سؤال للمدارسة : هل يوجد قراءة تفسيرية؟

إنضم
15/04/2003
المشاركات
1,698
مستوى التفاعل
5
النقاط
38
سؤال للمدارسة : هل يوجد قراءة تفسيرية ؟
لا يختلف اثنان في وجود قراءات شاذة كثيرة ، والذي يعنيني في هذا المقام ما نُسِب إلى بعض قَرَأَةِ الصحابة أو التابعين ؛ كأُبَيِّ بن كعب وابن مسعود والحسن والأعمش وغيرهم .
والملاحظ أن بعض العلماء ذهب إلى تخريج بعض ما ورد عنهم من هذه القراءات المخالفة لما أجمع عليه الصحابة ومن بعدهم ؛ ذهب إلى أنها من باب التفسير ، وأطلق عليها مصطلح ( قراءةً تفسيرية ) أو ( قراءةً على التفسير ) أو ( قراءةَ تفسير ) أو ما شابه هذه المصطلحات ؟
وإليك بعض القراءات التي حُكِم عليها بأنها قراءة تفسيرية :
1 ـ في قوله تعالى : ( قال له صاحبه وهو يحاوره ) .
قال أبو حيان : _ (( { وهو يحاوره } حال من الفاعل وهو صاحبه المؤمن . وقرأ أُبيّ وهو يخاصمه وهي قراءة تفسير لا قراءة رواية لمخالفته سواد المصحف ، ولأن الذي روي بالتواتر { هو يحاوره } لا يخاصمه )) .
2 ـ في قوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ) ( الحجر : 21)
قال أبو حيان : (( وقرأ الأعمش : وما نرسله مكان وما ننزله ، والإرسال أعم ، وهي قراءة تفسير معنى لا أنها لفظ قرآن ، لمخالفتها سواد المصحف )) .
3 ـ في قوله تعالى : ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ) ( البينة : 1 ) .
قال ابن العربي : (( الْآيَةُ فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي قِرَاءَتِهَا : قَرَأَهَا أُبَيٌّ : { لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } ؛ وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ : لَمْ يَكُنِ الْمُشْرِكُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ مُنْفَكِّينَ
وَهَذِهِ قِرَاءَةٌ عَلَى التَّفْسِيرِ ؛ وَهِيَ جَائِزَةٌ فِي مَعْرِضِ الْبَيَانِ ، لَا فِي مَعْرِضِ التِّلَاوَةِ ؛ فَقَدْ قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحِ : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ } ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ ؛ فَإِنَّ التِّلَاوَةَ مَا كَانَ فِي خَطِّ الْمُصْحَفِ .)) .
هذه بعض الأمثلة التي ذكر فيها العلماء قراءة بعض الصحابة والتابعين على أنها قراءة تفسيرية ، والأمثلة كثيرة ، وليس الغرض ههنا سوى التمثيل .
وأقول : هل يصح هذا الإطلاق على هذه القراءات ؟
أي : هل هي قراءات شاذة أو هي تفسيرات لهؤلاء القراء من الصحابة والتابعين ؟
إن الحكم عليها بأنها ( قراءات تفسيرية ) فيه نظرٌ ؛ لأمور :
الأول : أن الذين أسندوا إليهم هذه القراءة لم يقولوا : ( فسَّر فلان ) ، وإنما يقولون : ( قرأ فلان ) أو يقولون : ( في قراءة فلان ) ، والحكم بكونها قراءة مطابقة لمنصوص الأثر ، والذي رواه أعلم به من غيره .
الثاني : أن بعض هؤلاء الذين نُسِبت إليهم القراءة التفسيرية قد نُقِل عنهم التفسير ، كما نقلت عنهم القراءة ، وكما لا يصح فيما نُقل عنهم من باب التفسير أن يسمى قراءة ، فكذا الحال لا يصحُّ أن ينسب إليهم التفسير فيما حُكِي عنهم أنه قراءة .
الثالث : أن مساعدة هذه القراءات الشاذة في فهم بعض معاني القراءات المجمع عليها لا يعني أنها قراءة من باب التفسير ، بل هي قراءة مستقلة ، وهذا إمام التابعين في التفسير مجاهد بن جبر يقول : (لَوْ كُنْت قَرَأْت قِرَاءَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ لَمْ أَحْتَجْ أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْقُرْآنِ مِمَّا سَأَلْت ) .
ومن الأمثلة التي تصدق قول مجاهد هذا :
1 ـ روى الطبري بسنده عن مجاهد قال : ( كنا لا ندري ما الزخرف حتى رأيناه في قراءة ابن مسعود: "أوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ ذَهَبٍ" ) .
2 ـ وروى الطبري بسنده عن مجاهد ، قال : (( كنا نرى أن قوله:( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) شيء هين، حتى سمعت قراءة ابن مسعود( إن تَتُوبَا إِلى اللهِ فَقَدْ زَاغَتْ قُلُوبُكُمُا ).
