميا ذا حضور مكثف... وغيرها من المؤشرات اللفظية أو المعنوية...

وهذا مثال عن مؤشرات سورة الإسراء :

1- اسم (الرب) حاضر بقوة أكثر من اسم (الله)

يظهر اسم الرب في السطر الرابع عشر(أعتمد المصحف الشائع ذا الأسطر الخمسة عشر في كل صفحة، ومن حسن الحظ أن اسم الله واسم الرب في هذا المصحف مكتوبان بلون أحمر فيصبح المؤشرمدركا بالبصر قبل البصيرة!)

عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا [الإسراء : 8]

ثم تتكرر خمس مرات :

لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا [الإسراء : 12]

وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا [الإسراء : 17]

كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا [الإسراء : 20]

ولا يظهر اسم (الله ) إلا في الآية 22:

لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا [الإسراء : 22]

(انظر في أي معنى كان أول ظهور لاسم الله! !)

لم يظهر اسم (الله) إلا في السطر الخامس والثلاثين أي بعد صفحتين ونصف تقريبا...أليس هذا مؤشرا قويا على التدبر!

ولو قارنا سورة (الاسراء) مع سورة (المجادلة) لوجدت عجبا : في سورة المجادلة تجد اسم( الله) ليس في كل سطر بل في كل آية من المطلع إلى المقطع! سبحان الله لقد يسر الله التدبر والناس معرضون!

ثم تتكرر كلمة الرب في السورة كلها 32 مرة (حسب احصائي السريع) أما اسم الله فلم يتكرر إلا 10 مرات في السورة كلها...بل تجد خمس صفحات ليس فيها اسم الله

ذكر اسم الله في الآية 39:

ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا [الإسراء : 39]

ولن يظهر اسم الله بعد إلا في الآية92 (بعد 53 آية):

أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا [الإسراء : 92]

(وقد اقشعر جلدي عندما كنت أبحث عن اسم الله الموالي فوجدته في عبارة "أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ" !)

2-

قلت لم يظهر اسم (الله ) إلا في السطر الخامس والثلاثين أي بعد صفحتين ونصف تقريبا وظهر خلالها اسم (الرب ) خمس مرات، فههنا سؤال : ما الذي ناب عن الاسم الجليل ؟

الجواب : الضمائر وخاصة ضمير التعظيم (نحن)!

باركنا حوله – لنريه- آتينا موسى – جعلناه هدى- ذرية من حملنا- وقضينا إلى بني اسرائيل- بعثنا عليكم - عبادا لنا- ثم رددنا-أمددناكم-جعلناكم- عدنا- جعلنا.....الخ....

هل سورة الاسراء هي سورة الربوبية وضمير التعظيم ؟

ليكن بحث!
 
لم يذكر اسم الله في سورة الإسراء إلا 10 مرات وهذا أمر غريب في سورة متوسطة الطول ...فجارتها في المصحف سورة النحل ورد فيها الاسم الكريم أكثر من 70 مرة...
وفي المقابل جاء اسم "القرآن " في الاسراء 11 مرة وهذا أمر غريب كذلك ...فسورة البقرة على طولها ذكرت فيها كلمة "القرآن " مرة واحدة، ولم ترد في آل عمران أصلا ،ووردت مرة واحدة فقط في: النساء والمائدة والأنعام والأعراف والتوبة...
هذا مؤشر قوي للتدبر.
 
السلام عليكم
الإتيان بالمفردات في كتاب الله يكون تبعاً للوازم السياق القرآني ، وكذلك الأسماء الحسنى ، فاسم الجلالة (الله) متعلق بالألوهية واستحقاق العبادة لذلك فأي موضع يتضمن الألوهية واستحقاق العبادة نجد تتويج هذا السياق بااسم الجلالة (الله)
واسم الجلالة (الرحمن) أو الرب متعلق بمعاني ولوازم الربوبية من خلق ورزق وحفظ وثواب وعقاب ونحو ذلك ، فإن احتوى السياق على هذه المعاني كان استعمال ما يناسبه أبلغ ، ولذلك نرى ذكر اسماء الله الرزاق ، الجبار ، الغفور ونحو ذلك من الأسماء الحسنى متصلٌ ذكرها بسياق الآية التي احتوته.

وفي الموضع الذي ذكرته رعاك الله في سورة الإسراء نطبق هذا المفهوم ولو تتبعت مواضع ذلك الإسمين لوجدت أن الآيات التي تحوي اسم الجلالة الله متعلقة بالألوهية والرب أو الرحمن متعلق بالربوبية ، وعلى سبيل المثال نجد بأن سورة الرحمن من أولها لآخرها تعدد فيوض النعمة والربوبية على المخلوقات ، لذا فإن كل سورة تبدأ بالبسملة التي تحوي الإسمين العظيمين (الله) المستحق للالوهية (الرحمن) القائم بالربوبية والله تعالى أعلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله تعالى خيرا الاستاذ الكريم تأملات لطيفة وتدبر جيد وقولكم ( هذا مؤشر قوي للتدبر ) بحاجة إلى توضيح
يسر الله تعالى لنا ولكم تدبر كتابه الكريم وللمسلمين والمسلمات .
 
نريد عقلنة التدبروجعله ممنهجا فاستوحينا من المنهج العلمي التجريبي المسار ذا المراحل الأربع:

1-الملاحظة

2- الفرضية

3- اختبار الفرضية (التجريب )

4- النتيجة (صياغة القانون العام) .



1- ينطلق متدبرالسورة من الملاحظة : ملاحظة المؤشرات وهي السمات المتكررة في السورة( وهي كثيرة من قبيل تكرار كلمة أو تعبير أو اسلوب....)

2- ثم يسأل المتدبر نفسه السؤال الحتمي : "لماذا؟"...(لماذا تكررت هذه الكلمة بعينها –مثلا- في هذه السورة بالضبط؟) فيتصور مجموعة من الفرضيات الممكنة لتفسير تلك المؤشرات الملحوظة..

3- ثم يتناول كل فرضية على حدة ليختبر مصداقيتها وصلاحيتها، فيقارن مثلا السورة المتدبرة بسور أخرى...وهكذا يقصي الفرضيات غير الملائمة ويعزز الفرضيات الملائمة.

4- فينتهي التجريب باكتشاف سر بلاغي أو فقهي أو علمي في القرآن العظيم.
 
عودة
أعلى