ولم يرد عن مجاهد ولا غيره ممن هو في طبقته ـ فيما أعلم ـ أنهم حكموا على قراءة ابن مسعود أو غيره بأنها قراءة على التفسير أو قراءة تفسيرية ، بل نصوصهم واضحة على أنها قراءة مستقلة ، ومن أمثلة ذلك :
1 ـ قال الطبري : ( وقوله: { وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ } : قال قتادة: يقولون: آلهتنا خير منه. وقال قتادة: قرأ ابن مسعود: "وقالوا أآلهتنا خير أم هذا"، يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم ) .
2 ـ وفي قوله تعالى : ( فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213)
روى الطبري بسنده عن السدي ، قال : ( هي في قراءة ابن مسعود:"اختلفوا عنه" عن الإسلام ) .
3 ـ وفي قوله تعالى ( فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب ) روى الطبري بسنده عن عبد الرحمن بن أبي حماد، أنّ قراءة ابن مسعود:( فَنَادَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ ).
4 ـ وفي قوله تعالى : ( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ ) ( النساء : 34) روى الطبري بسنده عن طلحة بن مصرف قال: في قراءة عبد الله:( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن واللاتي تخافون نشوزهن ) .
وهذه النصوص وغيرها إنما تنسب إليهم قراءةً لا تفسيرًا ، وهم أدرى بما ينسبونه إليهم ، وعندهم من الوضوح في الفرق بين التفسير والقراءة ما لا يخفى على مطلع على آثارهم ، ولم أجد وقوع الشك في كون ما يروى عنهم هل هو من قبيل التفسير أو من قبيل القراءة سوى أثر رواه سعيد بن منصور بسنده عن عمرو بن دينار : (أنه سمع ابن الزبير يقول : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (1) « ويستعينون بالله على ما أصابهم » ، فلا أدري أكانت قراءته أو فسر ؟ ) .
وهذا الشك منه رحمه الله تعالى يقطعه ما رواه الطبري بسنده عن أبي عون الثقفي: أنه سمع صُبيحًا قال: سمعت عثمان يقرأ:( " وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْرِ وَيَأمُرُونَ بالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيَسْتَعِينُونَ اللهَ عَلَى مَا أَصَابَهُم "). ، ثم أسند الرواية إلى عمر بن دينار عفي قراءة ابن الزبير ، ولم يذكر الأثر بتمامه ، لذا لم يذكر شك عمرو ، ولعل هذا يشير إلى أن الطبري يقطع بكونها قراءة لا تفسيرًا ، والله أعلم .
ولا يختلف اثنان في الاستفادة من مثل هذه القراءات في بيان المعاني والتفسير وتأييد الاستنباطات من القراءات الثابتات ، ومن ذلك ما ذكر ابن عطية تعليقًا على هذه الآية ، واستفادةً من هذه القراءة ، قال : ( قال القاضي : والناس في تغيير المنكر والأمر بالمعروف على مراتب ، ففرض العلماء فيه تنبيه الحكام والولاة ، وحملهم على جادة العلم ، وفرض الولاة تغييره بقوتهم وسلطانهم ، ولهم هي اليد ، وفرض سائر الناس رفعه إلى الحكام والولاة بعد النهي عنه قولاً ، وهذا في المنكر الذي له دوام ، وأما إن رأى أحد نازلة بديهة من المنكر ، كالسلب والزنى ونحوه ، فيغيرها بنفسه بحسب الحال والقدرة ، ويحسن لكل مؤمن أن يحتمل في تغيير المنكر ، وإن ناله بعض الأذى ، ويؤيد هذا المنزع أن في قراءة عثمان بن عفان وابن مسعود وابن الزبير « يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويستعينون بالله على ما أصابهم » ، فهذا وإن كان لم يثبت في المصحف ، ففيه إشارة إلى التعرض لما يصيب عقب الأمر والنهي ، كما هي في قوله تعالى :
{ وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ، واصبر على ما أصابك } [ لقمان : 17 ] وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ، لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } [ المائدة : 105 ] معناه إذا لم يقبل منكم ولم تقدروا على تغيير منكره ) . ا.هـ كلام القاضي ابن عطية رحمه الله تعالى .
وبعد ، فالمقصود إعادة النظر في هذا المصطلح ، وبيان كيفية إفادة هذه القراءات في بيان المعاني والتفسير ، وفي الفوائد والمستنبطات من الآيات ، وغير ذلك من المعلومات التي تفيد فيها هذه القراءات الشاذات ، والله الموفق والهادي إلى الصواب .
 
بارك الله فيك دكتور مساعد على هذه الإفادة ، وهذه العبارة يستخدمها أيضاً القرطبي في تفسيره ، ولكن ألا يمكن أن يقال في هذه المقولة أنها من باب الحكم على القراءة ، كما يقال : قراءة صحيحة ، وشاذة ، مع أن الناقل لهذه القراءات عن الصحابة لم يقل هذا الحكم .
فإن قيل : لماذا لاتسمى قراءة شاذة بدلاً من قراءة تفسيرية ؟ قلت : لعل القائل يقصد ما ثبت سنده وخالف الرسم ، دون ما لم يصح سنده .
 
مساعد الطيار قال:
وهذه النصوص وغيرها إنما تنسب إليهم قراءةً لا تفسيرًا ، وهم أدرى بما ينسبونه إليهم ، وعندهم من الوضوح في الفرق بين التفسير والقراءة ما لا يخفى على مطلع على آثارهم ، ولم أجد وقوع الشك في كون ما يروى عنهم هل هو من قبيل التفسير أو من قبيل القراءة سوى أثر رواه سعيد بن منصور بسنده عن عمرو بن دينار : (أنه سمع ابن الزبير يقول : ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (1) « ويستعينون بالله على ما أصابهم » ، فلا أدري أكانت قراءته أو فسر ؟ ) .
وهذا الشك منه رحمه الله تعالى يقطعه ما رواه الطبري بسنده عن أبي عون الثقفي: أنه سمع صُبيحًا قال: سمعت عثمان يقرأ:( " وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْرِ وَيَأمُرُونَ بالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيَسْتَعِينُونَ اللهَ عَلَى مَا أَصَابَهُم "). ، ثم أسند الرواية إلى عمر بن دينار عفي (؟؟؟) قراءة ابن الزبير ، ولم يذكر الأثر بتمامه ، لذا لم يذكر شك عمرو ، ولعل هذا يشير إلى أن الطبري يقطع بكونها قراءة لا تفسيرًا ، والله أعلم .

هذا لو نسب لغير عثمان لهان الخطب، لكن كيف تنسب له وهو من جمع القرآن ومنع القراءة بما خالف ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بحرقه. فأراه يقوي أمرين:
1- كونها تفسيرية، 2- رأي القائلين برد هذه الآثار المخالفة لشذوذها في متنها


ثم فليزد السؤال قسما ثالثا محتملا

فيصير هل هي قراءة تفسيرية أو شاذة أو منسوخة من الحروف السابقة للعرضة الأخيرة (ولعلها تدخل في الشاذ حكما)؟
 
أحسنت أخي الكريم الدكتور انمار ، وبارك فيك على هذه المداخلة العلمية .
أخي الكريم :
ألا ترى أن كل ما نُسخ ، فهو قراءة شاذة ، حتى لو صحَّ سندها ، كقراءة ابن مسعود وأبي الدرداء : ( والذكر والأنثى ) .
أرى أن تكثير المصطلحات في القراءات لا داعي له ، فالقراءات لا تخرج عن قسمين : المتواترة والشاذة .
ثم الشاذة منها ما صح به السند كالقراءة السايقة ، ومنها ما لا نجزم بصحة سنده ، كبعض القراءات التي نجد نسبتها ، ولا نعرف لها سندًا ، ومنها ما ثبت كذبه ، كالقراءة المنسوبة لأبي حنيفة .
وكونه يرد عن عثمان رضي الله عنه ليس بمستغرب على علم مثلكم ـ حفظكم الله ـ فهذا أثر من الآثار ، وتتم معالجته بالتحقيق في سنده ، فإذا ثبت ورود قراءات لعثمان مخالفة لمصحف السواد الأعظم ، فهذا يعني أنه مما كان أخذه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكنه مما تُرِك في العرضة الأخيرة فلم يُقرأ به .
ولا يخفى عليكم أخي الكريم أن الإلزام بالقراءة على ما في المصاحف العثمانية لم يقع إلا في السنة الخامسة والعشرين لما أتمَّت اللجنة كتابة هذه المصاحف ، وأرسلها عثمان إلى الأمصار ، وقبل ذلك كان الصحابة يُقرئون بما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولعل ما بقي من تلك القراءات المنسوبة إلى عثمان من هذا الصنف ، فرويت بطرق آحادية ، ولا تكاد تتجاوز العدد اليسير .
 
هل كل ما ينسبه التابعي للصحابي من قراءة يُعد قراءة حقيقة؟
في نظري أن هذه النسبة هي اجتهادية بالنسبة للتابعي فهو حينما يسمع الصحابي يقرأ الآية على نحو مخالف للمصحف يظنها قراءة، وقد تكون تفسيرا من الصحابي وليست بقراءة.
وكما نعلم فإن في الحديث النبوي نوع يُقال له المدرج وهو شبيه بالقراءات التفسيرية حيث يدرج الصحابي كلاما له في الحديث يقصد به الإيضاح فيظن الراوي أنه من أصل الحديث.
وفي باب القراءات التفسيرية فإن المتأخرين يطلقون عليها قراءة تفسيرية تشبيها لها بالمدرج في الحديث.

ويبقى أصل المسألة أنه ليس كل ما ينسبه التابعي للصحابي من قراءة يعد قراءة، لأن تسميته لها قراءة إنما هو باجتهاد منه، ويبقى الاحتمال قائما بين أن تكون قراءة أو تفسيراً.
نعم لو نص الصحابي على أنها قراءة فهنا يحكم لها بالقراءة ولا يصح بحال أن يقال إنها تفسيرية
 
شكر الله لك تعليقك اخي أحمد ، وكأني بحكمك هذا يشير إلى استقرائك للمواضع التي نسب فيها التابعون القراءة للصحابة ، وإني أرى أن بحث هذا الموضوع يحتاج إلى الأمور الآتية :
1 ـ جمع النصوص .
2 ـ تحقيق النصوص إسناديًا .
3 ـ تحرير عبارة التابعين في نسب القراءة .
مع أني خلال بحثي ظهر لي أن التابعي لم يخطئ لما نسب القراءة للصحابي ، ولم يكن اجتهادًا منه ، وهو يدرك الفرق بين الأمرين .
ومن ثمَّ فلو أن أحد طلاب الماجستير درس هذه القراءات التي يُطلق عليها قراءة تفسيرة ، لكان حسنًا .
 
تصحيح ما استدركه الدكتور أنمارفي العبارة الآتية : (ثم أسند الرواية إلى عمر بن دينار عفي قراءة ابن الزبير ) ، والصحيح : ( ثم أسند الرواية إلى عمرو بن دينار في قراءة ابن الزبير ) .
 
لقد كان ملحظ الدكتور أنمار في القراءات المنسوبة إلى عثمان ، وهي مخالفة للمصحف الذي جمعه ملحظًا دقيقًا رائعًا ، ولقد رأيت أن أجمع بعض ما نُسِب إليه من خلال (المكتبة الشاملة ) ، وقد ظهر لي الآتي :
1 ـ قال الثعلبي : ( قوله {وَإنّي خِفْتُ المَواِلىَ مِن وَرائي} قرأ عثمان ويحيى بن يعمر،
(خفت) بفتح الخاء والفاء وكسر التاء مشدّدا الموالي بسكون الياء بمعنى ذهب الموالي وقلّت،
الباقون : (خفت) بكسر الخاء وضم التاء من الخوف) وكذا نقلها ابن عطية والقرطبي والشوكاني .
2 ـ قال ابن جزي : ( فطلقوهن لعدتهن تقديره طلقوهن مستقبلات لعدتهن ولذلك قرأ عثمان وابن عباس وأبي بن كعب فطلقوهن في قبل عدتهن وقرأ ابن عمر لقبل )
3 ـ قال ابن عطية : ( وقرأ زهير الفرقبي : « رفارفَ » بالجمع وترك الصرف . وقرأ أبو طمعة المدني : وعاصم في بعض ما روي عنه « رفارفٍ » بالصرف ، وكذلك قرأ عثمان بن عفان : « رفارفٍ وعباقرٍ » بالجمع والصرف ، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم وغلط الزجاج والرماني هذه القراءة . وقرأ أيضاً عثمان في بعض ما روي عنه : « عبَاقَر » : بفتح القاف والباء ، وهذا على أن اسم الموضع « عبَاقَر » بفتح القاف ، والصحيح في اسم الموضع : « عبقر » ) .
4 ـ قال ابن عطية : ( وقرأ الزهري وابن هرمز ويعقوب وابن أبي إسحاق « السَّجن » بفتح السين وهي قراءة عثمان رضي الله عنه وطارق مولاه ، وهو المصدر ، وهو كقولك : الجزع والجزع ) .
 
أخي الكريم الدكتور مساعد
ليس في كلامي السابق ما يدل على أن الرأي الذي ذهبت إليه هو عن استقراء، ولا أظن أن مثل هذه الموضوعات يحتاج إلى استقراء ، وغاية ما ذهبت إليه هو اجتهاد في توجيه الاختلاف في المسألة، وهو توجيه لا أظنه يحتاج إلى استقراء.
وأراكم حينما حكم على تلك القراءات أئمة من المفسرين المتأخرين بأنها قراءة على التفسير قلتم إن حكمهم هذا فيه نظر، وأما التابعي فقلت: إن التابعي لم يخطئ لما نسب القراءة للصحابي ، ولم يكن اجتهادًا منه ، وهو يدرك الفرق بين الأمرين.
فهل يعني هذا أن السلف لا يخطئون ولا يجوز نسبة الخطأ إليهم وأما المتأخرين فهم يخطئون ولا مانع من تخطئتهم؟
 
أخي الكريم أحمد
أعتذر عن الخطأ في توجيه كلامك .
أما وقوع الخطأ من الفرد فنعم ، ولا شكَّ في ذلك ، لكن أن تتوارد كلمة مجموعة منهم على عبارات ( قرأ فلان ) ( في قراءة فلان ) وأمثالها ، فذلك يُبعدُ وقوع الخطأ بلا ريب ، وإلا كان كل ما نُقِل على هذا السبيل مما ليس في العشرة جاز فيه هذا التوجيه .
وإنما قلت إن التابعي لم يخطئ ؛ لأنه لم ينفرد بهذه الطريقة في النسبة ، ولأنه أعلم بحال شيخة ، وهو يفرق بين تفسيره وقراءته كما هو الحال فيما نسبه بعض تلاميذ ابن مسعود له من القراءات المخالفة للقراءات المتفق عليها .
 
مساعد الطيار قال:
وكونه يرد عن عثمان رضي الله عنه ليس بمستغرب على علم مثلكم ـ حفظكم الله ـ فهذا أثر من الآثار ، وتتم معالجته بالتحقيق في سنده
.

أحسنت بارك الله فيك، والأثر وجدته في المصاحف كما هو عند الطبري كلاهما من طريق صبيح

ففي جَامِع الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ لِلطَّبَرِيِّ >> سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ مَدَنِيَّةٌ >> الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى >>
قال 6916 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ : ثنا عِيسَى بْنُ عُمَرَ الْقَارِئُ ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ ، أَنَّهُ سَمِعَ صُبَيْحًا ، قَالَ : سَمِعْتُ عُثْمَانَ ، يَقْرَأُ : " وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَسْتَعِينُونَ اللَّهَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ "

وفي الْمَصَاحِف لِابْنِ أَبِي دَاوُدَ باب الْإِمَامُ الَّذِي كَتَبَ مِنْهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَصَاحِفَ وَهُوَ مُصْحَفُهُ
106 حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَفْصٍ قَالَ : حَدَّثَنَا خَلَّادٌ ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عُمَرَ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ صُبَيْحٍ ، عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقْرَأُ : " وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَسْتَعِينُونَ اللَّهَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا خَلَّادٌ قَالَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَسْأَلُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ


وصبيح هو ابن سعيد ترجمه في لسان الميزان ج 3 ص 181

قال عنه أبو خيثمة ويحيى بن معين: كذاب خبيث
وقال أبو داود : ليس بشيء
وقال ابن حبان: يروي عن الصحابة ما ليس من حديثهم.

فبهذا لا يثبت الأثر عن عثمان رضي الله عنه.
 
ومن ثمَّ فلو أن أحد طلاب الماجستير درس هذه القراءات التي يُطلق عليها قراءة تفسيرة ، لكان حسنًا .

ذكر الدكتور أحمد بزوي الضاوي أن أحد الباحثين في المغرب قام بإعداد رسالة دكتوراه عن موضوع القراءات المفسرة , وقد نوقشت في عام 2002م وآمل أن يتيسر لنا الاطلاع عليها .
انظر هذا الرابط :
القراءات المفسرة : الأستاذ الدكتور عبد الهادي دحاني
 
كما صدر عن دار عمار كتاب: ( القراءات الشاذة بين الرواية والتفسير، وآثارها في التفسير والأحكام ) للباحث : سامي محمد عبد الشكور
وهو في الأصل رسالة ماجستير.

اشتمل على مقدمة وخمسة فصول وخاتمة.
استعرض في المقدمة موضوعات تدرج فيها للوصول إلى فحوى وهو دخول التفسير في القراءات ومن ثم تسميته قراءة شاذة.
الفصل الأول: فيه الحديث عن حقيقة الشذوذ في اللغة والاصطلاح والمراد بالقراءة الشاذة.
الفصل الثاني: القراءات التفسيرية والفرق بينهما.
الفصل الثالث: فيه تساؤل وهو: هل الشذوذ ناتج عن ترك القراءة؟
الفصل الرابع: أهم فوائد القراءات الشاذة.
الفصل الخامس: فيه تطبيقات لما جاء في الرسالة، منهجه فيها كالتالي:
1- يذكر الآية .
2- ثم القراءة التي نقلت في المصنفات مع تخريحها ومن قرأ بها.
3- ثم الحكم عليها ( تفسير ) ( شاذة ).
4- ثم التعليق عليها.

ملحوظة: المعلومات أعلاه منقولة من عدد من الروابط في الملتقى.
 
كما صدر عن دار عمار كتاب: ( القراءات الشاذة بين الرواية والتفسير، وآثارها في التفسير والأحكام ) للباحث : سامي محمد عبد الشكور
وهو في الأصل رسالة ماجستير.
أحسنت يا أبا إبراهيم, لم أعلم بطباعة الكتاب إلا من مشاركتك هذه.
وكما تفضلت الكتاب في الأصل رسالة ماجستير في قسم القراءات بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية نوقشت في 5/1/1421هـ
 
هل لي أن أدلي بهذا الرأي :
عندما لايقبل المفسر قراءة صحابي ( لأحد الأسباب المعروفة : مخالفتها للرسم أو ....الخ )
فإن في ذهنه أمراً مهماً :
أنها صحت قراءة في زمن من الأزمان ، فلا أقل من استخدامها كبيان للمعنى لكوننا رفضناها لفظا ( واصطلحوا على تسمية الاستفادة المتعلقة بالمعنى في القراءة المردودة من الصحابة : قراءة تفسيرية ) يعني : موضحة ومبينة ، ولذلك قد تكون مقيدة ومخصصة للأحكام الفقهية المستخرجة من القراءات المتواترة .
فأصبح الرفض متعلقا باللفظ لابالمعنى المستخرج من القراءة.
ولكن : أرى أنه يتعين التأكد في المقام الأول من صحة السند للصحابي عندما نستفيد من معنى قراءة منسوبة إليه .
 
عودة
أعلى